ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى مشكلات وحلول (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=51)
-   -   لا أحد يشعر بمعاناتي (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=251543)

ابوالوليد المسلم 26-01-2021 08:24 PM

لا أحد يشعر بمعاناتي
 
لا أحد يشعر بمعاناتي


أ. شروق الجبوري



السؤال
السلام عليكم ورحمته الله وبركاته.
أمَّا بعد، أنا فتاه أبلغ من العمر 22 عامًا، أنا لديَّ مشكلة كبيرة هي: أنَّ الناس يستحقرونني، دائمًا يقولون لي: أنت مسكينة ضعيفة، لا يوجد لديَّ أدنى صداقة، يمكن أن تكون هذه مشكلة نفسيَّة لديَّ أنَّ الناس لا تحبني، لماذا؟ وكيف؟ ولِمَ؟ أنا نفسي لا أدري! وإلى متى سأظلُّ على هذه الحالة أيضًا؟ لا أدري.

الحقيقة هي أنَّ لديَّ مشكلة نفسيَّة صَعبة، وأنا أعترف، وأرجو أنْ أذهب إلى طبيبٍ نفسي، لكن الفكرة إذا اقترحتُها على أهلي وطلبتُ منهم الذهاب إلى دكتور نفسي فسوف ألاقي العُنف.

دائمًا أنظُر وأقول في نفسي: أرجو الزواج، لكنَّ الزواج ليس بالشيء السهل، لا أتمنى أن أكون أمًّا، لكن أقول لنفسي: لماذا تذهَبين للعذاب؟ وأحيانًا أحسُّ بنظرة الشفقة بعيون الناس عليَّ، مع أني صغيرة، لكن جميع قريباتي تزوَّجنَ بأقل من سن 19، أحيانًا أدعو على نفسي بالموت؛ فأنا لا أحبُّ الدراسة بل أكرهها كثيرًا، وأيضًا لا أحب الصداقة، لا أريد أنْ أكون عالةً على غيري، أشعُر أنَّني عالة وهمٌّ على المجتمع.

لا أريد أنْ أطيل الكلام لكن مشاكلي كثيرة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الجواب
أختي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
نودُّ أولاً أنْ نُرحِّب بكِ في (شبكة الألوكة)، ونشكُر لكِ اختيارك لها في بحثك عن الحلِّ لمشكلتك، سائلين المولى القدير أنْ يُسخِّرنا لذلك ويُوفِّقنا إليه، إنه تعالى سميع مجيب.

كما أودُّ أنْ أثمن رغبتَك الجادَّة في تغيير ما ترَيْنه سلبيًّا في نفسك، واختيارك السبيل الصائب في هذا التغيير؛ وهو سؤال المختصِّين، وهي أمورٌ إيجابيَّة تُحسَب لك، وأرجو منك تعزيزَها واستثمارَها في عمليَّة التغيير الذي تنشدينه.

أختي الحبيبية، من سِياق رسالتك يبدو واضحًا أنَّك تُعانِين من نَظرةٍ دونيَّة للذات، فأنت ترَيْن نفسك - قبل أنْ يَراها الآخَرون أو تعتَقِدين برؤيتهم - أنها ضعيفة ومسكينة، ولا تستحقُّ إلا الشفقة.

وقد يكون هذا المفهوم لديك قد تَمَّ بناؤه خلال المراحل السابقة من حياتك، ولا سيَّما مرحلتي: الطفولة والمراهقة، والتي تكمن أهميَّتها في بناء شخصيَّة الفرد، ثم تكوين مفهومه عن ذاته وفق هذا الأساس.

كما يتَّضِح من خِلال أسباب خشيتك لرُدود فعل أهلك في مفاتحتهم بالرغبة في زيارة مختصٍّ نفسي - أنَّ أسلوب اللَّوم والتوبيخ الشديدين قد تَمَّ اعتِمادهما في عمليَّات التنشئة هذه؛ ممَّا جعلك تَصِفين ردَّ فِعلهم بالعنيف.

أمَّا الآن، وقد وصَلتِ إلى مرحلة النُّضج والقُدرة على التفكير بقدر معيَّن من الاستِقلال، فلا داعي للنظَر إلى الوَراء للبكاء على ما لم يكن، لكنَّ النظَر إليه يكون فقط للتعرُّف على الأسباب والمراجعة الناقدة؛ ليتسنَّى تجاوُز الخطأ وتصحيحه.

فأنت يا عزيزتي ترغَبين في الدراسة وعقْد الصداقات، لكنَّك لا تَقُومين بما يلزَم لأجلهما؛ والسبب هو خَشيتك وتوقُّعك السلبي للنتائج والمتمثِّل بالفشل؛ ولذا فإنَّك تُؤثِرين الانسِحاب من كلِّ شيء؛ لأنَّك تعتقدين أنَّك إنسانة ضعيفة، ولن تتمكَّني من مواجهة متطلبات هذه الأمور أو غيرها.

ولهذا، وبعد تشخيص أسباب مشكلتك هذه وما أشرتِ إليه ضِمنًا من مشكلاتٍ أخرى، في كونها تكمن جميعًا في مفهومك الخاطِئ عن ذاتك، فلا بُدَّ إذًا من عَزمك على إعادة تصحيح نظرتك ومفهومك إليه بشكل واقعي.

إذًا؛ أولى الخطوات وأهمها نحو التغيير السليم هي تغيير نظرتك لنفسك وتقديرها بما يُناسِبها؛ فأنت يا عزيزتي تهينين نفسك وعقلك اللذين منَّ - عزَّ وجلَّ - بهما عليك، والله - عزَّ وجلَّ - كرَّم بني آدم.

وهذا التغيير يتطلَّب منك جلسات تأمُّلية مع نفسك في خلوةٍ عن الآخَرين لتتفكَّري فيها بكلِّ ما لديك من نِعَمٍ يفتقدها آخَرون، وهي لا شكَّ كثيرة ولا يمكن إحصاؤها.

ثم عليك استِكشافُ ما تميلُ إليه نفسك من هوايات يمكنك من خِلالها تصريفُ الشحنات السلبيَّة الناتجة عن القلق والتوتُّر وغيره، كما تُعِينك على إثبات الذات لديك، وترفع ثقتك بنفسك، كما أنَّ الاشتِراك في الجمعيَّات والمراكز الخيريَّة بشَكلٍ تطوعي يُنمِّي فيك قُدرات إيجابيَّة عديدة؛ ومنها: الشعور بالرضا الذاتي، والذي أنت الآن بأمسِّ الحاجة إليه.

عزيزتي، إنَّ تحقيقك لأيِّ نجاحٍ في هذه المرحلة أمرٌ مهم في عِلاج حالَتك؛ حيث تخوُّفك وقلقك الكبيران من التوقُّعات والنتائج السلبيَّة، عزَّز في نفسك مشاعر خاطئة؛ لذا فإنَّ النجاح الآن يعني لك أمرًا يَفُوق في مَعناه ما يعنيه للآخَرين.

كما أنَّ توجُّهك إلى الله تعالى بالتضرُّع والدعاء لإصلاح شأنك كله، وما ترجين من ثقة أو عزم أو غيره - هو أمرٌ أساس، وسلاح فعَّال بيديك.

وأخيرًا: أختم بدعاء الله تعالى أنْ ينعم عليك برِضاه ثم بالرضا النفسي، ويمنَّ عليك بقوَّة المؤمن الروحيَّة والجسديَّة، وينفع بك، إنَّه تعالى سميع مجيب.





الساعة الآن : 12:05 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 10.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 10.31 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.90%)]