ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=81)
-   -   وجوب الحج (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=210331)

ابوالوليد المسلم 20-08-2019 03:38 AM

وجوب الحج
 
وجوب الحج


الشيخ الدكتور عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي


أمَّا بعدُ:

فـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون ﴾ [البقرة: 21].
ومن عبَد الله حقًّا، أطاعه واتَّقاه، والتزَم أمره وانتهى عمَّا نها
أيها المسلمون:


إن دين الإسلام قد بُنِي على أركان خمسة شِداد، لا يَستقيم بناؤه إلا عليها، ولو نقَص منها ركن، كان البناء مَعيبًا والحِمل ثقيلاً، وإنَّ خامس هذه الأركان حجُّ بيت الله الحرام، وأداء مناسك الحج في تلك الشعائر والمشاعر المُعظَّمة، والحج قرين الصلاة والزكاة والصوم، فمَن يعلم أنه يؤمَر بالصلاة إذا بلَغ سبع سنوات، ويُضرب عليها عند عشر، وتَجب عليه إذا بلَغ سنَّ التكليف، وكذلك الصيام، فليعلم أن الحجَّ إلى بيت الله الحرام، يجب عليه متى استكمَل شروط وجوب الحج، وهي بلوغ سنِّ التكليف، والقدرة البدنيَّة، والاستطاعة بأن يَملك الزاد والراحلة التي توصِّله إلى مكة؛ وذلك استجابة لأمر الله تعالى الذي أوجَب الحجَّ على عباده بقوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97].
فيا عبد الله:


ويا مَن أنعَم الله عليك بالصحة والعافية، ورَغَد العيش وأَمْن الطريق، وتوفُّر وسائل السفر المريحة الآمنة - بإذن الله تعالى - بادِر إلى حجِّ بيت الله، وأدِّ الواجب عليك؛ لتَبرأ ذِمَّتُك، وتُطيع ربَّك، ولا تكوننَّ من الكافرين بنعمة الله، المتقاعسين عن طاعة الله؛ فإن الله تعالى غني عن الناس أجمعين، لا تَنفعه طاعة الخَلق، ولا تضرُّه تعالى معصيتهم، بل الناس كلُّهم فقراء إليه، ضعفاء بين يديه، محتاجون إلى رحمته، ومفتقرون إلى عونه ولُطفه - سبحانه - وقد أوصانا الحبيب - صلى الله عليه وسلم - بالمبادرة إلى الحجِّ؛ لِما في ذلك من مصلحتنا، فهو - صلى الله عليه وسلم - حريص على أُمَّته، رؤوف بهم، لَم يَدع خيرًا إلاَّ ودَلَّ أُمَّته عليه، ولا شرًّا إلاَّ وحذَّرها منه - صلى الله عليه وسلم - وهو القائل: ((أيها الناس، قد فرَض الله عليكم الحجَّ، فحُجُّوا))، فقال رجل: أكلَّ عام يا رسول الله، فسكتَ حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لو قلتُ نعم، لوجَبت، ولَما استطَعتُم))، ثم قال: ((ذَروني ما تَرَكتكم، فإنما هَلَك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتُكم بشيءٍ، فأتوا منه ما استطَعتُم، وإذا نهيتكم عن شيء، فدعوه))؛ أخرجه مسلم.
وهو القائل أيضًا فيما رواه ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن أراد الحجَّ، فليتعجَّل))؛ أخرَجه أبو داود.
وعند أحمد بسند حسنٍ: ((مَن أراد الحجَّ، فليتعجَّل؛ فإنه قد يَمرض المريض، وتَضِل الضالة، وتَعرض الحاجة)).
بل إنَّ مداومة الحج من العمل المرغَّب فيه، المُحبَّب إلى الله تعالى، ففي الصحيحين: ((العُمرة إلى العمرة كفَّارة لِما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة))، وأخرَج ابن حِبَّان بسند صحَّحه الألباني من حديث أبي سعيد الخدري: ((إنَّ الله تعالى يقول: إنَّ عبدًا صحَّحتُ له جسمه، ووسَّعت عليه في معيشته، تمضي عليه خمسة أعوام لا يَفِد إليّ، لَمحرومٌ)).
فإن كان مَن لا يحجُّ في كلِّ خمسة أعوام محرومًا، فما عسانا نقول لِمن لَم يحجَّ حتى الآن حجَّ الفريضة؟!

هذا مع تيسُّر السُّبل، وسهولة السفر، وقِصَر المدَّة، ألَم يكن آباؤنا وأجدادنا يقضون شهرًا، أو أكثر في سفر الحج ذَهابًا وإيابًا؟
أما الآن - ولله الحمد والمنَّة - فبإمكان أحدنا أن يحجَّ بيت الله الحرام في ستة أيام، أو سبعة، بلا مَشقَّة أو كُلفة، ولا سيَّما وقد كَثُرت الحملات التجارية المتنوعة في خدماتها وأسعارها، والسفر بحد ذاته لا يُكلف كثيرًا من المال.
فيا عبد الله:


حجَّ إلى بيت الله الحرام، وأدِّ فرضك قبل أن يحجَّ عنك أقاربُك، إن اخترَمك المنون قبل الحجِّ الواجب، وأن تحجَّ بنفسك خيرٌ لك من أن يتصدَّق عليك أحدُ أقاربك بالحجِّ نيابةً عنك، واحْمَد ربَّك أن منحَك القدرة البدنية والمالية على ذلك، فكم من مسلمٍ حبَسه جسده المريض أو جراحاته عن الحج، واضطرَّ إلى استنابة غيره في حجِّ الفريضة.
أيها المسلمون:


ألا نَطمع في نَيْل فضائل الحجِّ وخيراته، ففي الحديث الحسن الذي أخرَجه الطبراني: ((ما أهلَّ مُهلٌّ قطُّ، ولا كبَّر مُكبرٌ قطُّ، إلاَّ بُشِّر بالجنة)).
وفي عرفات يدنو الجبَّار - سبحانه - فيباهي الملائكة بأهل الموقف، ويقول: "انظروا إلى عبادي هؤلاء، جاؤوني شُعثًا غُبرًا".
عباد الله:


مَن عزَم على الحجِّ، فعليه أن يَحرص على النفقة الحلال، وصُحبة الرُّفقة الصالحة التي تُعينه على مناسك الحج، وتُبصِّره بما ينبغي له في تلك المشاعر العظيمة، وأن يَحرص على تعلُّم ما يهمُّه من مناسك الحج، أو يصطحب طلاب العلم؛ ليؤدي فريضته على أتمِّ صفة وأكمل حال، فكم من الجهالات تقع في مناسك الحج!





عباد الله:


الحج ومناسكه إعلان بذِكر الله تعالى وتوحيده، وتطهير للنفس من دَرن المعاصي، ورَيْن الذنوب، وفي الحج منافعُ عظيمة؛ ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَام ﴾ [الحج: 27 - 28].
﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].




الساعة الآن : 11:03 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 10.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 9.95 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.93%)]