ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى مشكلات وحلول (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=51)
-   -   كيف أكون شخصيتي ورأيي؟ (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=251637)

ابوالوليد المسلم 27-01-2021 11:59 PM

كيف أكون شخصيتي ورأيي؟
 
كيف أكون شخصيتي ورأيي؟


أ. شروق الجبوري




السؤال
السلام عليكم، أودُّ في البداية أن أشكركم على ما تقدمونه من فائدة للجميع، جزاكم الله عنَّا ألف خير، أنا متزوجة وعندي طفلتان، أحسُّ أنه ليس لديَّ شخصية، ولا أستطيع اتِّخاذ قرار بدون مساعدة؛ أعني أنني دائمًا أنتظر القرار مِمَّن معي، ولا أستطيع إبداء رأيي في شيء، لدرجة أنَّني أشعر بالإحراج من ذلك، وألفُّ وأدور؛ لأعرف رأيَ الذي يسألني، وأؤيِّده بطريقة غير مباشرة.

وهذا الشيء يؤثِّر على علاقاتي بصديقاتي، ولا أستطيع إفادتهم بشيء، وأيضًا يخجلني ويحرجني، خاصة أمام زوجي؛ لأنني لا أستطيع اختيار أتفه الأشياء بدون أن أترك له القرار؛ بحجة أنني محتارة، وبصراحةٍ أنا خائفة أن يؤثِّر هذا الشيء على أولادي، وأورثهم ضعف الشخصيَّة، والتردُّد، ساعدوني أكرمكم الله.

الجواب
أختي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
نود أولاً أن نشكُرَك على ثقتك بالشَّبكة، وعلى دعائك المبارك للعاملين فيها، داعيةً المولى القدير أن يوفِّقنا جميعًا إلى نفع عباده، إنَّه تعالى سميع مجيب.

أختي الكريمة، إنَّ ما تشعرين به من تردُّد وعدمِ قدرة على اتِّخاذ أي قرار في مختَلِف المناحي، قد يعود أمره إلى عاملين:
الأوَّل: هو إخفاقٌ في عمليات التَّنشئة في مراحل الطُّفولة وما بعدها، وعدم تقديم الخِبْرات الموقفيَّة المناسبة من قِبَل الوالدين للتدريب على اتِّخاذ القرارات الشخصية، وآليَّة القيام بذلك والتشجيع عليها؛ فقيام الأهل بهذا الدور نيابةً عنك - عن قصدٍ أو غيره - جعلك في مواجهة مباشرة - وعلى حين غفلة - مع مواقفَ لا بدَّ لك من اتِّخاذ قراراتك الشخصيَّة تُجاهها، أو إبداء آرائك في أمور معيَّنة؛ لاختلاف نمط الحياة، والتعامل الذي تعيشينه اليوم مع زوجك عمَّا كنتِ عليه مع أهلك سابقًا.

أما العامل الثاني، فهو شعورك بالخوف من الإخفاق والفشل في الوصول إلى اختيارٍ موفَّق، أو رأيٍ صائب تجاه أيِّ أمر؛ فقد تخشين النَّقد والتوبيخَ من الآخرين إذا ما أخفقتِ في القرار، أو أنك تتجنَّبين ما تظُنِّينه انطباعًا سلبيًّا سيتخذونه تجاهك بسبب ذلك الإخفاق، ولا يُشترط أن يكون هذا الخوف والقلق بشأن نتيجة قراراتك واضحًا ومعلومًا لك؛ فقد تكون تلك التحفُّظات خافيةً وراء لا شعورك، فلا يتعيَّن وجودها.

وفي كل الأحوال، فإنه يتوجَّب عليك أن تُبادري إلى تَدْريب نفسِك من الآن على إبداء آرائك واتِّخاذ القرارات بشأن أمور معيَّنة، لكن لا بدَّ لك من البدء في ذلك بالمواضيع البسيطة والخالية من التَّعقيد، والتي لا يترتَّب على اتِّخاذها خسائر مهمَّة؛ حيث يساعِدُك هذا التَّدريب على خوض التَّجربة واكتساب الخبرات مهما كانت يسيرةً في بدايتها، كما أنَّها ستكسر حاجز الخوف والتردُّد في نفسك من القيام بذلك، وتخفض لدَيْك كمَّ القلق والتوتُّر عند التفكير في ضعف قدراتك الشخصيَّة على اتِّخاذ القرار، أو إبداء الرأي، وما إلى ذلك.

واحذري - يا عزيزتي - أن توبِّخي نفسك إذا تعرضتِ لأيِّ انتقاد أو عبارات سلبيَّة لرأيٍ تُبْدينه، أو قرارٍ تتخذينه، واعلمي بأنه ما من إنسان يقدِّم آراءً صائبةً على الدوام، أو يتَّخِذ قراراتٍ سليمةً باستمرار؛ فكلُّ ابن آدم خطَّاءٌ كما قال رسولنا الكريم - عليه الصَّلاة والسَّلام - ولطالما مثَّل الخطأ والإخفاقُ مصدرًا ودافعًا لكثيرٍ من الأشخاص نحو نجاحات تميَّزوا بها، وإنجازاتٍ رُبِطَت بأسمائهم.

أمَّا إن كانت آراء الآخرين تدور في مجال النُّصح والتصحيح، فأرجو منك اغتنامها لتقييم مكامن الخطأ في قراراتِك، واجتَهِدي نحو تقويمها؛ لتعاودي الكرَّةَ باستفادةٍ من تلك التوجيهات، وهكذا ترتقين بفكرك نحو الأفضل - بإذن الله تعالى.

كما أرجو منكِ يا عزيزتي أن تثقي وتؤمني بقدراتك وإمكاناتك، وهي لا شكَّ كثيرةٌ، لو تأمَّلْت في نفسك بنظرة إيجابيَّة نحو استكشافها، وأتَحْتِ لها فرصة الظُّهور، كما أنصح بالبحث في نفسك عن هوايةٍ تَميلين إليها، وترتاحين لأدائها، واعمدي إلى مُمارستها وتنميتها؛ فإنَّها تساعدك على تقدير الذَّات، وتُشْعرك بالقدرة على الإنجاز.

ولا بدَّ لي أخيرًا من التأكيد على ضرورة تدريب الطفلتين على اتِّخاذ القرارات، وإبداء الرأي، عبر استخدام الحوار والنِّقاش، وإثراء معلوماتِهما، وخبراتِهما الحياتيَّة، وبحسب ما يناسب كلَّ مرحلة عمريَّة تَمُرَّان بها، ولكِ في ذلك أن تُراجعي الكتب ذات العلاقة بالتَّربية وأساليبها، بالإضافة إلى إشراكهما في الفِرَق والنَّشاطات المدرسية، وتشجيعهما على المُطالعة، وغير ذلك.

وأخيرًا: أختم بدعاء الله تعالى أن يمنَّ عليك بقوة المؤمنين، ويُصْلِح حالك كلَّه، وينفع بك، إنَّه تعالى سميع مجيب.



الساعة الآن : 01:09 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 9.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 9.06 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.02%)]