ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى العلمي والثقافي (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=54)
-   -   موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشوره (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=38570)

القلب الحزين 15-11-2013 07:33 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 
يتبـــــع الموضوع السابق

وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ



أما الحبل الشوكي وهو القسم الثاني من الجهاز العصبي المركزي فهو عبارة عن جسم أسطواني طويل يبدأ من جذع المخ ويبلغ معدل طوله في الإنسان 44 سم وقطره يزيد قليلا عن السنتيمتر أي بحجم الإصبع أما وزنه الكامل فهو 35 غرام تقريبا. وهو مغلف كذلك بنفس الأغشية الثلاث التي تغلف المخ ومحاط أيضا بنفس السائل الشوكي ولذلك تم اعتباره جزءا من الجهاز العصبي المركزي. ولقد تم حماية الحبل الشوكي بفقرات العمود الفقري بشكل بالغ الإتقان فهو موجود في داخل عظام متحركة وذلك على العكس من الدماغ المحمي بعظام الجمجمة الثابتة وهذا يتطلب تصميما فريدا ومتقنا لشكل فقرات العمود الفقري لكي لا تقطع أو تضغط عليه وعلى الأعصاب الخارجة منه عند تحرك هذه الفقرات. وإذا ما تفحصنا مقطع النخاع الشوكي نجد أنه يتكون من مادة رمادية على شكل حرف الهاء بالانكليزية محاطة بالمادة البيضاء مما يعني وجود عصبونات في المادة الرمادية ومحاور عصبونات في المادة البيضاء. إن المادة الرمادية لها قرنان ظهريان ترتبط بهما الأعصاب الشوكية الحسية وقرنان بطنيان ترتبط بهما الأعصاب الشوكية الحركية. والمادة البيضاء في النخاع الشوكي هي حزم الألياف العصبية التي تربط الدماغ مع بقية أعضاء الجسم وقد تم تقسيمها إلى ألياف صاعدة وألياف نازلة. وقد تمكن العلماء من رسم خرائط مفصلة لمقطع النخاع الشوكي تحدد أماكن الألياف العصبية التي تذهب إلى مختلف أجزاء الجسم.
شكل لمقطع عرضي للحبل الشوكي
ولكن بما أن أجزاء الجسم البعيدة لا يمكن إيصال النبضات العصبية إليها من خلال محور يمتد من الدماغ إلى تلك الأجزاء فإنه يلزم إعادة توليد النبضات الكهربائية بما يسمى المرحلات العصبية وهي خلايا عصبية تستلم النبضات من الدماغ وتعيد إرسالها من جديد. ولذلك نجد أن مساحة المادة الرمادية تكون قليلة في مناطق النخاع القريبة من الدماغ وتزداد تدريجيا كلما ابتعدت عن الدماغ وذلك على عكس المادة البيضاء. وإلى جانب المرحلات العصبية يوجد في النخاع الشوكي كما في الدماغ عصبونات مسؤولة عن رد الفعل المنعكس أو ما يسمى الأقواس الانعكاسية حيث تربط هذه العصبونات المستقبلات الحسية في الجلد وغيره من الأعضاء بالعصبونات المحركة في العضلات المختلفة وذلك بدون مرورها على الدماغ وذلك لتسريع رد الفعل لتجنيب الجسم مصادر الخطأ كتعرض الجلد للحرارة أو الأشياء الحادة وكإعادة توازن الجسم عند الإنزلاق أو غير ذلك. وإلى جانب العصبونات الموجودة في داخل النخاع الشوكي والبالغ عددها بليون عصبون يوجد عقد عصبية كثيرة تقع على السطح الخارجي لفقرات العمود الفقري وذلك لخدمة الجهاز العصبي المحيطي. وتتفرع حزم الألياف العصبية من الحبل الشوكي إلى أعضاء الجسم من بين الفقرات على شكل أزواج أحدهما يذهب إلى يمين الجسم والآخر إلى يساره حيث يوجد واحد وثلاثين زوجا من هذه الألياف كما سنبين تفصيل ذلك لاحقا.
شكل يوضح مسار السيالة العصبية من النخاع الشوكي إلى العضلة
شكل لمقطع عرضي لخلية عصبية فتبارك الله أحسن الخالقين
أما القسم الثاني من الجهاز العصبي فهو الجهاز العصبي المحيطي وهو كل ما يقع خارج الجمجمة والحبل الشوكي من مكونات عصبية وهي الألياف العصبية والعقد العصبية والمستقبلات الحسية. فالألياف العصبية أو الأعصاب تتكون في الغالب من عدد هائل من المحاور أو الزوائد الشجرية التي تخدم منطقة ما من الجسم يتم تجميعها على شكل حزم أو ظفائر ومن ثم يتم تغليفها بأنسجة ضامة ومن ثم يتم تغليف جميع هذه الحزم بنسيج ضام رئيسي وغالبا ما يحتوي الليف على شرايين وأوردة لتغذية المحاور والزوائد الشجرية بما تحتاجه من طاقة. وقد صنف العلماء الألياف من حيث قطرها وسرعة انتشار النبضات فيها إلى أربعة أنواع رئيسية فالنوع ألفا يتراوح قطره بين 13 و 20 ميكرومتر وسرعة الانتشار بين 80 و 120 متر في الثانية والنوع بيتا يتراوح قطره بين 6 و 12 ميكرومتر وسرعة الانتشار بين 30 و 80 متر في الثانية والنوع دلتا يتراوح قطره بين 1 و 5 ميكرومتر وسرعة الانتشار بين 5 و 30 متر في الثانية والنوع سي يتراوح قطره بين 0.2 و 1.5 ميكرومتر وسرعة الانتشار بين 0.5 و 2 متر في الثانية وهذا النوع الأخير غير معزول بعكس الأنواع الثلاثة الأولى المعزولة بطبقة المايلين الدهنية والتي تزيد من سرعة انتشار النبضات . وهناك نوعان رئيسيان من الألياف العصبية من حيث الوظيفة فالنوع الأول هي الألياف الحسية التي تنقل الإشارات العصبية التي تنتجها المستقبلات الحسية المختلفة الموجودة في الجسم إلى الجهاز العصبي المركزي أما النوع الثاني فهي الألياف الحركية والتي تنقل الإشارات العصبية من الجهاز العصبي المركزي إلى العضلات والغدد. وقد تم تقسيم الألياف العصبية من حيث مكان خروجها أيضا إلى قسمين فالقسم الأول يخرج من الجمجمة وهي ترتبط بالدماغ وعددها اثنا عشر زوجا وتسمى الأعصاب الجمجمية أو الدماغية ويذهب أغلبها إلى الحواس والعضلات الموجودة في الرأس والرقبة والقسم الثاني يخرج من الحبل الشوكي وعددها واحد وثلاثين زوجا وتسمى الأعصاب الشوكية وتذهب إلى بقية أعضاء الجسم. فالأعصاب الدماغية الأثنا عشر مكونة من عصبين حسيين وخمسة أعصاب حركية وأربعة أعصاب مختلطة فالعصبان الحسيان هما العصب الأول (الشمي) وهو المسؤول عن حاسة الشم والعصب الثاني (البصري) وهو المسؤول عن حاسة البصر ويتكون من مليون ومائتي ألف ليف وأما الأعصاب الحركية فهي العصب الثالث (محرك العين) وهو المسؤول عن حركة عضلات العين الداخلية والعضلة الرافعة للجفن العلوي وحدقة العين والغدد الدمعية ويتكون من ثلاثين ألف ليف والعصب الرابع (البكري) وهو المسؤول عن حركة العضلة المائلة العلوية لكرة العين ويتكون من ثلاثة آلاف ليف والعصب السادس)المبعد) وهو المسؤول عن عضلة العين الوحشية المستقيمة ويتكون من أربعة آلاف ليف والعصب الحادي عشر (العصب الشوكي) وهو المسؤول عن حركة بعض عضلات الرقبة والعصب الثاني عشر (تحت اللساني) وهو المسؤول عن حركة اللسان وأما الأعصاب المختلطة وهي العصب الخامس (ثلاثي التواؤم) وهو المسؤول عن حركة العضلات الماضغة والغشاء المخاطي للفم والأنف وفيه جذر حسي ينقل أحاسيس الوجه والأسنان ويتكون من ثمانية آلاف ليف والعصب السابع (العصب الوجهي) وهو المسؤول عن حركات عضلات الوجه وفروة جبهة الرأس والغدة اللعابية وفيه جذر حسي لحاسة التذوق في مقدمة اللسان ويتكون من عشرة آلاف ليف والعصب الثامن (السمعي) وهو المسؤول عن كل من حاستي السمع ونظام توازن الجسم والعصب التاسع (اللساني البلعومي) وهو المسؤول عن حركة إحدى عضلات البلعوم وحاسة التذوق في الثلث الأخير من اللسان والعصب العاشر (الحائر) وهو العصب الجمجمي الوحيد الذي يخدم منطقة تقع خارج الرأس والرقبة فهو يذهب إلى المعدة والرئتين والحنجرة.
شكل يظهر المراكز التي يتحكم بها الدماغ
أما الأعصاب الشوكية فيبلغ عددها 31 زوجاً وهي تتفرع من جهتي الحبل الشوكي عند مناطق مختلفة من العمود الفقري حيث يخرج من جانبي كل فقرة عصب يخدم منطقة الجسم القريبة منها وهي على النحو التالي: ثمانية أزواج عنقية واثنا عشر زوجا صدريا وخمسة أزواج قطنية وخمسة أزواج عجزية وزوج واحد عصعصي. وجميع الأعصاب الشوكية من النوع المختلط حيث يتفرع من الحبل الشوكي جذران أحدهما حسي وهو الجذر الظهري أي من جهة الظهر وآخر حركي وهو الجذر البطني ثم يتحدان ليكونا عصبا واحدا بعد خروجهما من بين فقرات العمود الفقري ثم يتفرقا عند وصولهما إلى العضو أو الأعضاء التي تخدمها. وتصنف الأعصاب الشوكية إلى نوعين فالنوع الأول هي الأعصاب الجسمية وهي مكونة من أعصاب حركية مسؤولة عن حركة العضلات الإرادية والتي تنتشر في عضلات هيكل الجسم ومن أعصاب حسية والتي تنتشر في جميع أنحاء الجلد أما النوع الثاني فهي الأعصاب الذاتية أو اللاإرادية وهي مسؤولة عن الحركات اللاإرادية في أعضاء الجسم الداخلية كالقلب والرئتين والحجاب الحاجز والمعدة والأمعاء والكبد والكلى والأوعية الدموية وغيرها. والأعصاب الذاتية تنقسم بدورها إلى نوعين وهي الأعصاب الودية وهي التي تستثير الأعضاء لتعمل بأقصى جهد ممكن عند مواجهة الأخطار كزيادة دقات القلب وزيادة إفراز السكر واتساع حدقة العين وأما النوع الثاني فهي الأعصاب غير الودية وهي تعمل على عكس النوع الأول حيث تعمل على تهدئة الأعضاء لتعود لتعمل بشكل طبيعي.
شكل يظهر النخاع الشوكي والأعصاب التي تتفرغ منه
أما المكون الثاني من مكونات الجهاز العصبي المحيطي فهي العقد العصبية وهي مراكز تقوم بمعالجة الإشارات العصبية كما هي المراكز الموجودة في الدماغ وقد تم توزيعها في أنحاء الجسم لسببين أولهما لتقليل حجم الدماغ وتخفيف العبء عليه وثانيها لتكون قريبة من الأعضاء التي تعالج معلوماتها فتصل الإشارات إليها بأسرع مما لو أنها كانت في الدماغ وكذلك لتقليل عدد الألياف الذاهبة إلى الدماغ. وهناك أنواعا مختلفة من العقد العصبية فالعقد الموجودة في الحواس الخمس تقوم باستلام الإشارات العصبية من المستقبلات الحسية وتقوم بمعالجتها معالجة مبدئية قبل إرسالها إلى الدماغ وذلك لتقليل عدد الألياف الذاهبة إلى الدماغ.
وتقع عقد حواس البصر والسمع والشم والذوق بالقرب من مستقبلاتها الحسية بينما تقع عقد حاسة اللمس على الجذور الظهرية للأعصاب الشوكية أي بجوار العمود الفقري. والعقد المستخدمة في حركة العضلات الإرادية تحتوي على برامج تحدد سلسلة حركة العضلات عند القيام بوظيفة معينة وكل ما تحتاجه من الدماغ إشارة البدء لتنفيذ المهمة. أما العقد الموجودة في الجهاز العصبي اللإرادي أو الذاتي فتحتوي على برامج تعمل بشكل مستقل ومتواصل دون الحاجة لأوامر من الدماغ وهي نوعان فالنوع اللاودي توجد عقده العصبية في جدار العضو المتحكم به أو قريبا منه أما النوع الودي فتوجد عقده على سطح الجدار الخارجي للعمود الفقري وهي على شكل انتفاخات في الحبلان العصبيان اللذان يمتدان على طول الحبل الشوكي حيث يوجد عقدتين على جانبي كل فقرة. إن اختيار هذا الموقع للعقد اللاودية لم يأتي اعتباطا فإلى جانب حمايتها بعظام الفقرات فإن الألياف الخارجة منها والداخلة إليها يتم دمجها داخل الأعصاب الشوكية وذلك لتقليل عدد الأعصاب الذاهبة والقادمة من أعضاء الجسم كما هو واضح في الشكل المرفق.
وأما المستقبلات الحسية فهي المكون الثالث للجهاز العصبي المحيطي وهي خلايا عصبية يوجد على زوائدها الشجرية مستقبلات تستجيب لمؤثرات مختلفة فهناك المستقبلات الضوئية المستخدمة في حاسة البصر والمستقبلات الميكانيكية المستخدمة في حاسة السمع ونظام حفظ توازن الجسم والمستقبلات الحرارية المستخدمة في تنظيم درجة حرارة الجسم والمستقبلات الكيمائية المستخدمة في حاستي الذوق والشم وفي تنظيم العمليات الحيوية في داخل الجسم. إن محاور خلايا المستقبلات الحسية لا تذهب مباشرة إلى الدماغ بل تمر على عقد عصبية تقوم بمعالجة الإشارات التي تصلها معالجة مبدئية وذلك لتقليل عدد الألياف العصبية الذاهبة إلى الدماغ وكذلك لتخفيف العبء عليه. ففي حاسة البصر يبلغ عدد الخلايا الحساسة للضوء في شبكية كل عين ما يقرب من 130 مليون خلية منها خمسة ملايين من المخاريط بأنواعها الثلاثة والحساسة للألوان الأساسية الثلاث والبقية من العصي الحساسة لشدة الضوء. وتجتمع الألياف الخارجة من الشبكية عند العقدة العصبية الشبكية والتي تحتوي على ما يقرب من مليون عصبون ومن ثم تنقل إلى القشرة البصرية في المخ والتي تحتوي على 550 مليون عصبون. وفي حاسة السمع يبلغ عدد الخلايا الشعرية الحساسة لحركة سائل القوقعة ما يقرب من 20 ألف تمر الألياف الخارجة منها والبالغ عددها 30 ألف ليف على عقدة عصبية تقع بجوار القوقعة وتحتوي على ما يقرب من 10 آلاف عصبون ومن ثم تنقل إلى القشرة السمعية في المخ والتي تحتوي على 100 مليون عصبون. وفي حاسة الشم يوجد عشرة ملايين خلية شم موزعة على رقعتين من النسيج الشمي موجودتين في سقف التجويف الأنفي والتي لا تتجاوز مساحة كل منهما سنتيمتر مربع واحد. ويوجد ما يقرب من ألف نوع من خلايا الشم الحساسة لمختلف أنواع المواد الكيميائية وهي قادرة على تمييز ما يزيد عن عشرة آلاف رائحة مختلفة.
وفي حاسة الذوق يوجد عشرة آلاف برعم تذوق غالبيتها موجودة على سطح اللسان والبقية في اللهاة وجوانب الفم ويوجد ما بين 50 و 150 مستقبل تذوق على كل برعم وهي مقسمة إلى أربعة أنواع تستجيب للحلاوة والملوحة والحموضة والمرارة. وفي حاسة اللمس يوجد ما يقرب من عشرين نوعا من الخلايا الحسية مدفونة على أعماق مختلفة من الجلد تستجيب لأنواع مختلفة من المؤثرات كالسخونة والبرودة والخشونة والنعومة والصلابة والطراوة والرطوبة والجفاف والضغط المتقطع والمتواصل ومعدل التغير في درجة الحرارة والضغط والألم. وقد قدر العلماء عدد المستقبلات الحسية في الجلد بخمسة ملايين ثلاثة أرباعها من حساسات الألم وهي ليست موزعة بشكل منتظم على سطح الجلد فهي عالية الكثافة في اليد والرجل والشفاه واللسان والوجه والرقبة وقليلة الكثافة في الظهر فقد لا تزيد المسافة بين حساسين متجاورين في رؤوس أصابع اليد عن ملليمترين اثنين بينما قد تصل لعدة سنتيمترات في الظهر. وإلى جانب المستقبلات الحسية الموجودة في الحواس الخمس يوجد في الجسم أنواع أخرى من الحساسات كالحساسات الكيميائية الموزعة في مختلف أجهزة الجسم تعمل على ثبات تركيز مختلف أنواع المواد الكيميائية ضمن حدود معينة وكالحساسات الميكانيكية الموجودة في المفاصل والعضلات التي تذهب إشاراتها إلى نظام حفظ توازن الجسم وغالبا ما تستخدم هذه الحساسات في تشغيل أنظمة التغذية الراجعة المستخدمة في كثير من أجهزة الجسم.
شكل يوضح أشكال الخلايا العصبية بحسب مهمتها
يحتوي دماغ الإنسان على نوعين رئيسين من الخلايا وهي الخلايا العصبية أو العصبونات وهي تشكل عشرة بالمائة من عدد خلايا الدماغ والخلايا الدبقية أو الصمغية وتشكل 90 بالمائة منه وهي تعمل كمادة داعمة للعصبونات وتقوم بتزويدها بالغذاء والأوكسجين وتخليصها من الفضلات. وعلى الرغم من أن عدد الخلايا الدبقية يبلغ عشرة أضعاف الخلايا العصبية إلا أنها تحتل نفس الحيز الذي تحتله الخلايا العصبية في الدماغ وذلك لأن حجمها يبلغ عشر حجم الأخرى تقريبا. ويقدر العلماء عدد العصبونات في الدماغ بمائة بليون (البليون يساوي ألف مليون). ويعتبر العصبون وحدة البناء الأساسية للدماغ وهو يناظر الترانزستور الذي هو وحدة البناء الأساسية للدوائر الإلكترونية المستخدمة في بناء أجهزة الحواسيب وغيرها من الأجهزة الإلكترونية. وتتكون الخلية العصبية بشكل عام من ثلاثة أجزاء رئيسية وهي جسم الخلية والذي يحتوي جميع المكونات التي تحتويها بقية خلايا الجسم أما الجزء الثاني فهو التفرعات الشجرية أو الزوائد العصبية وأما الجزء الثالث فهو المحور.
شكل لمقطع عرضي لخلية عصبية تظهر أقسامها الثلاثة
والتفرعات الشجرية هي زوائد تخرج من جسم الخلية ثم تتفرع إلى غصينات كثيرة قد تصل إلى عدة آلاف في بعض العصبونات وهي قصيرة الطول نسبيا لا تتجاوز عدة ملليمترات ويوجد على أطرافها مستقبلات للنواقل العصبية. أما المحور فلا يوجد منه إلا واحد في كل خلية عصبية ويتراوح طوله بين عدة ملليمترات وقد يزيد عن المتر وتخرج منه عند طرفه البعيد تفرعات معدودة تنتهي ببروزات على شكل أزرار تقوم بإفراز الناقلات العصبية عند إثارتها وتكون هذه الأزرار مع المستقبلات الموجودة على التفرعات الشجرية ما يسمى بالمشابك العصبية. وكما أن للدوائر الإلكترونية مداخل لاستقبال الإشارات ومخارج تسلم الإشارات لبقية الدوائر فإن للعصبونات مداخل ومخارج فمداخلها هي التفرعات الشجرية حيث تنقل الإشارات التي تبعثها المستقبلات بعد إثارتها من الخلايا الأخرى إلى جسم الخلية والتي تقوم بمعالجتها وإرسال الناتج من خلال المحور إلى المشابك والتي تقوم بنقلها إلى بقية الخلايا العصبية. والمشبك العصبي هو عبارة عن الجهاز الذي يقوم بنقل الإشارات العصبية من خلية عصبية إلى أخرى وهو يتكون من التقاء أحد أزرار محور خلية وأحد مستقبلات التفرعات الشجرية في خلية أخرى دون أن يتلامسا حيث يوجد بينهما فجوة لا يتجاوز عرضها ثلاثين نانومترات ومن خلالها تنتقل النواقل العصبية التي تفرزها الأزرار إلى المستقبلات الموجودة على التفرعات الشجرية. ويوجد أنواع مختلفة من العصبونات يتراوح قطرها ما بين عدة مايكرومترات ومائة مايكرومتر أما طولها فيتراوح ما بين عدة ميلليمترات وقد يتجاوز المتر. وعلى الرغم من أن عدد أنواع العصبونات المتخصصة قد يزيد عن عشرة آلاف نوع إلا أنه يمكن تقسيمها من حيث الوظيفة إلى ثلاثة أنواع رئيسية وهي العصبونات الحسية والعصبونات المحركة والعصبونات الرابطة أو الموصلة. فالعصبونات الحسية تقوم باستقبال الإشارات من خلايا المستقبلات الحسية في الجسم ومعالجتها ثم إرسال نتائج المعالجة إلى العصبونات الأخرى وهي في الغالب طويلة الزوائد الشجرية قصيرة المحور. أما العصبونات المحركة فتقوم بنقل الأوامر إلى أعضاء الاستجابة في الجسم كالعضلات والغدد وهي في الغالب طويلة المحور قصيرة الزوائد الشجرية. وأما العصبونات الرابطة أو اموصلة فتستخدم كوسيلة لربط مختلف أنواع العصبونات وغالبا ما تتركز في مراكز المعالجة في داخل الدماغ وفي العقد العصبية.
لقد تمكن العلماء إلى حد ما من فهم الطريقة التي تعمل من خلالها الخلية العصبية في نقل ومعالجة الإشارات العصبية. فعندما تثار الشجيرات العصبية لعصبون ما من قبل العصبونات المتصلة بها من جهة الشجيرات يقوم العصبون بمعالجة هذه الإشارات فضائيا وزمنيا لتنتج إشارة واحدة فقط لها شدة معينة. وإذا ما تجاوزت شدة هذه الإشارة عتبة محددة تحدد من قبل جهاز يقع عند نقطة التقاء المحور مع جسم الخلية يسمى عتبة المحور فإن الخلية تقوم بتوليد نبضة كهربائية ذات شدة محددة تسمى جهد الفعل. ويتم توليد جهد الفعل هذا من خلال فتح قنوات الصوديوم والبوتاسيوم الموجودة في غشاء المحور وهذه القنوات تفتح وتغلق تبعا لمقدار فرق الجهد الموجود بين سطحي الغشاء ولذلك سميت بالبوابات المحكومة بالجهد. ففي وضع السكون تكون هذه القنوات مغلقة ويكون فرق الجهد سالبا ومقداره في المتوسط -70 ملليفولت. وعند إثارة طرف المحور عند عتبته بمؤثر خارجي تنفتح قنوات الصوديوم إذا زاد فرق الجهد عن -40 ملليفولت وتبدأ أيونات الصوديوم بالدخول من خارج الخلية إلى داخلها فتزيد بذلك الأيونات الموجبة عن الأيونات السالبة في الداخل فيتحول فرق الجهد في ذلك الموضع من المحور من السالب إلى الموجب وبمقدار +50 ملليفولت. وعند هذا الجهد الموجب تنغلق قنوات الصوديوم وتنفتح قنوات البوتاسيوم فتبدأ أيونات البوتاسيوم الموجبة بالخروج من داخل الخلية إلى خارجها فتعيد فرق الجهد إلى وضعه الطبيعي. وعلى الفور تبدأ مضخات الصوديوم والبوتاسيوم بالعمل لإخراج ما دخل من أيونات الصوديوم إلى داخل الخلية وإدخال ما خرج من أيونات البوتاسيوم إليها لكي تحافظ على الفرق في تركيزهما بين داخل وخارج الخلية. إن هذا التغير الموضعي في فرق الجهد لن يتوقف عند هذا المكان بل سيبدأ بالانتشار ويقوم بفتح وإغلاق القنوات المجاورة ويسري التغيير في فرق الجهد على شكل نبضة أو موجة كهربائية في المحور بعيدا عن جسم الخلية. وتسمى الفترة الزمنية التي تعقب فترة توليد النبضة الكهربائية والتي يتم فيها إعادة تركيز الأيونات لوضعها الطبيعي بفترة الممانعة حيث تمتنع عتبة المحور عن توليد نبضة كهربائية جديدة مع وجود المؤثر عليها. إن وجود فترة الممانعة هذه ضرورية جدا لعمل العصبون فهي أولا تمنع النبضات الكهربائية من الانتشار باتجاه جسم العصبون بل تنتشر بعيدا عنه باتجاه نهاية المحور وثانيا فهي تحدد أعلى معدل ممكن لتوليد النبضات الكهربائية والذي يبلغ مائة نبضة في الثانية. مع العلم أن المعلومات المتبادلة بين العصبونات يتم تمثيلها بمقدار تردد النبضات وليس بشدتها وهذه الطريقة هي إحدى الطرق المستخدمة في تمثيل المعلومات في أنظمة الاتصالات الكهربائية والتي تسمى بتعديل أو تضمين التردد. إن سرعة انتشار النبضة الكهربائية في المحور غير المعزول لا تتجاوز عدة أمتار في الثانية وذلك تبعا لقطر المحور حيث تزيد السرعة مع زيادة القطر. وهذه السرعة قد تكون كافية لتبادل المعلومات بين الخلايا العصبية المتجاورة ولكنها غير كافية بين الخلايا المتباعدة والتي قد تصل المسافة بينها عشرات السنتيمترات. وهنا تتجلى قدرة الخالق سبحانه وتعالى في إبداع طريقة عجيبة تزيد من سرعة الانتشار لتصل إلى ما يزيد عن مائة متر في الثانية دون زيادة قطر المحور وهي من خلال تغليف المحور بعازل دهني يسمى المايلين أو النخاعين ولكن ليس بالكامل بل تترك مناطق ضيقة غير معزولة بين المناطق المعزولة تسمى عقد رانفير والتي تكثر فيها قنوات الصوديوم والبوتاسيوم. إن عزل المحور يمنع من دخول أيونات الصوديوم من خلال القنوات الواقعة تحت العازل وهي قليلة جدا وبذلك فإن جهد الفعل أو النبضة الكهربائية لن يتولد إلا عند عقد رانفير. وإذا ما تم توليد نبضة كهربائية عند عقدة ما فإن نبضة أخرى ستتولد عند العقدة المجاورة التي تليها بمجرد وصول أيونات الصوديوم من العقد السابقة وذلك من خلال ظاهرة الانتشار السريعة نسبيا. وبهذه الطريقة تنتشر النبضات العصبية على شكل قفزات بين العقد وهي بالطبع أسرع من انتشارها بشكل متواصل على المحاور غير المعزولة. ويتم عزل المحاور من قبل خلايا متخصصة تسمى خلايا شوان حيث تأخذ كل خلية موقعها على طول المحور وعلى مسافات منتظمة ثم تبدأ بإفراز المادة الدهنية العازلة وتقوم بلفها عدة لفات حول المحور شريطة أن تترك الخلايا المتجاورة على المحور منطقة بينهما غير معزولة وهي عقد رانفير وهذا من عجائب تقدير العزيز العليم سبحانه وتعالى.




يتبــــــــــــــــــــع




القلب الحزين 15-11-2013 07:34 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 
يتبــــع الموضوع السابق

وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ


يتم تبادل المعلومات بين الخلايا العصبية من خلال ما يسمى بالمشابك العصبية والمكونة كما ذكرنا سابقا من الأزرار الموجودة على نهاية محور الخلية المرسلة والمستقبلات الموجودة على الزوائد الشجرية للخلية المستقبلة حيث يفصل بينهما فجوة لا يتجاوز سمكها 30 نانومتر. فعند وصول النبضة الكهربائية إلى نهاية المحور حيث توجد الأزرار فإنها تعمل على فتح قنوات الكالسيوم الموجودة في غشائه والتي تدخل من خلالها أيونات الكالسيوم إلى داخل الزر والتي تقوم بدورها بفتح أكياس أو حويصلات مملوءة بالنواقل العصبية فتصبها في فجوة المشبك.
شكل يوضح المشبك الذي يصل بين الخلايا العصبية
ويتم التقاط هذه النواقل العصبية من قبل مستقبلات الخلية المستقبلة حيث يوجد أنواع مختلفة من المستقبلات التي يستجيب كل نوع منها إلى نوع محدد من النواقل العصبية فقط ولا تستجيب للبقية وهي أشبه ما تكون بالمفتاح والقفل فلكل قفل مفتاحه الخاص به. وعندما يستجيب أحد المستقبلات فإنه يقوم بفتح قنوات في غشاء الخلية المستقبلة لتدخل من خلالها الأيونات فتغير من فرق الجهد في ذلك الموضع والذي ينتشر تأثيره ليصل إلى عتبة المحور في تلك الخلية. ويوجد نوعان رئيسيان من المستقبلات من حيث التأثير على عتبة المحور أحدهما مثيرة والأخرى مثبطة فالمثيرة تقوم بفتح قنوات الصوديوم والتي تعمل على دفع العتبة لإطلاق النبضة العصبية بينما تقوم المثبطة بفتح قنوات البوتاسيوم أو الكلور والتي تعمل على منعها من فعل ذلك. وبما أن الخلية العصبية تحتوي على آلاف المستقبلات المثبتة على زوائدها الشجرية فإن الإشارات القادمة منها سيتم جمع تأثيراتها عند عتبة المحور وإذا ما تجاوزت المحصلة قيمة حدية معينة فإن عتبة المحور ستولد نبضة عصبية لها نفس الشدة بغض النظر عن قيمة المحصلة وهذا هو المبدأ الرئيسي التي تعمل على أساسه الشبكات العصبية. إن التأثير الذي يحدثه كل مستقبل على عتبة المحور يعتمد على نوع الناقل العصبي وبعد المستقبل عن جسم الخلية وعادة ما يتم تمثيل شدة التأثير بقيمة عددية تسمى الوزن وهذه الأوزان تكون موجبة في المستقبلات المثيرة وسالبة في المستقبلات المثبطة. وعندما يتم إثارة الخلية العصبية من قبل ما يرتبط بها من خلايا عصبية فإن محصلة التأثير عن عتبة المحور هو حاصل جمع جميع أوزان المستقبلات المثارة وإذا ما تجاوز الوزن المحصل قيمة حدية معينة فإنها ستقوم بإطلاق نبضة عصبية واحدة. وعلى العكس من الترانزستور الذي لا يمكنه إرسال إلا نوعين من الإشارات إلى الترانزستورات المرتبطة به وهي فصل أو وصل التيار الكهربائي فإن الخلية العصبية تستطيع إرسال أكثر من خمسين نوعا من الإشارات العصبية وذلك حسب نوع الناقل العصبي. وتتميز الخلية العصبية بإمكانية ربطها بعدد كبير جدا من الخلايا العصبية المجاورة قد يصل إلى عشرة آلاف خلية عصبية في مقابل عدة عشرات في حالة الترانزستورات. وعلى هذا فإن الخلية العصبية الواحدة تناظر في عملها المعالج الدقيق الذي يحتوي على ملايين الترانزستورات والذي يستخدم في كثير من الأجهزة الإلكترونية الحديثة حيث يتم برمجته للقيام بوظائف محددة. إن هذه الطريقة الفريدة في معالجة المعلومات من قبل الخلية العصبية هي التي مكنت الدماغ من القيام بهذه الوظائف المعقدة والتي عجزت أضخم الحواسيب الرقمية من القيام بأبسطها. ولذلك لجأ العلماء إلى استخدام نفس طريقة المعالجة المستخدمة في العصبون لبناء أجهزة ذكية أو ما سموه بالذكاء الاصطناعي. ويعتبر علم الشبكات أو الدوائر العصبية أحد العلوم الحديثة التي استخدمها علماء الحاسوب لزيادة قدرات الحواسيب بحيث تحاكي بعض قدرات الدماغ البشري كالتعرف على الأشياء واتخاذ القرارات السريعة.
وبعد هذا الشرح المبسط لتركيب الجهاز العصبي سنبين بعض أوجه الإعجاز في تركيب مكوناته وأعتقد أن القارئ الفطن قد تجلت له هذه المعجزات من خلال الشرح السابق ولكن لا بأس من التذكير ببعضها ونترك للقارئ التفكر في البقية. فكما ذكرنا آنفا يقدر العلماء عدد الخلايا العصبية في الدماغ بمائة بليون خلية موزعة على مراكز الدماغ المختلفة وترتبط كل خلية من هذه الخلايا بما يتراوح بين عشرة خلايا وعشرة آلاف خلية مجاورة وذلك لبناء الشبكات العصبية في مراكز الدماغ المختلفة. وإذا ما اعتبرنا أن متوسط عدد الوصلات مع الخلايا المجاورة هو ألف وصلة فإن العلماء قد قدروا عدد الوصلات بين الخلايا العصبية الموجودة في الدماغ بمائة ألف بليون وصلة يبلغ مجموع أطوالها قريبا من مائتي ألف كيلومتر. أما عدد الألياف العصبية التي تربط مراكز الدماغ المختلفة ببعضها فتعد بآلاف الملايين فقد قدر العلماء عدد الألياف التي تربط نصفي المخ فقط بمائتين وخمسين مليون. أما عدد الأعصاب التي تربط الدماغ والحبل الشوكي بأعضاء الجسم المختلفة فتعد بعشرات الملايين فالعين الواحدة على سبيل المثال ترتبط بالدماغ بمليون ومائتي ألف ليف عصبي. ولا زال العلماء يضربون أخماسا بأسداس لفهم الطريقة التي تم من خلالها ربط هذا العدد الهائل من العصبونات بهذا الرقم الفلكي من الوصلات علما بأن خطأ بسيطا في بعض الوصلات قد يؤدي لفشل الدماغ في القيام بوظيفته. أما عملية مد الألياف العصبية لتربط مراكز الدماغ المختلفة ببعضها وربط هذه المراكز مع أعضاء الجسم المختلفة فهي معجزة أخرى من معجزات الجهاز العصبي. إن هذا اللغز الكبير قد أعيا العلماء وقد كان آخر تفسيراتهم أو قل تكهناتهم أنه عند خلق الإنسان يخصص لكل ليف عصبي شيفرة محددة تنتج بروتين محدد ويقوم هذا البروتين كمرشد لرأس الليف العصبي فيسير حيث سار البروتين إلى أن يصل إلى مكانه المحددة حيث يوجد بروتين مكمل له. وللقارئ أن يتخيل منظر هذه الملايين من الألياف العصبية وهي تنمو تدريجيا وتنتشر من الدماغ والحبل الشوكي إلى جميع خلايا الجسم فتصلها بدقة متناهية فخطأ بسيط كفيل بإصابة الإنسان بعاهة مستديمة في أحد أعضائه. ومن معجزات الدماغ أنه يحتاج لبرمجة كل خلية عصبية من خلاياه البالغ عددها مائة بليون حيث تتطلب البرمجة تحديد أوزان الزوائد الشجرية لكل خلية والتي قد يصل عددها إلى عشرة آلاف وزن في الخلية الواحدة. ويتم برمجة خلايا بعض المراكز العصبية بشكل دائم منذ خلق الإنسان كالمراكز المسؤولة عن وظائف الجسم الحيوية أما المراكز الأخرى فقد صممت بحيث يتم برمجة خلاياها من خلال التعلم كما في مراكز اللغة والذاكرة وغيرها. ومن معجزات الدماغ أنه على الرغم من أنه يفقد من خلاياه العصبية سنويا ما يزيد عن ثلاثين مليون عصبون وذلك ابتداء من سن العشرين إلا أن قدراته ووظائفه لا تتأثر بهذا الفقد كثيرا ويعود السبب في ذلك إلى الطريقة الفريدة التي تعمل من خلالها الدوائر العصبية والتي تختلف تماما عن طريقة عمل الدوائر الإلكترونية المستخدمة في الحواسيب فتعطل ترانزستور واحد في الحاسوب كفيل بتعطل الحاسوب أو تعطل بعض أجزائه.
يقوم الدماغ بوظائفه من خلال مراكز عصبية موزعة على أجزائه المختلفة ويعتمد عدد الخلايا العصبية الموجودة في كل مركز من هذه المراكز وطريقة توصيلها ببعضها البعض على طبيعة الوظيفة المنوطة بكل منها . ولقد تمكن العلماء من تحديد معظم الأماكن التي تحتلها هذه المراكز باستخدام طرق مختلفة كإجراء التجارب على الحيوانات أو على الأشخاص الذين أصيبوا بضرر في بعض أجزاء أدمغتهم أو من خلال مراقبة النشاط الكهربائي للدماغ بأجهزة تصوير مختلفة لأشخاص سليمين عند قيامهم بمهام مختلفة. وبما أن أكبر أجزاء الدماغ وهما المخ والمخيخ مكونان من نصفين متماثلين فقد وجد العلماء أن المراكز العصبية فيهما تتكرر في كل نصف وتحتل نفس المواقع وكل نصف من الدماغ مسؤول عن الإحساس أو التحكم في أعضاء نصف الجسم المعاكس له أي أن نصف الدماغ الأيمن يتحكم أو يحس بنصف أعضاء الجسم الأيسر والعكس للنصف الثاني باستثناء بعض الحالات. ولقد قسم العلماء الدماغ إلى قسمين من حيث طبيعة الوظيفة التي يقوم بها وهو الدماغ اللاوعي والذي يتكون من المخ البيني وجذع المخ والمخيخ والدماغ الواعي والذي يتكون من المخ فقط. وبما أن أحد أهم وظائف الدماغ اللاوعي هو تنظيم عمل أجهزة جسم الإنسان فقد وجد العلماء أن المراكز المسؤولة عن ذلك لا تختلف من حيث تركيبها ومن حيث الأماكن التي تحتلها عن تلك الموجودة في أدمغة بقية الحيوانات وخاصة الثدييات وذلك للتشابه الكبير في تركيب أجسامها مع تركيب جسم الإنسان. فهذا الجزء اللاواعي أو الغريزي من الدماغ مسؤول عن الحركات اللاإرادية وتنظيم العمليات الحيوية لمختلف أعضاء الجسم باستخدام أنظمة التغذية الراجعة من خلال ملايين الأعصاب التي ترتبط بمختلف أجزاء هذه الأعضاء. ولقد شرحنا آنفا المهام التي تقوم بها أقسام الدماغ اللاوعي عند شرح تركيب الدماغ ولكن على الرغم من كثرتها وتعقيدها فإن المراكز العصبية الخاصة بها موجودة في كتلة لا يتجاوز وزنها المائتي غرام. ويعود السبب في ذلك إلى أن البرامج المخزنة في الدماغ اللاوعي هي برامج مبيتة بلغة علماء الحاسوب أي أن التوصيلات بين الخلايا العصبية في كل مركز ثابتة لا تتغير وهي موجودة منذ ولادة الإنسان أي أنها تعمل كأنظمة تحكم فقط.
شكل يوضح مراكز الوظائف التي يتحكم بها الدماغ بحسب تموضعها على الدماغ
أما الوظائف التي يقوم بها الدماغ الواعي أي المخ فهي تنقسم إلى قسمين قسم يشترك بها الإنسان مع بقية الحيوانات وهي التي تتعلق بالحواس الخمس والحركات الإرادية والقسم الثاني هي التي يتميز بها الإنسان على بقية الحيوانات كالإحساس بالذات وقدرته على التفكير والتعلم والتكلم والتذكر والتخيل وكامتلاكه لمختلف أنواع العواطف والأحاسيس والمشاعر. وعلى الرغم من أن الحيوانات وخاصة الثدييات منها تمتلك حواسا خمسة كما في الإنسان إلا أن حواس الإنسان قد تم زيادة قدراتها بشكل كبير واحتلت مساحات في القشرة المخية أكبر من تلك التي للحيوانات باستثناء بعض الحالات. ففي حاسة البصر تم نقل العينين من جانبي الرأس إلى مقدمة الرأس بحيث يتم رؤية الأشياء بالعينين معا ومن ثم يقوم المخ ببناء صورة مجسمة للشيء المرئي من الصورتين المسطحتين اللتين تلتقطهما كل من العينين. أما عدد الخلايا الحساسة للضوء الموجودة في شبكية العين فقد تم زيادتها بشكل كبير جدا لكي تنتج صور عالية الوضوح ومتعددة الألوان للأشياء التي تراها العين. إن هذه التعديلات في تركيب عين الإنسان لا تكاد تذكر مع تعقيد البرمجيات الموجودة في دماغ الإنسان والتي تمكن الإنسان من الإحساس بصور الأشياء الموجودة في محيطه. وتحتل هذه البرمجيات البصرية أكبر مساحة من القشرة المخية حيث تغطي معظم مساحة الفص الخلفي ففي أقصى الفص توجد القشرة البصرية المرتبطة بشبكية العين من خلال العصب البصري أما بقية الفص فيحتوي على الذاكرة البصرية. أما حاسة السمع فلا تختلف من حيث التركيب العام عن تلك التي لبقية الحيوانات الرئيسية إلا أن البرمجيات المستخدمة في الدماغ البشري قادرة على تمييز طيف واسع من الترددات الصوتية ومزج تلك الترددات للإحساس بمختلف أنواع الأصوات الصادرة عن المحيط الخارجي لكي يستمتع الإنسان بسماع مختلف أنواع الأصوات الجميلة. وقد تم استخدام برمجيات في الدماغ لمزج الصوت القادم من الأذنين بحيث يمكن للمستمع تحديد الاتجاه القادم منه الصوت وكذلك تحديد بعد مصدر الصوت مما يساعد المستمع بالشعور بما يسمى التأثير المجسم للصوت. أما أكثر ما يميز النظام السمعي لدى الإنسان فهو قدرته على تمييز الكلام الصادر عن أجهزة الكلام في الإنسان والتي يمكنها إصدار عدد كبير من الأصوات التي تمثل الأحرف الهجائية والتي يتم دمجها للفظ الكلمات التي تحمل معاني مختلفة تم تدريب العقل البشري للتعرف عليها. وتقع القشرة السمعية في أعلى الفص الصدغي بينما توجد الذاكرة السمعية أسفل منها في نفس الفص ومن خلال هذه الذاكرة يمكن التعرف على آلاف الأصوات الخاصة بالأشخاص والحيوانات وغيرها.
وأما حاسة اللمس لدى الإنسان فقد تم تطويرها بشكل كبير بالمقارنة مع بقية الحيوانات وتعتبر من أكثر الحواس الخمس تعقيدا حيث يتوجب على هذه الحاسة إبلاغ الدماغ عن أي شيء يلامس جلد الإنسان وتحديد طبيعة هذا الشيء. وهذا يتطلب زرع حساسات مختلفة الأنواع على مسافات متقاربة على جميع أنحاء الجسم بحيث يمكن للإنسان تحديد الموضع الذي تمت عنده الملامسة بدقة عالية. وكما هو الحال مع حاستي السمع والبصر فإن التعقيد الموجود في ملايين الخلايا الحسية المزروعة في الجلد وملايين الأعصاب التي تنقل النبضات الحسية إلى الدماغ لا يكاد يذكر مع التعقيد الموجود في مراكز الإحساس والبرامج المخزنة فيها. ويستخدم الإنسان حاسة اللمس كغيره من الكائنات الحية للتعرف على درجة حرارة الجو المحيط بجسمه لكي يتخذ التدابير اللازمة لحماية جسمه من الحرارة أو البرودة الزائدة وكذلك التعرف على الأشياء التي تلامس أو تضغط على جسمه لكي يتخذ الإجراءات المناسبة. ويتميز الإنسان على بقية الكائنات الحية باستخدامه لحاسة اللمس للتعرف على خصائص الأجسام الملموسة كالصلابة والليونة والخشونة والنعومة والطراوة والقساوة والرطوبة والجفاف وخاصة من خلال خلايا الحس الموجودة في أصابع اليد. وتقع حاسة اللمس الابتدائية في مقدمة الفص الأوسط من المخ بينما تقع وحدات المعالجة الحسية خلفها على نفس الفص وتحتل أعصاب أصابع اليد والشفتان والوجه واللسان أكبر مساحة من المساحة الكلية لحاسة اللمس كما هو مبين في الشكل المرفق. أما حاسة الذوق عند الإنسان فيمكنها التفريق بين أربعة أنواع من الأحاسيس وهي الإحساس بالحلاوة والملوحة والحموضة والمرارة وذلك من خلال وجود ما يقرب من عشرة آلاف برعم تذوق على سطح اللسان ويحتوي كل من هذه البراعم على ما يزيد عن عشرة مستقبلات تذوق لها القدرة على قياس مستويات عديدة لكل واحدة من هذه الأحاسيس الأربعة. ويقوم الدماغ بمعالجة المعلومات التي ترسلها مستقبلات التذوق المختلفة عبر الأعصاب المتصلة بها ليعطي عدد لا يحصى من المذاقات والنكهات التي نتذوقها عند أكل وشرب مختلف أنواع الأطعمة والأشربة. ولهذا السبب نجد أن الإنسان يستطيع التفريق بين طعم آلاف الأنواع من الفواكه والخضراوات وبذور وزيوت النباتات ولحوم وألبان الحيوانات بل له القدرة على التميز بين طعم ثمار النوع الواحد من النباتات كما نرى عند تفريقنا بين طعم مئات الأنواع من التمور أو التين والعنب والتفاح والبرتقال وغيرها. وأما حاسة الشم عند الإنسان فقد لا تكون أكثر حساسية من تلك التي لبقية الحيوانات إلا أنه قد تم تعديلها بحيث يمكنها التمييز بين ما يزيد عن عشرة آلاف نوع من الروائح المختلفة وذلك من خلال وجود عشرة ملايين خلية شم مختلفة موزعة على رقعتين من النسيج الشمي موجودتين في سقف التجويف الأنفي والتي لا تتجاوز مساحة كل منهما سنتيمتر مربع واحد. وقد وجد العلماء أن هناك سبعة أنواع من مستقبلات الشم تستجيب لسبعة أنواع من الروائح الأولية ويمكن لحاسة الشم من خلال مزج هذه الروائح الإحساس بعدد كبير جدا من الروائح المختلفة كما هو الحال مع حاسة البصر التي يمكنها إدراك عدد هائل من الألوان من خلال مزج ثلاثة ألوان أساسية فقط. وبهذه القدرة الفائقة لحاسة الشم في التفريق بين مختلف أنواع الروائح تمكن الإنسان من الاستمتاع بمختلف أنواع الروائح العطرية التي تصدرها أزهار وثمار آلاف الأنواع من النباتات وكذلك الاستمتاع بأطايب الطعام من خلال تعاون حاستي الذوق والشم. وكذلك تساعد حاسة الشم الإنسان على تجنب مواقع المواد المتعفنة والتي تحتوي على أنواع كثيرة من الجراثيم الضارة بصحته وذلك من خلال إحساس الإنسان بروائح كريهة تنبعث من هذه المواقع. إن إحساس الإنسان برائحة محددة يتم من خلال تنفيذ برامج محددة مخزنة في مراكز الشم في الدماغ فالنبضات العصبية المنبعثة من مستقبلات الشم الموجودة في الأنف لا تختلف عن بعضها البعض من حيث الشكل ولكنها تثير عند وصولها لمراكز الشم الخاصة بها أحاسيس مختلفة في الدماغ.
أما بخصوص المراكز العصبية المتعلقة بالحركات الإرادية لدى الإنسان فهي تحتل مساحة أكبر بكثير في القشرة المخية من تلك التي لبقية الحيوانات. وقد جاءت هذه الزيادة لتلبي القدرات الحركية الهائلة لكل من يدي الإنسان ولسانه وشفتيه فاليدان هما آلة العمل والكتابة واللسان والشفتان هما آلة الكلام وهاتان القدرتان إلى جانب القدرة العقلية هي ما ميز الله سبحانه وتعالى الإنسان على غيره من الكائنات الحية. وتقع المراكز العصبية المسؤولة عن الحركات الإرادية في الجزء الخلفي من فص المخ الأمامي وهي تغطي مساحة واسعة منه. ويتبين لنا من الشكل المرفق كيف أن اليد بأصابعها الخمس والشفتان واللسان يحتلان مساحة كبيرة من المساحة الكلية المخصصة للحركات الإرادية في الجسم. لقد سوى الله سبحانه وتعالى الإنسان وعدله فأصبح يعتمد على رجليه فقط في المشي وأصبحت يداه حرتان طليقتان لتقوم بمهام جديدة ساعدته على التفوق على غيره من الحيوانات. وقد تم تصميم الأجزاء المختلفة لليدين بحيث يمكنهما القيام بوظائف عديدة وقد تم ذلك الأمر من خلال عدة تعديلات أهمها تصميم مفاصل اليد بحيث أصبحت تتحرك بكل سهولة وحرية في الاتجاهات المختلفة فمفصل الرسغ يسمح بحركة قبضة اليد في مستويين متعامدين ومفصل الكوع يسمح بحركة ذراع اليد كذلك في مستويين متعامدين إلى جانب إمكانية تدويره ضمن زاوية تزيد عن تسعين درجة أما مفصل الكتف فيسمح بتحريك كامل اليد في مستويين متعامدين وبزاويتين كبيرتين تزيدان عن تسعين درجة. أما التعديل الأكثر أهمية فهو الذي تم إجراؤه على كف اليد بحيث أصبحت قادرة على القيام بمهام مختلفة تمكن الإنسان من خلالها استغلال كثير من خيرات هذه الأرض. ولو أن يد الإنسان بقيت على الهيئة التي هي عليها أيدي بقية الثدييات لما تمكن من تصنيع أي شيء مهما كانت قدراته العقلية. فاليد هي الآلة التي تقوم بتنفيذ الأفكار التي يولدها العقل فما الذي يمكن أن يعمله حمار له عقل إنسان؟! ومن أهم التعديلات التي أجريت على كف اليد هو زيادة مساحة باطنها وزيادة عد الأصابع فيها إلى خمسة أصابع وبثلاثة مفاصل في كل منها وقد تم وضع أربعة منها في مستوى واحد بينما وضع الإصبع الخامس وهو الإبهام في وضع مواجه لبقية الأصابع. ويتميز الإبهام على بقية أصابع اليد إلى جانب وجوده في مواجهتها بقدرته على الحركة في مستويين اثنين بينما تتحرك الأصابع الأخرى في مستوى واحد فقط مما أعطاه الحرية للوصول بكل سهولة إلى جميع أصابع اليد وجزء من باطنها. وبهذا التصميم البديع لليد تمكن الإنسان من إمساك والتقاط وتحريك مختلف الأشياء التي تتراوح في أحجامها من حبات الرمل وبذور النباتات إلى قطع الصخور وجذوع الأشجار. أما الاستخدامات التي تظهر البراعة العالية لليد فهي الكتابة والرسم حيث يمكن لليد الإمساك بالقلم في وضعية معينة وتحريك رأسه في مختلف الاتجاهات بدقة عالية لكي يتمكن من كتابة الأحرف والكلمات ومختلف أنواع الرسومات وصدق الله العظيم القائل "اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)" القلم.



يتبــــــــــــــــــــع




القلب الحزين 15-11-2013 07:35 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 
يتبــــع الموضوع السابق

وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ



ومن القدرات البالغة الأهمية لدماغ الإنسان تلك المتعلقة بقدرته على استخدام الكلام كوسيلة لتبادل مختلف أنواع المعلومات والمشاعر المخزنة في أدمغتهم. وعلى الرغم من أن مكونات آلة الكلام موجودة في كثير من الثدييات التي لها فم يحتوي على لسان وأسنان وشفتين إلا أنها لا تستطيع استخدامها في إصدار الأصوات اللازمة لإجراء عملية التكلم. ولكي يتمكن الإنسان من الكلام فقد تم ربط عضلات فكيه ولسانه وشفتيه بعدد كبير من الأعصاب المرتبطة بمركز الكلام في الدماغ مما أعطاها مزيدا من حرية الحركة كما نلاحظ ذلك عند تحريك اللسان ليلامس مواضع كثيرة في تجويف الفم وكذلك هو الحال عند تحريك الشفتان. ويفهم أكثر الناس الحركات الإرادية بشكل خاطئ فهم يعتقدون أن جميع خطوات عملية تحريك أيديهم وأرجلهم وألسنتهم تتم بشكل كامل تحت سيطرتهم وهي ليست كذلك حيث أن جميع الخطوات تتم بشكل غير إرادي ما عدا الخطوة الأولى وهي خطوة تحديد نوع الحركة ووقت ابتدائها. فعندما ينوي الإنسان تحريك يده أو لسانه أو شفتيه في وضعية ما فإن هنالك برنامجا ضخما مخزنا في مركز الحركة والمراكز المساعدة يتم تشغيله ليحدد سلسلة النبضات العصبية التي يجب أن ترسل لمختلف عضلات اليد أو الفم وبتزامن منقطع النظير. فعلى سيبل المثال فلو أن شخصا أراد أن يضع رأس سبابته على أرنبة أنفه أو أي جزء من جسمه وهو مغلق عينيه فما عليه إلا أن يعطى الأمر لدماغه بفعل ذلك ومن ثم تقوم المراكز المسؤولة بتنفيذ برامج معقدة لتنفيذ هذه الحركة التي تبدو بسيطة لمن لا يدرك أبعادها. فعلى الدماغ أولا أن يحدد وضعية اليد الابتدائية ويتم الحصول على هذه المعلومات من المخيخ والذي سبق له أن حصل عليها من المستقبلات الحسية الموجودة في اليد ومن ثم يحدد الوضعية النهائية لليد وهي أرنبة الأنف وعلى ضوء هذه المعلومات يقوم الدماغ بتحديد سلسلة النبضات العصبية المرسلة إلى مختلف عضلات اليد المختلفة لتحركها بتسلسل محدد لكي تصل إلى هدفها المحدد. إن حجم العمليات العصبية التي يجريها الدماغ لمثل هذه المهمة التي قد تبدو بسيطة لا يدرك تعقيدها إلا المهندسون الذين يعملون في برمجة الروبوتات أو الأطباء الذين يعالجون مرضى أصيبوا بعاهات في المراكز المسؤولة عن الحركة. وكذلك هو الحال عندما ينوي الشخص التلفظ بالحروف والكلمات والجمل فإن عملية التكلم تتم بشكل لاإرادي حيث تتولى برامج محددة مخزنة في مركز الكلام تحديد سلسلة النبضات العصبية التي ترسل بتزامن معين إلى مختلف مكونات آلة الكلام ابتداء من الحجاب الحاجز مرورا بالرئة والأوتار الصوتية واللسان والفكين وعضلات الوجه وانتهاء بالشفتين. وعلى العكس من حركة الأيدي والأرجل التي تتم وفق برامج جاهزة مخزنة في مراكز الحركة منذ ولادة الإنسان فإن حركة مكونات آلة الكلام تتم وفق برامج يتم تخزينها في مركز الكلام في الدماغ في وقت لاحق بعد ولادة الإنسان وذلك من خلال تدريب عضلات آلة الكلام على لفظ الأحرف والكلمات وصدق الله العظيم القائل "الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)" الرحمن.
أما الدماغ الواعي فهو المسؤول عن الوظائف التي لا توجد في أدمغة بقية الثدييات كوظائف الوعي والتفكير والحساب والمنطق والتعلم والتذكر والتعرف والكلام واتخاذ القرارات. إن بإمكان العلماء فهم الآليات التي تعمل على أساسها المراكز العصبية الموجودة في الدماغ اللاواعي المسؤول عن التحكم في أعضاء الجسم فهي من حيث المبدأ لا تختلف عن تلك المستخدمة في أنظمة التحكم الإلكترونية مع فارق التعقيد والأداء بينهما ولكن لا زال أمامهم شوطا طويلا لفهم الآليات التي يستخدمها الدماغ الواعي للقيام بوظائفه المختلفة. وقد وجد العلماء أن الفص الأمامي من المخ يحتوي على مراكز الدماغ المسوؤلة عن التفكير والمنطق والحساب واتخاذ القرارات وقد يكون دوره كدور وحدة المعالجة المركزية في الحاسوب ولذا فهو مرتبط بمعظم أقسام الدماغ حيث تجلب له المعلومات من المراكز المختلفة ليقوم بمعالجتها واتخاذ القرارات المناسبة. إن أكثر وظائف الدماغ إبهاما هي وظيفة الإدراك أو الوعي وهي إحساس الإنسان بوجوده وبوجود الأشياء من حوله ويمكن أن نستوعب أبعاد هذه المسألة لو تصورنا أن العلماء قد تمكنوا من تصنيع حاسوب عملاق قادر على القيام بكامل وظائف الدماغ البشري فهل يمكن لهذا الحاسوب أن يحس بنفس الأحاسيس التي يشعر بها الإنسان من خلال دماغه. ومن الوظائف المهمة التي تميز الإنسان بها على بقية الحيوانات هي قدرته على التعرف على الأشياء من حوله من خلال حاسة الإبصار فعندما تقع عين الإنسان على شيء ما فإنه يستطيع التعرف على هذا الشيء في لمح البصر بمجرد مشاهدته مرة أخرى. وبهذه الوظيفة المهمة يتمكن الإنسان من التعرف على مئات الآلاف من الأشياء التي يحتاجها لتسهيل سبل عيشه كالتعرف على وجوه الأشخاص وأشكال الثمار والحبوب والأدوات وأشكال التضاريس الأرضية والمباني والبيوت والشوارع وأشكال النباتات والحيوانات. ولقد حاول العلماء باستخدام الحواسيب الرقمية العملاقة تقليد الدماغ البشري للتعرف على الأشياء ففشلوا فشلا ذريعا حيث احتاج الحاسوب العملاق عدة ساعات للتعرف على شكل تفاحة من بين عدة أنواع من أشكال الثمار. ومن الوظائف المهمة للدماغ البشري هي التفكير حيث يقوم بناءا على مقدمات منطقية بالحصول على نتائج منطقية جديدة وبهذه القدرة العقلية تمكن الإنسان من كشف كثير من أسرار وقوانين موجودات الكون الذي يعيش فيه واستطاع كذلك أن يسخر كثير من قوى وموارد الطبيعية لصالحه. ويتميز دماغ الإنسان كذلك بامتلاكه لذاكرة قوية يخزن فيها الكلمات والجمل وأسماء الأشياء المحسوسة وغير المحسوسة وصور الأشياء التي يراها والأصوات التي يسمعها وكذلك كم هائل من الأحداث والذكريات التي مر بها في ماضيه. ولا زال العلماء على جهل تام بالطريقة التي يستخدمها الدماغ في تخزين ما تراه العين وما تسمعه الأذن فمن الواضح أن الدماغ مهما بلغت سعة ذاكرته لا يمكنه أن يستوعب كل ما يصل إليه من معلومات سمعية ومرئية تلتقطها الأذن والعين. وفي هذا الحال لا بد أن الدماغ يستعمل آليات معقدة لاختيار المعلومات المهمة ويقوم بتخزينها في أماكن مختلفة من الدماغ كالذاكرة البصرية والذاكرة السمعية والذاكرة اللغوية وغيرها. فعلى سبيل المثال فعندما تقابل شخصا لأول مرة ولمدة محددة من الزمن فإن كم هائل من المعلومات سترسلها العين والأذن إلى الدماغ ولكن بعد إنتهاء المقابلة لا يبقى في الذاكرة إلا الأشياء المهمة كصورة وجهه وشكل جسمه ونوع ملابسه وبعض الجمل التي تلفظ بها. ومن ميزات الدماغ أن الإنسان يستطيع أن يستذكر المعلومات المخزنة في ذاكرته ويخرجها على شكل كلام من خلال الفم أو على شكل كتابة أو صور باستخدام اليد أو على شكل حركات عضلية تمكنه من إنجاز مختلف الأعمال التي تدرب عليها. ولا يمكن لأقوى الحواسيب العملاقة أن يقلد دماغ الإنسان في الطريقة التي يستخدمها لتأليف وإخراج الكلام فعندما يقوم شخص ما بالحديث عن موضوع معين فإنه بمجرد استحضاره لمعنى من المعاني يقوم الدماغ بشكل تلقائي بالبحث عن الكلمات المناسبة التي تؤلف الجمل المفيدة التي تعبر عن ذلك المعنى.
إن باستطاعة العلماء المهتمين بدراسة الدماغ أن يبرهنوا على أن الطرق التي يعمل بها الدماغ لأداء بعض وظائفه تقوم على أسس مادية يمكن استخدامها لبناء حواسيب تقوم بنفس الوظائف إذا ما توفرت التقنيات المناسبة لذلك ولكنهم لا أظنهم يتجرؤون فيقولوا أن مثل هذه الحواسيب قادرة على القيام بوظائف أخرى يقوم بها الدماغ البشري كالإحساس بوجوده والإحساس بالمشاعر والعواطف الإنسانية المختلفة كالحب والكره والفرح والحزن وإلى غير ذلك من المشاعر. إن القضية المتعلقة فيما إذا كانت المادة بشتى صورها قادرة على الإحساس بوجودها حيرت ولا زالت تحير الفلاسفة والعلماء ولم يتمكنوا حتى الآن من الوصول إلى إجابة شافية تستند إلى أسس علمية واضحة. ولهذا برزت فكرة وجود قوة عاقلة ذات طبيعة غير مادية تسكن في جسم الإنسان أطلقوا عليها اسم الروح وهي المسؤولة عن الوعي وحرية الإرادة والاختيار والمشاعر والعواطف الإنسانية المختلفة والتمييز بين الخير والشر وكبح جماح الغرائز الحيوانية. ومما زاد من يقين البشر بوجود هذه الروح هو قدرة بعض أفراد البشر بالقيام بأعمال لا يمكن للمادة أن تقوم بها كاستشراف الغيب من خلال التنبؤ بالأحداث المستقبلية على يد الأنبياء والرسل ومن خلال الأحلام الصادقة التي يراها البشر في مناماتهم وإلى غير ذلك من الظواهر الخارقة للعادة. ولطالما تساءل البشر عن طبيعة هذه الروح التي نقلت الإنسان من الحياة الحيوانية التي تحكمها الغرائز إلى الحياة الإنسانية التي يحكمها العقل والمثل العليا والتي تجعل هذا الإنسان يتصرف في كثير من الأحيان على عكس ما تمليه عليه غرائزه كما تفعل بقية الحيوانات. ولقد رد القرآن الكريم على الذين سألوا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن طبيعة الروح بجواب مفحم وذلك في قوله تعالى "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)" الإسراء 85. ولقد تبين للبشر في هذا العصر أبعاد هذا الرد القرآني فهاهم العلماء بما أوتوا من علم في مختلف التخصصات العلمية وبما توفر لهم من أجهزة ومعدات معقدة استخدموها في دراسة الدماغ البشري وحواسيب جبارة لتقليد طريقة عمل بعض وظائفه يقفون عاجزين عن كشف أسرار الجانب المادي للدماغ فأنى لهم معرفة طبيعة الروح التي تسكن جسم هذا الإنسان! إن من الجهل أن لا يعترف الإنسان العاقل بوجود أشياء لا يمكن لحواسه أن تدركها أو أن عقله لا يستطيع أن يستوعبها وخاصة في هذا العصر الذي تمكن البشر فيه من التعامل مع أشياء لا يدركونها بحواسهم ولا يمكن لعقولهم أن تتخيلها كما هو الحال مع الموجات الكهرومغناطيسية التي استخدموها لنقل مختلف أشكال المعلومات وصدق الله العظيم القائل "بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39)" يونس 39.
للتواصل مع الكاتب:
المراجع
1- القرآن الكريم
2- مواقع متفرقة على الإنترنت
لمزيد من المقالات للكاتب:

القلب الحزين 15-11-2013 07:37 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 
صور من دلائل الهداية الربانية للكائنات الحية

كاتب وأكاديمي في جامعة القاهرة.
"قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى"(طه:50).
(هَـدَى) فلاناً: هُدىً، وهدياً، وهدايةً: أرشده ودلّه، و(هَـدَى) فلاناً الطريق، وله، وإليه: عرّفه وبيـَّنه له، و(اهتدى): استرشد، (استـَهدَى) فلان: طلب الهُدًي، و(الهُدَى): الرشاد، و(الهادي): من أسماء الله الحسنى، و(الهادي):الدليل(1). ولقد وردت مادة(هَدَى) ومشتقاتها في القرآن الكريم نحو ثلاثمائة وسبعة عشر (317) مرة(2).
في كتاب الله تعالي المقروء، والمتعبد بتلاوته، ورد سؤال فرعون: "قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى"(طه:49) فجاء رد نبي الله "موسى" عليه السلام: "قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى"(طه:50). والمتأمل في الكون.. "كتاب الله تعالي المنظور" يجد كماً هائلاً من المشاهد تدل ـ ليس فقط ـ علي نعمة الإيجاد من عدم (الخلق) لما يزيد عن (مليون) نوع من الكائنات الحية، متنوعة الصفات والخصائص والوظائف والتراكيب والأشكال والألوان الخ. بل أيضاً علي (هداية) الله تعالي لها كي تؤدي دورها ووظيفتها في الحياة علي الوجه الأنسب والأفضل دوماً. إنك ـ بتأملك هذا ـ لابد واجداً لكل أمر غاية، ولكل شيء أجلاً، ولكل حادث موعداً، ولكل قدر حكمة: "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ"(القمر:49). لقد أفاض كثيرون، وتعددت وتنوعت الدراسات في هذا الشأن، والسطور التالية إنما هي غيض من فيض تلك الصور الدالة علي بديع الهداية الربانية للكائنات الحية.
صور من عالم الأسماك
- تظل هجرة الأسماك، ثاني كبار المهاجرين بعد الطيور، وهداية الله تعالي لها حين عودتها أو عودة صغارها فيما بعد إلي مواطنها الأصلية مثار دهشة بالغة من المختصين من العلماء.فأسماك الأنقليس أو الحنكليس (رتبة Myxinoided) تقطع بين شهري يناير ومارس من كل عام ألاف الأميال ـ مهاجرة من مختلف الأنهار والبحيرات العذبة عبر العالم ـ إلي أعماق المحيط الأطلسي (350-450 متراً) لتضع بيضها وتموت. بيد أن صغارها التي لا تعرف شيئأ عن موطن أمهاتها، تعود أدراجها إليها قاطعة نحو 5000 كم في رحلة طويلة وعجيبة ورائعة ولم يحدث قط أن ضلت الأنواع الأوربية إلي المياه الأمريكية أو العكس (3)، فمن غير الله تعالي قد "هداها" سبلها؟.
صورة لسمك الحنكليس
- هناك الهجرة الشهيرة ـ من البحار في المياه العذبةـ لأسماك السلمون البالغة لوضع البيوض (رتبة Salmoni formes)، والتي تطالعنا بها الصور التلفازية بقفزاتها ـ تصل إلي 3-4 متر ـ بالغة الرشاقة والروعة والمرونة. تراها باذلة الجهد الكبير ضد مساقط المياه العاتية، وضد مشاكل سوء التغذية لا يصدها صاد عن غايتها واستمرار نسلها. ذلك النسل من السلمون الصغير الذي يعود ببطء، وفي اتجاه تيار الماء، نزولا إلي البحر في رحلة قد تستمر أربع سنوات. لكنه بعد بلوغه يعود ثانية لنبع النهر العذب الذي فقس فيه سابقاً ليعيد دورة حياة جديدة. فمن غير الله تعالي قد "ألهمها" ذلك؟.
- سمكة "أبو شوكة" (طولها 5-6 سم)، لها تصرفات "غريبة"، فهو من بين قيل من الأسماك التي تصنع "عشاً" لها. فللذكر براعة فائقة في بناء عش جحر من الرمل والحشائش والنباتات في المياه الضحلة للبيض الذي تضعه الأنثى (300 بيضة). كما "لاصطياد" الضحية بطريقة "مبتكرة" "هدي الله تعالي بعض الأسماك لتكوين "أعضاء ضوئية" تتألق في الظلام وتبرز منها "أشعة ضوئية" تظهر فوق خطمها، فيجتذب الأسماك الصغيرة نحو فكين فاغرين مستعدين لالتهامها.
صور من عالم البرمائيات والزواحف
- الضفدع "الحداد"، بل "صانع الفخار" في (أمريكا الجنوبية)، يصنع إناء من الطين (10X30سم) علي مدي 2-3 ليالي، لينادي بعدها علي أنثاه لتضع البيض ـ في آمان ـ داخله.
- من الساحل البرازيلي تهاجر سلاحف البحر الخضراء البرازيلية (Chelonia mydas) للتكاثر قاطعة مسافة 2500 كم عابرة المحيط الأطلسي نحو السواحل الإفريقية، وعند جزيرة Ascension تضع بيضها ومن ثم تعود إلي موطنها دون أن تضل طريقها. ويحار العلماء في تفسير تلك الرحلة العجيبة، فهل تترك السلحفاة رائحة معينة تهتدي بها حال عودتها، أم تسترشد بالتضاريس البحرية، أم بزاوية معينة للشمس بالنسبة للأرض، أم ببوصلة مغناطيسية؟، أم هو "طريق آمن"؟(4). من غير الله تعالي هداها سبلها؟.
- للحرباء مهارة فائقة في التنكر والتخفي وتغيير لونها (لتصبح بلون صخرة أو جذع شجرة الخ)، ورزقها الله تعالي عينين تتحركان مستقلتين عن بعضهما البعض.
صور من عالم الحشرات
- الحشرات من أكثر الأحياء انتشارا علي سطح الأرض فقد ألهمها الله تعالي مقدرة علي البقاء والتأقلم والتكوين البنيوي والتكاثر ومنازلة الخصوم الخ. ينخر "الزنبور" بإبرته السامة في المركز العصبي "للجندب النطاط" بحيث "يخدره"، ويُفقده وعيه، فلا يستطيع الفرار، كما لا يسبب هلاكه، فيبقي لحما محفوظا تبيض عليه الأنثى، ومن ثم تغطي الحفرة وتموت. بعد أن تكون قد وفرت الغذاء لصغارها قبل أن يولدوا، وهكذا الحال مع كل الزنابير منذ أن خلقهم الله تعالي (5)، فأعظم به من خالق سبحانه وتعالي.
- تماماً في 24 مايو من بلوغه السنة السابعة عشر من عمره، تري ذلك الجراد البالغ ـ في ولاية "نيو انجلاند"ـ عادة ما يغادر شقوقه المظلمة تحت الأرض، فيظهر بالملايين في ذلك التوقيت (6).
- حشرة" أبي دقيق" عادة لا تتغذي علي أوراق الكرنب، بل تختاره ـ دون غيره ـ لتضع عليه بيضها، ومن ثم تخرج الديدان الصغيرة وتأكل من تلك الأوراق المناسبة لها(7)، فمن أودع في تلك الحشرة "مهارة" حسن اختيار الغذاء المناسب لديدانها؟.
- من الذي "هدي" البعوضة لقوانين "ارشميدس" في الطفو، فنجدها تزود كل بيضة من بيوضها بكيسين من الهواء كي تطفو بهما علي سطح الماء؟ (8).
- للنحل والنمل في بناء بيوته المعقدة الإنشاء، البالغة الدقة، ذات الغرف والدهاليز والمخازن والبدرومات، "هداية ربانية" لقوانين الهندسة المعمارية. فضلا عن نظام العمل الاجتماعي التعاوني المدهش في تلك الخلايا. فلسبعة أمتار قد يصل ارتفاع عش النمل الأبيض، ونحو 30 ألف بيضة في اليوم من "الملكة"، وما سيتتبعه من بناء غرف جديدة لتسع هؤلاء القادمين الجدد من النمل، فأي هداية وأي جهد وعمل دؤؤب مبذول؟. وهذه حشرة "الترميت" الإفريقية تبني بيوتا كالقباب والتلال والمسلات وتزودها بقنوات وفتحات خاصة كي يرتفع الهواء الساخن لأعلي ليحل بدلا منه الهواء البارد من أسفل. إنه بين رائع من حيث تكييف الهواء Air conditioningة (9).
صورة للخلايا التي يصنعها النحل وتظهر الهندسة السداسية العجيبة فتبارك الله أحسن الخالقين
- العناكب ليست حشرات لكونها تمتلك ثمانية أرجل، وللحشرات ستة فقط، وجسم العناكب مكون من قسمين وليس ثلاثة، لكن لا يغيب عن البال النسق البارع "لشبكة’" خيوط بيت العنكبوت "أقوي من الفولاذ، ولزجة تلتصق بها الفرائس من الحشرات". تلك الخيوط تخرج من عضو "المغزال" في مؤخرة الجسم. بيد أن بيت العنكبوت كبيت من أتخذ من دون الله أولياء "واهن واهن": "مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ"(العنكبوت:41).
- "لا يورث غذاء، بل سلاحا"، فجراد الصحراء الذي يعيش في سورية والشرق الأدنى يتغذي علي نبات Calotrpus procers الذي تحتوي أوراقه علي مادتين سامتين يريدهما الجراد (دون سائر سميات النبات) للدفاع عن نفسه ضد أعدائه. وهو يترك منهما مخزونا بجانب بيضه حتى تفقس حشراته الصغيرة
صورة لخرسنة القطب الشمالي ويظهر في الصورة السفلية مسار الهجرة السنوية من الشمال إلى الجنوب
فتجد " أسلحة" التي تدافع بهما عن نفسها (10).
صور من عالم الطيور
- يوجد ما يزيد عن (8000) نوع من الطيور، فهل تعلم أفراخها الطيران أم إن هذه الخاصية "هداية" من الله تعالي؟. أجري باحثون ألمان تجربة للإجابة عن مثل هذا السؤال، حيث وضعوا صغار الحمام حديث الفقس في أنابيب ضيق بحيث لا تستطيع تحريك أجنحتها، وعند بلوغها سنا معينة قاموا بإطلاقها فطارت علي الفور(11). بيد أن سباع الطير ومن يصطاد في الهواء، تساعد صغارها "وتدربهم" ـ عبر إلقاء قطع الطعام في الهواء ـ كي "يكتسبون" مهارة إتقان فن القنص في الهواء.
- عبر فصول العام.. مازالت هجرة الطيور، أكبر المهاجرين في الكائنات الحية، إلي حيث الدفء والغذاء، ووضع الأعشاش، وهداية الله تعالي لها حين عودتها أو عودة صغارها بمفردهم فيما بعد إلي موطنهم الأصلي، مثار اهتمام ودهشة بالغين من العلماء والمختصين (12). فعلي سبيل المثال خرسَنة القطب الشمالي Sterna paradisaea تتكاثر في أقصي شمال أوربا وأمريكا وتهاجر في الخريف جنوبا إلي استراليا وأفريقيا، حيث تبقي حتى فبرايرـ أبريل، ومن ثم تعود إلي أرض تكاثرها في الشمال، في رحلة فريدة عجيبة لا تصدق، وتبلغ نحو 35.500 كم في السنة الواحدة. فيما يلي جدول يوضح بعض أنواع الطيور المهاجرة، وأطوال أجسامها (سم)، والمسافات التقريبية التي تقطعها في هجرتها(الكم)(13):
لقد تعددت تفاسير العلماء "لحواس التوجه"، ومدي الدقة في تحديد الاتجاه وأماكن الهجرة، ومن ثم العودة للموطن الأصلي، وصولا للقول بوجود مادة تعمل "كمغناطيس طبيعي" يتوافق مع المجال المغناطيسي للأرض.. ذهاباً وإيابا. إنها ـ من قبل ومن بعد ـ هداية الله لمخلوقاته.
- كانت قد أجريت تجربة للتفريخ الاصطناعي لبيض الدجاج، عبر إحاطته من جميع جوانبه بالحرارة المناسبة ولكن دون تقليب، كما هدي الله تعالي الدجاجة لذلك. لكن مضي موعد الفقس دون خروج الفراريج، وفشلت التجربة. ليعلم فيما بعد أن الدجاجة إنما تقلب بيضها منعاً من ترسب المكونات الأولية للفرخ في الأجزاء السفلي منه، ولذا فهي لا تقوم بتقليب البيض في اليوم الأول وكذا الأخير من فترة الحضانة، فمن هداها لذلك؟.
- وإذا تركنا الدجاجة وهدايتها في تقليب البيض، فمن الذي هدي الفروج ـ عند موعد فقسه ـ كي يكسر بيضته عند أضعف أجزائها، ومن الذي هدي "العقاب المصري" كي يلتقط الحصى بمنقاره، ومن ثم يرتفع عاليا كي يسقطهاـ بذكاء، وبخاصية من حدة بصر فائقةـ علي بيض النعام العصي علي الكسر(14).
- يقف الطائر المسمي" مالك الحزين" لوقت طويل في الماء، ساكناً هائما لا يأتي بحركات، ليقتنص ـ ببراعةـ فريسته. ولأهمية الريش (كما المناقير
صورة لحيوان الوطواط
والأقدام) بالنسبة للطائر نري كثيراً من الطيور تستحم في الماء أو (تُدحرج) نفسها فوق التراب، ومن ثم تبدأ في عملية ترتيب وتمشيط ريشها ليبقي في حالة جيدة علي الدوام (15). فمن علمها ذلك؟. أما الطائر الخياط (الهند)، وطيور الأكوام/ الديوك البرية(استراليا)، وطيور السنونو، والخطاف، والرفراف وغيرهم فهم بناءون عجيبون (16)، بارعون في بناء وإنشاء الأعشاش والمساكن بمواصفات و"أمان وتأمين" وحرفية، فمن علمهم تلك الحرفة المدهشة؟.
صور من عالم الثدييات
- ضمن مجموعة تصل إلي حوالي (2000) نوع من الوطاويط، الحيوانات الثديية الوحيدة التي تطير، وهي تنشط ليلا وتنام نهاراً، يوجد لدي الخفافيش آكلة الحشرات (Microchiropter) آذان كبيرة نسبياً، وعيون صغيرة جداً، وطيات جلدية معقدة، وناميات علي أنوفها، يري المختصون أنها أساسية لاهتدائها للطيران والتغذية في ظلمة الكهوف العاتية، وذلك عبر رجع الصدى للموجات فوق الصوتية (السونار). ولقد هداه الله تعالي لتحدد ـ كذلك بسمعهاـ ما إذا كانت هناك من حشرات تقف فوق الأغصان وأسلاك البرق لتصطادها، متفادية العوائق في ذلك الظلام الدامس (17). كما يتميز "الدلفين" أيضا بحدة سمعه فهو يستطيع أن يعين موضع فريسته بواسطة تريد الصوت الذي "هداه" الله تعالي لاستعماله.
- "القندس".. "مهندس المملكة الحيوانية" فهو بنّاء عجيب مدهش، هداه الله تعالي لإنشاء السدود والحفر والمساكن. يصل ارتفاع السدود إلي أربعة أمتار ويزيد طولها عن 600 متر، وتشكل المياه خلفه بركة كبيرة.
صورة لقندس يقوم بحمل غصن شجرة لبناء سده، وفي الأسفل سد صناعي أنشأه حيوان القندس الذي هو أقدم بناء للسدود عبر التاريخ
-ترحل الحيتان لمسافات طويلة وهداه الله تعالي لسماع الأصوات تحت سطح الماء لمسافة 3 أميال، فيتعرف أفراد السرب علي بعضه البعض، وعلي الظروف المحيطة (18).
- فصيلة القطط والكلاب لها من "هداية" الله تعالي نصيب وافر، ففي "حواسها" المختلفة في التعرف على البيئة المحيطة، واستكشافها، ومعرفة مخارجها وأماكن الهروب منها، وبخاصة عندما تدخلها للمرة الأولى. فهي "مُعلِم ماهرٌ" في فنون الصيد والقنص فلديها براعة فائقة في مهاراته، وجسد رشيق، وأطراف مستدقه، وعضلات قوية..لتجعل من "الفهد الصياد" Acinonyx jubatus أسرع مخلوقات الأرض (نحو 120 كم/ ساعة) دون منازع.
- وللكلاب "هداية"، تنعكس في تعدد خدماتها ووفائها للإنسان: حراسة الماشية والمنازل والحدود والأفراد، وإنقاذ المفقودين والمسافرين، وقيادة فاقدي البصر، وفى إغلاق مصابيح الإنارة والغسالات والأبواب وخدمة توصيل بعض الأغراض للمقعدين وذوي الاحتياجات الخاصة، ووسيلة للجر والنقل، ووسيلة للاتصال أيام الحروب والأزمات، ومهمة استكشاف المخدرات والمواد المحظورة، واستكشاف المناجم كأبرع جيولوجي، وفوائد جليلة للبحث العلمي والطبي والجراحي والدوائي كحيوانات للتجارب (وإن كان ذلك يلقى معارضة كبيرة من جمعيات الرفق بالحيوان). وأضف إلى ذلك احدث وظيفة تم تدريب الكلاب عليها وهي عملها "كجرس إنذار" يتنبأ بقدوم نوبات الصرع Epilepsy من خلال نبرات وتعبيرات وجوه مخدوميها، ومن ثم تقفز وتنبح وترقد عند أقدامهم مما يعمل على إيقاظهم وتنبيههم، كما أن بعضها قد تضرب عن الطعام إذا ما مرض صاحبها، وقد تضحي بحياتها في سبيل إنقاذه من أزماته، فمن الذي "هداها" لتفعل كل هذه الخدمات للإنسان؟.
- القطط الأليفة ـ تلك الحيوانات ذات "الشخصية المستقلة" والتي نادرا ما يسودها "النظام الأبوي" أو "نظام القطيع"، غالباً ما تعيش منفردة، مستقلة، هانئة بتأملاتها الذاتية، محتفظة ببعض صفاتها البرية، لا تبدى مشاعرها كثير‍‍‍‍‍‍‍، فهي تمثل نموذجا يحتذي في النظافة العامة وفى التجمل، فهي تقضى ساعات طوال في تنظيف نفسها، والعناية بشعرها. فمن الذي هداها لمعرفة فلسفة الجمال والقبح؟؟ (19) فنراها لا تترك فضلاتها إلا وقد أهالت عليها التراب، ودفنتها سواء كان ذلك في الطريق أو داخل البيوت حيث موضعها وأطباقها المُعدة لذلك الغرض.
-"الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" (صحيح البخاري، برقم:2637)، هكذا يُخبر رسولنا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّم عن الخيل، لما لها وظائف متعددة يكللها "هداية" الله تعالي لها في "ذكائها"، وفي "بنيانها" الجسدي. :"والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون. ولكم فيها جمال حين تـُريحون وحين تسرحون. وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق النفس إن ربكم لرءوف رحيم. والخيل والبغال والحمير لتركبوا وزينة ويخلق ما لا تعلمون" النحل:5ـ8. وجدير بالذكر أن للخيل شأناً رفيعاً في التراث العربي والإسلامي، يذكر الجاحظ:" لم تكن أمة قط أشد عجباً بالخيل، ولا أعلم بها من العرب".
- وللإبل ـ أيضاً ًـ مكانتها في التراث العربي الإسلامي، وتكفي إشارة القرآن الكريم للنظر وتأمل خلقة الله تعالي لها: "أفلا ينظرون إلي الإبل كيف خلقت"(الغاشية:17) وفي هذا الشأن سودت كثير من الدراسات والمقالات. بيد أنه تجدر الإشارة هنا إلي "هداية" الله تعالي لها في أنواعها وسلوكياتها، واقتصادياتها، وكيفية تأقلمها مع بيئتها وظروف معيشتها، وذاكرتها القوية التي تعرف خط السير حتى ولو مضت فيه منذ سنين، فضلاً عن مقاومتها للأمراض، وخصائص ونوعية لحومها، وكمية ومكونات وفوائد ألبانها وأبوالها. كما إن بإمكان المرء أن يتعلم الكثير من "صفاتها وطباعها" مثل: التحمل والصبر والعمل الدءوب والقناعة والاقتصاد في المأكل والمؤونة، والادخار لما هو قادم، والعطاء حتى في اقسي الظروف.
- مجموعة الحيوانات الرئيسة (الجيبون، والأورانغ أوتان، والغوريلا، والشمبانزي الخ)، وهبها الله تعالي مقدرة "عقلية"، ومستويات مرتفعة من "الذكاء"، و"الذاكرة الجيدة"، واستعداد كبير "للتعلم والدربة"، ومقدرة رائعة علي "التقليد والمحاكاة".
- لعل المجال هنا لا يتسع لعرض الصور العديدة والمتنوعة لهداية الله تعالي للإنسان،..مادياً ومعنوياً، جسداً وروحاً، وكيف لا وهو "خليفة" الله تعالي في أرضه، والمكرم علي كثير من مخلوقاته ـ جلت قدرته ـ :"وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا"(الإسراء:70). لكن تكفي الإشارة السريعة إلي قوله تعالي: "الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ" (الشعراء:78)، وقوله تعالي:"وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ"(البلد: 10)، وقوله تعالي: "إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا"(الكهف:24). ثم تكرار الدعاء في الصلاة:"اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ" (الفاتحة:6). يقول صاحب الظلال رحمه الله تعالي:"لقد وهب الله تعالى الوجود لكل موجود علي الصورة التي أوجده عليها ثم هدي شئ إلي وظيفته التي خلقه لها، وأمده بما يناسب هذه الوظيفة ويعينه عليها، فكل مخلوق معها لاهتداء الطبيعي الفطري لوظيفته، فالخلق والاهتداء للوظيفة متزامنتان، بيد أن هداية كل شيء لوظيفته مرتبة أعلي من خلقه غفلاً..إنها أكمل آثار وهبات الألوهية الخالقة المدبرة للوجود.. هبة الخلق علي تلك الصور البديعة، وهبة الهداية لوظيفة المخلوق، كبيراً أو صغيراً، من أضخم الأجسام إلي أصغرها، ومن أرقي أشكال الحياة في الإنسان إلي الخلية الواحدة"(20).
وأخيرا وليس آخرا: الغشاء الخلوي.. غشاء "عاقل"
الحيوانات الأوالي: وحيدات الخلية والتي يوجد منها ماينوف علي ثلاثين ألف (30000) نوع..غشائها الخلوي (كما في خلايا أكبر الكائنات حجماً) به "هداية" لوظائفه الحيوية..حركة وتغذية وانقساماً، ويبدو كما لو كان غشاء "عاقلا"(21). يقول د. زغلول النجار:"لا ريب أن السنن الحاكمة للكون، ولجميع ما فيه ومَن فيه، هي من أمر الله ـ تعالي ـ وضمن هدايته، تأكيداً علي حقيقة الخلق، وعلي ربوبية الخالق. فالله ـ جلت حكمته ـ هو رب كل شئ ومليكه وهاديه"(22).
خلاصة القول
إنهما صفتي "الخلق والهداية". فالكائنات الحية من الأكثر رقياً ـ في الأسماك والبرمائيات والزواحف والحشرات والطيور والثدييات ـ إلي الحيوانات وحيدة الخلية نجدها مدفوعة لأن تفعل الشيء الصواب في الوقت والمكان الصواب، وبالطريقة والنسق الصواب في دلالة واضحة ـ ليس كما يذهب البعض بدافع من سنن وقوانين وغريزة طبيعية ـ بل بهداية ربانية: "قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى"(طه:50).
يمكن التواصل مع المؤلف على الإيميل التالي:
بقلم: أ.د./ ناصر أحمد سنه.. كاتب وأكاديمي في جامعة القاهرة.
ت: 4605542202، محمول: 0101106863
الرقم البريدي: 13411 شبرا الخيمة.
الهوامش والمراجع
1-أنظر: المعجم الوجيز،الصادر عن مجمع اللغة العربية، طبعة خاصة بوزارة التربية والتعليم، 2005م، مادة"هدي، ص: 647.
2-راجع: المعجم المفهرس لللفاظ القرآن الكريم، وضعه: "محمد فؤاد عبد الباقي"، دارالحديث،القاهرة،ط 3، 1991م.
3-سعيد حوي::" الله جل جلاله"، مكتبة وهبة، ص:54، وأنظر ايضاً د. صبري القباني:"غرائب في مملكة الحيوان"، د.ت، ص 141-147.
4-د. صبري القباني، مرجع سابق، ص:180-181.
5-د. مصطفي محمود: "رأيت الله"، دار المعارف، ط 3، 1977م، ص:8، وكذلك سعيد حوي، مرجع سابق، ص:54.
6- سعيد حوي، مرجع سابق، ص:54.
7-د. مصطفي محمود: "لغز الحياة"، دار النهضة العربية،، 1973م، ص:43.
8-المرجع السابق، ص:44.
9-موسوعة كومبي العربية المصورة، دار العالم العربي للطباعة، القاهرة، وكذلك: The Encyclopedia Americana, Vol. 30: pp: 770
10-د. صبري القباني، مرجع سابق، ص: 222-223.
11-المرجع السابق: ص: 297
12- Yuri Dmitriyev:” Animal on a pedestal”, Raduga publishers, (1989), pp :161-196.
وأنظر أيضا: "لغز الحياة"، و"غرائب في مملكة الحيوان"، مراجع سابقة.
13- أسرار جسم الإنسان: ترجمة هاشم أحمد محمد، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مكتبة الأسرة، 1999م.
14- لغز الحياة، مرجع سابق :ص:7، وغرائب في مملكة الحيوان، مرجع سابق ص:301.
15-- الموسوعة العلمية للناشئة، العدد:8، منشورات دار الجنوب للطباعة، بيروت، ترجمة اسماعيل اليوسف عن الموسوعة الإنجليزية: Children’s Encyclopedia
16-أيجور اكيموشكين: "بناؤؤون عجيبون"، دار ماليش ومكتبة دار الشرق، موسكو، 1978م، ص: 4-10.
17- الموسوعة العلمية للناشئة، مرجع سابق العدد:7.
18- أسرار جسم الإنسان، مرجع سابق، ص:63-71.
19-"رأيت الله" مرجع سابق، ص:6-7، وأنظر :” Animal on a pedestal”مرجع سابق،ص: 294-313.
20-بتصرف من سيد قطب: "في ظلال القرآن"، مجلد، 4، ط 17، 1992م، دار الشروق، مصر، ص 2338.
21-مجلة الوعي الإسلامي الكويتية، العدد: 455، رجب 1424هـ، ص: 61-63، وانظر: سعيد حوي، مرجع سابق، ص:44-46.
22- بتصرف من د. زغلول النجار: "في نور القرآن الكريم..تأملات في كتاب الله"، الدار المصرية اللبنانية،القاهرة، طبعة 1، 2008م، ص:182.

القلب الحزين 15-11-2013 07:38 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 
علمتني الأشواك النباتية الرحمة الإلهية

http://www.quran-m.com/firas/ar_phot...ia_ovata_2.jpgبقلم الأستاذ الدكتور نظمي خليل أبو العطا موسى
أستاذ علوم النبات في جامعة عين شمس ـ القاهرة
مدير مركز ابن النفيس للدراسات ـ البحرين
أخذت الجاروف الصغير وذهبت إلى نبات الصبار الاسطواني Opuntia bigelovii الجميل لأقلب الأرض أسفل منه،انتهيت من المهمة وذهبت لأغسل يدي، وفجأة شعرت بوخز إبري شديد في أصابعي وظهر راحة يدي، نظرت إلى مكان الوخز فرأيت العجب العجاب عشرات الإبر النباتية قد غرست في أصابعي وظهر راحة يدي , أحضرت العدسة المكبرة لأجد غابة من السهام قد رشقت في يدي، أخذت أعالج الأمر مدة ساعات، وأحمرت راحة يدي وزاد الألم، قررت أن أنقل هذا النبات بعيدا عن أماكن وجودي. وفكرت في الأمر كثيرا، لماذا خلق الله تعالى هذا الشوك المؤذي في هذا النبات ؟ وتمنيت أن يكون هذا النبات خاليا من الأشواك.
صورة لنبات الصبار الأسطواني
مرت الأيام وفي كل يوم كنت أرى نبات الرجلة Portulaca الأملس الناعم وقد قطعت سيقانه وأوراقه بطريقة حادة ومهلكة، ظننت الطيور قد فعلت ذلك، وذات ليلة مررت بجوار نبات الصبار الاسطواني الشوكي Opuntiaالذي آذاني فوجدت أعدادا من الفئران تلعب حول النبات , فاستنتجت أن الفئران هي التي أكلت نبات الرجلة الأملس بالليل وأهلكته، ولكنها لم تستطع الإقتراب من نبات الصبار الشوكي، لحظتها علمت حكمة الخالق سبحانه وتعالى في خلق الأشواك لهذا النبات البري الصحراوي، خلقها الله تعالى حماية له من الأكل والرعي الجائر والهلاك بالقوارض كالفئران والأرانب وباقي الحيوانات الآكلة للنبات ومن عبث الإنسان، من هذا علمت أن كل شيء في الوجود خلق لغاية مقدرة، وبحكمة بالغة، نظرت في الأزهار الجميلة المتباينة الأشكال والألوان والرائحة فعلمت أن الله سبحانه وتعالى خلقها جميلة برائحة طيبة ليستفيد منها الإنسان في الزينة والتعطر والدراسة والغذاء لمعرفة عظمة الله سبحانه وتعالى في الخلق.
نظرت لنبات القرع العسلي أو اليقطين Cucurbita، هذا النبات العشبي الضعيف الساق والمدّاد لأرى تلك الثمرة الضخمة لليقطين وقد رقدت على الأرض وهي متصلة بأمها بحبل سري نباتي تستمد منه الغذاء، ولو كانت هذه الساق قائمة لوجدت الساق صعوبة بالغة في حمل هذه الثمرة الضخمة لأعلى، ولو كانت ساق هذا النبات قائمة خشبية وحملت تلك الثمرة الضخمة لأعلى لوجد الإنسان مشقة في حصادها وقطفها وكانت هناك فرصة لسقوطها على الأرض وتهشمها أو السقوط على رأس الإنسان وإيذاءه. تذكرت نخلة جوز الهند العالية وثمرتها الضخمة، قارنت بين النباتين ودرست وعلمت أن ثمرة جوز الهند ثمرة خفيفة الوزن , لها جدار خشبي سميك يمنع تهشمها إذا سقطت على الأرض , ولها غلاف ليفي خفيف إسفنجي يحول دون إيذاء رأس الإنسان والحيوان إن سقطت عليه، علمت وتعلمت أن كل شيء في هذا الوجود خلق بحكمة بالغة وبتقدير محكم وبرحمة واسعة.
شاهدت شجرة التوت Morus alba وقد نفضت أوراقها في الشتاء لحماية النبات من الطقس البارد القاسي في الشتاء، وعندما حان موعد خروج الأوراق من براعمها (خروج العين)، وظهور الأوراق الغضة الرقيقة حان في الوقت نفسه فقس بيض دود القز (دودة الحرير) الدقيقة الصغيرة التي تتغذى على أوراق نبات التوت الغضة الصغيرة، ولو تقدم فقس البيض عن موعده المحدد والمقدر لهلكت الديدان جوعا لعدم وجود أوراق نبات التوت الذي تتغذى عليه، ولو تأخر الفقس لشاخت أوراق نبات التوت وتجلدت وتدعمت وأصبحت عسرة القضم والهضم على الدودة ، ولكن الأوراق والديدان يكبران سويا وتقوى الديدان على قضم تلك الأوراق وهضمها.
شاهدت أوراق نبات الكازوارينا Casuarina المستخدم في عمل مصدات الرياح حول المزارع، وجدت ورقته ورقة حرشفية ضامرة حتى لا تؤثر فيها الرياح والحرارة، ووجدت سيقانها الإبرية قد إخضرت وتولت القيام بعملية البناء الضوئي بدلا من تلك الأوراق الحرشفية التي فقدت وظيفتها البنائية الضوئية لغياب اليخضور من أنسجتها، شاهدت ورقة نبات الكافور Eucalyptus الجلدية الشريطية الموجودة في البيئة الحارة وقد تجلدت أوراقها , وهي أوراق متساقطة بالتناوب لتسقط القديمة التي شاخت وأدت وظيفتها وتحل محلها الأوراق الفتية الشابة لتجابه ظروف الحياة الخارجية القاسية وبفحص قطاع عمودي في أوراق نبات الكافور وجدت الله سبحانه وتعالى قد حمى النسيج الوسطي للورقة بطبقات من الخلايا العمادية الطويلة الملاصقة للبشرة تماما حتى تتقبل صدمة الضوء الساقط وتمتصه وتقلل من حدته على الخلايا الداخلية، وفي المقابل وجدت أوراق نباتات الظل وقد تفلطحت لإقتناص أي كمية من الضوء تسقط عليها، وقد اختفت الطبقات العمادية المعوقة لوصول الضوء إلى النسيج الوسطي ليتمكن النبات من القيام بعملية البناء الضوئي، ووجدت سيقان نبات العاقول Alhagi أصبحت إبرية قوية شوكية، وسيقان نباتات الظل غضة طرية مفلطحة لتتلائم مع البيئة الظليلة التي توجد فيها، ووجدت سيقان نباتات العُليق Convolvulus والعنب Vitis والقرع Cucurbita قد خلق الله سبحانه وتعالى لها معاليق خيطية تستطيع بواسطتها الإلتفاف على الدعامات وتسلقها، ووجدت ورقة نبات القلقاس Colocacia وقد تفلطحت وكبرت لزيادة مساحة السطح المنتج للمواد النشوية الكربوهيدراتية التي ترسلها إلى السيقان الكورمية تحت الأرض ليأخذها الإنسان ويتغذى عليها.
صورة لورق الكازوارينا
صورة لورق نبات الكافور
صورة لورق نبات القلقاس
وهناك نبات قصب الرمال Ammophila وقد التفت أوراقه كما يلف أوراق نبات الدخان في السيجار لحماية النبات والثغور من البيئة الخارجية القاسية من ناحية الحرارة وشح المياه، وهناك النباتات الصحراوية ذات التراكيب والتحورات المجابهة للبيئة الصحراوية الجافة الحارة، وفي البيئة الصحراوية نفسها توجد نباتات من دون تحورات لمجابهة تلك العوامل البيئية القاسية، ولكن الله سبحانه وتعالى جعل هذه النباتات ذات دورة حياة قصيرة بحيث تنبت بذورها وحبوبها وتنمو وتزهر وتثمر قبل حلول فصل الجفاف والحرارة الشديدة , وبذلك هربت تلك النباتات بسيقانها وجذورها وأوراقها وأزهارها الغضة الضعيفة، واستعمرت الأرض ببذورها وحبوبها ذات الجدر والخصائص التركيبية والوظائفية والحيوية المتحملة للظروف البيئية الحارة والجافة والقاسية وقت الجفاف وارتفاع درجة الحرارة، ونشاط الرياح المحملة بالأتربة والرمال.
وعلمتني الأبصال والبصيلات كيف تتخلص من أنصال أوراقها الخضراء بعدما تخزن الغذاء في قواعد تلك الأوراق لتكون مفيدة للإنسان والحيوان والنبات نفسه عند إعادة الأنبات والنمو وإستئناف دورة الحياة النشطة.
وعلمتني أوراق النبات بحوافها المتباينة، وبنصولها المختلفة ، وقواعدها المعجزة وقممها العجيبة، علمتني تلك الأوراق الإبداع في الخلق، مع الجمال وروعة الخلق والتنوع والتباين وكل ما يدل على القدرة الإلهية المعجزة (أنظر موضوعنا الأوراق النباتية من كبرى المعجزات الإلهية في كتابنا معجزات حيوية ) حيث الروعة والطلاقة في الخلق، وتعلمت من الأزهار والنورات، والمبايض الزهرية وأغلفتها، أن الله على كل شيء قدير.
وهكذا علمني نبات الصبار الاسطواني bigelovii Opuntia في هذا الأصيص الصغير بأشواكه الحادة والقاسية والدامية كيف أرى رحمة الله في الخلق، وروعته في الصنع فتبارك الله أحسن الخالقين.
أ.د. نظمي خليل أبوالعطا موسى
www.nazme.net
للحصول على كامل مقالات الدكتور نظمي خليل أبو العطا في موقعنا أضغط هنا

القلب الحزين 15-11-2013 07:39 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 
الحشرات.. جند من أجناد الله

وتستطيع الخنفساء أن تسحب ثقلا يعادل ثقل جسمها 120 مرة
بقلم الدكتور عبد الوهاب عبد المقصود إبراهيم
حقـق الإنسان في القرن الأخير تقدما علميا باهرا وتفوقا تكنولوجيا ظاهرا، مكنه من بسط سلطانه وفرض سيطرته على كافة أرجاء المعمورة واستخراج ثرواتها الظاهرة والكامنة ثم استغلالها لتحقيق أمنه ورفاهيته، فها هو ذا يرسل السفن الفضائية والأقمار الاصطناعية، التى تجوب الكون، تسبر أغواره، وتستكشف أسراره، ها هو ذا يجلس متكئا على أريكته في قعر بيته، وبلمسة من أصبعه على جهاز التحكم عن بعد يرى ما يشاء، ويسمع ويتحدث ويتواصل مع من يشاء، وينعم بالدفء في البرد القارص وينعم بالنسيم البارد في الحر القائظ، ويغسل ثيابه ويفتح أبوابه.... وعلى الرغم من نجاح الإنسان الباهر في ترويض الوحوش الكاسرة والقضاء على الكثير من الأمراض الفتاكة، على الرغم من كل ذلك وقف هذا الإنسان بلا حول ولا قوة أمام الحشرات. كائنات صغيرة الحجم، لا تعرف الكسل ولا يصيبها الملل أو الوهن، تجوب العالم، شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، دون أن تعترف بحدود إقليمية ولا تعبأ بموانع أو سدود أو جنسيات، منها ما يقطن الفيافي والقفار ومنها ما يمخر عباب عذب الأنهار وأجاج البحار.
ومنها ما يمتطي ظهر الريح متى شاء وأنى شاء، ومنها ما يدب على سطح الأرض، ومنها ما يلج في باطنها، تجدها في السهول المنبسطة وعلى قمم الجبال الشاهقة وفى باطن الكهوف المظلمة، منها ما يسكن الحدائق الغناء بين الورود والرياحين ومنها ما يعيش في القبور المظلمة يقتات على جيف الإنسان والحيوان، ومنها ما يعيش في أنفاق داخل النباتات والأشجار ومنها ما يستطيع العيش في المناطق الشديدة البرودة، فقد وجد العلماء أكثر من 300 نوع منها في القطب الشمالي، ومنها ما يعيش في صحراء قاحلة مثل بعض مناطق الصحراء الليبية التي قد تجاوز درجة الحرارة فيها 60 درجة مئوية، كما وجد العديد من أنواعها في عيون المياه الحارة، بل وبرك النفط!! بل ووجدت منها بعض الأنواع التي تعيش بصفة دائمة على سطح الماء في المحيطات.
لقد فاقت تلك الكائنات جميع المخلوقات في عدد أنواعها، إذ فاقت أنواعها المليون، وهي تمثل 76% من المجموع الكلي للملكة الحيوانية و51% من جميع أنواع الكائنات الحية. توشك أن تنظر إلى السماء وتخاطب الماء الذي في السحاب قائلة له: شرق أو غرب فإن لي من الخير الذي تفيض به نصيب. ولاشك أن هذا النجاح الساحق لهذه المجموعة من الكائنات وانتشارها الكبير له أسباب عديدة، فهي صغيرة الحجم، قليل من الغذاء يكفيها وشق صغير في الأرض يأويها، لها هيكل أقوى من العظام وعضلات مفتولة تستطيع بها أن تحمل أو تجر عشرات أضعاف وزنها، فهى بلا جدال بطلة العالم في حمل الأثقال وجر الأحمال، وتقفز للأعلى والأمام عشرات بل مئات أضعاف طولها، فهي بلا غرو بطلة العالم في الوثب العالي والطويل. فإذا كان بطل العالم في الوثب العالي يقفز لارتفاع لا يتجاوز مثلي طوله، فإن البرغوث الذي يبلغ طول رجله 1.3 مم يقفز لارتفاع قد يصل إلى 21 سم ولمسافة قد تصل إلى 34 سم، وإذا أراد الإنسان أن يجارى هذا البرغوث في البطولة فعليه أن يقفز لارتفاع 450 قدم ولمسافة 700 قدم، وأنى له أن يفعل. وتستطيع الخنفساء أن تسحب ثقلا يعادل ثقل جسمها 120 مرة، ولكي يبلغ إنسانا يزن 75 كيلوجرام شأوها فعليه أن يسحب ثقلا يبلغ 9 أطنان، وأنى له ذلك. لقد وهب الله هذه الكائنات قدرة فائقة على التكاثر وتحمل المشاق والصعاب.... وللكثير منها القدرة على الطيران الذي يساعدها في البحث عن الغذاء والهرب من الأعداء، ويمكنها من الوصول إلى الجنس الآخر في الوقت والمكان المناسب لإتمام التزاوج كما يساعدها في إيجاد المكان المناسب لوضع البيض. وتتميز هذه الكائنات بعناد شديد يمكنها دائما من الحصول على ما تريد وقتما تريد، والذباب خير مثال على ذلك، فقد اشتق اسمه من كونه إذا ذب عن الشئ آب. وللحشرات قدرة كبيرة على التخفي والمحاكاة، فبعضها يتلون بلون البيئة التي يعيش فيها، فلا يمكن للأعداء تمييزه عنها، وبعضها يتلون بألوان بعض الحشرات السامة، فيفزع منها الأعداء ويرهبون جنابها.
صورة لحشرة فرس النبي وهي تتخفى داخل بعض الأعشاب اليابسة مقلدة لون الأعشاب الصفراء
صورة لدودة تعيش على الأشجار متخفية بتقليد لون لحاء الشجرة
صورة لحشرة تموه نفسها بتقليد لون الورق الأخضر

وتمر الحشرات خلال حياتها بتغير كبير في الشكل، يسمى التحول، فمن يصدق أن الفراشات الرقيقة ذات الألوان البديعة، التي تكتفي بقليل من رحيق الأزهار كانت يوما بيوضا صغيرة لاتكاد تدركها العين ثم أصبحت ديدان شرهة تجول بين أوراق الأشجار فتقضي عليها، ثم تصبح عذارى لا تأكل ولا تتحرك يحسبها الرائي جمادا لا حياة فيه وهي تموج أثناء تحولها بتغيرات رهيبة فيتحول فمها من فم قارض إلى خرطوم لامتصاص رحيق الأزهار، ويتكون لها أجنحة وأعضاء تناسل، والعديد من التغيرات في الشكل والتركيب، ومن يصدق أن البعوض الذي يمتص الدماء ويطير في الهواء كان يوما دودة تسبح في الماء، ومن يصدق أن الذباب الذي لا يتغذي إلا على حلو الشراب وتعشق الضوء كان يوما ديدانا صغيرة تأكل القمامة والروث ولا تطيق أن ترى بصيص النور.
صورة لرأس ذبابة التسي سي الاستوائية
عجبا لهذه الكائنات التى صارعت الإنسان وناوءته على مر الزمان، كم سببت من أضرار، وكم دمرت من مساكن، وكم أتلفت من أثاث، وكم قضت على حضارات. إنها تهاجم الزرع، تأكل جذوره وتنخر بذوره وتحفر سوقه و تقرض أوراقه، وتمتص عصاراته و تعيث فسادا في ثماره، إنها لا تكتفي باتخاذ الزرع غذاء ومأوى لها ولصغارها بل تضع فيه وعليه بيوضها وتنقل إليه الكثير من الأمراض البكتيرية والفيروسية والفطرية المهلكة. تلك الكائنات الصغيرة تحمل في جعبتها وعلى ضآلة شأنها الدمار الماحق للإنسان وحيواناته الأليفة، فبعض الحشرات تنقل مسببات العديد من الأمراض الفتاكة التى عاقت وما تزال تعوق تقدم الجنس البشرى في مناطق شاسعة من العالم.
هذه ذبابة التسي تسي، إنها ليست أكثر من ذبابة ولكن اسمها يوحى لأكثر من نصف سكان إفريقيا بكابوس ثقيل يهدد حياتهم ويقضي على ماشيتهم بما تحمله من كائنات مجهرية تسبب مرض النوم القاتل، ففي مناطق السافانا المنتشرة في جنوب الصحراء الكبرى تهدد التسي تسي حياة أكثر من خمسين مليون أفريقى ينتمون لثماني وثلاثون دولة بالإضافة إلى مئات الملايين من الأبقار والأغنام والخيول. ويقال إن هذه الذبابة وقفت منذ حوالى ألف عام عائقا أمام المد الإسلامي في إفريقيا بعد أن قتلت الكثير من الدواب التى يمتطيها الدعاة ومعلمي الناس الخير عند وصولهم لتخوم المناطق الموبؤة.
وهذه البعوضة، مخلوق صغير الحجم، عظيم القدر، بالغ الضر على من سلطها الله عليه من العباد، ورغم صغر حجمها وضآلة شأنها فإن الدنيا كلها لا تساوي عند الله جناحها، ولو كانت الدنيا تساوى عند الله جناحها ما سقى الكافر منها شربة ماء ولذلك ضرب الله بها المثل في كتابه الحكيم قال الله تعالى : (إن اللهَ لا يَسْتَحى أن يَضَربَ مَثلا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوقَهَا فأما الَّذيَنَ امَنُوا فَيَعْلمُونَ اَنَّهُ اْلَحُق مِنْ رَبّهِم وأما الَّذيَن كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أراد اللهُ بِهذَا مَثَلا يُضِلُّ بِهِ كَثيراً وَيَهدِى بِه كَثيراً وَمَا يُضِلُّ ِبِه إلا الفَاسِقيَن| (البقرة: 26).
صورة لبعوضة وهي تمتص الدم
إن البعوض ليس إلا كتيبة من الجنود التي زودت إناثها بالأسلحة والمعدات وأجهزة الاستشعار عن بعد ومناظير الرؤية الليلية التي تمكنها من الاهتداء لعائلها ومص دمائه دون خلل أو فشل. إن أنثى البعوضة وفي الظلام الدامس تهتدي لهدفها بواسطة درجة الحرارة المنبعثة من بدنه وشم رائحة جسده وأنفاسه المميزة ثم تتخير مكان من الجلد غني بالأوردة الدموية، ثم وبخفة ومهارة ودقة بالغة تقوم بثقب الجلد بواسطة عدد من الإبر المسننة، ثم تقوم بإفراز مواد لعابية تحمل إنزيمات تمنع تخثر الدم وتعمل على سيولته وتزيد من توارده لمكان الثقب، وهنا تبدأ عملية مص الدماء. ولا تقتصر المشكلة على ما يسببه لدغ البعوض من حكة أو سلب دماء ولكن وأثناء صب اللعاب المانع لتخثر الدم، تنتقل العديد من مسببات الأمراض المهلكة للإنسان مثل الملاريا والفلاريا وحمى الوادي المتصدع وحمى الضنك وحمى غرب النيل والحمى الصفراء. وهناك جيوش أخرى من مصاصي الدماء مثل البراغيث التي تنقل مرض الطاعون والقمل الذي ينقل مرض التيفوس وذباب الرمل الذي ينقل مرض اللشمانيا. ألم تر كيف سلط الله بعض الحشرات لتصب العذاب على بعض المعرضين من عباده، ألم تر إلى النمروذ الذى حاج نبى الله إبراهيم عليه السلام في ربه وادعى أنه يحى ويميت فسلط الله عليه حشرة صغيرة فدلفت إلى رأسه تسومه سوء العذاب، فكان أكرم الناس عليه من يضربه بالنعال على رأسه. قال تعالى: (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ وَمَا هِيَ إِلا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ|(المدثر: 31).
وها هو الجراد، يزحف بجيوشه إلى من شاء الله من خلق الله في أسراب وحشود منظمة تثير الرعب والفزع والذعر في قلوب المزارعين والمختصين، إنها تطير في تنظيم عجيب وسرب مهيب وتحط على كل أخضر خصيب فتحيله إلى صعيد، إن الجراد يطير لمسافات بعيدة، وبلا توقف فها هي أسرابه تعبر البحر الأحمر بانتظام (حوالي 300 كم) وقد تقطع الجرادة الواحدة 500 كيلومتر في اليوم الواحد، دون أن تحتاج للتوقف لملأ خزانات وقودها، وذلك بما لديها من قدرة عضلية تمكنها من الرفرفة بالجناحين لمدة تصل إلى ستة عشر ساعة في اليوم، فمن الذي أمدها بكل هذه الطاقة اللازمة لبذل هذا الجهد بلا توقف، إن جيوش الجراد الجرارة وغير العاقلة تتصرف بطريقة دقيقة في التجمع والتوجيه والحل والترحال، وكيف لا وهي من جيوش الحق وجنود الملك سبحانه وتعالى وصدق الله العظيم القائل: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ| (الأعراف: 133).
صورة لسرب من الجراد وهو يهاجم أحد الدول الأفريقية
إن الجرادة الصغيرة غير الناضجة تأكل قدر وزنها من النباتات الخضراء فإذا كانت هذه الحشرة تزن جرامين وإذا كانت جموع الجراد في بعض الأسراب تصل إلى 8 مليار جرادة، تزن حوالى 16000 طن فإنها تأكل في اليوم الواحد مايطعم 2.4 مليون رجل (من إحصائيات منظمة الأغذية والزراعه المسماة اختصارا باسم الفاو). وقد يتبادر إلى ذهن البعض أن استخدام القوة المفرطة من الرش بالمبيدات واستخدام الطائرات قادر على صد جيوش الجراد الجرارة، ولكن أنى له ذلك والجراد دائما يختار وقت ومكان المعركة ودون سابق إنذار، ثم إن ما يسلطه الإنسان على الجراد من مبيدات يرتد إليه في صورة ملوثات تهلكه وتفسد زرعة وضرعه. وإذا أردت أن تعرف الأثر المدمر لبعض تلك الكائنات فانظر إلى حشرات الحبوب المخزونة التي تأكل مايقرب من ثلث إنتاج العالم من الحبوب في الوقت الذي لا يجد فيه الملايين من البشر، وفى عصر التصحر والجفاف ما يسد رمقهم. وانظر إلى الأرضة (دابة الأرض)، أو ما يطلق عليه البعض النمل الأبيض، التي تحيل البيوت العامرة إلى أطلال خربة.
وكما أن هناك جنودا من الحشرات تفتك بمن شاء الله من العباد، هناك من الجنود ما يحمل الخير، كل الخير لبني الإنسان. لقد لخص الأمام على كرم الله وجهه حقيقة هذه الدنيا عندما قال محقرا من شأنها (خير طعام بن آدم من رجيع نحلة (يقصد العسل) وخير لباسه من لعاب دودة (يقصد الحرير الذي تصنعه دودة القز)، أليس من العجب أن يكون أفخر لباس يزهو به بني آدم وأعظم طعام ودواء لبني آدم من صنع الحشرات. لقد أوحى الله إلى النحل فلبى أمر ربه فبنى بيوتا يضرب بها المثل في دقة التصميم وسرعة التنفيذ وسلك سبل ربه فأخرج شرابا فيه شفاء للناس، وقد ظن البعض أن خير النحل مقصور على ما يصنعه من العسل وأغفلوا الفوائد الجمة لما ينتجه النحل من غذاء ملكي، وسم، وعكبر وما يجمعه من حبوب اللقاح. والعجيب أن كل هذا الخير لا يقارن بالمكاسب الضخمة التي يجنيها المزارعون من تلقيح النحل لزروعهم ورفع انتاجها من الثمار أَضعاف المرات.
ومنذ قديم الأزل وعى الإنسان أخطار هذه الحشرات ومضارها، فلم يهادنها، بل حاربها بكل ما تفتق عنه الذهن من وسائل وأنشأ من أجل ذلك المعاهد العلمية ومراكز الأبحاث، عله يفلح في القضاء عليها أو الحد من أخطارها، ولكنه وياللحسرة لم يفرق في حربه لها بين العدو منها والصديق، بين من يقدم له الغذاء ومن يدمر له الغذاء، بين من يلقح له النبات ومن يدمر له النبات، بين من يقدم له الشفاء والدواء ومن يصيبه بالداء، من يقدم له الحرير وهو أجمل وأنعم أنواع الكساء ومن يدمر له الرياش والكساء. فكان أن ارتدت أسلحة الإنسان إلى نحره وأصبح تدبيره تدميره فوقف حائرا مقهورا، فبعد أن أنفق المليارات من الدولارات وأفنى الوقت والجهد والعتاد في الحرب مع الحشرات بعد أن صور له خياله المريض ونهمه الجشع أنه سينعم بالسعادة والرفاهية إن هو أفناها، فأسرف في استخدام المبيدات ثم أفاق ولكن متى أفاق؟ لقد أفاق بعد أن غزت سموم المبيدات كبده وكليتيه وقلبه وسائر بدنه وأفسدت زرعه وأهلكت ضرعه، وزاد من حسرته أن الحشرات خرجت من هذه المعركة ظافرة، وفى كل مرة بعدما ينقشع غبار مبيداته، تلملم شتاتها وتنظم صفوفها ثم تهز قرون استشعارها وتمضى في سبيلها تنتظر ما يفعل الله بها، أليست خلقا من مخلوقاته وجندا من أجناده.
المصدر:
نقلا عن موقع الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن بتصرف http://nooran.org/

القلب الحزين 15-11-2013 07:40 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 
حرب الأعاصير

http://www.quran-m.com/firas/ar_phot...7394clip_7.jpgبقلم الدكتور محمد دودح
طبيب وباحث في الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن
تساهم ظواهر الطقس بنصيب كبير في الكوارث؛ فقد أودت كوارث الطقس بحياة ثلاثة أرباع المليون شخص خلال الثلاثين سنة الماضية, وضربت على سبيل المثال بنغلادش عام 1972 وراح ضحيتها 220 ألف شخص وضربتها عام 1991 وراح ضحيتها 140 ألف شخص نتيجة الفيضانات التي سببتها, وفي عام 2003 وحده تكبدت أمريكا خسائر بلغت 11 مليار دولار, وإعصار كاترينا الذي حدث في 29 أغسطس 2005 وألحق الدمار بثلاث ولايات أمريكية هى لويزيانا وأريزونا والمسيسيبى يعد الأسوأ في تاريخ أمريكا، فقد أدى إلى نزوح أكثر من مليون شخص وأضر بصناعة النفط وبلغ عدد المنكوبين والضحايا الآلاف وأعقبه إعصار ريتا ويتوقع المزيد, وطبقا لتسجيلات موسم الأعاصير في منطقة الأطلنطي الذي يمتد بين شهري يونيو ونوفمبر لا تكون بالغة الشدة غالبا, ولكن مع تغير المناخ تزايد معدل حدوثها واشتدت قوتها فبدت الأحداث هذا الموسم وكأنها حرب تأديبية قاسية تكتسح جنودها من الأعاصير والطوفان الشواطئ الأمريكية بلا مقاومة, ونتيجة لانتشار الفوضى وأعمال السلب والنهب عقب إعصار كاترينا اضطرت الحكومة الأمريكية لإرسال 40 ألف جندي إلى المناطق المنكوبة واسترجعت 300 طيار من مهمات بالخارج وقبلت مساعدات دول نامية كسيريلانكا, وكأن الأعاصير تقول وهي تزمجر مخلفة الخراب خلفها: "لا يمتنع من قدر الله تعالى أحد حتى ولو كان أكبر دولة في العالم", فلم تفلح الدول المتقدمة في منع الأعاصير رغم نجاحها في رصدها بالأقمار الصناعية قبل وصولها, وهكذا تنبه الكوارث الإنسان من حين لآخر بالقدرة على سلب نعم تحيطه وتذكره بعجزه أمام قدر لا يملك دفعه وبخراب أكبر وهول أعظم أنذر به الأنبياء, فقشرة الأرض تحت قدميه تطفو فوق بحر هائج يغلي بالحمم التي تذيب حرارتها أصلب الصخور, وتترصد به في الفضاء أرتال كالطير الأبابيل لترجمه بحجارة قد لا يدانيها أعتا سلاح صنعه بشر, وقد تنقلب النعمة محنة ويصبح الجو عماد الحياة هو نفسه مصدر الكارثة فيزمجر بالأعاصير وأمثالها من جند الخفاء, وهكذا تتلاحق النذر مع كل نازلة لتعلن عن تدبير قوة أكبر لا يعجزها شيء ومشيئة أعظم لا يدفعها احتياط بشر, وتعجب أن يصرح القرآن الكريم أن الريح يمكنها تدمير العمران في وقت لا يعرف عربي عن قدراتها شيئا كما نعلم اليوم, يقول العلي القدير: "فَأَمّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُواْ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ وَقَالُواْ مَنْ أَشَدّ مِنّا قُوّةً أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنّ اللّهَ الّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدّ مِنْهُمْ قُوّةً وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ. فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِيَ أَيّامٍ نّحِسَاتٍ لّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَلَعَذَابُ الاَخِرَةِ أَخْزَىَ وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ" (فصلت :15و16).
المحن تذكر بالنعم
http://www.quran-m.com/firas/ar_phot...7449clip_2.jpgلا يدري صحيح البدن عادة بقيمة صحته حتى يذوق المرض, وبالمثل لا يستشعر الإنسان بقيمة ما منحه الله تعالى من نعم حتى تصيبه الكوارث, والغلاف الجوي من أعظم نعم الله تعالى التي ميزت الأرض وجعلتها مؤهلة لنشأة الحياة قبل مجيء الإنسان, وهو يتكون من نطق على النحو التالي:
1- نطاق التغيرات الجوية أو الطبقة المناخية Troposphere: يتراوح سمكه من 6 إلى 18 كم (5 ميل عند القطبين و11 ميل عند خط الاستواء) ويبلغ متوسط ارتفاعه 11 كم فوق مستوى سطح البحر, ويقل ضغط الهواء ودرجة الحرارة كلما ارتفعنا لأعلى, وتصل درجة الحرارة إلى ستين درجة مئوية تحت الصفر في قمة النطاق, ويحوي 85 % من كتلة الغلاف الجوي، ويتركب أساسا من النتروجين (78 %) والأكسجين الضروري للحياة (21 %) وغيرهما من الغازات بنسب ضئيلة, وتنشأ فيه الظروف الجوية المختلفة من رياح وسحاب ومطر ورعد وبرق.
2- الطبقة فوق المناخية Stratosphere: يبلغ ارتفاعها50 كم فوق مستوى سطح البحر, وتحوي ما بين ارتفاع 20 و 30 كم طبقة الأوزون اللازمة لامتصاص الأشعة فوق البنفسجية الضارة بالأحياء, ولولا طبقة الأوزون لأصبحت الحياة مستحيلة على الأرض, وتخترق الشهب والنيازك هذا النطاق, وينخفض الضغط الجوي حتى يصل إلى 0.01 ضغط جوي عند قمة النطاق.
3- النطاق المتوسط Mesosphere: يبلغ ارتفاعه حوالي 85 كم (50-85 كم), وتبلغ درجة الحرارة أعلاه حوالي 90 درجة مئوية تحت الصفر.
4- النطاق الحراري Thermosphere: يبلغ ارتفاعه حوالي 600 كم (85-700 كم) وترتفع فيه درجة الحرارة. 5- نطاق التأين Ionosphere في أعلى النطاق الحراري عند ارتفاع 400 كم, ودوره أساسي في الاتصالات اللاسلكية لأنه يعكس موجات الراديو.
6- النطاق الخارجي Exosphere: أعلى طبقة في الجو ويبلغ ارتفاعه حوالي 1000 كم فوق مستوى سطح البحر, ويتكون الهواء فيه غالبا من الغازات الخفيفة مثل الأيدروجين والهيليوم وكثافته في غاية الضآلة.
7- نطاق الغلاف المغناطيسي Magnetosphere: يمتد إلى مسافة 50000 كم, ويوجد به زوج من الأحزمة المغناطيسية يزداد سمكها عند خط الاستواء ويقل عند القطبين, ويقع الحزام الداخلي على ارتفاع حوالي 2000 كم فوق مستوى سطح البحر, وهو يقوم بدور الحماية من الرياح الشمسية ويمثل مصيدة للجسيمات الذرية عالية الطاقة القادمة من الفضاء الخارجي, وبدون تلك السنن المقدرة ما نشأت على الأرض حياة.
وفي قوله تعالى: "وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ" (الأنبياء :32)؛ يستقيم أن يدل تعبير السقف المحفوظ علي الجو لأنه يماثل بالفعل سقفا يمنع الأخطار القادمة من فوقه إلا أن يشاء الله تعالى, وهو أيضا محفوظ من التبدد بخلاف حاله عند تكونه كما هو حال القمر حاليا حيث تبدد جوه كله فأصبح بلا سقف يحميه, وهذه الخصائص قد أثبتتها الأبحاث العلمية مؤخرا؛ فالجو الذي يحيط بالأرض يؤدي وظائف ضرورية لاستمرار الحياة على الأرض ويدمر الكثير من النيازك ويمنع معظمها من السقوط على سطح الأرض وتدمير الكائنات الحية, والملفت للنظر أن الغلاف الجوي لا يسمح بالمرور إلا للإشعاعات غير الضارة مثل أشعة الضوء, ويكفي أنه يحمي أهل الأرض من برد الفضاء الذي يصل إلى 270 درجة مئوية تحت الصفر, والأحزمة المغناطيسية بمثابة درع يقي من خطر الرياح الشمسية التي تهدد الأحياء على الكوكب, ولولا وجود الغلاف الجوي لسقطت ملايين النيازك على الأرض وقضت على الحياة, ومن الجائز أن نهاية الديناصورات منذ حوالي 65 مليون سنة ترجع إلى دخان لف الأرض عقب سقوط نيزكي كبير فحجب ضوء الشمس وأخل بالتمثيل الضوئي للنبات وقضى على معظم الأحياء, وباختصار فإن هناك نظاماً متكاملاً يعمل فوق الأرض ولا نشاهده يحمينا من التهديدات الخارجية في صمت ولم يعرف أحد بوجوده إلا مؤخراً ولكن الله سبحانه وتعالى قد أخبرنا به منذ قرون عدة كما أخبرنا بحقائق لم يدركها بشر قبل عصر العلم لتكون عبرة للواعين وموعظة تنبه الغافلين أن القرآن وحي من عند رب العالمين.
الرياح هواء متحرّك, وقد تهب الرياح بلُطف أو قد تهب بسرعة وعُنف لدرجة تجعلها تدمر المباني وتقتلع الأشجار الكبيرة من جذورها, والرياح القوية يمكنها أن تضرب سطح المحيط وتولد أمواجا عاتية يمكن أن تحطم السفن وتغمر الأرض لتحطم المنشآت على الشاطئ, وبإمكان الرياح كعامل مؤثر من عوامل التعرية أن تُبلي الصخر وتغير ملامح الأرض على المدى الطويل, والرياح جزء من الطقس؛ فاليوم الحار الرطب قد يتحول فجأة إلى بارد إذا ما هبّت الرياح من منطقة باردة, والسحب المُحَمَّلة بالمطر والبرق قد تتكون حيث يلتقي الهواء البارد بالهواء الحار الرطب, وتُسمى الرياح وفقًا للاتجاه الذي تهب منه فعلى سبيل المثال تهب الرياح الشرقية من الشرق إلى الغرب والرياح الشمالية تهب من الشمال إلى الجنوب, وتحدث الرياح نتيجة http://www.quran-m.com/firas/ar_phot...7561clip_4.jpgالتسخين غير المتساوي للغلاف الجوي عن طريق الطاقة المنبعثة من الشمس, فالهواء الذي يعلو المناطق الحارة يتمدد ويرتفع ويحل محله هواء من المناطق الأبرد, وتسمى هذه العملية دورة, وتسمى الدورة فوق الأرض بكاملها بالدورة العامة بينما تسمى الدورات النسبية الصغرى والتي يمكن أن تتسبب في حدوث تغيرات في الرياح يومًا بعد يوم بالدورات النسبية الشاملة للرياح أما الرياح التي من الممكن أن تحدث في مكان واحد فقط فإنها تُسمّى الرِّياح المحليَّة.
وتحدث الدورة العامة للرياح فوق قطاعات كبيرة من سطح الأرض، وتُسمّى هذه الرياح الرياح السائدة, وتتنوع هذه الرياح باختلاف خط العرض؛ فبالقرب من خط الاستواء يرتفع الهواء الساخن إلى ما يقرب من 18 كم فيتحرك الهواء الأبرد ليحل محل الهواء المرتفع في نطاقين من الرياح السائدة, ويقع هذان النطاقان بين خط الاستواء وخطيّ عرض 30° شمالاً وجنوباً وتُسمّى الرياح في هذه المناطق بالرياح التجارية, وسبب التسمية اعتماد التجار عليها قديما في إبحار السفن التجارية, ولا تهب الرياح التجارية في اتجاه عمودي تماما على خط الاستواء بسبب حركة الأرض حول نفسها نحو الشرق ومعها الغلاف الجوي، وتجر حركة الأرض الجو معها فيتأخر عنها مما يدفع الهواء المتحرك غربا في كل من الشمال والجنوب, ويعود بعض الهواء الذي ارتفع عند خط الاستواء إلى سطح الأرض بين خطي عرض 30° شمالاً وجنوبًا من خط الاستواء فتضعف الرياح عند الحزامين لأن حركة الريح رأسية نحو الأسفل, ويقال أن سبب تسمية تلك المناطق بعروض الخيل هو أن عددًا كبيرًا من الخيول قد نَفَقَتْ على ظهر السفن الشراعية التي توقفت عن الحركة فيها بسبب شدة ضعف الرياح. http://www.quran-m.com/firas/ar_phot...7595clip_5.jpg
وقد صنف فرانسيس بوفورت( Francis Beaufort (1774-1857 عام 1805 الرياح تبعا لشدتها وتأثيرها على السفن الشراعية إلى درجات, ثم عدل الجدول لاحقا وفقا لسرعة الريح والتأثيرات على اليابسة, ووفقا لمقياس بيفورت المتدرج Beaufort's Scale المعتمد لدى المنظمة العالمية للأرصاد الجوية World Meteorological Organization وجد بعض الباحثين أنه يلتقي مع تصنيفات الريح التي ذكرها القرآن على النحو التالي: درجة صفر: هواء هادئ Calm سرعته دون 2 كم/ساعة ويكون البحر كالمرآة ويقابلها قوله تعالى: "إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ" (الشورى:33), ودرجة 1: ريح خفيف Light air سرعته 2-7 كم/ساعة, ويقابلها قوله تعالى: "فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ"(ص: 36).
ودرجة 2: نسيم خفيف Light breeze سرعته 7-13 كم/ساعة ويمكن الإحساس به على الوجه والشعور بحفيف ورق الشجر, ودرجة 3: نسيم لطيف Gentle breeze سرعته 13-20 كم/ساعة ويجعل أوراق الشجر تتحرك والأعلام ترفرف, ويقابلان قوله تعالى: "حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ" (يونس:22 ), ودرجة 4: نسيم معتدل Moderate breeze سرعته 20-32 كم/ساعة ويجعل الأغصان الصغيرة تتمايل, ويلتقي مع قوله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ" (الروم: 46), وقوله تعالى: "وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ" (الحجر:22), ودرجة 5: نسيم منعش Fresh breeze سرعته 32-41 كم/ساعة ويجعل الأشجار الصغيرة تتمايل, ويقابلها قوله تعالى "كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ" (إبراهيم :18), ودرجة 6: نسيم قوي Strong breeze سرعته 41-52 كم/ساعة ويجعل الأغصان الكبيرة تتمايل, ودرجة 7: دون الهبوب Near gale سرعته 52-63 كم/ساعة ويكاد يجعل السير صعبا في مواجهته, ويقابلهما قوله تعالى: "فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِّنَ الرِّيحِ" (الإسراء :69), ودرجة 8: هبوب Gale سرعته 63-76 كم/ساعة ويصعب السير في مواجهته, ودرجة 9: هبوب قوي Strong gale سرعته 76-89 كم/ساعة يجعل الألواح الخشبية تتطاير, ويقابلهما قوله تعالى: "جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ" (يونس :22), ودرجة 10: عاصفة Storm سرعتها 89-104 http://www.quran-m.com/firas/ar_phot...7640clip_6.jpgكم/ساعة تقتلع الأشجار وتتلف بعض المباني, ودرجة 11: عاصفة عنيفة Violent storm سرعتها 104-119 كم/ساعة تسبب تلف شديد للمباني, ويقابلهما قوله تعالى: "وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ. سَخّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىَ كَأَنّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ" (الحاقة :6و7), وهذه المدة بالفعل أقصى ما يتوقع في الموطن الواحد, ودرجة 12: إعصار Hurricane سرعته تزيد عن 119 كم/ساعة يسبب دمار متباين الشدة تبعا لسرعته وربما حرائق, ويقابله قوله تعالى: "فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت" (البقرة :266), ولا يصدر هذا التوافق العجيب بين التقسيم العلمي المعاصر للرياح وبين أنواعها التي ذكرها القرآن إلا عن علم خاصة أن هذا التنويع مع بيان خصائص كل نوع وفق شدته وآثاره لا تجده في أي كتاب آخر يُنسب للوحي غير هذا الكتاب الكريم.
الأعاصير:
http://www.quran-m.com/firas/ar_phot...7719clip_8.jpgالإعصار رياح شديدة دوارة وسطها منخفض الضغط وقد تمتد أطرافها لتصل إلى 800 كيلومتر ويصل ارتفاعها إلى 16 كيلومتر وقد تجمع عدة سحب رعدية ممطرة, ورغم أن السرعة قد تصل عند أطرافها إلى مئات الكيلومترات في الساعة لكن المركز المسمى عين الإعصار يظل في غاية الهدوء ويخلو من السحب, وعندما يتحرك الإعصار فوق مياه المحيطات فإن سرعة الريح عند الأطراف تؤثر على حركة المياه فتنشأ الأمواج العالية المدمرة التي قد يصل ارتفاعها إلى عدة أمتار, وتتكون الأعاصير بسبب التسخين غير المتساوي للهواء وماء
المحيطات في المناطق الاستوائية وعند صعود الهواء المتخلخل والمشبع بالماء إلى أعلى تديره التيارات العلوية كدوران الماء عند نزوله من فتحة حوض غسيل الأيدي, وكلما مر بمنطقة بحرية دافئة تغذيه يزداد قوة ولكن عند مروره باليابسة فإنه يفقد بعض من قوته مقابل ما يلحق بتلك المنطقة من أضرار, وهكذا ينشأ الإعصار كمنخفض جوي Depression يدفع الهواء حوله للدوران بسرعة متزايدة, وعندما تزيد سرعة الريح عن 119 كيلومتر في الساعة يطلق عليها اسم إعصار, ويسمى إعصار منطقة الأطلنطي محليا باسم هاريكان Hurricane باسم إله الأعاصير في معتقد الهنود الحمر, ويسمى إعصار المحيط الهادي سيكلون Cyclone وهي كلمة إغريقية الأصل تعني رياح دوارة, ويسمى إعصار الجزء الغربي من المحيط الهادي بالقرب من الفلبين والصين وبنغلادش تيفون Typhoon وأصلها كلمة "طوفان" العربية, والأعاصير الرعدية Thunderstorms من أشد الأعاصير قوة ويصاحبها برق ورعد لأن السحب المشحونة كهربيا تدخل في تكوينها, وقد تصدر تلك الأعاصير صواعق تزيد من شدة المأساة بإشعال الحرائق ومضاعفة الدمار, وتتفق تلك المعرفة الحديثة مع قوله تعالى: "فأصابها إعصار فيه نارhttp://www.quran-m.com/firas/ar_phot...7761clip_9.jpg فاحترقت", ووفق مقياس سافير سيمسون Saffir-Simpson تقسم الأعاصير إلى 5 درجات تبعا لسرعة الريح عند طرف الإعصار؛ الفئة الأولى من 119 إلى 153 كم في الساعة, والثانية من 154 إلى 177 كم في الساعة, والثالثة من 178 إلى 209 كم في الساعة, والرابعة من 210 إلى 249 كم في الساعة, والفئة الخامسة تشمل 250 كم في الساعة وما زاد عليها, والأعاصير التي تضرب منطقة الكاريبي وسواحل أمريكا تنشأ في معظمها عند السواحل الغربية لأفريقيا بالقرب من خط الاستواء وأيضا بمنطقة الكاريبي بسبب تسخين المحيطات, وينطلق الإعصار من مناطق تكونه في المحيطات بسرعة غالبا دون 30 كم في الساعة ليهاجم اليابسة وينشر الخراب والدمار, ومتوسط عمره حوالي عشرة أيام تقريبا وقد يستمر نشطا لمدة ثلاثة أسابيع إلا أنه بسبب حركته المستمرة لا يؤثر على منطقة واحدة إلا لمدة يوم أو يومين في أغلب الأحيان, ومن أجل أن يتكون الإعصار يلزم ألا تقل درجة حرارة مياه المحيط عن 26.5 درجة مئوية لعمق لا يقل عن 50 مترًا مع توفر رياح سطحية رافعة ورياح قوية في أعالي الجو تدير الإعصار, ومع حركة الأرض ينشأ عن ذلك التفاف للرياح عكس اتجاه عقارب الساعة وتحرّك الإعصار من الشرق إلى الغرب في نصف الكرة الأرضية الشمالي, ودورانه بالعكس مع اتجاه عقارب الساعة وتحركه من الغرب إلى الشرق في النصف الجنوبي وفقا لما يعرف باسم تأثير كوريولس Coriolis Effect.
ونتيجة لتزايد درجة حرارة الكوكب بسبب تراكم المخلفات الصناعية بالجو خاصة ثاني أكسيد الكربون يتوقع أن تزداد الأعاصير, وأول من بدأ بتسمية العواصف كان عالم أرصاد أسترالي إذ كان يسمي هذه العواصف بأسماء سياسيين لا يحبهم, واعتبارا من عام 1953 أعطيت أسماء مؤنثة للأعاصير ربما تمنيا أن تكون هادئة قليلة الشراسة, ونظرا لكثرة الأعاصير شرق الولايات المتحدة اعتمد المركز الوطني للأعاصير في ميامي قائمة أسماء للتمييز يعاد استخدامها كل ست سنوات, وابتداء من عام 1979 تم تطبيق نظام الأسماء المذكرة والمؤنثة بالتناوب بحيث يتبع كل اسم مؤنث باسم مذكر, ولذا فقد أعلن هذا العام عن إعصار إملي Emily وهو اسم مؤنث بعد إعصار دينيس Dennis وهو اسم مذكر، والإعصار القادم سيعطى اسم فرانكلين Franklin, وقد سبق إعصار دينيس ثلاثة أعاصير أخرى هذا العام لم تشتهر وهي أرلين Arlene وبرت Bret وسيندي Cindy, وفي القائمة لهذا العام 2005 رصيد لتسميات أخرى عديدة جاهزة تحت الطلب (Gert Harvey, Irene, Jose, Katrina, Lee, Maria, Nate, Ophelia, Philippe, Rita, Stan, Tammy, Vince, Wilma,), وقد تحذف بعض الأسماء في حالة تسببها في أضرار كبيرة, فمثلا لن تسمى أي عاصفة بعد اليوم باسم أندرو Andrew أو هيوجو Hugo لأنهما من بين الأعاصير الأكثر تخريبا ودمارا, فإعصار أندرو وحده الذي كانت سرعة رياحه حوالي 281 كم/الساعة قد تسبب عام 1992 في خسائر فادحة للولايات المتحدة الأمريكية. http://www.quran-m.com/firas/ar_phot...802clip_10.jpg
وإذا كان الساحل الغربي لأمريكا خاصة مدينة سان فرانسيسكو في انتظار زلازل مدمرة بحذاء صدع سان أندرياس San Andreas Rift والشمال والوسط مهدد بثوران بركان يلوستونYellowstone , فإن الشرق والجنوب تاريخه أيضا مفعم بالكوارث التي تسببها الأعاصير, ففي عام 1900 ضرب إعصار جالفستون تكساس وقتل 8 ألاف شخص, وفي عام 1915 تعرضت نيواورليانز أكبر مدن لويزيانا لضربة إعصار خلفت 275 قتيلا, وفي عام 1919 استهدف إعصار فلوريدا وتكساس وقتل 287 شخصا, وفي عام 1928 لقي نحو 2500 شخص حتفهم في فلوريدا في إعصار أثار أمواجا هائلة, وفي عام 1935 وقع إعصار يوم عيد العمال واكتسح فلوريدا وخلف 408 قتلى, وفي عام 1954 ضرب الإعصار هازيل كارولينا الشمالية وكارولينا الجنوبية فقتل 95 شخصا, وفي عام 1957 ضرب إعصار أودري جنوب غرب لويزيانا وتكساس فقتل 390 شخصا, وفي عام 1961 ضرب إعصار كارلا تكساس وقتل 46 شخصا, وفي عام 1965 تلقت نيواورليانز ضربة من الإعصار بيتسي فغمر المدينة بالمياه والوحل وقتل 75 شخصا, وفي عام 1969 قتل إعصار كاميللي 256 شخصا في مسيسيبي وفرجينيا ولويزيانا, وفي عام 1972 قتل إعصار إجنس 122 شخصا عندما ضرب فلوريدا وتحرك نحو شمال شرق أمريكا, وفي عام 1989 اكتسح إعصار هوجو كارولينا الجنوبية وقتل 32 شخصا, وفي عام 1992 شق إعصار أندرو طريقه عبر ولايتي فلوريدا ولويزيانا تاركا 29 قتيلا ومسببا دمارا هائلا وخسائر مادية فادحة، وفي عام 2004 ضرب إعصار إيفان ولايتي فلوريدا وألاباما فقتل 25 شخصا وسانده إعصار تشارلي بقتل 23 شخصا آخرين. http://www.quran-m.com/firas/ar_phot...835clip_11.jpg
وسجل إعصار "نانسي" في شمال غرب المحيط الهادي في 12 سبتمبر عام 1961 أكبر سرعة حيث بلغت رياحه 342 كم/الساعة, وسجل إعصار "تب" في نفس المنطقة في أكتوبر عام 1979 أكبر امتداد حيث بلغ نصف قطره 1100كم, بينما سجل إعصار "تريسي" بأستراليا في ديسمبر عام 1974 أقل امتداد حيث بلغ نصف قطره 50 كيلومترًا فقط, وسجل إعصار "باثرست باي" بأستراليا عام 1899 أعلى موجة حيث بلغ ارتفاعها 13 مترا, وسجل إعصار "جون" في شهري أغسطس وسبتمبر عام 1994 أطول عمرا حيث استمر لمدة 31 يوما, وسجل إعصار بنجلادش عام 1970 أكبر خسارة بشرية حيث بلغت الوفيات حوالي 300 ألف وفاة على أقل تقدير, بينما سجل إعصار "أندرو" عام 1992 والذي أصاب جزر ألباهاما وولايتي فلوريدا ولويزيانا الأمريكيتين أكبر خسارة مادية حيث بلغت حوالي 26.5 بليون دولار أمريكي. http://www.quran-m.com/firas/ar_phot...873clip_12.jpg
وقد بدأت الحكومة الأمريكية عام 1962 في القيام بأبحاث حول إمكانية إيقاف الأعاصير قبل وصولها إلى اليابسة إلا أن المشروع قد توقف عام 1983 دون التوصل إلى أية نتائج عملية, فقد رأى عالم أمريكي يسمى "هيوولوبي" أنه بالإمكان إيقافها بإحراق كميات من البترول قريبا منها لتطلق السخام الأسود وبسبب لونه الأسود يقوم بامتصاص حرارة الشمس وتكوين تيارات صاعدة تعطل سير الإعصار, أو بوضع مرآة ضخمة في الفضاء تعكس أشعة الشمس عليه لتقوم بنفس المهمة, إلا أن كل تلك الأفكار لم تجد حيزاً للتنفيذ حتى الآن وما زالت الأعاصير الحلزونية تدور؛ وتدور معها رحى الخسائر.
التيارات النفاثة:
اكتشف حديثا ما يسمي بالرياح النفاثة Jet Stream على ارتفاعات عالية في الجو متموجة الشكل, وعندما تتكون تلك التيارات فإن العاصفة تتبعها عند http://www.quran-m.com/firas/ar_phot...918clip_13.jpgالتقاء كتل هوائية باردة وأخرى ساخنة, وفي قوله تعالى: "وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا. فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا. وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا. فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا" (المرسلات :1 - 4)؛ العرف في الأصل هو عرف الفرس أو الديك وهو متموج الشكل، ويسمي كل مرتفع عرفا كما في قوله تعالى: "وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ" (الأعراف :46), ومن وجوه التفسير أن "َالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا" وصف لرياح ترسل متتابعة وأن "فالعاصفات عصفا" وصف آخر يتبع الأول للرياح, ورأى بعض الباحثين أنهما يلتقيان مع الرياح النفاثة وتأثيرها في نشأة الأعاصير الدوارة؛ فالأول وصف لشكلها المتموج والثاني بيان لتأثيرها الدوار على رياح أقرب لسطح الأرض تجعلها عواصف دوارة أو أعاصير، ولكن المدهش أن وصف الرياح المتموجة بكلمة "عُرْفًا" وبيان دورها في نشأة الأعاصير يتضمن خلاصة كشف علمي لم يعرفه الباحثون إلا حديثا جدا.
الاحتباس الحراري:
http://www.quran-m.com/firas/ar_phot...950clip_14.jpgكشفت دراسة حديثة أن عدد الأعاصير المدمرة مثل كاترينا وأندرو قد تزايد خلال العقود القليلة الماضية وعزت سبب هذا التزايد إلى ظاهرة الاحتباس الحراري, كما بينت أن عدد الأعاصير الشديدة قد ارتفع من 11 إعصارا سنويا إبان السبعينيات إلى 19 إعصارا منذ العام 1990, واستنادا للمبدأ القائل بأن المحيطات هي سبب التغيرات المناخية التي تحدث على اليابسة قال بيتر وبستر من معهد جورجيا للتكنولوجيا أن بخار الماء الناتج من ارتفاع درجة حرارة مياه المحيطات هو بمثابة الوقود الذي يعجل من سرعة الأعاصير, وأعلن أن معدل درجة حرارة مياه أسطح البحار قد ارتفعت درجة مئوية بين العامين 1970 و2004, وحذر غريغ هولاند من المركز القومي لأبحاث المناخ بأن من المحتمل أن تشهد السنوات المقبلة تزايدا في أعاصير تشبه في خطورتها وقوتها الإعصار كاترينا والإعصار أندرو, وأجمع الباحثون على أن ارتفاع درجات الحرارة على أسطح البحار سببها الاحتباس الحراري, ولاحظوا أن 171 إعصارا شديدا قد ضربت المنطقة شرق الولايات المتحدة الأمريكية بين عامي 1975 و1989 وأن العدد ارتفع إلى 269 في الفترة الممتدة من عام 1990 إلى عام 2004, وقد اعترفت كذلك أكاديمية العلوم الوطنية الأمريكية بوجود علاقة بين النشاط البشرى الذي يؤدى إلى انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون وبين ظاهرة الانحباس الحراري وما تسببه من آثار مدمرة للبيئة, وأصدرت كل من وزارتي الطاقة والتجارة الأمريكيتين تقريراً مشتركاً يتضمن اعترافاً صريحا بالأضرار التي يمكن أن تلحق بكوكب الأرض بسبب الاحتباس الحراري, وتشكل أوربا واليابان وأمريكا الشمالية مجتمعة ما يقرب من 15 % من سكان العالم إلا أنهم مسئولون عن حوالي ثلثي (66 %) غاز ثاني أكسيد الكربون الذي تطلقه المصانع, وأما الولايات المتحدة الأمريكية التي لا يزيد عدد سكانها عن 5 % من سكان العالم فهي مسئولة وحدها عن ربع تلك الكمية (25 %), أي أن أقل من 20 % من سكان العالم يتسببون في إطلاق أكثر من 90 % منها, ولكن العواقب الوخيمة تنال الكل على حد سواء ولا تميز بين من أطلقها ومن لم يطلقها.
وإذا ارتفعت درجة حرارة الكوكب نتيجة لتراكم مخلفات المصانع خاصة في البلدان المتقدمة تلك فمن المحتمل أن تزداد حرارة سطح المحيطات في المناطق الاستوائية فتتضاعف الأعاصير وتزداد عنفا وضراوة ويذوب جليد القطبين ويرتفع مستوى سطح البحر ليدمر مدن الشواطئ، وقد أصبح تركيز ثاني أكسيد الكربون في الجو حاليا أعلى بحوالي 32 % مما كان عليه قبل بداية الثورة الصناعية حوالي عام 1750, وقد تضاعفت موجات الحر في معظم بلدان العالم في أواخر القرن العشرين بما لم يسبق له مثيل طوال الألفية الماضية, ووفقا لسجلات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية شهد عام 2003 موجة حر قاسية, وشهد عام 2002 موجة حر أشد قسوة, وأما موجة الحر عام 1998 فلم يشهدها صيف خلال السنوات الألف الماضية منذ عام 1861, ويقدر معدل ارتفاع درجة الحرارة في الفترة منذ عام 1976 حتى عام 2005 بثلاثة أمثال معدله للسنوات المائة الماضية, ووفقا لتقرير اللجنة الدولية للتغييرات المناخية التابعة للأمم المتحدة قد ارتفع مستوى مياه البحار من 9 إلى 21 سم (0.3-0.7 قدم) في مقابل ارتفاع في درجة الحرارة يتراوح بين 0.4 إلى 0.8 درجة مئوية, واعتبر ذلك أعلى ارتفاع لدرجة الحرارة تعرض له كوكب الأرض منذ ألف عام مما ينذر بتوالي الكوارث بنسق متصاعد.
ويتوقع الخبراء أن يزداد ارتفاع سطح البحر إلى 88 سنتمتراً بحلول عام 2100 الأمر الذي يهدد حياة 100 مليون إنسان يعيشون على أراضي منخفضة, ناهيك عن تزايد الإصابة ببعض الأمراض كالملاريا نتيجة لتزايد تكاثر البعوض الناقل لها في الجو الحار, وقد نبهت هذه التحذيرات الدول للتداعي إلى الاجتماع في محاولة لتجنب الخطر من خلال اتفاقيات ملزمة كان أبرزها معاهدة كيوتو Kyoto Protocol الذي وافقت عليه كل الدول الصناعية الكبرى إلا الولايات المتحدة الأمريكية ذات المسئولية الأعظم في تخريب المناخ, ولكن مع توالي الأعاصير وتزايد عنفها يوما بعد آخر يدفع سكانها الأبرياء الثمن, وكل ذي حس إنساني تؤلمه المشاهد المروعة يواسي المنكوبين وينتظر غد تتكاتف فيه أيدي الجنس البشري جميعا للعيش بسلام وبناء عالم يخلو من العنصرية والأطماع والهيمنة والاستكبار, ويأمل على الأقل اليوم أن يُستجاب لتحذيرات الخبراء, والعجيب أن تلك التحذيرات تتفق تماما مع ما سبق وقرره القرآن من أن الفساد في البر والبحر قد ينجم عن النشاط البشري في قوله تعالى: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الّذِي عَمِلُواْ لَعَلّهُمْ يَرْجِعُونَ" (الروم : 41).
يمكن التواصل مع المؤلف العناوين التالية:
الهواتف داخل المملكة العربية السعودية:
00966501349207
0096625582137
الهواتف في مصر
0020502252014
المراجع العلمية:
Oxford illustrated Encyclopedia.
Encyclopedia Britannica.
Encarta Encyclopedia.
Internet.

القلب الحزين 15-11-2013 07:42 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 
الأممية في الحيوانات - أمم أمثالكم

http://www.quran-m.com/firas/ar_phot...3f4990d63e.jpgبقلم الأستاذ محمد محمد معافى علي المهدلي
تمهيد :
إن الحمدلله نحمده تعالى ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونسترشده ونؤمن به ونتوكل عليه ونصلي ونسلم على سيدالأنبياء وإمام المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
فإننا في عصر العلم وزمن التقدم والسبق الفكري وللأسف أن الأمة الإسلامية تعيش بعيدا عن هذا العصر القائم على العلم والتجربة العلمية والتفكر والتأمل والاستنتاج وهذه المنهجة ـ في الحقيقة ـ منهجية إسلامية محضة سبقنا إليها الغرب المادي وإنه لأجدر بهذه الأمة أن تعود إلى دينها الدين الحق الذي يدعوا إلى التفكر والتدبر وهو دعوة للناس جميعا إلى التفكر والتدبر في الخلق والمخلوقات كما قال تعالى : (أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُون)[1][2].
وقال تعالى:(قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ)2.
ولقد لفت القرءان العظيم الأنظار والعقول من أول يوم للرسالة إلى التأمل والتفكر في شأن المخلوقات لاسيما في الأنعام والحيوانات كونها ألصق بالعرب وبحياتهم ولا يعرفون إلا هي كما قال تعالى :
(أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ...)3وإحياء المنهج التفكر في المخلوقات الذي دعانا إليه الإسلام أقدم هذا البحث الذي أسأل الله أن ينفع به المسلمين وأن يجعله في ميزان حسناتي يوم لقاه.

وقد جعلت قوله تعالى :

(وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ)4وهو عنوان هذا البحث .
وقد واجهتني كثيرا من الصعاب من أهمها ندرة المراجع العلمية وضيق الوقت وكثرة الشواغل ولكن كان المعين لي بعد الله تعالى وتوفيقه مركز بحوث جامعة الإيمان الذي أمدني بكثير من المراجع المتعلقة بالموضوع بالإضافة إلى مكتبة الجامعة فلا أنسى أن أسجل هنا كلمة شكر وتقدير وعرفان لجامعة الإيمان ـ حماها الله ـ ومركزها ، هذا وكانت خطتي في البحث على النحو التالي :
وقد قسمت هذه الدراسة إلى أربعة مباحث وهي :
المبحث الأول ويشتمل على خمسة مباحث هي :http://www.quran-m.com/firas/photo/06857015.jpg
أقوال اللغويين في الآية .
أقوال المفسرين والعلماء في الآية.
المراد بالمثلية في الآية .
لأممية لدى الحيوانات.
العبودية لدى الكائنات
المبحث الثاني :الجوانب العلمية التي أكتشفها العلم الحديث في التماثل بين الإنسان وسائر الكائنات على وجه الأرض ( السلوكيات والأخلاق) :

ويشتمل علىستة مطالب وهي :

البيت الزوجي لدى الحيوانات.
الجنس لدى الحيوانات .
من أعاجيب الحيوانات في حياتها الجنسية
أثر الرائحةالعطرة في ثوران الغريزة الجنسية لدى الحيوانات .
تنظيم العملية الجنسية لدى الحيوانات.
الغيرة لدى بعض الحيوانات "البط "
المبحث الثالث :من أخلاقيات الحيوان ويشتمل على ستة مباحث وهي :
الوفاء والأمانة الزوجية لدى الحيوان .
التعاون والمحبة في عالم الحيوان "النحل "
هداية الحماموعجائب صنع الله فيه .
الهداية الإلهية للحيوان في البحث عن معاشه .
المبحث الرابع غرائب الحيوان ويشتمل على المطالب التالية :
الإنسان يتعلم من الحيوان .
بعض الطيور تقلد أصوات البشر
بعض الحيوانات تسبق الإنسان في معرفة بعض الأحداث والمعلومات .
اللغة السرية لدى الحيوانات "الأفيال والحيتان "في التخاطب فيما بينها المطلب الخامس :الهجرة كذلك في عالم الحيوان .
كيف تهاجم الحيوانات فرائسها ؟
تبادل الأفكار لدى الحيوانات.
الخداع والمكر لدى الحيوانات .
النحل اجتماعي جدا .
هل تنام الحيوانات ؟.
هل تحب الحيوانات الجمال أيضا ؟.
عيون الطيور تشبه عيون البشر .
الوطنية في عالم الحيوان .
جوانب من تفوق الحيوان على الإنسان .
النمل يربي المواشي ويفلح الأرض .
الحيوانات تقيم الحدود الإسلامية.
الحيوانات أيضا تستخدم الدواء وتتطبب كذلك.
كما أشتمل البحث على الخاتمة والفهرس والمراجع . فإلى المبحث الأول:
المبحث الأول تأصيل الجانب الشرعي حول الآية : ويشتمل على المطالب التالية :
أقوال اللغويين في الآية .
أقوال المفسرين والعلماء في الآية.
المراد بالمثلية في الآية .
الأممية لدى الحيوانات.
العبودية لدى الكائنات

مقدمة
القرءان العظيم وهو يخاطب البيئة العربية البدوية التي تعرف الناقة والجمل والخيل والبغال والطير و الغنم والشاء وغيرها من المخلوقات يلفت الأنظار إلى قدرة الباري سبحانه في خلقها وتكوينها وبديع صنعه فيها وهذا ما يعلل سر ذلك الحشد الهائل من الآيات القرآنية التي تتحدث عن الأنعام فلا تكاد تجد سورة من القرءان إلا و فيها حديث أو إشارة إلى آيات الله وبديع صنعه في الأنعام بل لقد سميت بعض سور القرءان بأسماء بعض الأنعام نحو النمل والنحل والفيل والعنكبوت والبقرة والأنعام والعاديات أي الخيل وهكذا .
وفي هذا استنهاض للعقول والأفئدة للتفكر في بديع صنع الله فيها وقدرته تعالى كما قال عز وجل(وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) *5.ومن ضمن الآيات القرآنية التي تحمل الإعجاز والتحدي للبشرية آية من كلام الله تعالى مهما كتب فيها الكاتبون وصنف فيها المصنفون فلن يحصوا ما فيها من علم إ لهي إذ تعجز الأقلام عن الخوض في لججها المتلاطمة(قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّيلَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا)6
إنها قوله تعالى (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُون)7 .
ومن أجل أن تتضح الآية لابد من أن نعرج على أقوال علماء اللغة وأئمة التفسير حول الآية .
أقوال علماء اللغة في معنى الآية
معنى الأمة لغة :
قال في مختار الصحاح للإمام الرازي "والأمة الجماعة "
وقال في لسان الميزان "الأمة الجيل والجنس من كل حي "
وقال الأصفهاني في كتابه مفردات ألفاظ القرءان "والأمة كل جماعة يجمعهم أمر ما إما دين واحد أو زمان واحد أو مكان واحد سواء كان الأمر الجامع تسخيرا أو اختيارا ومنه قوله تعالى(وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم)أي كل نوع منها على طريقة قد سخره الله عليها بالطبع فهي ما بين ناسجة كالعنكبوت وبانية كالسرفة ـ وهي دويبة غبراء تبني بيتا حسنا تكون فيه وهي التي يضرب بها المثل فيقال أصنع من سرفة ـ ومنها المدخرة كالنمل ومعتمدة على قوته كالعصفور والحمام وغير ذلك من الطبائع التي تخصص بها كل نوع "
أقوال المفسرين والعلماء في معنى الآية :
قال الإمام القرطبي في كتابه الجامع لأحكام القرءان "إلا أمم أمثالكم "أي هم جماعات مثلكم في أن الله خلقهم وتكفل بأرزاقهم وعدل عليهم فلا ينبغي أن تظلموهم ولا تجاوزوا فيهم ما أمر تم به "
وقال الزجاج "إلا أمم أمثالكم " قال في الخلق والرزق والموت والبعث والاقتصاص وقال مجاهد أصناف لهن أسماء تعرف بها كما تعرفون. وقال سفيان ابن عيينة أي ما من صنف من الدواب والطير إلا في الناس شبه منه فمنهم من يعدوا كالأسد ومنهم من يشره كالخنزير ومنهم من يعوي كالكلب ومنهم من يزهوا كالطاووس فهذا معنى المماثلة .واستحسن الخطابي هذا وقال فإنك تعاشر البهائم والسباع فخذ حذرك .ثم عقب الإمام القرطبي على هذه الأقوال وغيرها بقوله "وقيل غير هذا مما لا يصح والصحيح ـ إلا أمم أمثالكم ـ في كونها مخلوقة دالة على الصانع محتاجة إليه مرزوقة من جهته كما أن رزقكم على الله "وقول سفيان أيضا حسن فإنه تشبيه في واقع الوجود "أ.ه كلام الإمام القرطبي ثم قال قوله تعالى "بجناحيه "مع أن الطائر لا يطير إلا بجناحيه فذكرهما ليتمحض القول في الطير ."وقال الإمام جلال الدين السيوطي في تفسيره الدر المنثور في التفسير بالمأثور "أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله عز وجل "إلا أمم أمثالكم "قال خلق مثلكم ".
وقال في تفسير الجلالين للإمام السيوطي "إلا أمم أمثالكم "ـ في تدبير خلقها ورزقها وأحوالهم"أه
وقال الإمام الطبري في هذه الآية في تفسيره جامع البيان عن تأويل القرءان "جعلها أجناسا مجنسة وأصنافا مصنفة تعرف كما تعرفون وتتصرف فيما سخرت له كما تتصرفون ومحفوظ عليها ما عملت من عمل لها وعليها ومثبت كل ذلك من أعمالها في أم الكتاب "
وقال الإمام الشوكاني في الفتح "(بجناحيه ) لدفع الإبهام ،لأن العرب تستعمل الطيران لغير الطير كقولهم طر في حاجتي أي أسرع وقيل إن إعتدال جسد الطائر بين الجناحين يعينه على الطيران، ومع عدم الاعتدال يميل فأعلمنا سبحانه أن الطيران بالجناحين وقيل ذكر الجناحين للتأكيد كضرب بيده وأبصر بعينيه ونحو ذلك والمعنى :ما من دابة من الدواب التي تدب في أي مكان من أمكنة الأرض ،ولا طائر يطير في أي ناحية من نواحيها (إلا أمم أمثالكم )أي جماعات مثلكم خلقهم الله كما خلقكم ورزقهم كما رزقكم ،داخلة تحت علمه وتقديره وإحاطته بكل شيء .
ثم سرد ـ رحمه اللـه ـ أقوال المفسرين في الآية ثم قال والأولى أن تحل المماثلة على كل ما يمكن وجود شبه فيه كائنا ما كان ".أه
وقال الإمام ابن القيم "وقال الخطابي ما أحسن ما تأول سفيان ـ يعني ابن عيينة ـ هذه الآية واستنبط منها هذه الحكمة وذلك أن الكلام إذا لم يكن حكمه مطاوعا لظاهره وجب المصير إلى باطنه وقد أخبر الله عن وجود المماثلة بين الإنسان وبين كل طائر ودابة وذلك ممتنع من جهة الخلقة والصورة وعدم من جهة النطق والمعرفة فوجب أن يكون منصرفا إلى المماثلة في الطباع والأخلاق . ثم علق ابن القيم قائلا والله سبحان قد جعل بعض الدواب كسوبا محتالا وبعضها متوكلا غير محتال وبعض الحشرات يدخر لنفسه قوت سنته وبعضها يتكل على الثقة بأن له في كل يوم قدر كفايته رزقا مضمونا وأمر مقطوعا وبعضها لا يعرف ولده البتة وبعض الإناث تكفل ولدها لا تعدوه وبعضها تضيع ولدها وتكفل ولد غيرها وبعضها لا تعرف ولدها إذا استغنى عنها وبعضها يدخر وبعضها لا تكسب له وبعض الذكور يعول ولده وبعضها لا تزال تعرفه وتعطف علبه .وجعل بعض الحيوانات يتمها من قبل أمهاتها وبعضها يتمها من قبل آبائها وبعضها لا يلتمس الولد وبعضها يستفرغ الهم في طلبه وبعضها يعرف الإحسان ويشكره وبعضها ليس ذلك عنده شيئا وبعضها يؤثر على نفسه وبعضها إذا ظفر بما يكفي أمة من جنسه لم يدع أحدا يدنوا منه وبعضها يألف بني آدم ويأنس بهم وبعضها يستوحش منهم وينفر غاية النفار منه وبعضها لا يأكل إلا الطيب وبعضها لا يأكل ألا الخبائث وبعضها يجمع بين الأمرين وبعضها لا يؤذي إلا من بالغ في أذاها وبعضها يؤذي من لا يؤذيها وبعضهم حقود لا ينس الإساءة وبعضها لا يذكرها البتة وبعضها لا يغضب وبعضها يشتد غضبه فلا يزال يسترضى حتى يرضى وبعضها عنده علم ومعرفة بأمور دقيقة لا يهتدي إليها أكثر الناس وبعضها لا معرفة له بشيء من ذلك البتة وبعضها يستقبح القبيح وينفر منه وبعضها الحسن والقبيح سواء عنده وبعضها يقبل التعليم بسرعة وبعضها مع الطول وبعضها لا يقبل ذلك بحال "أه كلام ابن القيم .[3]وقال أيضا الإمام ابن القيم في كتابه جلاء الأفهام "والأمة الجماعة المتساوية في الخلقة والزمان قال تعالى (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُون)[4] .
وقال أيضا في الجواب الكافي حيث أورد كلام سفيان ابن عيينة في الآية "قال منهم من يكون على أخلاق السباع العادية ومنهم من يكون على أخلاق الكلاب وأخلاق الخنازير وأخلاق الحمير ومنهم من يتطوس في ثيابه لحما كتطوس الطاوس في ريشه ومنهم من يكون بليدا كالحمار ومنهم من يؤثر على نفسه كالديك ومنهم يألف ويؤلف كالحمام ومنهم الحقود كالجمل ومنهم الذي خير كله كالغنم ومنهم أشبه الذئاب ومنهم أشباه الثعالب التي يروغ كروغانها .وقد شبه الله أهل الجهل والغي بالحمر تارة وبالكلب تارة وبالأنعام تارة وتقوى هذه المشابهة باطنا حتى تظهر في الصورة الظاهرة ظهورا خفيا يراه المتفرسون ويظهر في الأعمال ظهورا يراه كل أحد ولا يزال يقوى حتى تعلوا الصورة فتنقلب له الصورة بإذن الله وهو المسخ التام. فيقلب الله الصورة الظاهرة على صورة ذلك الحيوان كما فعل باليهود وأ شباههم ويفعل بقوم من هذه الأمة ويمسخهم قردة وخنازير "أه [5] وقال أيضا ابن القيم في شفاء العليل (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم)قال "وهذا يتضمن أنها أمم أمثالنا في الخلق والرزق والتقدير الأول وأنها لم تخلق سدى "[6]
ويقول سيد قطب في ظلاله حول هذه الآية "إنه ما من دابة تدب على الأرض وهذا يشمل كل الأحياء من حشرات وهوام وزواحف وفقاريات وما من طائر يطير بجناحيه في الهواء وهذا يشمل كل طائر من طير أو حشرة وغير ذلك من الكائنات الطائرة، ما من خلق حي في هذه الأرض كلها إلا وهو ينتظم في أمة ذات خصائص واحدة وذات طريقة في الحياة واحدة كذلك شأنها في هذا شأن أمة الناس ما ترك الله شيئا من خلقه بدون تدبير يشمله وعلم يحصيه، وفي النهاية تحشر الخلائق إلى ربها فيقضي بأمرها ما يشاء "أه [7]
وبعد أن سردنا أقوال علماء اللغة وعلماء التفسير نشرع في بيان معنى المثلية في الآية.
يمكننا مما سبق من كلام علماء اللغة والتفسير في المراد بالتماثل في قوله تعالى (إلا أمم أمثالكم )وبجمع أقوالهم في الآية يتبين لنا أن المراد بالتماثل بين الدواب والإنسان إنما هو في بعض الجوانب وليس المراد هو التماثل التام من كل وجه إذ لو وقع هذا لكان الإنسان حيوانا كسائر الحيوانات وهو محال عقلا وشرعا.
أما عقلا فمعلوم وأما شرعا فإن الله عز وجل قد كرم بني آدم على سائر الكائنات وفضلهم على كثير من خلقه كما قال تعالى(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىكَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) [8].
ولو قلنا بالتماثل من كل وجه لقلنا برفع التكليف عن بني آدم شأنهم في ذلك شأن البهائم والدواب وهو محال شرعا وإنما المراد ـوالله أعلم ـ هو التماثل والتشابه السلوكي والخلقي والطبعي كما قال الإمام الخطابي والشوكاني والقرطبي وغيرهم ـ كما سبق بيانه ـ.
ويدل على صحة هذا القول الحديث الصحيح "لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها فا قتلوا منها الأسود البهيم [9]" فسمى النبي صلى الله عليه وسلم الكلاب أمة من الأمم أي في الخلق والتدبير والأفعال والأعمال والسلوكيات ومحال تماثل الكلب لكل الأمم من كل الوجوه.
[1] الأعراف 185 2يونس 1.1 3 الغاشية 17 4الأنعام 38 5النحل 8 6 الكهف 1.9 7 الأنعام 38 [3] شفاء العليل لإبن القيم ص77[4] جلاء الأفهام ج1ص151[5] الجواب الكافي ج1ص 83[6] شفاء العليل ج1 ص4.[7] ظلال القرآن ج2 ص1.8.[8] الإسراء 7.[9]وحسنه السيوطي في الجامع الصغير والهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط والكبير . قلت ورواه الترمذي و أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجةوغيرهم .

القلب الحزين 15-11-2013 07:46 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 
إن اللهَ لَا يَسْتَحى أن يَضَربَ مَثلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوقَهَا

صورة لبعوضة تقف على جلد بشري وهي تمتص الدم
بقلم فراس نور الحق
المشرف العام على موقع موسوعة
الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
قال الله تعالى: ( إن اللهَ لَا يَسْتَحى أن يَضَربَ مَثلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوقَهَا فأما الَّذيَنَ امَنُوا فَيَعْلمُونَ اَنَّهُ اْلَحُق مِنْ رَبّهِم وأما الَّذيَن كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أراد اللهُ بِهذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثيراً وَيَهدِى بِه كَثيراً وَمَا يُضِلُّ ِبِه إلا الفَاسِقيَن)(سورة البقرة 26).
أما سبب نزول هذه الآيات فقد روي عن بن عباس قال: لما ذكر الله آلهة المشركين فقال: "وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه" [الحج: 73] وذكر كيد الآلهة فجعله كبيت العنكبوت، قالوا: أرأيت حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت فيما أنزل من القرآن على محمد، أي شيء يصنع؟ فأنزل الله الآية. وقال الحسن وقتادة: لما ذكر الله الذباب والعنكبوت في كتابه وضرب للمشركين به المثل، ضحكت اليهود وقالوا: ما يشبه هذا كلام الله، فأنزل الله الآية..
فهذه الآيات تدلنا أن إلى أن جميع مخلوقات الله سبحانه من أصغرها إلى أكبرها هي آية دالة على الله وإن بدت تافهة فقد أودع الله سبحانه فيها من آياته وقدرته ما تتحير بها العقول فالله سبحانه و تعالى في هذه الآيات لا يستحي أن يضرب مثلاً بالبعوضة التي قد يعتبرها بعض الجهال مخلوقاً تافهاً لكن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً بها وذلك ليدلنا على آيات عظمة خلق البعوضة و سنكشف في هذا المقالة بعض أسرار عالم البعوض حتى نكتشف بديع صنع الله تبارك و تعالى في البعوض.
البعوضيات:
فصيلة من الحشرات من رتبة ذوات الجناحين تتغذى إناثها على دم الإنسان وأكثر الحشرات الماصة للدماء انتشاراً، ويسبب المضايقة بلدغاته المتكررة، وينقل العديد من الأمراض منها الملاريا، كما يتغذى البعوض أيضا على دم الحيوانات والطيور.
أنثى البعوضيات هي وحدها التي تتغذى على الدم لأنه ضروري لنضج البيوض، في حين أن الذكر يتغذى على عصارة النباتات ورحيق الأزهار. ويتميز فم الأنثى بأنه
غلاف كتاب البعوض التاريخ الطبيعي لمؤلفه أندرو سبليمان
مزود بأجزاء دقيقة تساعد على ثقب الجلد وامتصاص الدم (اللسان الثاقب الماص).
حصل رونالد روس عالم الجراثيم في عالم 1902 م على جائزة نوبل للعلوم... أتعلمون لماذا ؟؟ [1]
لأنه درس نوع من أنواع البعوض وهو Anopheles وأكتشف أنها تقوم بنقل مرض الملاريا الذي كان يفتك بعشرات الألوف من الناس كل عام.
فهل يستحق هذا المخلوق الصغير أن يضرب الله سبحانه به المثل ؟؟..
قوة البعوض:

قالت: الدكتورة مارجريت همفريز مؤرخة العلوم (إن المجازر البشرية التي أحدثتها الحمى الصفراء (التي ينقلها البعوض) تكاد تكون هي وحدها التي عجلت بإنشاء المؤسسة الصحية العامة المهمة في الولايات المتحدة ومنها هيئة الصحة العامة الأمريكية )....

همها حمى الضنك والفلاريا (داء الفيل) وحم
ى الوادي المتصدع.

يقول عالم الحشرات الأمريكي
  • أندرو سبليمان Andrew Spielman في كتابه Mosquito: A Natural History of Our Most Persistent and Deadly Foe:

    ( لا يوجد كائن حي على وجه الأرض كالبعوض مس حياة مثل هذا العدد الهائل من البشر).

    ثبت علميا أن مرض الحمى الصفراء وهو مرض فيروسي ينتقل بواسطة بعوضة تسمى(Aedes aegypti) يدمر الفيروس الكثير من أنسجة الجسم وخاصة الكبد والكليتين، ولقد تسبب هذا المرض في موت عشرات الملايين خلال العقود الماضية.

    في عام 1793م توفي في ولاية فيلادلفيا بسبب انتشار الحمى الصفراء عدة آلاف من الناس وفر الرئيس الامريكي جورج واشنطن من المدينة، وقتل ما بين 100.000 إلى 150.000شخص في أمريكا الشمالية ذلك العام.

    في أثناء الحرب الأمريكية الإسبانية (1898-1901)م حدثت مواجهة مباشرة بين الأسطول الاسباني والأسطول الأمريكي في جزيرة كوبا عام 1898م وتمت عملية إنزال بري أمريكي على الأراضي الكوبية، فكان النصر حليف القوات الأمريكية التي قتلت حوالي 500جندي إسباني مقابل خسارة جندي أمريكي واحد وعلى الرغم من هذا النصر الكبير خسرت القوات الأمريكية حوالي 5000جندي أمريكي بسبب انتشار مرض الحمى الصفراء والملاريا بين الجنود والتي نقلها إليهم البعوض، ، فتأمل أخي القارئ كيف أن القوات الأمريكية هزمت أعدائها ولكن لم تصمد أمام هجمات البعوض.

    الملاريا : مرض خطير قاتل يسببه طفيلي قاتل تنقله إناث البعوض من النوع أنوفيلس Anopheles حيث يحيث تتسبب الملاريا بمقتل حوالي من 1 –2 مليون شخص سنوياً حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية.

    تنقل البعوضة عشرات الأمراض الأخرى أ
قال تعالى: ( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ)(المدثر: من الآية31)
طيران البعوض:

أكتشف العلماء أنه لابد لبعوضة Culex أ
ن ترفرف بأجنحتها حوالي 500 مرة في الثانية الواحدة كي تطير بسرعة متواضعة مقدارها ثلاثة أميال في الساعة [5].
التركيب الداخلي لجسم البعوضة:
الغدد اللعابية:
يوجد زوج من الغدد اللعابية في البعوضة في منطقة الصدر وتتكون كل غدة من ثلاث فصوص ولكل فص قناة محورية تتفرع من قناة رئيسية هي القناة اللعابية.
وتتحد القناتان اللعابيتان للغدتين مكونة القناة اللعابية المشتركة التي تمتد داخل الرأس وتفتح في كبسولة صغيرة تعرف بمضخة اللعاب ومنها يسير اللعاب في قناة اللعاب التي تخترق اللسان وتفتح في طرفة عين تلعب الغدة اللعابية دوراً هاماً في نقل الملاريا حيث تختزن الأطوار التي تعيد العدوى للإنسان "الاسبروزويت" والتي تتدفق من اللعاب إلى الجرح الذي تحدثه الحشرة.
الجهاز الهضمي
يتكون الجهاز الهضمي في البعوضة من تجويف فموي قصير يليه بلعوم قوي يعمل كمضخة لسحب الدم خلال تجويف الشفة العليا.
تخترق الرقبة أنبوبة قصيرة هي المريء ويصل بنهاية المريء ثلاثة أكياس يوجد اثنان منها في الناحية الظهرية وهما مستديران تقريباً أما الثالث فيمتد في الناحية البطنية والى لخلف وقد يصل إلي حلقة البطن الثالثة أو الرابعة. ويصل المرئ بالمعدة أنبوبة عضلية قصيرة تعرف بالقونصة أو المعدة الأولى وتمتد المعدة من الصدر حتى الحلقة البطنية الخاصة ولها قدرة كبيرة علي التمدد خصوصاً في نصفها الخلفي. فالبعوضة البالغة قد تأخذ 2مم 3 في وجبة واحـــــــده فائدتها استخلاص المواد الازوتية التالفة والتخلص منها بطردها عن طريق المعي الخلفية إلى الخارج وتتكون المعي الخلفية من أنبوبة قصيرة ضيقة لا تلبس أن تتسع مكونة المستقيم الذي يفتح للخارج بواسطة فتحة الإست.
الجهاز الدوري " الدورة الدموية "
االجهاز الدوري في البعوضة هو جهاز مفتوح حيث يدور الدم خلال التجويف الجسمي وفيه يتم امتصاص الغذاء المهضوم من القناة الهضمية وبواسطته يتم نقل المواد المهضومة لكل أجزاء الجسم
يقع القلب ملاصقاً لجدار البطن العلوي وهو مكون من عدة غرف طويلة وضيقة يدخل إليها الدم عن طريق فتحات جانبية في كل غرفة من غرف القلب ويسير الدم في اتجاه واحد في غرف القلب وهو ناحية الرأس ويتصل بالقلب وهو ناحية الرأس ويتصل بالقلب من الأمام وعاء دموي يعرف بالأورطي يغير تجويف الجسم.
والدم خال من الكرات الدموية الحمراء فلا علاقة له بعمليةالتنفس ولكنة ينقل فقط المواد الغذائية من القناة الهضمية إلى الأنسجة الأخرى.
الجهاز التنفسي
يتكون الجهاز التنفسي في البعوضة كما في جميع الحشرات من أنابيب ضيقة تسمى بالقصبات لها فتحات خارجية علي جانبي حلقات الصدر والبطن.
تمتد القصبات داخل جسم الحشرات وتتفرع وتتشابك بشكل خـــاص وتتعمق إلى أن تتصل بخلايا الجسم وتسمى الأفرع الصغيرة بالقصبات والقصبات مبطنة من الداخل بحلقات أو حلزونيات كينتينية. أما القصبات فهي غير مبطنة بتلك الحلقات أو الحلزونات تبدأ اللقصبات الهوائية من فتحات في جدار البدن لدخول وخروج الهواء وتعرف بالفوهات التنفسية و توجد اثنان من الفوهات التنفسية على جانبي الصدر وسبعة على جانبي البطن في الحلقات البطنية من (1-7)
الجهاز العصبي:
يتكون الجهاز العصبي في البعوضة من حبل عصبي مكون من عقد متصلة بعضمها ببعض بواسطة ألياف عصبية ويوجد منها في الرأس زوجين يسميان أحيانا بالمخ. والزوج الأمامي يوجد فوق البلعوم والزوج الخلفي أسفلة. ويوجد في الصدر ثلاثة أزواج من العقد العصبية متحدة مع بعضها وهي توجد ملاصقة لجدار الصدر من الجهة البطنية وفي البطن من الجهة السفلية يوجد خمس أزواج من العقد العصبية.العقد العصبية للأقسام الصدرية الثلاثة والحلقة البطنية الأولى متصلة بظهر الرأس وبطنه لتكون المخ
الجهاز التناسلي:
يكون في مؤخرة بطن البعوضة في التجويف الدموي ويتركب في الأنثى من مبيضين لكل منها قناة قصيرة هي قناة المبيض وتتحد القناتان في الناحية البطنية لتكونا المهبل ويفتح المهبل للخارج بواسطة الفتحة التناسلية التي تقع خلف فتحة الشرج. ويصب في المهبل قبل نهايتة قناة الحوصلة المنوية التي تستقبل وتختزن الحيوانات المنوية وقناة الغدد الإضافية التي تفرز مادة لزجة الكيرلكس فائدتها جمع البيض مع بعضة لتكوين قارب البيض. وأيضا يتم تخزين الحيوانات المنوية فيها"الحويصلة" حيث تستعملها الأنثى تدريجيا في تلقيح البويضات.أما في الذكر فيتكون الجهاز التناسلي من خصيتين كل منهما قناة منوية وتتحد القناتان لتكون القناة القاذفة التي تفتح للخارج في الفتحة التناسلية للذكر.
كيف يدرك البعوض الكائنات الحية في الطبيعة:
صورة لرأس بعوضة مكبرة وهي في حالة أمتصاص الدم
إن البعوضة لها قابلية الحس بالكائنات الحية بواسطة حرارتهم فإن البعوضة تستطيع أن تلتقط حرارة الأجسام بشكل ألوان.
ولكن هذا الحس للحرارة لا يعتمد على أشعة الشمس أي على الضوء، فإن مقدار الحس البصري لديها يعادل 1/1000 درجة بالنسبة للحس الحراري.
إن البعوض تملك حوالي 100 عين وهذه العيون موجودة في الرأس على شكل يشبه قرص العسل تقوم عين البعوض باستلام هذه الإشارات وتنقلها إلى الدماغ.
آلية امتصاص البعوض للدم:
بشم الدم فإن الصحيح تبدأ بشم الدم وتستعمل البعوضة تقنية تجلب الحيرة للعقول فالنظام المعقد المستعمل كالتالي:
عندما تحط البعوضة على الهدف أولاً بشم الدم ومعرفة هل هو مناسب لها فإن لم تجده مناسباً تركته وذهبت تبحث عن غذاء آخر.
بعد أن تتأكد أن نوع الدم مناسب لها تقوم بالبحث عن مكان مناسب رقيق فيه كمية دم غزيرة كالأوردة الشعرية ثم تقوم بتحديد مكان معين بواسطة الشفاه الموجودة في الخرطوم. ثم تقوم ببخ المكان الذي سوف تقوم بشقه بمادة مخدرة أشبه ما تكون بالمخدر الموضعي
فالبعوضة لها إبرة مغلفة بغلاف خاص تخرجها عندما تقوم بمص الدم (والتي عبارة عن تجويف في الشفة العليا ) إن الجلد لا يثقب بواسطة هذه الإبرة كما هو متصور. ولكن بواسطة الفك العلوي الذي يشبه السكين والفك السفلي الذي يحتوى على أسنان مائلة نحو الداخل. فالفك السفلى يعمل مقام المنشار أي يتحرك مثل المنشار الدم ويحتوي تجويف الشفة السفلي على سائل لزج يساعد بقية اجزاء الفم على التجمع معا كأنها عضوا واحد،والجلد ينشق بمساعدة الفك العلوي الذي يكون بمقام السكين ومن المكان المنشق تدخل الإبرة إلى أن تصل إلى العرق وتقوم بعملية مص.
وكما هو معروف عن جسم الإنسان عندما يخرج الدم من مكان و خلال مدة قصيرة وبمساعدة الأنزيمات الموجودة في الجسم يتم تخثر الدم في تلك المنطقة.
إذن هذا الأنزيم يسبب مشكلة كبيرة للبعوضة لأن الثقب الذي أحدثته البعوضة في مدة قليلة سينغلق وهذا يعنى أنها لا تستطيع أن تمتص الدم، ولكن مثل هذه المشكلة لا تواجه البعوضة لأنها تقوم بصنع مادة في جسمها وتفرزها في جسم الإنسان في تلك المنطقة وتمنع من تخثر الدم هناك كذلك تقوم هذه المادة بإحداث تهيج في الجلد مما يسبب توارد الدم إليه، وبذلك تكمل عملية امتصاصها للدم. والبعوضة عندما تلدغ الإنسان من مكان معين هذا المكان ينتفخ ويكون و يحس الإنسان بحكة، وسبب ذلك هو الأنزيم الذي قامت البعوضة بإفرازه لمنع التخثر.
بدون شك إن هذه الأعمال كلها تضعنا أمام أسئلة كثيرة منها:
1 كيف تعرف البعوضة بوجود هذا الأنزيم الذي يُخثر الدم.
2 كي تبطل البعوضة مفعول أنزيم التخثر بصنع هذا أنزيم الخاص؟ وكيف لها أن تعرف هذه المادة الكيميائية وكيف يحدث كل هذا؟
3 كيف حصلت على هذه المعلومات؟
وكيف تستطيع هذه الحشرة أن تصنع مثل هذا الأنزيم داخل جسمها ثم تقوم بنقلها بواسطة تقنيتها إلى جسم الإنسان؟
جواب كل هذه الأسئلة بسيط إن البعوضة لا تستطيع أن تفعل أي شيء لأنها لا تملك عقلاً مدركاً و لا معلومات حول الكيمياء ولا مختبر لتصنيع هذه الأنزيمات فالحشرة التي نتكلم عنها لا يزيد طولها عن بضع ملمترات وبدون عقل وبدون علم. فالذي خلق الإنسان وخلق هذه البعوضة، الحشرة غير العادية الخارقة وجعلها صاحبة هذا النظام الخارق الذي يصيب الإنسان بالذهول،هو الذي خلق الإنسان و القادر على بعثه يوم القيامة.
فسبحان الذي أودع كل هذه الأجهزة المعقدة في هذا المخلوق الصغير.
وصدق الزمخشري حين قال:
يا من يرى مد البعوض جناحه في ظلـمة الليل البهيم الأليل
ويرى منـاط عروقه في نحره والمخ من تلك العروق النحـل
ويرى خرير الدم في أوصاله متنقلاً من مفـصل في مفصل
ويرى ويسمع حس ما هو دونها في قـاع بحر مظلم متهـول
المراجع:
بحث للداعية التركي هارون يحيى
مجلة The new york review of books
بقلم ريتشارد هورتون
ترجمة: أحمد محمود
نشرت هذه المقالة في مجلة وجهات نظر العدد الرابع والأربعون 2002م بعنوان البعوض
[1] نقلاً عن مجلة The new york review of books
بقلم ريتشارد هورتون
ترجمة: أحمد محمود
نشرت هذه المقالة في مجلة وجهات نظر العدد الرابع والأربعون 2002م بعنوان البعوض
[2] المرجع السابق. [3]المرجع السابق. [4]المرجع السابق. [5] المرجع السابق.

القلب الحزين 15-11-2013 07:47 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 
الجراد جند من جنود الله

صورة لأحد أسراب الجراد وهي تهاجر
إعداد الدكتور نظمي خليل أبو العطا
أستاذ العلوم في الجامعات المصرية والبحرين
هجمت أسراب الجراد على المنطقة العربية من موريتانيا إلى عمان، وقد رأينا كيف أحدثت هذه الأسراب الذعر، والخوف في قلوب المزارعين والمختصين، ورأينا كيف أنها قادرة على القضاء على كل أخضر يواجهها ورأيناها تسير في تنظيم عجيب مع أننا نعلم أن هذه الحشرة ذات جهاز عصبي بسيط مكون من بعض العقد العصبية الأولية، ومن هنا يتعجب المرء من هذا التنظيم العجيب في أسراب هذه الحشرة، هذا يوجب علينا النظر إلى هذه الظاهرة من جميع جوانبها العلمية والعقائدية ولا نقتصر على التفسير العلماني لها، والمعلوم أن الجراد يطير لمسافات بعيدة، وقد تقطع الجرادة الواحدة مئة كيلومتر في اليوم الواحد، وتأكل الجرادة الواحدة في اليوم الواحد ضعف وزنها، ويحتوي السرب ملايين الجرادات و يقطع ثلاثمائة وخمسين كيلومتر في الشهر وذلك بما لديها من قدرة عضلية تمكنها من الرفرفة بالجناحين لمدة تصل إلى ستة عشر ساعة في اليوم، ومن المعروف أن أسراب الجراد الطائرة في الهواء تحط ليلاً على النباتات وتجثم على الأشجار لتلتهم كميات من الغذاء تعينها على استئناف الرحلة في صبيحة اليوم التالي، وبذلك يكون أفضل وقت لمقاومة أسراب الجراد بعد الغروب كما قال علماء علم الحشرات.
في الصباح تشرق الشمس وتشعر أفراد السرب الجاثمة على النباتات بالدفء فتبدأ في هز أجنحتها، ثم تطير أفراد منه متنقلة إلى مسافات محدودة داخل منطقة الانتشار، وحينما تزداد حرارة الجو تركب الجرادات تيارات الحمل الهوائية وتطير إلى أعلى وبذلك تبدأ مقدمة السرب في التحليق في منطقة الانتشار، بينما تظل باقي مجموعات السرب في حالة جثوم وهذه تمثل مؤخرة السرب، وهذه المؤخرة لا تقلع إلا بعد أن يأخذ السرب وجهته، وهكذا تحلق المقدمة قبل المؤخرة وبعد أن تصل درجة الحرارة إلى الدرجة العظمى في المكان من (23ـ 40س) فإن السرب يحلق كاملاً في الهواء.
وتوجد من أسراب الجراد الطائرة نوعان (1):
الجراد له قدرة عضلية كبيرة تمكنه قطع مسافة مئة كيلو متر في اليوم
1. السرب الطبقي: وهو يظهر على شكل مساحة مسطحة مكونة من أفراد الجراد المتراصة ويطير هذا النوع من أسراب الجراد على ارتفاعات قليلة لا تزيد عن (300) متر من سطح الأرض.
2. السرب الركامي : ويرى هذا السرب في أكثر ساعات النهار عند سطوع الشمس وتتراكم أفراده فوق بعضها البعض في الجو بشكل مجموعات تشبه البرج، وغالباً ما يطير هذا النوع من الأسراب على ارتفاعات شاهقة تصل إلى ألف متر فوق سطح الأرض ويختلف شكل السرب في الرحلة الواحدة لنوع واحد من الجراد، وذلك بتأثير التيارات الهوائية التي تواجهه، فقد تبدأ الرحلة بشكل طبقي ثم تتغير إلى الشكل البرجي خصوصاً إذا ارتفعت درجة حرارة الجو عن الساعات الأولى رحلة الطيران.
ويختلف توزيع الأفراد داخل السرب من مكان لآخر فيه، فينما نجد حوافه مشكلة من أفراد منتظمين متفقي الحركة والوضع فرؤوسهم جميعاً موجهة إلى الأمام، نجد أن التوزيع في أواسط السرب يكون عشوائياً، ويزيد من عشوائية هذا التوزيع ـ أو الانتشار ـ ما يواجه السرب سرب من تيارات هوائية مضادة.
ومن العجيب أن طلائع السرب إذا شعرت بين الحين والآخر أن مؤخرة السرب قد بعدت عن مقدمته وكاد السرب أن يتمزق شمله وتتشتت أجزاؤه فإن المقدمة تبطئ من حركتها حتى يتمكن المتأخرون من اللحاق بها والالتحام بالسرب و بذا يحتفظ السرب دائماً بشكله تنظيمه، ولا يمكن لأي جراده أن تنفر من السراب وتخرج بعيداً عن هيكله و إطاره العام، فإذا حدث ذلك أسرعت بالدخول ثانية في الجماعة.
من أفضل طرق تشتيت أسراب الجراد إلى الآن استخدام الطائرات في مواجهة الأسراب وبذلك يتم عمل حواجز طويلة من المادة السامة لمكافحة التجمعات الجاثمة على الأراضي المكشوفة خاصة في الأرض الوعرة التي يصعب الوصول إليها.
ويتم الرش بالطائرات من الجو إلى الأرض حينما يكون الجراد مستقراً وجاثماً على الأرض والرش من الجو إلى الجو ويتم ذلك في الأسراب الطائرة والتي تكون في طريقها إلى الاستقرار.
وهكذا نرى كيف أن هذه الجرادة غير العاقلة تتصرف بطريقة مذهلة في التجمع والتوجيه والحل والترحال، وكيف تثير الذعر في قلوب الناس وصدق الله العظيم القائل (فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوماً مجرمين ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك و لنرسلن معك بني إسرائيل فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين ) الأعراف 133ـ 136.
فهل نعي تلك الآيات في ضوء أسراب الجراد التي تجتاح المنطقة العربية كل مدة.
أم أننا نفسر كل شيء بطريقة علمانية أو غيبية انتظاراً للانتقام والغرق؟ وقد يظن البعض أن الطائرات والمبيدات قادرة على صد أسراب الجراد، ولا يفكر هذا البعض في كمية المبيدات الحشرية السامة المستخدمة و التي تفسد الغطاء النباتي و تسممه، وتهدم دورات الحياة وسلاسل الغذاء وشبكاتها وتفسدها فتحدث خللاً بيئياً يصعب ترميمه.
أ.د. نظمي خليل أبو العطا موسى
الهوامش:
(1): انظر الجراد في القرآن الكريم والعلم الحديث ـ كارم السيد غنيم وعبد العظيم محمد الجمال. القاهرة : دار الصحوة ( 1988م).


الساعة الآن : 12:50 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 196.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 195.92 كيلو بايت... تم توفير 0.50 كيلو بايت...بمعدل (0.26%)]