ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الفتاوى الشرعية (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=43)
-   -   الأدلة المانعة من إمامة المرأة (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=212215)

ابوالوليد المسلم 17-09-2019 03:07 AM

الأدلة المانعة من إمامة المرأة
 
الأدلة المانعة من إمامة المرأة



السؤال

أعيش في أوربا وسئلت عن الأدلة المانعة في إمامة المرأة، فأرجو منكم أن تسعفوني بها، وجزاكم الله خيراً.






أجاب عنها: د. سعد العتيبي

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه .. أما بعد .. فأولاً : الأصل أنّ نصوص القرآن والسنة تخاطب الرجل والمرأة على السواء ، فالمرأة كالرجل في الأحكام الشرعية إلا ما دلّ الدليل على تخصيصه بأحدهما . ومما يدل على أصل التساوي في الأحكام الشرعية ، قول النبي _صلى الله عليه وسلم_ : " إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ " رواه أبو داود وغيره ، وصححه غير واحد من أهل العلم بالحديث . ومما يدل على تخصيص كل من الجنسين بأحكام ينفرد بها عن الآخر ، النصوص الشرعية الواردة في بيان هذه الأحكام ؛ فمن الأمور المقرّرة في الشرع الحنيف أنَّ لكل من الجنسين أحكام تخصّه ، لما بينهما من الفروق الخَلْقية البدنية والعاطفية والوظيفية ؛ ومما جاء في ذلك : اختصاص الولايات والقيادات بالرجال دون النساء في الجملة , ولذلك كانت النبوة والرسالة من وظائف الرجال دون النساء , واختصهم الله عز وجل بالعبادات الشاقة , كالجهاد , والمنتظمة الظاهرة العلنية ، التي تتطلب حضوراً متكرراً كالجمع والجماعات . والله _عز وجل_ هو الذي خلق وقدّر ، فجعل التفاضل من سننه في الكون ، ولكنه من عدله سبحانه لم يؤاخذ المكلّف بنقص لا يَدَ للمكلّف فيه ، بل نهى _سبحانه_ عن تمني ما لم يقدِّره لأحدٍ من ذلك، ومنه ما فضّل به أحد الجنسين على الآخر إذ قال : "وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً " (النساء/32) أي : لكل من الجنسين نصيب من العمل، فاطلبوا الفضل بالعمل ، لا بالتمني ؛ لأنَّ ما وقع أمر محتوم لا يفيد فيه التمني ، ولأنه يقتضي السخط على قدر الله ؛ فلا تتمنى النساء خصائص الرجال التي فضلهم الله بها على النساء ؛ واسألوا الله من فضله يعطكم . وثانياً : الإمامة التي وردت في سؤالك غير محدّدة ، والمسألة من الناحية الفقهية على أقسام ؛ وأظنك تريد الإمامة في الصلاة ؛ وإمامة المرأة لغيرها في الصلاة : إمَّا أن تكون للنساء ؛ وإمَّا أن تكون للرجال . فأمَّا إمامتها للنساء ففيه خلاف بين أهل العلم والراجح أنَّها مشروعة ؛ لما ورد عن عائشة _رضي الله عنها_ أنَّها ( كانت تؤم النساء ، تقوم معهن في الصف ) ، وما ورد عن أم سلمة _رضي الله عنها_ أنَّها كانت تؤم النساء في رمضان وغير ذلك من الآثار التي احتج بها أهل العلم هنا . وأمَّا إمامة المرأة للرجال فممنوعة غير مشروعة ؛ لأدلة كثيرة ، منها : 1) قول النبي _صلى الله عليه وسلم_ : " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله " رواه مسلم ، فمتى وُجِد رجل لم يجز للمرأة أن تؤمّ ؛ لأنَّ المرأة غير داخلة في لفظة (( القوم )) فلا يشملها هذا الخطاب ؛ كما في قول الله _عز وجل_ : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ "(الحجرات11) فقد قسم الله _تعالى_ المجتمع إلى قسمين هما : الرجال وذلك في قوله ( قوم ) ، والنساء في قوله ( نساء ) ، وعلى هذا فلا تدخل المرأة في عموم هذا الحديث . وأما ما روي من أن أم ورقة بنت نوفل استأذنت النبي _صلى الله عليه وسلم_ أن تتخذ في دارها مؤذنا فأذن لها وأمرها أن تؤم أهل دارها ؛ فمع أنَّه قد ضعفه عدد من أهل العلم بالحديث ، إلا أنَّه على فرض صحته قد جاء مفسراً في رواية أخرى من رواياته . وقد نبّه إلى ذلك ابن قدامة _رحمه الله_ في (المغني) . 2) قول النبي _صلى الله عليه وسلم_ : " لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة " رواه البخاري وغيره . والإمامة في الصلاة من الولايات الدينية ، وإنما ورد الاستثناء في صلاة المرأة ببنات جنسها ، ويبقى الحكم على أصل المنع فيما عداه . 3) أنَّ إمامة المرأة للرجال يترتب عليها مخالفة لعدد من النصوص الواردة في أحكام صلاة المرأة ، من مثل قول النبي _صلى الله عليه وسلم_ : "خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها " رواه مسلم ، فكيف يشرع لها أن تكون في موقع يتقدم شرّ صفوف النساء ، وتكون بين يدي الرجال ؟ وقوله _صلى الله عليه وسلم_ : " من رابه شيء في صلاته فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه ، وإنما التصفيق للنساء " رواه الشيخان ؛ فكيف تؤم الرجال وتكبر وتركع وترفع وتسجد وتجلس وتقوم وتقرأ أمام الرجال وتخطب بين أيديهم وأمام نواظرهم ، وهي منهية عن تنبيه الإمام بالجملة التي ينبها بها الرجال وهي ( سبحان الله ) ؟ وحديث : (( صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها ، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها )) رواه أبو داود وغيره وصححه غير واحد من أهل العلم بالحديث ؛ فكيف يحث الشرع على صلاتها في مخدعها ثم يشرع لها أن تتقدم إماما في الصلاة بالرجال ؟ فكل هذا مما لا يتفق مع أصول التشريع الكلية فيما يتعلق بأحكام المرأة وسترها والحرص على نقائها وعفتها ، وافتتان الآخرين بها . 4) أنَّه لم ينقل إلينا نحن المسلمين ولو مرّة واحدة أنَّ امرأة كانت تؤم الرجال ، لا في عهد الصحابة _رضي الله عنهم_ ولا في عهد من جاء بعدهم من المسلمين، مع أننا وجدنا في بعض بلاد المسلمين مساجد خاصة بالنساء تؤمهن فيها نساء منهن . ونصوص علماء الإسلام في عدم جواز ذلك كثيرة جداً ، وقد صرّحوا بأنَّ الرجل لو صلّى خلف امرأة مؤتماً بها لم تجزئه صلاته ووجب عليه إعادة الصلاة . وعلى هذا سار المسلمون على مرّ العصور ، حتى نفّذ بعض المتآمرين على الإسلام خطتهم المعلنة في تغيير أحكام الدين ، فوقع ما وقع في أحد الكنائس الأجنبية من إمامة امرأة بجمع من الرجال والنساء ، ومما يكشف التآمر : أذان امرأة أخرى بهم حاسرة الرأس متبرجة المظهر ؛ ولكن المسلمين بحمد الله قد ردّوا على ذلك ونبذوه برفضهم السماح لتنفيذ تلك المؤامرة في مساجدهم ، وتحدث الناس أن بعضهم من النصارى العرب جاؤوا لتكثير سواد هؤلاء القوم بعد أن نبذهم أهل الإسلام ، ولم يحتضن تلك الشرذمة سوى الكنيسة ، وهذه من حكم الله في فضحهم فله الحمد والمنّة . هذا والله _تعالى_ أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .


الساعة الآن : 08:24 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 8.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 8.54 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.09%)]