ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى اللغة العربية و آدابها (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=111)
-   -   لمحة موجزة عن تاريخ اللغة العربية (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=202950)

ابوالوليد المسلم 18-06-2019 03:15 PM

لمحة موجزة عن تاريخ اللغة العربية
 
لمحة موجزة عن تاريخ اللغة العربية
بقلم الدكتور
عدنان علي رضا محمد النحوي



يبدو أنَّ اللغات كلها نشأت من أصل واحد ، لعله اللغة التي كان آدم عليه السلام يُحدِّث بها زوجه وأولاده ، واللغة التي ولدا آدم يتحدثان بها .
ويبدو أنَّ البحث والتنقيب عن تاريخ اللغة العربية لم يبدأ إلا من عهد قريب نسبياً . لقد بدأ المستشرقون أولاً في ذلك قبل العرب أنفسهم وقبل المسلمين . وربما جاء المستشرقون بحوافز متعددة ، وطافوا الأرض العربيّة ونقّبوا عن آثار اللغة العربية ونقوشها ، فأخذوا ما أخذوا وصوّروا ما صوّروا ونشروا دراساتهم وأبحاثهم في كتب أو في مجلات الاستشراق .
فلقد زار جنوب الجزيرة العربيّة المستشرق الدانمركي " كارستن نيبور " سنة 1761م ، وجاء الفرنسي : " جوزيف توماس آرنود " سنة 1843م ، والفرنسي " جوزيف هاليفي " سنة 1869م ، والنمساوي " إدوارد جلازر " سنة 1882م . وزار شمال الجزيرة العربية البريطاني " تشارلز دوتي " سنة 1877م ، والفرنسي " تشارلز هوبر " سنة 1884م ، والفرنسيان " جوسن " و" سافيناك " سنة 1907م ، والإنجليزي " أويس موسل " سنة 1910م .
وتوالى المستشرقون القادمون تحت هذا الهدف المعلن ، ونشطت الجامعات، مثل جامعة " هوبكنز " الأمريكية ، ومعهد " سميشونيان " بواشنطن ، وجامعة تورنتو وجامعة لندن ومتحف " أرهاس " الدانمركي ، وكلُّ ذلك كان في الستينيات من القرن العشرين .(1)
وقامت جامعة القاهرة كذلك خلال الستينيات من القرن الماضي بنشاط كريم في هذا الشأن ، وأصدرت عدداً من النشرات عن النقوش المعينيَّة والسبئيَّة .
وصدر للمستشرق الإيطالي " إغناطيوس غويدي " كتابٌ سنة 1934م ، بعنوان : " المختصر في لغة حمير " . وصدر لأحمد حسين شرف الدين كتاب عن لغة " المسْند " سنة 1968م ، ثمَّ صدرت له كتب أخرى حول هذه الموضوعات مثل كتاب " اللغة العربية في عصور ما قبل الإسلام " .
وكان القنصل الألماني في سوريا " ج ويتزتن " أول من اكتشف نقوش اللغة الصفوية سنة 1858م جنوب شرق دمشق ، ثمَّ درسها وكتب عنها العالم البلجيكي " ريني دوسود " في كتابه : " العرب في سوريا قبل الإسلام " .(2)
ومن هنا نرى مدى امتداد نشاط رجال السلك السياسي في أرض الإسلام ، مما ظهر وأُعْلن ، خلاف ما كان يُطْوى في أمواج الفتن والتآمر . نقول هذا ليدرك كل مسلم مدى مسؤوليته التي سيحاسَب عليها بين يدي الله ، مسؤوليته عن دينه ولغة دينه .
ثمَّ أخذت الأبحاث تتوالى والدراسات تمتدُّ ، والحفريات عن التاريخ تزداد في أرض الإسلام ، بحثاً عن أشياء كثيرة !
تُعْتبر لغة " المسند " وهي إحدى اللغات السامية ، اللغة الأصلية في الجزيرة العربية . واللغات السامية هي : " الكنعانية والآرامية والأثيوبية والكوشية والأكادية ".
وتعتبر اللغة العربية الفصحى فرعاً من لغة المسند . وقد ازدهر هذا الفرع ونما واشتدَّ خلال القرون الثلاثة قبل بعثة محمد r.(1)
لقد نمت اللغة العربية ونضجتْ في أرضها ، تُرْوى بمائها ، وتهتزّ بنسيمها، ويمضي بها أبناؤها . لم تَنْمُ اللغة العربية في أجواء لغات أخرى كاليونانية وغيرها . لقد عرفت اللغة العربية قواعدها صافية منذ بكور نشأتها، وعرفت نحوها وصرفها كذلك في أجوائها النقية .
فقد عرفت المفرد والمثنى والجمع ، والمذكر والمؤنث ، وضمائر الغائب والمتكلم والمخاطب ، واسم الإشارة والاسم الموصول ، والاسم المعرف بالألف واللام ، والضمير المتصل والضمير المنفصل وأنواعهما ، واسم الزمان واسم المكان ، والنعت والأعداد والمجرّد من الأفعال والمزيد ، وكثير غير ذلك .(2)
وللغة المسند لهجات في الجزيرة العربية نوجزها بما يلي :(3)
1ـ لهجات جنوب الجزيرة العربية :
أ ـ لهجة المعينية : لهجة شعب منطقة الجوف باليمن قبل القرن (15) ق . م .
ب ـ اللهجة السبئية : لهجة شعب شرق اليمن ما بين القرنين 15 قبل الميلاد ـ 5 بعد الميلاد .
ج ـ اللهجة الحضرميَّة : لهجة شعب جنوب شرق الجزيرة العربية وما زال هذا الشعب يسكنها .
د ـ اللهجة القتبانيَّة : لهجة الشعب القتباني الذي كان يسكن منطقة شرق اليمن التي تعرف اليوم بـ" بيحان " .
2ـ لهجات شمال الجزيرة العربية :
أ ـ المعينيّة الشمالية : لهجة الشعب الذي نزح من جنوب اليمن في عصور مبكرة واستوطن واحة الدادان التي تسمّى حالياً " العلاء " .
ب ـ الدادانيّة : لهجة مملكة عربية قديمة قامت بالعلاء ، شمال غربي الجزيرة العربية . وقد نشأت قبل القرن السادس .
ج ـ اللحيانيّة : لهجة شعب اللحياني الذي كان يسيطر على الأرض الممتدة غربي النفود ، من شمال يثرب إلى ما يحاذي خليج العقبة ، من القرن ( 4) ق . م . حتى القرن الثاني بعد الميلاد .
د ـ الثمودية : لهجة الشعب الثمودي الذي عاش شمال الجزيرة العربية ، من الجوف شمالاً إلى الطائف جنوباً ، ومن الإحساء شرقاً إلى يثرب وأرض مدين غرباً ، وفي المسالك المؤدية إلى العقبة والأردن وسوريا ، وحتى أرض حضرموت من جنوب الجزيرة العربية . ومن المحتمل أن يكون الشعب الثمودي يمثل السكان الأصليين لشمال الجزيرة العربية . ولعلَّ القرآن الكريم خصَّهم بالذكر لهذا السبب ، دون ذكر اللحيايين والدادانيين والأنباط وغيرهم .
هـ ـ الصفوية : نسبة إلى " الصفويين " العرب الذين أقاموا بجبل الصفا جنوب شرق دمشق ، منذ القرنين الثاني والثالث ق . م . ولقد ذكرنا أن أول من اكتشف نقوشها القنصل الألماني في سوريا سنة 1885م .
ومن الطبيعي أن يطرأ على لغة " المسند " من التطور ما يمكن أن يطرأ على سائر اللغات ، وبخاصة بعد انتشارها في شعوب مختلفة كالأنباط العرب والآراميين . وكان نتيجة نموّ نفوذ الأنباط وامتداده إلى مسالك التجارة في الشمال أن قويت لغة " المسند " ، وامتدت إلى سوريا ولبنان وفلسطين والأردن والعراق. وازداد نموها وتطورها مع امتدادها ما بين القرن الثالث ق. م إلى القرن السادس بعد الميلاد ، حتى كانت اللغة العربية الفصحى التي نزل بها الوحي الكريم على محمد r، وهي اللغة التي اختارها الله لدينه ووحيه ونبيّه وأمة الإسلام على مدى الدهر .
لقد بلغت اللغة العربية ذروة نضجها وتطورها لمَّا نزل بها الوحي ، بعد أن استقرَّت بياناً وقواعد ، نثراً وشعراً ، وحتى تظلَّ لغة القرآن الكريم ثابتة القواعد والبيان ، غنيَّة كل الغناء ، ليظلَّ القرآن الكريم مُيسَّراً للذكر ، مفصَّلاً بيّناً مدى الدهر كلِّه للعالمين .
ولذلك توالت الآيات الكريمة التي تُلحُّ بأنَّ القرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين . ولولا استقرار اللغة العربية واستقرار قواعدها نثراً وشعراً ، لما كان يتيسَّرُ أن يظل الكتاب الكريم مبيناً . إنَّ قواعد البيان التي نزل عليها القرآن الكريم يجب أن تظلّ ثابتة مألوفة للمسلم في شتى أنحاء الأرض، على مدى العصور والأجيال .
ولذلك تميّزت اللغة العربية بهذه الخصائص من الاستقرار والصفاء ، حتى يظلّ القرآن الكريم يحمل خصائص إعجازه على مدى العصور ، وخصائص بيانه، وقوّة بلاغته وحجّته .
ولقد توالت الدراسات حول اللغة العربية في الآونة الأخيرة ، بحثاً عن خصائصها وتميّزها من لغات العالم الأخرى .
فقد اتجه بعضهم ليثبت أن أصل اللغة الإنجليزية هو اللغة العربية ، لوجود مفردات كثيرة لها أصول عربية . ولكنَّ هذا الأمر يحتاج إلى دراسات أوسع وأدقّ.
وتقول الباحثة المصرية الدكتورة تحيّة عبد العزيز إسماعيل في كتابها : " العربيّة الفصحى أمّ اللغات الهندية والأوروبية وأصل الكلام " الذي نشرته باللغة الإنجليزية ، تقول إن بحثها هذا هو خلاصة جهد استغرق عشر سنوات . وتقول إن 80 % من أفعال اللغة السكسونية عربية الأصل ، وإن 75% من أفعال اللغة اللاتينية عربيّة الأصل أيضاً . ولكن لم ترد دراسات أوسع تؤكد مثل هذه التصورات . وحسب اللغة العربية شرفاً أن اختارها الله لدينه ونزل بها الوحي الكريم .
ويقول أحمد حسين شرف الدين إن أبْجديّة اللهجة الثمودية وأبجدية اللغة الفينيقية متشابهتان ، مما يشير إلى أنهما من أصل موطن واحد ، هو موطن الشعوب السامية في الجزيرة العربية ، وأنَّ اللغة الفينيقية هي أم اللغات اللاتينية . فيعود بذلك أصل جميع اللغات إلى جذور اللغة العربية ، إذا صحّت المعلومات المذكورة أعلاه .





(1) انظر : " اللغة العربية في عصور ما قبل الإسلام " ص : ( 27-29 ) لأحمد حسين شرف الدين .

(2) المصدر السابق ، ص : ( 65 ) .

(1) انظر : " اللغة العربية في عصور ما قبل الإسلام " ص : ( 32 ) لأحمد حسين شرف الدين .

(2) المصدر السابق ، ص : ( 69-110 ) .

(3) المصدر السابق ، ص : ( 41-67 ) .



الساعة الآن : 03:23 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 16.16 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.07 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.58%)]