ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى الاسلامي العام (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=3)
-   -   البكاء من خشية الله *** تربية للقلب (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=83313)

نور من الله 24-09-2009 05:19 PM

البكاء من خشية الله *** تربية للقلب
 
البكاء من خشية الله *** تربية للقلب

يتسارع وقع خطى الأيام، وتتسابق لحظات المرء، نحو ساعات يشبه بعضها بعضا،

وتشتد غفلة الإنسان مع متطلبات شئونه الحياتية،فلا يفيق إلا بعد ما طويت مراحل من عمره مهمة،

فيندم عندئذ ندما كبيرا، ويتمنى أن لو أيقظه موقظ أو صرخ في وجهه ناصح.

وهذا في الواقع يحصل لكل أحد، فلا أحد ينجو من الغفلة، ولا أحد يهرب من التأثر بدوامة الحياة،

ولكن ثمة لحظات صدق تائبة، ونوبات خشوع صادقة تتلمس شغاف القلب المنيب إلى ربه،

يحاسب فيها نفسه، ويجدد فيها العهد، وعندها تثور ثائرة مشاعره الصادقة التائبة،

وتغرورق عيناه بدموع إيمان، فيكون بكاؤه عندئذ أشبه ما يكون بغيث السماء

الذي يرسله الله سبحانه على جدباء الأرض فيحييها وينبت فيها الحياة من جديد.

القرآن والسنة

قال الله تعالى: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا}... (الإسراء :109).

وعن أبي أمامة رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم:

(ليس شيء أحب إلى الله تعالى من قطرتين وأثرين: قطرة دموع من خشية الله وقطرة تهرق في سبيل

الله، وأما الأثران فأثر في سبيل الله وأثر في فريضة من فرائض الله تعالى)(أخرجه الترمذي).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(لا يلج النار رجل بكى من خشية الله تعالى حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله

ودخان جهنم) (أخرجه الترمذي).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله...)، وذكر منهم ورجلا ذكر الله خاليا ففاضت عيناه: (متفق عليه).


سمات الصالحين

عن العرباض بن سارية قال:

(وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة سالت منها العيون ووجلت منها القلوب...)

(أخرجه أحمد والترمذي).


وكان الضحاك بن مزاحم إذا أمسى بكى فيقال له ما يبكيك؟

فيقول: لا أدري ماذا صعد اليوم من عملي!.

وقال ثابت البناني:

كنا نتبع الجنازة فما نرى إلا متقنعا باكيا أو متقنعا متفكرا.

مثيرات البكاء

1- الخلوة الصالحة في أوقات إجابة الدعاء:

فالخلوة الصالحة هي خليلة الصالحين والعبّاد وكل قلب يفتقر إلى خلوة،

وأنا هنا أنعتها بالصالحة وهي الخلوة التي يقصدها المرء بنية التعبد لله

والخلوص له سبحانه وتعالى قال الله سبحانه: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً}..

وهذه الخلوة الصالحة يكون فيها التدبر في شأن الإنسان وحاله مع ربه،

ويكون فيها محاسبة المرء لنفسه، ويكون فيها استدعاء تاريخ حياة كل واحد مع نفسه وفقط،

وتكون فيها المصارحة والمكاشفة بين كل امرئ وقلبه، فيعرف مقامه وتقصيره وكم هو مذنب مقصر خطاء..

وعندها يسارع إلى الاستغفار والبكاء من خشيته سبحانه.

2- الإنصات والتدبر للتذكرة والموعظة:

فكم من كلمة طيبة كانت سببا في تغيير حياة إنسان من الغفلة إلى الاستقامة، وقد حذر

العلماء من إغفال التذكرة وعدم التأثر بها،

فقال إبراهيم بن أدهم: علامة سواد القلوب ثلاث.. ذكر منها: ألا يجد المرء في التذكرة مألما!..

وكان الحسن إذا سمع القرآن قال:

والله لا يؤمن عبد بهذا القرآن إلا حزن وذبل وإلا نصب وإلا ذاب وإلا تعب،

وقال ذر لأبيه عمر بن ذر الهمداني: ما بال المتكلمين يتكلمون فلا يبكي أحد

فإذا تكلمت أنت يا أبت سمعت البكاء من ههنا وههنا؟

فقال: يا ولدي ليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة.

3- محاسبة الجوارح ومخاطبتها:

فعن أحمد بن إبراهيم قال:

نظر يونس بن عبيد إلى قدميه عند موته فبكى وقال:

قدماي لم تغبرا في سبيل الله!، فهذه إذن حسرات الصالحين،

حسرة يوم يذكر طاعة لم يتمها، وحسرة يوم يذكر خيرا لم يشارك فيه،

وحسرة يوم يمر عليه وقت لا يذكر الله تعالى فيه، والحق إن في الحديث إلى الجوارح

لاسترجاع لواقع المرء الحقيقي الذي غاب عنه..

فينظر إلى كل جارحة من جوارحه ويخاطبها:

كم من ذنب شاركت فيه؟

وكم من طاعة قصرت عنها؟

وكم من توبة تمنعت عنها؟

وكم من استغفار غفلت عنه؟..

ويذكر قول الله تعالى:

{حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ

شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ...} الآيات "فصلت".

البكاء والإخلاص

تساؤل يثار كثيرا حول الموقف من البكاء أمام الناس وفي حضرتهم

رغم ما يمكن أن يكتنف هذا من التماس ببعض شبهات المراءاة للناس وتصوير النفس بالخشوع والتقوى،

فكثير من الناس يمتنعون عن ذلك البكاء ولا يبدونه مهما كانت الأحوال مخافة الاتهام بالرياء

أو مخافة مداخلة النفس العجب، وعلى جانب آخر يرى البعض أن البكاء في المجالس

وفى المواعظ شيء طبيعي لأصحاب القلوب الرقيقة لا يمكن إنكاره أو اتهام صاحبه بسوء نية،

فما هو الموقف الصائب إذن؟.

الناظر إلى أحوال السلف الصالح من الصحابة والتابعين

ومن تابعهم ونهج نهجهم من علماء الأمة ليرى بوضوح أن البكاء كان سمة مميزة لهم

-كما سبق أن بينا فيما سبق من آثار- بل أكثر من ذلك..

إن بعضهم كان ربما يظل طوال درس العلم الذي يلقيه يظل يبكي حتى ينتهي،

فيروي الإمام الذهبي عن أبي هارون قال: كان عون يحدثنا ولحيته ترتش بالدموع،

وقال جعفر بن سليمان: كنت إذا رأيت وجه محمد بن واسع حسبت أنه وجه ثكلى..

إلى غير ذلك من الآثار المتكاثرة.

ولكن هناك أيضا من الآثار ما حض على إخفاء ذلك البكاء وجعله في الخلوة ومنفردا فقط:

فعن محمد بن زيد قال:

(رأيت أبا أمامة أتى على رجل في المسجد وهو ساجد يبكي في سجوده فقال له:

أنت أنت لو كان هذا في بيتك)..

وقال سفيان بن عيينة:

(اكتم حسناتك كما تكتم سيئاتك)،

بل نقل الذهبي عن عمران بن خالد قال سمعت محمد بن واسع يقول:

إن كان الرجل ليبكي عشرين سنة وامرأته معه لا تعلم به.. إلى غير ذلك من الآثار.


وخلاصة القول في ذلك أن يعلم الإنسان نفسه البكاء من خشية الله

وعند سماع الموعظة والذكر والتذكرة وعند محاسبته لنفسه أو غير ذلك،

والأصل في البكاء أن يكون في الوحدة ومنفردا وفي الخلوات،

ولكن إذا كان المرء بين الناس وغلبه البكاء فلا شيء في ذلك أبدا إذا اطمأن من نفسه الصدق والإخلاص

بل إن ذلك كان حال الصالحين.

نصائح تربوية

1- تهيئة البيئة التربوية الإيمانية مهمة في تربية المرء على رقة القلب

واستشعار الخشوع واعتياد العين على البكاء، فلم يكن الصالحون يصلون إلى هذه الدرجة العالية

من البكاء من خشية الله لولا أن هناك بيئة إيمانية تربوا عليها وفيها أعانتهم على ذلك

وتلك البيئة لها أكبر الأثر في التشجيع على الأعمال الصالحة والتربي عليها،

والمربون الذين يهملون تهيئة تلك البيئة أو يتناسون أثرها هم مخطئون ولا شك..

يروي ابن الجوزي أن عمر بن عبد العزيز بكى ذات ليلة، فبكت فاطمة زوجته

، فبكى أهل الدار لا يدري أولئك ما أبكى هؤلاء فلما تجلت عنهم العبرة سألوه ما أبكاك؟

فقال: ذكرت منصرف القوم بين يدي الله فريق في الجنة وفريق في الس***، فما زالوا يبكون!.

2- أثر القدوة مهم جدا في التربية على تلك العبادة الصالحة

فقد كان البكاؤون السابقون يجدون القدوة الصالحة في ذلك من معلميهم ومربيهم

فكانوا يتشبهون بهم إلى أن يصير العمل الصالح عندهم أساسا وأصلا،

أما أن يبح صوت خطيب أو معلم يعظ الناس في البكاء والناس لم يروا عليه أبدا أثرا للبكاء فلا أثر لنصحه أبدا.

3- يجب ألا يكون بكاء المرء على شيء من الدنيا فات أو صاحب فقد أو مصيبة حدثت

فذلك بكاء الدنيا وإنما مقصودنا هو بكاء الخشية من الله،

وهو أن يكون باعث البكاء دائما هو خشية الله سبحانه وتوقيره والتقصير في حقه تعالى

وكثرة ذنوب العبد وخوف العاقبة..

وقد كانت أسباب بكاء الصالحين السابقين تدور حول:

تذكر ذنبهم وسيئاتهم وآثار ذلك،

أو التفكر في تقصيرهم تجاه ربهم سبحانه وما وراء ذلك،

أو الخوف من عذاب الله سبحانه وسوء الخاتمة أو الخوف من ألا تقبل أعمالهم الصالحة،

أو الخوف من الموت قبل الاستعداد له أو الشوق إلى الله سبحانه ومحبته،


أو خوف الفتن ورجاء الثبات على دينهم أو رجاء قبول الدعاء



أبو جهاد المصري 24-09-2009 06:54 PM

رد: البكاء من خشية الله *** تربية للقلب
 
بارك الله فيك اختنا الغاليه نور من الله
جزاكي الله خيرا
ودمتي في حفظ الله

نور من الله 25-09-2009 04:34 PM

رد: البكاء من خشية الله *** تربية للقلب
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو مالك الطيب (المشاركة 805227)
بارك الله فيك اختنا الغاليه نور من الله
جزاكي الله خيرا
ودمتي في حفظ الله


السلام عليكم ورحمه الله وبركاتة
الاخ الفاضل
ابو مالك الطيب
مشكور اخى الفاضل على مرورك الطيب مثلك اخى الطيب
جزاك الله كل خير على المشاركه القيمه منك
وفيكم بارك الله لكم جميعاً
نورت الموضوع اخى الطيب
وبالتوفيق

نهر الكوثر 25-09-2009 07:37 PM

رد: البكاء من خشية الله *** تربية للقلب
 
جزاكي الله خيراً على هذا الموضوع المميز
جعله الله في ميزان اعمالك


نور من الله 26-09-2009 03:02 AM

رد: البكاء من خشية الله *** تربية للقلب
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهر الكوثر5 (المشاركة 805976)
جزاكي الله خيراً على هذا الموضوع المميز
جعله الله في ميزان اعمالك



شكرا حبيبتى على مرورك العطر
بارك الله فيكِ

سهام المجد 26-09-2009 04:13 PM

رد: البكاء من خشية الله *** تربية للقلب
 

بارك الله فيك اختنا الغاليه نور من الله وجزاكي الله خيراً على هذا الموضوع و جعله الله في ميزان حسناتك

نور من الله 26-09-2009 07:44 PM

رد: البكاء من خشية الله *** تربية للقلب
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سهام المجد (المشاركة 806529)
بارك الله فيك اختنا الغاليه نور من الله وجزاكي الله خيراً على هذا الموضوع و جعله الله في ميزان حسناتك


السلام عليكم
مشكورة اختى الفاضله على مرورك العطر
وفيكم بارك الله لكم

@زهرة البنفسج@ 03-10-2009 11:32 PM

رد: البكاء من خشية الله *** تربية للقلب
 
السلام عليكم
مشكورة حبيبتى على هذا الموضوع القيم
جزاكى الله كل خير

نور من الله 08-10-2009 09:33 AM

رد: البكاء من خشية الله *** تربية للقلب
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة @زهرة البنفسج@ (المشاركة 811518)
السلام عليكم
مشكورة حبيبتى على هذا الموضوع القيم
جزاكى الله كل خير

وعليكم السلام
مشكورة حبيبتى على مرورك العطر
بارك الله فيكِ

دكتور اوراس 09-10-2009 05:07 PM

رد: البكاء من خشية الله *** تربية للقلب
 
جزاك الله خيراً على هذا الموضوع المميز , جعله الله في ميزان اعمالك
اختي الغاليه

عبدالله المشهداني 09-10-2009 05:38 PM

رد: البكاء من خشية الله *** تربية للقلب
 
جزاك الله خيرا اختي الفاضلة ومشرفتنا المتميزة
نور من الله

شكرا جزيلا على الكلمات الرائعة والمفيدة

في ميزان حسناتك ان شاء الله
عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله رواه الترمذي حديث صحيح

سامي 09-10-2009 05:44 PM

رد: البكاء من خشية الله *** تربية للقلب
 
بارك الله فيك اختي الكريمة على الطرح المبارك

جعله الله في ميزان حسناتك

بالتوفيق

سهام المجد 09-10-2009 09:29 PM

رد: البكاء من خشية الله *** تربية للقلب
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دكتور اوراس (المشاركة 815401)
جزاك الله خيراً على هذا الموضوع المميز , جعله الله في ميزان اعمالك


اختي الغاليه

مشكور اخي الكريم على المرور العطر

نور من الله 11-10-2009 10:07 PM

رد: البكاء من خشية الله *** تربية للقلب
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abdalll (المشاركة 815423)
جزاك الله خيرا اختي الفاضلة ومشرفتنا المتميزة

نور من الله


شكرا جزيلا على الكلمات الرائعة والمفيدة

في ميزان حسناتك ان شاء الله
عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله رواه الترمذي حديث صحيح


السلام عليكم ورحمه الله وبركاتة
مشرفنا الغالي
عبد الله
مشكور اخى الفاضل على مرورك الطيب مثلك اخى الفاضل
بارك الله فيك على المشاركه القيمه منك
وبالتوفيق

نور من الله 11-10-2009 10:11 PM

رد: البكاء من خشية الله *** تربية للقلب
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سامي (المشاركة 815430)
بارك الله فيك اختي الكريمة على الطرح المبارك

جعله الله في ميزان حسناتك

بالتوفيق


السلام عليكم ورحمه الله وبركاتة
الاخ الكريم
سامي
اشكرك اخى الكريم على مرورك العطر
جزاك الله كل خير على المشاركه القيمه منك
وفيكم بارك الله لكم جميعاً
وبالتوفيق


الساعة الآن : 01:54 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 26.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.81 كيلو بايت... تم توفير 1.00 كيلو بايت...بمعدل (3.74%)]