ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى الاسلامي العام (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=3)
-   -   بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم: يا كافر (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=237489)

ابوالوليد المسلم 31-07-2020 02:47 AM

بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم: يا كافر
 
بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم: يا كافر
عبدالله بن حمود الفريح



عن ابن عمر يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أيما امرئ قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما، إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه)).
وورد عند البخاري نحوه عن أبي هريرة.
أولًا: ترجمة راوي الحديث:
ابن عمر -رضي الله عنهما- تقدمت ترجمته في الحديث السادس من كتاب الإيمان.
ثانيًا: تخريج الحديث:
الحديث أخرجه مسلم، حديث (60)، وأخرجه البخاري عن ابن عمر من طريق آخر، وأخرجه من حديث أبي هريرة، وكلاهما في "كتاب الأدب" "باب من أكفر أخاه بغير تأويل، فهو كما قال" حديث (6104) و(6105).
ثالثًا: شرح ألفاظ الحديث:
(قال لأخيه: كافر)؛ أي: (يا كافر) على النداء، وقيل: بل هي خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير (هذا كافر، أو (أنه كافرٌ) وتكون حينئذ منونة، بخلاف تقدير النداء، فهي لا تنون، وإنما منادى مبني على الضم (نكرة مقصودة)، وعبر بالأخوة فقال: (لأخيه)؛ لزيادة التنفير من هذا الفعل القبيح، ولم يقل: أيما امرئ قال لمسلم: يا كافر؛ لأن شناعة سب الأخ فوق شناعة سب البعيد.
(فقد باء بها أحدهما): باء؛ أي: رجع بإثمها ولزمت أحدهما.
(وإلا رجعت عليه)؛ أي: رجعت على قائل كلمة التكفير.
رابعًا: من فوائد الحديث:
الفائدة الأولى:
الحديث فيه دلالة على التحذير من التسرع في تكفير الغير، وأن من وصف غيره بالكفر فقد وقع في جُرم عظيم إن لم يكن صاحبه مستحقًّا لكلمة الكفر.
الفائدة الثانية:
ظاهر حديث الباب أن من قال لأخيه: يا كافر، ولم يكن مستحقًّا لكلمة الكفر، رجع وصف الكفر على القائل، ولكن هذا الظاهر غير مراد؛ لأن مذهب أهل السنة والجماعة أن المسلم لا يكفر بالمعاصي؛ كالزنا والقتل، وكذلك قوله لأخيه: (يا كافر)، وحينئذ لا بد من تأويل الحديث، فاختلف في تأويل الحديث على عدة أقوال:
فقيل: هو محمول على المستحل لذلك، بأن يعتقد أن هذه المقولة حلال قولها، ومعلوم أن من استحل ما حرم الله فقد كفر؛ لأنه جعل نفسه مشرعًا مع الله تعالى.
وقيل: هو محمول على الخوارج الذين كفَّروا الصحابةَ والمؤمنين، وهذا القول نقله القاضي عياض عن الإمام مالك بن أنس، وقال النووي: "وهو ضعيف؛ لأن المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون والمحققون أن الخوارج لا يكفرون كسائر أهل البدع"؛ [انظر: شرح النووي لمسلم، حديث (60)].
وقيل: المقصود بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((وإلا رجعت عليه))؛ أي: رجعت عليه معصيته، وهي تكفيره لأخيه، فيأثم بذلك.
وقيل: محمول على أن قوله هذا يؤدي به إلى الكفر؛ لأنه معصية، والمعاصي بريدُ الكفر.
وقيل: المقصود من الحديث: زجر المسلم عن أن يقول ذلك لأخيه المسلم؛ فالمقصود هو التغليظ والتخويف والردع، وليس رجوع الكفر إلى قائله.
الفائدة الثالثة:
في الحديث دلالة على أن هناك من يتسرع في التكفير ويطلقه على من لا يستحقه؛ ولذا بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- عِظَم جرم ذلك، وعليه نقول لمن أراد أن يطلق كلمة التكفير: لا بد له من التحقق من أمرين:
الأول: التحقق من أن هذا العمل كفر، والتحقق يكون بالكتاب والسنة، فما دل الدليل على كونه عملاً كفريًّا فهو المعتبر.
والثاني: التحقق من أن الذي صدر منه هذا العمل المكفِّر غير معذور، فلا بد من تحقق الشروط وانتفاء الموانع عنه، فهناك أعذار تمنع إطلاق الكفر عليه، ولو كان عمله مكفِّرًا، ومن هذه الأعذار: الإكراه والجهل والتأويل، سواء كان سائغًا أو كان تأويلاً غير سائغ، ولكن لم يجد من ينبهه، أو غير ذلك من الأعذار التي تُعَد موانع مِن التكفير، ولهذه الموانع تفصيل وبسط ليس هذا موطن بسطه؛ [انظر للتفصيل في هذه المسألة: (نواقض الإيمان القولية والعملية) للدكتور عبدالعزيز العبداللطيف، وانظر: (نواقض الإيمان الاعتقادية) للدكتور محمد الوهيبي، وانظر: (العذر بالجهل) للشيخ مدحت آل فراج، وانظر: (ضوابط التكفير) للدكتور حمود أحمد الرحيلي].
مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الإيمان).





الساعة الآن : 10:42 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 9.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 9.00 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.03%)]