ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=91)
-   -   حديث: إن محمدا ليعطي عطاء ما يخاف الفقر (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=241039)

ابوالوليد المسلم 22-09-2020 02:58 AM

حديث: إن محمدا ليعطي عطاء ما يخاف الفقر
 
حديث: إن محمدا ليعطي عطاء ما يخاف الفقر


الشيخ عبدالرحمن بن فهد الودعان الدوسري









عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم غنمًا بين جبلين، فأعطاه إياه، فأتى قومه فقال: أيْ قومِ، أسلموا، فوالله إن محمدًا ليعطي عطاءً ما يخافُ الفقر، قال أنسٌ رضي الله عنه: "إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها"؛ رواه مسلم[1].



يتعلق بهذا الحديث فوائد:

الفائدة الأولى: يبين الحديث قاعدة من أعظم قواعد الأخلاق الإسلامية، ومن أنفعها في التعامل مع الناس والدعوة إلى الله تعالى، وهي قاعدة: (الإحسان إلى الناس)، والإحسان له أوجه كثيرة؛ فمنه: الإحسان إليهم بالمال، ومنه: بالجهد والوقت في حل مشكلاتهم والنظر في قضاياهم، ومنه: ببذل الوجه للشفاعة لهم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبذل للناس الإحسان من جميع الوجوه، ويصبر على الناس، ويحرص على هدايتهم بكل طريق مشروع؛ قال أنس رضي الله عنه: (ما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئًا إلا أعطاه)؛ رواه مسلم[2]، وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: (ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط فقال: لا)؛ متفق عليه[3].



الفائدة الثانية: الإحسان وبذل المعروف من أرفع مكارم الأخلاق؛ قال عبدالله بن المبارك رحمه الله تعالى في وصف حسن الخُلق: (هو بسط الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى)[4]، ولقد: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلقًا)[5]، وقد زكى الله تعالى أخلاق رسوله صلى الله عليه وسلم فقال: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، وقال الله تعالى آمرًا له بمجامع الأخلاق: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199]، قيل: معناها: أن تصِلَ مَن قطعك، وتعطي مَن حرمك، وتعفو عمن ظلمك، وقال جعفر الصادق رحمه الله تعالى: ليس في القرآن آيةٌ أجمع لمكارم الأخلاق منها[6].



الفائدة الثالثة: تأليف الناس على الإسلام وعلى الخير بالوسائل المشروعة والمباحة من أحسن ما ينبغي أن يستمسك به المسلمون عامة، وأهل العلم والدعاة منهم خاصة، وبمثل هذا يمكن استمالة الناس إلى الخير والمعروف، لا بالغلظة والجفاء وعُبوس الوجه والشتم، وباستمالتهم تكون استمالة مَن وراءهم؛ إذ كل شخص يمكن أن يكون سفيرًا لِمَن وراءه من أهله وأولاده وأصحابه، فلربما كان صلاح شخص بكلمة طيبة أو هدية أو مساعدة مادية أو معنوية، ثم كانت هداية أمة وراءه تأثروا بذلك، فحري بالدعاة إلى الله تعالى بذل ما يمكنهم لاستمالة الناس إلى الخير الذي ينعمون به، وأسوتهم في ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.





[1] رواه مسلم في كتاب الفضائل، باب ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط فقال: لا، وكثرة عطائه 4/ 1805 (2312).




[2] رواه مسلم في الموضع السابق 4/ 1805 (2312).




[3] رواه البخاري في كتاب الأدب، باب حسن الخلق والسخاء، وما يكره من البخل 5/ 2244 (5687)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط فقال: لا، وكثرة عطائه 4/ 1805 (2311)، وهذا لفظه.




[4] رواه الترمذي 4/ 363 (2005)، ونقل النووي وغيره عن الحسن البصري نحوه؛ (شرح النووي على صحيح مسلم 15/ 78، والآداب الشرعية 2/ 197).





[5] رواه البخاري في كتاب الأدب، باب الكنية للصبي وقبل أن يولَد للرجل 5/ 2291 (5850)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على حصير 100/ 457 (659)، وفي كتاب الفضائل، باب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقًا 4/ 1805 (2310) من حديث أنس رضي الله عنه.




[6] ينظر: فتح الباري 8/ 306، وفيض القدير 3/ 489، ومدارج السالكين 2/ 304.






الساعة الآن : 11:39 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 9.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 9.74 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.95%)]