ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى الاسلامي العام (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=3)
-   -   الحث على تعاطي أسباب الرزق المشروعة والمباحة (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=222799)

ابوالوليد المسلم 20-01-2020 06:32 AM

الحث على تعاطي أسباب الرزق المشروعة والمباحة
 
الحث على تعاطي أسباب الرزق المشروعة والمباحة
عبد اللّه بن صالح القصير

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهلك الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، اشهد أن محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وأصحابه.
أما بعد:
فيا أيها الناس:
(اتقوا يوماً ترجعون فيه على الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) فإن التقوى وصية الله للأولين والآخرين وأسس دعوة المرسلين والنبيين، وزبدة هداية الكتاب المبين والتقوى فعل ما أمر الله به قدر الاستطاعة واجتناب ما نهى الله عنه حال الانفراد أو في الجماعة والتوبة إلى الله تعالى من الخطيئة قبل الغرغرة وقبل قيام الساعة وإنه من يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ويعلمه الله ويجعل له من أمره يسرا ويكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا وينجيه من النار ويورثه الجنة مع الأخيار.
فاتقوا الله "عباد الله" فإنكم عما قليل إلى ربكم منقلبون وبين يديه موقوفون وبأعمالكم مجزيون وعلى تفريطكم نادمون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
عباد الله:
إن من أعظم خصال التقوى وموجبات الكرامة والعزة في الدنيا والأخرى، أن يتعاطى المرء سببًا من أسباب المعيشة من صنعة أو حرفة يتقنها أو تجارة يحسنها أو فكرة ومخترع ينفع بها مجتمعه وينتفع من ورائها فتكون له وظيفة يعف بها نفسه ويعول بها ذويه ويفيد بها غيره ويكون بها حرا غير مستعبد إلا لله وحده قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) [البقرة: 267] وقال تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [التوبة: 105] وقال تعالى: (ليس عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) [البقرة: 198] وقال سبحانه: (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ) [النساء: 32].
معشر المسلمين:
وكم في ما صح من سنته النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأحاديث الحاثة على تعاطي أسباب الرزق بأنواع الكسب الشريف الصناعات والمهن مما يغري العقلاء أن يجعلوا طلب الرزق مع التقوى من جليل العمل الصالح، وعظيم أسباب تحصيل المتجر الرابح.
ففي البخاري -رحمه الله- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لئن يأخذ أحدكم أحبله ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه -يعني عن الحاجة إلى الناس- حتى له أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه)).
وفيه أيضًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما أكل أحد طعامًا قط خير من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود -صلى الله عليه وسلم- كان يأكل من عمل يده)) وفي صحيح مسلم -رحمه الله- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((كان زكريا -عليه السلام- نجاراً)).

أيها المسلمون:
ولقد كان نبيكم -صلى الله عليه وسلم- يتعاطى أسباب الرزق يستغنى بها عن منة الخلق ففي أول أمره قبل البعثة كان يرعى الغنم على قراريط لأهل مكة، أي يرعى الغنم بأجر، ثم تعاطى صلوات الله وسلامه عليه التجارة بأموال خديجة -رضي الله عنها- عن طريق الرحلة إلى الشام اشتهر فيها بعظيم أمانته وحسن تصريفه ويمن تجارته، ثم لما بعثه الله برسالته وشرع له الجهاد لتبليغ رسالته ونشر دعوته جعل الله رزقه تحت ظل رمحه فأحل له ولأمته الغنائم وجعل له نصيبًا من الخمس من سائر المغانم.
أيها المؤمنون:
فهذه الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة توضح لكم وللعالم أجمع أن دين الإسلام دين بناء وعمل وأنه حرب على البطالة والكسل، دين يحمل أهله على الكسب والجد في عمارة الأرض ويجعل له ذلك من قبيل المستحب أو الفرض لأهل الغنى واليسار من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأثر العظيم في إظهاره دين الله عن طريق إعتاق العبيد على الإسلام ابتغاء ما عند الله وتجهيز المقاتلين والجيوش لإعلاء كلمة الله وإيواء المهاجرين والمستضعفين من عباد الله حتى بشروا بالمغفرة والجنة ورفيع الدرجات وجزيل المثوبة على هذا الإنفاق لله، وهم يمشون على الأرض قبل أن يلقوا الله وحسبكم تقريره -صلى الله عليه وسلم- للذين قالوا: ذهب أهل الدثور -أي الأموال العظيمة ينفقونها ابتغاء وجه الله- بالأجور والدرجات العلى والنعيم المقيم، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم)).
أمة الإسلام:
وإنه لمن المحزن جدًا أن يظل المجتمع عالة على أبناء غيره في تجارته وصناعاته، وفي بناء مساكنه وصيانة معداته، وفي خدماته ومتنوع حاجاته من صيانة الأجهزة والمراكب إلى ما يتعلق بالملابس والأثاث وأمور المآكل والمشارب وأبناؤه في غاية من قوة الشباب، ووجود الحاجة وتوفر الأسباب لكن كثرًا منهم قد آثر الكسل على العمل، ورضوا بالاتكالية والدونية والشكوى إلى الله -عز وجل-.
ألا فاتقوا الله أيها المؤمنون:
واكلفوا ما تطيقون من العمل واجعلوا طلب الرزق بالأعمال الشريفة والمهن والأسباب المباحة من صالح ما تتقربون به إلى الله -عز وجل- فإن نبيكم -صلى الله عليه وسلم- صافح رجلاً فوجد في يده خشونة من العمل فقال إن هذه يمين يحبها الله -عز وجل-، وروي عنه أنه قال: ((من أمسى كالاً)) أي: مجهد من عمل يده ((أمسى مغفورًا له)).




الساعة الآن : 09:13 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 9.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 9.03 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.03%)]