ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الإنشاء (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=76)
-   -   أهمية معرفة اللغة العربية لتفسير وتدبر القرآن (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=238094)

ابوالوليد المسلم 11-08-2020 12:52 AM

أهمية معرفة اللغة العربية لتفسير وتدبر القرآن
 
أهمية معرفة اللغة العربية لتفسير وتدبر القرآن
سعيد مصطفى دياب












قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾.[1]







من لا يعرف تصاريف الكلام لا يفهم القرآن ولا يعرف مراد الله تعالى، فإن القرآن نزل بلسان عربي مبين، ومن لا يعرف تراكيب الكلام، ولا يعرف أصل الكلمة؛ كيف يتأتى له الفهم، وأنى له أن يتدبر القرآن؟







ومثل هذا إذا تكلم أتى بالعجب العجاب، وأثار الدهشة والاستغراب، وصار محلاً للسخرية والاستهجان، لأنه يتكلم بما لا يعلم، ويهرف بما لا يعرف.







ومثال ذلك ما قاله بعضهم فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ﴾.[2]







فسر بعضهم الْإِمَامَ بأنه جَمْعُ أُمٍّ، ولا يعرف في اللغة أن أُمَّ تجمع على إِمَامٍ، بل جَمْعُ أُمٍّ أُمَّهَاتٌ، كما قال تعالى: ﴿ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ ﴾.[3]







قَالَ صَاحِبُ "الْكَشَّافِ": وَمِنْ بِدَعِ التَّفَاسِيرِ أَنَّ الْإِمَامَ جَمْعُ أُمٍّ، وَأَنَّ النَّاسَ يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأُمَّهَاتِهِمْ وَأَنَّ الْحِكْمَةَ فِي الدُّعَاءِ بِالْأُمَّهَاتِ دُونَ الْآبَاءِ رِعَايَةُ حَقِّ عِيسَى وَإِظْهَارُ شَرَفِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَأَنْ لَا يَفْتَضِحَ أَوْلَادُ الزِّنَا ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ "الْكَشَّافِ" وَلَيْتَ شِعْرِي أَيُّهُمَا أَبْدَعُ أَصِحَّةُ لَفْظِهِ أَمْ بَيَانُ حِكْمَتِهِ.







والصواب فِي تفسير قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ﴾.[4]







أَنَّ المراد بالإمامِ هنا كِتَابُ أَعْمَالِ العبادِ الشَّاهِدُ عَلَيْهِمْ بِمَا عَمِلُوهُ مِنْ خَيْرٍ وشر، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ ﴾.[5]







وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾.[6]







ومن ذلك أيضًا ما سمعته من أحدهم يتكلم فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ ﴾.[7]







قال إذا سافر المسلم إلى بلاد الغرب يجب عليه أن يلبس لباسهم، وأن يجاريهم في حياتهم، قال: ودليل هذا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ ﴾.[8]







فقلت له من أين أتيت بهذا الكلام فأرمَّ ولم ينطق بكلمة، فقلت له: ليس في الآية دليلًا على ما ذكرت، وإنما معنى الآية: لَوْ جَعَلْنَا رَسُولَنَا إِلَى هَؤُلَاءِ المشركين مَلَكًا يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ كما أرادوا، لَجَعَلْنَاهُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ مِنَ الْبَشَرِ، ولخَلَطْتنَا عَلَيْهِمْ أَمْرَهُ فَلَمْ يَدْرُوا أمَلَكٌ هُوَ أَمْ إِنْسِيُّ، لأنهم لَا يُطِيقُونَ رُؤْيَةَ الْمَلَكِ بِصُورَتِهِ الَّتِي خَلَقَهُ الله عَلَيْهَا.







ولم يدر أن لَبِسَ تختلف عن لَبَسَ، فإنه يُقَالُ: لَبَسْتُ عَلَيْهِمُ الْأَمْرَ أَلْبِسُهُ لَبْسًا: إِذَا خَلَطْتُهُ عَلَيْهِمْ، وَجَعَلْتَهُ مُشْكِلًا.







وَلَبِسْتُ الثَّوْبَ أَلْبَسُهُ لُبْسًا، وأن اللَّبس هو الخلط، وَاللَّبُوسُ: اسْمُ الثِّيَابِ.







قال ابن فارس: (لَبِسَ) اللَّامُ وَالْبَاءُ وَالسِّينُ أَصْلٌ صَحِيحٌ وَاحِدٌ، يَدُلُّ عَلَى مُخَالَطَةٍ وَمُدَاخَلَةٍ. مِنْ ذَلِكَ لَبِسْتُ الثَّوْبَ أَلْبَسُهُ، وَهُوَ الْأَصْلُ، وَمِنْهُ تَتَفَرَّعُ الْفُرُوعُ. وَاللَّبْسُ: اخْتِلَاطُ الْأَمْرِ; يُقَالُ لَبَسْتُ عَلَيْهِ الْأَمْرَ أُلْبِسُهُ بِكَسْرِهَا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ ﴾.[9]







وَفِي الْأَمْرِ لَبْسَةٌ، أَيْ لَيْسَ بِوَاضِحٍ وَاللَّبْسُ: اخْتِلَاطُ الظَّلَامِ.[10]







[1] سُورَةُ الزُّخْرُفِ: الآية/ 3.




[2] سورة الْإِسْرَاءِ: الآية/ 71.




[3] سورة النساء: الآية/ 23.




[4] سورة الْإِسْرَاءِ: الآية/ 71.




[5] سورة الزُّمَرِ: الآية/ 69.




[6] سورة الكهف: الآية/ 49.




[7] سورة الأنعام: الآية/ 9.




[8] سورة الأنعام: الآية/ 9.




[9] سورة الأنعام: الآية/ 9.




[10] مقاييس اللغة (5/ 230).








الساعة الآن : 08:12 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 16.27 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.18 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.58%)]