ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى مشكلات وحلول (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=51)
-   -   ضعف الشخصية مع الأهل (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=251630)

ابوالوليد المسلم 27-01-2021 11:52 PM

ضعف الشخصية مع الأهل
 
ضعف الشخصية مع الأهل


أ. شروق الجبوري



السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد أن أطرحَ مشكلتي، وأسأل الله أن ينفعَني بالإجابة.

أنا فتاة حاصلة على شهادة عالية، أعيش مع عائلتي، وأنا أكبر إخوتي.

مشكلتي منذ الصغر هي ارْتباط ذهني بعبارة "شخصيَّة ضعيفة"، رغم أنه تواجهني مشكلات أستطيع حلَّها، ولكن في النهاية أستسلِمُ لهذه العبارة.

أسمع من العبارات الكثير التي تَنْصَبُّ تحت مسمَّى "شخصية ضعيفة"، ومنها: "أنت تشحّين على نفسك، أنت لا تستطيعين أن تُطالبي بحقوقك، أنت غير واثقة بنفسك".

كل ذلك في جوِّ العائلة، لكن شخصيَّتي مع صديقاتي تختلف عن المنزل تمامًا، فأكون واثقة من نفسي، وأعرف ما أُريد ولا أخجل ممَّن حولي، حتى وإن فاجأَني أحدٌ بسؤالٍ يريد أن يحرجني به، أردُّ عليه بكلِّ ثقة.

صديقاتي يَصِفْنَني بالحِكمة والثقة بالنفس، كل ذلك مع صديقاتي، لكن الآن وخاصَّة بعد التخرج والجلوس في المنزل، بدأتُ أستسلِمُ وبقوة لهذه العبارة "شخصيَّة ضعيفة"، فكيف أتخلَّص منها؟ شاكرةً لكم مساعدتكم.

الجواب
أُختي الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
نودُّ أن نرحِّب بك أولاً في شبكة الألوكة، ونشكرك على اختيارك لها في بحثك عن حلِّ مشكلتك، سائلين اللهَ تعالى أن يوفِّقَنا ويُسَدِّدَنا في ذلك؛ إنه تعالى سميع مُجيب.

أُختي الحبيبة، إن سِماتك الشخصيَّة التي يُترجمها سلوكك وأحاديثك مع صديقاتك، هي السِّمات الحقيقيَّة التي تتمتَّعين بها، فأجواء التلقائيَّة والارتياح النفسي الذي يبدو أنه يميِّز طبيعة علاقتك بصديقاتك، تَضَعك في مزاجك الطبيعي، فتتصرَّفين بإرادة واستقلاليَّة، وعندها تظهر سِماتك التي تُجَسِّد بناءَكِ الشخصي.

وعليه، فإنَّكِ تتَّسِمين بما يَصِفك به صديقاتك من حِكمة وقوَّة شخصيَّة، وما يؤكِّد ذلك هو شعورك أنتِ بذلك، وهذا التوافُق بين رؤيتك عن ذاتك وبين ما يجده الآخرون فيكِ من صفات، يشير إلى تمتُّعك بالصحة النفسيَّة والسواء، كما تؤكِّد عليه نظرية الذات لـ"روجرز".

إذًا، فالمشكلة الآن تَكمُن في سلوك أهلكِ معك ووصْفهم إيَّاكِ بضَعف الشخصيَّة، ولَمَّا كان رأْي المقرَّبات إليك مختلفًا عن رأْي أهلك، فعليكِ معرفة أسباب انطباعهم هذا، وعدم معرفتهم الكاملة بصفاتكِ، فقد يكون لترتيبك كأُخت كبرى في العائلة دورٌ في ذلك؛ حيث تواجه كثيرًا من الفتيات - في هذا الترتيب في مجتمعاتنا العربيَّة - مثل تلك العبارات، وأحيانًا أكثر منها قسوة، والسبب يعود أحيانًا لمطالبة الأسرة - خاصة الأم - للأُخت الكبرى بالقيام بمهمَّات وواجبات معيَّنة مع أخواتها وإخوانها الأصغر سنًّا؛ لتخفِّف بعضًا من عبْء الضغوطات المُلْقاة على عاتق الأُمِّ، ثم يكون أيُّ إخفاقٍ أو تقصير من تلك الفتاة سببًا لنهْرها وتوبيخها، وهو ما يُسَبِّب ردَّ فعْل نفسي لَدَيها، ويَمنعها من التعاطي الطبيعي مع أُسرتها كما هو حال أخواتها.

وفي كل الأحوال، فإنَّ المهمَّ في وضْعك الحالي هو الوثوق بسماتك الشخصيَّة السويَّة، واعتزازك بذاتكِ ورَجاحة عقْلك، وعدم الوقوف عند الآراء المنتقدة والجارحة من أُسرتك، مع مُراعاة استمراركِ في التعامل الودِّي والكَيِّس معهم، والذي تُعينك عليه حِكمتك.

كما أنصحك بالانتساب إلى الأعمال الخيريَّة والتطوعيَّة، والمجال الذي تَجدين في نفسك ميلاً إليه، فهو سبيل لتدعيم الرضا الذاتي لَدَيك، كما أنه سيكون عاملاً لتغيير رَتابة حياتك التي تَسَبَّب فيها جلوسُك في البيت لثلاث سنوات؛ حيث يُمكنك الانتساب بدوام كامل، أو جُزئي، وبحسب ما يفرضه ظرفُك وقُدراتك.

واعْلمي يا عزيزتي أنَّ لاكتشافك الهوايات التي تُجسِّد قُدراتك الذاتيَّة وميولك النفسيَّة أثرًا مهمًا في الدعم النفسي؛ ولهذا فإنَّ قيامك بذلك والمواظبة على ممارسة الهواية التي تريدين، توصلك إلى التمكُّن منها وإتقانها؛ مما يفتح لك أبوابَ الاشتراك بها مع آخرين يُمارسونها، وهذا يعدُّ أحدَ السُّبل المؤدِّية إلى كسْر النمطيَّة في حياتكِ بعد بضع سنوات من تخرُّجك.

أختي الكريمة، إن اقتفاءَكِ تلك الخُطوات سيُدْخِل تغييرًا كبيرًا إلى نفسك وفِكرك، ثم على سلوكك وخطابك مع أفراد أُسرتك، وهي أمور لا يقف صداها عندك؛ حيث ستَجدِين أن نظرتهم ورأْيهم فيكِ أيضًا ستُغَيَّر؛ لأنكِ حينها ستُقَدِّمين لهم فرصة اكتشاف حقيقة شخصيَّتك.

وأخيرًا: أختمُ بالدعاء إلى الله تعالى أن يشرحَ صدرَك، ويُيَسِّر أمورك، ويُصلح شأْنك كلَّه؛ إنه تعالى سميع مُجيب.



الساعة الآن : 06:52 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 9.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 9.33 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.99%)]