ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الحوارات والنقاشات العامة (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=49)
-   -   سماعون للكذب (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=243201)

ابوالوليد المسلم 18-10-2020 04:09 AM

سماعون للكذب
 
سماعون للكذب


خميس النقيب






الكذابون كثيرون، لكنِ السمَّاعون لكذبهم أكثر، فريق يكذب ومنتخب يسمع، وإذا كان الكذب خطيرًا، فالاستماع له أخطر!

لذلك حذَّر القرآن من هذا المرض الأخطر، دعوات سوداء وحملات شعواء، ونخب حمقاء لسان حالها: "اكذب الكذبة مائة مرة تصدقها"، وتبث هذا الكذب وتروِّج له قنوات فضائحية، وجرائد صفراوية، تواطأت على الكذب، وقبضت ثمن الزيف، فهي تنبح ليلَ نهارَ ضد الإسلام والمسلمين.

‏يشير القرآن لهذا المرض في أكثر من موضع: ﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ﴾ [المائدة: 42]، يتغذَّون على الحرام، ويتعاملون بكذب الفعل والكلام، ولا يقبلون بالصادقين من أهل الإسلام، فاسدين مثل هؤلاء؛ ﴿ إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 34].

يبيعون كذبهم بثمن بخس، ‏ويملؤون بطونهم بغذاء نحسٍ، ثم ينقُلُ عنهم ويمشي في ركابِهم آخرون ﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ﴾ [المائدة: 41]، فيسمعون ليكذبوا، ويسمعون لينقلوا إلى قوم آخرين لم يأتوك، فيكونون كذابين ونمامين جواسيس، وما أكثرَهم في مجتمعاتنا، ربما ينتمي إليهم السذَّج والبسطاء، فضلاً عن الأحبار والرهبان، بنص القرآن ﴿ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ﴾ [التوبة: 47].

‏كل ذلك لضرب الإسلام وقمع المسلمين ومحاربة الدين، وهذا ليس الآن فقط، وإنما من قديم الزمان!

﴿ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ [التوبة: 47]، ليس لهم إلا هدف أصلي واحد، الإسراع إلى الفتنة، ونسج خيوطها، وعقد بنودها بالتحريض والتمويل والتأييد والتفويض.

﴿ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ﴾؛ أي: فيكم مَن يسمع منهم، ويُكثِّر سوادَهم، وينقل عنهم، بل يتبنى موقفهم! والله أعلم بالظالمين، يعلم ما يدبّرون وبما يمكرون وما ينفذون، انظر: ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾.

القرآن حذَّر جيل الصحابة - أفضل الأجيال على الإطلاق - وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، موضحًا منهجَ عدوِّهم في هدم الإسلام وتفريق المسلمين، يشير لأخطر نقطة: ﴿ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ﴾، فكيف بنا اليومَ على ضعف المسلمين وقلة حيلتهم أمام إعلام موجَّه أحمق يهزأ ويستهزئ بالعقول والنفوس، ويضع خططًا مدروسة إعلاميًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا وفكريًّا وإستراتيجيًّا، ﴿ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ﴾!

ولكثرة هؤلاء السماعين لهم وانتشارهم، يُصدَّقُ الكاذب ويُكذَّب الصادق، ويؤتمن الخائن ويُخوَّن الأمين، وما كان لأمينٍ أن يخون قط، ولكن اؤتُمِن غيرُ أمينٍ فخان.

﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ﴾ [المائدة: 42]، نزلت في حكَّام اليهود؛ كعب بن الأشرف وأمثاله، كانوا يرتشون ويقضون لمن رشاهم.

قال الحسن: كان الحاكم منهم إذا أتاه أحدٌ برِشوةٍ جعلها في كمِّه فيريها إياه، ويتكلم بحاجته، فيسمع منه ولا ينظر إلى خصمه، فيسمع الكذب ويأكل الرشوة.

وقال: إنما ذلك في الحكم إذا رشوته ليحق لك باطلاً أو يبطل عنك حقًّا، فأما أن يعطي الرجل الوالي، يخاف ظلمه ليدرأ به عن نفسه، فلا بأس.

فالسحت هو الرشوة في الحكم على قول الحسن، ومقاتل، وقتادة، والضحاك.

وقال ابن مسعود: مَن يشفع شفاعة ليردَّ بها حقًّا، أو يدفع بها ظلمًا، فأُهدِي له فقبِل فهو سحت، فقيل له: يا أبا عبدالرحمن، ما كنا نرى ذلك إلا الأخذ على الحكم، فقال: الأخذ على الحكم كفر، قال الله: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44].




الساعة الآن : 01:02 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 9.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 8.92 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.04%)]