ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى القرآن الكريم والتفسير (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=57)
-   -   تفسير آية: { ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر ...} (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=254298)

ابوالوليد المسلم 04-03-2021 09:26 PM

تفسير آية: { ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر ...}
 
تفسير آية: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ.... ﴾















الشيخ عبد القادر شيبة الحمد


قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ * إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ * مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النحل: 103 - 106].



الغَرَض الذي سِيقَتْ له: تقرير حقيقة القرآن أيضًا.



ومناسبتها لما قبلها: أنه لما رد بعض شبههم حول النسخ، وأثبت أن القرآن نزله روح القدس من عند الله لسعادة المؤمنين - ذَكَرَ شبهة أخرى من شبههم حول القرآن وأبطلها، وفي ذلك تقرير لحقية القرآن أيضًا.



وقوله: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ﴾ مستأنف لذكر بعض شبههم الباطلة، و(اللام) موطئة للقسم، (وقد) للتَّحقيق، والضمير في (أنهم) لكفار قريش، والمراد بـ(البشر) هنا غلام نصراني كان بمكة، وهو أعجمي، زعم الكافرون أنه هو الذي يعلم محمدًا صلى الله عليه وسلم القرآن.



وقوله: ﴿ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ﴾ استئناف مِن جهته تعالى لدحض شبهة الجاهلين، والمعنى: لغة الذي يشيرون إليه منحرفين عن الحق أعجميةٌ؛ إذ هو لا يحسن لغة العرب، وهذا القرآن لغة عربية فصحى يعجز العرب البلغاء الفصحاء عن الإتيان بمثله، فكيف لا يستحيون من دعواهم أنه يعلمه هذا الأعجمي.



وقوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ استئناف لتهديدهم؛ أي: إن الذين لا يصدقون بحقية القرآن لا يُوفِّقهم الله إلى الخير، وينتظرهم عقاب مؤلم في الآخرة.



وقوله: ﴿ إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ﴾ استئنافٌ لبيان مَن هو أهل للافتراء؛ أي: لا يليق اختلاق الكذب إلا مِن الذين لا يؤمنون بآيات الله، فإنهم لا يخافون عقابًا، ولذلك يصيرون جُرَآء في الكذب والافتراء، والإشارة في قوله: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴾ لكفار قريش، وفي الإتيان بضمير الفصل مع تعريف ركني الجملة دليلُ تعمقهم في الكذب وتخصصهم فيه، والقصر هنا قصر قلب.



وقوله تعالى: ﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ ﴾ استئناف لبيان حال مَن كفر بالله بعد أن آمن بها عقيب بيان حال مَن لم يؤمن بها رأسًا، و(مَن) مبتدأ أو شرطية، والخبر أو الجواب محذوف تقديرُه: (فعليهم غضب مِن الله ولهم عذاب عظيم).



وقد دلَّ على هذا المحذوف قوله: ﴿ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا... ﴾ إلى آخر الآية.



وقوله: ﴿ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ ﴾ الاستثناء من الخبر أو الجواب المقدر، وهو استثناء متصل؛ لأن الكفر قد يكون بالقول مِن غير اعتقاد كالمكره، وقد يكون اعتقادًا - نعوذ بالله - فاستثنى المكره، ومعنى ﴿ أُكْرِهَ ﴾ أرغم وأُلجئ وقهر.



وقوله: ﴿ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ﴾ جملة حالية من نائب فاعل أكره.



وقوله: ﴿ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾؛ أي: ولكن من طابت نفسه بالكفر واطمأن إليه قلبه، فعليهم سخط من الله، وينتظرهم عقاب شنيع فظيع.



وسائر المفسرين على أن قوله: (إلا من أكره) نزلت في عمار بن ياسر لما أكرهه الكفار على التلفُّظ بكلمة الكفر، فتلفظ بها وقلبه مطمئن بالإيمان، على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، هذا والحالة التي يثبت فيها الإكراه هو أن يبلغ حدًّا يخاف معه على نفسه أو بعض أعضائه التلف.



وقد اختلف العلماء فيمن أكره على الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان على ثلاثة مذاهب:

1- ذهب جماهير أهل العلم إلى أن مَن أكره على الكفر فتلفظ به وقلبه مطمئن بالإيمان، أنه لا يخرج عن الإسلام، وتجري عليه أحكام المسلمين لهذه الآية.



2- وذهب محمد بن الحسن إلى أنه لا تجري عليه أحكام المسلمين، بل تجري عليه أحكام المرتد ولا يدفن في مقابر المسلمين؛ لصدور كلمة الكفر منه فنعامله بظاهرها، وباطنه إلى الله عز وجل.



3- وذهب الشافعي وسحنون إلى التفريق بين مَن كفر بالقول ومَن كفر بالفعل؛ فمن أكره على الكفر فتلفَّظ بكلمة الكفر، فإنه تجري عليه أحكام الإسلام، أما إذا كفر بالفعل؛ كأن سجد لأصنامهم فإنه تجري عليه أحكام المرتد.



والمختار هو القول الأول؛ لهذه الآية، وما رُوي من قصة عمار رضي الله عنه، وكذلك قصة مُسيلمة - لعنه الله - مع الأسيرين المسلمين، ولم تفرق الآية بين القول والفعل، ولم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا التفريق.



الأحكام:


1- وجوب الإيمان بالقدر.

2- جواز إظهار الكفر في حال الإكراه.

3- تجري على المكرَه جميع أحكام المسلمين.



الساعة الآن : 05:07 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 10.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 10.51 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.88%)]