ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   من بوح قلمي (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=72)
-   -   أماه عذراً (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=218984)

ابوالوليد المسلم 09-12-2019 04:52 AM

أماه عذراً
 
أماه عذراً

فتحية صديق شندي


يا زهرة فواحة يمتد رحيقها ويشدوا أريجها، أماه يا وجه الحياة النابض، ويا نسمة الريح النديّة، والزهرة الشذية والحلم الجميل·
أنت إشراقة الصبح الجديد·· كم عانيت! وكم سهرت! ذكرياتُُ عفيّة جمعت بيني وبينك مذ كنت نطفة ومضغة وعلقة وخلقاً جديداً يدور في بطنك يتكىء على كبدك، عرفت بعد ما كبرت لماذا تقول الأم المكلومة <يا كبدي> تهدهديني بين يديك، تتمتم بالدعاء شفتاك أن أشب وأكبر، أراك تنظرين إليَّ من بعيد، ترفعين يديك بقصيد من الدعاء ألا أشاك بشوكة أو أصطدم بلبنة من لبنات الأرض <لا شوكة تشكك ولا طوبة تسطك كأني كنت لك الحلم الجميل والكنز المدخر>·
عيدك يا أمي ليس ما تعارف عليه بعضهم بعيد الأم، أنت العيد نفسه في كل لحظة من عمر الزمان·
ظلم لنفسه ولغيره من خصّك بيوم واحد يأتي لزيارتك يحمل أكياس الحلوى وبعض الهدايا، ثم لا يرعوى أن يسأل عنك أو يضمك·· وقد كبرت إلى أفراد أسرته الصغيره <جزاءً وفاقاً> فيتراجع عنك القهقرى، يتذرع بشاغل الحياة، وقلة الوقت، وقصر اليد وتناسى أنك أنت أنت قد حملتيه شهوراً تتحركين به في صحوك ونومك وعسرك ويسرك، تنسجين في مخيلة رأسك أحلاماً وردية وآمالاً ندية أن يكبر الوليد ويشب عن الطوق فيكون هو الملاذ بعد الله تعالى، يبقى لك البنك المفتوح، صاحب الرصيد الوافر، تأخذين منه حاجتك، وتنفقين منه ما تشاءين ووفق ما تحبين، أو يكون مظلة تجلسين تحتها، تقين بها نفسك من غوائل الزمان وصروف الدهر، وتدفعين بها عن نفسك ألم الحر والقر·
ها قد رسمت في مخيلتك أنّ العكازة التي تسندين يدك عليها قد حان أوانها، والثمرة المرجو نضجها قد حان قطافها، لا عيب عليك أن تحلمي ولا لوم أن تستريحي من وعثاء السفر ولأواء الطريق، ومغبة الفتن، فولدك أثر من آثارك، ونبتة من دمائك، ودفقة من حنانك·
حنانيك يا أماه·
ألم تكوني له يوماً حضناً دافئاً ؟! وقلباً نابضاً؟! وبستاناً تتدلى منه عناقيد الثمار النضيده، والحياة الرغيدة؟!
أماه··
عاتبينا·· أشتكي إلى مولاك منا، أشتكي إليه عقوقنا وجفاءنا وبعدنا وقسوتنا·
شغلتنا حياتنا الجديدة، أضواؤها الجديدة، زوجاتنا الجديدة، علاقتنا الجديدة، التي خلت كلها من (اللون والطعم والرائحة) مرة أخرى:
سامحينا قبل أن تخلوا منك الديار، ويبقى في حلوقنا الغصة والمرار، خذينا بين يديك كرة أخرى، فأنت أمٌّ ولن تجافي طبعك، ولن تخوني عهدك، سنظل على العهد ما بقينا، نضرع لربنا، ندعوه في سجودنا·

<رب ارحمهما كما ربياني صغيراً>·





الساعة الآن : 11:52 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 5.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 5.46 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.69%)]