ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى القرآن الكريم والتفسير (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=57)
-   -   كيف كان الصحابة -رضي الله عنهم- مع القرآن؟ (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=203165)

ابوالوليد المسلم 20-06-2019 06:07 PM

كيف كان الصحابة -رضي الله عنهم- مع القرآن؟
 
كيف كان الصحابة -رضي الله عنهم- مع القرآن؟

أحمد فريد



فالمتأمل لحال الأمة اليوم مِن شيوع المنكرات في بلاد المسلمين، وتسلط أعداء الله -عز وجل- عليهم وما أصاب الأمة من الوهن -وهو حب الدنيا وكراهية الموت في سبيل الله-، وحال الصحابة الذين فتحوا البلاد وقلوب العباد، حتى وقف طارق بن زياد] على شاطئ الأطلنطي يقول: «والله يا بحر لو أعلم أن وراءك أرضًا تفتح في سبيل الله لخضتك بفرسي هذا!».

وقول خالد للروم وقد تحصنوا بالحصون: «أيها الروم، انزلوا إلينا؛ فوالله لو كنتم معلقين بالسحاب، لرفعنا الله إليكم، أو لأنزلكم إلينا».

فكما أن البون شاسع بين حالنا وحالهم؛ فالبون أيضًا شاسع بين حالنا مع القرآن، وحال الصحابة -رضي الله عنهم-، وأشير إلى شيء مِن حالهم مع القرآن حتى نتعرف على أسباب ضعف الأمة وهوانها.

يقول الدكتور حافظ بن محمد الحكمي: «إن أعظم جوانب النصيحة لكتاب الله، وأبرز الأدلة على الإيمان به هو العمل به، قال -تعالى-: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} (البقرة:121).

فقد فسر ابن عباس وابن مسعود -رضي الله عنهما-، والحسن وقتادة -رحمهما الله- التلاوة هنا بالعمل والاتباع، وحال رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته -رضي الله عنهم- أوضح شاهد لذلك؛ فقد كانوا لشدة التزامهم بتوجيهات القرآن، كأنهم قرآن يمشي على الأرض، كما وصفهم بذلك مَن رآهم.

ففي صحيح مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- أنها سئلت عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقالت: «كان خلقه القرآن»، وفي الأوسط للطبراني، ومستدرك الحاكم بسندٍ حسن عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: «لقد عشت برهة من دهري، وإن أحدنا يؤتي الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فنتعلم حلالها وحرامها، وما ينبغي أن نقف عنده منها، كما تعلمون أنتم القرآن، ثم رأيت رجالًا يؤتي أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحة الكتاب إلى خاتمته، لا يدري ما أمره ولا زاجره، وما ينبغي أن يقف عنده منه ينثره نثر الدقل».

وروى الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود رضي الله عنه ، قال: «كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن».

وقال أبو عبد الرحمن السلمي: «حدثني الذين كانوا يقرئوننا أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخالفوها حتى يعملوا بما فيها؛ فتعلمنا القرآن والعمل جميعًا».

وقال الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : «إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل مِن ربهم؛ فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها بالنهار».

وهذه مواقف عملية كثيرة للصحابة -رضي الله عنهم- مع النصيحة لكتاب ربهم -عز وجل- تبرز لنا مبادرتهم للعمل والتنفيذ لتوجيهات القرآن؛ فعن أنس رضي الله عنه ، قال: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُهَا، وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} (آل عمران:92)، قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَقُولُ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} (آل عمران:92)، وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ؛ فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ»؛ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ. (متفق عليه).


وعن ابن عمر -رضي الله عنهما-: أَنْ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَر؛ فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا؛ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُ بِهِ؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا» (متفق عليه)، قال ابن حجر -رحمه الله-: «في هذا الحديث فضيلة لعمر رضي الله عنه لرغبته امتثال قوله -تعالى-: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}».




الساعة الآن : 05:18 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 8.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 8.05 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.15%)]