ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى النقد اللغوي (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=120)
-   -   ملخص الرسالة (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=240264)

ابوالوليد المسلم 13-09-2020 12:06 AM

ملخص الرسالة
 
ملخص الرسالة


الاجتماعيات في شعر حافظ إبراهيم



طلعت صبح السيد




مقدمة

الحمد كل الحمد لله تبارك وتعالى، وأشهد أن لا إله إلا الله هو ولي النعمة ومصدر الرحمة، ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56] وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله، هو نبي المرحمة، وقائد الملحمة: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].



وأصلي واسلم على جميع أنبياء الله ورسله، وعلى خاتمهم سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، وأتباعه وأحبابه، ومن دعا بدعوته بإحسان إلى يوم الدين.



وأستفتح بالذي هو خير: ﴿ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [الممتحنة: 4].



من أهم مظاهر النهضة المظهر الاجتماعي، فالشعب هو المعين الذي يزود الأمة بشعرائها المجيدين ورجالها الحاكمين، وزعمائها المصلحين، وهو ثروة معنوية عظيمة، وكنز عظيم.



ولقد تغيرت في القرن التاسع عشر عقلية الشعوب، ولم تعد ترضي الحكم المطلق، ولا أن تسأم الخسف والهوان على يد حاكم مستبد، ولقد تأثرت مصر بهذه النزعة فأسهم شعراؤها وأدباؤها في الحث على ذلك.



والأدب الحي النامي هو الأدب الذي يعبر عن روح الحياة في عصره، وينقل صورة لما هو عليه أهله من إحساس ومشاعر وتفكير، أو الذي يلبي احتياجات عصره على حسب مفهوم أهل ذلك العصر لرسالة الأدب.



والأدب الميت الجامد المتخلف هو التعبير الغريب عن عصره، الذي لا يستطيع أن يمازج أهله ويشاركهم أفراحهم وأحزانهم، وآمالهم وغاياتهم، أو هو الذي يقصر عن متطلبات عصره على حسب مفهوم أهل ذلك العصر لرسالة الأدب.



وكان حافظ شاعرًا قريبًا من الشعب يصور أحداث مجتمعه تصويرًا صادقًا في شعره فشعره ملئ بالأحداث السياسية والوطنية والاجتماعية، وقد أجاد حافظ في فن الرثاء واستطاع أن ينقله من مسألة فردية إلى مسألة اجتماعية، فموت الشيخ: محمد عبده نكبة على مصر وعل العالم وموت مصطفى كامل كارثة على مصر وعلى الوطنية الحقة فهو يتسلل في حذق ومهارة بعد تصوير الفقيد إلى المسائل الاجتماعية، ويقول في سهولة ويسر ما برع فيه وفاق أقرانه.



وكان في شعره يقف موقف الصحافة الوطنية والخطباء الوطنيين وقادة الرأي الاجتماعيين يغشي مجالس كل هؤلاء، ويتشرب من أرواحهم، ويستمد من وحيهم، ويغذي عواطفه من عواطفهم، ثم يخرج ذلك كله شعرًا قويًّا ملتهبًا يفعل في النفوس - وذلك شأن الشعر الحي - ما لا تفعله الخطب والمقالات فكان بحث شاعر الاجتماع لم يجاره أحد في ذلك كله من شعراء عصره.



وساعده على هذا الاتجاه تربيته الحربية، فإن فشل في حب السيف فليحارب بالقلم، وإن أخطأ في ثورة الضباط في السودان، فليكتب له التوفيق في إشارة الأمة على الاحتلال، ومن هنا فميزة حافظ الكبرى أنه تبلورت في شعره آمال أمته أولًا، وآمال الشعب العربي ثانيًا.



كانت الأمة تشكو من فوضى الأخلاق، وتشكو من الاحتلال، وتشكو من تضييق الغرب على الشرق، وكان حافظ بما له من حس مرهف وعاطفة حساسة يجمع كل ذلك في نفسه، فلما ثار على الشعر القديم وحطمه، بنى على أنقاضه شعره الجديد في الوطنيات والاجتماعيات والسياسيات، حتى أثر في شعبه وأصبح مرآته التي يرى الشعب فيها.



وصدق القائل: "الشعر من أفعل المؤثرات في إيقاظ الأمم من سباتها وبث روح الحياة فيها"[1].



من أجل ذلك أردنا أن نبين للشاعر العظيم حقه والميزة الكبرى التي اختص بها دون أبناء عصره من الأدباء.



والآن أحب أن أبين نصيب شاعرنا حافظ في هذا الجهاد، وهل أفلح في تأدية ضريبته على أكمل وجه أم لا.



وقد سرت في بحثي معتمدًا على مراجع تتصل بصميم الموضوع اتصالًا مباشرًا ككتاب "حافظ إبراهيم شاعر النيل" وكتاب "حافظ إبراهيم ما له وما عليه"، وقد جرني البحث إلى مراجع أخرى إما للبيان أو للاستدلال.



وأرجو الله أن أكون قد وفقت في هذه الدراسة.. والله الموفق.





خاتمة


إذا كان للأدب اختيارًا للألفاظ وترتيبًا للمعاني فهو صنعه فقط، أما إذا كان حياة يحياها الأديب وكفاحًا لتحقيق الإنسانية والشرف فهو عندئذ فن.



وبعد؛ فذلكم محمد حافظ في شعره الاجتماعي، لقد كان ترجمان أمته تلك السنين الطوال فلقب شاعر النيل.



وأنه في جمهرة شعره صريح حر جرئ يعرب عن أمال أمته وآلامها، ويذكي عاطفتها، ويهيج حماستها، ويدعوها إلى الخطة الكريمة، والسيرة المثلى، غير واهن ولا هياب.



إن حافظًا أعرب عن آمال مصر وآلامها سنين كثيرة فأحسن الإعراب وبلغ من نفوس سامعيه الغاية، ثم ترك للأجيال ثروة من التاريخ والحماسة والأخلاق، ودعوة إلى الكرامة والعزة والعمل الدائب والسيرة الصالحة كل أولئك في شعر رصين، بليغ، جدير أن يبقى على مر الزمان يتغنى به النشء.



وهكذا استطعنا أن نبين ما لحافظ من شعر كثير يدعو به إلى البر بالفقراء وإنشاء الملاجئ لهم والجمعيات، وهذه دعوة تفجر ينابيع الرحمة والإحسان من أشد القلوب قسوة، كما يدعو إلى النهوض بالتعليم وإنشاء المعاهد ودور العلم والدرس، وقد تحول في كل هذا إلى ما يشبه مصلحًا اجتماعيًا، يريد أن يصلح النفوس المريضة من حوله.



وقد بينت وأثبت في بحثي أن حافظًا سابق لشعراء العرب جميعًا في هذا اللون من الشعر الاجتماعي، فمن قبله لم تعرف العربية شاعرًا اجتماعيًا من طرازه.



حقًا نجد عند المتنبي وأبي العلاء بعض أبيات وأشعار تنحو هذا النحو ولكنهما لا يقصدان بها - كما قصد حافظ - إلى غاية اجتماعية من إصلاح شعب وتقويمه وتحريك نفسه وإثارتها ضد معايبه ومساوئه.



ومن أجل ذلك لقب - غير منازع ولا مدافع - بالشاعر الاجتماعي، لقبًا انفرد به من دون شعراء عصره.



وصدق القائل: "لا مدرسة لحافظ سوى المجتمع، ولا كتاب له إلا الشعب، ولا معلم له إلا الجماهير"[2].


[1] سلاح الشعر للدكتور أحمد الشرباصي.




[2] حافظ إبراهيم: ما له وما عليه للدكتور محمد كامل جمعة.







الساعة الآن : 03:05 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 14.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.57 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.64%)]