ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الأخت المسلمة (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=45)
-   -   عندما تقمع المرأةُ المرأةَ..الظلم مضاعف (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=241384)

ابوالوليد المسلم 26-09-2020 05:12 AM

عندما تقمع المرأةُ المرأةَ..الظلم مضاعف
 
عندما تقمع المرأةُ المرأةَ..الظلم مضاعف
بشار دراغمة

"لقد صُعقت من أسلوب تعامل مديرة المركز معي ومع بقية الزميلات في المركز الذي كنت أعمل به عملاً جزئياً؛ فقد سمعت عن تعرض النساء للقمع من قبل الرجال سواء أكانوا أقاربهم أم مديريهم في العمل، أما أن تمارس هذا العمل امرأة بحق أخرى وبهذا الشكل الفظيع، فهذا لم أكن أتوقعه يوماً".
بهذه الكلمات لخصت "خولة ح" تجربتها السيئة بعد عملها لفترة وجيزة مع إحدى المؤسسات النسوية في مدينتها والصدمة التي واجهتها جراء تعامل مديرة المؤسسة معها بشكل "ديكتاتوري وقمعي"، مع أن المؤسسة -والمديرة على وجه التحديد- ترفع شعار الدفاع عن المرأة ومنحها حقها في التعبير عن رأيها.
تقول "خولة ح": "خلال دراستي لعلم الاجتماع اهتممت بالدفاع عن قضايا المرأة، وتعرفت على مجموعة من المؤسسات النسوية التي ترفع شعار إنصاف المرأة، وبعد تخرجي تقدمت لإحداها والتي كنت أعدها من أشدها دفاعاً عن حقوق المرأة.. لكن المفاجأة كانت من اليوم الأول لبدء الدوام؛ إذ انقلب تعامل المديرة معي تماماً؛ فبعد أن كانت تستقبلني وأنا طالبة بالترحيب والتهليل، بات الصراخ هو لغة التفاهم.. توقعت يومها أنها عصبية نتيجة ضغط العمل، لكن تبين لي أن هذه هي طريقتها الدائمة في الحديث مع الموظفات".
وتتابع وقد بدا الانفعال واضحاً عليها: "لم أستطع أن أرد في أول مواجهة لي معها، تسمرت في مكاني، والذاكرة تعيد شريط اللقاءات السابقة وتقارنها مع موقفي الحالي.. ابتسامة عريضة سابقاً واليوم تكشيرة حادة.. صوت ناعم يقابله صراخ.. كلمات رقيقة انقلبت إلى أخرى جارحة"، وتضيف "شعرت وكأنني عبدة أو خادمة تعاملها سيدتها بقسوة، ولست موظفة في جمعية نسوية، وكانت الصدمة الكبرى عندما أخبرتني الموظفات أن هذه هي الطريقة الوحيدة في التعامل معهن، وستنطبق الحال عليّ من هذه اللحظة، وأنا بين خيارين أحلاهما مر: فإما أن أتأقلم و"أسمع وأطنش" كغيري، وإما أن أرفض وبالتالي ترك العمل والجلوس في البيت حتى أجد وظيفة أخرى".
وتتابع: "في بادئ الأمر قررت أن أتحدى نفسي، والصبر مع محاولة إحداث تغيير ولو بسيط بين الموظفات حتى يرفضن هذا الواقع المر، ونظراً لأن دوامي جزئي فقد هوّن عليّ قليلاً؛ لأنني لن ألتقي بالمديرة إلاّ يوماً أو يومين في الأسبوع على الأكثر ولساعات معدودة، وبعد اللقاء الرابع انفجرت في وجهها كالبركان الهائج.. وتركت المكان وقررت الحفاظ على كرامتي وعدم العودة للعمل "ولو بمال الدنيا كلها".
قصة مشابهة
حال "خولة ح" لم يكن شاذاً؛ فقد تعرضت "رنا" لموقف مشابه، فتقول: "للأسف الشديد، على الرغم من عدم رغبتي بالحديث عن الموضوع، ولكن الحق يُقال إن العمل مع النساء أصعب بكثير من العمل مع الرجال، وخاصة خلال تعاملهن مع بنات جنسهن".
وتضيف: "هناك أمر طالما حيرني من معاملة المرأة للمرأة بجفاء واستعلاء؛ فأنا من تجربتي الخاصة، وجدت صعوبة في التعامل مع من عملت معهن في إحدى المؤسسات، فبادرت بقطع الطريق وتخليت عن عملي، مع العلم أن من كان قبلي في نفس المجال، رجل ولا يقوم بنفس الأعمال والجهد الذي بذلته، وكانت طريقة التعامل معه مختلفة تماماً.
وتشرح معاناتها قائلة: "طريقة الكلام من قبل المديرة معه كانت تختلف، كما أن طبيعة النشاط المطلوب منه أقل بكثير مما طُلب مني، وعلى الرغم من محاولاتي تطوير أدائي لإرضاء مديرتي، إلاّ أن جميع المحاولات ذهبت هباء منثوراً.. فبدلاً من أن تكون المرأة خير معين ونصير لبنت جنسها في مجتمع ذكوري يضطهدها ويهضم حقوقها، باتت هي الأداة لقمعها، وبدلاً من مساعدتها على إثبات ذاتها بأن النساء يستطعن أن يقمن بأعمالهن الخاصة، وينجحن بحياتهن كالرجال تماماً، باتت مديرتي تقمعني وتثبط من عزيمتي".
الظاهرة موجودة
وتقر الباحثة الاجتماعية هناء الخياط بوجود مثل هذه التصرفات، فتقول: "لا أحد ينكر بأن للمؤسسات النسوية دوراً في الاهتمام بقضايا النساء والأطفال، إلاّ أنها تعمل على زيادة تبعيتهن وأحياناً الحط من قدراتهن ووضعهن ضمن أدوار نمطية واجتماعية محددة، ولا سيما التي يقرها المجتمع".
وأشارت هناء الخياط إلى وجود تمييز بين الموظفات في المؤسسة الواحدة، وخاصة اللواتي لا يحملن شهادات دراسية، مما يترك أثراً نفسياً سيئاً في نفوسهن.
لكن الأخطر بنظر الباحثة "الخياط" يتمثل في هضم حق الموظفة في الراتب، مؤكدة وجود استغلال سيئ لحاجة الموظفات المادية، بحيث يُمنحن أدنى الرواتب في بعض المؤسسات، ومثال ذلك المراسل في المؤسسة الحكومية يحصل على ثلاثة أضعاف الراتب الذي تحصل عليه المرأة في المراكز والجمعيات النسوية، والذي قد لا يتعدى (900) شيكل بعد عشر سنوات خدمة، هذا بالإضافة إلى سلم الرواتب للموظفات العاديات الذي لا يتجاوز بشكل عام- وخاصة في مدن شمال الضفة الغربية- أكثر من ألف شيكل بعد سنوات من العمل.
وعن الأسباب في ذلك، أوضحت الخياط أن بعض رئيسات الجمعيات يحاولن الحفاظ على أموال مؤسساتهن من خلال عدم دفع الراتب الذي تستحقه الموظفة، الأمر الذي يجعل الأخيرة تترك العمل في أقرب فرصة تحصل فيها على عمل جديد براتب أفضل، باستثناء اللواتي يحصلن على راتب عالٍ وهن أقلية.
قمع من نوع جديد
وألمحت الباحثة "الخياط" إلى أن القمع قد يتعدى التعامل البشري وبخس الراتب إلى عدم استشارة النساء في مشاريع تخصهن، وتشرح ذلك بقولها: "هناك مؤسسات تنفذ مشاريع إقراضية للنساء، ولكنها للأسف- لا تستشيرهن بخصوصها، ولا تسألهن عن إمكانياتهن وقدرتهن على الوصول بالمشروع إلى بر الأمان، هذا بالإضافة إلى عدم وجود دراسة جدوى؛ فهذه المشاريع مع أن هدفها تطوير المرأة إلاّ أنها بنظري تقمع النساء وتزيد مشاكلهن وديونهن.
المجتمع يتحمل مسؤولية
وعن الدوافع التي تجعل امرأة تقمع بنت جنسها، أوضحت الباحثة الاجتماعية أن المجتمع وللأسف- يعيش في دوّامة من القمع والديكتاتورية وفرض الآراء نظراً للنشأة التي نشأ عليها. كما أن الشخص في موقع سلطة أو أفضلية قد يمارس القمع لفرض نفوذه، فالمديرة قد تقمع السكرتيرة، التي بدورها قد تقسو على "الفرّاشة"، والأخيرة تقمع ابنتها، وهكذا تصبح هناك دوامة من العنف والقمع في المجتمع.
وشددت "الخياط" على أن لا حل حذرياً للمشكلة، لكن يكمن الحل بأن يصبح الوعي النسوي أفضل، وبالتالي قد تتراجع الظاهرة وتغدو حالات فردية. وتضيف: "التغيير يجب أن يبدأ من داخل المؤسسة، وألاّ تكون أهدافها الحصول على دعم جهات مانحة فقط، بل تُترجم الكلمات إلى أفعال على الأرض.

https://dl.dropbox.com/u/63580683/a873.png


الساعة الآن : 11:58 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 10.25 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 10.15 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.92%)]