ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى العلمي والثقافي (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=54)
-   -   لا تنتظر المعجزات (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=240071)

ابوالوليد المسلم 08-09-2020 03:54 AM

لا تنتظر المعجزات
 
لا تنتظر المعجزات


محمد صديق








أقام الله الدنيا على قانون الأسباب، وطلب من الناس أن يتعاملوا مع واقعهم الدنيوي على هذا الأساس؛ فعليهم أن يعملوا حتى يحققوا النتيجةَ المرجوة؛ كما أن المزارع يحرث ويبذر منتظرًا يومَ الحصاد.



وذكَرَ القرآن الأسبابَ في معرض حديثه عن إبداع الله في الخلق: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحج: 63].



فالقرآن الكريم يدعو - عبر هذه الآيات - إلى العمل، وبَذْل الجد والجهد، دون الكسل والنوم تحت أي حُجة أو ذريعة؛ فلا مجال للحديث في الإسلام عن انتظار المعجزات لإنجاز أي عمل، بل واجب المسلم أن ينفذ أمرينِ عند القيام بأي عمل:

1- اتخاذ الأسباب المناسبة لهذا العمل.



2- طلب المعونة من الله - تعالى.



وبناء على ذلك، فإن تعامُلَ الإنسان المؤمن مع الحياة الدنيا على قانون "السببية" هو جزء من عبوديته لله - تعالى.



إن المعجزات والكرامات أمرٌ واقعي كما يقرر القرآن الكريم، وقد ذكر القرآنُ والحديث أمثلةً عن ذلك، لكن العقيدة الإسلامية تجعل "خوارق العادات" أمرًا "استثنائيًّا" يجيء إكرامًا من الله -تعالى- لمن يشاء من عباده، مع العلم بأن هؤلاء العباد أنفسهم يأخذون بالأسباب.



وهذا مستنبَط من فعل الرسول - عليه الصلاة والسلام - فقد كان يأخُذُ بالأسباب في تفاصيل حياته، ويدعو أصحابَه لذلك.



ففي غزوة بدر - ورغم قلة عدد المسلمين وعدَّتهم - وضع النبيُّ - عليه الصلاة والسلام - خطةً عسكرية، واختار مكان المعركة بعد سماعه نصيحةً من الحُباب بن المنذر، ونشر قواته بطريقة جديدة، بعد ذلك كلِّه راح طول ليله يدعو ربَّه أن ينصره؛ حتى سقط رداؤه عن كتفه.



وفي غزوة الفتح وضع النبيُّ - عليه الصلاة والسلام - خطة شاملة، من أهمِّ بنودها: "التعتيم الإعلامي"؛ بحيث لا تصل أخبارُ جيشه إلى مشركي قريش، ثم قسم جيشه إلى أربعة أقسام، ووجَّه إلى كل قسم أن يدخل من جهة؛ حتى يحاصرهم، ولا يفكر أحدهم في المقاومة، والهدف من ذلك: "ألا يريق أي دم"، وحصل له ما أراد؛ لأنه خطط وأخذ بالأسباب.



وفي هجرته إلى المدينة، وضع خطة للخروج؛ حتى لا يقع أسيرًا في يد المشركين، فاختبأ في غار ثور، وطلب من أولاد أبي بكر أن يأتوا بالطعام والماء إلى الغار، ويأتي وراءهم راعي أبي بكر بالأغنام؛ كي تمحوَ آثار أقدامهم، فلا يستدل أحد على مكانه، ولما خرج من غار ثور متجهًا إلى المدينة، سلك طريقًا آخر، هو طريق الساحل، وكان في كل أوقاته يطلب العونَ من الله قائلاً لأبي بكر: ((لا تحزنْ؛ إن اللهَ معنا)).



إن حياة النبي - عليه الصلاة والسلام - تدل بشكل واضح على أن المطلوبَ منه أن يبحثَ عن الأسباب المؤديةِ إلى النجاح، طالبًا من الله العون، وهذا هو حقيقة التوكل.


انظر السيرة النبوية؛ لابن هشام (3/170) وما بعدها.


انظر السيرة النبوية؛ لابن هشام (5/42) وما بعدها.



انظر السيرة النبوية؛ لا بن هشام (3/5).





الساعة الآن : 02:45 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 9.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 9.15 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.01%)]