ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى العام (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=4)
-   -   سرقوك ومازالوا، هل ستفعل شيئًا؟ (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=199851)

ابوالوليد المسلم 17-04-2019 09:24 PM

سرقوك ومازالوا، هل ستفعل شيئًا؟
 
سرقوك ومازالوا، هل ستفعل شيئًا؟


أيمن فاروق محمد




من العجيب في الأمر: أنَّ اليد نفسها - والتي سجلت وشرعت ولأوَّل مرَّة رسميًّا لسرقة الأنظِمة الماليَّة العالمية - هي نفسُها المستمرَّة حتَّى الآن، ومن المدْهِش أنَّ المعْتَدى عليْهِم مازالوا يتلمَّسون هواء التَّغْييب!

نبدأ مع فِكْرة تَحويل المصارف من شكْلِها البدائي كمخزن للقيمة إلى وسيلة "استثمار"، حيث استحْدثت عمليَّة الإقراض بمرجوعيَّة ودائع العملاء، ومازال عملاء البنوك - نعم أنت واحد منْهم حتَّى لو لم تستثمر في أي بنك بشكل مباشر، كما سيتم إيضاحه فيما بعد - يَعْتَقِدون أنَّ عمليَّة الإقْراض تُغَطَّى بالكامِل من ودائعهم، وهنا الحقيقة!

حيث إنَّ أموال هؤلاء العملاء لا تمثِّل سوى نسبةٍ صغيرةٍ جدًّا من سلسلة الإقراض اللامنتهية، أو حتَّى يومنا هذا.

ألم تسأل نفسَك - ولو لمرَّة وبشكل عابر -: من أين تأتي الأموال التي في يدك؟

هل من عمليَّات الضَّخِّ التي تقوم بها الدُّول عن طريق الإشراف المباشر وفقط؟

لا، فعمليَّات الطَّبع الحكومي أيضًا لا تُمثِّل إلاَّ جزءًا يسيرًا من السيولة المتوفِّرة بالأسواق.

نعم، ماذا؟

نعم، لتتعرَّف على العلاقة بين فجْوة الإيداع والقروض من جِهة، والطَّبع الحكومي والسيولة المتوفِّرة من جهة أخرى.

نتابع معًا.

إيداع من عملاء المصارف يكون غطاءً افتراضيًّا لعمليَّة إقراض، يعقُبُه عمليَّة الإقراض الفعليَّة دون النظر إلى علاقة حجْم التَّغْطية الفعليَّة لأموال المودِعِين، وهل تكفي أم لا؟ (كيف؟) ومن أين ستأتي بقيَّة الأموال؟

إنَّها تأتي من مجرَّد توْقيع المقترِض على المبلغ الَّذي يسعى إليه؛ لتتحوَّل إلى وثيقة مالية (عمليَّة إنتاج وطباعة أموال تشرعها الحكومات بمرجوعيَّة سداد هذا الدَّين، بما يعني سيولة إضافيَّة أكبر من القيمة الفعليَّة لنقود البنك)، من منطلق أنَّ أصحاب تلك الودائع لن يأْتُوا جميعًا في توْقِيت واحد لاستِرْداد مدَّخراتِهم.
وهنا نجد أنَّ القيمة الحقيقيَّة لورقة البنكنوت أقلُّ بمراحل من القيمة العادلة، إذا ما تمَّت مقارنتُها بثروات البلاد وتَحويلها إلى غطاء ذهبي.

أضِفْ إلى ذلك أنَّ نفس الورقة تتناقَصُ كلَّما مرَّ عليْها حالة إقْراض إضافيَّة - العميل يذهب إلى البنك يطْلُب قرضًا يحمل بالتالي بفوائد، ثمَّ يتكوَّن المشْروع ويصدر عنه وحدات إنتاجيَّة؛ ليقوم المدَّخر الأساسي بعمليَّة الشِّراء وتحمُّل جزْءٍ من تلك الفائدة، ثم يعود المقترض ويسدِّد جزءًا من قيمة الوحدة إلى البنك نظير السَّداد، ويحتفظ بجزء "أرباح"؛ وللنَّظر معًا كمْ مرَّة تآكلت فيها قيمة الورقة النقديَّة تحت مسمَّى الفائدة وتوْزيعات الثروة غير العادلة.

وهنا لا أقصد بها عوائد المستثمِر في المطلق، وإنَّما في قيمة تلك الأرباح من وزْنِها السُّوقي - قدِّرْها كما تشاء بسلع أو ذهب، أو أي شيء يُساوي في النِّهاية مقدار المدَّخرات.

الآن، ماذا يَحدث إن تلاشتْ فرضية الصيارفة، وتجمع المدَّخرون في وقْتٍ واحد لاستِرْاداد أموالِهم؟

لا يوجد، وإن طالبت البنوك المقترضة بالسَّداد …. لا يوجد.

لأنَّها أموال تتناقص في كلِّ عمليَّة إقراض؛ نتيجة سعر الفائِدة كما أشرنا، والتَّوزيعات غير العادلة، بالإضافة إلى أنَّها أساسًا أموال لا تغطِّيها قيمة حقيقيَّة في المجتمع، كما تحدَّثنا - إلاَّ ما يقدِّمُه المقترِض من أصول كضمانات - هل تمعَّنتَ الآن فيما تقدِّمُه الدُّول من ضماناتٍ لِحُدود معيَّنة على ودائع عملاء البنوك، وبشكلٍ يتزايد كلَّما مرَّ الاقتِصاد العالمي بنوبةٍ من نوْبات نزْع الثِّقة؟

وهذا يفسِّر ما يَحدُث في الأزمات العالميَّة الكبرى: "انعِدام الثقة فقط كفيل بما نراه" وهنا تضْمحلُّ جدْوى ضخِّ السُّيولة، والتي نَراها منذ الأزْمة الماليَّة الأخيرة وحتَّى الآن من أغلب البنوك المركزيَّة العالمية، ودعْنا نبتسم قليلاً.

أرأيتَ - والآن - ممَّن تطالب تلك السيولة؟

هل من توْقيع على قرضٍ كما كان يحدث من قبل، حيث تستطيع حتَّى الحكومات الاعتِماد على الاستِدانة من هنا أو هناك؟

لا، بل من أموال حقيقيَّة من الموازنة "الجزء التي تضخه الدُّول من عملة مقدَّرة بقيمة ثرواتِها الفعليَّة".

لماذا؟ لأنَّهم مطالبون الآن بِسداد نقود حقيقيَّة، وبالتَّالي عليْهم بالحصول على أموالٍ موزايةٍ لها.

الثقة:
ودعْنا نتعمَّق أكثر في الأزمة الماليَّة الحاليَّة التي نُعاصِرُها؛ لنتعرَّف على المفتاح المتحكِّم "الثِّقة"، والذي دفع اهتزازه إلى عصيان أبْواب الخداع على صناعة دودة الدَّورة الماليَّة الوهميَّة.

أسعار الفائدة - والتي يتنكَّر منها الجميع الآن، ويدْعون صارخين مُطالبين بِتطْبيق النِّظام الإسلامي - بدأت القصَّة بما يعرف بتجَّار "الكاري تريدر"، وهم جَماعات ضخْمة من رؤوس الأمْوال تنطلِق بالاستِثْمار في النَّقْد نفسه، وتوجيهه من مكان إلى آخَر، بِما يُعْرَف أيضًا بنظريَّة "الأموال السَّاخنة" تبعًا للفُرَص.

والفُرْصة هنا فرْق سِعْرِ الفائدة بين الين الياباني واليوان الصيني، وعملات الغرْب خاصَّة الدُّولار الأمريكي، ممَّا يَجعل عملة الكتلة الأولى أرْخص من الثَّانية "الدولار"، ومن ثَمَّ يتوجه المستوْرِدون للشِّراء بالعملة الأقل وحدات أكثر، ممَّا دفع بالصَّادِرات الصينيَّة إلى ابتِلاع أي مُحاولة للكُتْلة الغربيَّة، كل هذا ولا ننسى جَماعات "الكاري تريدر"، وهم يستفيدون من فجْوة سعر الفائدة.

على حساب من؟"الكل مَدين بالنِّهاية، إذا حان وقت السَّداد العادل كما أشرنا من قبل".

حتى جاء اليوم الذي اضطرَّ فيه البنك الفيدرالي الأمريكي إلى مجاراة تَخفيض سعر فائدته، وهُنا كان إخلال بتوازُن نظام مالي عالمي مرتبط بأغلب الاقتصاديات الدوليَّة ومن جانب واحد؛ ممَّا دفع أصْحاب المدَّخرات - كما أشرْنا - إلى طلَب ودائِعِهم بشكل متسارع لَم يَحدُث من قبل؛ نتيجةَ فقْدِ الثِّقة في قدْرة المركزي الأمريكي - والمربوط به كافَّة الأنظمة العالميَّة، من سندات خزانة، واحتياطي نقدي، و … و … و - على إيقاف حرْب الفائدة بيْنه وبين الكُتْلة الشرقيَّة، وبالتَّالي فقْدان قيمة نُقُودِهم بِمقدار كلِّ تَخفيضٍ يتمُّ.

لكن أين الأموال؟ألم نتَّفق أنَّها وهميَّة، أو عفوًا حتَّى أكون أكثر دقَّة: أغلبها ضخَّ من بنوك تجاريَّة نظير ورقة توْقيع القرْض، عفوًا أكررها كثيرًا.

لأنَّها كرّرت معنا منذ بداية أول يد صارف سرَق بها القيمة الفعليَّة للنُّقود، والتي كان هدفها إجْراء التبادلات وقياس عادل للقِيمة وتَحويلها إلى سِلْعة متاجرة، تَخسر دائمًا في كلِّ جولة تدْوير، حتَّى يأتي اليوم والذي يَسأل فيه الجميع عن حقوقة، عفوًا: نصيبه المدين.

ووقتها...!




الساعة الآن : 07:17 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 9.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 9.46 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.98%)]