ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى حراس الفضيلة (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=103)
-   -   ذنوب الخلوات (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=198494)

ابوالوليد المسلم 03-04-2019 06:37 PM

ذنوب الخلوات
 
ذنوب الخلوات (المقال الأول)


محمد علي يوسف

المزاوجة بين الطاعة والمعصية سرا فإنها تنقض ذلك التصور البائس وتضع احتمالية وجود الضعف الإنساني في المشهد وليست فقط مسألة اجتراء واستهانة بسمع الله وبصره كما سيحلو للشيطان أن يجعلها الاحتمال الأوحد..


صاحب معصية السر الذي لم يزل الخير متمكنا من قلبه رغم ضعفه أمام معصيته غالبا ما يكون أشد فزعه وأعظم ندمه لأجل شيئين رئيسين..
الأول: أن يموت على ذلك الذنب.
والثاني: أن يكون استخفاؤه من الناس واجتراؤه حين لا يراه إلا ربه نفاقا يتسرب إلى قلبه حتى يتمكن منه في نهاية الأمر.

الحقيقة أن هذا ندم محمود و قلق لابد منه ومخاوف ينبغي ألا يتم التهوين من شأنها الذي قد يورث يوما تمام توبة وكمال أوبة الإشكال أن ذلك القلق وتلك المخاوف قد تتحول إلى أمر من إثنين الأول هو اليأس والقنوط والعجز عن أي تغيير للأفضل والثاني هو اللامبالاة و( تكبير الدماغ ) والمضي قدما في طريق المعصية ما دامت الأمور ( كدة كدة بايظة )..

هذه المخاوف يمكن التعامل معها بشكل إيجابي عام بتحويلها كما قلنا إلى دافع للتوبة والإنابة وبشكل خاص بمواجهة كل نوع من تلك المخاوف عبر علاجه المباشر..

أما خوف سوء الخاتمة والموت على تلك الحال وما يكون عليه ذلك من هوان وفضيحة في الدنيا ثم بعث على تلك الحال في الآخرة كما وردت الأحاديث الصحيحة بذلك..

ويُذكر كثيرا أن من عاش على شيء مات عليه ورغم أن هذا ليس بحديث مرفوع إلا أنها مقولة مشهود من خلال ما لا يحصى أنها تحمل الكثير من الحقيقة..

إذاً فقد يساعد على عدم حدوث تلك الخاتمة على معصية السر ألا تكون تلك المعصية هي غالب حال المرء ألا تكون هي المسيطرة على حياته والأهم على قلبه ألا يكون الأصل فيه عند الخلوة المسارعة لانتهاك محارم الله..

* يضعف أحيانا.
* يفتن أحيانا.
* يزل ويخطيء.
لكن المهم أن يظل ذلك قدر وسعه استثناءً وليس أصلا وحيدا..

أما عن مشكلة اتهام النفس بالنفاق وازدرائها واليأس منها فمن أهم حلولها العملية في نظري طاعة السر طاعة لا يعلمها مخلوق سواك ربك وأنت فقط هذا النوع من الطاعات له أثر عجيب في معادلة معصية السر..

كأنها رسالة ضمنية مفادها: ليس الأمر كله سواد حالك ثمة بصيص من الضوء يلوح في الأفق لعلي ممن خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فعسى الله أن يتوب علي مع من وعدهم بذلك..

بديل ذلك هو مزيد من احتقار النفس ومزيد من الازدراء لها فإن أدرى الناس بما تفعله هو أنت وكلما نظر إليك الخلق بتقدير علمت أنت من نفسك ما لم يعلموا وبالتالي يزداد الحزن والهوان..

أما المزاوجة بين الطاعة والمعصية سرا فإنها تنقض ذلك التصور البائس وتضع احتمالية وجود الضعف الإنساني في المشهد وليست فقط مسألة اجتراء واستهانة بسمع الله وبصره كما سيحلو للشيطان أن يجعلها الاحتمال الأوحد..
وحينئذ يحدث اليأس والاستسلام وتلك غاية أمانيه وأهم مقاصده..
فإياك أن تحققها له..

ابوالوليد المسلم 16-04-2019 02:16 AM

رد: ذنوب الخلوات
 
ذنوب الخلوات (المقال الثانى)


محمد علي يوسف



المشاعر المصاحبة للأعمال صالحة كانت أو سيئة تشكل ركنا مهما من حقيقة تلك الأعمال:
* الفرح والحزن.
* السرور والغم.
* الحب والكره.
* الحرص والزهد.
* الخوف والاجتراء.
* الوجل والاستخفاف.
* حسن الظن وسوءه.
* التعظيم والاستهانة.

كل هذه المشاعر وغيرها قد يغير وجود أحدها من مقام العمل كلية وينقله نقلات نوعية هائلة قد لا يتصورها مقترف العمل نفسه قديما قالوا لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار وروي عن بعض الصالحين قوله: فرحك بالذنب أشد من وقوعك في الذنب.

وتتضافر الآيات والأحاديث على ترسيخ هذه القيمة:
قيمة المشاعر المصاحبة للأعمال أو المترتبة عليها{وَالَّذِي� �َ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}..

تأمل.. يقترفون الحسنات ويسارعون في الخيرات وهم أثناء ذلك تفيض قلوبهم بالوجل وخشية عدم القبول هكذا اعتنى القرآن بحال قلوبهم عند الطاعة بوجلهم وبمواضع فرحهم وسرورهم {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}..
وكذلك حال حزنهم {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ}..
هذه وغيرها كثير نماذج لقيمة المشاعر عند طاعة أو قربى وما ينبغي أن تكون عليه في المقابل وردت آيات عديدة في شأن المشاعر المصاحبة لمعصية أو ذنب لعل أوضح تلك النماذج ما وود من ذكر مشاعر المخلفين والقاعدين عن غزوة تبوك ما كانت عليه {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ ۗ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا ۚ لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ}..

وما كان ينبغي لها أن تكون عليه{فَلْيَضْحَ� �ُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} كذلك ما ورد من استخفاف البعض بمعصية قذف المحصنات والخوض في الأعراض إبان حادث الإفك {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُم ْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ}..

ونماذج أخرى لا يتسع المقام لذكرها جميعا تمتليء بها صفحات كتاب الله وتجتمع كلها على لفت الانتباه لجانب المشاعر وما تحويه القلوب تلك القلوب التي لا ينجو من الخزي في الآخرة إلا من اعتنى بها وأصلحها ليأتي ربه وقد سلمت من الآفات والأدران {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}..

لأجل ذلك ينبغي النظر ابتداء لهذا المحل ومحاسبة النفس على أحواله التي تظهر جلية واضحة لا لبس فيها هنالك في الخلوات..

ابوالوليد المسلم 29-04-2019 01:55 AM

رد: ذنوب الخلوات
 
ذنوب الخلوات (المقال الثالث)


محمد علي يوسف








ولعل اليأس هو أخطر تلك المشاعر التي قد تصاحب معصية السر مرة بعد مرة وسقطة تتلوها أخرى لا يطمح الشيطان من وراء تكرارها بشيء مثلما يطمح في أن يسرب هذا الشعور إلى قلبك وهو في الحقيقة قد يكون شعورا مريحا للبعض..

إحساسك أنه لا فائدة وأنك مهما فعلت ومهما حاولت فلن تغير شيئا من نفسك سيورثك استرخاءً وهدوءاً مرحليا لا شيء عليك ولا قيمة لكل ما تنوي أن تفعله ما دمت كل مرة تسقط من جديد فلماذا إذاً تفعله؟

ترتاح ظاهريا كلما سخرت من فكرة الأمل وممن يحاولون بثها شعور باللامبالاة سيخيم عليك كلما رددت عبارات الإحباط وستجد تسكينا مؤقتا كلما دندنت بشعارات ترسخ لفكرة القنوط المطلق وستحصل على خدر لذيذ كلما نشرت ثقافة العدمية و الهروب من مواجهة واقعك وتقصيرك وقررت إقناع نفسك إن (مافيش فايدة) و (خلاص بايظة بايظة) ومن الحماقة أن تتعب نفسك لأجل إصلاح شيء قد تم تدميره للأبد هكذا يفرح الشيطان وينتشي بتلك الأفكار المدمرة..

إذا اختفى بصيص الأمل ففعلا لا تغيير يرتجى ولكي يستطيع المرء أن يتغير ويغير ينبغي ألا ينطفيء في قلبه وميض الأمل وجذوة اليقين أن الأمر ممكن وأن التغيير مستطاع ومن هنا يبدأ العمل ويبذل الجهد..

من دون هذا فليس إلا راحة اليأس المؤقتة لأجل ذلك جاءت الآية واضحة حاسمة قاطعة آية لا تخاطب مجرد عاصٍ ولا تبث الأمل في قلب اعتراه فتور عابر أو زل زلة استثنائية إنها آية تخاطب المسرف {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}..
لا تقنطوا.. هذا هو التوجية الأول والتأسيس المبدئي الذي يسبق الإصلاح والتغيير القادم في الآيات التي جاءت بعد ذلك..

البداية هاهنا.. نبذ اليأس ونفض غبار القنوط هذا أيضا هو نفس ما رسخه النبي صلى الله عليه وسلم ترك الإغراق في المشاعر السلبية التي لا جدوى منها والالتفات إلى الحلول العملية هكذا بيّن في تصويره لحال المؤمن العاصي في الحديث "لكل عبد مؤمن ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه حتى يفارق الدنيا تأمل..

هذا عبد مؤمن بشهادة الحبيب صلى الله عليه وسلم لكنه مع ذلك يزل ويخطيء وتتكرر نفس الأخطاء والحل لخصه النبى بعد ذلك حين ذكر ما ينبغي أن تكون عليه صفة المؤمن تجاه الذنب الذى ضعف أمامه واعتاده الفينة بعد الفينة لقد لخص تلك الصفات فى جملة جامعة رائعة جمعت صفات أربعة تتوازن سويا فقال " إن المؤمن خلق مفتنا توابا نسيا إذا ذكر تذكر "

فمفتنا تعدلها توابا... هو عرضة للفتن وقد يقع فيها لكنه يسارع بالتوبة وهو نسيٌّ يقع فى الغفلة ويعتريه النسيان كما اعترى أباه الأول عليه السلام لكنه في النهاية يقبل التذكرة والنصح..

ويتذكر.. حينئذ لا يعد ما هو عليه إصرارا ولا فجورا ما دامت جذوة الندم متقدة والرغبة في الإصلاح والتغيير لم تزل حية؛ لكنه الضعف البشري وعلى المؤمن أن يحاول اكتساب القوة في مواجهته ولا يكون ذلك إلا باستمدادها ممن لا حول ولا قوة إلا به..


يا عزيزي لا تكره نفسك وضع الأشياء في نصابها ولا تجعل شيئا يحول بينك وبين ربك حتى لو كان تقصيرك وضعفك والأهم إياك واليأس والقنوط فهما أعظم أماني شيطانك ومطالبه من ذنبك إياك..




ابوالوليد المسلم 09-05-2019 11:56 AM

رد: ذنوب الخلوات
 
ذنوب الخلوات (المقال الرابع)


محمد علي يوسف





يوم مطير هو..
بركة من الوحل على جانب الطريق صنعتها مياه الأمطار المتجمعة في ذلك الجزء المنخفض من الشارع مكونة مزيجا من الطين والماء وقاذورات الطريق.

من بعيد بدت السيارة القادمة بسرعة جنونية تطاير الماء المختلط بالطين والقاذورات ليصيب المارة الذين قُدر لهم أن يمروا بجوار تلك المخاضة لحظة عبور السيارة المسرعة وبينما يتأففون لما أصاب ثيابهم من آثار ذلك الوحل ويحاولون نفض تلك الآثار عنها إذا ببعضهم ينظرون بحزن ممتزج بسخط وغضب يائس إلى أثوابهم التي كانت منذ لحظات نظيفة فاخرة وقد تلطخت واتسخت..

وبدلا من أن ينشغلوا بتنظيفها وإصلاح ما ألمَّ بها إذا بهم يصرخون قائلين: لا فائدة!! قد فسد الثوب ولا قيمة لنفض الطين عنه الغريب أنهم بعد ذلك اتجهوا والأنظار ترقبهم بدهشة مُنكِرَة إلى بركة الماء والطين ليقوموا بأعجب فعل يمكن توقعه فى تلك اللحظة لقد قفزوا إلى داخل بركة الوحل ومرغوا أنفسهم في الطين المبتل مرددين منطقهم العقيم: لم يعد شىء يفرق قد فسد الثوب ولا قيمة للحفاظ على ما تبقى منه نظيفا..

فلنتمرغ فيها إذاً ولنودع كل ما تبقى لنا من نقاء ونظافة وطهر يختفون تدريجيا خلف طبقة من وحلها وقذرها طبقة سميكة تتجمع على أجسادهم المتقلبة المتمرغة التي تتحول بسرعة إلى نفس الشكل واللون وتكاد تختفي تماما فيها وتصير جزءا لا يتجزأ منها جزءاً من تلك المخاضة طبعا لا أحد يتصور أن يحدث هذا فى دنيا العقلاء ربما فى فيلم هزلى أو رواية ساذجة عن قوم فقدوا عقولهم أو أصابتهم لوثة أطاشت قدرتهم على التفكير السديد لكن هذه الصورة الهزلية للأسف تلخص حال أولئك الذين استسلموا لليأس والقنوط بعد الوقوع في المعصية واختاروا الخيار الأسوأ خيار التمرغ في المزيد إنه اليأس حين يمتزج بأوضح صور الحماقة هذا الصنف من الناس يتعامل وكأنما ينبغى إذا لم يدرك كل الشىء أن يترك جله أو حتى ما تبقى له وقد سيطرت عليهم قاعدة إما الكمال وإلا فلا يتعاملون بهذا المنطق على مختلف الأصعدة فإذا عصوا الله معصية تمادوا فى عصيانه ولسان حالهم: ما عادتش فارقة..

وإذا قصروا فى طاعة تركوها وباقى الطاعات وكأنما قد سد باب الإصلاح بنفس حجة: ما عادتش فارقة وإذا فشلوا فى تحقيق هدف قعدوا وأحبطوا وكأن الحياة قد انتهت ولم يعد لوجودهم معنى أو غاية لأنها مش فارقة خلاص وهكذا دواليك هذا النمط يعد نموذجا واقعيا لذلك المثال القرآني البديع عن تلك المرأة الحمقاء التي كلما غزلت ثوبا نقضته كأن لم يكن {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَ ّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}..

نموذج صارخ لحماقة مدهشة لا تختلف كثيرا عن حماقة أولئك الذين اختاروا التمرغ فى الوحل بدلا من أن ينظفوا ما اتسخ ويرتقوا ما تمزق من ثيابهم أو قرروا أن يتلفوا ما تبقى من رصيدهم بدلا من أن ينموا ويستثمروا ما بقى لهم أولئك الذين تناسوا ما علمهم ربهم من أنه {لَا يَيْأَس مِنْ رَوْح اللَّه إِلَّا الْقَوْم الْكَافِرُون} وأن فرصة الإصلاح والتصحيح قائمة ما لم يغرغر المرء وتأتيه سكرات الموت فما أشد حماقتهم وما أقل حيلتهم وما أهونهم على أنفسهم وهم يقبلون التمرغ في تلك المخاضة القذرة التي تكاد ترسم بوحلها شعارهم في الحياة شعار: خلاص مش فارقة..


ابوالوليد المسلم 11-06-2019 12:57 PM

رد: ذنوب الخلوات
 
ذنوب الخلوات (المقال الخامس)


محمد علي يوسف


أقوام ظاهرهم الطاعة وصلاح خارجهم لا تخطئه عين
هم قوامون صوامون فيما يبدو للناس
وإن حسناتهم من الكثرة لدرجة جعلتها تشبه بالجبال
تخيل أنهم يأتون يوم القيامة بجبال من الحسنات وحينئذ ستدرك حالهم الظاهر في الدنيا وإقبالهم المنظور على الطاعات المورثة لتلك الحسنات الوفيرة
لكن هذه الجبال لا تلبث إلا وتتصدع وتنهار متحولة إلى هباء منثور
السبب لهذا الحبوط المخيف يوضحه النبي صلى الله عليه وسلم في خاتمة الحديث
إنها معصية السر
ذنوب الخلوات
وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا
تلك هي آفتهم وهذه هي مصيبتهم
لكن النبي أيضا تحدث عن خطورة نقيض هذا الفعل
خطورة المجاهرة
" «كلُّ أمَّتي مُعافًى إلَّا المُجاهِرينَ» "
ظاهر الحديث الثاني , تخفيف أثر الإسرار بالذنب وتشديد الترهيب من المجاهرة به
قد يظن البعض أن ثمة تعارض مع الحديث الأول وما كان على شاكلته من ترهيب ووعيد مترتب على معاصي السر فلا يدري إذا ما عليه فعله
أأجهر بالذنب أم أُسِرُّ به؟
المجاهرة أفضل أم أن العافية في التستر والاستخفاء؟
أسئلة مشروعة هي وقد يكون لها وجه إذا تم التعامل مع الأحاديث منفردة وبمعزل عن الصورة الكاملة للذنوب والمعاصي وحال الإنسان أثناء مقارفتها وطبيعة الدافع من وراء الإسرار أو المجاهرة
ذكرت من قبل أن تحديد قيمة أي عمل ترتبط بشكل وثيق بحال القلب أثناء ارتكابه
هذا المتستر قد يكون تستره بالذنب حياء من صالحي قومه أو درءا لمفسدة الاقتداء به وتسهيل المعاصي وهوانها على الخلق وتكثير سواد العصاة وشيوع الفاحشة بين المؤمنين وهو أثناء استخفائه بالذنب لا يستهين بسمع الله وبصره ولا يستخف بمقامه بل ربما كان يرجو منه توبة وعونا على الإقلاع ولا يكاد يفارقه الندم ولا تخبو حرقة الألم من قلبه حتى أثناء وقوعه في الذنب وهو حين تستره يعلم أن مولاه ستير حليم يمهل ويعطي للعبد الفرصة تلو الأخرى لعله يرجع بينما يفعل الناس ضد ذلك ولن يرحموا ضعفه وزلته
صاحب هذا الحال وهذا القلب هو بلا شك وإن عصى سرا ً أفضل حالا من المجاهر الذي تتحول المعصية معه إلى فجور وفسوق عن أمر ربه يستعرض تفاصيلها ويزهو بارتكابه إياها وهو يدعو الناس ضمنيا لمشاركته فيها أو حتى لا يحمل هم احتمالية اقتدائهم به وشيوع فواحشه فيهم وهذا ما فصله النبي صلى الله عليه وسلم في باقي حديث استثناء المجاهر من العافيةفيقول في خاتمة الحديث:
وإنَّ منَ المُجاهرةِ أن يعمَلَ الرَّجلُ باللَّيلِ عملًا ، ثُمَّ يصبِحَ وقد سترَه اللَّهُ ، فيقولَ : يا فلانُ ، عمِلتُ البارحةَ كذا وَكذا وقد باتَ يسترُه ربُّهُ ويصبِحُ يَكشِفُ سترَ اللَّهِ عنهُ
تأمل نداءه.. يا فلان
تأمل إيجابيته في الدلالة على الذنب واستنانه سنن السوء
تأمل التفاصيل المتنوعة التي يحكيها والتي يشير إليها حرف العطف بين "كذا" و "كذا"
إنه ليس مجرد مجاهر
إنه مجتريء فاجر يستحق بهذا القلب المنكوس استثناءه من المعافاة
لكن ليس كل متستر أفضل حالا
هنالك ذلك المستخفي الذي استحق حبوط عمله لأن الأصل عنده كان كما ذكر النبي في خاتمة حديث جبال الحسنات
الأصل عنده أن الخلوة انتهاك حرمة
" أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا"
هكذا بوضوح
شرط وجوابه يلقيان بظلال التلازم
هم أناس حولوا كل خلوة إلى فرصة للمعاصي وتدنى مقام الحرمة في قلوبهم إلى درجة يكاد معها كل تعظيم أن يزول ويختفي
" {ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} "

لعل أخطر ما في هذا النوع من ملازمة الاستخفاء بالمعصية وخشية مقارفها رؤية الناس لحاله أثناءها هو ذلك الافتضاح بينه وبين نفسه

هذا الصنف لا يستطيع أن ينكر في داخله أنه لو وجدت مقارنة بين مقام الله ومقام الخلق في قلبه فإن كفة ذلك الأخير سترجح ودليل هذا الترجيح دامغ يعرفه هو كلما فعله

إنه استخفاؤه الدائم وهروبه من إبصارهم له ثم عدم اكتراثه التدريجي بسمع وبصر مولاه رغم علمه أنه إليه أسبق وعليه أقدر
ولو أنه يكترث فعلا كما قد تقنعه نفسه أن يزعم فأين الدليل وها هو واقعه يصرخ بضد ذلك كلما راقبهم و استخفى منهم ولم يستخف منه..
" {يسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا} "

عن هذا الصنف يقول سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما: "وخوفك من الريح إذا حرَّكت سِترَ بابك وأنت على الذنب، ولا يضطرب فؤادك من نظر الله إليك أعظم من الذنب إذا عمِلته"
لماذا قال أن هذا الخوف أعظم
ولماذا قال ابن القيم أن فرحك بالذنب قد يكون أشد عليك من وقوعك في الذنب
الإجابة مرة أخرى تتمثل في كلمة واحدة
القلب
إنها المشاعر التي تفضح حقائق التعظيم ومقامات الأمور

إن وُجد مثل ذلك في القلب أثناء الإسرار فقد يجاوز خطورة المجاهر كما فعل ذلك الأخير عندما صاحبت مجاهرته مشاعر الزهو بالذنب والفرح به
إنه المناط نفسه
القلب وما يحويه من مشاعر
الخلاصة أن الحالين - المجاهرة والإسرار - من الخطورة بمكان
وهذا المكان يحدده القلب وما يعتريه
لذلك كانت وصيته صلى الله عليه وسلم جامعة شاملة وذلك حين أوصى أبا ذر رضي الله عنه قائلا: "أوصيك بتقوى الله تعالى في سِرِّ أمرِك وعلانيته"
وكذلك فعل في دعائه حين اعتنى بالخطرين معا
السر والعلن
لقد كان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم: «وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة"
وأيضا ما في صحيح مسلم من دعاء في السجود «اللهم اغفِر لي ذَنْبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ وجِلَّه، وأوّلَهُ وآخِرَه، وعلانيته وسِرَّه»

هكذا إذاً يتضح الهدف
غيب وشهادة وسر وعلن
المعصية تذم في كل الأحوال رغم تفاوتها أحيانا
والإجابة عن سؤال أيهما أفضل المجاهرة أم الإسرار لا يشترط أن تكون من خلال أحدهما
الإجابة نسبية قد تختلف وتتباين حسب الحال كما أوضحت
لكن يظل الخيار الأصح بين السر والعلن , لا هذا ولا ذاك
الأفضل والأضمن والأسلم : توبة
فقط التوبة



ابوالوليد المسلم 15-08-2019 07:05 AM

رد: ذنوب الخلوات
 
ذنوب الخلوات (المقال السادس)


محمد علي يوسف

طول ما الباب متوارب ممكن ييجي عليك الوقت وتدخل:
كانت هذه المقولة المستندة على رواية عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله؛ من أهم المقولات التي سمعتها في بداية حياتي الرواية تقول أن الإمام أحمد رأى بالمسجد رجلا مشهورا بالسرقة وقطع الطرق رآه الإمام أحمد يصر على التواجد بالمسجد من حين إلى آخر فتعجب لحاله وسأله عن ذلك فقال: يا إمام، بيني وبين الله أبواب كثيرة مغلقة فأحببت أن أترك بيني وبينه باباً مواربا...

لم تكد تمر أشهر معدودات حتى لقيه الإمام أحمد متعلقا بأستار الكعبة متضرعا نادما تائبا عن خطاياه منيبا إلى مولاه.. قيل أن الرجل حسنت توبته بعد ذلك ولم يعد إلى ما كان عليه حتى مماته! ترك بابا مواربا ففتح الله له به كل الأبواب.

سواء صحت تلك الرواية أو كانت من كلام الوعاظ والقصاصين = فإنها تلخص قاعدة من أهم القواعد التي ينبغي للمؤمن أن يتبعها مع نفسه الأمارة بالسوء وأن يتبعها المربون والداعون إلى الله في التعامل مع نفوس الآخرين إذا هم أخطأوا أو قصروا أو حتى أداروا ظهورهم وابتعدوا خصوصا مع معصية السر الفكرة باختصار هي أن تترك حبلا ممدودا بينك وبين سبيل الاستقامة وطريق الصلاح وألا تغلق الباب ولا توصده في وجوه الناس عساهم يوما يدفعوه وتتحول الفتحة اليسيرة أو المواربة إلى انفراجة وفتح وعظيم يعود المرء من خلاله إلى رحاب مولاه ربما يبدو للبعض أن وجود هذا الباب الموارب وهذا الحبل الممدود للصلاح يعد نوعا من التناقض إذا ما اجتمع مع صنوف العصيان وألوان التقصير الأخرى وهو فعلا شىء من التناقض لكنه بالمقارنة ببديله تناقض محمود البديل هو الانفلات الكامل والفجور المطلق أو خيار التمرغ في الوحل الذي أشرت إليه في منشور سابق!

أي منطق عقلي يقول أن مطلق الفجور والانفلات هو الخيار الأفضل فقط لأجل الهروب من وصف متوهم بالنفاق؟!

إن هذا الخلط بين العمل الصالح والعمل السىء ليس دائما نفاقا فللعمل الصالح بريقه الذي قد تحجبه طويلا طبقات الران وحواجز الشهوة والعصيان وضجيج الأهواء والشبهات لكن قد تأتي لحظة يسود مشهد القلب ذلك البريق هنا ينفتح الباب الموارب ويلج العبد تائبا {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [سورة التوبة 102]..

هكذا حدثنا ربنا في كتابه عن هذا الصنف من الناس.. أولئك الذين يصرون على ترك الباب مواربا ويأبون الانغماس الكامل في المعاصي والأهواء وإن ضعفوا أمامها أحيانا فخلطوا شيئا من الذنوب والخطايا بما وفقوا له من طاعات وقربات..
تلك الطاعات والقربات التي كانت بمثابة الباب الذي يرجون الولوج منه يوما!

قد يكون هذا الباب الموارب صحبة صالحة يحرص عليها العاصي ولا ينبغي للصالح أبدا أن يصده عنها لعله يدخل من خلالها يوما ما..

وقد يكون هذا الباب الموارب طاعة يحرص عليها وإن صغرت في نظرك لكن لعلها ببركة صدقه تكون سببا في هدايته قد تكون صلاة صبح في جماعة عقب ليالٍ امتلأت بالغفلة والنسيان وربما العصيان لكن بإذن الله يوما ما ستنهاه تلك الصلاة التي حرص عليها ولم يغلق بابها وقد تكون صدقة سر وصنيعة معروف يواظب عليها لتقيه مصرع السوء أو بدعاء ذلك المسكين الذي أطعمه أو الفقير الذي أعانه فينال العاصي هداية ورشادا المهم أن يبقى الباب مواربا..

وألا يتمكن الشيطان من إقناعك بإغلاقه إغلاقا تاما محكما وذلك عين ما يسعى إليه من خلال بث القنوط واليأس والشعور المقبض بأن خلطك للصالحات بالسيئات نفاق! الحل ببساطة أن تصر على تجاهل تلك الشبهة وألا تحقرن من المعروف شيئا فالحسنة ولادة وحسن الظن عبادة..

لا تقل لنفسك كيف تطيعين وأنت بين كل هذه المعاصي ولكن قل كيف تعصين وقد شرفك الله بهذه الطاعة قل لها قد بتُّ عاصيا وأصبحت صائما أتبع السيئة بالحسنة لعلها تمحوها فإن الحسنات يذهبن السيئات لا تحقرن طاعة يسيرة صدرت من عاص بل شجعه عليها وشاركه فيها لعلها تسود ومن خلالها يعود وإياك أن تحقر من ضعف أمام شهوته فما أنت عن ذلك ببعيد ولا معصوم وبينما ينام البعض وابتسامة عجب عريضة ترتسم على وجوههم مستعلين بطاعتهم؛ قد ينام هو ودمعاته تنساب على وجهه ندما على ما فرط في جنب الله فتسبق به دمعته التائبة النادمة ويفرح ربه بأوبته الباكية وقد قيل: رب معصية أورثت ندما وانكسارا كانت أنفع لعبد من طاعة أورثت عجبا واستكبارا الخلاصة.. لا تغلق كل الأبواب ولا توصد كل مزلاج ولا تقطع كل الحبال ولا تدع أحدا يقطعها..

في طاعة الله كن لحوحا مُصِرّا وأدمن الطرق.. وبإذن الله… سيفتح لك الباب خصوصا لو كان الباب مواربا.

ابوالوليد المسلم 02-12-2019 05:37 AM

رد: ذنوب الخلوات
 
ذنوب الخلوات : المقال السابع


محمد علي يوسف



المشكلة أن معصية السر والمشاعر المصاحبة لها لا تثبت أو تستقر ولا يكون منتهاها ومآلها كما كان مبتداها وأول أمرها في غالب الأحوال
نعم قد لا يبدأ الأمر باجتراء واستهانة وقد لا يكون استخفافا بحرمات الله ولا عدم اهتمام بحقيقة رقابته وسمعه وبصره بل قد يبدأ بحزن وندم وحرقة تدمي القلب أثناء المعصية وبعدها كما أسلفت
لكن هل سيظل هكذا؟
هل بعد كل زلة وعلى إثر كل سقطة ستكون نفس الحرقة وسيبقى وهج الندم متقدا كما كان؟
ربما..
لكن الغالب للأسف ليس كذلك
بعد فترة من الإصرار وعدم المقاومة والتمادي في معصية السر وتطوراتها قد يحدث التصالح معها بل والتطبيع الشامل تجاهها
قد يفيق ليراجع نفسه فيذهله وقوعه فيها أصلا وقد كان بينه وبينها آماد بعيدة ومراحل عديدة وكانت تفصله عنها أسوار عالية من الخشية والورع وجدر محصنة بالتقوى والزهد والإخبات
فيتعجب فعلا ويتساءل مستنكرا غير مصدق: كيف وقعت ابتداءً؟!
أنَّى لي تجاوز كل الحوائل وطي كل تلك المسافات؟!
أين ذهبت كل أسوار الخشية وحواجز الورع التي كانت تحول بيني وبين ما هو أدنى بكثير من تلك المعصية؟!

والحقيقة أن دهشته سببها تغافله عن هذه المشكلة
مشكلة التدرج في المعاصي
خطوة أولى خطاها متبعا شيطانه ومصدقا وعده ومغترا بتزيينه

خطوة خطاها ذاهلا عما يحدث وأنه بتلك الخطوة قد وقع في الفخ وأن الخطوة سيتلوها خطوات إن لم ينتبه ويتدارك نفسه

خطوات سماها مولاه: خطوات الشيطان
خطوة ثم أخرى ثم ثالثة ورابعة ظل يتقدم تدريجيا دون أن يلحظ إلا البريق ولا يلتفت إلا للتزيين ورويدا رويدا بدأت قدماه تغوصان في الوحل وهو لا يشعر بملمسه القذر على رجليه
وفجأة ينتبه ليجد نفسه هنالك وقد تلطخ جسده الطاهر وتدنست روحه الورعة وغاص جسمه في وحل الخطيئة حتى كاد أن يغرق في تلك البقعة التي تؤدي إليها تلك الخطوات
خطوات الشيطان..
فالآن يندهش وبعد كل ذلك يتعجب؟!
لكن الأمر كما قلت لا يحدث بغتة ولا تنقلب تلك المشاعر بين عشية وضحاها
قد يستغرق ذلك وقتا كبيرا والانهيار يسبقه تصدعات وتشققات في جدر تلك المشاعر الإيجابية ثم تتسع تلك الشقوق تدريجيا حتى تصير النفوس القابعة خلفها عرضة لكل عوامل الإضرار بها والتأثير عليها ثم ينكس الجدار وبعد حين ينقلب بناء القيم رأسا على عقب

إن الطريق من كون الخطأ خطئا إلى كونه أمرا طبيعيا أو عاديا بل ومستحسنا مستحبا ليس طريقا قصيرا أو سريعا لكنه يمر بدروب طويلة ومسالك التطبيع التدريجي مع ذلك الخطأ حتى يتحول إلى تلك الصفة القميئة
عادي
المعصية صارت شيئا عاديا
الخطيئة صارت أمرا طبيعيا
الكبيرة صارت هفوة والصغيرة صارت أصلا مطردا مجرد إنكارها = تزمت وتشدد
لم يعد كما وُصف حال المؤمن يرى ذنوبه كأنما هي بأصل جبل يوشك أن يسقط عليه بل صار يراها كبعوض حط على أنفه فأشاح بيده ليزيحه بكل سهولة ويسر
صار يقترف أشياء كان يعدها يوما من الموبقات فصارت في عينه أدق من الشعر
أصبح يقوم عن معصية سره ببساطة ويعود لروتين حياته دون أن تهتز شعرة في جسده ودون حتى أن يختلج قلبه
لم يعد مكان لتلك الغصة التي كانت تملأ حلقه بعد الذنب وتدفعه للتوبة والإنابة ولم يعد الحزن يعتصر قلبه لما فرط في جنب الله
كل ذلك صار تاريخا بسبب تلك الآفة الحقيرة
آفة الاعتياد
التطبيع
التصالح
وكل ذلك كان التدرج طريقه وكانت خطوات الشيطان هي السبيل الموصل إليه
والحل بسيط
إنه التعجيل بالتوبة والحذر كل الحذر من تسويفها
ولهذا حديث آخر إن شاء الله



الساعة الآن : 11:30 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 37.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 37.40 كيلو بايت... تم توفير 0.35 كيلو بايت...بمعدل (0.92%)]