ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى مشكلات وحلول (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=51)
-   -   ضرب زوجي لي وتدخل أهله (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=267216)

ابوالوليد المسلم 26-10-2021 10:15 PM

ضرب زوجي لي وتدخل أهله
 
ضرب زوجي لي وتدخل أهله


أ. مروة يوسف عاشور


السؤال
من أين أبدأ؟ وماذا أقول؟ أرجو ألاَّ تَستهزِئُوا بحكايتي، وأن تُجيبوني بالله عليكم، وأُشهد الله أني سأقول كلَّ الحقيقة.
أنا شابَّة في مُقتبل الحياة، تزوَّجت منذ ثلاث سنوات، وكنتُ أهْنَأ بحياة رائعة مع زوجي - جزاه الله كلَّ خيرٍ.
لكن كانت بالطبع تَحدث مشكلات بيننا، وكنتُ أتحلَّى بالكِتمان؛ لأني لستُ من النوع الذي يحب إعلان مشكلاته، لكن مع مرور الأيام تدخَّلت حَماتي لتقول: كفى مشكلات، وكأنها صاحبة حقٍّ وأنا الظالمة، مع أني لَم أُرد لها يومًا إساءَة، وعرَفت أن زوجي كان يحكي لها أسرارنا، فكَبِرت المشكلات الصغيرة بتدخُّلها، وأخْبَرت أهلي حينها، ونصحوني بحلِّ المشكلات برَوِيَّة، فقلت في نفسي: هذا يعني أني أنا السيِّئة، فأصبَحت مُنطوية، فحاوَل زوجي إصلاح ما فعَله بي مع أهله، واعتَذَر وسامَحته، لكنَّ أخاه الأكبر نَصَحه بالضرب وإخفاء الأموال عني، وكأني سارقة، أمَّا أموالي، فهي حلال عليه، يأخذ منها متى شاء؛ لأني لا أبخل على أحدٍ، فعمله في مكان بعيدٍ، يَذهب ولا يترك لي نفقةً في غالب الأحيان، فأشتري كلَّ حاجاتي بأموالي، وفي الآونة الأخيرة قام بضربي عدَّة مرَّات، فكنتُ أشتمه؛ لأني لا أقوى على رَدِّ الضرب، ثم يأتي ليطلب السماح، لكن لَمَّا تكرَّر ضَرْبُه لي، سَئِمتُ وقُمتُ بخَدْش وجهه؛ لأني لَم أُفلِح في صدِّ الضرب المُبَرِّح إلاَّ بأظافري، وأعرف أنه كان من الأفضل ألاَّ أَردَّ له الإساءة، إلاَّ أني لَم أستطع النوم، فرَقبتي ورأسي كأنهما مُنكسران من شِدَّة الضربات، وشَعَرتُ بدُوار وسَقَطت، ثم جاء الحبيب كالعادة وطلَب السماح، فقلت: مستحيل أن تمرَّ هذه المرة بسهولة، وأهلي هم مَن ستتفاهم معهم؛ حتى تَلزم حدودك، لكنه ذهَب لأهله، ويا للعار الذي وضَع نفسه فيه؛ إذ قال لهم: هي التي ضرَبتني أولاً - غريب أمره - لقد ضَرَبتني، فضَرَبتها، والدليل وجهي الذي خَدَشتْه، وصارَت أُمُّه المُوقَّرة تَندب وتقول له - حسب روايته -: هي قد أهانَتْك، أنت لستَ رجلاً، زوجُك تتحكَّم فيك، طَلِّقها، وإلاَّ فسأَغضب عليك، وكان أبو زوجي مسافرًا، فأَخْبَروه بأني ضَرَبته، فاتَّصل علي، وقال لي: ما الذي حدَث؟ هل ضَرَبتِه؟ ضَحِكتُ؛ لأني صُدِمت لدرجة كبيرة، وقلت له: أنا أَضْرِبه! دافَعت عن رأسي الذي كَسَره بالضرب بخَدْشٍ صغير، كيف أستطيع أن أتغلَّب على رجل في رأيك؟!
لَم أُصدِّق ما قاله، فأخْبَرته بما حدَث، فقال لي: سأتَّصل عليه، فجاء العزيز وقال لي: يجب أن تَذهبي إلى أمي وتَطلبي منها السماح، وتُقَبِّلي رأسها؛ حتى تَقبل ألاَّ نَنفصلَ، وإلاَّ فاذْهَبي إلى بيت أهلك، قلت له: "ضرَبني وبكي، وسَبَقني واشْتَكى"، حَسبتُك تُهينني، لكنَّك أهنتَ رجولتك بالكذب على أهلك؛ خوفًا من النتائج، ونَسيتَ ربَّك الذي يَشهد على كلامك.
لم أكن أُريد الفراقَ، وجاء أبي لأَخْذي، وحَمَلت أغراضي، ففَزِع وقال لي: إلى أين أنتِ ذاهبة؟ ابْقَي يومًا أو اثنين، وعُودي.
لَم أعد أفهمُ شيئًا مما يَحدث، ألهذه الدرجة انحطَّ الناس في هذا الزمان؟!

ساعدوني، خفِّفوا من آلامي، خَفَّف الله عنكم كلَّ المصاعب.
ماذا أفعل؟!


الجواب
لن نَسخر منكِ ومن مشكلتكِ؛ فهي متكرِّرة ونراها أحيانًا في بعض بيوت المسلمين، التي لا تُراعي حُرمة، ولا تتَّقي الله، ولا تتَّبِع نَهج الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - أو تَقتفي أثر الصالحين.

قضية ضَرْب الزوجات قديمة وعرَض لها التاريخ صورًا شتَّى باختلاف الحالات والأشكال، وقد عانَت المرأة بأْسَ زوجها وظُلمه في الجاهلية أشدَّ المُعاناة، حتى جاء الإسلام ووضَّح أنَّ الضرب لا يكون إلاَّ لِمَن عَصَت وتمرَّدت، ولا يكون إلاَّ بعد مراحل وخُطوات من الوعظ والهَجْر، ثم كيف يكون بعد ذلك كله؟
قال الفقهاء: ألاَّ يؤثِّر فيها شيئًا؛ كما ورَد في "تفسير ابن كثير".
أمَّا ما يؤثِّر في الرأس والعُنق من شِدَّته، فلا يدل إلاَّ على خُلقٍ ذميم، يَصعب أن تصبرَ عليه المرأة؛ لهذا أنصحكِ باستعراض المشكلة والتفكير فيها من كافَّة جوانبها، فإن غَلَبت صفات زوجكِ الحميدة، ولَم يَبق إلاَّ أمرُ الغضب وتَسَرُّعه في الضرب، فعليكِ حينها أن تُفكِّري في كيفية علاجه، وتفادي ما يُغضبه على قدر الاستطاعة.
تدخُّل الحَماة في حياتكما، سببه الرئيس زوجكِ، وتَختلف الأسرار في خطورة التحدُّث بها مع الوالدة أو الوالد من قِبَل أحد الزوجين، فما تَرَينه أنتِ مبالغًا فيه وشديدَ الخصوصيَّة، قد يراه زوجُكِ أمرًا عاديًّا لا حرَجَ في التحدُّث به، وما تَرَينه من الأمور العامة التي لا يَضيركِ معرفة أهلكِ بها، قد يراها عظيمة؛ لهذا عليكما بوَضْع النقاط على الحروف، وتحديد بعض المبادئ التي تَسيران عليها في حياتكما المستقبليَّة - إن شاء الله - ويتمُّ كتابتها والرجوع إليها وقتَ الخلاف.
كثيرًا ما تحبُّ والدة الزوج أن تفرضَ رأيها، وأن تتحكَّم في حياة وَلَدها؛ لتُشبع شعورًا بنقص العاطفة، والافتقار للسلطة التي كانت تتمتَّع بها قبل زواجه، وليس من العسير أن تُشبعي تلك العاطفة لديها ببثِّها بعضَ الأمور التي لا تَرَين فيها حرَجًا، ولا يُحزنكِ معرفتها؛ لتُقلِّل من استدرار المعلومات من ابنها، وحتى يتحوَّل الحديث تدريجيًّا معكِ بدلاً منه.
كما أنَّ المرأة في هذا العمر تتَّسم بنوعٍ من الغيرة التي ربما يكون مبالغًا فيها أحيانًا، وتُفسد على المرأة حياتها مع زوجها؛ لهذا تَجنَّبي التحدُّث عن زوجكِ، وليَتجنَّب التحدُّث عنكِ بخيرٍ، أو مَدْحكِ أمامها قَدْرَ الاستطاعة، ولتَعملا على إشعارها بأهميَّتها واستعادة الثقة فيها من جديد.
قد تتجاوز الحدَّ في سلوكها، لكن بالصبر والحكمة التي تتمتَّع بها كلُّ امرأة شابة؛ فتُحْسِن استغلال الفرص، وتُحوِّل الموقف لصالح تلك المرأة التي فَنِي عمرُها وانقَضى شبابها بشيءٍ من التلطُّف المُصطنع، والذي لن تَلحظه هي، عندئذ تزول سُحب البُغض، وسيُكسبها ذلك محبَّتكِ بلا شكٍّ.
من حقِّكِ أن تَمنعي ما لديك من مالٍ عن زوجكِ، ومن حقِّكِ عليه أن يُنفق عليكِ ولو كنتِ غنيَّة، ولا أنصحكِ بالتمادي في الإنفاق على البيت أو على نفسكِ؛ فلا خير في زواج يُوقن الزوج فيه باستغناء زوجِه عنه، ويَفتقر شعوره بالأهميَّة في حياتها.
في النهاية لا أجد ما أنصحكِ به، إلاَّ قَبول العودة إلى البيت، لكن بشرط ألاَّ يتعرَّض لكِ بهذا النوع من الضَّرب أو التعذيب مرة أخرى، وليَشهد على ذلك بعضُ أهل الخير والرَّشاد، وأُوصيكِ بالدعاء أن يَهديه الله ويُصلح حاله، فما رأيتُ كالدعاء علاجًا لِما نَعجِز عن حَلِّه، والله تعالى يقول: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾ [النمل: 62].



وفَّقكِ الله، وأصلَح حالكِ، وأذْهَب عنكِ كلَّ بأْسٍ.



الساعة الآن : 05:44 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 10.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 10.22 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.91%)]