ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى العلمي والثقافي (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=54)
-   -   موازين دقيقة لا يقدر عليها إلا خالق (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=285244)

ابوالوليد المسلم 18-11-2022 01:54 PM

موازين دقيقة لا يقدر عليها إلا خالق
 
موازين دقيقة لا يقدر عليها إلا خالق
أ. عاهد الخطيب


الشمس كرة غازيَّة مستعرة، هائلة الحجم نسبةً لأرضنا؛ فهي أكبر منها بمليون وثلاثمائة ألف مرَّة، وبذلك فإنَّ الأرض بالنسبة للشمس مجرد نقطةٍ سابحة في الفضاء، يفصلها عنها مسافةٌ متوسِّطة تقارب 150 مليون كيلومتر، أو ثمان دقائق ضوئيَّة بمقياس سرعة الضوء.

وما نراه عادةً من صورٍ تجمع الشمسَ وباقي كواكب المجموعة الشمسية - كما في الكتب وعلى الشاشات - إنما هي صور تقريبيَّة بهدفِ التوضيح، لا تخضع لمقياس محدَّد؛ فعلى سبيل المثال لو كان قُطْر الدائرة التي تمثِّل الأرض في صورةٍ هو سنتمترًا واحدًا، فيجب أن يظهر قُطر الشمس بما يزيد عن المتر بمقياس الرسم ذاتِه، ناهيك عن المسافات الشاسعة التي تفصل بينهما؛ فلا مجال لإظهارها بنفس مقياس الرسم، فلو تمكَّنا مِن رسم لوحةٍ كبيرةٍ تظهر الأرض والشمس كما ذكر، فهذا يقتضي أن تكون المسافة بينهما في الرسم حوالي 120 مترًا، وهذا أمر صعبُ التحقيق.

متوسط درجة حرارة سطح الشمس 5500 درجة مئوية، ويُشعُّ كلُّ متر مربع منه طاقةً تزيد قليلًا عن 63 ميجا واط؛ أي: ما يعادل القدرة التوليديَّة لمحطَّة طاقة كهربائيَّة لبلدة كبيرة، فإذا ضُرب هذا الرقم بمساحة سطح الشمس الشاسع، ينتج عن ذلك رقم مهول، وهو: الرقم 4 وأمامه ستة وعشرون صفرًا تقريبًا من الطاقة بالواط التي تنبعث في الفضاء بشكلٍ كرويٍّ في كلِّ الاتجاهات، فتضعف شدَّتُها تدريجيًّا كلما قطعت المسافات؛ لأنها تتوزَّع على مساحات سطوح كرويَّة أكبر، وعندما تصل الأرض تصبح هذه الطاقة منتشرةً على مساحة سطح كرة نصف قُطرها المسافة بين الأرض والشمس مضافًا لها نصف قطر الشمس ومركزها منطبق على مركز الشمس، وهذه مساحة هائلة تؤدِّي إلى انخفاض شدَّة الإشعاع إلى ما معدَّله 1370 واطًا لكلِّ متر مربع، بمعنى أنه ضعُف عن قيمته الأصلية بما يزيد عن 46000 مرة؛ ليصبح مناسبًا لحفظ الحياة على الأرض.

وبما أنَّ مساحةَ مقطع الأرض الذي يستقبل الإشعاع الشمسيَّ بالغ الصغر مقارنةً بمساحة انتشاره في الفضاء، فإنَّ ما يصل للأرض مِن طاقةِ الشمس الكليَّة بعد إجراء بعض الحسابات هو تقريبًا 2 في المليار (2/ 1000000000)، إضافةً لذلك فإنَّ ما يُستفاد منه فعلًا من هذه الكميَّة هو أيضًا بدوره جزأٌ مما يصل، إلا أنَّه أكثر من كافٍ ليمدَّ الأرض بكلِّ أشكال الحياة، ويجعل معدل درجة حرارة العالم حوالي 14 درجة مئوية، وإنْ كانت هذه الدرجة قد سجلت رقمًا قياسيًّا عام 2015 الذي اعتبر أشدَّ الأعوام حرارةً على الإطلاق ضمن التاريخ الحديث بارتفاعها درجةً واحدةً إلى 15 درجة مئويَّة؛ بسبب ظاهرةِ الاحتباس الحراريِّ، الناتجة عن التلوُّث، وارتفاعِ نسبة ثاني أكسيد الكربون، كما يعتقد المختصُّون.

لك أنْ تتصوَّر لو أنَّ هذا الجزءَ الذي يقترب من الصفر، ولا يكاد يُذكر بالنسبة لما تنتجه الشمس الذي يصل إلى أرضنا ليهبها الحياة - اختلَّ بشكلٍ بسيط زيادةً أو نقصانًا لسببٍ ما، فإنه سيُحيل الأرضَ إلى جحيم أو زمهرير، يجعل الحياةَ فيها أمرًا مستحيلًا، فسبحان مَن جَعَل كلَّ شيء بقَدَر؛ لتستقيم أمورُ الكون!



الساعة الآن : 10:21 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 5.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 5.67 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.63%)]