ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   روضة أطفال الشفاء (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=92)
-   -   يكفي! (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=240266)

ابوالوليد المسلم 13-09-2020 02:55 AM

يكفي!
 
يكفي!


إيناس حسين مليباري









تبدُو كحفرة عميقة جدًّا، وكلما أوشَكنا على تغطيتها من قاعها لفُوَّهتها، ازدادتْ عُمقًا وازدادتْ مُتطلبات تغطيتها، تلك هي حالة رغبة الطفل اللامُتناهية أبدًا؛ حيث إنها في (مزيد) دائمًا، تأخذ ولا تُعطي أبدًا، تزداد عُمقًا، وتزيد لمن حولها وهنًا على وهنٍ!



يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((لو كان لابن آدم واديان من مال، لابتغى ثالثًا، ولا يملأ جوفَ ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب)).



فحقيقة رغبة الإنسان بالمزيد حقيقة مؤكَّدة، حتى بعد اجتيازه للطفولة؛ لذا فمن المهم بمكان تقبُّل الأمر أولاً، ثم التعامل معه وَفْق الحاجة.



في كتاب "كم يكفيك لتُشبع حاجتك"، يقول المؤلفون: "إن المُشكلة في الإسراف والتفريط في إشباع الحاجات، هو أنه يُقلل من أهمِّ الذخائر التي يحتاج إليها الأطفال: ترويض النفس، وإذا حصل أطفالنا دائمًا على ما يريدون، فكيف سيتعلمون التعامل مع الإحباط؟".



غالبًا ما تتمُّ عملية الإسراف والمبالغة في إشباع حاجات الطفل بدافع النيات الحسنة للوالدين، كأن تقوم الأم بترتيب غُرفة طفلها؛ كونه صغيرًا، وهو في ظنها ليس بقادر على أداء هذه المهمة، وعلى الرغم من ضآلة الفعل، فإنه من الطرق المُؤدية لتمرُّد الطفل وعدم قُدرته على تحمُّله المسؤولية.



يقول مارك هنينجسن:

"عندما يؤدي الآباء مهامَّ أكثر من اللازم للطفل، يكون ردُّ فعل الطفل هو أداء مهام أقل من اللازم".



قال د. عبدالكريم بكار:

"إنَّ مُهمتنا الأساسية في تربية الأبناء ليستْ ترفيههم، وإدخال أكبر قدرٍ من السرور عليهم، وغمرهم بأكبر قدر من الأشياء؛ وإنما إعدادهم للحياة، وإعدادهم للتعامل الجيِّـد مع الناس ومع التحدِّيات".



يحدثُ أحيانًا، بل في كثيرٍ من الأحيان أن يَرضخ الآباء لطلبات أطفالهم؛ فقط ليتوقفوا عن البكاء، أو ما يقومون به من سلوك سيِّئ مزعج؛ مما يؤدي لإدراك الطفل بأن طريقة الصراخ هي حتمًا طريقة مُجدية؛ تقول لوري كانير: "الإسراف في إشباع الحاجات لا يَصدر عن المرء بنية إلحاق الأذى بالطفل، بل إنه آلية لتجنُّب المشاكل".



علينا أن نُدرك أن التربية ليستْ حبًّا نُغرقه أبناءَنا، وليس حزمًا نُفلس فيه كلَّ شعور جميلٍ، لكنها خليطٌ بين هذا وذاك.



لا يعرف الكم الكافي لإشباع حاجته، لا يُدرك معنى احترام الآخرين، يتصرَّف بناءً على اعتقاده بأنه محور الكون، كلُّ هذا مُحصلة الطفل المُسرَف في إشباع حاجاته!



من الجميل أن نحدد مهام منزلية يسيرة للطفل، وعليه أن يفعلَها بشكلٍ منظَّم يومي أسبوعي؛ ليس لأننا لا نؤمن بأن للطفل حرية اللعب - مع العلم بأن التزام الطفل بأعمال معيَّنة، لا يتعارض مع حقِّه في اللعب - بل لكي نُهديه بذور المسؤولية في سنٍّ مبكرة جدًّا.




كما أن التزام واعتياد الطفل على عمله اليسير في المنزل، يعزِّز جوانب أخرى في حياته وشخصيَّته ومفاهيمه؛ فهذه الأعمال تُعزِّز ثقته في نفسه؛ حيث تصله رسائل بأنه إنسان قادرٌ على أن يُنجز، كما أنها تُقوي الروابط الأُسرية، فحين يرى الطفل أن والدته تهتمُّ بشؤون المنزل، ووالده يقوم بإحضار متطلَّبات المنزل، وإخوته يقومون بأعمالهم، فيجتمعون سويًّا، كل تلك الأشياء تأخذ مجرًى عميقًا في عقلية الطفل في إنشاء مفهوم الأسرة، وهذا ما ذكَره د. علي أبو الحسن في كتابه الذي يتحدَّث عن الأسرة من منظور الترابط، كتاب: "بيتي بيت يحبه الله ورسوله".



كتاب "كم يكفيك لتُشبع رغبتك"؛ المؤلفون: د. جين إلزلي كلارك، د. كوني دوسون، د. ديفيد بريدهوفت.





الساعة الآن : 11:49 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 9.92 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 9.83 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.94%)]