ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى اللغة العربية و آدابها (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=111)
-   -   خرخش.. لكن لا تسئ إلى الرموز (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=280428)

ابوالوليد المسلم 14-08-2022 07:23 PM

خرخش.. لكن لا تسئ إلى الرموز
 
خرخش.. لكن لا تسئ إلى الرموز


نايف عبوش










أخذت الحقيقة المحمدية للذات الشخصية للرسول الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - كما هو معروف، معنى الرمزية المطلقة عند جميع المسلمين، باعتباره نموذج التأسي النبوي للإنسانية، في تكامل الفضائل المطلقة، والقيم النبيلة: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21]، فكان بتلك المناقب المثالية العالية وعاءً للفضيلة المطلقة: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، حيث تجسد فيض خلقه الرفيع على الإنسانية والعوالم الأخرى بالرحمة التي أضفاها عليه رب العالمين بقوله: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].




ولذلك فإن مساحة الحرية في التعامل مع المقدسات من الرموز الدينية، والقيم الأخلاقية، وعلى رأسها النبي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - الذي يتربع على قمة هرمها عند العرب والمسلمين جميعاً، تحتم أن تكون خارج حدود المساحات الحرة التي يمارس فيها الشاعر تقنياته لتوظيف مفردات التراث في المضمون، عند صياغته لنصوصه. فمع أن التوظيف من الأمور الابداعية المحمودة في الأدب، وبخاصة عندما تستولد نصوصا رصينة، وبناءة، باعتبار أن التوظيف هو المجال الذي تتجلى فيه مهارات الأديب المبدع بأروع صورها، إلا أنه سيكون عديم الجدوى عندما يبث في مضامين سيئة، لا تزيد النص إلا ركة، وانحدارا، واستهجانا.




وإذا كان المتلقون لا يريد من الشاعر سعدي يوسف في ممارسته التوظيف في أدواته النظمية أن يكون واعظاً، إلا انهم يريدون منه في نفس الوقت، حدا أدنى من الالتزام يراعي فيه مشاعر الآخرين، بعدم تجاوز حدود الحرية الممنوحة له في التوظيف، وعدم مس الرموز المقدسة التي يبجلونها، حتى وإن كان الشاعر قد لا يقدسها لأي سبب كان، خاصة وأن الشاعر لا يكتب لنفسه فقط، ومن ثم فأنه مطالب بمراعاة احترام هيبة الأمة، وتاريخا، ورموزها في نتاجاته.



ومع أن مداخل تناول قصيدته النثرية الأخيرة (عيشة بنت الباشا) التي نشرها بتاريخ 16/ 11/ 2013، تتفاوت بحسب الزاوية التي ينظر منها الكاتب، أو الناقد، إلى النص، فإن هذا المدخل قد انصب على مدى انفلات الشاعر في بواحاته، وعدم تقديسه لهذه الرموز العظيمة، التي لقيت إعجابا في مناقبياتها الفاضلة، حتى من بين غير المسلمين وعلى مر العصور.




وبغض النظر عن الدوافع التي دعت الشاعرلنسج هذا النص غير الموفق مضمونا، ونظما، سواء كانت هذه الدوافع فنية، أم فكرية، أم بحثا عن الإثارة لجلب الانتباه، أم كانت أخرى غيرها، فإن الأمر لن يعدو كونه تعبيرا عن إفلاس أدبي، وتراجع فني في مسيرته الشعرية، مما يعني أن هذا الشاعر لم يعد قادراً على أن يأتي بجديد يقدمه لمتلقيه، فلجأ إلى المس بالمقدسات بقصد الإثارة، وجلب الانتباه، بعد أن نضب عطاؤه، وأجدبت موهبته، وتيبست قريحته، وتهافتت شاعريته، بتقدم عمره، وانحسار الأضواء عنه.









الساعة الآن : 11:05 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 6.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 6.86 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.35%)]