ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى اللغة العربية و آدابها (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=111)
-   -   إلى أستاذي الرافعي رحمه الله (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=256306)

ابوالوليد المسلم 05-04-2021 04:28 AM

إلى أستاذي الرافعي رحمه الله
 
إلى أستاذي الرافعي رحمه الله


إبراهيم عدنان إبراهيم خطاب





البارحة يا معلمي فهمت حكمتَك: "وقد خُلقت النساء لامتحان جنون الرجال، وخُلق الرجال لامتحان عقول النساء، وخُلقت هي وحدها لجَلب الجنون، لا لامتحانه.."، وفهمتُ يا سيدي أن كلامك لا يُفهم بإعمال الفكْر، ولكن بإعمال القلب، فعلى المرء أن يحبَّ حتى يفهم، وعليه أن يتبحَّر في معاني الحب السامي حتى يتبصَّر معاني كلامك، وأيُّ صعوبة في الاثنتين؟!

يا رافعيُّ، تلك الفتاة التي أحبُّها لم تجلب لي الجنون فقط، بل حملَت نفسي وقلبي وعقلي وروحي على الجنون والألم والحب، جمعتهم في نفسي حتَّى طمستها في مجاهل الموت، وأجهلتْها عن إدراك الحياة إلا بها، ثم في قلبي حتى بات يستعذب عذاب الحب، وكسرت فيه قوانين النسيان، وأبادت فيه معاني التفكير إلا فيها، فروحي التي حارت أين تذهب من جنودها فما لاذت إلا بها، فلا أدري هل هي رعتْها؟ أم أنها ستسأل عن تقصير أبدته لها؟

يا أديب العربية، جلبتْ تلك الفتاة الجنون، وامتحنت جنوني، فكانت تسلِّم نفسي إلى الضيق الذي يسكن رداءَ الغيرة، وإلى الألم وجلد الذات اللذين يعيشان بعدم الوصل والهجر، وهنا هو امتحان الجنون، فهي كأنها تطلب بفعلتها أن تكون مجنونًا في الحب، وعلاوةً على ذلك فإن الرجل في الحب يُفشي كل ما في قلبه من حب، وهذا - والله - جنون ما بعده جنون، فهو يسلِّم نفسه كاملةً إليها، وبعدها يكون لها الأمر والنهي، ولك أيها العاشق الرضا والقبول.

وفي ظني - يا شيخي - أنك لم تقصد بالملائكة إلا أولئك العاشقين الذين لا يَحملون في قلوبهم إلا لغة الحب الراقية، وفلسفة الحياة السامية، ومعاني الإنسانية العالية، وهؤلاء - على علمهم - يغضبون، فما لي أرى نفسي بركانًا من لبِّ الأرض، أو إعصارًا من جوف البحر، أو عقابًا من السماء؟!

ثم أيها الحبيب إن الرجل لا يحب من المرأة الثورة والهيجان العاطفي، أو أن هذا الرجل هو فقط الذي يستعذب عذابه، أو أنه هو المحب الصادق، فمِن هنا كان امتحان الرجل لعقل المرأة، فهو يحتاجها حياةً له، زوجةً له، وحبيبةً له، وأمًّا لأبنائهما، وعلاوةً على ذلك، فإن المرأة تتجلد بكتمان مشاعرها، لا تفشيها أبدًا إلا عند تلاشي قوة رُوحها، وهذا - والله، في بعض الأحيان - ذنب ما بعده ذنب، ويْلها مِن شريعة الحب، وَيحها من لعنة قلب، فهي تتظاهر بالقوة - وهذا هو عقلها - وإنها في نفسها في الهوى تتألم، وتتلوى، وهي تتركه في جنونه.

لله هي المرأة في فلسفة الحب، ومع أنها في الحب فلسفة فإنها صعبة، صعبة، وفي معاهد قلبي تخرجت بامتياز، ولا زلت لا أفهمها، فهي تخرج من كل موقف بجديد، فلولا أنها جلبت لي الجنون، لتعلمت منها، ولكنتُ أعلم من المرأة بنفسها، لله أنتِ أيتها الحبيبة كم معك تألمت، وكم تعلمت! "قلب يتألم... قلب يتعلم"!!




الساعة الآن : 06:37 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 6.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 6.63 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.39%)]