ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=81)
-   -   التحذير من آلات اللهو والعكوف على اللهو (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=214418)

ابوالوليد المسلم 15-10-2019 01:34 AM

التحذير من آلات اللهو والعكوف على اللهو
 
التحذير من آلات اللهو والعكوف على اللهو











الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل






الحمد لله الذي بعَث نبيَّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - هدًى ورحمة للمؤمنين، ومبينًا طريق الرَّشاد للعاملين، وداعيًا لما فيه خير البشرية أجمعين، ومحذرًا عمَّا فيه الشر والهلاك، فيا سعادة مَن أطاعة واتَّبع هُداه، ويا خسارة مَن انحَرَف عن هديه، واتَّبع سُبُلَ الشياطين.






أحمده - سبحانه - حمدَ عبدٍ أطاعَ مَوْلاه، وانتهى عمَّا عنه نَهاه، ففازَ مع المتَّقين، وأشكره والشكر له من التوفيق للعامِلين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله سيِّد المرسلين، وإمام المتَّقين، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.






أمَّا بعدُ:


فيا عبادَ الله، اتَّقوا الله -تعالى- في امتثال أوامره واجتناب نواهيه، احذَرُوا من الوُقوع في المعاصي؛ فإنَّها موجبةٌ للوقوع في أليم العَذاب، واحذَروا من ارتكاب المحرَّمات، والتساهُل بها، والتغافل عن إنكارها؛ فإنَّ ذلك موجب لمقْت الجميع.






واعلَموا أنَّ ممَّا ابتُلِي به كثيرٌ من الناس اليوم الانهماكَ في اللهو، والطرب، والعكوف على آلات اللهو والفسوق، فقلّ أنْ نجد اليوم ذكَرًا أو أنثى، صغيرًا أو كبيرًا، إلا وقد اقتنى آلةَ لهوٍ من أيِّ نوع من الأنواع، حتى أصبح الكثير منهم - عِياذًا بالله - لا يستطيع أنْ يفارقها أو تفارقه، فتجدها مع التاجر في متجره، ومع العامل في معمله، حتى مع البنَّاء على رأس جداره، تلك فتنة الشياطين، ودسائس أعداء الإسلام والمسلمين، أولئك الذين لم يألوا جهدًا في إخماد شعلة الإسلام، والقضاء عليه وعلى أمَّته بوسائل الهدم والتدمير، حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه من معاول هدم الإسلام، وإضعافه وإضعاف أهله، وإماتة الغيرة والقوة والشجاعة في نفوسهم بتلك الآلات وغيرها من الصحف والمجلات الخليعة الداعرة، والممزوجة بالسموم الفتَّاكة من المذاهب المنحرفة الهدَّامة.






لقد غزا أعداء الإسلام أبناء المسلمين بتلك الوسائل الباردة في نظَر ضُعَفاء العُقول، بعد أنْ أعْياهم الإسلام، وعجَزوا عن النَّيْل منه بآلات النار والحديد، ومئات الآلات والجنود المدرَّبين، بعد أنْ عجَزُوا عن الإسلام بهذه الآلات الحسيَّة وصلوا إلى ما وصلوا إليه من وسائل الهدم للإسلام وإضعاف أبناء المسلمين، وهم جالسون في أوطانهم، وتلك الوسائل الحقيرة في نظَر العيون تخدمهم، وتؤدِّي الغرض المقصود لهم والنتيجة المطلوبة، والمسلمون في غفلةٍ ولهوٍ، يتقبَّلون ما جاء به أعداؤهم، ويرغَبون في آلات دَمارهم وهَلاكهم، وإضعاف دِينهم، وإماتة العزَّة والكرامة في نفوسهم، وينفقون الكثير من أموالهم فيما يعودُ عليهم بالضرر والوَبال.






تلك لعبة أعداء الإسلام بأبناء المسلمين، لقد جمعوا لأنفسهم بين مصلحتين، ولأنفسكم بين مضرَّتين؛ جمعوا لأنفسهم بين إضعاف الإسلام وأبنائه - وذلك ما يريدون - وبين الاستفادة من الأموال بتلك الوسائل الهدَّامة التي يصنَعُونها لكم، وتبذلون فيها أموالكم، وجمعتُم لأنفُسِكم بين الوُقوع في المحرَّم، وإنفاق الأموال في آلات الهدم والدمار، هدم الفضيلة وغرس الرذيلة؛ قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [لقمان: 6].






قال ابن مسعود - رضِي الله عنه -: هو والله الغناء.






وفسر الآيةَ ابن عباس، والحسن، وغيرُ واحد بالملاهي؛ وقال -تعالى-: ﴿ وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ ﴾ [الإسراء: 64].






قال مجاهد: بالغناء والمزامير.






وعن أبي أمامة - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ الله بعثني هدًى ورحمة للمؤمنين، وأمرني بمحق المعازف والمزامير والأوتار والصليب وأمر الجاهلية))[1].






وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((الغناء يُنبِت النفاقَ في القلب كما يُنبِت الماء البقل))[2]؛ رواه البيهقي وابن أبي الدنيا.






وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((صَوتان مَلعونان في الدنيا والآخرة صوت عند نعمة، وصوت عند مصيبة))[3].






فوا عجبًا لمن يدَّعِي العقل وهو يبذل النَّفيس من ماله في شِراء ما يضرُّ به نفسه وأحبابه، وينفع به أعداءه وأعداء دِينه، فيا أسفًا على أمَّةٍ بلغَتْ بها الحال إلى ما وصلَتْ إليه من حالٍ! لقد أُصِيبت العقول، وضاعت الغيرة، وانتشرت الرذيلة واختَفت الفضيلة، وظهرت المنكرات، وعمَّ الفساد، وأصبح الحديث في ذلك بالتلاوم، ونسي أنَّ الوقاية خيرٌ من العلاج، فلا أحد يُفكِّر في الوقاية، بل يجلب الأمراض، ويُساعد على انتشارها، فإذا استفحلَتْ في الأجسام، وتمكَّنت من النُّفوس، طلب العلاج ولامَ الطبيب، فوا عجبًا لأمَّةٍ تُنكِر واقعها، وتتجاهل وضعها، وتلومُ في ذلك غيرها!






فاتَّقوا الله عباد الله، وانتَبِهوا من غفلتكم، وأفيقوا من رَقدتكم، وارجِعُوا إلى تعاليم دِينكم، وتمسَّكوا بأخلاق نبيِّكم، وابتَعِدوا عمَّا نَهاكم عنه، واعلَموا أنكم في نعمةٍ محسودون عليها، وأنَّ أعداءكم وأعداء دِينكم ساعُون في هَلاككم، والقَضاء على دِينكم، وعلى ما أنتم فيه من نعمةٍ، وذلك بما يعمل من آلات هدم وتدمير، وما ينشر في آراء، وما يدسُّ من سُموم، وما يزخرف من باطل، فانتَبِهوا لأنفُسكم، وخُذوا حذرَكم، واتَّقوا الله فيمَن تحت أيديكم من نساءٍ وشباب، جلبتُم لهم الويلات، وساعدتم أعداءكم وأعداءهم على القضاء عليهم وعلى أخلاقهم، وستُحاسَبون على ما خنتم وضيَّعتم من أمانة، مع ما نالكم وينالكم من تعب ومشقَّة مالية وجسمية ونفسية.






فانتَبِهوا لأنفسكم وخُذُوا حذرَكم، وقُوا أنفسكم نارًا وَقُودها الناس والحجارة.






أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:


﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [لقمان: 6].






بارَك الله لي ولكُم في القُرآن العظيم، ونفعَني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، وتابَ عليَّ وعليكم إنَّه هو التوَّاب الرحيم.






أقول هذا وأستغفِرُ الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنبٍ، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.






[1] رواه الإمام أحمد بنحوه: (3/268).




[2] الدر المنثور: 5/195، كنز العمال (40659).




[3] انظر: الترغيب والترهيب: 4/350، وانظر: السلسلة الصحيحة: (428).


الساعة الآن : 07:58 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 13.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 13.20 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.71%)]