ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   من بوح قلمي (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=72)
-   -   عفواً... انتهت المقابلة (قصَّة قصيرة) (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=240918)

ابوالوليد المسلم 20-09-2020 05:23 AM

عفواً... انتهت المقابلة (قصَّة قصيرة)
 
عفواً... انتهت المقابلة (قصَّة قصيرة)


منال المغربي





الأعين الثَّمانية التي كانت تتفحَّصها من رأسها حتى أخمص قدميها لم تُشعرها بالارتباك؛ فلقد أعدَّت نفسها جيدًا لهذه المُقابلة... أبعدت عن جبينها خصلة شقراء صغيرة نجحت بالفرار من تحت الحجاب المُزَرْكش الصَّغير، الذي يكشف عن جزء من جسمها وأذنَيْها... نظرات الإعجاب التي أطلَّت من عُيُون أعضاء لجنة التَّحكيم أكَّدت أنَّها أحسنت الاختيار، وسخرت في قرارة نفسها من موقف بعض أفراد عائلتها وصديقاتِها القاسي حينما علموا برغبتها بالاشتراك في هذا البرنامج؛ فجميعُهم أجمعوا أنَّها بدأت بتقديم التَّنازُلات.


قُشَعْريرة باردة سَرَتْ في جسدها عندما وضع المُلَحِّن النَّصراني المشهور يده على ذقنه يتأمَّلها وهي تؤدِّي وصْلَتَها الغنائيَّة، وعندما انتَهَتْ مرَّت دقائق صامتة لا يعكِّرها إلاَّ صوت ضجيج أفكارها المُتلاطِمة.



تفتحتْ زهور الأمل في نفسها حينما أثنتِ الفنَّانة عضو لجنة التَّحكيم على صَوْتها؛ ولكنَّها سرعان ما ذَبلَتْ عندما وجّهت نظرة خاطفة إلى حجابها، ثم أردفت النَّظرة بسؤال: "لماذا اخترتِ الاشتراك في هذا البرنامج؟!".



بعد أنِ استجمعتِ المشْتَرِكة شجاعتها ولَمْلَمَتْ أشلاء ثقتها بنفسها جاء الجواب: "لأنَّني أشعر بأني أملك صوتًا جميلاً..."، وبمجرَّد أن تفوَّهتْ بِهذه العبارة تلألأت في ذهنها الآية الكريمة التي تلتْها صديقتها على مسامعها منذ أيام لتحذِّرها من مغبَّة الاشتراك بهذا البرنامج: {فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب: 32]؛ ولكنَّها طردتْ هذه الذِّكرى من رأسها وتابعَتْ حديثَها: "كما أني أريد أن أبيِّن للنَّاس أنَّ المُحَجَّبة تستطيع إثبات نفسها في مختلف الميادين"!!



.. خيبة أمل تملَّكَتْها من جوابها الرَّكيك هذا، وتعالى صوت عِراك أفكارها في رأسها: "أين تلك العبارات والتَّعابير الرنَّانة التي حفِظْتُها عن ظهر قلب وبها كنت سأقنع لجنة التَّحكيم بوجهة نظري؟".



وكما توقَّعَتْ لم تقتنع الفنَّانة بكلامها؛ فعادت وطرحت عليها سؤالاً آخر: "في حال نجحتِ وأصبحتِ السُّوبر ستار، فهل ستتخلَّيْنَ عن حجابك؟ فأنتِ تعرفين أنَّ الفنَّانة مطلوب منها إحياء الحفلات في المطاعم والمهرجانات، وهذا الأمر يتطلَّب منها لبس فساتين السَّهرات؛ فالفنَّان ليس صوتًا فقط؛ بل صورة أيضًا لا سيَّما في عصرنا هذا؟!"، وأعادت النَّظر إلى حجاب المشتَرِكة، وجاءها الجواب سريعًا: " أنا مُقتنعة بحجابي ولن أنزعه، وفي حال فزت، سأظل متمسِّكة به؛ فالحجاب والأناقة لا يتعارَضان".



وكأنَّه لا يكفيها الشُّعور بالفشل صوَّبتِ الفنَّانة رصاصة قاتلة على ما تبقَّى من عزَّتها؛ فقالت: "أودّ أن أقول لكِ أمرًا... لا تَظُنّي أنَّني بأسئلتي هذه أدعوكِ لخلع الحجاب؛ بل على العكس من ذلك تمامًا، فأنا أشجّعكِ على التَّمسُّك به بقوَّة؛ ولكن هذا الميدان بالذَّات لا يصلح للمُحجَّبات لاعتبارات كثيرة لا يتَّسِع المجال لذكرها الآن"، وأجهزت عليها تمامًا حينما قالت: "إذا أكرمني الله تعالى بلبس الحجاب، فكوني على ثقة تامَّة بأنَّني سأعتزل الفن نهائيًّا... أمَّا المجالات التي ستكون ميدانًا لي فكثيرة منها: الطِّب.. التَّعليم؛ أمَّا الفن فلا".



طَعْم الهزيمة النَّفسيَّة كانت أشد مرارةً وأكثر وقعًا على نفس المُشْتَرِكة التي طَأْطأت رأسَها خجلاً، ولسان حالها يردد المثل الشائع: "أهل مكَّة أدرى بشعابها".



"نعتذر منكِ لقد انتهتِ المُقابلة"، ما إنْ سمعتْ هذه العِبارة حتى سارعت لترميم صورتها أمام أعضاء لجنة التَّحكيم؛ فانطلق صوتُها المخنوق ليقوم بهذه المهمَّة: "سيدتي دعيني أشرح لكِ".



وجاءها الردُّ قاطعًا وحاسمًا: "عفوًا... انتهتِ المُقابلة".



* أحداث القِصَّة مُستوحاة مِن موقِفَيْنِ حصلا في الحلقة الثَّالثة مِنَ الجُزْء الأوَّل للتَّصفيات من برنامج "سوبر ستار 5"، وأدَّيا إلى خروج المُتسابقتينِ المُحَجّبتينِ.






الساعة الآن : 02:16 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 8.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 7.91 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.17%)]