ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=91)
-   -   لبس الملابس التي أصابها مني (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=246538)

ابوالوليد المسلم 26-11-2020 08:38 PM

لبس الملابس التي أصابها مني
 
لبس الملابس التي أصابها مني
الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح





• عن عَائِشَة رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلّى الله عليه وسلّم كَانَ يَغْسِلُ الْمَنِيَّ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلاَةِ فِي ذلِكَ الثَّوْبِ. وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى أَثَرِ الْغَسْلِ فِيهِ.
• وفي رواية لمسلم: وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَفْرُكُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَرْكاً، فَيُصَلِّي فِيهِ.
• وفي رواية له: لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي لأَحُكُّهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللّهِ صلّى الله عليه وسلّم يَابِساً بِظُفُرِي.


ألفاظ الحديث:
(كَانَ يَغْسِلُ الْمَنِيَّ): يغسل فعل مضارع وصيغة المضارع بعد لفظة (كان) تدل على كثرة التكرار والمداومة على الفعل حتى تأتي قرينة تدل على خلاف ذلك.
(الْمَنِيَّ): من الرجل ماء أبيض ثخين وهو رقيق أصفر عند المرأة يخرج عند اشتداد الشهوة بدفق ويعقب خروجه فتور وارتخاء لأن الشهوة تسكن بخروجه، له رائحة كرائحة اللقاح والعجين.

والذي يخرج من قُبل الإنسان أربعة أشياء:
أحدها: المني.
والثاني: المذي وهو ماء رقيق لزج يخرج عند الشهوة وعند فتورها بدون دفق كما يحصل عند الملاعبة وتذكر الجماع، وسيأتي الكلام عنه في كتاب الحيض في شرح حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.


والثالث: الودي: بفتح الواو وسكون الدال وهو ماء أبيض ثخين يشبه المني في الثخانة، لا رائحة له، يخرج عقب البول وهو في الشتاء أكثر منه في الصيف، وهو نجس بالإجماع.
[وفي تعريف المذي والودي انظر لسان العرب تحت مادة مذي، ودي]
قال ابن الأنباري: الَودْي الذي يخرج من ذكر الرجل بعد البول إذا كان قد جامع قبل ذلك أو نظر.[انظر: " الفتح " ( 9/ 588)].


والرابع: البول: وهو سائل تفصله الكليتان عن الدم، لتخرجه من الجسم، ويحوي ما يزيد على حاجة الإنسان من الماء والأملاح فيجتمع في المثانة حتى تدفعه خارج الجسم، وهناك أشياء أخرى تختص بها المرأة كدم الحيض والاستحاضة والنفاس والكدرة والصفرة ونحوها.


(أَفْرُكُهُ): بضم الراء، والفرك هو الدلك والحك وفي الرواية الأخرى (أحكه) وحككت الشيء أي قشرته وفركته ليذهب ويتفتت ما علق به.
(فَرْكاً): مصدر للتأكيد كقولك ضربته ضرباً، وأكلته أكلاً.
قال النحاس: أجمع النحويون على أنك إذا أكَّدت الفعل بالمصدر لم يكن مجازاً.
والمعنى أن مجيء المصدر ينفي احتمال أن يكون الفعل يقصد به معنى آخر على غير ظاهره كأن يُقال المقصود بالفرك هنا أن يكون مع الغسل، فمجيء المصدر ينفي أي معنى آخر فيكون المقصود فركاً لا غسل معه.
(فَيُصَلِّي فِيهِ): الفاء تفيد الترتيب والتعقيب، وهذا يؤكد أن الصلاة عَقِب الفرك مباشرة وليس بينهما غسل وجاء في صحيح ابن خزيمة ما يبين هذا المعنى ولفظه " أنها كانت تَحُتُّ المني من ثوب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يصلي".

من فوائد الحديث:
الفائدة الأولى: في الحديث دلالة على طهارة المني وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يغسل رطبه ويفرك يابسه كما دلَّ على ذلك روايات الحديث، وفركه صلّى الله عليه وسلّم ليابسه من غير غسل دليل على طهارة المني وعدم نجاسته وهذا هو القول الأول وهو قول الحنابلة والشافعية.
والقول الثاني: أن مني الآدمي نجس، وهو قول الحنيفة والمالكية إلا أن الحنيفة قالوا أن فرك يابسه يعتبر مطهراً له.


واستدلوا:
أ- بأحاديث غسله صلّى الله عليه وسلّم ثوبه من المني والغسل لا يكون إلا من نجاسة.
ونوقش هذا الاستدلال: بأن روايات الفرك وحك المني وهو يابس تدل على طهارته ولو كان نجساً لما اكتفى بذلك بل غسله وإن روايات الغسل تُحمل على ما كان رطباً من المني.


ب- أنه يخرج من مجرى البول فيتعين غسله بالماء كغيره من النجاسات، ونوقش: بأنه تعليل في مقابل النص وأجابوا عن روايات الفرك بأجوبة غير قوية فقالوا إنه لا يلزم من الفرك الطهارة، وقالوا أيضاً: إن الثوب الذي كانت عائشة رضي الله عنها تفركه هو ثوب النوم وليس ثوب الصلاة وغيرها من الأجوبة.
والقول الراجح والله أعلم: أن المني طاهر، لقوة الدليل على ذلك ولو كان نجساً لما اكتفى النبي صلّى الله عليه وسلّم فيه بالفرك بل لو كان نجساً لما أخَّره النبي صلّى الله عليه وسلّم حتى ييبس ولأزاله مباشرة كما هو هديه عند إزالة النجاسة ومنها ما سبق من الأحاديث كإزالته لبول الأعرابي الذي بال في المسجد ولبول الغلام الذي بال في حجره، ولا تعارض بين حديث الغسل وحديث الفرك وذلك بحمل حديث الغسل على الاستحباب والتنظيف لا على الوجوب كما قال الحافظ ابن حجر.


قال الزركشي: الخارج من الإنسان ثلاثة أقسام:
أحدها: طاهر بلا نزاع: وهو الدمع، والريق، والمخاط، والبصاق، والعرق.
الثاني: نجس بلا نزاع: وهو الغائط، والبول، والودي، والمذي، والدم.

الثالث: مختلف فيه: وهو المني، وسبب الاختلاف هو تردده في مجرى البول.


الفائدة الثانية: في الحديث دلالة على بساطة حال النبي صلّى الله عليه وسلّم المعيشي وتقلله من الدنيا ومتاعها إذ أن ثوب نومه صلّى الله عليه وسلّم هو ثوب صلاته وخروجه.


الفائدة الثالثة: في الحديث خدمة المرأة لزوجها في غسل ثيابه كما كانت عائشة رضي الله عنها للنبي صلّى الله عليه وسلّم في هذا الحديث ويدخل فيه ما جرت به العادة من تنظيف بيته وطبخ طعامه ونحو ذلك وهذا من حسن العشرة للزوج.
مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الطهارة)



الساعة الآن : 05:13 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 13.84 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 13.74 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.68%)]