ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الشباب المسلم (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=94)
-   -   أساتذتنا السادة العلماء (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=226281)

ابوالوليد المسلم 17-02-2020 12:21 AM

أساتذتنا السادة العلماء
 
أساتذتنا السادة العلماء


د. محمد دامس كيلاني







أحكام الإسلام وشريعته هي أمر الحق - سبحانه وتعالى - وهو الذي أمر وأوجب إقامة أحكامه، وإن تطوُّرَ الحياة المعاصرة التي نحيا في كل جوانبها، وتَجدُّد أشكالها، واختلاف أوضاعها وَفْقًا لاختلاف الزمن، إنما هي سُنَّةٌ من سننه سبحانه، ومن المُستَحيل إذًا أن يتصادَمَ أو يُصادم شرعُ الله سننَه.

المُستجدّات كثيرة ومُتعدِّدة، والمسار الواقعي والحقيقي بذات الوقت والعقلاني أن يكون أساتذتنا العلماء على الدوام بكامل جاهزيتهم، وعلى أهبة الاستعداد للتصدِّي لأي جديد، سواء كان هذا الجديد موقفًا أو نظامًا عصريًّا مُستَحدثًا؛ وذلك ليقومَ علماؤنا - بُورِكَت هِمَمُهم - بقياسه على مبادئ إسلامِنا الحنيف، حيث نصوصه ومقاصده العامة، فما شَهِدَ له شاهد منها (قَبِلوه) وألحَقوه به؛ لعلهم يرفعون عنا وعن جيلِنا المُعاصِرِ الحرَجَ حال القبول له، وإن منَعَه مبدأ من مبادئ إسلامنا، أو اصطدم اصطدامًا لا سبيل لرفعه بنص من النصوص، (رفضوه) بيقين منهم وسارعوا إلى إثبات ذلك للعالم أن المصلحَة هي رفضه، وأشهروا وأعلنوا ذلك للناس كافة، وإن لم يشهَد له شاهد من نصوص، ولم يَصطدم مع ذلك بشيء (تركوه على إباحته الأصلية) وَفقًا لما فَهِمَه العلماء... وعندها يكون أمام الناس كافة الخيار الكامل، فمن شاء أخذ به ومن شاء تركه، مُستدلِّين بأخذهم أو تركهم بما يرون فيه المصلحة العامة والرعاية لمصالِحِهم، وعندها لن يكون عليهم إثم ولا حرج في كلتا الحالتين.

أساتذتنا العلماء الأجلاء عندما يتصدون لهذا القياس يَجتهِدون (يبذلون جهدَهم) في بعض الأمور، يجتهدون في فَهم المبادئ وتفسير النصوص، والموقف أو الحال المُستحدَث الذي يقيسونه على تلك المبادئ والنصوص، ومِن ثمَّ يَبذُلون الجهود مع الجماعة كلها؛ سعيًا لاكتشاف وجود المصالح أو المفاسد التي تتحقق بقبول الجديد من النظم وأشكالِ الحياة والأوضاع، هل تقومون بهذا أساتذتنا العلماء الأفاضل؟.

إن تردَّدكم - معاشرَ السادة العلماء - أو رفضكم - جميعكم أو بعض منكم - للقيام بهذا الواجب، فكيف تروننا سنتمكن من إزالة الأسباب؟.

الأمثلة للمسائل التي تحتاج - بل هي بحاجة ماسة - إلى رأي قاطع، كثيرة ومُتعدِّدة، ولعل ما ألمس كثرة الشكوى منه على سبيل المثال لا الحصر: البنوك، المؤسَّسات المالية، المؤسَّسات الائتمانية، الفائدة التي يتعامل الجميع معها، هل لعلماء الإسلام من لقاء يَجمعهم وفقهاء وأساتذة علماء الشريعة واقتصاديين وسياسيين؟! ما فتئ الجميع حتى اللحظة إما أنه مُمسِك عليه ماله، وإما يَسير مع الواقع فوق استِشعاره بأن شُبهةً تُلاحقه، مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت والفضائيات، الموسيقا والمعازف بحديثها وما كانت عليه بقديمها، الزكاة - وهذه حالة تشمل نسبةً عاليةً من مجتمعنا تستحقُّ اتِّخاذ أولويات البحث - بين أدائها وبين الضرائب الحكومية التي تزيد بكثير عن نسبتها.

إذا التزمتم - علماءنا - بالصمت الذي لا تزالون عليه، فبماذا تُجيبون عن أن الإسلام برَوعتِه وتميزه وخلوده والاجتهاد فيه صالح لكل زمان ومكان؟.

لئن كان بعضُكم أو جميعكم عاجزين عن الاجتهاد - لا قدر الله - أو أنكم مُتردِّدون في ممارسته، فاسمَحوا لي تذكرتكم أن في مسألة الاجتهاد أمرًا مهمًّا جدًّا، بأن صاحب الرأي إذا وافق برأيه فريقًا، فلا بد وأنه قد خالف فريقًا آخر، وهنا لابد من أدب القول: إن أخانا اجتهد فأخطأ، فهو مأجور بإذنه تعالى أو معذور، وليس من المنطقي وما أظنه من الشرعي ما نَسمعه من إجهاز على الرأي المُعارِض، واتهام صاحبه بالإثم والخطأ والعداوة.


إنها قضايانا برمَّتها وهي ليست بالقضايا التي تخص العلماء فحسب، وليست بقضايا الجيل المُعاصِر فقط، بل هي قضايا الأمة بأكملها، وإنَّنا والله طال انتظارنا للكلمة الفصل من علمائنا الأجلاء؛ لأنها ستكون الكلمة الدالة على الهدى؛ ليقيم الجيل المعاصر ومن معه الحياة بناءً عليها دونما إحساس بأي تناقض أو حرج أو مخالفة لأمره - سبحانه وتعالى - أليست هي أمانة من ضمن العلم الذي حُمِّلتُموه؟!.

أساتذتنا العلماء الأجلاء، أستحلفكم بالله أن لا تتركونا بلا رأي منكم؛ كي لا يبقى الهوى أمامنا فتفترق به السبُل، أو نُقلِّد فيَتجمَّد فكرُنا.




الساعة الآن : 09:22 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 7.63 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 7.54 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.23%)]