ملتقى الشفاء الإسلامي - هـذا هـو الاسلام فـأين المسلمـون ؟

هـــذا هـــو الاســـــــلام
فـأين المسلمــــــــــون ؟

الاسلام دين ودولة , عقيدة وشريعة , مبادىء ومثل , فهو الصورة الكامله لاقامة مجتمع صالح , لايشيع الطغيان فى

أغنيائة , ولا تسيطر المهانه على فقراءة , فالقوى فيه قوى له ,والضعيف فيه قوى به .

دين أكمله الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله علية وسلم , ورضيه لخلقه ونسبه الى نفسه

والاسلام هو الاسلام لا يغيرة زمن, ولا يعادية علم , ولا تجافيه طبيعه .. ففى مبادئه وفى رجاله ما شهد به العدو قبل

الصديق , وما تحدث به الركبان فى كل زمان ومكان

ولكن للاسف نرى الآن تدهورا فى المسلمين , وأصبحوا أزلاء ضعفاء ولعل السر فى ذلك فقدان العقيدة السليمه , والتى

سار عليها سلفهم حيث كانوا علماء للدين والدنيا , وورثة الاولى والآخرة , وبفقدها فقدوا النظام فى كل مرافق حياتهم ,

كعقدت انفرطت حباته فتتابع وتلاحق , حيث ولوا وجوههم نحو مبادىء مستوردة حسبوها خيرا لهم من دينهم وأقوم .

فأشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة والباطل بالحق , طغى عليهم الجهل حتى خيل اليهم أنه العلم , وقول الزور

حتى اعتقدوة أنه الحق , وفعل المنكر حتى ظنوة أنه المعروف .

ولو أن المسلمين رجعوا الى دينهم , واتبعوا سنة نبيهم بصدق واخلاص , لما أصبح هذا الحال , الذى تنبأ به خير الآنام

محمد صلى الله عليه وسلم

أصبح من المعلوم فى بدائة العقل الحر أن الدين الاسلامى هو الصورة الكاملة لشرائع الله , والقوة المهذبه لقوانين

الطبيعه ,

وضع فيه شارعه الاعظم وهو فاطر الارض وواهب الحياة ومنزل الوحى , أسس القواعد التى تكفل للعالم نظامه وسلامه ,

وللمجتمع وحدته وقوته وللفرد سعادته وكرامته , مهما يتطاول الامد وتتغير الحال

ومن غير الله جلت قدرته يفجر نور الهدى للارض من غار مظلم موحش ويبجس نبع الحياة للناس من جبل مجدب وعر ؟

وهل كان لو لا وحى الله فى غار حراء من جبل النور فى مقدور أمى نشأ ربيب اليتم والعدم فى قرية جاهلة من قرى

الحجاز المقفر, أن يعلن فى أوائل القرن السابع الميلادى حقوق الانسان وحرياته , وهى الحقوق التى أعلنت بعضها

فرنسا فى أواخر القرن الثامن عشر بعد الثورة , وأعلنت بعضها أمريكا فى أواسط القرن العشرين المنصرم بعد الحرب ؟

وما كان لبشر سليم الفطرة أن يستريب فى أن الدين الذى أكمله الله لنبيه ورضيه لخلقه ونسبه الى نفسه هو وحدة

مصدر الخير المحض ومظهر الكمال المطلق .

وسبيل الغايه التى يجد عندها ابن ادم المكدود المجهود نفسا من كربه وراحة من تعبه , وسكينة من اضطرابه , تلك الغاية

التى كان يراها منذ هبط العاصى من الجنه حدا لشقائه ونهاية لآلمه

, ومن خلال القرون فلا يراها , لا فى الحروب التى شن , ولا فى النظم التى سن , ولا فى الشرائع التى أعتقد . حتى أراد الله للضال أن يهتدى ويسترفه

. فكان محمد هو المنار وكان الاسلام هو المرفأ

ان من المبادىء التى ميزت الاسلام التوحيد وهو سبيل القوة , والاخاء وهو سبيل التعاون , والمساواة وهى سبيل

العدل , والحريه وهى سبيل الكرامه , والبر وهو سبيل المحبه , والسلام وهو سبيل الرخاء , وكل هذة المبادىء معلومه

من القرأن بالنصوص الصريحه فلا موضع فيها لتأويل أو تحميل أو تعسف , وهى كما ترى تضمن أفضل ما فى الديمقراطيه ,

وأعدل مافى الاشتراكية , وأجمل ما فى المدنيه . فهى حرية أن تصلح ما فسد من أمور الناس , وأن تقيم ما أعوج من

نظام الدنيا .

وقد كانت كذلك يوم كان لحماتها دوله , ولدعاتها صوت , ولمعتقديها يقين .. فلما زالت الدوله , وخشع الصوت , وضاع

اليقين , تمزق المسلمون قطعانا فى نواحى الارض , لا مرعى يجود , ولا راعى يزود , ولا حظيرة تؤوى , ثم كانوا بتخلفهم

عن ركب الحياة حجة على الاسلام فى رأى السفهاء من مرضى الهوى أو الجهل , فصمواعن دعائه , وعموا عن ضيائه .

أين المسلمون اليوم من اسلام الصديق و عمر وخالد والرشيد والمأمون والناصر والحكم والعزيز والحاكم ؟

ألم يبلغ هؤلاء بفتوح الجيش وفتوح الدين , وفتوح العلم وفتوح الخلق من السلطان والعمران ما لم تبلغه أمة من قبل فنزل

على حكمهم الدهر ودخل فى ملكهم العالم ؟

ان الدين الذى رفع هؤلاء السادة والقادة الى الذروة , وضمن للخلافه فى عهودهم العزة والمنعه والقوة , لا يزال هو الدين لا

يغيرة الزمن ولا تجافية الطبيعه , ولا يعاديه العلم , ولا تنسخه المذاهب .

انما الامر فيه كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( مثل ما بعثنى به الله من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا , كان

منها طائفة طيبه قبلت الماء وأنبتت الكلا والعشب الكثير , وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله به الناس فشربوا منها

وسقوا وزرعوا . وأصاب طائفة منها أخرى انما هى قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلا )....

والمسلمون اليوم هم القيعان . تحدرت الى ما ركد فيها ماء الوحى عكارات المذاهب الطارئه , ورواسب العقائد الخاطئه ,

فكان منها ذلك الخلط العجيب الذى يعقوق عن السعى ويمنع من النظر ويصد عن الفكر . ثم كان من أثرة أن نرى اليوم

مواطن العروبة والاسلام

فلسطين والعراق والصومال والسودان وافغانستان والشيشان وأوزبكستان قد أصبحت نهبا مقسما بين الخونه يتنازعون

فيه ويتقاتلون عليه وليس من أهلها من يقول فيسمع قوله أو من يفعل فيخشى فعله وانما هم أشياء كثروة الارض

خسارة على المغلوب وربح للغالب .

لقد تغيرت عقائد الاسلام الحرة النقيه فى نفوس الكثرة من المسلمين كما يتغير الشراب الخالص فى الاناء القذر , انحلت

الاخلاق فلا تتماسك فى قول ولا فعل و تقاطعت القلوب فلا تتواصل فى دين ولا وطن , واستأثرت النفوس فلا تتعفف فى

صداقة ولانسب , واستبهمت المذاهب فلا تستبين بنجم ولا شمس وأصبحت غاية الدين فى رايهم مظاهر من العبادة لا

تخدع وظواهر من البدع لا تنفع , وأقاويل من الوعظ لا تدل .

من يصدق أن المسلمين اليوم يفقهون القرأن حق الفقه وهو الكتاب المبين الذى يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل

السلام ويهديهم الى صراط مستقيم وكل انتفاعهم منه ان يحملوة للحفظ كما تحمل التمائم , وان يقرؤة للبركة كما تقرأ

الاوراد وان ينشدوة للطرب كما تنشد الاغانى ؟

من يصدق أن المسلمين اليوم يقدرون الرسول حق القدر وهو الذى قال فيه اصدق القائلين

(وانك لعـــــــــلى خلق عـــظيم) ........ القلم 4

(وكــان فضــل الله عليك عظيمـــــــا) ...... النساء 113

وكل ما يمدحون به أن يرفع المؤذن صوته فى الاذان بالصلاة على

.. ( مليح الوجه ) وأن يتغنى منشد سيرته المطهرة بحمرة خدية وسواد عينيه , كأن الوسامة والجمال هى كل ما يمتاز به

محمد نبى التوحيد والوحدة , ورسول السلام وداعى الحرية والكرامة .

من يصدق أن المسلمين اليوم يؤمنون بالاسلام وفيهم من يؤمن بالشيوعيه والعلمانيه و أهلها يزعمون انهم اعلم من الله

باحوال خلقه واعدل منه فى تقسيم رزقه ثم يقولون بكل وسيلة من وسائل القول . كل شىء مشاع . وكل أمر مباح . وكل

ارادة طليقه .

والمسلمون يسمعون هذة الاضاليل تبث وتنشر وتردد فيرهفون لها السمع وتدفعهم الشهوة الاباحيه الى ان يشتروا

الضلالة بالهدى ويستبدلون الخبيث بالطيب ويؤثرون ان يكونوا كالذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الانعام والنار مثوى

لهم .

ولعله فى ذلك هو الجهل التام والعلم الناقص , فلو ان المسلمين اعتقدوا ربهم اعتقاد المؤمن , وفقهوا دينهم فقه

المقتنع , واتبعوا رسولهم اتباع المصدق لما اصبحوا فى الحالة التى تنبأ بها الرسول صلى الله عليه وسلم اذ قال ( يوشك

ان تتداعى عليكم الامم كما تتداعى الاكلة الى قصعتها , ولينزعن الله من قلوب اعدائكم المهابة منكم , وليقزفن فى

قلوبكم الوهن , قال قائل أو من قلة نحن يا رسول الله يومئذ ؟ قال لا انكم حينئذ كثير , ولكنكم غثاء كغثاء السيل . فقال

قائل . وما الوهن يا رسول الله . قال حب الدنيا وكراهة الموت . )

( ألـــم يأن للذين ءامـــنوا أن تـخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحــق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكــتاب من قبل فطـال

عليهم الامـد فقـست قلوبهم وكثير ومنهم فاسـقون ) الحديد 16

بــلى والحمد لله ان للمؤمنين ان يكشفوا عن العيون غشاوة الباطل ويجلوا عن القلوب صدأ الغفله , ويبصروا الطريق

ويستبينوا الغاية , وان فى يقظة الوعى الاسلامى التى بدت فى تعاطف المسلمين على البعد وتناصفهم فى القرب

وتحالفهم على الاحداث لاشعة من تباشير الصباح قبلها الليل المظلم وبعدها النهار المشرق .

والله وحدة هو الذى يملك أن يقوى هذا الوعى ويوجه هذا الشعور اذا عمرت الصدور بالايمان الخالص .

فاءن تنقية الدين مما علق به ودس فيه , تكشف للناس عن جوهرة وتصلهم بروحه .

والضباب يحجب الشمس , والقذارة تفسد الشراب ,

وان الماء اذا راق ساغ واذا ساغ روى

والحمد لله رب العالمين

منقول