ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى الاسلامي العام (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=3)
-   -   الله تعالى مستو على عرشه في السماء (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=235509)

ابوالوليد المسلم 02-07-2020 05:24 AM

الله تعالى مستو على عرشه في السماء
 
الله تعالى مستو على عرشه في السماء
محمد بن علي بن جميل المطري




قال اللهُ تعالى: ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ﴾ [الْمُلْكِ: 6-7]، وقال الله تعالى: ﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 18].

وقال الله تعالى: ﴿ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾، وقال سبحانه: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [الحديد:4].

فأثبَتَ استواءَهُ بذاتِهِ، وعِلْمَهُ بكلَّ شيءٍ، وأخبَرَ عن مَعِيَّتِهِ لعبادِهِ؛ فهو مَعَهُمْ بعلمِهِ وسَمْعِه وبَصَرِه؛ كما قال تعالى: ﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ﴾ [الحديد:4]؛ وهو مع أوليائِهِ بِنَصْرِهِ وتأيِيدِهِ وحفظه، قال اللهُ تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل:128].

وفي موطأ مالك ومسند أحمد وصحيح مسلم وسنن أبي داود والنسائي وصحيح ابن حبان والسنن الكبرى للبيهقي عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، جارية لي صككتها صكة، فعظَّم ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: أفلا أعتقها؟ قال: "ائتني بها"، قال: فجئت بها، قال: "أين الله؟" قالت: في السماء، قال: "من أنا؟" قالت: أنت رسول الله، قال: "أعتقها فإنها مؤمنة".


وروى أحمد والترمذي وأبو داود وغيرهم من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي قابوس عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" وهذا الحديث صحيح ومشهور عند العلماء بالحديث المسلسل بالأولية.

ومع وضوح هذه المسألة إلا أن أهل الإسلام اختلفوا فيها على ثلاثة أقوال:
القول الأول: الله في كل مكان، وهو قول المعتزلة ومنهم الشيعة ويريدون بذلك أن تدبيره في كل مكان كما نقله أبو الحسن الأشعري عن جمهور المعتزلة في كتابه مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين (1/131)، وغلا بعض الصوفية وهم الحلولية فقالوا: الله في كل مكان بذاته وهو حالٌّ في كل شيء - تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

القول الثاني: الله ليس في أي مكان، وليس هو داخل العالم ولا خارجه، ولا فوق ولا تحت، ولا يمين ولا شمال، وهذا قول الأشاعرة.

القول الثالث: الله في السماء أي على السماء مستو على عرشه كما يليق بعظمته وجلاله، وعلمه في كل مكان، وهذا قول السلف من الصحابة والتابعين ومن اتبعهم من أهل السنة، قال أبو عمر بن عبدالبر رحمه الله في التمهيد (7/ 138): "وعلماء الصحابة والتابعين أن الله على العرش وعلمه في كل مكان، وما خالفهم أحد في ذلك يحتج به" اهـ بتصرف يسير.

وقد ذكر أقوالهم الإمام الموفق ابن قدامة في كتابه إثبات صفة العلو والإمام الذهبي في كتابه العلو للعلي الغفار وغيرهما، والأدلة على إثبات صفة العلو متكاثرة من القرآن والسنة وهو الموافق للعقل والفطرة السليمة، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

فإذا اختلف أهل الإسلام في أعظم مسألة تتعلق بالله سبحانه وتعالى مع وضوح الأدلة فيها فهم فيما سواها أكثر اختلافاً، وصدق الله إذ يقول: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾ [هود: 118-119]، فعلى المسلم أن يحرص على اتباع القرآن والسنة على فهم سلف الأمة، ويتبع سبيل السلف الصالح ويحذر من المحدثات والبدع، قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء:115].

قال ابن كثير في تفسيره (2/412):
"أي: ومن سلك غير طريق الشريعة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم، فصار في شق والشرع في شق، وذلك عن عمد منه بعدما ظهر له الحق وتبين له واتضح له. ﴿ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ هذا ملازم للصفة الأولى، ولكن قد تكون المخالفة لنص الشارع، وقد تكون لما أجمعت عليه الأمة المحمدية، فيما علم اتفاقهم عليه تحقيقا، فإنه قد ضمنت لهم العصمة في اجتماعهم من الخطأ، تشريفاً لهم وتعظيماً لنبيهم ﴿ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ أي: إذا سلك هذه الطريق جازيناه على ذلك، بأن نحسنها في صدره ونزينها له استدراجاً له ".




الساعة الآن : 09:16 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 9.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 9.57 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.97%)]