ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى الاسلامي العام (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=3)
-   -   ليلة القدر (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=201391)

ابوالوليد المسلم 16-05-2019 04:11 AM

ليلة القدر
 
ليلة القدر

مراد باخريصة






لقد مضى من شهركم الثلثان وبقي منه الثلث الأخير وبدأت أيامه الثمينة ولياليه الفاضلة بالانتهاء والزوال ولم تبقى منه إلا العشر الأواخر العشر الحسان العشر الفاضلة.


عشر ليال فاضلات؛ تتنزل فيها الرحمات وتكثر فيها الخيرات وتتنزل فيها الملائكة والروح وهو جبريل عليه السلام.


عشر كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها ويعمل فيها من أنواع العبادات وألوان الطاعات والقربات والأعمال الصالحات مالا يعمله في سواها تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها وتقول رضي الله عنها كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخلت العشر شد مئزره أي اعتزل نسائه وأحيى ليله وأيقظ أهله.


عشر فيها ليلة القدر التي يفرق فيها كل أمر حكيم ويقدر فيها ما سيكون ويحدث في تلك السنة بإذن العليم الحكيم ويفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة من الملائكة أمر السنة وما يكون فيها من الآجال والأرزاق.


وسميت بليلة القدر لشرفها وعلو قدرها فالعبادة فيها تعدل أكثر من عبادة ألف شهر وسميت بذلك أيضاً لأنها تقدر فيها مقادير العام ويعطى كل ملك المهام التي سيقوم بها خلال العام من كل ما هو مقدر ومكتوب.


إنها ليلة مباركة وصفها الله سبحانه وتعالى بالبركة لكثرة خيرها وعظيم نفعها وكثرة ما يعتق الله من العبيد فيها من النار يقول سبحانه وتعالى إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين" ومن بركاتها أن الملائكة تتنزل فيها من السماء وعلى رأسهم جبريل عليه السلام حتى صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى ومن أعظم بركاتها ابتداء نزول القرآن فيها على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال تعالى في سورة كاملة سماها باسمها "سورة القدر" فقال ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 1-5].

ليلة تفضل الله بها علينا وعوضنا فيها عن قصر أعمارنا وضعف عبادتنا وقلة طاعتنا وذكر في سورة القدر فضائل متعددة لها فذكر أنه أنزل القرآن فيها ثم استفهم فقال وما أدراك ما ليلة القدر وهذا فيه دلالة على تعظيمها وتفخيمها ثم ذكر أنها خير من ألف شهر وذكر أن الملائكة تتنزل فيها وهم لا ينزلون إلا بالخير والبركة والرحمة ثم ذكر أنها سلام لكثرة السلامة فيها من العذاب والعقاب.


ليلة أبهمها الله فلم يحددها بالضبط أي ليلة هي ليتنافس عليها المتنافسون وليتميز المشمرون المجدون من الكسالى والمفرطين لأن الناس إذا علموها فسيقتصر أكثرهم على قيام تلك الليلة دون سواها من الليالي ولذلك أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنها تكون في العشر الأواخر من رمضان وأنها في الأوتار وجاءت أحاديث بأنها ليلة إحدى وعشرين وأحاديث بأنها ليلة ثلاث وعشرين وخمسة وعشرين وسبع وعشرين وتسع وعشرين وقد تكون في الشفع لا في الوتر.

عباد الله:
من علامات تلك الليلة أنها ليلة صافية بلجة كأن فيها قمراً ساطعاً ساكنة ساجية لا برد فيها ولا حر ثم تطلع الشمس في صبيحتها مستوية لا شعاع لها مثل القمر ليلة البدر يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "ليلة البدر سمحة طلقة لا حارة ولا باردة تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء.


تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يا رسول الله أرئيت إن علمت أي ليلة هي ليلة القدر ما اقول فيها قال قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني".


إنه الإكثار من الدعاء والإكثار من طلب العفو والغفران والعفو عما كان.


إنها ليلة العتق والمباهاة والقرب والمناجاة فيا حسرة من فاتته تلك الليلة ويا أسفى على من لم يجتهد فيها ويترك لذيذ النوم وحب الراحة والكسل ولم ينصب قدميه ويدفن خموله وفتوره طلباً لرضا الله وعفوه ورحمته فاجتهدوا رحمكم الله فيها وتقربوا إلى الله بصالح الأعمال فإن نبينا - صلى الله عليه وسلم - أمن على دعاء جبريل عليه السلام حين قال رغم أنف رجل أدركه رمضان فخرج فلم يغفر له فأبعده الله فقل آمين فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - آمين يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه".


أيها الصائمون:
إنها ليال محدودة وساعات معدودة من قامها كلها فمن المؤكد أنه سيدرك ليلة القدر ومن تكاسل ليلة من هذه العشر الليالي فلربما فاتته تلكم الليلة فترقبوا الفرصة قبل فواتها وخذوا حظكم من الغنيمة قبل انتهائها وبادروا بالأعمال الصالحة فإن المرء لا يدري فلعل هذه الليالي تكون هي لياليه الأخيرة في هذه الحياة ولربما يكون عامه هذا هو العام النهائي في هذه الدنيا.

يا رب عبدك قد أتاك http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وقد أساء و قد هفا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

يكفيه منك حياؤه من http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
سوء ما قد أسلفا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

و قد استجار بذيل عفوك http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
من عقابك مذ جفا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

رب اعف عنه و عافه http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فلأنت أولي من عفا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


أروا الله من أنفسكم خيراً وقوموا لصلاة التهجد في الأسحار وأظهروا الذلة والانكسار وأكثروا من الدعاء والتضرع والابتهال للعزيز الغفار.


حاولوا أن تحيوا سنة الاعتكاف سنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - التي لم يتركها في هذه العشر قط لأن الاعتكاف أفضل وسيلة لترصد ليلة القدر والتعرض لها ومن لم تسمح له ظروفه فليكثر من المكث في المسجد وليقطع علاقته بكل الأغراض الدنيوية وما يمكن تأجيله من الحاجات والمصالح فإن لم يستطع فليعش في خلوة مع ربه ولو كان في بيته أو متجره أو مقره وليوقظ الرجل أهله وزوجته وأولاده وليحثهم على العبادة والقيام ويبعدهم عن كل الصوارف والملهيات حرصاً لهم على اغتنام هذه الليالي المباركة تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخلت العشر أحيا ليله وأيقظ أهله وشد مئزره فمن منا يوقظ ويأمرهم بالتهجد والقيام في هذه العشر الأواخر.

أيها الصائمون:
إن الأعمال بالخواتيم فأحسنوا الختام فلم يبقى من رمضان إلا الثلث الأخير فاغتنموه بالعزائم الصادقة والنيات الصالحة وبذل المعروف والإحسان وقوموا في الدجاجي خاضعين لله ساجدين له شاكرين لفضله وبره راجين ومؤملين في عفوه ورحمته ومستجيرين مستعيذين من أليم عذابه وعقابه فإن الله سبحانه وتعالى يقول ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة: 186] يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه".




الساعة الآن : 11:37 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 14.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.13 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.66%)]