ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=91)
-   -   حديث: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=241351)

ابوالوليد المسلم 26-09-2020 02:39 AM

حديث: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا
 
حديث: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا
الشيخ عبدالرحمن بن فهد الودعان الدوسري






عن عبدالله بن زيد بن عاصم المازني رضي الله عنه: أنه شُكِي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيَّل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، قال: ((لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا))؛ متفق عليه[1].

يتعلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: إذا كان المسلم في صلاتِه وشكَّ: هل أحدَث أو لم يحدِث؟ فإنه لا يلتفت إلى هذا الشك، وإنما العبرة باليقين، الذي من علاماته: سماع صوت خروج الريح، أو شم رائحة ذلك، وهكذا إذا كان على طهارة في غير صلاة وشك في الحدث؛ فالأصل بقاء الطهارة، فلا يلتفت المسلم للشك الطارئ، وإنما العبرة باليقين، ويؤيد هذا أيضًا حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا وجد أحدكم في بطنه شيئًا فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا))؛ رواه مسلم[2].

الفائدة الثانية: استنبط العلماء رحمهم الله تعالى من هذا الحديث وأمثاله قاعدة فقهية كبرى، وهي: (اليقين لا يزول بالشك)، ويتفرع عنها مسائل كثيرة لا تنحصر، فمن أمثلتها: من كان محدثًا وشك في الطهارة، فإنه يبقى على حكم الحدث، ومنها: من رأى في سراويله منيًّا ولا يذكر احتلامًا، وجب عليه إعادة الصلوات من آخر نومة نامها؛ إضافة للاحتلام الحادث إلى أقرب أوقاته؛ لأن الأصل عدمه قبل ذلك الوقت، ومنها: من رأى في يده شيئًا يمنع وصول الماء إلى البشرة، مثل: الصبغ، أو الطامس أو الصمغ، وجب عليه الوضوء بعد إزالته[3]، وإعادة الصلوات من أقرب وقت استعمل فيه هذه الأشياء؛ حيث يقدر وجود هذا الحائل في أقرب زمن ممكن؛ لأن الأصل عدمه قبل ذلك الزمن، ومنها: من شك في إحدى الصلوات: هل صلاها أو لا؟ وجب عليه أن يصليها؛ لأن الصلاة مشكوك في فعلها، والأصل أنه لم يصلِّ، فلا تبرأ ذمته منها حتى يعلم أنه صلاها، ومنها: من شك في طلاق زوجته لم يعتبر بذلك، والنكاح باقٍ على أصله، ومنها: من شك في عدد الطلقات ثنتين أو ثلاثًا، بنى على اليقين، وهو الأقل؛ لأن الزائد مشكوك فيه، والأصل عدم الزيادة، إلى غير ذلك من الأمثلة.

الفائدة الثالثة: هذا الحديث يقطع على المسلم وساوس الشيطان، الذي ينبغي على المسلم الحذر من وساوسه في الطهارة والصلاة وغيرها؛ فإن مَن انساق وراء وسواسه قاده إلى هاوية بعيدة، ولم يكتفِ منه بمجرد الوسوسة في بعض العبادات حتى يقوده إلى الوسوسة في جميع أموره، ولا يتركه حتى يحاول فيه أن يخرجه من دِينه؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: 168]، وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [النور: 21]، وقال: ﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الحشر: 16].


[1] رواه البخاري في كتاب الوضوء، باب لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن 1/ 64 (137)، ومسلم في كتاب الحيض، باب الدليل على أن من تيقن الطهارة ثم شك في الحدث فله أن يصلي بطهارته تلك 1/ 276 (361).

[2] رواه مسلم في كتاب الحيض، باب الدليل على أن من تيقن الطهارة ثم شك في الحدث فله أن يصلي بطهارته تلك 1/ 276 (362).


[3] هذا إذا كانت الأعضاء قد جفت، أو مضى زمن طويل عُرفًا على الوضوء، أما إذا لم تجف الأعضاء أو لم يمض زمن طويل عُرفًا، فإنه يزيل الحائل ويغسل موضعه من العضو الذي كان عليه، ثم يتم الوضوء بغسل ما بعده إلى آخر الوضوء.







الساعة الآن : 10:38 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 8.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 8.02 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.16%)]