باب وجوه الإحرام وصفته











الشيخ عبد القادر شيبة الحمد








عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة، ومنا أهل بحج، وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج، فأما من أهل بعمرة فحل، وأما من أهل بحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر. متفق عليه.







المفردات:



وجوه الإحرام: أي أنواعه من الإفراد والقران والتمتع.



وصفته: أي كيفيته التي يكون فاعلها بها محرمًا.







خرجنا: أي من المدينة. وكان خروجهم يوم السبت لخمس بقين من ذي القعدة بعد صلاة الظهر بالمدينة أربعًا وبعد أن خطبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة علمهم فيها مناسك الحج وذلك سنة عشرة من الهجرة.







حجة الوداع: سميت حجة الوداع لأن النبي صلى الله عليه وسلم ودع الناس فيها فقالوا: هذه حجة الوداع كما جاء في صحيحه البخاري. وفي لفظ للبخاري ومسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر وهو يقول: خذوا عني مناسككم، لا أدري لعلي لا أحد بعد حجتي هذه. وهذا ينبئ أن الناس فهموا من هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعهم.







فمنا: أي فمن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.







أهل بعمرة: أي لبى العمرة وحدها فقال: لبيك عمرة وأراد أن يكون متمتعًا. والإهلال هنا هو رفع الصوت بالتلبية عند الدخول في النسك، والمرأة لا ترفع صوتها بالتلبية.







أهل بحج وعمرة: أي لبى بالحج والعمرة فقال: لبيك حجًا وعمرة وصار قارنًا.







أهل بحج: أي لبى بالحج وحده فقال: لبيك حجًا، وصار منفردًا.







فحل: أي فتحلل من إحرامه بعدما أدى مناسك العمرة من الطواف والسعي والحلق أو التقصير.







فلم يحلوا: أي فلم يتحللوا.











البحث:



قول عائشة رضي الله عنها: وأما من أهل بحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر. محمول على من ساق الهدي من هؤلاء، أما من لم يسق الهدي منهم فقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتحلل، فقد روى البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قال: خرجنا من النبي صلى الله عليه وسلم ولا نرى إلا أنه الحج، فلما قدمنا تطوفنا بالبيت، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من لم يكن ساق الهدي أن يحل فحل من لم يكن ساق الهدي، ونساؤه لم يسقن فأحللن. كما روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث حفصة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: يا رسول الله ما شأن الناس حلوا بعمرة، ولم تحلل أنت من عمرتك؟ قال: إني لبدت رأسي، وقلدت هديي، فلا أحل حتى أنحر. كما روى البخاري ومسلم من حديث جابر رضي الله عنه أنه حج مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم ساق البدن معه، وقد أهلوا بالحج منفردًا، فقال لهم: أحلوا من إحرامكم بطواف البيت، وبين الصفا والمروة، وقصروا، ثم أقيموا حلالًا، حتى إذا كان يوم التروية أهلوا بالحج واجعلوا التي قدمتم بها متعة فقالوا: كيف نجعلها متعة وقد سمينا الحج؟ فقال: افعلوا ما أمرتكم، فلولا أني سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم، ولكن لا يحل مني حرام حتى يبلغ الهدى محله. ففعلوا، وقد نقل غير واحد من أهل العلم الإجماع على أن الإنسان مخير بين أحد الأنساك الثلاثة: الإفراد أو القران أو التمتع. وليس أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يسق الهدي من المفردين والقارنين بالتحلل وجعلها عمرة دليلًا على بطلان الإفراد أو القران ممن لم يسق الهدي، بل أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبطل اعتقادًا جاهليًا إذ كانوا يعتقدون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض، ويجعلون المحرم صفرًا. ويقولون: إذا برأ الدبر، وعفا الأثر، وانسلخ صفر، حلت العمرة لمن اعتمر، قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رابعة مهلين بالحج، فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عندهم، قالوا: يا رسول الله أي الحل؟ قال: حل كله.











ما يستفاد من ذلك:



1- جواز الإحرام بأحد الأنساك الثلاثة من الإفراد أو التمتع أو القران.




2- أن من ساق الهدي من المفردين والقارنين لا يحل إلا يوم النحر.



3- أن من لم يسق الهدي من المفردين أو القارنين له أن يتحلل بعمرة.