ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=81)
-   -   في محبة الله ومحبة نبيه - صلى الله عليه وسلم - (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=214796)

ابوالوليد المسلم 20-10-2019 06:10 AM

في محبة الله ومحبة نبيه - صلى الله عليه وسلم -
 
في محبة الله ومحبة نبيه














- صلى الله عليه وسلم -



الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل





الحمدُ لله، الذي أوجب محبّته ومحبّة نبيه على سائر خلْقه، وجعل اتّباع نبيِّه علامةً على حبّه، وبيَّن الطريق الموصلة إلى مرضاته، وأمَر بسلوكه، ونهى عن اتِّباع الهوى والشيطان، وحذَّر مِن مكْره وكيده، فقامتِ الحُجَّة على خلقه.






قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [الأنعام: 153].





أحمده - سبحانه - حمْدَ عبدٍ عَرَف الله حقَّ معرفته، وأشكره، وبالشكر يزداد العبد من نِعم ربه، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، الهادي لأمته بالدَّلالة والإرشاد، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه، الداعين بدعوته، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.





أمَّا بعدُ: فيا عباد الله:


اتَّقوا الله - تعالى - واعلموا أنَّ الله - سبحانه وتعالى - قد أوجبَ عليكم محبَّتَه ومحبَّةَ نبيِّه، والانقيادَ لأمره وأمر نبيَّه، وحذَّركم مِن مخالفة أمْره وأمر نبيِّه، وكراهةِ ما أحبَّه الله ورسوله، ومَن أحبَّ اللهَ وأحبَّ رسولَه انقاد لأمْر الله وأمْر رسوله، وانتهى عمَّا نهى الله عنه ونهى عنه رسولُه، وإلّا لم يكن صادقًا في دعواه؛ قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [آل عمران: 31].





فمَن أحبَّ الله انقاد لأمْرِه، ومَن كرِه ما أحبَّه الله ولم يمتثلْ أمر الله خاب وخسِر في آخرته ودُنياه؛ قال - تعالى -: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [محمد: 9]، وقال - سبحانه وتعالى -: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [محمد: 28].





فالواجبُ على العبد أن يحبَّ ما أحبَّه اللهُ ورسولُه، ويكرَهَ ما يكرهه اللهُ ورسولُه، وأنْ يحبَّ لله، ويرضى لله؛ لينال الفوزَ والثَّواب من الله، ويكون مؤمنًا صادقًا في إيمانه.





ففي الصحيحين عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ثلاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَد بهنَّ حلاوةَ الإِيمان: أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه ممَّا سواهما، وأن يُحبَّ المرءَ لا يحبُّه إلَّا لله، وأن يكره أنْ يعودَ إلى الكُفر بعدَ أن أنقذه الله منه كما يكْرَه أن يُقذَفَ في النَّار))[1].





واعلموا - رحِمكم الله - أنَّ المحبَّة الصحيحة الصَّادقة تَقتضي المتابعة والموافقة في حبِّ المحبوبات وبُغض المكروهات، فعلَى العبد أن يقدِّم محبَّة الله ومحبَّة رسوله ومحبَّة ما يحبُّه الله ورسولُه على سائرِ محبوبات نفسه؛ لينالَ ثواب الله ويسلَمَ مِن عقابه؛ قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ﴾ [التوبة: 24].





فيا عباد الله:


تفقَّدوا أحوالكم، واعرِفوا كيف محبَّتُكم، فمَن أحبَّ الله ورسولَه محبَّةً صحيحةً صادقةً من قلبه أوجَب له ذلك أن يحبَّ بقلبه ما يُحبُّه اللهُ ورسولُه، ويكرَهَ ما يكرهه الله ورسولُه، وأن يعمل بجوارحِه بمقتضى هذا الحبِّ والبُغض، فإنْ عمِل بجوارحه شيئًا يُخالف ذلك دلَّ على عدم محبَّته الواجبة، فعليه أن يستغفرَ الله ويتوبَ إليه مِن ذلك، ويرجع إلى تكميلِ المحبَّة الواجبة.





واعلموا - رحِمكم الله - أنَّ جميعَ المعاصي إنَّما تنشأ من تقديمِ هوى الإنسان على محبَّةِ الله ورسولِه، فعليكم بالتوبة إلى الله والرجوع إليه في جميعِ أحوالكم، واحذروا مِن تقديمِ هوى النفْس وطاعة الشيطان على مرضاةِ الله، فإنَّ الخيرَ والسعادة في طاعةِ الله ورسوله، والشرَّ والخسران في هوى النفْس وطاعة الشيطان.





ومِن أخطر ما وقَع الكثيرُ فيه هو التعلُّق بالدنيا والافتتان بها، فقدْ يحمل ذلك العبدَ إلى أن يقدِّم مرضاة الآخرين ممَّن يرجو نفعَهم على مرضاةِ الله، فيحسِّن أقوالهم وأفعالهم الباطلة، أو يُظهر الرِّضا بها؛ ليكسبَ ودَّهم وصداقتهم من أجلِ حُطام الدنيا يؤمِّل الحصول عليه، ومِن ذلك التعصُّب القَبَلي الذي يحصُل عندَ أكثر الناس، فحين يقع أحدُ أفراد القبيلة في باطل، أو يرتكب محرَّمًا يظهر له الأعوان والمدافعون عنه.





وقد يكون البعضُ صالحًا في نفسه ولكن التعصب للقبيلة يُنسيه دِينَه وطاعته فيُهلك نفْسه وصاحبه بالتعاون على الباطِل، وينتشر الضَّرر والدَّمار بتقديم رضا المخلوق على رِضا الخالق.





فاتَّقوا الله يا عباد الله، واحذروا عواقبَ الأعمال السيئة وحاسبوا أنفسكم قبلَ القدوم على الله.





أعوذ بالله مِن الشيطان الرجيم؛ قال الله العظيم: ﴿ فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 37 - 41].





بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفَعَني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذِّكْر الحكيم، وتاب عليَّ وعليكم إنَّه هو التواب الرحيم.





أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.







[1] أخرجه البخاري رقم (16) - الفتح: (1/60).




الساعة الآن : 02:02 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 10.53 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 10.43 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.89%)]