ملتقى الشفاء الإسلامي - الراعي الذي أصبح ملكاً ( قصة للأطفال )

الراعي الذي أصبح ملكاً

( قصة للأطفال )

عبدالجليل البشر

"كان يا ما كان"، في قديم الزمان، وفي أحد الأيام، كان يعيش ولد اسمه "أرشد" في أحد المراعي الخضراء في أفريقيا، وكان يربّي المواشي ويرعاها هناك، وكان يحب المغامرات جدًّا.

وذاتَ يوم وهو نائم، حلم بفتاة غاية في الجمال والأخلاق ثم استيقظ من نومه مذعورًا، وقد فكر في تلك الفتاة طويلاً، وقرّر أن تكون هذه الفتاة زوجتَه وشريكة حياته.

وفي الليلة التالية نام ملْء جفنَيْه ثم استيقظ وقرر الذهاب في مغامرة للبحث عن الفتاة المجهولة التي سكنت قلبه، فشدّ رحاله وجدَّ في السير إلى أن صادف أسدًا مفترسًا يهاجم ثعلبًا ويريد افتراسه، ولم يكن الثعلب يستطيع الهرب؛ لأنه كان مصابًا في قدمه اليمنى..

ففكر أرشدُ في وسيلة ليخلّص بها الثعلب من براثن الأسد الشرّير، فقام بالاستهزاء بالأسد والضحك منه، فاغتاظ الأسد كثيرًا وقام بمطاردة أرشدَ، فجعل أرشد يركض ويختبئ هنا وهناك إلى أن تمكّن من أن يجعل الأسد يضلُّ الطريق، وبعد ذلك رجع أرشد إلى الثعلب وقام بمعالجة إصابته فشكره الثعلب ممتنًّا، ووعده أن لا ينسى هذا الجميل الذي قام به من أجله.

ثم تابع أرشد مسيره إلى أن وصل إلى مدينة كبيرة مليئة بالناس، ورأى الناس متجهين إلى قصر الملك، فسأل أحدهم: ما سبب توجُّه الناس إلى هناك؟
فأخبره أن هناك أميرةً ساحرة الجمال، وعلى كل شخص يرغب في الزواج بها أن يذهب إلى الملك وينفّذ شرطه.

قال أرشد: وما شرط الملك؟
فقال له الرجل: أن يذهب هذا المتقدم لخطبة الأميرة إلى البحر ليغوص ويحضر اللؤلؤ والمرجان، ولكن هذا صعب لوجود قرش يحمي اللؤلؤ ويقضي على كل من يقترب منه، فكل شخص ذهب إلى هناك لم يرجع قط.

وبعدما سمع أرشد هذا الكلام أصرَّ على أن يذهب إلى هناك ويخطب الأميرة، ثم ذهب إلى حيث قصرُ الملك وألقى عليه التحية وشاهد الأميرة وتذكّر الفتاة التي شاهدها في نومه، وقال في نفسه: إن هذه الفتاة هي نفسها التي شاهدتها في الحُلم وأنا نائم..

ثم أخبر الملك برغبته الشديدة في الزواج من الأميرة. فقال له الملك: حسنًا ولكن هل تعرف شرطي؟ وهل أنت مستعد لتنفيذه يا بني؟
فقال أرشد بكل ثقة: نعم يا مولاي الملك، أعرف شرطك وأنا مستعد لتنفيذه.

فقال له الملك: حسنًا لك مهلة يومان لتحضر اللؤلؤ والمرجان من البحر، وأتمنى لك التوفيق.

فشكر أرشد الملك على حسن أخلاقه وقد أعجب الملك أيضًا بأخلاق أرشد كما أعجبت الأميرة أيضًا بأخلاقه وشجاعته، بعد ذلك خرج أرشد من القصر وبدأ الهم والحزن يتسللان إليه، فمضى اليوم الأول وهو في حيرة، ولم يبق إلا يوم واحد..

وفجأة وهو يمشي في الطريق إذ رأى الثعلب الذي أنقذ حياته ذات مرة فحيّاه الثعلب وقال له: ما لك حزينًا هكذا يا صديقي؟
فأخبره أرشد بكل القصة، فضحك الثعلب وقال له: لا تحزن يا صديقي؛ (أنا الثعلب المكّار، وسأنقذك من خطر الأشرار)، ثم قال الثعلب لأرشد: عليك أن تذهب الآن إلى البحر وتنتظرني هناك؛ فأنا سوف آتي إليك بعد ساعة، فذهب أرشد إلى البحر، وبعد ساعة جاء الثعلب ومعه ملابس وأدوات للغوص، فقال لأرشد: عليك الآن أن ترتدي هذه الملابس وتغوص، وعندما يهاجمك القرش تخرج من البحر، وأنا سأتولى أمره.

فنفذ أرشد كلام الثعلب بدقة، وغاص في البحر، وعندها جاءه القرش فخرج من البحر، وخرج القرش أيضًا، فجاء الثعلب إليه وضربه بقوة وقضى عليه.

بعد ذلك أمر الثعلب أرشد بأن يغوص ثانية ليحضر بعضًا من اللؤلؤ والمرجان للملك، فغاص أرشد وأحضر اللؤلؤ والمرجان، وذهب بعد ذلك إلى قصر الملك وأعطاه اللؤلؤ والمرجان، ففرح الملك كثيرًا وكذلك الملكة والأميرة، ووافق الملك على تزويج أرشد بالأميرة، فأقيمت مراسم الزواج وابتهج الناس بزواج أرشد بالأميرة، ولم ينس أرشد وفاء الثعلب له وصنيعه الجميل لأن الثعلب كان السبب بعدَ الله في نجاح الأمير في هذه المهمة الصعبة، ولذلك خصص له مكانًا في القصر ليعيش فيه.

ثم بعد سنة مات الملك والملكة وأصبح أرشد وزوجته ملكين عادلين، وأنجبا أربعة أبناء رائعين، وعاشوا بقية حياتهم بسعادة وهناء!