ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى القصة والعبرة (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=32)
-   -   الجهد المشتت لا يصنع تقدما (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=244210)

ابوالوليد المسلم 29-10-2020 09:26 PM

الجهد المشتت لا يصنع تقدما
 
الجهد المشتت لا يصنع تقدما


وصال تقة








في رمضان تعلو الهمة وتسمو إلى الاستكثار من المشاريع..

اجمَعْ شملَ مشروع واحد، وابذُلْ كل جهدك في تطويره، وأعطِه نفَسًا عميقًا من أنفاسك، ستجد ثماره أكثر مما لو فرقت جهدك على مشاريعَ أخرى صغيرة..

مشروع رمضان الأكبر هو "مصاحبة القرآن".
((مَثَلُ الجليس الصَّالِح والجَليس السَّوْءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ المِسْكِ، وَكِيرِ الحَدَّادِ، لاَ يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ المِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ، أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وَكِيرُ الحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً))؛ متفق عليه.
"الصديق في وقت الضيق".
"قل لي من تصاحب أقُلْ لك من أنت".

نِعْم الجليس، ونِعْم الصاحب، وكفى به مشروعًا..

ومن كان جليسه القرآن، فقد كُفِي الهم والضيق، وتبرأ من الوحل، وعطر الأنفاس بالمسك وعانق ستائر النور..

فهنيئًا لمن عرف بالقرآن أهلاً وصاحبًا..

التِماعة:
وكم تألف هذه النفس ما حولها، وكم تضيع حقائق الأشياء وعمقها، وتغور المعاني في لجج التكرار والإلف والعادة..، فلا الصبح يبعث في الرُّوح بخيوط نوره مشاهد الجمال، ولا الليل يرسل فيها مشاهد الخوف والسكينة، ولا الجبال تحرك في النفوس مشهد العظمة، ولا ألوان الفراش ولا شذى الزهور ولا شدى الطيور ولا ترنيمة الرياح وعزف الرعود يحرِّك الوجدان طربًا لمعاني الجمال والكمال ودقة الصُّنع..

نعتادها من كثرة ما نراها، ونألفها لكثرة ما نحياها، ولا محرك لتأمُّلها وتحريك الوجدان لها إلا بتأمُّل عميقٍ في الملكوت وآيات الله الكونية، وتدبر دقيق وإعمال للفكر في كتابه الحكيم..

فهل جربتَ أن تسموَ بهمتك من قراءة الحرف واحتساب الحسنات العشر عليه إلى أجر التفهُّم والتأمُّل والتدبُّر؟
هل جرَّبتَ أن تشرع مراكبك وتهيِّئ حقائبك وأن تسافر في أنداح السكينة والرحمة ومنَّة المنان؟ أن تحلق بأجنحة من نور إلى عوالم النور وكواكب الغفران وقناديل الذكر وكلام الرحمن؟ أن تصنع من كتاب الله بوصلة تحدِّدُ لك معالم السبيل، ونبراسًا يضيء لك عتمة الحياة المجبولة على الكدر، يقوِّم ما حاد من الأفكار، وما حنف من السلوكيات عن الطريق الواحد الممتد الطويل، ويهذِّبُ شعثَ الأخلاق ومارقَها.. وتستنصر به على الأمَّارة والهوى، وتستغيث بالحياة الكامنة في آيِهِ من موت الأرواح على مقصلة الغفلة والتسويف والعادة.. أن تجعله الدستور الذي لا يحيد عنه إلا هالك، تستشعر خطابه لك وبأنك المعنيُّ في كل أمر وفي كل نهي.. تستجيب لنداء ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾، وترعوي من الزجر والنهي والوعيد، وتشرق نفسك مع كل وعد جميل بالغد الجميل في رحاب الجِنان.. تمنِّي النفس وتأمل فيمن وعد وصدق عباده وعده.. يقشعرُّ منك الجلد لذِكره سبحانه، وتذرف المآقي لآلئها، ثم ما تلبث أن تلين وتتنفس السكينة والطمأنينة.. تتجوَّلُ في أفانين اليقين ومروج الثقة وبساتين الرجاء.. تمرض فتهرع إلى آيِهِ وإلى قصة أيوب تتلمَّسُ من بين الحروف الرجاءَ والطمأنينة والثقة في قدرة الطبيب الشافي، وتضيق بك وتظلم في عينك وقد قاربت من الإياس، فتُهرَع إلى قصة يونس تتربص بخيوط النور المتسللة من بين الظلمات الثلاث، وتتوالى عليك الملمَّات والمصائب، فتسارع إلى قصة يوسف تصعد مع خطاطتها، وتنزل بين فرَجٍ تتبعه شدة، وبين شدة ليس لها من عاقب إلا الفرج.. تنظر إلى الدنيا ومتاعها الذي لا يعدو أن يكون حطامًا تَذْروه الرياح فتتخيل الصورة فتسارع إلى الرضوان، وتختار الباقية على الآفلة الفانية.. وتنظر إلى مآلات صراع الخير والشر والكفر والإيمان والاستجابة والعصيان، فتدرب النفس على موازين الحق، وتمرِّسها على العمل وعلى حُسن الاختيار..


هل جربت أن يؤذَّن في رُوحك أن أقبلي، فهذا كتاب الله، فماذا أنت صانعة فيه ومعه؟
فقُمْ أيها الشارد السادر في الغفلة، وامسح عنك الوسن، واغتسل بدمعك وبعطر كلام الله، واستجب لداعي الشرف وباعث إقامة حكم الآي وأمره قبل إقامة حرفه..

استفتح من الله واسأله المدد.. رتِّبْ حقائبك، واحجز مكانًا لرحلة آمنة بفضل الكريم المنان إلى تدبُّر كلامه..









الساعة الآن : 08:26 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 9.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 9.38 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.99%)]