ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=91)
-   -   شرح أحاديث عمدة الأحكام الحديث الـ 86 87 88 89 صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=78495)

غفساوية 22-07-2009 05:56 PM

شرح أحاديث عمدة الأحكام الحديث الـ 86 87 88 89 صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
 
السلام عليكم ورحمة الله ويركاته




شرح أحاديث عمدة الأحكام
الحديث الـ 86 صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم




حديث 86
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلاةِ سَكَتَ هُنَيْهَةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي , أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ ، مَا تَقُولُ ؟ قَالَ : أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ . اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ . اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ .

في الحديث مسائل :

1=لما فرغ المصنف من باب الإمامة بدأ بِصِفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن الإمام والمأموم مُخاطَبون بأمره صلى الله عليه وسلم : صلوا كما رأيتموني أصلي . رواه البخاري .

2=قوله : " إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلاةِ " محمول على الصلاة الجهرية ، لأنه قال بعدها : سَكَتَ هُنَيْهَةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ . ولأن الصلاة السِّريَّة تُسرّ فيها القراءة والاستفتاح .

3= معنى " هُنَيْهَة " أي قليلاً .
قال القاضي عياض : تصغير هَنَة ، ثم زيدت فيها هاء .
وفي القاموس المحيط : هُنَيَّة مصغرة هَنَة أصلها : هَنْوَة ، أي شيء يسير ، ويُروى هنيهة بإبدال الياء هاء .

4=قوله : " فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي " القائل هو أبو هريرة رضي الله عنه ، وهو يدلّ على محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره ، والتّأدّب معه في الخِطاب .
ويدل على عِظم الوالدين في نفوسهم ، لأن أغلى ما عند القوم آباءهم وأمهاتهم ، فيُفدّون النبي صلى الله عليه وسلم بأغلى ما عندهم .
وقوله : " بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي " أي فِداء لك أبي وأمّي .

5=حرص أبي هريرة رضي الله عنه على السؤال ، وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك ، لِمَا رأيت من حرصك على الحديث ، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه ، أو نفسه . رواه البخاري

6=قوله : " أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ ، مَا تَقُولُ ؟ " فيه السؤال عما يُشكل أو عما يَخفى .
وأن من طرق تحصيل العِلم السؤال ، ولذا قال مجاهد : لا يَتَعَلَّم العلم مُستحي ولا مُستكبر .

7=هذا الذي كان يقوله النبي صلى الله عليه وسلم هو دعاء الاستفتاح ، وهذه الصيغة التي جاءت في هذا الحديث فيها الاستعاذة ، والدعاء لِحَظِّ النفس .
والصيغة الثانية ، وهي :
سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك . رواه مسلم .
فهذه الصيغة فيها تعظيم لله تعالى .
وهناك صِيَغ أخرى ، منها :
ففي حديث عليّ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال : وَجَّهتُ وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له ، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين . رواه مسلم .
وفي رواية له : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة كَـبَّر ثم قال : وَجَّهتُ وجهي ، وقال: وأنا أول المسلمين .
وقد سأل أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل ؟ قالت : كان إذا قام من الليل افتتح صلاته : اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم . رواه مسلم .

8= حُكم هذا الدعـاء .
هو سُـنّـة ، فمن أتى به فقد أحسن ، ومن تركه فليس بآثم ، إلا أن الأكمل أن يأتي به الْمُصلِّي في الفريضة والنافلة .
فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يقوله في الفريضة والنافلة .
ويُنوِّع الْمُصلِّي بين الأنواع السابقة .

9= لا يُشرع الاستفتاح لِمَنْ كَـبَّـر خلف الإمام في الجهرية ، والإمام يقرأ .
بل يُكبِّر ويُنصت ، لأنه مأمور بالإنصات ، لقوله عليه الصلاة والسلام " وإذا قرأ فأنصتوا " .

10= خصّ الثوب الأبيض دون غيره ، لأنه يظهر عليه أثر إزالة الدّنَس . والدَّنَس هو الوسخ .

11=قوله : " اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ " لماذا ذَكَر الثلج والبَرَد بعد ذِكر الماء ؟
قال ابن القيم رحمه الله :
سألت شيخ الإسلام عن معنى دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم طهرني من خطاياي بالماء والثلج والبرد
كيف يُطهر الخطايا بذلك ؟ وما فائدة التخصيص بذلك ؟ وقوله في لفظ آخر: " والماء البارد " والحارّ أبلغ في الانقاء ؟
فقال : الخطايا توجب للقلب حرارة ونجاسة وضَعْفَـاً ، فيرتخي القلب وتضطرم فيه نار الشهوة وتنجّسه ، فإن الخطايا والذنوب له بمنـزلة الحطب الذي يُمِد النار ويوقدها ، ولهذا كلما كثرت الخطايا اشتدت نار القلب وضعفه ، والماء يغسل الخبث ويطفئ النار ، فإن كان بارداً أورث الجسم صلابة وقوة ، فإن كان معه ثلج وبَرَد كان أقوى في التبريد وصلابة الجسم وشدته ، فكان أذهب لأثر الخطايا .
هذا معنى كلامه ، وهو يحتاج إلى مزيد بيان وشرح .
فاعلم أن ههنا أربعة أمور : أمران حسيّان ، وأمران معنويان . فالنجاسة التي تـزول بالماء هي ومزيلها حسيان ، وأثر الخطايا التي تـزول بالتوبة والاستغفار هي ومزيلها معنويان . وصلاح القلب وحياته ونعيمه لا يتم إلا بهذا وهذا . اهـ .

والله تعالى أعلم .

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم



غفساوية 22-07-2009 06:03 PM

رد: شرح أحاديث عمدة الأحكام الحديث الـ 86 87 88 89 صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
 


شرح أحاديث عمدة الأحكام
الحديث الـ 87 صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم







حديث 87
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَفْتِحُ الصَّلاةَ بِالتَّكْبِيرِ , وَالْقِرَاءَةَ بـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) وَكَانَ إذَا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُصَوِّبْهُ وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ , وَكَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِماً , وَكَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِداً , وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ , وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى , وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ ، وَيَنْهَى أَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ , وَكَانَ يَخْتِمُ الصَّلاةَ بِالتَّسْلِيمِ .

في الحديث مسائل :

1=تكبيرة الإحرام رُكن لا تنعقد الصلاة بغيرها .
قال عبد الرحمن بن مهدي : لو افتتح الرجل الصلاة بسبعين اسماً من أسماء الله ولم يُكبِّر تكبيرة الإحرام لم يُجْزِه ، وإن أحدث قبل أن يسلم لم يُجْزِه .
قال ابن عبد البر : اختلف الأئمة من الفقهاء في تكبيرة الإحرام ؛ فذهب مالك في أكثر الرواية عنه والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه إلى أن تكبيرة الإحرام فرض واجب من فروض الصلاة . اهـ .
وفي مذهب أحمد أنها رُكن لا تسقط في عمد ولا سهو .
قال ابن قُدامة في المغني : وتختص تكبيرة الإحرام من بين الأركان بأن الصلاة لا تنعقد بِتَرْكِها .
وقال ابن حجر : فائدة :
تكبيرة الإحرام ركن عند الجمهور ، وقيل شرط ، وهو عند الحنفية ، ووجه عند الشافعية ، وقيل : سُنة . قال ابن المنذر : لم يقل به أحد غير الزهري ، ونقله غيره عن سعيد بن المسيب والأوزاعي ومالك ، ولم يثبت عن أحد منهم تصريحا ، وإنما قالوا فيمن أدرك الإمام راكعا تجزئه تكبيرة الركوع .
وقال القرطبي : والصحيح من مذهبه [ يعني الإمام مالك ] أيجاب تكبيرة الإحرام ، وأنها فرض وركن من أركان الصلاة ، وهو الصواب ، وعليه الجمهور ، وكل من خالف ذلك فمحجوج بالسنة .

2=هل يُجزئ غير التكبير ؟
قال النووي : فقولها : " كان يفتتح الصلاة بالتكبير " فيه إثبات التكبير في أول الصلاة ، وأنه يتعين لفظ التكبير ، لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله ، وأنه صلى الله عليه وسلم قال : صلوا كما رأيتموني أصلي . وهذا الذي ذكرناه من تعيين التكبير هو قول مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى ، وجمهور العلماء من السلف والخلف .
قال القرطبي : واختلف العلماء في اللفظ الذي يَدْخُل به في الصلاة ؛ فقال مالك وأصحابه وجمهور العلماء : لا يجزئ إلا التكبير ، لا يجزئ منه تهليل ولا تسبيح ولا تعظيم ولا تحميد ، هذا قول الحجازيين وأكثر العراقيين ، ولا يجزئ عند مالك إلا ( الله أكبر ) لا غير ذلك ، وكذلك قال الشافعي .
ثم ذَكَر أن الحجة في ذلك هو حديث عائشة هذا .

3= المؤلف رحمه الله أورد هذا الحديث في باب صِفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، والفِعل الْمُجرّد لا يدل على الوجوب ، إلا أنه هنا اقترنت به قرينة ، وهي قوله عليه الصلاة والسلام : صَلُّوا كما رأيتموني أُصَلِّي . رواه البخاري .
وهنا قد يَرِد إشكال ، وهو أن صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم تضمّنت الأركان والواجبات والسُنن ، فهذا يُعكّر على هذه القرينة .
والجواب عنه : أن المؤلّف رحمه الله أورد هذا الحديث في باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم عَقَد باباً بعد هذا الباب ، وهو باب وُجوب الطمأنينة في الركوع والسجود . وسيأتي إن شاء الله .

4= وُجوب قراءة الفاتحة ، بل هي رُكن للإمام والمنفرِد ، والمأموم في الصلاة السرِّيَة – على الخلاف – .

5= وُجوب الطمأنينة ، وهي مأخوذة من ضميمة " صَلُّوا كما رأيتموني أُصَلِّي " مع الأمر في حديث المسيء بالطمأنينة .

6=استفتاح القراءة بـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) هل يدلّ على أن البسملة ليست آية من الفاتحة ؟
الجواب : لا يدل على ذلك ، فإن ذِكْر ما تُبدأ به القراءة ليس نفياً لما عداها مما يكون قَبْلَها من الاستفتاح وقراءة البسملة .
ثم إن هذا مفهوم ، والمنطوق مُقدّم عليه .
ومن المنطوق ما رواه البخاري من طريق قتادة قال : سُئِل أنس : كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : كانت مدّاً ثم قرأ : (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) يَمُدّ بِـ (بسم الله) ، ويَمُدّ بـ(الرحمن) ، ويَمُدّ بـ (الرحيم ) .
وروى الدارقطني والبيهقي من حديث أبي هريرة مرفوعا : إذا قرأتم الحمد لله فاقرؤوا (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) إنها أم القرآن ، وأم الكتاب ، والسبع المثاني ، و (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) إحداها . وصححه الألباني في الصحيحة .
وروى النسائي من طريق نعيم المجمر قال : صليت وراء أبي هريرة ، فقرأ : (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ، ثم قرأ بأم القرآن حتى إذا بلغ : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) فقال : آمين ، فقال الناس : آمين .

7=هل يَجهر بـ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ؟
السنة أنه لا يَجهر بها .
وسيأتي تفصيل ذلك في حديث أنس رضي الله عنه في باب مُستقل .

8= قولها : " وَكَانَ إذَا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُصَوِّبْهُ وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ "
قال القاضي عياض : " لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ " أي لم يرفعه ، وأصل الشُّخوص الرّفع .
والمعنى لا يرفعه حتى يكون أعلى من ظهره ، ولا يُطأطئ برأسه فيحني ظهره ، وإنما يعتدل في ركوعه ، بحيث يكون رأسه في مستوى جسمه .
قال النووي : أي لم يخفضه خفضا بليغا ، بل يعدل فيه بين الأشْخَاصِ والتّصويب .
وفي المسند عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رَكَع لو وُضِع قَدَحٌ من ماء على ظهره لم يُهراق .

9=قولها : " وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ " يعني التشهّد ، وهو من واجبات الصلاة ، فمن تركه عمدا بَطَلَتْ صلاته ، ومن ترك التشهّد الأول ( ويُسمى الأوسط ) نسياناً جَبَرَه بسجود السهو .
قال النووي : فيه حجة لأحمد بن حنبل ومن وافقه من فقهاء أصحاب الحديث أن التشهد الأول والأخير واجبان . اهـ .
وسيعقد المصنف باباً للتشهّد .

10=تفصيل حال من قام عن التشهّد الأول :
إذا استتم قائما كُرِه له أن يَرجع ، وإن شَرَع في الرّكن حرُم عليه الرّجوع .
أما إذا لم يستتم قائما فله أن يرجع .
ففي المسند وغيره عن المغيرة بن شعبة قال : أمّـنَـا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر أو العصر ، فقام ، فقلنا : سبحان الله ، فقال : سبحان الله ، وأشار بيده ، يعني قوموا ، فقمنا ، فلما فرغ من صلاته سجد سجدتين ، ثم قال : إذا ذكر أحدكم قبل أن يستتم قائما فليجلس ، وإذا استتم قائما فلا يجلس .
وفي رواية لأحمد : إذا قام أحدكم فلم يستتم قائما فليجلس ، وإذا استتم قائما فلا يجلس ، ويَسجد سجدتي السهو .

11= قولها : " وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى " هذا في الصلاة ذات التشهّد الواحد ، كالفجر والجمعة والعيدين ، والنوافل ، وهو جُلوس التشهّد الأول .
أما التشهّد الثاني فإن يتورّك فيه ، وهو ما جاء في حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه في صِفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم : فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى ، وإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته . رواه البخاري .

12=قولها : " وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ " ، فُسِّر بالإقعاء المنهي عنه .
وفَسَّره أبو عبيد وغيره بالإقعاء المنهي عنه ، وهو أن يلصق ألييه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض ، كما يفرش الكلب وغيره من السباع . نقله النووي ، وقال في شرح عقبة الشيطان : هو الإقعاء الذي فسّرناه ، وهو مكروه باتفاق العلماء بهذا التفسير الذي ذكرناه ، وأما الإقعاء الذي ذكره مسلم بعد هذا في حديث ابن عباس أنه سنة فهو غير هذا . اهـ .
والإقعاء الذي قال عنه ابن عباس إنه سُنة ، هو أن ينصب قدميه ، بحيث تكون بطون الأصابع إلى الأرض ، ويجلس عليهما بين السجدتين ، أي أن يضع إليته على عرقوبَيه .

13= قولها : " وَيَنْهَى أَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ "
أي في السجود ، بحيث يُلصق ذراعيه بالأرض كحال السِّباع إذا بَرَكت وبسطت أذرعتها على الأرض .
ولأنه إذا افترش افتراش السّبع فسوف يُخل بسجوده ، ولا يُمكّن أعضاء السجود .

14=قولها : " وَكَانَ يَخْتِمُ الصَّلاةَ بِالتَّسْلِيمِ "
قال النووي : فيه دليل على وجوب التسليم ... واخْتَلَف العلماء فيه ؛ فقال مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى وجمهور العلماء من السلف والخلف : السلام فرض ، ولا تصح الصلاة إلاّ به .

15=هل يجوز أن يقتصر على تسليمة واحدة ؟
قال ابن قدامة : والواجب تسليمة واحدة ، والثانية سُنة .
قال ابن المنذر : أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة .
قال ابن قدامة : وليس نص أحمد بصريح بوجوب التسلميتين ، إنما قال : التسليمتان أصحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ويجوز أن يذهب إليه في المشروعية والاستحباب دون الإيجاب ، كما ذهب إلى ذلك غيره .

والله تعالى أعلم .

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

غفساوية 22-07-2009 06:06 PM

رد: شرح أحاديث عمدة الأحكام الحديث الـ 86 87 88 89 صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
 


شرح أحاديث عمدة الأحكام
الحديث الـ 88 صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم



حديث 88
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلاةَ , وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ , وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ , وَقَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ , رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ . وَكَانَ لا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ .

في الحديث مسائل :

1=مشروعية رَفع اليدين في هذه المواضع التي ذكرها ابن عمر رضي الله عنهما .

2= كيف يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام ؟
له ثلاث حالات :
1 – أن يُكبِّر أولاً ثم يرفع يديه .
2 – أن يرفع يديه ثم يُكبِّر .
3 – أن يُكبِّر مع رفع يديه في وقت واحد .

3=
قوله : " حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ " أي بمحاذاة منكبيه ، والمنكب هو أعلى الكتف ، وهو العاتِق .
قال ابن حجر : والمنكب : مجمع عظم العضد والكتف .
والمحاذاة للمنكِبين : المقصود بها ما يُقابلهما .

4=
كيف يُجمع بين هذه الرواية وبين الرواية الثانية التي جاء فيها : " حتى يحاذي بهما فروع أذنيه " رواه مسلم ؟
وروى أبو ثور عن الشافعي أنه جمع بينهما فقال : يَحاذِي بظهر كفيه المنكبين ، وبأطراف أنامله الأذنين . ذَكَره ابن حجر ثم قال : ويؤيده رواية أخرى عن وائل عند أبي داود بلفظ : حتى كانتا حيال منكبيه وحاذى بإبهاميه أذنيه .

5= هذه ثلاثة مواضع ذكر فيها ابن عمر رضي الله عنهما رفع اليدين ، وهي :
عند تكبيرة الإحرام
وعند الركوع
وعند الرفع منه

6=
هل ورَد رفع اليدين في غير هذه المواضع في الصلاة ؟
وَرَد رفع اليدين في موضع رابع ثبت به الرفع عند البخاري من حديث ابن عمر أيضا ، وفيه : وإذا قام من الركعتين رفع يديه .
يعني في قيامه للركعة الثالثة .
ولا يُشرع الرّفع في غير هذه المواضع ، لعدم وُورد ذلك عنه عليه الصلاة والسلام .

7= أنكر بعض العلماء رفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام ، ولعله لعدم بلوغهم الدليل .
وإلا فقد نقل ابن عبد البر عن الأوزاعي أنه قال : بلغنا أن من السنة فيما أجمع عليه علماء أهل الحجاز والبصرة والشام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه حين يكبر لافتتاح الصلاة ، وحين يكبر للركوع وحين يرفع رأسه منه ، إلا أهل الكوفة فإنهم خالفوا في ذلك أُمّتَهم . اهـ .
وروي عن ابن المبارك قال : صليت إلى جنب أبي حنيفة فرفعت يدي عند الركوع وعند الرفع منه ، فلما انقضت صلاتي قال لي : أردت أن تطير ؟! فقلت له : وهل من رفع في الأولى يُريد أن يَطِير ؟ فَسَكَتْ .

والله تعالى أعلم .



عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

غفساوية 22-07-2009 06:09 PM

رد: شرح أحاديث عمدة الأحكام الحديث الـ 86 87 88 89 صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
 
شرح أحاديث عمدة الأحكام
الحديث الـ 89 صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

حديث 89
عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ : عَلَى الْجَبْهَةِ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى أَنْفِهِ - وَالْيَدَيْنِ , وَالرُّكْبَتَيْنِ , وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ .

في الحديث مسائل :

1= قوله صلى الله عليه وسلم : " أُمِرْتُ " الآمر له هو الله تبارك وتعالى ، والأمر له عليه الصلاة والسلام أمْرٌ لأمّتِـه .

2=
وُجوب السجود على الأعضاء السبعة .

3=
إذا سَجد على بعض هذه الأعضاء ، هل يصحّ سجوده ؟
قال القرطبي : واختلف العلماء فيمن وضع جبهته في السجود دون أنفه ، أو أنفه دون جبهته ؛ فقال مالك يسجد على جبهته وأنفه ، وبِهِ قال الثوري وأحمد ، وهو قول النخعي . قال أحمد : لا يُجزئه السجود على أحدهما دون الآخر ، وبه قال أبو خيثمة وأبن أبي شيبة . قال إسحاق : إن سجد على أحدهما دون الآخر فصلاته فاسدة . وقال الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وروي عن أبن عباس وسعيد بن جبير وعكرمة
وعبد الرحمن بن أبي ليلى كلهم أمر بالسجود على الأنف . وقالت طائفة : يُجزئ أن يسجد على جبهته دون أنفه ، هذا قول عطاء وطاوس وعكرمة وابن سيرين والحسن البصري ، وبه قال الشافعي وأبو ثور ويعقوب ومحمد . قال ابن المنذر : وقال قائل إن وضع جبهته ولم يضع أنفه ، أو وضع أنفه ولم يضع جبهته فقد أساء وصلاته تامة ، هذا قول النعمان . قال ابن المنذر : ولا أعلم أحدا سبقه إلى هذا القول ، ولا تابعه عليه .
ثم قال القرطبي : قلت : الصحيح في السجود وضع الجبهة والأنف . اهـ
.

4=التنبيه على عدم صحة سجود من يسجد على طرف شماغه أو طرف عقاله دون أن يُمكِّن جبهته من الأرض .
فإن قيل : النبي صلى الله عليه وسلم سَجَد على كُور العمامة ؟
فالجواب : أن الذي يسجد على عمامة يُمكِّن جبهته أو عمامته بخلاف من يسجد على طَرَف العقال .
ثم إن الذي يسجد على طرف العقال فيه معنى آخر وهو تكبّره أحيانا عن السجود على الأرض .

5= لو رفع الْمُصلِّي قدميه . هل تصح صلاته ؟
لا تصحّ صلاته لأنه ترك واجباً ، فإن كان جاهلا فقد أساء ، وإن كان عالما وفعله عمدا طيلة السجود بَطَلتْ صلاته .

6=
أطراف القدمين : المقصود به الأصابع ، والسنة أن يَرصّ عقبيه ، وهي العراقيب لتكون بطون الأصابع نحو الأرض ، وأطراف الأصابع نحو القِبلة ، وبهذا يُمكِّن جبهته من السّجود ، فإنه إذا ضغط قدميه تمكّنت جبهته

7=
هذا الأمر بالسجود على هذه الأعضاء السبعة يُفسِّر ويُوضِّح النهي عن افتراش كافتراش السّبع ، وهو أن الافتراش يُخالف تمكين الأعضاء من السجود ، فإن الْمُصلِّي إذا افترش يديه ووضعهما على الأرض لم يُمكِّن جبهته ، لأنه مُعتمد على يديه ، ولن يُمكِّن يديه لأن الاتِّكاء سيكون على المرفقين والذراعين ، ولن يَرصّ عَقِبَيه لأنه مُعتمد على يديه .

والله تعالى أعلم .


عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

&مجد الاسلام& 23-07-2009 10:57 AM

رد: شرح أحاديث عمدة الأحكام الحديث الـ 86 87 88 89 صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
 
جزاكي الله خيرا غاليتي
في ميزان حسناتك ان شاء الله
في امان الله

غفساوية 17-08-2009 02:45 PM

رد: شرح أحاديث عمدة الأحكام الحديث الـ 86 87 88 89 صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
 
[quote=&مجد الاسلام&;762899]


جزانا الله واياكم
بارك الله مرورك الطيب
اختي الغالية
جزاك الله خيرا
وفقك الله اختي


الساعة الآن : 11:33 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 34.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.22 كيلو بايت... تم توفير 0.30 كيلو بايت...بمعدل (0.88%)]