ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى القرآن الكريم والتفسير (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=57)
-   -   ما فسره الإمام الزركشي من سورة الفجر (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=237618)

ابوالوليد المسلم 03-08-2020 02:51 AM

ما فسره الإمام الزركشي من سورة الفجر
 
ما فسره الإمام الزركشي من سورة الفجر
د. جمال بن فرحان الريمي










﴿ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ [الفجر: 5]
قال رحمه الله: قد تأتي "هل" بمعنى التمني، قال تعالى: ﴿ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ [الفجر: 5] [1].


﴿ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ﴾ [الفجر: 13]
قوله تعالى: ﴿ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ [الفجر: 13]، ينبي عن الدوام، والسوط ينبي عن الإيلام، فيكون المراد والله أعلم: تعذيبهم عذابًا دائمًا مؤلمًا[2].


﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ﴾ [الفجر: 15]
قوله تعالى: ﴿ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ [الفجر: 15]، ﴿ رَبِّي أَهَانَنِ [الفجر: 16][3]، هذا الإنسان يعتبر منزلته عند الله في الملكوت بما يبتليه في الدنيا، وهذا من الإنسان خطأ؛ لأن الله تعالى يبتلي الصالح والطالح لقيام حجته على خلقه[4].


﴿ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾ [الفجر: 21، 22]
قال رحمه الله: جعل ابن مالك وابن عصفورمنه - أي من التوكيد الصناعي -: ﴿ دَكًّا دَكًّا ﴾ [الفجر: 21] و﴿ صَفًّا صَفًّا ﴾ [الفجر: 22][5]، وهو مردود؛ لأنه جاء في التفسير أن معنى ﴿ دَكًّا دَكًّا ﴾ [الفجر: 21]: دكًّا بعد دكٍّ، وأن الدكَّ كُرِّر عليها حتى صار هباءً منثورًا، وأن معنى: ﴿ صَفًّا صَفًّا ﴾ [الفجر: 22]: أنه تنزل ملائكة كل سماء يصطفون صفًا بعد صف، محدقين بالإنس والجن، ولو اقتصر على الواحد لا يحتمل صفًّا واحدًا، وعلى هذا فليس الثاني منهما تكرارًا للأول، بل المراد به التكثير، نحو: جاء القوم رجلاً رجلا، وعلمته الحساب بابًا بابًا[6].


وقوله تعالى: ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ [الفجر: 22] ،أي أمره أو عذابه أو ملائكته؛ لأن العقل دلَّ على أصل الحذف، ولاستحالة مجيء الباري عقلاً؛ لأن المجيء من سمات الحدوث، ودلَّ العقل - أيضًا - على التعيين، وهو الأمر ونحوه، وكلام الزمخشري يقتضي أنه لا حذف البتة، فإنه قال: هذه الآية الكريمة تمثيل، مُثِّلت حاله سبحانه وتعالى في ذلك بحال الملك إذا حضر بنفسه[7].


وقال رحمه الله: قد يخرج الكلام مخرج الإخبار عن الأعظم الأكبر؛ للبمالغة، وهو مجاز، كقوله تعالى: ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾ [الفجر: 22] ، فجعل مجيء جلائل آياته مجيئًا له سبحانه على المبالغة[8].


وقوله تعالى: ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ [الفجر: 22] ، قيل: استعارة "الواو" موضع "الباء"؛ لمناسبة بينهما في معنى الجمع، إذ "الباء" موضوعة للإلصاق، وهو جمع، و"الواو" موضوعة للجمع، والحروف ينوب بعضها عن بعض، وتقول عرفًا: جاء الأمير بالجيش، إذا كان مجيئهم مضافًا إليه بتسليطه أو بأمره، ولا شك أن المَلَك إنما يجيء بأمره على ما قال تعالى: ﴿ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ [الأنبياء: 27][9]، فصار كما لو صرّح به، وقال: جاء الملك بأمر ربك، وهو كقوله: ﴿ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ ﴾ [المائدة: 24][10]، أي اذهب أنت بربك، أي بتوفيق ربك وقوته؛ إذ معلوم أنه إنما يقاتل بذلك من حيث صرف الكلام إلى المفهوم في العرف[11].


﴿ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ﴾ [الفجر: 23]
قوله تعالى: ﴿ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ [الفجر: 23] ، زيدت الألف دليلاً على أن هذا المجيء هو بصفة من الظهور ينفصل بها عن معهود المجيء، وقد عبَّر عنه بالماضي، ولا يتصور إلا بعلامة من غيره ليس مثله، فيستوى في علمنا ملكها وملكوتها في ذلك المجيء، ويدل عليه قوله تعالى في موضع آخر: ﴿ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ ﴾ [الشعراء: 91] [12]، وقوله: ﴿ إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا ﴾ [الفرقان: 12][13]؛ هذا بخلاف حال: ﴿ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ ﴾ [الزمر: 69][14]، حيث لم تكتب الألف؛ لأنه على المعروف في الدنيا، وفي تأوله بمعنى البروز في المحشر لتعظيم جناب الحق أثبتت الألف فيه أيضًا[15].


﴿ يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾ [الفجر: 24]
قال رحمه الله: تأتي "اللام" بمعنى "في"، كقوله: ﴿ يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾ [الفجر: 24] [16].


﴿ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ﴾ [الفجر: 29]
قال رحمه الله: تجيء "في" بمعنى "مع "نحو ﴿ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ﴾ [الفجر: 29][17].

[1] البرهان: الكلام على المفردات من الأدوات - هل 4/ 263.

[2] المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة - التورية 3/ 273.

[3] سورة الفجر: 16.

[4] البرهان: علم مرسوم الخط -حذف الياء 1/ 278.

[5] سورة الفجر: 22.

[6] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - التوكيد الصناعي 2/ 238- ما يلتحق بالتوكيد الصناعي 2/ 244.

[7] الكشاف 6/ 373. البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - أدلة الحذف 3/ 71- حذف الفاعل 3/ 97.

[8] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - المبالغة 3/ 37.

[9] سورة الأنبياء: 27.

[10] سورة المائدة: 24.

[11] البرهان: حكم الآيات المتشابهات الواردة في الصفات 2/ 54.

[12] سورة الشعراء: 91.

[13] سورة الفرقان: 12.

[14] سورة الزمر: 69.

[15] البرهان: علم مرسوم الخط - زيادة الألف 1/ 267.

[16] المصدر السابق: الكلام على المفردات من الأدوات - اللام العاملة جرًّا 4/ 208.

[17] المصدر السابق: الكلام على المفردات من الأدوات - في 4/ 188.







الساعة الآن : 07:12 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 18.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.05 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.52%)]