ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الأخت المسلمة (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=45)
-   -   رسالة لمن كان له قلب (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=254469)

ابوالوليد المسلم 08-03-2021 02:17 PM

رسالة لمن كان له قلب
 
رسالة لمن كان له قلب
محمد سعد الأزهري



أيها الرجل:

أُنادي فيك أعلى الصفات الإنسانية؛ صفة تحمُّل المسئولية، وصفة الحماية للأنثى، وصفة القدرة على تخطّي العقبات رغم الصعاب.

أيها المؤمن:
أُنادي فيك أعلى الصفات الرّوحية؛ صفة العمل بالتّنزيل, والخوف من الجليل، صفة تقديم الرحمة على القسوة، والرأفة على العناد, صفة تقديم التأني على العجلة، والابتسام على التوعّد بالانتقام.
أيها الأب:
أنادي فيك أعلى الصفات الاحتوائية والتودُّدية؛ صفات التربية والرعاية، الحب والحنان، وبذل الجهد دون نظير كلمة شكر ولا تعويضٍ من الأبناء.
أيها الزوج:
أنادي فيك أعلى الصفات التي تحبها كل فتاة تريد الزواج، أُناديك بأمانتك التي تكمُن في كلمة الله التي عاهدت بها وليّ زوجتك أنك ستُعاملها بالمعروف، وتُبَاعِد بينها وبين الحرام والمكروه، ولن تُلجئها يوماً إلى السقوط والسّفول، ولن ترى منك ظلماً مستمراً ولا تجاهلاً مستقراً ولا معايرة وبخلاً وعنتاً وتسلُّطاً يهوي بها إلى من يتلقّفُها فيفتنها عن دينها واستقامتها وبيتها وأولادها.

أيها العقلاء:
لا تُلجِئوا البنات والزوجات والمطلَّقات لأن تتلقَّفهم أيادي لا تريد لهم الخير، بل لا تريد إلا غمسهم في مستنقع يُعادي الهُويّة والقيم، بل يُعادي الدّين والشريعة باسم الدفاع عن حقوق المرأة والحصول على حرِّيتها!
أيها العقلاء:
إن مجتمعكم يتعرّض للاختراق والاستبدال منذ زمن طويل، ويترقبون الآن لحظات قطف الثمرة.. فلا تمكنوهم من أنفسكم.
إنهم يستخدمون التصرفات الظالمة والمُشينة من بعضِ الرِّجال في ربطها بالشَّرع والدّين، وكأنَّ تمسُّك هؤلاء الرجال بالدِّين هو الذي جعلهم وحوشاً مستبدِّين مع النساء!
ينفّرون الناس عن معاني القوامة والولاية، ويطلقون الاتهامات بالرجعية والتخلف عند إحاطة النساء بالحواجز المضادة للفتن وعدم السماح بسقوطهن في أوحال الميوعةِ وترك الحياء؛ ويحلون محلها ألفاظاً وشعاراتٍ تنبئ عن أغراضهم الحقيقية فيقولون: [ السلطة الأبوية والذكورية والنصوصية والسّلطوية وشرْعَنة الاستبداد ضدّ المرأة] وغيرها من الألفاظ التي يتم استخدامها كطُعم للإيقاع بالفريسة، ثم سلْخها عن هُويّتها برضاها، ظنَّاً منها أن استبدال الجلد كفيلٌ بالشِّفاء من آلام الماضي، ولا تدرك أنها قد تعرّضت للتضليل!
أيها العقلاء: إن الحركات النّسوية والعلمانية وكافِّة المنظَّمات التي تَدَّعي أنَّها تدْعم الدفاع عن الحقوقِ والحرية للفتاة المكبوتة والزوجةِ المقهورة والأم المظلومة، ليس لها هدف إلا إخراج النساء من هدوء البيوت إلى ضجيج الشّوارع، ومن دفء الأسرة إلى برودة الفُرقة، ومن نسيم الأولاد إلى لهيب الحرمان وجفاف القطيعة، ومن الرّعاية لها ووضعها في مكانها اللائق بالحياء والتربية والاعتناء إلى تحفيزها بوهم المكانة الاجتماعية ونضال العمل وسِبَاقات الترقيات حتى تصل إلى وهم التحررّ من الأسرة ونضال المحاكم مع المحامين والقُضاة، وسباقات التحذير من الأباء والإخوة والأزواج بل والأبناء!
أيها العُقلاء: أُقسم لكم بالله العظيم أن الحركات النسويَّة لا تريد للمرأة أن تصبح حرةً من أغلال الرجال أو الأسرة، ولا أن تصلَ لأعلى المناصب كتولي الرئاسة أو القضاء، ولا العمودية والمأذونية ولا غير ذلك، ولكنها تريد أن تتحرر المرأة من الدِّين والشَّريعة والحجاب والقرآن، وأن تؤمن بحقِّها في الحصول على كل شيء والوصول لكل رغبةٍ دون حواجز وهمية - في نظرهم - صنعها الفقهاء والآباء والأزواج!
يريدون لها أن تصبح حُرةً في تعليمها ثم في اختياراتها حتى يصلوا إلى المطلوب وهو عقلها وفطرتها، ثم الجائزة الكبرى وهي جسدها!
فعقلها هو المغزى، وجسدها الحرّ هو المراد؛ فالحركات النسويّة تُبغض الشّريعة والقرآن، ولا ينكرون ذلك، بل يصرّحون به جهاراً نهاراً، ومن أراد عشرات النصوص من كتبهم وتصريحاتهم فسأعطيه ما يريد وزيادة!
وعامة أحاديثهم عن حقوق المرأة في الاختيار دون ضابط ولا هوية ولا يحزنون!
لذلك يبدأ الاختراق من الحديث عن سُلطوية الأب واستبداد الزَّوج وذكورية المجتمع ضد المرأة، وأنه يجب علينا كنساء أن يحمي بعضنا بعضاً، فجنسنا مُعرّض للانتهاك دوماً، ولكي نخرج من ولاية الأب وقوامة الزوج وقوانين المجتمع يجب علينا أن نتمرّد على الموروثات التي أدّت بنا إلى هذا الظُلم، وموروثاتنا هي الدين والعادات والتقاليد، وأن الشريعة لم تنصفنا ولم تَجْبُرنا يوماً! بل جعلت الرجل فوق المرأة، ومقيّداً لحريتها، ومتسلطاً على اختياراتها، بل ومنتفعاً بجمالها وجسدها وذلك عندما يبيعها كجارية لمن يريد أن يتزوجها!
ولأن البنات عاطفيات، ويجدن بعض الظلم من الوالدين والأزواج، وليس عندهن ممانعة فكرية لهذا الكذب والتضليل؛ فإنهن يسقطن بسهولة في براثن هذه الشبكات الأخطبوطية، والتي تصل الغرب بالشرق، والبعيد بالقريب، وتضع كل ما لديها من تعليم وثقافة وإعلام وقوانين وتشريعات وأموال ومنظمات ومجالس قومية ومؤتمرات، ودعم دولي على مئات الجبهات، وضعف رؤيةٍ من المصلحين والمصلحات، وشلّ يد المؤسسات الدينية عن التحذير من هذه المنكرات، وانشغال البعض من المنتسبين للتيار الإصلاحي بفتنة حرب تكسير العظام الداخلية، وكذلك تشكيك شعوبهم في أهلية كثير من الدعاة حتى أسقطوا الجميع بما فيهم هؤلاء المشككين!

أيها العقلاء : كل ما ذكرتُ كان دافعاً لبعض النساء للخروج من عباءة الهُويَّة، وبعضهنَّ من عباءة الأبويَّة، وكثير منهنَّ خرجنَ من عباءة الأسرة، حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه من ارتفاع نِسب الطلاق وما يترتب عليها من مشاكل ضخمة خاصة بالرجال والنساء والأطفال.
فالحركات النسويَّة لن تكتفي بالضغوط على الدول لتجريم الختان أو وصول المرأة لحقها في الخُلع بلا أسباب، وإنما ستساعدها على أن تصلي إماماً بالرجال، وأن تكون حرة في اختيار الأسرة البديلة (نساء مع نساء)، وأن تتعرى حيثما أرادت، وأن تسافر متى شاءت، وأن تعتقد ما تريد، وأن تُنْجِب خارج إطار الزواج، وأن تُمارس الزنا بالتراضي، وألَّا يكونَ عليها رقيبٌ من السماء ولا من الأرض إلا القوانين المنظّمة لهذا الفجور والانحلال، ومن يُخبركم بأن الحركات النسويَّة تُريد في النّهاية غير ذلك فهو كذّاب محتال أو مغفلٌ كبير يجب أن يتنحى عن الحديث في هذا المجال.

أيَّها الرَّجل المؤمن.. أيَّها الزّوج والأب؛ الكُرة الآن في ملعبك، والمسئولية عليك عظيمة، والفتنة كبيرة، وستقفُ أمام الله عارياً إلا من تقواه، فإياك أن تجعلَ الغضبَ أو الغفلة أو التقليل من تذكيرك بمثل هذا ينال منك، فإن الأمر عظيم، والعالَم المتحضّر - زوراً وبهتاناً - لا يعرف شيئاً عن القِيم، ولا يريد لنا علواً ولا ارتفاعاً ولا استقراراً ولا حريةً, بل يريد أن نكون عبيداً له، نعطيهم الثروات، ونتنازل عن الهُويّة والخصوصيَّات، ونسير في ركابهم كدرجة ثانية ليس لنا إلا الفُتات، حتى يصل بنا الأمر إلى تقبيل العَتَبات، والفخر بالعاريات، والتَّغنّي بالحصول على الكؤوس والغانيات، ووصولنا إلى حرية السقوط في بحار الشهوات.

وأخيراً: لا أقول لك أيَّها الرجل إنكَ ظالمُ أو مستبدّ؛ فهذا وإن حدث من البعض فإنه لا يحدُث من الكلّ، وإن حدث من البعض فليس لأنهم يُطبقون الشريعة في بيوتهم! فالشريعةُ تمنعُ من الظلمِ والقهرِ والاستبداد، وتأمر بــ " وعاشروهن بالمعروف " ، و " خيرُكم خيركم لأهله " ، و " النساء شقائق الرجال " ، و " البرّ حُسن الخلق "، وأن الجنة تحت أقدام الأمهات، وأن الإنفاق واجب، والحماية فطرة رجولية مستقرة، وأن الإيذاء للنساء محرّم ومُنكر، وغير ذلك من آداب الإسلام الذي لا يُعمل به كما أراد الله؛ تقصيراً من الدول أولاً في السعي لتعليم الناس ما هو الإسلام الحق، وكذلك تقصيرهم في عدم إغلاق الكثير من أبواب الشبهات التي تنهش هويتِهم وتديّنهم، وكذلك تقصيرهم في محاربة طوفان الشهوات الذي تسبَّبَ في ابتلاع شبابنا وفتياتنا وإسقاطهم في لذّات منكرة، وصُنع الرَّغَبات الجامحة التي لا تُبقي ولا تذر.

وكذلك لا أقول لك إن النّساء مظلومات على طول الخطّ، وأنّهنّ لسنَ مُداناتٍ أيضاً في كثير من الأمور، أو أنني أتغاضى عن ذلك عمداً، لا؛ بل أُحدِّثك أنت لأنك العنصر الأوّل في التغيير كما كنت العنصر الأول في تحمّل المسئولية، فالقائد لا يبدأ بعد الجنود!
لذلك؛ عليك أيها الرجل أن تكون رجلاً بحق، وها أنت قد رأيت كيف يُدبّرون لإفساد أسرتك وتدمير مستقبلك وتقويض هويِّتك وتخريب مجتمعك..
أفلا تقف كأسدٍ جسورٍ أمامَ مخططاتهم وتحمى عرينك بلا كسل ولا غفلة ولا ظنِّ بأن هذا تهويلٌ في غير محله؟
أما آن لك أن تضم زوجتك وأولادك إلى صدرك لتحميهم من هذه الأفكار التي تريد ابتلاعهم؟
لعل الله أن يُلقي في قلوب رجالنا الحرص على النَّساء وعدم فتنتهُنّ وتركهنَّ فريسةً لهؤلاء الذِّئاب، وأن يتعاملوا مع النِّساء بالمعروف، بل يتعاملوا بالفضل، حتى لا نسمح لمجتمعنا أن يسقُط أكثَر من ذلك، أو أن يُخترق بمزيدٍ من المُغفَّلين أو المنافقين أو بالمموَّلينَ الذين باعوا الآخرة بالدنيا!
أنت الأمل بعد الله في إيقاف هذا النَّزيف..
أنت الرّوح التي يجب أن تظل ساخنةً وجاهزةً لإغلاق هذه الأبواب المفتوحة على مِصْرَاعيها لخطف أدمغة البنات وعواطفهنّ..
أنت الاحتواء، والتحمّل، والأب، والأخ، والعطف، والعطاء.
فبالله عليك؛ لا تحرم أمّتك ووطنك من الاستيقاظ..
ولا تحرم حياتك من الصيانة والحماية..
ولا تحرم قبرك من النور..
ولا تحرم الميزان من ثِقَل المقاومة للشّرور..
ولا تحرم الصِّراط من رؤية الذين يسيرون عليه كالريح من كثرة حسناتهم ومقاومتهم لصنوف الباطل..
ولا تحرم أهلك وأصحابك من كونك شفيعاً لهم في الآخرة..
أرأيت من أنت؟
وأي درع أنت؟
وأي سيف أنت؟
وأي سدٍّ أنت؟
وأي حائط أنت؟
وأي قلبٍ تحمله أنت؟
وأي عزٍ وشرفٍ قد تناله أنت؟
وإلى أي منزلة قد تصل؟
فاستعن بالله فنحن في انتظارك.






الساعة الآن : 06:32 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 14.81 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.72 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.63%)]