ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى مشكلات وحلول (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=51)
-   -   لماذا حياتي مليئة بالمشكلات؟ (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=246994)

ابوالوليد المسلم 01-12-2020 11:43 PM

لماذا حياتي مليئة بالمشكلات؟
 
لماذا حياتي مليئة بالمشكلات؟

أ. رحمة الغامدي



السؤال

ملخص السؤال:
فتاة مُتعَبة نفسيًّا مِن جراء معاملة أهلها لها في البيت، يَمْلَؤُها الحزنُ والألم والاكتئاب، وتريد بعض الإرشادات والكلمات التي ربما تُغَيِّر مجرى حياتها.

تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة في العشرين من عمري، مللتُ من الشكوى، ولم يعدْ هناك مجال لأن أشكو أكثر من ذلك، وربما أجد لديكم حلاًّ لما أنا فيه.


حصلتْ مشكلة بيني وبين أختي منذ يومين، وقامتْ أمي بِضَرْبِي، فظللتُ أصرُخ لأني لا أتحمَّل الضغط، وجلستْ هي تبكي، لأنها لم تضربني مِن قبلُ بهذه القسوة!


أختي تكرهني لأن بيتنا لا تتم المعاملة فيه بالتساوي، وأبي كان يُفَضِّلني عليها، وكثيرًا ما كانتْ تتعرَّض للضَّرْب منه، فكانتْ عنيدةً ودومًا تُسَبِّب المشكلات، ودائمًا تُحاول الإيقاعَ بيني وبين أمي، وتُخبرها عني بأشياءَ غير صحيحةٍ.


لا أدري لماذا حياتي مليئة بالمشكلات النفسية والاجتماعية؟ لا أدري لماذا لا يكون يومي خاليًا من المشكلات (أصلي، وأصوم، وأبر والدي، ولا أحقد على أحد)؟ لا أدري لماذا يحدث كل ذلك لي؟


أسأل نفسي دائمًا عن ذنبي الذي جعلني في هذا الوَضْع، فهي حياةٌ مَليئةٌ بالعلاج النفسي، والأدوية، والاكتِئاب، والحزن، ومحاولات إيذاء النفس، والمَلَل، والفراغ العاطفي!


لماذا لا أعيش كالفتيات في سني؟ لا أضحك، لا أخرج، ولا أجلس مع الأهل، ولم أَتَزَوَّج أو أُخْطَب، وأظن أني سأظل هكذا حتى لو تزوجتُ!


هل تعلمون كم مرة جرحت نفسي؟ هل تعلمون كم مرة ضربتُ نفسي؟ هل تعلمون كم مرة شتمت نفسي؟ هل تعلمون كم مرة تمنيتُ أني لم أولدْ؟

حاولتُ أن أُغَيِّر مِن حياتي لكني لم أسْتَطِعْ، أرجو أن ترشدوني بكلمات تغير مجرى حياتي فأنتم ملجئي الأخير

وجزاكم الله خيرًا

الجواب

الحمد لله، وبه نستعين.
يُعجبني فيك يا بنيتي حرصك على المشورة مع صِغَر سنك، وهذه نقطةٌ إيجابيةٌ في شخصيتك، فشكرًا لك لاستشارتك شبكة الألوكة.

بدايةً أريد منك عزيزتي أن نتفقَ ونتعاهد على تطبيق ما سنذكره من حُلُول وإستراتيجيات، ولو أخذتْ جُهدًا ووقتًا في نظرك، كما أني أريد أن أسألكِ مجموعةً مِن الأسئلة، أجيبي عنها لنفسك، ولذلك كوني صادقة وصريحة.

عندما تقولين: لماذا يحدُث كل هذا معي؟ ما الذي حدَث معك؟ هل فقدتِ أمك أو أباك أو مَن تحبين؟ هل احترق وجهك؟ هل فقدتِ عذريتك باغتصابٍ؟ هل هناك مَن أجبرك على الكفر بالله ولم يعطك الحرية الدينية، كما هو الحال مع أخواتنا المسلمات في سوريا وغيرها من البلدان؟ كيف تنامين؟ هل تحتاجين لمسكنات ومهدئات؟ ماذا تأكلين؟ هل أنت محرومة من أنواع محددة مِن الأطعمة؟

ومع كل هذا، ومهما حصل لك، فأنتِ في خيرٍ، أتعرفين لماذا؟

اقرئي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ((عجبًا لأمر المؤمن، إنَّ أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إنْ أصابتْهُ سرَّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابتْه ضرَّاء صبر فكان خيرًا له))؛ رواه مسلم.

ولذلك لا تقولي: لماذا يحدث لي أنا هكذا دون غيري؟ أليس الذي اختار هذا الأمر لك هو الله أرحم الراحمين؟ أين الثقةُ بالله عز وجل؟

جميلٌ يا بُنَيَّتي أن تقرئي القرآن، ولكن السؤال: أين أنت مِن فَهْم آياته وتدبرها وتطبيقها في حياتك؟

مِن أهم قواعد السعادة والرضا في الحياة: الاقتناع بما كتبه الله لنا، والايمان بأنَّ ما اختاره الله لكل منا هو ما يناسبنا وما يصلح لحالنا، مهما رأينا غير ذلك، وخاصة إذا عرَفنا حقيقةَ أنفسنا الطماعة وحقيقة الدنيا الفانية.

عزيزتي، ذهنُك مزدحم بالأفكار السلبية حول ذاتك وحول الآخرين، وعليك أن تتخلَّصي منها بمزاحمتها بالأفكار الإيجابية، وقطع التفكير بهذا المنظار الأسود مِن خلال إشغال الذهن والجسد بما ينفع، وتجاهُل كل ما يَضُرّ.

غاليتي، يظهر لي حساسيتك الزائدة والتي تعمل على تضخيم الأمور وإعطائها فوق حجمها، وهذا من أهم ما يجعلك تشعرين بأنَّ كثيرًا مِن المشكلات تحدُث لك، وهي في الحقيقة ليستْ مشكلاتٍ كبيرةً، بل هي عابرة متى أردتِ أن تكونَ كذلك!

نعم، فالتفكير هو السببُ الرئيسيُّ وراء شعورك السيئ، فالأفكار السلبيةُ وتضخيم الأمور من أهم مسببات مشكلاتك، خُذي الأمور ببساطة، وتجاهلي الكثير من الكلمات الجارحة والأفعال المقصودة، تعرفي على إيجابيات (أصلي، أصوم، أبر والدي، و...، و...، و...)، ابحثي أكثر عن (جمالك، علمك، ذكائك، و...، و...، و....).

نعم بنيتي، فمِن أهم ما يريح النفس ويسعدها: البساطة في الحياة، وتعويد النفس على الابتسامة، والتركيز على ترفيه النفس، وعدم النظر بأنك وحدك في المشكلة، فكم مرة ضربتني والدتي! وكم مرة تشاجرتُ مع أخواتي! والآن أدعو الله أن يحفظهم؛ فَهُمْ أجملُ ما في حياتي، رغم أنني كنتُ في لحظةٍ أراهم مصدرَ تعاستي! إنها النظرة بالعدسة المكبرة بأنهن لا يحبونني، بأنهن غير عادلات، وغيرها من الأمور التي تضحكني الآن، بل إنني أتذكَّرُها وأخواتي، ونضحك على ذلك!

عزيزتي، قد يكون الفراغُ وعدم وجود أعمال لك وصديقات مِن أهم الأسباب، لذلك عليك بشغل وقت فراغك؛ بالقراءة، والعمل التطوعي، والرياضة، وخاصة المشي، وابدئي صفحةً جديدةً مع نفسك، ومع من حولك، مليئة بالتفاؤل والأفكار الإيجابية عن النفس وعن الآخرين، وحتى يسهلَ عليك ذلك اقرئي في كتب التخلُّص من الأفكار السلبية، وعن التفكير الإيجابي، مع تجديد الثقة بالنفس، وفي حالة عدم تمكُّنك مِن التغيير أوصيك بزيارة مختصَّةٍ نفسيَّةٍ للمُتابَعة معها.

صغيرتي، مِن أهم ما يُرضي النفس ولا يشعرها بالقهر والغبن على ما في الدنيا: احتساب كل فعل وقول لوجه الله، فإنْ ضاع عند البشر لا يَضيع عند رب البشر، ولذلك أوصيك بالاحتساب، والإكثار مِن الدعاء والاستغفار، فكثرةُ الذكر تُصفِّي الذهن، وتَشْغَلُه عن الأفكار السلبية والقلق.

ومِن أهم الأدعية:
يا حيُّ يا قيُّوم، برحمتك أستغيث، أصلِحْ شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفةَ عين.

اللهم اكفني شر ما أهمني.

اللهم إني أعوذ بك مِن الهمِّ والغمِّ، وأعوذ بك من العَجْز والكسل، والبُخل والجبن، وغلَبة الدَّيْن وقَهْر الرجال.

وهذا ما أوصانا به سيدُ البشَر صلى الله عليه وسلم


سائلةً الله لك التوفيق والسعادة في الدارَيْنِ



الساعة الآن : 10:56 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 14.69 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.60 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.64%)]