ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   روضة أطفال الشفاء (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=92)
-   -   طفلي يحب السمراوات .. (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=239697)

ابوالوليد المسلم 02-09-2020 05:51 AM

طفلي يحب السمراوات ..
 
طفلي يحب السمراوات ..
عبير النحاس


كانت تلك صرخة ألم نطقت بها أمٌ سمراء و هي تمسك طفلها شديد البياض والذي يشبه لون والده و يبلغ الرابعة من العمر فقط..
و بغض النظر عن السذاجة الواضحة في تلك الكلمات, والتي لا يمكن بحال من الأحوال أن تكون صادقة أو منطقية , فالطفل بالكاد يفهم ما معنى الألوان و بالتأكيد لن يعبر عن رأي كهذا بأية طريقة, و لن يصارح أمه بميوله نحو السمراوات في هذه السن المبكرة جدا..
فالجملة أخرجت من صدر تلك الأم السمراء صرخة ألم مكبوتة في قلوب الكثيرات من فتياتنا اللواتي يعتبرن ضمن مجتمعهن من ذوات البشرة السمراء, و في بلادنا تعتبر صاحبة البشرة القمحية من مجموعة السمراوات أحيانا.
http://www.m5zn.com/uploads3/2012/6/...fuqnv2ne75.png
نحن كآباء من نعزز لديهم فكرة تفوق الحسن الفاتح ..
بقصد أو بدون قصد تزرع عباراتنا في نفوس بناتنا تلك الفكرة الغبية التي تحكي تفوق البيضاوات على السمراوات في الجمال و الحسن و سعادة الحب.. ونكسر فيهن اعتدادهن بأنفسهن ومحبتهن للون بشرتهن ونجعلهن دون أن ندري كارهات لأشكالهن راغبات في جمال الأخريات.
لا شك أن لهذا الكلام أصل و صحة نراها في الكثير من الحالات.. ولكنه كلام يعبر فقط عن تلك المرحلة التي تكون فيها الصبية شابة و صغيرة في السن و يمنحها لونها الفاتح شيئاً من التوهج و تتمكن من ارتداء أي لون دون أن تلتفت أو تراعي درجته أو تخشاه كما يحصل مع ذوات البشرة الغامقة.
و لكن و بقليل فقط من الذوق و الذكاء تستطيع تلك السمراء أن تبدو ساحرة أيضا عندما تعرف الأم كيف تختار لها ما يناسبها و يليق بها و يبرز ما لديها من جمال و هي صغيرة ثم تدربها على هذا الأمر عندما تكبر.
http://www.m5zn.com/uploads3/2012/6/...fuqnv2ne75.png
و لكن إلى متى يبقى هذا الكلام صحيحا و مقبولا ؟
برأيي كمُدرسة أن نهاية هذه الفكرة تبدأ عند أعتاب المدرسة الابتدائية و ربما قبلها في بعض الأحيان؛ فنحن كمدرسات قد ننبهر بتلك الفتاة الشقراء الفاتحة الحسناء و لكن سرعان ما يفقد هذا الحسن بريقه عندما لا يتوج هذا الحسن ذكاء متقد و لباقة و أناقة و نظافة و اهتمام و جد و اجتهاد, و أكاد أجزم أن هذا ما يحصل أيضا مع العرائس في بيوتهن فسرعان ما يبدأ الزوج بالبحث عن ميزات عروسه الأخرى بعد أن تنتهي فرحته بكونها بيضاء البشرة, وهنا قد تنهار أيضا تلك الفكرة عندما لا تبدو عروسنا ماهرة كربة منزل مثلاً, أو أن هناك خللا ما في أنوثتها, أو علاقتها بزوجها, و عندما لا تعرف كيف تربي أطفالها, و غير هذا من مهام الزوجات و الأمهات.
ينطبق هذا على السمراوات أيضا و لكننا نذكره لأنه ينفي تلك القصة التي تربط الحب و السعادة و الهناء بالجمال الفاتح.
http://www.m5zn.com/uploads3/2012/6/...fuqnv2ne75.png
متى تنهار الفكرة تماماً؟..
فقط عندما تبدأ الصبية بالدخول في مرحلة الشباب و يبدأ التقدم في العمر يلقي بظلاله على جسدها ووجهها و بشرتها و يبدأ هذا في سن الثالثة و الثلاثين وربما أبكر عند البعض و حينها نلقي جانبا اللون و نبدأ بالنظر إلى أشياء أخرى كشخصية تلك السيدة.. و أخلاقها.. و تعاملها مع الآخرين ..و ما أنتجته في حياتها, ثم نتوجه بعدها نحو شكلها و مظهرها لنقدر فيها أمورا ربما يصطف لونها الفاتح في أخر قائمتها؛ فننظر إلى عنايتها ببشرتها.. و بشعرها.. و حفاظها على رشاقتها ..و أناقتها.. و جسدها المشدود.. و أعتقد أن الرجال يفعلون هذا أيضا, وبالتالي فسمراء مثقفة.. حنونة.. أنيقة.. رشيقة.. ستجد من الحب و التقدير ما يفوق ذلك الذي تجده بيضاء.. غبية.. أو مشاكسة.. أو متعجرفة أو مترهلة ومهملة لنفسها.
http://www.m5zn.com/uploads3/2012/6/...fuqnv2ne75.png
فضلت تلك السمراء يومها..
في إحدى الاجتماعات النسائية وجدتني أجلس قبالة سيدتين كانت الأولى قد اقتربت من الستين من عمرها و كانت ملامح جمال قديم تزين محياها و كان لونها الفاتح يبدو جميلا مع تلك الصبغة التي اختارتها و لكن من بجانبها غطت عليها عندما بدت مشدودة القامة و رشيقة, و قد قصت شعرها قصة تنتمي للعام الحالي, و كانت رغم قلة حظها من الحسن ورغم لونها الأسمر الغريب قد شدت انتباه الجميع ونالت إعجابهن لعنايتها الفائقة بنفسها, و لثقافتها الرفيعة, وطريقتها الأنيقة في الحديث, ولم تعد عيني ترى الجميلة البيضاء المترهلة رغم لونها الفاتح المضيء ورغم أنها تصغر جارتها في المجلس بسنوات عديدة.
http://www.m5zn.com/uploads3/2012/6/...fuqnv2ne75.png
لقد عرف التجار نقاط الضعف في مجتمعاتنا
عرف التجار أخيرا تلك الخصلة التي تسكن مجتمعاتنا و بدأ عزفهم على وتر نفوسنا المتعبة, وبدأت ثورة المبيضات و خلطات التبييض والكريمات باهظة الثمن, ولم يخف عليهم أمر الملحقات و المتممات كالصابون المبيض والغسول الذي يفتح البشرة, وما صنع من برادة الذهب و مسحوق اللؤلؤ و غيره من مواد ما أنزل الله بها من سلطان واجتاحت عوالم الشرق تلك الموجة بطريقة مرعبة بينما ما زلنا نرى فتيات الغرب يسعين نحو الشمس والأجهزة التي تمنحهن لونا برونزيا و ربما تمنحهن أمراضا خطيرة أيضا و يتقبلن الأمر في سبيل الحصول على لون تكرهه فتياتنا و يهربن منه بدلا من تقبله و حبه والفخر به.


الساعة الآن : 07:09 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 8.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 8.66 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.07%)]