ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الشعر والخواطر (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=30)
-   -   قل للعيون (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=247268)

ابوالوليد المسلم 05-12-2020 04:46 AM

قل للعيون
 
قل للعيون



د. حيدر الغدير





(إلى طبيب العيون، الفائق طبًّا وخلقًا، الدكتور محمد حمَّدي ومن يعمل معه، الذين سمعوا مني شعرَ غيري في العيون، خلال زياراتي لهم، لعلاج أثر الشيخوخة في بصري، فأرادوا أن يسمعوا شعري فيها).


عيناك يا سمراء سوداوانِ بالسِّحر لا بالكُحل تكتحلانِ
وعلى الجفون وفي الرموش وسامة كالزَّهر غِبَّ الغيث في نيسانِ
أبصرتُ فيها فتنة وجراءة وحرارةَ المحروم والحَرَّانِ
أو هكذا الأوهام قد سوَّلْن لي فضللتُ ضَلَّةَ زائغ هيمانِ
لكنَّ صوتًا مؤمنًا من خافقي كالرعد حذَّرني من العِصيانِ
فمكثتُ بين مطامعي ومَخاوفي وجميعها إما هممتُ دَوَانِي
حيران أدنو ثم أنأى راجعًا وأعود بعد التِّيه للإيمانِ
وبمُقلتي طمعُ المشوق ويأسُه وبخافقي يَتنازعُ الضدَّانِ
أما المطامع فهي ما يدعو الهوى وتُزيِّفُ الأحلامُ للإنسانِ
ومَخاوفي وهي الصِّلال مردُّها ما يَكتُب الملَكان إذ يَرياني
لكنني لما سكرتُ بصَبْوتي وغدوتُ في أُحبولة الشيطانِ
أبصرتُ في السمراء دعوةَ وامقٍ فيها الهوى العاتي بدونِ عِنانِ
وقرأتُ في العينين صبوةَ مُشتهٍ عجلى وظمأى بالمُنى تَعِدَانِ
ومُناي كانت نظرةً أو لمسة أو قُبلة مِن شادنٍ فتَّانِ
والشيخ إذ يصبو يعود مراهقًا فيه جسارة ظامئ عَجلانِ

• • •


وعجِلتُ أَقطف قُبلةً لكنني قبلتُ في حمى الفتى النَّشوانِ
خدًّا لصاحبيَ العجوز حسبتُه خدًّا من السمراء قد ناداني
قد كان خدًّا شاحبًا متآكلاً أخنَتْ عليه قوافل الأزمانِ
عيناه جاحظتان من أوصابه ويَداه تصطكان والرِّجلانِ
وله شوارب قُنْفُذٍ متوحِّش والصوت تَحسبه نُهاق أَتَانِ
لو أبصرتْه الجنُّ ولَّت تشتكي ما أبصرَتْ للبُوم والغِربانِ
الضعف في عينَيَّ أفسَدَ خُطتي فأنا على ديني ونفسي الجاني
فرجعتُ والأحزان تملأ مُهجتي والدمع في الخدَّين والأجفانِ
قد خانني شيبي ووهمي والهَوى ورَغائبي الحمقاءُ والعينانِ
إذ ذاك قلتُ وقد تملَّكني الأسى تبًّا لوهمٍ شائنٍ أَخْزاني
جفَّ اللسانُ وصوَّحت مِنِّي المُنى وبكيتُ في سرِّي وفي إعلاني
وشتمتُ أوهامي اللواتي كُنَّ لي فخًّا أعدَّتْه يدُ الخُسرانِ

• • •


ضحكَتْ فتاتي ثم قالت لا تَعُدْ للوصل إنَّ الوصل للشبانِ
وارجع إلى الرحمن رجعةَ صادق يا أيها الشيخ الكليلُ الفاني
فشكرتُها وشكرتُ ما أوصَتْ به وبه مشيبي قَبْلَها أوصاني
والشيب أدعى للمَتاب لأنه وهو الصموت يُشير للأكفانِ

• • •


قل للعيونِ سَحَرْنَني وأذقنني ذلَّ الهوى ولَجَجْنَ في حِرماني
الوعد يَكفيني وإن يكُ كاذبًا فالظنُّ يجعله بُرُوق أمانِ
أتعدنني؟ فافعلْنَ، تلك صنيعة مشكورة أطوي بها أحزاني
أرسِلْنها سرًّا مخافة شامتٍ الحسن أغراه كما أغراني
ظنِّي سيَكسوها بُرُودَ سعادةٍ ألقى بها الأفراح سَيل تهانِي
والظنُّ للشعراء أقدمُ صاحب وبه يفوز على العيون رِهاني








الساعة الآن : 02:09 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 8.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 7.92 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.17%)]