ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى النحو وأصوله (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=122)
-   -   التعليل في النحو بكثرة الاستعمال وأمن اللبس والفرق (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=251053)

ابوالوليد المسلم 19-01-2021 03:43 PM

التعليل في النحو بكثرة الاستعمال وأمن اللبس والفرق
 
التعليل في النحو بكثرة الاستعمال وأمن اللبس والفرق







قصي جدوع رضا الهيتي






علة كثرة الاستعمال:


وهذه العلة من العلل التي اهتم بها علماء العربية اهتمامًا كبيرًا، فقد بينوا مواطن تلك العلة، وفصلوا الكلام فيها[1]، قال السيوطي: (كثرة الاستعمال اعتمدت في كثير من أبواب العربية)[2]، ومما ورد من هذه العلة عند اليزدي قوله في وجوب الفتح في نحو: مِنَ الرَّجُلِ: (وإنما أوجبوه؛ لأن لام التعريف كثيرة الاستعمال، فناسب استجلاب الخفة عندها؛ لأن الفتح أخف)[3].





ومن ذلك قوله في فتح الهمزة مع لام التعريف، وفي أَيْمُن: (ومن جملة ما خولف الأصل فيه الهمزة التي مع لام التعريف، والتي في كلمة أَيْمُن، فقد عُدِلَ عن الكسر إلى الفتح فيهما؛ وعلة ذلك أن اللام كثيرة الاستعمال، وكذا أَيْمُنُ؛ لأنها قسم، ويكثر استعماله، فأرادوا أن يثبتوا فيه نوعًا من الاستخفاف، ففتحوا لذلك وأوجبوه؛ لئلا يكون للزوال إلى الجابر سبيل)[4]، وقال معللاً بهذه العلة حذف الهمزة من الفعل المضارع (يَرَى، وأَرَى، ويُرِي): (وكان الأصل: يَرْأَى، وأَرْأَى، ويُرْئِي، فنقلت حركة الهمزة إلى ما قبلها، ثم حُذفِتْ، والتزموا هذا العمل؛ لأن ذلك كثير الاستعمال في كلامهم، فناسب أن يكون فيه التخفيف دائمًا)[5].





عِلَّة أمن اللبس:


وهي من أهم العلل التي راعتْها العرب في كلامها؛ لأن غرض المتكلم الإفهام، واللبس يمنع من ذلك[6]، ومما ورد من هذه العلة عند اليزدي قوله في عدم قلب الواو ألفًا في قولهم: أَوَادِم جمع آدم: (فإنما لم تقلب فيه ألفًا؛ لأنه لو قلبت إياها، لزم حذفها لالتقاء الألفين، ولو حذفت لالتبس المفرد بالمجموع، والمراد بالالتباس أنه بعد الحذف يصير على زنة فاعل، وإذا كان كذلك لم يُعلَمْ أَفَاعِلٌ هو أم أَفَاعِلُ؟ والفَاعِلُ مفرد، والأَفَاعِلُ مجموع)[7].





ومنها قوله في تصحيح باب: اعْوَارَّ واسْوَادَّ: (لأنك لو أعللته لزمك نقلُ حركة الواو إلى ما قبلها، ثم قلبها ألفًا، ثم حذف الهمزة، فبقي عارَّ، وسادَّ، فلم يُدْرَ أفاعَلَ هو من المضاعف أو أَفْعَالَّ من الأجوف؟ فصححوا لرفع هذا اللبس)[8].





وقال معللاً بهذه العلة عدم قلب الواو والياء في غَزَوَا ورَمَيَا: (لأنك لو قلبتهما التقى ساكنان، فلزم حذف إحداهما، فالتبس المفرد بالتثنية؛ إذ تكون كلاهما غزا، فاللبس المطرد هو المانع)[9].





عِلَّة الفرق:


وهي علة يستدل بها للإبانة، وأشار اليزدي إلى هذه العلة في عدة مواضع، منها قوله: (لم يقولوا: عُوَيْد؛ لأنهم أرادوا أن يفرقوا بين العُوَيْدِ الذي هو تصغير العُود، وبين العُيَيْدِ الذي هو تصغير العيد؛ إذ الطريق هكذا أقرب)[10].





ومنها قوله: (فُعْلَى إن كانت اسمًا تقلب ياؤه واوًا، نحو طُوبَى لشجر في الجنة، وطُوبَى لك: أي طِيبُ العيش لك، وكُوسَى من الكَيْس، وكان أصلهما الوصف، لكنهما جاريان مجرى الاسم؛ إذ لا يكونان وصفَيْن إلا بالألف واللام، وإن كانت صفة تُقلَبُ ضمتُها كسرةً لتسلم الياء، نحو: مِشْيَة حِيكَى؛ من حَاكَ الرَّجلُ: إذا حَرَّكَ منكبيه في المشي، وقِسْمَةٌ ضِيزَى[11]؛ أي: جائرة؛ من ضَازَ، إذا جَارَ، وأعلَّ في القبيلين هكذا؛ للفرق بين الاسم والصفة، ولم يعكسوا العمل؛ لأن الاسم أخف، فيحتمل ما لا تحتمله الصفة)[12].





وعلل بهذه العلة - أيضًا - زيادة الألف في "مائة": (فرقًا بينها وبين منه، ولم يعكسوا؛ ليكون ألفها جابرًا لحذف لامها)[13].






[1] ينظر: علة كثرة الاستعمال في كتاب سيبويه: 14.




[2] الأشباه والنظائر: 1 / 331.




[3] شرح الشافية لليزدي: 1 / 493.




[4] شرح الشافية لليزدي: 1 / 506.




[5] المصدر نفسه: 2 / 759، وينظر مثلاً: 2 / 922، 1047.




[6] ينظر: أبو البركات الأنباري ودراساته النحوية: 196.




[7] شرح الشافية لليزدي: 2 / 785.




[8] المصدر نفسه: 2 / 846.




[9] شرح الشافية لليزدي: 2 / 893، وينظر مثلاً: 1 / 357، 358، 376، 533، 2 / 848، وغيرها.




[10] المصدر نفسه: 1 / 310.




[11] ومنه قوله تعالى في سورة النجم: الآية 22: ﴿ تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى ﴾ [النجم: 22].




[12] شرح الشافية لليزدي: 2 / 864.




[13] المصدر نفسه: 2 / 1103، وينظر مثلاً: 1 / 382، 391، 490، 529، 2 / 844، وغيرها.






الساعة الآن : 09:36 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 13.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 13.39 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.70%)]