ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الأخت المسلمة (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=45)
-   -   الزوجة الحبيبة (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=246984)

ابوالوليد المسلم 01-12-2020 11:31 PM

الزوجة الحبيبة
 
الزوجة الحبيبة



د. سليمان الحوسني





حُسن علاقة الإنسان بعد الله عز وجل، ثم علاقته بوالديه الكريمين، يكون بتلك المرأة العزيزة، الطيبة المباركة، التي أتت إليه مكرَّمة معزّزة، وفارقت والديها وبيتها الذي ولدت ونشأت فيه، فارقت إخوانها وأخواتها الذين ترعرعت بينهم، فارقت تلك الحياة التي قاربت العشرين عامًا وتزيد أحيانًا.

كل ذلك من أجل زوجها الذي بدأت معه حياة جديدة، واشتركَتْ معه في تكوين أسرة كريمة، وتربية أبناء صالحين ينفعونهما في الدنيا ويوم الدين.

الزوجة شيء عزيز، وكنز ثمين، تسعى لراحة زوجها وسعادته، تُدخل عليه السرور، وتخفِّف عنه الآلام والمتاعب، وتجعل بيته قفصه الذهبي المحبَّب الذي لا يريد فِراقه أو الابتعاد عنه، تخدُمُ الزوج وإن كان في البيت خادمة، تتواضع له وإن كانت من السادة، تستمع له وإن كانت أبلغَ في الحديث، تحدِّثه وإن كان أعلم منها، تبتسم له وإن عبَس في وجهها، تُلين له الجانب وإن شدَّ عليها، تُرضيه وإن أغضبها، كل ذلك ليس غريبًا في دِيننا العظيم وتوجيه سيدنا الكريم؛ حيث قال: ((لو أمرتُ أحدًا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأةَ أن تسجد لزوجها من عظيم حقِّه عليها)).


وبالتالي يقدِّر الزوج تلك الأفعال الجميلة، والخصال الطيبة الحميدة، فيبادلها الحسنة بمثلها وزيادة، وتتحول حياتهما أُنسًا ومتعة وجمالاً، وتتجدد العلاقة بينهما في كل لحظة، ويبارك الله لهما في كل أمورهما، فيرون الخيراتِ والكرامات تنهال عليهما من كل ناحية، حتى بعض المنغِّصات التي لا تخلو حياةٌ منها تتحوَّل إلى استراحة قصيرة ووقفة نادرة سرعان ما تتبدَّدُ وتنتهي أمام الرصيد الكبير من الإيجابيَّات والأفعال الحسنة، فتبقى الزوجةُ عند زوجها ذاتَ المكانة العالية، والحب العميق؛ فقد أسكنها قلبَه، وعبَّرت عن ذلك جوارحُه، فلا ينافس ذلك الحب سوى محبته والديه بعد محبةِ الله ورسوله.


والزوجة ترغَب وتود سماع رأيِ زوجها فيها، ومدحِه لها، وثنائِه على فعالها، وهذا من حقها؛ حتى لا تُحسَّ بعطش أو ظمأ في هذا الجانب المهم.


فلا تبخل أيها الزوج نحو زوجتك بكلام جميل، وابتسامات متعددة، ومشاعر متنوعة؛ فهي أحوجُ إلى ذلك من حاجتِها إلى الطعام والشراب؛ وذلك أن الغذاء الماديَّ يمكنها أن تجده إن فقدَتْه معك، بينما الغذاء العاطفي لا يوجد إلا عندك أنت فقط.


وإن جاز للرجل أن تكون له أكثر من زوجة، فلا يجوز لها إلا زوجٌ واحد، وهذا يتطلَّب من الرجل الانتباهَ لذلك، وبَذْلَ طاقته في أداء واجباته، وتوزيع عواطفه على مستحقيها بعدلٍ دون خلَل أو ميل، وهو قادر بإذن الله.


الزوجة رقيقةٌ كالزجاج، عَذْبة كالماء، حُلوة كالعسل، طيبة كالطِّيب، حانية كالشجرة الظليلة، ومع ذلك تحتاج إلى استمرار ماء الحب منك أيها الزوج لتستمرَّ حياتها، ويبقى رونقُها، ويزداد عطاؤها، ويتجدد نشاطها.


والنبي صلى الله عليه وسلم ضرب لنا أروعَ الأمثلة في حبِّه وتعامله مع زوجاته، فيعرف مشاعرها وأحاسيسها، ويعرف متى تكون راضيةً أو غَضْبَى، كما كان مع عائشة رضي الله عنها، ويقول لها: ((أنا لكِ كأبي زرع في الحب والوفاء))، ويخاطبها: يا عائش، يا حُمَيْراء، وكان يضع فاه على موضع فمِها، وكان يتكئ في حجرِها، وكان يفرح ويسعد للعبها، ويسابقها، ويلعب معها.


وكان يُهدي ويتودَّد لأحبتها؛ كما فعل مع صديقاتِ خديجة رضي الله عنها، ويقول: ((إني قد رُزِقْتُ حبَّها)).


بل كان يشتكي لبعض زوجاته ويستشيرها؛ كما حصل مع أمِّ سلمة رضي الله عنها في صُلح الحديبيَة.


وكان يصطحبها في السفر؛ كما حصل مع صفية مرة فأبطأت في المسير، فاستقبَلها وهي تبكي، فجعل يمسح عينيها ويسكِّتُها.


وهكذا في تعامله مع زوجاته صلى الله عليه وسلم، فكان ينظر إلى أحسنِ طباعها، ولا ينشُرُ خصوصيتَها، ولا ضرب بيده امرأة، وكان يضع اللقمة في فمها، ويحرص على احتياجاتها، ويثِقُ بها ولا يخوِّنُها، ونهى أن يطرُقَ الرجل أهله ليلاً، وكان صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة، من الليل والنهار، وهن إحدى عشرة، وقد أُعطي قوةَ ثلاثين، وكان يساعد في أعباء المنزل.





الساعة الآن : 03:35 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 9.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 9.73 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.95%)]