ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى النحو وأصوله (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=122)
-   -   سُورَةُ النُّورِ وَالأَحْزَابِ، لاَ سُورَتَيْ النُّورِ وَالأَحْزَابِ (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=251290)

ابوالوليد المسلم 22-01-2021 12:12 AM

سُورَةُ النُّورِ وَالأَحْزَابِ، لاَ سُورَتَيْ النُّورِ وَالأَحْزَابِ
 
سُورَةُ النُّورِ وَالأَحْزَابِ، لاَ سُورَتَيْ النُّورِ وَالأَحْزَابِ

محمد تبركان

اعلمْ أنّ الكلامَ الفصيحَ هو ما استقامَ على سَنَنِ العربِ؛ فجرى على مَلفُوظ ألسنَتِهِم، واستقرَّ على مَرسُومِ مُكاتَبَاتِهم. وما بَايَنَ ذلك؛ فلا يُعَدُّ مِن كلامِهم ولا كَرامة. إلاّ ما قيس عليه[1].

وهنا استعمالٌ دَرَجَ عليه الأَقْدَمُون، وطُبِعَ عليه المُحْدَثُون، مِن العلماء، والشّعراء، والأدباء، والكُتّاب، بَلْهَ مَن دونَهم مِن عامّة النّاطقين بالضّاد.

ولعلّ أوّلَ[2] مَن كان له سَبْقُ التّنبيه إليه، والتّحذير منه، شيخُ المحقّقين العرب محمّد عبدالسّلام هارون في كتابه الماتع: (قُطُوفٌ أَدَبِيَّة)، وهذا منقولُ كلامِه بحروفِه.

قال – رحمه اللّه تعالى– في (ص461 - 462): (مُعْجَمَيْ استينجاس وريتشاردسن؛ وهذا تعبيرٌ مُولَّدٌ لا تَعرِفُه لغةُ القرآنِ. وقد أُولِعَ به المعاصرون، واستعملَهُ صاحبُ تاجِ العروس، والمصباحِ، وغيرُهما مِن اللّغويّين في إيرادِ شُروحِهم لبعضِ الكَلِم. ولو فكَّرُوا قليلاً لَعَدَلُوا عنه؛ لأنّ معناه أنّ لاستينجاس مُعجمين، ولريتشاردسن أيضًا مُعجمينِ، إذ قد يكونُ للمؤلِّفِ الواحدِ تأليفان. فالعطفُ يكونُ على المضافِ لا على المضافِ إليه. فكأنّكَ تقولُ: مُعْجَمَيْ استينجاس، ومُعْجَمَيْ ريتشاردسن. والصّوابُ: مُعْجَمُ استينجاس، وريتشاردسن ".

ثمّ إنّني حاولتُ جهدي، أن أُقلِّبَ النّظرَ في كلامِ العربِ المُعتبَر؛ عَلِّي أجدُ ما يشهدُ لهذا الاستعمالِ المشار إليه؛ والّذي شاعَ وذاعَ في القديم والحديث؛ حتى لا يكادُ يُعْلَمُ له مُنكِرٌ.

وقد وقفتُ على بعضِ ما لا يجوزُ اعتبارُه حُجّةً، لأسبابٍ يأتي بيانُها. وأعني به ما رُوِيَ في:
1- لسان العرب (7 /322 ع2): " وأنشد[3] لطرفة:
وفي الحَيِّ أَحْوَى يَنْفُضُ المَرْدَ شَادِنٌ = مُظَاهِرُ سِمْطَيْ لُؤْلُؤٍ وزَبَرْجَدِ "

الوقوفُ على معنى البيتِ كَفيلٌ بإزالةِ اللَّبسِ القائمِ بشأنِ جوازِ مثلِ هذا الاستعمالِ. وقد تَولّى ذلكَ ابنُ منظورٍ نفسُه؛ لأنّه قال قبلَ إيراده لهذا البيتِ: (والسِّمْطُ: الخيطُ ما دامَ فيه الخَرَزُ، وإلاّ فهو سِلْكٌ. والسِّمْطُ: خيطُ النَّظمِ لأنّه يُعلَّقُ، وقيلَ: هي قِلادةٌ أطولُ من المِخنَقَة؛ وإذا كانت القِلادةُ ذاتُ نَظمين فهي ذاتُ سِمْطَيْن).

2- وجاءَ فيه أيضًا (11 /415 - 416) قال كُثيِّرُ [عَزَّة][4]:
لقدْ سِرْتُ شَرْقِيَّ البلادِ وغَرْبَهَا = وقَدْ ضَرَبَتْنِي شَمْسُهَا وَظُلُولُهَا

[قال ابنُ منظور:] ويُروَى: لقد سِرْتُ غَوْرِيَّ البلادِ وجَلْسَها ".
ولا دليلَ في هذا البيتِ؛ لمَن تأمّل ضبط كلمة (شَرْقِيَّ).

3- شرح المعلّقات السّبع (ص168[5]): قالَ عَمرو بنُ كلثوم في وصفِ سَاقَي الجارية:
" 18- وَسَارِيَتَيْ بَلَنْطٍ أَو رُخامٍ = يَرِنُّ خَشَاشُ حَلْيِهِمَا رَنِينَا ".

ولا إشكالَ في هذا البيت؛ إذا علمتَ أنّ تقديرَه هو: وسارِيَتَيْنِ مِن بَلَنْطٍ، أو سَارِيَتَيْنِ مِن رُخَامٍ. ولا يستقيم أنْ يُحْمَلَ كلٌّ من البَلَنْط، والرُّخام على ساقَيْ الجارية في آن واحدٍ؛ لأنّه سيلزمُ منه أنّ للجارية ساقين إحداهما من بَلَنطٍ، والأخرى مِن رُخام!.
وحكايةُ هذا التّقديرِ تُغني عن رَدِّه.

4- شرح ديوان علقمة بن عَبَدَة الفَحل للأَعْلَم الشَّنتمري (ص71):
" 3- وَجيدِ غَزَالٍ شَادِنٍ فَرَدَتْ لَهُ = مِنَ الحَلْيِ سِمْطَيْ لُؤْلُؤٍ وزَبَرْجَدِ ".

يُقال في هذا البيت ما قيلَ في بيت طرفة بن العبد السّابق.

ويراجع:
1- أخطاء ألفناها (ص39)[6].


[1] وأعني به: القياس على النّظير ممّا ثبت في لغة العرب.

[2] ذا في حدود علمي.

[3] وهو في (ديوانا زهير بن أبي سُلمى وطرفة بن العبد ص20)، وشرح المعلّقات السّبع (ص66 البيت6).

[4] ديوان (ص259 إحسان عبّاس)، تاج العروس (29 /403).

[5] البيت في لسان العرب (7 /265)، والعين (7 /473)، وفيهما أنّ " البَلَنْطُ شيءٌ يُشْبِهُ الرُّخامَ إلاّ أنّ الرُّخامَ أَهَشُّ منه وأرخَى ". وانظر: العُباب الزّاخر (ص24 حرف الطّاء/بَلَنْط).


[6] لم تَطُل يدي هذا المرجعَ عند كتابةِ هذا التّحرير.





الساعة الآن : 03:38 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 10.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 10.38 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.90%)]