۞ المسابقة الرمضانية ( الحلقة الاولى )۞
http://www.alamuae.com/gallery/data/media/123/0034.gif آدم عليه السلام نبذة: أبو البشر ، خلقه الله بيده وأسجد له الملائكة وعلمه الأسماء وخلق له زوجته وأسكنهما الجنة وأنذرهما أن لا يقربا شجرة معينة ولكن الشيطان وسوس لهما فأكلا منها فأنزلهما الله إلى الأرض ومكن لهما سبل العيش بها وطالبهما بعبادة الله وحده وحض الناس على ذلك ، وجعله خليفته في الأرض، وهو رسول الله إلى أبنائه وهو أول الأنبياء. سيرته: خلق آدم عليه السلام: أخبر الله سبحانه وتعالى ملائكة بأنه سيخلق بشرا خليفة في الأرض - وخليفة هنا تعني على رأس ذرية يخلف بعضها بعضا. فقال الملائكة: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ). ويوحي قول الملائكة هذا بأنه كان لديهم تجارب سابقة في الأرض , أو إلهام وبصيرة , يكشف لهم عن شيء من فطرة هذا المخلوق , ما يجعلهم يتوقعون أنه سيفسد في الأرض , وأنه سيسفك الدماء . . ثم هم - بفطرة الملائكة البريئة التي لا تتصور إلا الخير المطلق - يرون التسبيح بحمد الله والتقديس له , هو وحده الغاية للوجود . . وهو متحقق بوجودهم هم , يسبحون بحمد الله ويقدسون له , ويعبدونه ولا يفترون عن عبادته ! هذه الحيرة والدهشة التي ثارت في نفوس الملائكة بعد معرفة خبر خلق آدم.. أمر جائزعلى الملائكة ، ولا ينقص من أقدارهم شيئا ، لأنهم ، رغم قربهم من الله، وعبادتهم له ، وتكريمه لهم، لا يزيدون على كونهم عبيدا لله ، لا يشتركون معه فيعلمه ، ولا يعرفون حكمته الخافية ، ولا يعلمون الغيب . لقد خفيت عليهم حكمة الله تعالى , في بناء هذه الأرض وعمارتها , وفي تنمية الحياة , وفي تحقيق إرادة الخالق في تطويرها وترقيتها وتعديلها , على يد خليفة الله في أرضه . هذا الذي قد يفسد أحيانا , وقد يسفك الدماء أحيانا . عندئذ جاءهم القرار من العليم بكل شيء , والخبير بمصائرالأمور: (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ). أدركت الملائكة أن الله سيجعل في الأرض خليفة.. وأصدر الله سبحانه وتعالى أمره إليهم تفصيلا، فقال إنه سيخلق بشرا من طين ، فإذا سواه ونفخ فيه من روحه فيجب على الملائكة أن تسجد له، والمفهوم أن هذا سجود تكريم لا سجود عبادة ، لأن سجود العبادة لا يكون إلا لله وحده. جمع الله سبحانه وتعالى قبضة من تراب الأرض ، فيها الأبيض والأسود والأصفر والأحمر - ولهذا يجيء الناس ألوانا مختلفة - ومزج الله تعالى التراب بالماء فصار صلصالا من حمأ مسنون. تعفن الطين وانبعثت له رائحة.. وكان إبليس يمر عليه فيعجب أي شيء يصير هذاالطين؟ سجود الملائكة لآدم: من هذا الصلصال خلق الله تعالى آدم .. سواه بيديه سبحانه ، ونفخ فيه من روحه سبحانه .. فتحرك جسد آدم ودبت فيه الحياة.. فتح آدم عينيه فرأى الملائكة كلهم ساجدين له .. ما عدا إبليس الذي كان يقف مع الملائكة، ولكنه لم يكن منهم ، لم يسجد .. فهل كان إبليس من الملائكة ؟ الظاهر أنه لا . لأنه لو كان من الملائكة ما عصى . فالملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون . . وسيجيء أنه خلق من نار . والمأثور أن الملائكة خلق من نور . . ولكنه كان مع الملائكة وكان مأموراً بالسجود . فوبّخ الله سبحانه وتعالى إبليس: (قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ) . وبدلا من التوبة والأوبة إلى الله تبارك وتعالى ، ردّ إبليس بمنطق يملأه الكبر والحسد: (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنطِينٍ) . هنا صدر الأمر الإلهي العالي بطرد هذا المخلوق المتمرد القبيح: (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) وإنزال اللعنة عليه إلى يوم الدين . ولا نعلم ما المقصود بقوله سبحانه (مِنْهَا) فهل هي الجنة ؟ أم هل هي رحمة الله . . هذا وذلك جائز لكن الأرجح رحمة الله تعالى ، فلم يكن إبليس في الجنة، وحتى آدم عليه السلام لم يكن في الجنة على الأرجح . ولا محل للجدل الكثير . فإنما هو الطرد واللعنة والغضب جزاء التمرد والتجرؤ على أمر الله الكريم . قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ(84)لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) (ص) هنا تحول الحسد إلى حقد . وإلى تصميم على الانتقام في نفس إبليس: (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) . واقتضت مشيئة الله للحكمة المقدرة في علمه أن يجيبه إلى ما طلب , وأن يمنحه الفرصة التي أراد . فكشف الشيطان عن هدفه الذي ينفق فيه حقده: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) ويستدرك فيقول: (إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) فليس للشيطان أي سلطان على عباد الله المؤمنين . وبهذا تحدد منهجه وتحدد طريقه . إنه يقسم بعزة الله ليغوين جميع الآدميين . لا يستثني إلا من ليس له عليهم سلطان . لا تطوعاً منه ولكن عجزاً عن بلوغ غايته فيهم ! وبهذا يكشف عن الحاجز بينه وبين الناجين من غوايته وكيده ; والعاصم الذي يحول بينهم وبينه . إنه عبادة الله التي تخلصهم لله . هذا هو طوق النجاة . وحبل الحياة ! . . وكان هذا وفق إرادة الله وتقديره في الردى والنجاة . فأعلن - سبحانه - إرادته . وحدد المنهج والطريق : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) . فهي المعركة إذن بين الشيطان وأبناء آدم , يخوضونها على علم . والعاقبة مكشوفة لهم في وعد الله الصادق الواضح المبين . وعليهم تبعة ما يختارون لأنفسهم بعد هذا البيان . وقد شاءت رحمة الله ألا يدعهم جاهلين ولاغافلين . فأرسل إليهم المنذرين . يتبع |
تعليم آدم الأسماء: ثم يروي القرآن الكريم قصة السر الإلهي العظيم الذي أودعه الله هذا الكائن البشري , وهو يسلمه مقاليد الخلافة : (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءكُلَّهَا) . سر القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات . سر القدرة على تسمية الأشخاص والأشياء بأسماء يجعلها - وهي ألفاظ منطوقة - رموزا لتلك الأشخاص والأشياء المحسوسة . وهي قدرة ذات قيمة كبرى في حياة الإنسان على الأرض . ندرك قيمتها حين نتصور الصعوبة الكبرى , لو لم يوهب الإنسان القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات , والمشقة في التفاهم والتعامل , حين يحتاج كل فرد لكي يتفاهم مع الآخرين على شيء أن يستحضر هذا الشيء بذاته أمامهم ليتفاهموا بشأنه . . الشأن شأن نخلة فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا باستحضار جسم النخلة ! الشأن شأن جبل . فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا بالذهاب إلى الجبل ! الشأن شأن فرد من الناس فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا بتحضير هذا الفرد من الناس . . . إنها مشقة هائلة لا تتصور معها حياة ! وإن الحياة ما كانت لتمضي في طريقها لو لم يودع الله هذا الكائن القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات . أما الملائكة فلا حاجة لهم بهذه الخاصية , لأنها لا ضرورة لها في وظيفتهم . ومن ثم لم توهب لهم . فلما علم الله آدم هذا السر , وعرض عليهم ما عرض لم يعرفوا الأسماء . لم يعرفوا كيف يضعون الرموز اللفظية للأشياء والشخوص . . وجهروا أمام هذا العجز بتسبيح ربهم , والاعتراف بعجزهم , والإقرار بحدود علمهم , وهو ماعلمهم . .ثم قام آدم بإخبارهم بأسماء الأشياء . ثم كان هذا التعقيب الذي يردهم إلى إدراك حكمة العليم الحكيم: (قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ) . سكن آدم وحواء في الجنة: اختلف المفسرون في كيفية خلق حواء ولا نعلم إن كان الله قد خلق حواء في نفس وقت خلق آدم أم بعده لكننا نعلم أن الله سبحانه وتعالى أسكنهما معا في الجنة. لا نعرف مكان هذه الجنة. فقد سكت القرآن عن مكانها واختلف المفسرون فيها0 كان الله قد سمح لآدم وحواء بأن يقتربا من كل شيء وأن يستمتعا بكل شيء ، ما عدا شجرة واحدة . فأطاع آدم وحواء أمر ربهما بالابتعاد عن الشجرة. غير أن آدم إنسان، والإنسان ينسى ، وقلبه يتقلب ، وعزمه ضعيف . واستغل إبليس إنسانية آدم وجمع كل حقده في صدره، واستغل تكوين آدم النفسي.. وراح يثير في نفسه ويوسوس إليه : (هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى ) . وأقسم إبليس لآدم أنه صادق في نصحه لهم، ولم يكن آدم عليه السلام بفطرته السليمة يظن أن هنالك من يقسم بالله كذا ، فضعف عزمه ونسي وأكل من الشجرة هو وحواء. ليس صحيحا ما تذكره صحف اليهود من إغواء حواء لآدم وتحميلها مسئولية الأكل من الشجرة . إن نص القرآن لا يذكر حواء. إنما يذكر آدم -كمسئول عما حدث- عليه الصلاة والسلام. وهكذا أخطأ الشيطان وأخطأ آدم . أخطأ الشيطان بسبب الكبرياء ، وأخطأ آدم بسبب الفضول. لم يكد آدم ينتهي من الأكل حتى اكتشف أنه أصبح عار، وأن زوجته عارية . وبدأ هو وزوجته يقطعان أوراق الشجر لكي يغطي بهما كل واحد منهما جسده العاري . ولم تكن لآدم تجارب سابقة في العصيان ، فلم يعرف كيف يتوب ، فألهمه الله سبحانه وتعالى عبارات التوبة (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنلَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (23) (الأعرف) وأصدر الله تبارك وتعالى أمره بالهبوط من الجنة. هبوط آدم وحواء إلى الأرض: وهبط آدم وحواء إلى الأرض . واستغفرا ربهما وتاب إليه. فأدركته رحمة ربه التي تدركه دائما عندما يثوب إليها ويلوذ بها ... وأخبرهما الله أن الأرض هي مكانهما الأصلي.. يعيشان فيهما ، ويموتان عليها ، ويخرجان منها يوم البعث. يتصور بعض الناس أن خطيئة آدم بعصيانه هي التي أخرجتنا من الجنة . ولولا هذه الخطيئة لكنا اليوم هناك . وهذا التصورغير منطقي لأن الله تعالى حين شاء أن يخلق آدم قال للملائكة: "إِنِّي جَاعِلٌ فِيالأَرْضِ خَلِيفَةً" ولم يقل لهما إني جاعل في الجنة خليفة . لم يكن هبوط آدم إلى الأرض هبوط إهانة، وإنما كان هبوط كرامة كما يقول العارفون بالله . كان الله تعالى يعلم أن آدم وحواء سيأكلان من الشجرة . ويهبطان إلى الأرض. أماتجربة السكن في الجنة فكانت ركنا من أركان الخلافة في الأرض . ليعلم آدم وحواء ويعلم جنسهما من بعدهما أن الشيطان طرد الأبوين من الجنة، وأن الطريق إلى الجنة يمر بطاعة الله وعداء الشيطان. موت آدم عليه السلام: وكبر آدم. ومرت سنوات وسنوات.. وعن فراش موته، يروي أبي بن كعب ، فقال: إن آدم لما حضره الموت قال لبنيه: أي بني، إني أشتهي من ثمار الجنة. قال: فذهبوا يطلبون له، فاستقبلتهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوطه ، ومعهم الفؤوس والمساحي والمكاتل ، فقالوا لهم: يا بني آدم ما تريدون وما تطلبون؟ أو ما تريدون وأين تطلبون ؟ قالوا: أبونا مريض واشتهى من ثمار الجنة ، فقالوا لهم: ارجعوا فقد قضي أبوكم . فجاءوا فلما رأتهم حواء عرفتهم فلاذت بآدم ، فقال: إليك عني فإني إنما أتيت من قبلك ، فخلي بيني وبين ملائكة ربي عز وجل . فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه ، وحفروا له ولحدوه وصلواعليه ثم أدخلوه قبره فوضعوه في قبره، ثم حثوا عليه ، ثم قالوا: يا بني آدم هذه سنتكم. وفي موته يروي الترمذي: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا أبونعيم ، حدثنا هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لما خلق الله آدم مسح ظهره، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة ، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصاً من نور، ثم عرضهم على آدم فقال: أي رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك، فرأى رجلاً فأعجبه وبيص ما بين عينيه ، فقال: أي رب من هذا؟ قال هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود ، قال: رب وكم جعلت عمره ؟ قال ستين سنة، قال: أي رب زده من عمري أربعين سنة. فلما انقضى عمر آدم جاءه ملك الموت ، قال: أو لم يبق من عمري أربعون سنة؟ قال: أو لم تعطها ابنك داود ؟ قال فجحد فجحدت ذريته ، ونسي آدم فنسيت ذريته ، وخطىء آدم فخطئت ذريته". السؤال الاول: ان الله تعالى حين شاء أن يخلق آدم قال للملائكة: "إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً" وكانت تجربة السكن في الجنة ركنا من أركان الخلافة في الأرض فما هي الحكمه من هذه التجربه؟ |
۞ المسابقة الرمضانية ( الحلقة الثانية )۞
إدريس عليه السلام نبذة: كان صديقا نبيا ومن الصابرين ، أول نبي بعث في الأرض بعد آدم ، وهو أبو جد نوح ، أنزلت عليه ثلاثون صحيفة، ودعا إلى وحدانية الله وآمن به ألف إنسان ، وهو أول من خط بالقلم وأول من خاط الثياب ولبسها0 سيرته: إدريس عليه السلام هو أحد الرسل الكرام الذين أخبر الله تعالى عنهم في كتابة العزيز، وذكره في بضعة مواطن من سور القرآن، وهو ممن يجب الإيمان بهم تفصيلاً أي يجب اعتقاد نبوته ورسالته على سبيل القطع والجزم لأن القرآن قد ذكره باسمه وحدث عن شخصه فوصفه بالنبوة والصديقية. نسبه: هو إدريس بن يارد بن مهلائيل وينتهي نسبه إلى شيث بن ادم عليه السلام واسمه عند العبرانيين (خنوخ) وفي الترجمة العربية (أخنوخ) وهو من أجداد نوح عليه السلام . وهو أول بني آدم أعطي النبوة بعد آدم وشيث عليهما السلام ، وذكر ابن إسحاق أنه أول من خط بالقلم ، وقد أدرك من حياة آدم عليه السلام 308 سنوات لأن آدم عمر طويلاً زهاء 1000 ألفسنة. حياته: وقد أختلف العلماء في مولده ونشأته ، فقال بعضهم إن إدريس ولد ببابل ، وقال آخرون إنه ولد بمصر والصحيح الأول، وقد أخذ في أول عمره شيث بن آدم ، ولما كبر آتاه الله النبوة فنهي المفسدين من بني آدم عن مخالفتهم شريعة آدم وشيث فأطاعه نفر قليل ، وخالفه جمع خفير، فنوى الرحلة عنهم وأمر من أطاعه منهم بذلك فثقل عليهم الرحيل عن أوطانهم فقالوا له، وأين نجد إذا رحلنا مثل (بابل) فقال إذا هاجرن ارزقنا الله غيره ، فخرج وخرجوا حتى وصلوا إلى أرض مصر فرأوا النيل فوقف على النيل وسبح الله ، وأقام إدريس ومن معه بمصر يدعو الناس إلى الله وإلى مكارم الأخلاق . وكانت له مواعظ وآداب فقد دعا إلى دين الله ، وإلى عبادة الخالق جل وعلا، وتخليص النفوس من العذاب في الآخرة، بالعمل الصالح في الدنيا وحض على الزهد في هذه الدنيا الفانية الزائلة ، وأمرهم بالصلاة والصيام والزكاة وغلظ عليهم في الطهارة من الجنابة، وحرم المسكر من كل شي من المشروبات وشدد فيه أعظم تشديد وقيل إنه كان في زمانه 72 لساناً يتكلم الناس بها وقد علمه الله تعالى منطقهم جميعاً ليعلم كل فرقة منهم بلسانهم . وهو أول من علم السياسة المدنية ، ورسم لقومه قواعد تمدين المدن ، فبنت كل فرقة من الأمم مدناً في أرضها وأنشئت في زمانه 188 مدينة وقد اشتهر بالحكمة فمن حكمة قوله (خير الدنيا حسرة، وشرها ندم) وقوله (السعيد من نظر إلى نفسه وشفاعته عند ربه أعماله الصالحة) وقوله (الصبر مع الإيمان يورث الظفر). وفاته: وقد أُخْتُلِفَ في موته.. فعن ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن الأعمش ، عن شمر بن عطية ، عن هلال بن يساف قال: سأل ابن عباس كعباً وأنا حاضر فقال له : ما قول الله تعالى لإدريس {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}؟ فقال كعب: أما إدريس فإن الله أوحى إليه : أني أرفع لك كل يوم مثل جميع عمل بني آدم - لعله من أهل زمانه - فأحب أن يزداد عملاً، فأتاه خليل له من الملائكة ، فقال "له": إن الله أوحى إلي كذا وكذا فكلم ملك الموت حتى ازداد عملاً ، فحمله بين جناحيه ثم صعد به إلى السماء ، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت منحدراً ، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس، فقال: وأين إدريس؟ قال هو ذا على ظهري ، فقال ملك الموت: يا للعجب! بعثت وقيل لي اقبض روح إدريس في السماء الرابعة، فجعلت أقول: كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض؟! فقبض روحه هناك . فذلك قول الله عز وجل {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}. ورواه ابن أبي حاتم عند تفسيرها. وعنده فقال لذلك الملك سل لي ملك الموت كم بقي من عمري؟ فسأله وهو معه: كمبقي من عمره؟ فقال: لا أدري حتى أنظر، فنظر فقال إنك لتسألني عن رجل ما بقي من عمره إلا طرفة عين، فنظر الملك إلى تحت جناحه إلى إدريس فإذا هو قد قبض وهو لا يشعر. وهذا من الإسرائيليات ، وفي بعضه نكارة. وقول ابن أبي نجيح عن مجاهد فيقوله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}قال: إدريس رفع ولم يمت كما رفع عيسى إن أراد أنه لم يمت إلى الآن ففي هذا نظر، وإن أراد أنه رفع حياً إلى السماء ثم قبض هناك. فلا ينافي ما تقدم عن كعب الأحبار. والله أعلم. وقال العوفي عن ابن عباس في قوله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} :رفع إلى السماء السادسة فمات بها، وهكذا قال الضحاك. والحديث المتفق عليه من أنه في السماء الرابعة أصح، وهو قول مجاهد وغير واحد . وقال الحسن البصري: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}قال: إلى الجنة ، وقال قائلون رفع في حياة أبيه يرد بن مهلاييل والله أعلم. وقد زعم بعضهم أن إدريس لم يكن قبل نوح بل في زمان بني إسرائيل. قال البخاري: ويذكر عن ابن مسعود وابن عباس أن الياس هو إدريس ، واستأنسوا في ذلك بما جاء في حديث الزهري عن أنس في الإسراء : أنه لما مرّ به عليه السلام قال له مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ولم يقل كما قال آدم و ابراهيم مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح ، قالوا: فلو كان في عمود نسبه لقال له كما قالا له. وهذا لا يدل ولابد ، قد لا يكون الراوي حفظه جيداً، أو لعله قاله على سبيل الهضم والتواضع، ولم ينتصب له في مقام الأبوة كما انتصب لآدم أبي البشر، وابراهيم الذي هو خليل الرحمن، وأكبر أولي العزم بعد محمد صلوات الله عليهم أجمعين. السؤال الثاني نبي الله ادريس عليه السلام هو أول بني آدم أعطي النبوة بعد آدم وشيث عليهما السلام ، واول من خط بالقلم وهو أول من علم السياسة المدنية، ورسم لقومه قواعد تمدين المدن اذكر عدد المدن التي انشئت في زمنه ؟ |
۞المسابقة الرمضانية ( الحلقة الثالثة)۞
http://www.alamuae.com/gallery/data/media/123/0034.gif نوح عليه السلام نبذة كان نوح تقيا صادقا أرسله الله ليهدي قومه وينذرهم عذاب الآخرة ولكنهم عصوه وكذبوه ، ومع ذلك استمر يدعوهم إلى الدين الحنيف فاتبعه قليل من الناس ، واستمر الكفرة في طغيانهم فمنع الله عنهم المطر ودعاهم نوح أن يؤمنوا حتى يرفع الله عنهم العذاب فآمنوا فرفع الله عنهم العذاب ولكنهم رجعوا إلى كفرهم ، وأخذ يدعوهم 950 سنة ثم أمره الله ببناء السفينة وأن يأخذ معه زوجا من كل نوع ثم جاء الطوفان فأغرقهم أجمعين سيرته حال الناس قبل بعثة نوح قبل أن يولد قوم نوح عاش خمسة رجال صالحين من أجداد قوم نوح ، عاشوا زمنا ثم ماتوا ، كانت أسماء الرجال الخمسة هي (ودَّ ، سُواع ، يغوث ، يعوق ، نسرا) بعد موتهم صنع الناس لهم تماثيل في مجال الذكرى والتكريم ، ومضى الوقت.. ومات الذين نحتوا التماثيل.. وجاء أبنائهم.. ومات الأبناء وجاء أبناء الأبناء.. ثم نسجت قصصا وحكايات حول التماثيل تعزو لها قوة خاصة.. واستغل إبليس الفرصة ، وأوهم الناس أن هذه تماثيل آلهة تملك النفع وتقدر على الضرر.. وبدأ الناس يعبدون هذه التماثيل. إرسال نوح عليه السلام كان نوح على الفطرة مؤمنا بالله تعالى قبل بعثته إلى الناس. وكل الأنبياء مؤمنون بالله تعالى قبل بعثتهم . وكان كثير الشكر لله عزّ وجلّ . فاختاره الله لحمل الرسالة. فخرج نوح على قومه وبدأ دعوته يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ بهذه الجملة الموجزة وضع نوح قومه أمام حقيقة الألوهية.. وحقيقة البعث. هناك إله خالق وهو وحده الذي يستحق العبادة.. وهناك موت ثم بعث ثم يوم للقيامة. يوم عظيم ، فيه عذاب يوم عظيم . شرح "نوح" لقومه أنه يستحيل أن يكون هناك غير إله واحد هو الخالق . أفهمهم أن الشيطان قد خدعهم زمنا طويلا ، وأن الوقت قد جاء ليتوقف هذا الخداع ، حدثهم نوح عن تكريم الله للإنسان . كيف خلقه ، ومنحه الرزق وأعطاه نعمة العقل، وليست عبادة الأصنام غير ظلم خانق للعقل. تحرك قوم نوح في اتجاهين بعد دعوته. لمست الدعوة قلوب الضعفاء والفقراء والبؤساء ، وانحنت على جراحهم وآلامهم بالرحمة.. أما الأغنياء والأقوياء والكبراء ، تأملوا الدعوة بعين الشك… ولما كانوا يستفيدون من بقاء الأوضاع على ما هي عليه.. فقد بدءوا حربهم ضد نوح في البداية اتهموا نوحا بأنه بشر مثلهم (فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًامِّثْلَنَا) رغم أن نوحا لم يقل غير ذلك ، وأكد أنه مجرد بشر.. والله يرسل إلى الأرض رسولا من البشر، لأن الأرض يسكنها البشر، ولو كانت الأرض تسكنها الملائكة لأرسل الله رسولا من الملائكة ويستمر نوح في دعوة قومه إلى الله. ساعة بعد ساعة. ويوما بعد يوم. وعاما بعد عام. ومرت الأعوام ونوح يدعو قومه. كان يدعوهم ليلا ونهارا، وسرا وجهرا، يضرب لهم الأمثال ويشرح لهم الآيات ويبين لهم قدرة الله في الكائنات ، وكلما دعاهم إلى الله فروا منه، وكلما دعاهم ليغفر الله لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستكبروا عن سماع الحق واستمر نوح يدعو قومه إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاما. وكان يلاحظ أن عدد المؤمنين لا يزيد ، بينما يزيد عدد الكافرين. وحزن نوح غير أنه لم يفقد الأمل، وظل يدعو قومه ويجادلهم ، وظل قومه على الكبرياء والكفر والتبجح. وحزن نوح على قومه. لكنه لم يبلغ درجة اليأس . ظل محتفظا بالأمل طوال 950 سنة. ويبدو أن أعمار الناس قبل الطوفان كانت طويلة، وربما يكون هذا العمرالطويل لنوح معجزة خاصة له. وجاء يوم أوحى الله إليه ، أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن أوحى الله إليه ألا يحزن عليهم ساعتها دعا نوح على الكافرين بالهلاك وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا(26) (نوح) برر نوح دعوته بقوله: إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا(26) (نوح) الطوفان ثم أصدر الله تعالى حكمه على الكافرين بالطوفان امرالله تعالى عبده نوحا أنه يصنع سفينة وجاء اليوم الرهيب ، فار التنور وأسرع نوح يفتح سفينته ويدعوالمؤمنين به ، وهبط جبريل عليه السلام إلى الأرض كان نوح قد صنع أقفاصا للوحوش وهو يصنع السفينة وساق جبريل عليه السلام أمامه من كل زوجين اثنين ، لضمان بقاء نوع الحيوان والطير على الأرض ، وهذامعناه أن الطوفان أغرق الأرض كلها لم تكن زوجة نوح مؤمنة به فلم تصعد ، وكان أحد أبنائه يخفي كفره ويبدي الإيمان أمام نوح ، فلم يصعد هو الآخر وكانت أغلبية الناس غير مؤمنة هي الأخرى فلم تصعد وصعد المؤمنون قال ابن عباس ، رضي الله عنهما: آمن من قوم نوح ثمانون إنسانا ارتفعت المياه من فتحات الأرض انهمرت من السماء أمطارا غزيرة بكميات لم تر مثلها الأرض فالتقت أمطار السماء بمياه الأرض، وصارت ترتفع ساعة بعد ساعة فقدت البحار هدوئها، وانفجرت أمواجها تجور على اليابسة ، وتكتسح الأرض وغرقت الكرة الأرضية للمرة الأولى في المياه ارتفعت المياه أعلى من الناس تجاوزت قمم الأشجار، وقمم الجبال وغطت سطح الأرض كله وفي بداية الطوفان نادى نوح ابنه كان ابنه يقف بمعزل منه ويحكي لنا المولى عز وجل الحوار القصير الذي دار بين نوح عليه السلام وابنه قبل أن يحول بينهما الموج فجأة نادى نوح ابنه قائلا: يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَالْكَافِرِينَ ورد الابن عليه: قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَالْمَاء عاد نوح يخاطبه: قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وانتهى الحوار بين نوح وابنه: وَحَالَبَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ انظر إلى تعبير القرآن الكريم (وَحَالَ بَيْنَهُمَاالْمَوْجُ) أنهى الموج حوارهما فجأة نظر نوح فلم يجد ابنه لم يجد غير جبال الموج التي ترتفع وترفع معها السفينة ، وتفقدها رؤية كل شيء غير المياه وشاءت رحمة الله أن يغرق الابن بعيدا عن عين الأب ، رحمة منه بالأب، واعتقد نوح أن ابنه المؤمن تصور أن الجبل سيعصمه من الماء فغرق واستمر الطوفان استمر يحمل سفينة نوح بعد ساعات من بدايته كان تكل عين تطرف على الأرض قد هلكت غرقا لم يعد باقيا من الحياة والأحياء غير هذاالجزء الخشبي من سفينة نوح ، وهو ينطوي على الخلاصة المؤمنة من أهل الأرض وأنواع الحيوانات والطيور التي اختيرت بعناية ثم صدر الأمر الإلهي إلى السماء أن تكف عن الإمطار، وإلى الأرض أن تستقر وتبتلع الماء ، وإلى أخشاب السفينة أن ترسو على الجودي ، وهو اسم مكان قديم يقال أنه جبل في العراق طهر الطوفان الأرضوغسلها قال تعالى في سورة (هود): وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُوَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ(44) (هود) ( ذهب الهول بذهاب الطوفان وانتقل الصراع من الموج إلى نفس نوح تذكر ابنه الذي غرق لم يكن نوح يعرف حتى هذه اللحظة أن ابنه كافر كان يتصور أنه مؤمن عنيد ، آثر النجاة باللجوء إلى جبل وكان الموج قد أنهى حوارهما قبل أن يتم فلم يعرف نوح حظ ابنه من الإيمان تحركت في قلب الأب عواطف الأبوة قال تعالى في سورة (هود): وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ(45) (هود) أراد نوح أن يقول لله أن ابنه من أهله المؤمنين وقد وعده الله بنجاة أهله المؤمنين قال الله سبحانه وتعالى ، مطلعا نوحا على حقيقة ابنه للمرةالأولى: يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَالَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ(46) (هود) وثمة درس مهم تنطوي عليه الآيات الكريمة التي تحكي لنا قصة نوح وابنه أراد الله سبحانه وتعالى أن يقول لنبيه الكريم أن ابنه ليس من أهله ، لأنه لم يؤمن بالله ، وليس الدم هو الصلة الحقيقية بين الناس ابن النبي هو ابنه في العقيدة هومن يتبع الله والنبي ، وليس ابنه من يكفر به ولو كان من صلبه هنا ينبغي أن يتبرأالمؤمن من غير المؤمن وهنا أيضا ينبغي أن تتصل بين المؤمنين صلات العقيدة فحسب لااعتبارات الدم أو الجنس أو اللون أو الأرض واستغفر نوح ربه وتاب إليه ورحمه الله وأمره أن يهبط من السفينة محاطا ببركة الله ورعايته وهبط نوح من سفينته أطلق سراح الطيور والوحش فتفرقت في الأرض ، نزل المؤمنون بعد ذلك ولا يحكي لنا القرآن الكريم قصة من آمن مع نوح بعد نجاتهم من الطوفان السؤال الثالث كان نوح تقيا صادقا أرسله الله ليهدي قومه وينذرهم عذاب الآخرة ولكنهم عصوه وكذبوه ، وقد استمرت دعوته فيهم 950سنه وتتجلى قمة الصراع في قصة نوح إن الباطل يسخر من الحق زمنا طويلاً ثم جاء الطوفان فأغرقهم وبين من هلك ابنه وهنا درس في الولاء والبراء تنطوي عليه الآيات الكريمة التي تحكي قصة نوح وابنه فما هو؟ http://www.aljawariss.net/vb/images/smilies/N14-JWJ.gif |
۞ المسابقة الرمضانية ( الحلقة الرابعة) ۞
هود علية السلام نبذة أرسل إلى قوم عاد الذين كانوا بالأحقاف، وكانوا أقوياء الجسم والبنيان وآتاهم الله الكثير من رزقه ولكنهم لم يشكروا الله على ما آتاهم وعبدوا الأصنام فأرسل لهم الله هودا نبيا مبشرا ، كان حكيما ولكنهم كذبوه وآذوه فجاء عقاب الله وأهلكهم بريح صرصر عاتية استمرت سبع ليال وثمانية أيام سيرته عبادة الناس للأصنام بعد أن ابتلعت الأرض مياه الطوفان الذي أغرق من كفر بنوح عليه السلام ، قام من آمن معه ونجى بعمارة الأرضفكان كل من على الأرض في ذلك الوقت من المؤمنين لم يكن بينهم كافر واحد ومرت سنوات وسنوات مات الآباء والأبناء وجاء أبناء الأبناء نسى الناس وصية نوح وعادت عبادة الأصنام انحرف الناس عن عبادة الله وحده وتم الأمر بنفس الخدعة القديمة قال أحفاد قوم نوح : لا نريد أن ننسى آبائنا الذين نجاهم الله من الطوفانوصنعوا للناجين تماثيل ليذكروهم بها وتطور هذا التعظيم جيلا بعد جيل فإذا الأمر ينقلب إلى العبادة وإذا بالتماثيل تتحول بمكر من الشيطان إلى آلهة مع الله وعادت الأرض تشكو من الظلام مرة ثانية وأرسل الله سيدنا هودا إلى قومه إرسال هود عليه السلام كان "هود" من قبيلة اسمها "عاد" وكانت هذه القبيلة تسكن مكانا يسمى الأحقاف وهو صحراء تمتلئ بالرمال وتطل على البحر أما مساكنهم فكانت خياما كبيرة لها أعمدة شديدة الضخامة والارتفاع وكان قوم عاد أعظم أهل زمانهم في قوة الأجسام والطول والشدة كانوا عمالقة وأقوياء فكانوا يتفاخرون بقوتهم فلم يكن في زمانهم أحد في قوتهم ورغم ضخامة أجسامهم كانت لهم عقول مظلمة كانوا يعبدون الأصنام ، ويدافعون عنها ، ويحاربون منأجلها ويتهمون نبيهم ويسخرون منه وكان المفروض ما داموا قد اعترفوا أنهم أشد الناس قوة أن يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة قال لهم هود نفس الكلمة التي يقولها كل رسول لا تتغير ولا تنقص ولا تتردد ولا تتراجع كلمة واحدة هي الشجاعة كلها ، وهي الحق وحده (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ) ولكن كان موقف قومه التكذيب موقف الملأ من دعوة هود يروي المولى عزل وجل موقف الملأ (وهم الرؤساء) من دعوة هود عليه السلام سنرى هؤلاء الملأ في كل قصص الأنبياء سنرى رؤساء القوم وأغنيائهم ومترفيهم يقفون ضد الأنبياء يصفهم الله تعالى بقوله (وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) من مواقع الثراء والغنى والترف يولد الحرص على استمرار المصالح الخاصة ومن مواقع الثراء والغنى والترف والرئاسة، يولد الكبرياء ويلتفت الرؤساء في القوم إلى أنفسهم ويتساءلون: أليس هذا النبي بشرا مثلنا يأكل مما نأكل ويشرب مما نشرب؟ بل لعله بفقره يأكل أقل مما نأكل، ويشرب في أكواب صدئة، ونحن نشرب في أكواب الذهب والفضة كيف يدعي أنه على الحق ونحن على الباطل؟ هذا بشركيف نطيع بشرا مثلنا؟ ثم لماذا اختار الله بشرا من بيننا ليوحى إليه؟ قال رؤساء قوم هود: أليس غريبا أن يختار الله من بيننا بشرا ويوحي إليه؟ تسائل هو: ما هو الغريب في ذلك؟ إن الله الرحيم بكم قد أرسلني إليكم لأحذركم إن سفينة نوح وقصة نوح ليست ببعيدة عنكم لا تنسوا ما حدث لقد هلك الذين كفروا بالله وسيهلك الذين يكفرون بالله دائما مهما يكونوا أقوياء قال رؤساء قوم هود: من الذي سيهلكنا يا هود؟ قال هود: الله قال الكافرون من قوم هود: ستنجينا آلهتنا وأفهمهم هود أن هذه الآلهة التي يعبدونها لتقربهم من الله، هي نفسها التي تبعدهم عن الله. أفهمهم أن الله هووحده الذي ينجي الناس، وأن أي قوة أخرى في الأرض لا تستطيع أن تضر أوتنفع. واستمر الصراع بين هودوقومه وكلما استمر الصراع ومرت الأيام، زاد قوم هود استكبارا وعنادا وطغيانا وتكذيبا لنبيهم وبدءوا يتهمون "هودا" عليه السلام بأنه سفيه مجنون وتوقف هودعند قولهم (وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) بعد هذا التحدي لم يب قلهود إلا التحدي لم يبق له إلا التوجه إلى الله وحده لم يبق أمامه إلا إنذار أخير ينطوي على وعيد للمكذبين وتهديدا لهم وتحدث هود: إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ(54) مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ(55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِن َّرَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ(56) فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) (هود) إن الإنسان ليشعر بالدهشة لهذه الجرأة في الحق رجل واحد يواجه قوما غلاظا شدادا وحمقى يتصورون أن أصنام الحجارة تستطيع الإيذاء إنسان بمفرده يقف ضد جبارين فيسفه عقيدتهم ويتبرأ منهم ومن آلهتهم، ويتحداهم أن يكيدوا له بغير إبطاء أو إهمال وهو فرد مع قلة ممن امن معه وهم الاقوياء الجبارين وهذه معجزه يتحداهم بها فهو على استعداد لتلق يكيدهم وهو على استعداد لحربهم فقد توكل على الله والله هو القوي بحق بهذا الإيمان بالله والثقة بوعده والاطمئنان إلى نصره يخاطب هود الذين كفروا من قومه وهو يفعل ذلك رغم وحدته وضعفه لأنه يقف مع الأمن الحقيقي ويبلغ عن الله وهو في حديثه يفهم قومه أنه أدى الأمانة وبلغ الرسالة فإن كفروا فسوف يستخلف الله قوما غيرهم سوف يستبدل بهم قوما آخرين وهذا معناه أن عليهم أن ينتظروا العذاب هلاك عاد وهكذا أعلن هود لهم براءته منهم ومن آلهتهم وتوكل على الله الذي خلقه، وأدرك أن العذاب واقع بمن كفر من قومههذا قانون من قوانين الحياة يعذب الله الذين كفروا، مهما كانوا أقوياء أو أغنياء أو جبابرة أو عمالقة. انتظر هود وانتظر قومه وعدالله وبدأ الجفاف في الأرض لم تعد السماء تمطر. وهرع قوم هود إليه. ما هذا الجفاف يا هود؟ قال هود: إن الله غاضب عليكم، ولو آمنتم فسوف يرضى الله عنكم ويرسل المطر فيزيدكم قوة إلى قوتكم وسخر قوم هود منه وزادوا في العناد والسخرية والكفر. وزاد الجفاف، واصفرت الأشجار الخضراء ومات الزرع وجاء يوم فإذا سحاب عظيم يملأ السماءوفرح قوم هود وخرجوا من بيوتهم يقولون (هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا) تغير الجو فجأة من الجفاف الشديد والحر إلى البرد الشديد القارس بدأت الرياح تهب ارتعش كل شيء ارتعش تالأشجار والنباتات والرجال والنساء والخيام. واستمرت الريح. ليلة بعد ليلة، ويومابعد يوم كل ساعة كانت برودتها تزداد وبدأ قوم هود يفرون، أسرعوا إلى الخيام واختبئوا داخلها، اشتد هبوب الرياح واقتلعت الخيام، واختبئوا تحت الأغطية، فاشتد هبوب الرياح وتطايرت الأغطية كانت الرياح تمزق الملابس وتمزق الجلد وتنفذ من فتحات الجسم وتدمره لا تكاد الريح تمس شيئا إلا قتلته ودمرته، وجعلته كالرميم استمرت الرياح مسلطة عليهم سبع ليال وثمانية أيام لم تر الدنيا مثلها قط ثم توقفت الريح بإذن ربها لم يعد باقيا ممن كفر من قوم هود إلا ما يبقى من النخل الميت مجرد غلاف خارجي لا تكاد تضع يدك عليه حتى يتطاير ذرات في الهواء نجا هود ومن آمن معهوهلك الجبابرة وهذه نهاية عادلة لمن يتحدى الله ويستكبر عن عبادته السؤال الرابع كل الرسل قد كذبوا من اقوامهم ولقوا نفس الانكار بوجود الله الواحد ولقوا التحدي والتهديد والوعيد واعطى الله كل رسول معجزه وآيه0 فما هي المعجزه التي تحدى بها هود قومه؟ |
۞ المسابقة الرمضانية ( الحلقة الخامسة)۞
http://www.alamuae.com/gallery/data/media/123/0034.gif صالح عليه السلام نبذة أرسله الله إلى قوم ثمود وكانوا قوما جاحدين آتاهم الله رزقا كثيرا ولكنهم عصوا ربهم وعبدوا الأصنام وتفاخروا بينهم بقوتهم فبعث الله إليهم صالحا مبشرا ومنذرا ولكنهم كذبوه وعصوه وطالبوه بأن يأتي بآية ليصدقوه فأتاهم بالناقة وأمرهم أن لا يؤذوها ولكنهم أصرواعلى كبرهم فعقروا الناقة وعاقبهم الله بالصاعقة فصعقوا جزاء لفعلتهم ونجى الله صالحا والمؤمنين سيرته إرسال صالح عليه السلام لثمود جاء قوم ثمود بعد قوم عاد وتكررت قصة العذاب بشكل مختلف مع ثمودكانت ثمود قبيلة تعبد الأصنام هي الأخرى فأرسل الله سيدنا "صالحا" إليهم وقال صالح لقومه (يَا قَوْمِاعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ) نفس الكلمة التي يقولها كل نبي لا تتبدل ولا تتغير كما أن الحق لا يتبدل ولا يتغير فوجئ الكبار من قوم صالح بما يقوله إنه يتهم آلهتهم بأنها بلاقيمة وهو ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده وأحدثت دعوته هزة كبيرة في المجتمع وكان صالح معروفا بالحكمة والنقاء والخير كان قومه يحترمونه قبل أن يوحي الله إليه ويرسله بالدعوة إليهم وقال قوم صالح له قَالُواْ يَاصَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ(62) (هود) تأمل وجهة نظر الكافرين من قوم صالح إنهم يدلفون إليه من باب شخصي بحت لقد كان لنا رجاء فيك كنت مرجوا فينا لعلمك وعقلك وصدقك وحسن تدبيرك ثم خاب رجاؤنا فيك أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟ يا للكارثة كل شيء يا صالح إلا هذا ما كنا نتوقع منك أن تعيب آلهتنا التي وجدنا آبائنا عاكفين عليها وهكذا يعجب القوم مما يدعوهم إليه ويستنكرون ما هو واجب وحق ويدهشون أن يدعوهم أخوهم صالح إلى عبادة الله وحده لماذا؟ ما كان ذلك كله إلا لأن آبائهم كانوا يعبدون هذه الآلهة معجزة صالح عليه السلام ورغم نصاعة دعوة صالح عليه الصلاة والسلام فقد بدا واضحا أن قومه لن يصدقونه كانوا يشكون في دعوته واعتقدوا أنه مسحور وطالبوه بمعجزة تثبت أنه رسول من الله إليهم وشاءت إرادة الله أن تستجيب لطلبهم وكان قوم ثمود ينحتون من الجبال بيوتا عظيمة كانوا يستخدمون الصخر في البناء وكانوا أقوياء قد فتح الله عليهم رزقهم من كل شيء جاءوا بعد قوم عاد فسكنوا الأرض التي استعمروها قال صالح لقومه حين طالبوه بمعجزة ليصدقوه وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَتَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ(64) (هود) والآية هي المعجزة ويقال إن الناقة كانت معجزة لأن صخرة بالجبل انشقت يوما وخرجت منها الناقة ولدت من غير الطريق المعروف للولادة ويقال إنها كانت معجزة لأنها كانت تشرب المياه الموجودة في الآبار في يوم فلا تقترب بقية الحيوانات من المياه في هذا اليوم وقيل إنها كانت معجزة لأنها كانت تدر لبنا يكفي لشرب الناس جميعا في هذا اليوم الذي تشرب فيه الماء فلا يبقى شيء للناس كانت هذه الناقة معجزة وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله(نَاقَةُ اللّهِ) أضافها لنفسه سبحانه بمعنى أنها ليست ناقة عادية وإنما هي معجزة من الله وأصدر الله أمره إلى صالح أن يأمر قومه بعدم المساس بالناقة أو إيذائها أوقتلها أمرهم أن يتركوها تأكل في أرض الله وألا يمسوها بسوء، وحذرهم أنهم إذا مدوا أيديهم بالأذى للناقة فسوف يأخذهم عذاب قريب في البداية تعاظمت دهشة ثمود حين ولدت الناقة من صخور الجبلكانت ناقة مباركة كان لبنها يكفي آلاف الرجال والنساء والأطفال كان واضحا إنها ليست مجرد ناقة عادية وإنما هي آية من الله وعاشت الناقة بين قوم صالح آمن منهم من آمن وبقي أغلبهم على العناد والكفر وذلك لأن الكفار عندما يطلبون من نبيهم آية ليس لأنهم يريدون التأكد من صدقه والإيمان به وإنما لتحديه وإظهار عجزه أمام البشر لكن الله كان يخذلهم بتأييد أنبياءه بمعجزات من عنده واتجهوا إلى الذين آمنوا بصالح يسألونهم سؤال استخفاف وزراية أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ؟! قالت الفئة الضعيفة التي آمنت بصالح إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ فأخذت الذين كفروا العزة بالإثم. قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ هكذا باحتقار واستعلاء وغضب تآمر الملأ على الناقة وتحولت الكراهية عن سيدنا صالح إلى الناقة المباركة تركزت عليها الكراهية ، وبدأت المؤامرة تنسج خيوطها ضد الناقة كره الكافرون هذه الآية العظيمة ودبروا في أنفسهم أمرا وفي إحدى الليالي انعقدت جلسة لكبار القوم وقد أصبح من المألوف أن نرى أن في قصص الأنبياء هذه التدابير للقضاء على النبي أو معجزاته أو دعوته تأتي من رؤساء القوم ، فهم من يخافون على مصالحهم إن تحول الناس للتوحيد ومن خشيتهم إلى خشية الله وحده أخذ رؤساء القوم يتشاورون فيما يجب القيام به لإنهاء دعوة صالح فأشار عليهم واحد منهم بقتل الناقة ومن ثم قتل صالح نفسه لكن أحدهم قال: حذرنا صالح من المساس بالناقة، وهددنا بالعذاب القريب فقال أحدهم سريعا قبل أن يؤثر كلام من سبقه على عقول القوم: أعرف من يجرأ على قتل الناقة ووقع الاختيار على تسعة من جبابرة القوم وكانوا رجالا يعيثون الفساد في الأرض الويل لمن يعترضهم هؤلاء هم أداة الجريمة اتفق على موعد الجريمة ومكان التنفيذوفي الليلة المحددةوبينما كانت الناقة المباركة تنام في سلام انتهى المجرمون التسعة من إعداد أسلحتهم وسيوفهم وسهامهم لارتكاب الجريمةهجم الرجال على الناقة فنهضت الناقة مفزوعة امتدت الأيدي الآثمة القاتلة إليها. وسالت دمائها. هلاك ثمود علم النبي صالح بما حدث فخرج غاضبا على قومه قال لهم: ألم أحذركم من أن تمسوا الناقة؟ قالوا: قتلناها فأتنا بالعذاب واستعجله ألم تقل أنك من المرسلين؟ قال صالح لقومهتَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ بعدها غادر صالح قومه تركهم ومضى انتهى الأمر ووعده الله بهلاكهم بعد ثلاثة أيام ومرت ثلاثة أيام على الكافرين من قوم صالح وهم يهزءون من العذاب وينتظرون، وفي فجر اليوم الرابع: انشقت السماء عن صيحة جبارة واحدة انقضت الصيحة على الجبال فهلك فيها كل شيء حي هي صرخة واحدة لم يكد أولها يبدأ وآخرها يجيء حتى كان كفار قوم صالح قد صعقوا جميعا صعقة واحدة هلكوا جميعا قبل أن يدركوا ما حدث أما الذين آمنوا بسيدنا صالح فكانوا قد غادروا المكان مع نبيهم ونجوا السؤال الخامس كذب قوم صالح رسول ربهم وطالبوه بمعجزة تثبت أنه رسول من الله إليهم كما هو حال كل الامم ليس لأنهم يريدون التأكد من صدقه والإيمان به وإنما لتحديه وإظهار عجزه أمام البشر وقد استجاب الله وكانت تلك الايه هي ناقة الله وردت في الحلقه اربعة اسباب تجعل من هذه الناقه معجزه وآيه فما هي؟ http://www.aljawariss.net/vb/images/smilies/N14-JWJ.gif |
۞ المسابقة الرمضانية ( الحلقة السادسة )۞
http://www.alamuae.com/gallery/data/media/123/0034.gif ابراهيم عليه السلام الجزء الاول نبذة هو خليل الله اصطفاه الله برسالته وفضله على كثير من خلقه كان إبراهيم يعيش في قوم يعبدون الكواكب فلم يكنيرضيه ذلك وأحس بفطرته أن هناك إلها أعظم حتى هداه الله واصطفاه برسالته وأخذ إبراهيم يدعو قومه لوحدانية الله وعبادته ولكنهم كذبوه وحاولوا إحراقه فأنجاه الله من بين أيديهم جعل الله الأنبياء من نسل إبراهيم فولد له إسماعيل وإسحاق قام إبراهيم ببناء الكعبة مع إسماعيل سيرته منزلة إبراهيم عليه السلام هو أحد أولي العزم الخمسة الكبار الذين اخذ الله منهم ميثاقاغليظا وهم: نوح وإبراهيم و موسى وعيسى ومحمدصلى الله وسلم عليهم جميعا وقد كرم الله تبارك وتعالى إبراهيم تكريما خاصا فجعل ملته هي التوحيد الخالص النقي من الشوائب نحن أمام إنسان لم يكد الله يقول له أسلم حتى قال أسلمت لرب العالمين نبي هو أول من سمانا المسلمين نبي كان جدا وأبا لكل أنبياءالله الذين جاءوا بعده. نبي هادئ متسامح حليم أواه منيبيرسم القران الكريم لنا حال المشركين قبل بعثته وقد انقسمو الى اثلاث فئات: · فئة تعبد الأصنام والتماثيل الخشبية والحجرية. · وفئة تعبد الكواكب والنجوم والشمس والقمر. · وفئة تعبد الملوك والحكام. مواجهة عبدة الكواكب والنجوم قرر إبراهيم عليه السلام مواجهة عبدة النجوم من قومه، فأعلن عندما رأى أحد الكواكب في الليل، أن هذا الكوكب ربه غير أن إبراهيم كان يدخر لقومه مفاجأة مذهلة في الصباح لقد أفل الكوكب الذي التحق بديانته بالأمسوإبراهيم لا يحب الآفلينفعاد إبراهيم في الليلة الثانية يعلن لقومه أن القمر ربه لكن القمر كالزهرة كأي كوكب آخر يظهر ويختفي فقال إبراهيم عدما أفل القمر لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّين نلاحظ هنا أنه عندما يحدث قومه عن رفضه لألوهية القمرفإنه يمزق العقيدة القمرية بهدوء ولطف كيف يعبد الناس ربا يختفي ويأفل(لَئِن لَّمْ يَهْدِنِ يرَبِّي) يفهمهم أن له ربا غير كل ما يعبدون غير أن اللفتة لا تصل إليهم ويعاود إبراهيم محاولته في إقامة الحجة على الفئة الأولى منقومه عبدة الكواكب والنجومفيعلن أن الشمس ربه لأنها أكبر من القمر وما أن غابت الشمس حتى أعلن براءته من عبادة النجوم والكواكب فكلها مخلوقات تأفل وأنهى جولته الأولى بتوجيهه وجهه للذي فطر السماوات والأرض حنيفا ليس مشركا مثلهم مواجهة عبدة الأصنام خرج إبراهيم على قومه بدعوته قال بحسم غاضب وغيرة على الحق إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ(52)قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَاعَابِدِينَ(53)قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ(54)قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ(55)قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ(56) (الأنبياء) انتهى الأمر وبدأ الصراع بين إبراهيم وقومه.. كان أشدهم ذهولا وغضبا هو أباه واشتبك الأب والابن في الصراع فصلت بينهما المبادئ فاختلفا الابن يقف مع الله، والأب يقف مع الباطل قال له ابوه وهو ثائر إذا لم تتوقف عن دعوتك هذه فسوف أرجمك سأقتلك ضربا بالحجارة وانتهى الأمر وأسفر الصراع عن طرد إبراهيم من بيته رغم ذلك تصرف إبراهيم كابن بار ونبي كريم خاطب أباه بأدب الأنبياء قال لأبيه ردا على الإهانات والتجريح والطرد والتهديد بالقتل قَالَسَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا(47)وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا(48) (مريم) وخرج إبراهيم وقررفي نفسه أمرا كان يعرف أن هناك احتفالا عظيما يقام على الضفة الأخرى من النهر وينصرف الناس جميعا إليه وانتظر حتى جاء الاحتفال وخلت المدينة التي يعيش فيها من الناسخرج إبراهيم حذرا وهو يقصد بخطاه المعبد نظر إلى تماثيل الآلهة المنحوتة من الصخر والخش بنظر إلى الطعام الذي وضعه الناس أمامها كنذور وهدايا اقترب إبراهيم من التماثيل وسألهم أَلَا تَأْكُلُونَ مَالَكُمْ لَا تَنطِقُونَ ثم هوى بفأسه على الآلهةوتحولت الآلهة المعبودة إلى قطع صغيرة من الحجارة والأخشاب المهشمة إلا كبيرهم فتسائل القوم (قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ). عندئذ تذكر الذين سمعوا إبراهيم ينكر على أبيه ومن معه عبادة التماثيل ويتوعدهم أن يكيد لآلهتهم بعد انصرافهم عنها! فأحضروا إبراهيم عليه السلام وتجمّع الناس وسألوه أَأَنتَفَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ فأجابهم إبراهيم (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ) والتهكم واضح في هذا الجواب الساخر فهي جماد لا إدراكله أصلا ويبدو أن هذا التهكم الساخر قد هزهم هزا وردهم إلى شيء من التدبر التفكر فَرَجَعُواإِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ(64) (الأنبياء) وكانت بادرة خير أن يستشعروا ما في موقفهم من سخفوما في عبادتهم لهذه التماثيل من ظلم لكن ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَاهَؤُلَاء يَنطِقُونَ(65) (الأنبياء) وحقا كانت الأولى رجعة إلى النفوس وكانت الثانية نكسة على الرؤوس ثم يجيبهم قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ(66)أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ(67) (الأنبياء) وهي قولة يظهر فيها ضيق الصدرن وغيظ النفس والعجب من السخف الذي يتجاوز كل مألوف عندذلك أخذتهم العزة بالإثم كما تأخذ الطغاة دائما حين يفقدون الحجة ويعوزهم الدليل فيلجأون إلى القوة الغاشمة والعذاب الغليظ قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُ مْفَاعِلِينَ(68) (الأنبياء) يتبع |
نجاة إبراهيم عليه السلام من النار وفعلا بدأ الاستعداد لإحراق إبراهيم انتشر النبأ في المملكة كلها وجاء الناس من القرى والجبال والمدن ليشهدوا عقاب الذي تجرأ على الآلهة وحطمها واعترف بذلك وسخر من الكهنة وحفروا حفرة عظيمة ملئوها بالحطب والخشب وأشعلوا فيها النار وأحضروا المنجنيق وضعوا إبراهيم بعد أن قيدوا يديه وقدميه في المنجنيق واشتعلت النار في الحفرة وتصاعد اللهب إلى السماء. وكان الناس يقفون بعيدا عن الحفرة من فرط الحرارة اللاهبة وأصدر كبير الكهنة أمره بإطلاق إبراهيم في النار جاء جبريل عليه السلام ووقف عند رأس إبراهيم وسأله: يا إبراهيمألك حاجة؟ قال إبراهيم: أما إليك فلا انطلق المنجنيق ملقيا إبراهيم في حفرة النار كانت النار موجودة في مكانها ولكنها لم تكن تمارس وظيفتها في الإحراق فقد أصدر الله جل جلاله إلى النارأمره بأن تكون (بَرْدًاوَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ) أحرقت النارقيوده فقط وجلس إبراهيم وسطها كأنه يجلس وسط حديقة كان يسبّح بحمد ربه ويمجّدهلم يكن في قلبه مكان خال يمكن أن يمتلئ بالخوف أو الرهبة أو الجزع كان القلب مليئا بالحب وحده ومات الخوف وتلاشت الرهبة واستحالت النار إلى سلام بارد يلطف عنه حرارة الجو. جلس الكهنة والناس يرقبون النار من بعيدكانت حرارته اتصل إليهم على الرغم من بعدهم عنهاوظلت النار تشتعل فترة طويلة حتى ظن الكافرون أنها لن تنطفئ أبدا فلما انطفأت فوجئوا بإبراهيم يخرج من الحفرة سليما كما دخل ووجهه يتلألأ بالنور والجلال وثيابه كماهي لم تحترق وليس عليه أي أثر للدخان أو الحريق. خرج إبراهيم من النار كما لو كان يخرج من حديقة وتصاعدت صيحات الدهشة الكافرة خسروا جولتهم خسارة مريرة وساخرة. وَأَرَادُوابِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ(70) (الأنبياء) مواجهة عبدة الملوك: ذهب إبراهيم عليه السلام لملك متألّه كان في زمانه وتجاوز القرآن اسم الملك لانعدام أهميته لكن روي أن الملك المعاصرلإبراهيم كان يلقب (بالنمرود) وهو ملك الآراميين بالعراق كما تجاوز حقيقة مشاعره كما تجاوز الحوار الطويل الذي دار بين إبراهيم وبينهلكن الله تعالى في كتابه الحكيم أخبرنا الحجة الأولى التي أقامها إبراهيم عليه السلام على الملك الطاغية فقال إبراهيم بهدوء (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ) قال الملك (أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ) أستطيع أن أحضررجلا وأقتله وأستطيع أن أعفو عن محكوم عليه بالإعدام وأنجيه من الموت وبذلك أكون قادرا على الحياة والموت. لم يجادل إبراهيم الملك لسذاجة ما يقول غير أنه أراد أن يثبت للملك أنه يتوهم في نفسه القدرة وهو في الحقيقة ليس قادرافقال إبراهيم (فَإِنَّاللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَالْمَغْرِبِ) استمع الملك إلى تحدي إبراهيم صامتا فلما انتهى كلام النبي بهت الملك أحس بالعجز ولم يستطع أن يجيب لقد أثبت له إبراهيم أنه كاذب قال له إنالله يأتي بالشمس من المشرق فهل يستطيع هو أن يأتي بها من المغرب إن للكون نظما وقوانين يمشي طبقا لها قوانين خلقها الله ولا يستطيع أي مخلوق أن يتحكم فيها ولوكان الملك صادقا في ادعائه الألوهية فليغير نظام الكون وقوانينه ساعتها أحس الملك بالعجز وأخرسه التحدي ولم يعرف ماذا يقول ولا كيف يتصرف انصرف إبراهيم من قصرالملك بعد أن بهت الذي كفر. انتهى الجزء الاول السؤال السادس كرم الله تبارك وتعالى إبراهيم تكريما خاصا فجعل ملته هي التوحيد الخالص النقي من الشوائب وجعل العقل في جانب الذين يتبعون دينه واما الذين اشركوا فقد طبع الله على قلوبهم وعقولهم فماهي احوال المشركين قبل بعثته عليه الصلاة والسلام؟ |
۞ المسابقة الرمضانية (الحلقة السابعة) ۞
http://www.alamuae.com/gallery/data/media/123/0034.gif ابراهيم عليه السلام الجزء الثاني هجرة إبراهيم عليه السلام انطلقت شهرة إبراهيم في المملكة كلها تحدث الناس عن معجزته ونجاته من النار وقفه مع الملك وكيف أخرس الملك فلم يعرف ماذا يقول واستمر إبراهيم في دعوته لله تعالى بذل جهده ليهدي قومه حاول إقناعهم بكل الوسائل ورغم حبه لهم وحرصه عليهم فقد غضب قومه وهجروه ولم يؤمن معه من قومه سوى امرأة ورجل واحد امرأة تسمى سارة وقد صارت فيما بعد زوجته ورجل هو لوط وقد صار نبيا فيما بعد وحين أدرك إبراهيم أن أحدا لن يؤمن بدعوته قرر الهجرة قبل أن يهاجر دعا والده للإيمان ثم تبين لإبراهيم أن والده عدو لله وأنه لا ينوي الإيمان فتبرأ منه وقطع علاقته به خرج إبراهيم عليه السلام من بلده وبدأ هجرته سافر إلى مدينة تدعى أور ومدينة تسمى حاران ثم رحل إلى فلسطين ومعه زوجته المرأة الوحيدة التي آمنت به وصحب معه لوط الرجل الوحيد الذي آمن به بعد فلسطين ذهب إبراهيم إلى مصر وطوال هذا الوقت وخلال هذه الرحلات كلها كان يدعو الناس إلى عبادة الله ويحارب في سبيله ويخدم الضعفاء والفقراء ويعدل بين الناس ويهديهم إلى الحقيقة والحق وكانت زوجته سارة لا تلد وكان ملك مصر قد أهداها سيدة مصريةلتكون في خدمتها وكان إبراهيم قد صار شيخا وابيض شعره من خلال عمر أبيض أنفقه في الدعوة إلى الله وفكرت سارة ماذا لو قدمت له السيدة المصرية لتكون زوجة لزوجها؟ وكان اسم المصرية "هاجر" وهكذا زوجت سارة سيدنا إبراهيم من هاجر وولدت هاجر ابنها الأول فأطلق والده عليه اسم اسماعيل رحلة إبراهيم مع هاجر وإسماعيل لوادي مكة استيقظ إبراهيم يوما فأمر زوجته هاجر أن تحمل ابنها وتستعد لرحلة طويلة وبعد أيام بدأت رحلة إبراهيم مع زوجته هاجر ومعهما ابنهما اسماعيل وكان الطفل رضيعا لم يفطم بعد حتى دخل إلى صحراء الجزيرة العربية وقصد إبراهيم واديا ليس فيه زرع ولا ثمر ولا شجر ولا طعام ولا مياه ولاشراب كان الوادي يخلو تماما من علامات الحياة وصل إبراهيم إلى الوادي وهبط من فوق ظهر دابته وأنزل زوجته وابنه وتركهما هناك ترك معهما جرابا فيه بعض الطعام وقليلا من الماء ثم استدار وتركهما وسار أسرعت خلفه زوجته وهي تقول له: هلالله أمرك بهذا؟ قال إبراهيم عليه السلام: نعم قالت زوجته المؤمنة العظيمة: لن نضيع ما دام الله معنا وهو الذي أمرك بهذا وسار إبراهيم حتى إذا أخفاه جبل عنهما وقف ورفع يديه الكريمتين إلى السماء وراح يدعو الله (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍع عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) أرضعت أم إسماعيل ابنها وأحست بالعطش كانت الشمس ملتهبة وساخنة وتثير الإحساس بالعطش بعد يومين انتهى الماء تماما وجف لبن الأم وأحست هاجر وإسماعيل بالعطش كان الطعام قد انتهى هو الآخر وبدا الموقف صعبا وحرج اللغاية ماء زمزم بدأ اسماعيل يبكي من العطش وتركته أمه وانطلقت تبحث عن ماء راحت تمشي مسرعة حتى وصلت إلى جبل اسمه "الصفا" فصعدت إليه وراحت تبحث بهما عن بئر أو إنسان أو قافلة لم يكن هناك شيء ونزلت مسرعة من الصفا حتى إذا وصلت إلى الوادي راحت تسعى سعي الإنسان المجهد حتى جاوزت الوادي ووصلت إلى جبل "المروة" فصعدت إليه ونظرت لترى أحدا لكنها لم تر أحدا وعادت الأم إلى طفلها فوجدته يبكي وقد اشتد عطشه وأسرعت إلى الصفا فوقفت عليه وهرولت إلى المروة فنظرت من فوقه وراحت تذهب وتجيء سبع مرات عادت هاجر بعد المرة السابعة وهي مجهدة متعبة وجلست بجوار ابنها الذي كان صوته قد بح من البكاء والعطش وفي هذه اللحظة اليائسة أدركتهما رحمة الله فانفجرت بئر زمزم وفار الماء أنقذت حياتا الطفل والأم راحت الأم تغرف بيدها وهي تشكر الله وشربت وسقت طفلها وبدأت الحياة تدب في المنطقة صدق ظنها حين قالت : لن نضيعما دام الله معنا وبدأت بعض القوافل تستقر في المنطقة وجذب الماء الذي انفجر من بئر زمزم عديدا من الناس وبدأ العمران يبسط أجنحته على المكان الأمر بذبح إسماعيل عليه السلام امر الله تعالى سيدنا ابراهيم واسماعيل بان يبنيا الكعبة فبدا ابراهيم في بنائه واسماعيل يناوله الحجارة حتى اكتمل البيت وبقي موضع لحجرفي احد الاركان فوضع ابراهيم الحجر الاسود في ذلك الموضع وهو من احجارالجنه ثم ارسل الله تعالى جبريل عليه السلام الى ابراهيم واسماعيل بعد انانتهيا من بناء البيت ليعلمهما مناسك الحج وبعد ذلك امر الله تعالى ان يؤذن في الناس بالحج فلما سال ابراهيم ربه :يارب وما يبلغ صوتى؟ اى صوت ضعيف لن يسمعه كل الناس فاوحى الله تعالى اليه عليك الاذان والبلاغ ويقول المؤرخون : ان ابراهيم عليه السلام نادى : يا عباد الله ان ربكم قد بنى بيتا فحجوة واجيوا داعى الله فسمعه جميع الاحياء في مشارق الارض ومغاربها ممن امنوا بالله تعالى كانت الكعبه بذلك هى اول بيت وضع للناس لعباده الله في حين كانت بقيه الشعوب والقبائل في ذلك الوقت تشيد البيوت والمعابد لعباده الاصنام والتماثيل وابتلى الله تعالى إبراهيم بلاء عظيما فبعد ان اتماء البناء رأى إبراهيم عليه السلام في المنام أنه يذبح ابنه الوحيد وإبراهيم يعمل أن رؤيا الأنبياء وحي انظر كيف يختبر الله عباده تأمل أي نوع من أنواع الاختبار نحن أمام نبي قلبه أرحم قلب في الأرض اتسع قلبه لحب الله وحب من خلق جاءه ابن على كبر وقد طعن هو في السن ولا أمل هناك في أن ينجب ثم ها هو ذا يستسلم للنوم فيرى في المنام أنه يذبح ابنه وبكره ووحيده الذي ليس له غيره فكر إبراهيم أن يقول لولده ليكون ذلك أطيب لقلبه وأهون عليه من أن يأخذه قهرا ويذبحه قهرا هذا أفضل انتهى الأمر وذهب إلى ولده (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى) انظر إلى تلطفه في إبلاغ ولده وترك الأمر لينظر فيه الابن بالطاعة إن الأمر مقضي في نظر إبراهيم لأنه وحي من ربه فماذا يرى الابن الكريم في ذلك؟ أجاب اسماعيل هذا أمر يا أبي فبادر بتنفيذه (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) تأمل رد الابن إنسان يعرف أنه سيذبح فيمتثل للأمر الإلهي ويقدم المشيئة ويطمئن والده أنه سيجده (إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) هو الصبر على أي حال وعلى كل حال وربما استعذب الابن أن يموت ذبحا بأمر من الله ها هو ذا إبراهيم يكتشف أن ابنه ينافسه في حب الله لا نعرف أي مشاعر جاشت في نفس إبراهيم بعد استسلام ابنه الصابر ينقلنا الحق نقلة خاطفة فإذا اسماعيل راقد على الأرض وجهه في الأرض رحمة به كيلا يرى نفسه وهو يذبح وإذا إبراهيم يرفع يده بالسكين وإذا أمر الله مطاع استخدم القرآن هذا التعبير (فَلَمَّا أَسْلَمَا) هذا هو الإسلام الحقيقي تعطي كل شي ءفلا يتبقى منك شيء عندئذ فقط وفي اللحظة التي كان السكين فيها يتهيأ لإمضاء أمره نادى الله إبراهيم انتهى اختباره وفدى الله اسماعيل بذبح عظيم وصار اليوم عيدا لقوم لم يولدوا بعد هم المسلمون ومضت قصة إبراهيم ترك ولده اسماعيل وعاد يضرب في أرض الله داعيا إليه خليلا له وحده ومرت الأيام كان إبراهيم قد هاجر من أرض الكلدانيين مسقط رأسه في العراق وعبر الأردن وسكن في أرض كنعان في البادية ولم يكن إبراهيم ينسى خلال دعوته إلى الله أن يسأل عن أخبار لوط مع قومه وكان لوط أول من آمن به وقد أثابه الله بأن بعثه نبيا إلى قوم من الفاجرين العصاة السؤال السابع ابتلا الله خليلة سيدنا ابراهيم عليه السلام ببلاء مبين بلاء فوق قدرة البشر وطاقة الأعصاب ورغم حدة الشدة وعنت البلاء كان إبراهيم هو العبد الذي وفى وزاد على الوفاء بالإحسان فما هو هذا البلاء الذي ابتلي به عليه الصلاة والسلام؟ http://www.aljawariss.net/vb/images/smilies/N14-JWJ.gif |
۞ المسابقة الرمضانية( الحلقة الثامنة)۞
http://www.alamuae.com/gallery/data/media/123/0034.gif لوط عليه السلام نبذة أرسله الله ليهدي قومه ويدعوهم إلى عبادة الله وكانوا قوما ظالمين يأتون الفواحش ويعتدون على الغرباء وكانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء فلما دعاهم لوط لترك المنكرات أرادوا أن يخرجوه هو وقومه فلم يؤمن به غير بعض من آل بيته أما امرأته فلم تؤمن ولما يئس لوط دعا الله أن ينجيهم ويهلك المفسدين فجاءت له الملائكة وأخرجوا لوط ومن آمن به وأهلكوا الآخرين بحجارة مسومة سيرته حال قوم لوط دعى لوط قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له ونهاهم عن كسب السيئات والفواحشواصطدمت دعوته بقلوب قاسية وأهواء مريضةوحكموا على لوط وأهله بالطرد من القرية فقد كان القوم الذين بعث إليهم لوط يرتكبون عددا كبيرا من الجرائم البشعة كانوا يقطعون الطريق ويخونون الرفيق ويتواصون بالإثم ولا يتناهون عن منكر وقد زادوا في سجل جرائمهم جريمة لم يسبقهم بها أحد من العالمينكانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء لقد اختلت المقاييس عند قوم لوط فصارالرجال أهدافا مرغوبة بدلا من النساء وصار النقاء والطهر جريمة تستوجب الطردكانوا مرضى يرفضون الشفاء ويقاومونه كانوا يرتكبون جريمتهم علانية في ناديهم وكانوا إذا دخل المدينة غريب أو مسافر أوضيف لم ينقذه من أيديهم أحد وكانوا يقولون للوط استضف أنت النساء ودع لناالرجال واستطارت شهرتهم الوبيلة وجاهدهم لوط جهادا عظيما وأقام عليهم حجته ومرت الأيام والشهور والسنوات وهو ماض في دعوته بغير أن يؤمن له أحد لم يؤمن به غير أهل بيته حتى أهل بيته لم يؤمنوا به جميعاكانت زوجته كافرة وزاد الأمر بأن قام الكفرة بالاستهزاء برسالة لوط عليه السلام فكانوا يقولون (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنكُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فيئس لوط منهم ودعا الله أن ينصره ويهلك المفسدين ذهاب الملائكة لقوم لوط خرجت الملائكة من عند إبراهيم قاصدين قرية لوط بلغوا أسوار سدوم وابنة لوط واقفة تملأ وعاءها من مياه النهر رفعت وجهها فشاهدتهمفسألها أحدالملائكةيا جارية:هل من منزل؟ قالت [وهي تذكر قومها] مكانكم لا تدخلوا حتى أخبر أبي وآتيكمأسرعت نحو أبيه افأخبرته فهرع لوط يجري نحوالغرباءفلم يكد يراهم حتى (سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ) سألهم: من أين جاءوا؟ وما هي وجهتهم؟ فصمتوا عن إجابته وسألوه أن يضيفهم استحى منهم وسار أمامهم قليلا ثم توقف والتفت إليهم يقول: لا أعلم على وجه الأرض أخبث من أهل هذا البلد قال كلمته ليصرفهم عن المبيت في القرية غير أنهم غضوا النظر عن قوله ولم يعلقوا عليه وعاد يسير معهم ويلوي عنق الحديث ويقسره قسرا ويمضي به إلى أهل القريةحدثهم أنهم خبثاء. أنهم يخزون ضيوفهمحدثهم أنهم يفسدون في الأرض وكان الصراع يجري داخله محاولا التوفيق بين أمرينصرف ضيوفه عن المبيت في القرية دون إحراجهم وبغير إخلال بكرم الضيافة عبثا حاول إفهامهم والتلميح لهم أن يستمروا في رحلتهم دون نزول بهذه القرية سقط الليل على المدينة صحب لوط ضيوفه إلى بيته لم يرهم من أهل المدينة أحد لم تكد زوجته تشهد الضيوف حتى تسللت خارجة بغير أن تشعره أسرعت إلى قومها وأخبرتهم الخبر وانتشر الخبر مثل النار في الهشيم وجاء قوم لوط له مسرعين تساءل لوط بينه وبين نفسه: من الذي أخبرهم؟ وقف القوم على باب البيت خرج إليهم لوط متعلقا بأمل أخير، وبدأ بوعظهم: (هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُلَكُمْ) قال لهم: أمامكم النساء -زوجاتكم- وهن في حكم بناتي هن أطهر فهن يلبين الفطرة السوية كما أن الخالق -جلّ في علاه- قد هيّئهن لهذا الأمر (فَاتَّقُواْ اللّهَ) يلمس نفوسهم من جانب التقوى بعد أن لمسها من جانب الفطرة اتقوا الله وتذكروا أن الله يسمع ويرى ويغضب ويعاقب وأجدر بالعقلاء اتقاء غضبه (وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي) هي محاولة يائسة لِلَمْس نخوتهم وتقاليدهم و ينبغي عليهم إكرام الضيف لا فضحه (أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ) أليس فيكم رجل عاقل؟ إن ما تريدونه -لو تحقق- هو عين الجنون إلا أن كلمات لوط عليه السلام لم تلمس الفطرة المنحرفة المريضة ولا القلب الجامد الميت ولا العقل المريض الأحمق ظلت الفورة الشاذة على اندفاعهاأحس لوط بضعفه وهو غريب بين القوم نازح إليهم من بعيد بغير عشيرة تحميه ولا أولاد ذكور يدافعون عنه دخل لوط غاضبا وأغلق باب بيته كان الغرباء الذين استضافهم يجلسون هادئين صامتينفدهش لوط من هدوئهم وازدادت ضربات القوم على الباب وصرخ لوط في لحظة يأس خانق (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) تمنى أن تكون له قوة تصدهم عن ضيفه وتمنى لو كان له ركن شديد يحتمي فيه ويأوي إليه غاب عن لوط في شدته وكربته أنه يأوي إلى ركن شديد ركن الله الذي لا يتخلى عن أنبيائه وأوليائه هلاك قوم لوط عندما بلغ الضيق ذروته وقال النبي كلمته تحرك ضيوفه ونهضوا فجأة أفهموه أنه يأوي إلى ركن شديدفقالوا له لا تجزع يا لوط ولا تخف نحن ملائكة ولن يصل إليك هؤلاء القومثم نهض جبريل عليه السلام وأشار بيده إشارة سريعة ففقد القوم أبصارهم التفتت الملائكة إلى لوط وأصدروا إليه أمرهم أن يصحب أهله أثناء الليل ويخرج سيسمعون أصواتا مروعة تزلزل الجبال لا يلتفت منهم أحد كي لايصيبه ما يصيب القوم أي عذاب هذا؟ هو عذاب من نوع غريب يكفي لوقوعه بالمرء مجرد النظر إليه أفهموه أن امرأته كانت من الغابرين امرأته كافرة مثلهم وستلتفت خلفها فيصيبها ما أصابهم سأل لوط الملائكة: أينزل الله العذاب بهم الآن أنبئوه أن موعدهم مع العذاب هو الصبح(أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)؟ خرج لوط مع بناته وزوجته ساروا في الليل وغذوا السير واقترب الصبح كان لوط قد ابتعد مع أهله ثم جاء أمر الله تعالىقال العلماء: اقتلع جبريل عليه السلام بطرف جناحه مدنهم السبع من قرارها البعيد رفعها جميعا إلى عنان السماء حتى سمعت الملائكة أصوات ديكتهم ونباح كلابهم قلب المدن السبع وهوى بها في الأرض أثناء السقوط كانت السماء تمطرهم بحجارة من الجحيم حجارة صلبة قوية يتبع بعضها بعضا ومعلمة بأسمائهم ومقدرة عليهم استمر الجحيم يمطرهم وانتهى قوم لوط تماما لم يعد هناك أحد نكست المدن على رؤوسها وغارت في الأرض حتى انفجر الماء من الأرض هلك قوم لوط ومحيت مدنهم كان لوط يسمع أصوات مروعة وكان يحاذر أن يلتفت خلفه نظرت زوجته نحو مصدر الصوت فانتهت تهرأ جسدها وتفتت مثل عمود ساقط من الملح قال العلماء: إن مكان المدن السبع بحيرة غريبة ماؤها أجاجوكثافة الماء أعظم من كثافة مياه البحر الملحة وفي هذه البحيرة صخور معدنية ذائبة توحي بأن هذه الحجارة التي ضرب بها قوم لوط كانت شهبا مشعلة يقال إن البحيرة الحالية التي نعرفها باسم "البحر الميت" في فلسطين هي مدن قوم لوط السابقة انطوت صفحة قوم لوط انمحت مدنهم وأسمائهم من الأرض سقطوا من ذاكرة الحياة والأحياء وطويت صفحة من صفحات الفساد وتوجه لوط إلى إبراهيم زار إبراهيم وقص عليه نبأ قومه وأدهشه أن إبراهيم كانيعلم ومضى لوط في دعوته إلى الله مثلما مضى الحليم الأواه المنيب إبراهيم فيدعوته إلى الله مضى الاثنان ينشران الإسلام في الأرض السؤال الثامن يقول لوط واعظا لقومه (هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُلَكُمْ) ولكن هذه المواعظ لم تلمس الفطرة المنحرفة المريضة ولا القلب الجامد الميت ولا العقل المريض بماذا كان يقصد لوط عليه السلام بقوله هَـؤُلاء بناتي هن اطهر لكم؟ http://www.aljawariss.net/vb/images/smilies/N14-JWJ.gif |
۞المسابقة الرمضانية ( الحلقة التاسعة)۞
http://www.alamuae.com/gallery/data/media/123/0034.gif سيدنا اسماعيل عليه السلام نبذة هو ابن إبراهيم البكر وولدالسيدة هاجر سار إبراهيم بهاجر بأمر من الله حتى وضعها وابنها في موضع مكة وتركهما ومعهما قليل من الماء والتمر ولما نفد الزاد جعلت السيدة هاجر تطوف هنا وهناك حتى هداها الله إلى ماء زمزم ووفد عليها كثير من الناس حتى جاء أمر الله لسيدنا إبراهيم ببناء الكعبة ورفع قواعد البيت فجعل إسماعيل يأتي بالحجر وإبراهيم يبني حتى أتما البناء ثم جاء أمر الله بذبح إسماعيل حيث رأى إبراهيم في منامه أنه يذبح ابنه فعرض عليه ذلك فقال "يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله منالصابرين" ففداه الله بذبح عظيم كان إسماعيل فارسا فهو أول من استأنس الخيل وكان صبورا حليما يقال إنه أول من تحدث بالعربية البينة وكان صادق الوعد، وكان يأمرأهله بالصلاة والزكاة وكان ينادي بعبادة الله ووحدانيته سيرته الاختبار الأول ذكر الله في كتابه الكريم ثلاث مشاهد من حياة إسماعيل عليه السلام كل مشهد عبارة عن محنة واختبار لكل من ابراهيم وإسماعيل عليهما السلام أول هذه المشاهد هو أمر الله سبحانه وتعالى لأبراهيم بترك إسماعيل وأمه في واد مقفر لا ماء فيه ولاطعام فما كان من ابراهيم عليه السلام إلا الاستجابة لهذا الأمر الرباني وهذا بخلاف ما ورد في الاسرائليات من أنابراهيم حمل ابنه وزوجته لوادي مكة لأن سارة زوجةابراهيم الأولى اضطرته لذلك من شدة غيرتها من هاجرفالمتأمل لسيرة ابراهيم عليه السلام سيجد أنه لم يكن ليتلقّى أوامره من أحد غير الله أنزل زوجته وابنه وتركهما هناك ترك معهما جرابا فيه بعض الطعام وقليلا من الماء ثم استدار وتركهم اوسار كما ورد ذكر ذلك في الحلقه الماضيه وما تعرضا له من العطش والوحده ثم انفجار ماء زمزم المبارك وما اعقبه من بداية العمران والتجمع السكاني في هذا الواد المغفر كانت هذه هي المحنة الاولى أما المحنة الثانية فهي الذبح الاختبار الثاني كبر إسماعيل وتعلق به قلب ابراهيم جاءه العقب على كبر فأحبه ثم رأى ابراهيم عليه السلام في المنام أنه يذبح ابنه الوحيد إسماعيل فامتثل وابنه عليهما السلام لهذا الامر وهذا الاختبار والمتحان الذي لايحتمله قلب واذعنا لامر الله تعالى وباشرا في تنفيذ هذا الامر الالاهي طاعة واستسلاما واسلاما لله سبحانه عندها فرج الله عليهما وفداه بذبح عظيم وقد نجحا في الاختبار الثاني خبر زوجة إسماعيل عاش إسماعيل في شبه الجزيرة العربية ما شاء الله له أن يعيش روض الخيل واستأنسها واستخدمها وساعدت مياه زمزم على سكنى المنطقة وتعميرها استقرت بها بعض القوافل وسكنتها القبائل وكبر إسماعيل وتزوج وزاره ابراهيم فلم يجده في بيته ووجد امرأته سألها عن عيشهم وحالهم فشكت إليه من الضيق والشدة قال لها : إذا جاء زوجك مريه أن يغير عتبة بابه فلما جاء إسماعيل ووصفت له زوجته الرجل قال: هذا أبي وهويأمرني بفراقك الحقي بأهلك وتزوج إسماعيل امرأة ثانية زارها إبراهيم يسألها عن حالها فحدثته أنهم في نعمة وخير وطاب صدر ابراهيم بهذه الزوجة لابنه. الاختبارالثالث وها نحن الآن أمام الاختبارالثالث اختبار لا يمس إبراهيم وإسماعيل فقط بل يمس ملايين البشر من بعدهم إلى يوم القيامة إنها مهمة أوكلها الله تعالى لهذين النبيين الكريمين مهمة بناء بيتالله تعالى في الأرض كبر إسماعيل وبلغ أشده وجاءه ابراهيم وقال له: يا إسماعيل إن الله أمرني بأمر قال إسماعيل: فاصنع ما أمرك به ربك قال ابراهيم: وتعينني؟ قال: وأعينك فقال : ابراهيم فإن الله أمرني أن ابني هنا بيتا أشار بيده لصحن منخفض هناك صدر الأمر ببناء بيت الله الحرام هو أول بيت وضع للناس فيالأرض وهو أول بيت عبد فيه الإنسان ربه ولما كان آدم هو أول إنسان هبط إلى الأرض فإليه يرجع فضل بنائه أول مرة قال العلماء: إن آدم بناه وراح يطوف حوله مثلما يطوف الملائكة حول عرش الله تعالىثم مات آدم ومرت القرون وطال عليه العهد فضاع أثر البيت وخفي مكانه وها هو ذا أبراهي ميتلقى الأمر ببنائه مرة ثانية ليظل في المرة الثانية قائما إلى يوم القيامة إن شاءالله وبدأ بناء الكعبة http://7bna.com/up/uploads/96ec0e1700.gif هذا الحجر الذي كان يقف عليه سيدنا ابراهيم ليرتقي عليه في بناء الكعبه أي جهد شاق بذله النبيان الكريمان وحدهما؟ كان عليهما حفر الأساس لعمق غائر في الأرض وكان عليهما قطع الحجارة من الجبال البعيدة والقريبة ونقلها بعد ذلك، وتسويتها، وبناؤها وتعليتها وكان الأمر يستوجب جهد جيل من الرجال ولكنهما بنياها معا لم يحدثنا الله عن زمن بناء الكعبة حدثنا عن أمر أخطر وأجدى. حدثنا عن تجرد نفسية من كان يبنيها ودعائه وهو يبنيها: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(127)رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ(128)رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ(129) (البقرة) http://www.a6har.com/Makkah/Makkah10.jpg انتهى بناء البيت وأراد أبراهيم حجرا مميزا يكون علامة خاصة يبدأ منها الطواف حول الكعبة أمر أبراهيم إسماعيل أن يأتيه بحجر مميز يختلف عن لون حجارة الكعبة سار إسماعيل ملبيا أمر والده حين عاد، كان أبراهيم قد وضع الحجر الأسود في مكانه فسأله إسماعيل: من الذي أحضره إليك يا أبت؟ فأجاب أبراهيم: أحضره جبريل عليه السلام. انتهى بناء الكعبة وبدأ طواف الموحدين والمسلمين حولها ووقف أبراهيم يدعو ربه نفس دعائه من قبل أن يجعل أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إلى المكان انظر إلى التعبير إن الهوى يصور انحدارا لا يقاوم نحو شيء وقمة ذلك هوى الكعبة من هذه الدعوة الابراهيمية المجابة ولد الهوى العميق في نفوس المسلمين ، رغبة في زيارة البيت الحرام. وصار كل من يزور المسجد الحرام ويعود إلى بلده يحس أنه يزداد عطشا كلما ازداد ريا منه ، ويعمق حنينه إليه كلما بعد منه ، وتجيء أوقات الحج في كل عام فينشب الهوى الغامض أظافره في القلب نزوعا إلى رؤية البيت وعطشا إلى بئر زمزم قال تعالى حين جادل المجادلون في أبراهيم وإسماعيل مَا كَانَإِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًاوَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(67) (آل عمران) عليه الصلاة والسلام.. استجاب الله دعاءه.. وكان أبراهيم أول من سمانا المسلمين السؤال التاسع لقد تحول ذلك الوادي الذي امر سيدنا ابراهيم بترك زوجته وابنه فيه الى مهوى للافأده ويحن اليه القريب والبعيد وقمة ذلك هوى الكعبة فمن اين ولد الهوى العميق في نفوس كل المسلمين ، لزيارة البيت الحرام؟ http://www.aljawariss.net/vb/images/smilies/N14-JWJ.gif |
۞المسابقة الرمضانيه (الحلقة العاشرة)۞
http://www.alamuae.com/gallery/data/media/123/0034.gif يوسف عليه السلام الجزء الاول نبذة ولد سيدنا يوسف وكان له 11أخا وكان أبوه يحبه كثيرا وفي ذات ليلة رأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين فقص على والده ما رأى فقال له ألا يقصها على إخوته ولكن الشيطان وسوس لإخوته فاتفقوا على أن يلقوه في غيابات الجب وادعوا أن الذئب أكله ثم مر به ناس من البدو فأخذوه وباعوه بثمن بخس واشتراه عزيز مصر وطلب من زوجته أن ترعاه ولكنها أخذ تتراوده عن نفسه فأبى فكادت له ودخل السجن ثم أظهر الله براءته وخرج من السجن واستعمله الملك على شئون الغذاء التي أحسن إدارتها في سنوات القحط ثم اجتمع شمله مع إخوته ووالديه وخروا له سجدا وتحققت رؤياه سيرته قبل أن نبدأ بقصة يوسف عليه السلام نود الإشارة لعدة أمور أولها اختلاف طريقة رواية قصة يوسف عليه السلام في القرآن الكريم عن بقية قصص الأنبياء فجاءت قصص الأنبياء في عدة سور بينما جاءت قصة يوسف كاملة في سورة واحدة قال تعالى في سورة (يوسف) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) (يوسف) واختلف العلماء لم سميت هذه القصة أحسن القصص؟ قيل إنها تنفرد من بين قصص القرآن باحتوائها على عالم كامل من العبر والحكم وقيل لأن يوسف تجاوز عن إخوته وصبر عليهم وعفا عنهم وقيل لأن فيها ذكر الأنبياء والصالحين والعفة والغواية وسير الملوك والممالك والرجال والنساء وحيل النساء ومكرهن وفيها ذكرالتوحيد والفقه وتعبير الرؤيا وتفسيرها فهي سورة غنية بالمشاهد والانفعالاتوقيل: إنها سميت أحسن القصص لأن مآل من كانوا فيها جميعا كان إلى السعادة ومع تقديرنا لهذه الأسباب كلها نعتقد أن ثمة سببا مهما يميز هذه القصة إنها تمضي في خط واحد منذ البداية إلى النهاية يلتحم مضمونها وشكلها ويفضي بك لإحساس عميق بقهر الله وغلبته ونفاذ أحكامه رغم وقوف البشر ضدها(وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) هذا ما تثبته قصة يوسف بشكل حاسم لا ينفي حسمه أنه تم بنعومة وإعجاز لنمضي الآن بقصة يوسف -عليه السلام- ولنقسمها لعدد من الفصول والمشاهد ليسهل علينا تتبع الأحداث فصل طفوله يوسف المشهد الاول ذهب يوسف الصبي الصغير لأبيه وحكى له عن رؤيا رآها أخبره بأنه رأى في المنام أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدين لهاستمع الأب إلى رؤيا ابنه وحذره أن يحكيها لأخوتهفلقد أدرك يعقوب -عليه السلام- بحدسه وبصيرته أن وراء هذه الرؤية شأنا عظيما لهذا الغلام لذلك نصحه بأن لا يقص رؤياه على إخوته خشية أن يستشعورا ما وراءها لأخيهم فيجد الشيطان من هذا ثغرة في نفوسهم فتمتلئ نفوسهم بالحقد فيدبروا له أمرا يسوؤه المشهد الثاني اجتمع أخوة يوسف يتحدثون في أمر يوسف قالوا نحن مجموعة قوية تدفع وتنفع فأبونا مخطئ في تفضيل هذين الصبيين على مجموعة من الرجال النافعين! فاقترح أحدهم حلا للموضوع: (اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِاطْرَحُوهُ أَرْضًا). إنه الحقد وتدخل الشيطان الذي ضخم حب أبيهم ليوسف وإيثاره عليهم حتى جعله يوازي القتل او طرحه ف يأرض بعيدة نائية مرادف للقتل لأنه سيموت هناك لا محالهولماذا هذا كله؟! حتى لا يراه أبوه فينساه فيوجه حبه كله لهم ومن ثم يتوبون عن جريمتهم قال قائل منهم فلنلقه في بئر تمر عليها القوافل ستلتقطه قافلة وترحل به بعيداسيختفي عن وجه أبيه ويتحقق غرضنا من إبعاده انهزمت فكرة القتل واختيرت فكرة النفي والإبعاد نفهم من هذا أنالأخوة رغم شرهم وحسدهم كان في قلوبهم أو في قلوب بعضهم بعض خير لم يمت بعد المشهد الثالث توجه الأبناء لأبيهم يطلبون منه السماح ليوسف بمرافقتهمدار الحوار بينهم وبين أبيهم بنعومة وعتاب خفي وإثارة للمشاعرمَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ؟أيمكن أن يكون يوسف أخانا وأنت تخاف عليه من بيننا ولا تستأمننا عليه ونحن نحبه وننصح له ونرعاه؟ لماذا لا ترسله معنا يرتع ويلعب؟ ورد عليهم يعقوب بطريقة غير مباشرة- أنه لا يأمنهم عليه ويعلل احتجازه معه بقلة صبره على فراقه وخوفه عليه من الذئاب ففندوا فكرة الذئب الذي يخاف أبوه أن يأكله نحن عشرة من الرجال فهل نغفل عنه ونحن كثرة؟ نكون خاسرين غير أهل للرجولة لو وقع ذلك لن يأكله الذئب ولا داعي للخوف عليه وافق الأب تحت ضغط أبنائه ليتحقق قدر الله وتتم القصة كما تقتض يمشيئته! المشهد الرابع خرج الأخوة ومعهم يوسف وأخذوه للصحراءاختاروا بئرا لا ينقطع عنها مرور القوافل وحملوه وهموا بإلقائه في البئر وأوحى الله إلى يوسف أنه ناج فلا يخاف وأنه سيلقاهم بعد يومهم هذا وينبئهم بما فعلوه المشهد الخامس عند العشاء جاء الأبناء باكين ليحكوا لأبيهم قصة الذئب المزعومةأخبروه بأنهم ذهبوا يستبقون فجاء ذئب على غفلة وأكل يوسفلقد ألهاهم الحقد الفائر عن سبك الكذبة فلو كانوا أهدأ أعصابا ما فعلوها من المرة الأولى التي يأذن لهم فيها يعقوب باصطحاب يوسف معهم! ولكنهم كانوا معجلين لا يصبرون يخشون ألا تواتيهم الفرصة مرة أخرىكذلك كان التقاطهم لحكاية الذئب دليلا على التسرع وقدكان أبوهم يحذرهم منها أمس وهم ينفونها فلم يكن من المستساغ أن يذهبوا في الصباح ليتركوا يوسف للذئب الذي حذرهم أبوهم منه أمس! وبمثل هذا التسرع جاءوا على قميصه بدم كذب لطخوه به في غير إتقان ونسوا في انفعالهم أن يمزقو اقميص يوسف جاءوا بالقميص كما هو سليما ولكن ملطخا بالدم وانتهى كلامهم بدلي لقوي على كذبهم حين قالوا (وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَاوَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ) أي وما أنت بمطمئن لما نقوله ولو كان هو الصدق لأنك تشك فينا ولا تطمئن لما نقوله أدرك يعقوب من دلائل الحال ومن نداء قلبه ومن الأكذوبة الواضحة أن يوسف لم يأكله الذئب وأنهم دبروا له مكيدة ما وأنهم يلفقون له قصة لم تقع فواجههم بأن نفوسهم قد حسنت لهم أمرا منكرا وذللته ويسرت لهم ارتكابه وأنه سيصبر متحملا متجملا لا يجزع ولا يفزع ولا يشكو مستعينا بالله على ما يلفقونه من حيل وأكاذيب المشهدالأخير من الفصل الأول من حياة سيدنا يوسف عليه السلام أثناء وجود يوسف بالبئر مرت عليه قافلة قافلة في طريقها إلى مصر قافلة كبيرة سارت طويلا حتى سميت سيارة توقفوا للتزود بالماءوأرسلوا أحدهم للبئر فأدلى الدلو فيهتعلق يوسف به ظن من دلاه أنه امتلأ بالماء فسحبه ففرح بما رأى رأى غلاما متعلقا بالدلو فسرى على يوسف حكم الأشياء المفقودة التي يلتقطها أحد يصير عبدالمن التقطه فرح به من وجده في البداية ثم زهد فيه حين فكر في همه ومسئوليته وزهد فيه لأنه وجده صبيا صغيرا وعزم على التخلص منه لدى وصوله إلى مصر ولم يكد يصل إلى مصر حتى باعه في سوق الرقيق بثمن زهيد دراهم معدودة ومن هناك اشتراه رجل تبدو عليه الأهمية انتهت المحنة الأولى في حياة هذا النبي الكريم لبتدأ المحنة الثانية والفصل الثاني من حياته ثم يكشف الله تعالى مضمون القصة البعيد في بدايتها (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِوَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) لقد انطبقت جدران العبودية على يوسف ألقي في البئر أهين حرم من أبيه التقط من البئر صار عبدا يباع في الأسواق اشتراه رجل من مصر صار مملوكا لهذا الرجل انطبقت المأساة وصار يوسف بلا حول ولا قوة هكذا يظن أي إنسان غيرأن الحقيقة شيء يختلف عن الظن تماما ما نتصور نحن أنه مأساة ومحنة وفتنة كان هو أول سلم يصعده يوسف في طريقه إلى مجده وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وها هو ذا يلقي محبته على صاحبه الذي اشتراه وها هو ذا السيد يقول لزوجته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وليس هذا السيد رجلا هين الشأن إنما هو رجل مهم رجل من الطبقة الحاكمة في مصر سنعلم بعد قليل أنه وزيرمن وزراء الملك وزير خطير سماه القرآن "العزيز" وأرجح الآراء أن العزيز هو رئيس وزراء مصر وهكذا مكن الله ليوسف في الأرض تم هذا كله من خلال فتنة قاسية تعرض لها يوسف ثم يبين لنا المولى عز وجل كرمه على يوسف فيقول وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(22) (يوسف) كان يوسف أجمل رجل في عصره وكان نقاء أعماقه وصفاء سريرته يضفيان على وجهه مزيدا من الجمال وأوتي صحة الحكم على الأمور وأوتي علما بالحياة وأحوالها وأوتي أسلوبا في الحوار يخضع قلب من يستمع إليه وأوتي نبلا وعفة جعلاه شخصية لا تقاوم وأدرك سيده أن الله قد أكرمه بإرسال يوسف إليه اكتشف أن يوسف أكثر من رأى في حياته أمانة واستقامة وشهامة وكرما وجعله سيده مسئولا عن بيته وأكرمه وعامله كابنه يتبـــع |
ويبدأ المشهد الأول من الفصل الثاني في حياته في هذا المشهد تبدأ محنة يوسف الثانية وهي أشد وأعمق من المحنةالأولى جاءته وقد أوتي صحة الحكم وأوتي العلم -رحمة من الله- ليواجهها وينجو منها جزاء إحسانه الذي سجله الله له في قرآنه يذكر الله تعالى هذه المحنة في كتابه الكريم وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِالأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَمَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ(23)وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّبِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَوَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ(24) (يوسف) لا يذكر السياق القرآني شيئا عن سنها وسنه فلننظر في ذلك من باب التقدير لقد أحضر يوسف صبيا من البئر كانت هي زوجة في الثلاثة والعشرين مثلا وكان هو في الثانية عشرا بعد ثلاثة عشر عاما صارت هي في السادسة والثلاثين ووصل عمره إلى الخامسة والعشرين أغلب الظن أن الأمر كذلك إن تصرف المرأة في الحادثة وما بعدها يشير إلى أنها مكتملة جريئة والآن لنتدبر معنا في كلمات هذه الآيات (وَرَاوَدَتْهُ) صراحة (عَن نَّفْسِهِ) وأغلقت (الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ) لن تفر مني هذه المرة هذا يعني أنه كانت هناك مرات سابقة فر فيها منها مرات سابقة لم تكن الدعوة فيها بهذه الصراحة فيبدوا أن امرأة العزيز سئمت تجاهل يوسف لتلميحاتها المستمرة وإباءه فقررت أن تغير خطتها خرجت من التلميح إلى التصريح أغلقت الأبواب ومزقت أقنعة الحياء وصرحت بحبها وطالبته بنفسه يقف هذا النبي الكريم في وجه سيدته قائلا (قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) أعيذ نفسي بالله أن أفعل هذا مع زوجة من أكرمني بأن نجاني من الجب وجعل في هذه الدار مثواي الطيب الآمن ولا يفلح الظالمون الذين يتجاوزون حدود الله فيرتكبون ما تدعينني اللحظة إليه ثم (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَرَبِّهِ) قال أبو عبيدةولولا أن رأى برهان ربه لهم بها يبدو أن يوسف -عليه السلام- آثر الانصراف متجها إلى الباب حتى لا يتطور الأمر أكثر لكن امرأة العزيز لحقت به لتمسكه تدفهعا الشهوة لذلكفأمسكت قميصه من الخلف فتمزق في يدها وهنا تقطع المفاجأة فتح الباب زوجها -العزيزوهنا تتبدى المرأة المكتملة فتجد الجواب حاضرا على السؤال البديهي الذي يطرح الموقف فتقول متهمة الفتى: قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَبِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ واقترحت هذه المراة -العاشقة- سريعا العقاب -المأمون- الواجب تنفيذه على يوسف خشية أن يفتك به العزيز من شدة غضبه بيّنت للعزيز أن أفضل عقابله هو السجن بعد هذا الاتهام الباطل والحكم السريع جهر يوسف بالحقيقة ليدافع عننفسه: قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي تجاوز السياق القرآني رد الزوج لكنه بين كيفية تبرأة يوسف -عليه السلام- من هذه التهمة الباطلة: وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَمِنَ الكَاذِبِينَ(26) وَإِنْكَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ(27) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) (يوسف) لا نعلم إن كان الشاهد مرافقا للزوج منذ البداية أم أن العزيز استدعاه بعد الحادثة ليأخذ برأيه كما أشارت بعض الروايات أن هذا الشاهد رجل كبير بينما أخبرت روايات أخرى أنه طفل رضيع كل هذا جائز وهو لا يغير من الأمر شيئا مايذكره القرآن أن الشاهد أمرهم بالنظر للقميص فإن كان ممزقا من الأمام فذلك من أثر مدافعتها له وهو يريد الاعتداء عليها فهي صادقة وهو كاذب وإن كان قميصه ممزقا من الخلف فهو إذن من أثر تملصه منها وتعقبها هي له حتى الباب، فهي كاذبة وهو صادق فَلَمَّارَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ(28) (يوسف) فتأكد الزوج من خيانة زوجته عندما رأى قميص يوسف ممزق من الخلفلكن الدم لم يثر في عروقه ولم يصرخ ولم يغضب فرضت عليه قيم الطبقة الراقية التي وقع فيها الحادث أن يواجه الموقف بلباقة وتلطف نسب ما فعلته إلى كيد النساء عموماوصرح بأن كيد النساء عموم عظيم وهكذا سيق الأمر كما لو كان ثناء يساق ولا نحسب أنه يسوء المرأة أن يقال لها: (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) فهو دلالة على أنها أنثى كاملة مستوفية لمقدرة الأنثى على الكيدبعدها التفت الزوج إلى يوسف قائلا له (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا) أهمل هذا الموضوع ولا تعره اهتماما ولاتتحدث به هذا هو المهم المحافظة على الظواهر ثم يوجه عظة -مختصرة- للمرأة التي ضبطت متلبسة بمراودة فتاها عن نفسها وتمزيق قميصه(وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ) انتهى الجزء الاول السؤال العاشر لقد اخبر الله سبحانه وتعالى عن قصة سيدنا يوسف بانها احسن القصص واختلف العلماء في سبب هذه التسمية فما هي اهم تلك الاسباب التي ميزت هذه القصة فكانت احسن القصص ؟ http://www.aljawariss.net/vb/images/smilies/N14-JWJ.gif |
۞المسابقة الرمضانية (الحلقة الحادية عشر)۞
سيدنا يوسف عليه السلام الجزء الثاني بعد انتهاء المشهد الاول لكن الفتنة لم تنته فلم يفصل سيد البيت بين المرأة وفتاها كل ما طلبه هو إغلاق الحديث في هذا الموضوعغير أن هذا الموضوع بالذات وهذا الأمر يصعب تحقيقه في قصر يمتلئ بالخدم والخادمات والمستشارين والوصيفات المشهد الثاني بدأ الموضوع ينتشر خرج من القصر إلى قصور الطبقة الراقية يومها ووجدت فيه نساء هذه الطبقة مادة شهية للحديث إن خلو حياة هذه الطبقات من الجد وانصرافها إلى اللهو يخلعان أهمية قصوى على الفضائح التي ترتبط بشخصيات شهيرة وزاد حديث المدينة (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّاإِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ) وانتقل الخبر من فم إلى فم ومن بيت إلى بيت حتى وصل لامرأة العزيز المشهد الثالث فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (32) (يوسف) عندما سمعت امرأة العزيز بما تتناقله نساء الطبقة العليا عنها قررت أن تعد مأدبة كبيرة في القصروأعدت الوسائد حتى يتكئ عليها المدعواتواختارت ألوان الطعام والشراب وأمرت أن توضع السكاكين الحادة إلى جوار الطعام المقدم ووجهت الدعوة لكل من تحدثت عنها وبينما هن منشغلات بتقطيع اللحم أو تقشير الفاكهة فاجأتهن بيوسف وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ (فَلَمَّارَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ) بهتن لطلعته ودهشن (وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ) وجرحن أيديهن بالسكاكين للدهشة المفاجئة (وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ) وهي كلمة تنزيه تقال في هذا الموضع تعبيرا عن الدهشة بصنع الله (مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ) يتضح من هذه التعبيرات أن شيئا من ديانات التوحيد تسربت لأهل ذلك الزمان ورأت المرأة أنها انتصرت على نساء طبقتها وأنهن لقين من طلعة يوسف الدهش والإعجاب والذهول فقالت قولة المرأة المنتصرة التي لا تستحي أمام النساء من بنات جنسها وطبقتها والتي تفتخر عليهن بأن هذا متناول يدها وإن كان قد استعصم في المرة الأولى فهي ستحاول المرة تلو الأخرى إلى أن يلين انظرن ماذا لقيتن منه من البهر والدهش والإعجاب! لقد بهرني مثلكن فراودته عن نفسه لكنه استعصم، وإنلم يطعني سآمر بسجنه لأذلّه إنها لم ترى بأسا من الجهر بنزواتها الأنثوية أما نساء طبقتهافقالتها بكل إصرار وتبجح، قالتها مبيّنة أن الإغراء الجديد تحت التهديد. واندفع النسوة كلهم إليه يراودنه عن نفسه كل منهن أرادته لنفسها ويدلنا على ذلك أمرانالدليل الأول هو قول يوسف عليه السلام (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) فلم يقل (ما تدعوني إليه) والأمر الآخر هو سؤال الملك لهم فيما بعد (قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ) أمام هذه الدعوات -سواء كانت بالقول أم بالحركات واللفتات- استنجد يوسف بربه ليصرف عنه محاولاتهن لإيقاعه في حبائلهن خيفة أن يضعف في لحظة أمام الإغراء الدائم فيقع فيما يخشاه على نفسه دعى يوسف الله دعاء الإنسان العارف ببشريته الذي لا يغتر بعصمته فيريد مزيدا من عناية الله وحياطته ويعاونه على ما يعترضه من فتة وكيد وإغراء(قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ) واستجاب له الله وصرف عنه كيد النسوة وهذا الصرف قد يكون بإدخال اليأس في نفوسهن من استجابته لهن، بعد هذه التجربة؛ أو بزيادة انصرافه عن الإغراء حتى مايحس في نفسه أثرا منه أو بهما جميعا وهكذا اجتاز يوسف المحنة الثانية بلطف الله ورعايته فهو الذي سمع الكيد ويسمع الدعاء ويعلم ماوراء الكيد وما وراء الدعاء ما انتهت المحنة الثانية إلا لتبدأ الثالثة لكن هذه الثالثة هي آخر محن الشدة الفصل الثالث منحياته كان دخوله للسجن بسبب انتشار قصته مع امرأة العزيز ونساء طبقتها فلم يجد أصحاب هذه البيوت طريقة لإسكات هذه الألسنة سوى سجن هذا الفتى الذي دلت كل الآيات على برائته لتنسى القصة قال تعالى في سورة (يوسف) ثُمَّ بَدَالَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ(35) (يوسف) وهكذا ترسم الآية الموجزة جو هذا العصر بأكمله جو الفساد الداخلي في القصور جو الأوساط الأرستقراطية وجو الحكم المطلق إن حلول المشكلات في الحكم المطلق هي السجن وليس هذا بغريب على من يعبد آلهة متعددةكانوا على عبادة غير الله ولقد رأينا من قبل كيف تضيع حريات الناس حين ينصرفون عن عبادة الله إلى عبادة غيره وها نحن أولاء نرى في قصة يوسف شاهدا حيا يصيب حتى الأنبياء صدر قرارا باعتقاله وأدخل السجن بلا قضية ولا محاكمة ببساطة ويسر لايصعب في مجتمع تحكمه آلهة متعددة أن يسجن بريء بل لعل الصعوبة تكمن في محاولة شيءغير ذلك دخل يوسف السجن ثابت القلب هادئ الأعصاب أقرب إلى الفرح لأنه نجا من إلحاح زوجة العزيز ورفيقاتها وثرثرة وتطفلات الخدم كان السجن بالنسبة إليه مكانا هادئا يخلو فيه ويفكر في ربه المشهد الأول منهذا الفصل يختصر السياق القرآني ما كان من أمر يوسف في السجن لكن الواضح أن يوسف -عليه السلام- انتهز فرصة وجوده في السجن ليقوم بالدعوة إلى الله مماجعل السجناء يتوسمون فيه الطيبة والصلاح وإحسان العبادة والذكر والسلوك انتهز يوسف -عليه السلام- هذه الفرصة ليحدث الناس عن رحمة الخالق وعظمته وحبه لمخلوقاته كان يسأل الناس: أيهما أفضل أن ينهزم العقل ويعبد أربابا متفرقين أم ينتصر العقلويعبد رب الكون العظيم؟ وكان يقيم عليهم الحجة بتساؤلاته الهادئة وحواره الذكي وصفاء ذهنه ونقاء دعوته وفي أحد الأيام قَدِمَ له سجينان يسألانه تفسير أحلامهما بعد أن توسما في وجهه الخيرإن أول ما قام به يوسف -عليه السلام- هو طمأنتهما أنه سيؤوللهم الرؤى لأن ربه علمه علما خاصا جزاء على تجرده هو وآباؤه من قبله لعبادته وحده، وتخلصه من عبادة الشركاء وبذلك يكسب ثقتهما منذ اللحظة الأولى بقدرته على تأويل رؤياهما كما يكسب ثقتهما كذلك لدينه ثم بدأ بدعوتهما إلى التوحيد وتبيانما هم عليه من الظلال قام بكل هذا برفق ولطف ليدخل إلى النفوس بلامقاومة بعد ذلك فسر لهما الرؤى بيّن لهما أن أحدها سيصلب والآخر سينجو وسيعمل في قصر الملكلكنه لم يحدد من هو صاحب البشرى ومن هو صاحب المصير السيئ تلطفا وتحرجا من المواجهة بالشر والسوءوتروي بعض التفاسير أن هؤلاء الرجلين كانا يعملان في القصر أحدهما طباخا والآخر يسقي الناس وقد اتهما بمحاولة تسميم الملك. أوصى يوسف من سينجو منهما أن يذكر حاله عن الملك لكن الرجل لم ينفذ الوصية فربما ألهته حياة القصر المزدحمة يوسف وأمره فلبث في السجن بضع سنين أراد الله بهذا أن يعلم يوسف -عليه السلام- درسا فقد ورد في إحدى الرويات أنه جاءه جبريل قال: يا يوسف من نجّاك من إخوتك؟ قال: الله قال: من أنقذك من الجب؟ قال: الله قال: من حررك بعد أن صرت عبدا؟ قال: الله قال: من عصمك من النساء؟ قال: الله قال: فعلام تطلب النجاة من غيره؟ وقد يكون هذا الأمر زيادة في كرم الله عليه واصطفاءه له فلم يجعل قضاء حاجته على يد عبد ولاسبب يرتبط بعبد يتبــــع |
المشهدالثاني في هذا المشهد تبدأ نقطة التحول التحول من محن الشدة إلى محن الرخاء من محنة العبودية والرق لمحنة السلطة والملك في قصر الحكم وفي مجلس الملك: يحكي الملك لحاشيته رؤياه طالبامنهم تفسيرا لها (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ) لكن المستشاريون والكهنة لم يقوموا بالتفسير ربما لأنهم لم يعرفوا تفسيرها أو أنهم أحسوا أنها رؤيا سوء فخشوا أن يفسروها للملك وأرادوا أن يأتي التفسير من خارج الحاشية -التي تعودت على قول كل ما يسر الملك فقط وعللوا عدم التفسير بأن قالوا للملك أنها أجزاء من أحلام مختلطة ببعضها البعض ليست رؤيا كاملة يمكن تأويلها المشهد الثالث وصل الخبر إلى الساقي -الذي نجا من السجن تداعت أفكاره وذكره حلم الملك بحلمه الذي رآه في السجن وذكره السجن بتأويل يوسف لحلمه وأسرع إلى الملك وحدثه عن يوسف قال له: إن يوسف هو الوحيد الذي يستطيع تفسير رؤياك وأرسل الملك ساقيه إلى السجن ليسأل يوسف ويبين لنا الحق سبحانه كيف نقل الساقي رؤيا الملك ليوسف بتعبيرات الملك نفسها لأنه هنا بصدد تفسير حلم وهو يريد أن يكون التفسير مطابقا تماما لما رءاه الملك وكان الساقي يسمي يوسف بالصديق أي الصادق الكثير الصدق وهذا ما جربه من شأنه من قبل جاء الوقت واحتاج الملك إلى رأي يوسف. (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَالنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) سُئِلَ يوسف عن تفسير حلم الملك فلم يشترط خروجه من السجن مقابل تفسيره لم يساوم ولم يتردد ولم يقل شيئا غير تفسيرالرؤيا هكذا ببراءة النبي حين يلجأ إليه الناس فيغيثهم وإن كان هؤلاء أنفسهم سجانيه وجلاديه لم يقم يوسف -عليه السلام- بالتفسير المباشرالمجرد للرؤيا وإنما قدم مع التفسير النصح وطريقة مواجهة المصاعب التي ستمر بهامصر أفهم يوسف رسول الملك أن مصر ستمر عليها سبع سنوات مخصبة تجود فيها الأرض بالغلات وعلى المصريين ألا يسرفوا في هذه السنوات السبع لأن وراءها سبع سنوات مجدبة ستأكل ما يخزنه المصريون وأفضل خزن للغلال أن تترك في سنابلها كي لاتفسد أو يصيبها السوس أو يؤثر عليها الجو بهذا انتهى حلم الملك وزاد يوسف تأويله لحلم الملك بالحديث عن عام لم يحلم به الملك عام من الرخاء عام يغاث فيه الناس بالزرع والماء وتنموا كرومهم فيعصرون خمرا وينمو سمسمهم وزيتونهم فيعصرون زيتا كان هذا العام الذي لايقابله رمز في حلم الملك علما خاصا أوتيه يوسف فبشر به الساقي ليبشر به الملك والناس المشهد الرابع عاد الساقي إلى الملك أخبره بما قال يوسف دهش الملك دهشة شديدة ما هذا السجين ؟ إنه يتنبأ لهم بما سيقع ويوجههم لعلاجه دون أن ينتظر أجرا أوجزاء أو يشترط خروجا أو مكافأة فأصدرالملك أمره بإخراج يوسف من السجن وإحضاره فورا إليه ذهب رسول الملك إلى السجن ولا نعرف إن كان هو الساقي الذي جاءه أول مرة أم أنه شخصية رفيعة مكلفة بهذه الشؤون ذهب إليه في سجنه رجا منه أن يخرج للقاء الملك فهو يطلبه على عجل رفض يوسف أن يخرج من السجن إلا إذا ثبتت براءته لقد رباه ربه وأدبه ولقد سكبت هذه التربية وهذا الأدب في قلبه السكينة والثقة والطمأنينة ويظهر أثر التربية واضحا في الفارق بين الموقفين: الموقف الذي يقول يوسف فيه للفتى: اذكرني عند ربك والموقف الذي يقول فيه: ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة الاتي قطعن أيدهن الفارق بين الموقفين كبير المشهد الخامس تجاوز السياق القرآني عما حدث بين الملك ورسوله وردة فعل الملك ليقف بنا أمام المحاكة وسؤال الملك لنساء الطبقة العليا عما فعلنه مع يوسف يبدوا أن الملك سأل عن القصة ليكون على بينة من الظروف قبل أن يبدأ التحقيق لذلك جاء سؤاله دقيقا للنساء فاعترف النساء بالحقيقة التي يصعب إنكارها (قُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنسُوءٍ) وهنا تتقدم المرأة المحبة ليوسف التي يئست منه ولكنها لا تستطيع أن تخلص من تعلقها به تتقدم لتقول كل شيء بصراحة يصور السياق القرآني لنا اعتراف امرأة العزيز بألفاظ موحية تشي بما وراءها من انفعالات ومشاعر عميقة (أَنَاْرَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) شهادة كاملة بإثمها هي وبراءته ونظافته وصدقه هو شهادة لا يدفع إليها خوف أو خشية أو أي اعتبار آخر يشي السياق القرآني بحافز أعمق من هذا كله حرصها على أن يحترمها الرجل الذي أهان كبرياءها الأنثوية ولم يعبأ بفتنتها الجسدية ومحاولة يائسة لتصحيح صورتها في ذهنه لا تريده أن يستمر على تعاليه واحتقاره لها كخاطئة تريد أن تصحح فكرته عنها (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ) لست بهذا السوء الذي يتصوره عني ثم تمضي في هذه المحاولة والعودة إلى الفضيلة التي يحبها يوسف ويقدرها (وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ) وتمضي خطوة أخرى في هذه المشاعر الطيبة (وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌرَّحِيمٌ) إن تأمل الآيات يوحي بأن امرأة العزيز قد تحولت إلى دين يوسف تحولت إلى التوحيد إن سجن يوسف كان نقلة هائلة في حياتها آمنت بربه واعتنقت ديانته ويصدر الأمر الملكي بالإفراج عنه وإحضاره يهمل السياق القرآني بعد ذلك قصة امرأة العزيز تماما يسقطها من المشاهد فلا نعرف ماذا كان من أمرها بعد شهادتها الجريئة التي أعلنت فيها ضمن اإيمانها بدين يوسف وقد لعبت الأساطير دورها في قصة المرأة قيل: إن زوجها مات وتزوجت من يوسف فاكتشف أنها عذراء واعترفت له أن زوجها كان شيخا لا يقرب النساء وقيل: إن بصرها ضاع بسبب استمرارها في البكاء على يوسف، خرجت من قصرها وتاهت في طرقات المدينة فلما صار يوسف كبير اللوزراء ومضى موكبه يوما هتفت به امرأة ضريرة تتكفف الناس: سبحان من جعل الملوك عبيدا بالمعصية، وجعل العبيد ملوكا بالطاعة سأل يوسف: صوت من هذا؟ قيل له: امرأة العزيز انحدر حالها بعد عز واستدعاها يوسف وسألها: هل تجدين في نفسك من حبك لي شيئا؟ قالت: نظرة إلى وجهك أحب إلي من الدنيا يا يوسف ناولني نهاية سوطك فناولها فوضعته على صدرها فوجد السوط يهتز في يده اضطرابا وارتعاشا من خفقان قلبها وقيلت أساطير أخرى يبدو فيها أثر المخيلة الشعبية وهي تنسج قمة الدراما بانهيار العاشقة إلى الحضيض غير أن السياق القرآني تجاوز تماما نهاية المرأة أغفلها من سياق القصة بعد أن شهدت ليوسف وهذا يخدم الغرض الديني في القصة فالقصة أساسا قصة يوسف وليست قصة المرأة لقد ظهرت المرأة ثم اختفت في الوقت المناسب اختفت في قمة مأساتها وشاب اختفاءها غموض فني معجز ولربما بقيت في الذاكرة باختفائها هذا زمنا أطول مما كانت تقضيه لو عرفنا بقية قصتها نهاية الجزء الثاني السؤال الحادي عشر دلت كل الآيات على برائة سيدنا يوسف عليه السلام ، وقد اقتنع العزيز ببرائته وبشهادة الشهود ثم عاد وسجن عليه السلام فما هو السبب وراء سجنه رغم برائته من الجرم؟ |
۞المسابقة الرمضانيه (الحلقة الثانية عشر)۞
سيدنا يوسف عليه السلام الجزء الثالث ويبدأ فصل جديد من فصول حياة يوسف عليه السلام: بعد ما رأى الملك من أمر يوسف. براءته، وعلمه، وعدم تهافته على الملك. عرف أنه أمام رجل كريم، فلم يطلبه ليشكره أو يثني عليه، وإنما طلبه ليكون مستشاره. وعندما جلس معه وكلمه، تحقق له صدق ما توسمه فيه. فطمئنه على أنه ذو مكانه وفي أمان عنده. فماذا قال يوسف؟ لم يغرق الملك شكرا كما يفعل المتملقون للطواغيت؛ كلا إنما طالب بما يعتقد أنه قادرعلى أن ينهض به من الأعباء في الازمة القادمة. كما وأورد القرطبي في تفسيره. أن الملك قال فيما قاله: لو جمعت أهل مصر ما أطاقوا هذا الأمر.. ولم يكونوا فيه أمناء. اعتراف الملك ليوسف بهذه الحقيقة زاد من عزمه على تولي هذا الامر، لأنقاذ مصر وما حولها من البلاد من هذه المجاعة لم يكن يوسف يقصد النفع أو الاستفادة على العكس من ذلك كان يحتمل أمانة إطعام شعوب جائعة لمدة سبع سنوات كان الموضوع في حقيقته تضحية من يوسف وهكذا مكن الله ليوسف في الأرض صار مسؤولا عن خزائن مصر واقتصادها صار كبيرا للوزراء وجاء في رواية أن الملك قال ليوسف: يا يوسف ليس لي من الحكم إلا الكرسي ولا ينبئنا السياق القرآني كيف تصرف يوسف في مصر نعرف أنه حكيم عليم.. نعرف أنه أمين وصادق.. لا خوف إذا على اقتصاد مصر. المشهد الثاني من هذا الفصل دارت عجلة الزمن طوى السياق دورتها، ومر مرورا سريعا على سنوات الرخاء، وجاءت سنوات المجاعة.. وهنا يغفل السياق القرآني بعد ذلك ذكر الملك والوزراء في السورة كلها.. كأن الأمر كله قد صار ليوسفالذي اضطلع بالعبء في الأزمة الخانقة الرهيبة وأبرز يوسف وحده على مسرح الحوادث, وسلط عليه كل الأضواء. أما فعل الجدب والمجاعة فقد أبرزه السياق في مشهد إخوة يوسف, يجيئون من البدو من أرض كنعان البعيدة يبحثون عن الطعام في مصر ومن ذلك ندرك اتساع دائرة المجاعة كما كيف صارت مصر- بتدبير يوسف -محط أنظار جيرانها ومخزن الطعام في المنطقة كلها. وقد تسامع الناس بما فيهم اخوته بما فيها من فائض الغلة منذ السنوات السمان فدخلواعلى عزيز مصر وهم لا يعلمون أن أخاهم هو العزيزإنه يعرفهم فهم لم يتغيروا كثيرا أما يوسف فإن خيالهم لا يتصور قط أنهالعزيز! وأينالغلام العبراني الصغير الذي ألقوه في الجب منذ عشرين عاما أو تزيد من عزيز مصر شبه المتوج في سنه وزيه وحرسه ومهابته ولم يكشف لهم يوسف عن نفسه فلا بد من دروس يتلقونها: (فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ). ولكنا ندرك من السياق أنه أنزلهم منزلا طيبا, ثم أخذ في إعداد الدرس الأول: (وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ). فنفهم من هذا أنه تركهم يأنسون إليه, واستدرجهم حتى ذكروا له منهم على وجه التفصيل, وأن لهم أخا صغيرا من أبيهم لم يحضر معهم لأن أباه يحبه ولايطيق فراقه. فلما جهزهم بحاجات الرحلة قال لهم: إنه يريد أن يرى أخاهم هذا (قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ) وقد رأيتم أنني أوفي الكيل للمشترين. فسأوفيكم نصيبكم حين يجيء معكم; ورأيتم أنني أكرم النزلاء فلا خوف عليه بل سيلقى مني الإكرام المعهود: (أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ). ولما كانوا يعلمون كيف يضن أبوهم بأخيهم الأصغر - وبخاصة بعد ذهاب يوسف - فقد أظهروا أن الأمر ليس ميسورا, وإنما في طريقه عقبات من ممانعة أبيهم, وأنهم سيحاولون إقناعه, مع توكيد عزمهم - على الرغم من هذه العقبات - على إحضاره معهم حين يعودون: (قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ). ولفظ(نراود) يصور الجهد الذي يعلمون أنهم باذلوه. أما يوسف فقد أمر غلمانه أن يدسوا البضاعة التي حضر بها إخوته ليستبدلوا بها القمح والعلف وقد تكون خليطا من نقد ومن غلات صحراوية أخرى من غلات الشجر الصحراوي, ومن الجلود وسواها مما كان يستخدم في التبادل في الأسواق. أمر غلمانه بدسها في رحالهم - والرحل متاع المسافر - لعلهم يعرفون حين يرجعون أنها بضاعتهم التي جاءوا بها. المشهد الثالث ندع يوسف في مصر لنشهد يعقوب وبنيه في أرض كنعان رجع الأخوة إلى أبيهم وقبل أن ينزلوا أحمال الجمال ويفكوا متاعهم، دخلوا على أبيهم قائلين له بعتاب: إن لم ترسل معنا أخانا الصغير في المرة القادمة فلن يعطينا عزيز مصر الطعام. وختموا كلامهم بوعد جديد ليعقوب عليه السلام (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ). ويبدوا أن هذا الوعد قد أثار كوامن يعقوبفهو ذاته وعدهم له في يوسف! فإذا هو يجهر بما أثاره الوعد من شجونه: قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ(64)(يوسف) وفتح الأبناء أوعيتهم ليخرجوا ما فيها من غلال فإذا هم يجدون فيها بضاعتهم التي ذهبوا يشترون بها مردودة إليهم مع الغلال والطعام ورد الثمن يشير إلى عدم الرغبة في البيع، أو هو إنذار بذلك.. وربما كان إحراجا لهم ليعودوا لسداد الثمن مرة أخرى. وأسرع الأبناء إلى أبيهم (قَالُواْ يَاأَبَانَا مَا نَبْغِي) ..لم نكذب عليك.. لقد رد إلينا الثمن الذي ذهبنا نشتري به. هذا معناه أنهم لن يبيعوا لنا إلا إذا ذهب أخونا معنا. واستمر حوارهم مع الأب.. أفهموه أن حبه لابنه والتصاقه به يفسدان مصالحهم، ويؤثران على اقتصادهم، وهم يريدون أن يتزودوا أكثر، وسوف يحفظون أخاهم أشد الحفظ وأعظمه.. وانتهى الحوار باستسلام الأب لهم.. بشرط أن يعاهدوه على العودة بابنه، إلا إذا خرج الأمر من أيديهم وأحيط بهم.. نصحهم الأب ألا يدخلوا -وهم أحد عشر رجلا- من باب واحد من أبواب بمصر.. كي لا يستلفتوا انتباه أحد.. وربما خشي عليهم أبوهم شيئا كالسرقة أو الحسد.. لا يقول لنا السياق القرآني ماذا كان الأب يخشى، ولو كان الكشف عن السبب مهما لقيل. يتبــــــع |
تــــــــــــابع
المشهدالرابع عاد إخوة يوسف الأحد عشر هذه المرة. وَلَمَّادَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَتَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ(69)(يوسف) يقفز السياق قفزا إلى مشهد يوسف وهو يحتضن أخاه ويكشف له وحده سر قرابته، ولا ريب أن هذا لم يحدث فور دخول الإخوة على يوسف، وإلا لانكشفت لهم قرابة يوسف، إنما وقع هذا في خفاء وتلطف ، فلم يشعر إخوته، غير أن السياق المعجز يقفز إلى أول خاطر ساور يوسف عند دخولهم عليه ورؤيته لأخيه.. وهكذا يجعله القرآن أول عمل ،لأنه أول خاطر، وهذه من دقائق التعبير في هذا الكتاب العظيم. يطوي السياق كذلك فترة الضيافة، وما دار فيها بين يوسف وإخوته، ويعرض مشهد الرحيل الأخير.. ها هو ذا يوسف يدبر شيئا لإخوته.. يريد أن يحتفظ بأخيه الصغير معه. يعلم أن احتفاظه بأخيه سيثير أحزان أبيه ، وربما حركت الأحزان الجديدة أحزانه القديمة، وربما ذكره هذا الحادث بفقد يوسف.. يعلم يوسف هذا كله.. وها هو ذا يرى أخاه.. وليس هناك دافع قاهر لاحتفاظه به، لماذا يفعل ما فعل ويحتفظ بأخيه هكذا!؟ يكشف السياق عن السر في ذلك.. إن يوسف يتصرف بوحي من الله.. يريد الله تعالى أن يصل بابتلائه يعقوب إلى الذروة.. حتى إذاجاوز به منطقة الألم البشري المحتمل وغير المحتمل، ورآه صابرا رد عليه ابنيه معا، ورد إليه بصره. أمر يوسف -عليه السلام- رجاله أن يخفوا كأس الملك الذهبية في متاع أخيه خلسة.. وكانت الكأس تستخدم كمكيال للغلال.. وكانت لها قيمتها كمعيار في الوزن إلى جوار قيمتها كذهب خالص. أخفى الكأس في متاع أخيه.. وتهيأ إخوة يوسف للرحيل،ومعهم أخوهم.. ثم أغلقت أبواب العاصمة.. (ثُمَّ أَذَّن َمُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ)..!! كانت صرخة الجند تعني وقوف القوافل جميعا.. وانطلق الاتهام فوق رؤوس الجميع كقضاء خفي غامض.. أقبل الناس، وأقبل معهم إخوة يوسف..(مَّاذَا تَفْقِدُونَ)؟ هكذا تسائل إخوة يوسف.. قال الجنود: (نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ).. ضاعت كأسه الذهبية.. ولمن يجيء بها مكافأة.. سنعطيه حمل بعير من الغلال. قال إخوة يوسف ببراءة: لم نأت لنفسد في الأرض ونسرق! قال الحراس (وكان يوسف قد وجههم لما يقولونه): أي جزاء تحبون توقيعه على السارق؟ قال إخوة يوسف: في شريعتنا نعتبر من سرق عبدا لمن سرقه. قال الحارس: سنطبق عليكم قانونكم الخاص.. لن نطبق عليكم القانون المصري الذي يقضي بسجن السارق. كانت هذه الإجابة كيدا وتدبيرا من الله تعالى، ألهم يوسف أن يحدث بها ضباطه.. ولولا هذا التدبير الإلهي لامتنع على يوسف أن يأخذ أخاه.. فقد كان دين الملك أو قانونه لا يقضي باسترقاق من سرق وبدأ التفتيش. كان هذا الحوار على منظر ومسمع من يوسف، فأمر جنوده بالبدء بتفتيش رحال أخوته أولا قبل تفتيش رحل أخيه الصغير. كي لا يثير شبهة في نتيجة التفتيش. اطمأن إخوة يوسف إلى براءتهم من السرقة وتنفسوا الصعداء، فلم يبقى إلا أخوهم الصغير. وتم استخراج الكأس من رحله. فأمر يوسف بأخذ أخيه عبدا، قانونهم الذي طبقه القضاء على الحادث. أعقب ذلك مشهد عنيف المشاعر.. إن إحساس الإخوة براحة الإنقاذ والنجاة من التهمة، جعلهم يستديرون باللوم على شقيق يوسف (قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ) إنهم يتنصلون من تهمة السرقة.. ويلقونها على هذا الفرع من أبناء يعقوب. سمع يوسف بأذنيه اتهامهم له، وأحس بحزن عميق.. كتم يوسف أحزانه فينفسه ولم يظهر مشاعره.. قال بينه وبين نفسه (أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ) لم يكن هذا سبابا لهم ، بقدرما كان تقريرا حكيما لقاعدة من قواعد الأمانة. أراد أن يقول بينه وبين نفسه: إنكم بهذا القذف شر مكانا عند الله من المقذوف ، لأنكم تقذفون بريئين بتهمة السرقة.. والله أعلم بحقيقة ما تقولون. سقط الصمت بعد تعليق الإخوة الأخير.. ثم انمحى إحساسهم بالنجاة، وتذكروايعقوب لقد أخذ عليهم عهدا غليظا، ألا يفرطوا في ابنه. وبدءوا استرحام يوسف: يوسف أيها العزيز.. يوسف أيها الملك.. إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ قال يوسف بهدوء: كيف تريدون أن نترك من وجدنا كأس الملك عنده.. ونأخذ بدلا منه أنسانا آخر..؟ هذا ظلم.. ونحن لا نظلم. كانت هي الكلمة الأخيرة في الموقف. وعرفوا أن لا جدوى بعدها من الرجاء، فانسحبوا يفكرون في موقفهم المحرج أمام أبيهم حين يرجعون. المشهد الخامس: عقدوا مجلسا يتشاورون فيه لكن السياق القرآني لا يذكر أقوالهم جميعا إنما يثبت آخرها الذي يكشف عما انتهوا إليه ذكر القرآن قول كبيرهم إذ ذكّرهم بالموثق المأخوذ عليهم كما ذكرهم بتفريطهم في يوسف من قبل ثم يبين قرارها لجازم: ألا يبرح مصر، وألا يواجه أباه، إلا أن يأذن أبوه، أو يقضي الله له بحكم فيخض له وينصاع وطلب منهم أن يرجعوا إلى أبيهم فيخبروه صراحة بأن ابنه سرق فَاُخِذَ بما سرق ذلك ما علموه شهدوا به أما إن كان بريئا وكا هناك أمر وراء هذا الظاهر لا يعلمونه، فهم غير موكلين بالغيب وإن كان في شك من قولهم فليسأل أهل القرية التي كانوا فيها -أي أهل مصر- وليسأل القافلة التي كانوا فيها، فهم لم يكونوا وحدهم، فالقوافل الكثيرة كانت ترد مصر لتأخذ الطعام المشهد السادس: (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) كلمته ذاتها يوم فقد يوسف.. لكنه في هذه المرة يضيف إليها الأمل أن يرد الله عليه يوسف وأخاه فيرد ابنه الآخر المتخلف هناك. كان يعقوب -عليه السلام-لا يبكي أمام أحد.. كان بكاؤه شكوى إلى الله لا يعلمها إلا الله. ثم لاحظ أبناؤه أنه لم يعد يبصر ورجحوا أنه يبكي على يوسف وهاجموه في مشاعره الإنسانية كأب.. حذروه بأنه سيهلك نفسه: قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ(85) قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَتَعْلَمُونَ(يوسف) ردهم جواب يعقوب إلى حقيقة بكائه.. إنه يشكو همه إلى الله.. ويعلم من الله ما لا يعلمون.. فليتركوه في بكائه وليصرفوا همهم لشيء أجدى عليهم (إنه يكشف لهم في عمق أحزانه عن أمله في روح الله.. إنه يشعر بأن يوسف لم يمت كما أنبئوه.. لم يزل حيا ، فليذهب الإخوة بحثا عنه.. وليكن دليلهم في البحث، هذا الأمل العميق في الله يتبـــع |
تابــــــــــع
المشهد السابع تحركت القافلة في طريقها إلى مصر.. إخوة يوسف في طريقهم إلى العزيز.. تدهور حالهم الاقتصادي وحالهم النفسي.. إن فقرهم وحزن أبيهم ومحاصرة المتاعب لهم ، قد هدت قواهم تماما.. ها هم أولاء يدخلون على يوسف.. معهم بضاعة رديئة.. جاءوا بثمن لا يتيح لهم شراء شيء ذي بال.. وعندما دخلوا على يوسف - عليه السلام- رجوه أن يتصدق عليهم (انتهى الأمر بهم إلى التسول.. إنهم يسألونه أن يتصدق عليهم.. ويستميلون قلبه ، بتذكيره أن الله يجزي المتصدقين. عندئذ.. وسط هوانهم وانحدار حالهم.. حدثهم يوسف بلغتهم ، بغير واسطة ولا مترجم : قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ(89) قَالُواْ أَإِنَّكَ لَأَنت َيُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ(90)قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ(يوسف) يكاد الحوار يتحرك بأدق تعبير عن مشاعرهم الداخلية.. فاجأهم عزيز مصر بسؤالهم عما فعلوه بيوسف.. كان يتحدث بلغتهم فأدركوا أنه يوسف.. وراح الحوار يمضي فيكشف لهم خطيئتهم معه.. لقد كادوا له وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ مرت السنوات، وذهب كيدهم له.. ونفذ تدبير الله المحكم الذي يقع بأعجب الأسباب.. كان إلقاؤه في البئر هو بداية صعوده إلى السلطة والحكم.. وكان إبعادهم له عن أبيه سببا في زيادة حب يعقوب له. وها هو ذا يملك رقابهم وحياتهم ، وهم يقفون في موقف استجداء عطفه.. إنهم يختمون حوارهم معه بقولهم (إن روح الكلمات واعترافهم بالخطأ يشيان بخوف مبهم غامض يجتاح نفوسهم.. ولعلهم فكروا في انتقامه منهم وارتعدت فرائصهم.. ولعل يوسف أحس ذلك منهم فطمأنهم بقوله (لا مؤاخذة ، ولا لوم، انتهى الأمر من نفسي وذابت جذوره لم يقل لهم إنني أسامحكم أو أغفر لكم ، إنما دعا الله أن يغفر لهم ، وهذا يتضمن أنه عفا عنهم وتجاوز عفوه ، ومضى بعد ذلك خطوات.. دعا الله أن يغفر لهم.. وهو نبي ودعوته مستجابة.. وذلك تسامح نراه آية الآيات في التسامح. ها هو ذا يوسف ينهي حواره معهم بنقلة مفاجئة لأبيه.. يعلم أن أباه قد ابيضت عيناه من الحزن عليه.. يعلم أنه لم يعد يبصر.. لم يدر الحوار حول أبيه لكنه يعلم.. يحس قلبه.. خلع يوسف قميصه وأعطاه لهم (وعادت القافلة إلى فلسطين. المشهد الثامن: ما أن خرجت القافلة من مصر، حتى قال يعقوب عليه السلام- لمن حوله في فلسطين: إني أشم رائحة يوسف، لولا أنكم تقولون في أنفسكم أنني شيخ خرِف لصدقتم ما أقول لكن المفاجأة البعيدة تقع وصلت القافلة وألقى البشير قميض يوسف على وجه يعقوب -عليهما السلام- فارتدّ بصره هنا يذكر يعقوبحقيقة ما يعلمه منربه (فاععترف الأخوة بخطئهم ، وطلبوا من أباهم الاستغفار لهم ، فهو نبي ودعاءه مستجاب. إلا أن يعقوب عليه السلام (ونلمح هنا أن في قلب يعقوب شيئا من بنيه ، وأنه لم يصف لهم بعد ، وإن كان يعدهم باستغفار الله لهم بعد أن يصفو ويسكن ويستريح. ها هوالمشهد الأخير في قصة يوسف: بدأت قصته برؤيا.. وها هو ذا الختام ، تأويل رؤياه: فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِنشَاء اللّهُ آمِنِينَ(99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَننَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَايَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ(يوسف) تأمل الآن مشاعره ورؤياه تتحقق.. إنه يدعو ربه (هي دعوة واحدة.. تَوَفَّنِي مُسْلِمًا السؤال الثاني عشر يعلم سيدنا يوسف عليه السلام أن احتفاظه بأخيه سيثير أحزان أبيه ، فوق ما يشعر به من أحزانه القديمة وان هذا الامر سوف يسبب له الالم.. يعلم يوسف هذا كله.. وليس هناك دافع لاحتفاظه باخيه0 فما هو السر الذي يكشفه السياق وراء احتفاض يوسف باخيه؟ http://www.aljawariss.net/vb/images/smilies/N14-JWJ.gif |
۞المسابقة الرمضانيه ( الحلقة الثالثة عشر)۞
أيوب عليه السلام نبذة من سلالة سيدنا إبراهي مكان من النبيين الموحى إليهم ، كان أيوب ذا مال وأولاد كثيرين ولكن الله ابتلاه في هذا كله فزال عنه، وابتلي في جسده بأنواع البلاء واستمر مرضه13 أو18 عاما اعتزله فيها الناس إلا امرأته صبرت وعملت لكي توفر قوت يومهما حتى عافاه الله من مرضه وأخلفه في كل ما ابتلي فيه، ولذلك يضرب المثل بأيوب في صبره وفي بلائه، روي أن الله يحتج يوم القيامة بأيوب عليه السلام على أهل البلاء سيرته ضربت الأمثال في صبر هذا النبي العظيم فكلما ابتلي إنسانا ابتلاء عظيما أوصوه بأن يصبر كصبر أيوب عليه السلام وقد أثنى الله تبارك وتعالى على عبده أيوب في محكم كتابه (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) والأوبة هي العودة إلى الله تعالى وقد كان أيوب دائم العودة إلى الله بالذكر والشكر والصبر وكان صبره سبب نجاته وسر ثناء الله عليه والقرآن يسكت عن نوع مرضه فلا يحدده وقد نسجت الأساطير عديدا من الحكايات حول مرضه مرض أيوب كثرت الروايات والأساطير التي نسجت حول مرض أيوب، ودخلت الإسرائيليات في كثير من هذه الروايات ونذكر هنا أشهرها أن أيوب عليه السلام كان ذا مال وولد كثير ففقد ماله وولده وابتلي في جسده فلبث في بلائه ثلاث عشرة سنة فرفضه القريب والبعيد إلا زوجته ورجلين من إخوانه وكانت زوجته تخدم الناس بالأجر، لتحضر لأيوب الطعام ثم إن الناس توقفوا عن استخدامها ، لعلمهم أنها امرأة أيوب ، خوفاً أن ينالهم من بلائه، أو تعديهم بمخالطته. فلما لم تجد أحداً يستخدمها باعت لبعض بنات الأشراف إحدى ضفيرتيها بطعام طيب كثير، فأتت به أيوب، فقال: من أين لك هذا؟ وأنكره، فقالت: خدمت به أناساً، فلما كان الغد لم تجد أحداً، فباعت الضفيرة الأخرى بطعام فأتته به فأنكره أيضاً، وحلف لايأكله حتى تخبره من أين لها هذا الطعام؟ فكشفت عن رأسها خمارها، فلما رأى رأسها محلوقاً، قال في دعائه(رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين)وحلف أن يضربها مئة سوط إذا شفى وقيل أن امرأة أيوب أخبرته أنها لقيت طبيبا في الطريق عرض أن يداوي أيوب إذا رضي أن يقول أنت شفيتي بعد علاجه ، فعرف أيوب أن هذا الطبيب هو إبليس ، فغضب وحلف أن يضربها مئة ضربة أما ما كان من أمر صاحبي أيوب فقد كانا يغدوان إليه ويروحان, فقال أحدهما للآخر لقد أذنب أيوب ذنبا عظيما وإلا لكشف عنه هذا البلاء فذكره الآخر لأيوب فحزن ودعا الله ثم خرج لحاجته وأمسكت امرأته بيده فلما فرغ أبطأت عليه, فأوحى الله إليه أن اركض برجلك, فضرب برجله الأرض فنبعت عين فاغتسل منها فرجع صحيحا فجاءت امرأته فلم تعرفه فسألته عن أيوب فقال: إني أنا هو, وكان له أندران: أحدهما: للقمح والآخر: للشعير, فبعث الله له سحابة فأفرغت في أندرالقمح الذهب حتى فاض, وفي أندر الشعير الفضة حتى فاض. وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله لعيه وسلم قال: "بينما أيوب يغتسل عريانا خر عليه رجل جراد من ذهب فجعل يحثي فيثوبه فناداه ربه يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى قال بلى يا رب ولكن لا غنى لي عن بركتك" (رجل جراد أي جماعة جراد). فلما عوفي أمره الله أن يأخذ عرجونا فيه مائة شمراخ (عود دقيق) فيضربها ضربة واحدة لكي لا يحنث في قسمه وبذلك يكون قد بر في قسمه. ثم جزى الله -عزوجل- أيوب -عليه السلام- على صبره بأن آتاه أهله (فقيل: أحيى اللهأبناءه وقيل: آجره فيمن سلفوعوضه عنهم في الدنيا بدلهم ، وجمع له شمله بكلهم في الدار الآخرة) وذكربعض العلماء أن الله رد على امرأته شبابها حتى ولدت له ستة وعشرين ولدا ذكرا. هذه أشهر رواية عن فتنة أيوب وصبره ولم يذكر فيها أي شيء عن تساقط لحمه، وأنه لم يبقى منه إلا العظم والعصب. فإننا نستبعد أن يكون مرضه منفرا أو مشوها كما تقول أساطير القدماء نستبعد ذلك لتنافيه مع منصب النبوة.. ويجدر التنبيه بأن دعاء أيوب ربه (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ). قد يكون القصد منه شكوى أيوب -عليه السلام- لربه جرأة الشيطان عليه وتصوره أنه يستطيع أن يغويه ولا يعتقد أيوب أن ما به من مرض قد جاء بسبب الشيطان هذا هوالفهم الذي يليق بعصمة الأنبياء وكمالهم. وروى الطبري أن مدة عمره كانت ثلاثا وتسعين سنة فعلى هذا فيكون عاش بعد أن عوفي عشر سنين , والله أعلم. وأنه أوصى إلى ولده حومل ، وقامب الأمر بعده ولده بشر بن أيوب، وهو الذي يزعم كثير من الناس أنه ذو الكفل والله أعلم السؤال الثالث عشر كان أيوب ذا مال وأولاد كثيرين ولكن الله ابتلاه في هذا كله فزال عنه، وابتلي في جسده بأنواع البلاءفصبر واحتسب ثم كشف الله ما به من ضر وآتاه اهله ومثلهم معهم0 ماهي الروايات التي وردة في الحلقه لتفسير قوله تعالى وآتاه اهله ومثلهم معهم ؟ |
۞المسابقة الرمضانيه ( الحلقة الرابعه عشر)۞
ذو الكفل عليه السلام نبذة من الأنبياء الصالحين وكان يصلي كل يوم مائة صلاة قيل إنه تكفل لبني قومه أن يقضي بينهم بالعدل ويكفيهم أمرهم ففعل. سيرته http://www.aljawariss.net/vb/images/smilies/N14-JWJ.gifقال أهل التاريخ ذو الكفل هو ابن أيوب عليه السلام وأسمه في الأصل (بشر) وقد بعثه الله بعد أيوب وسماه ذا الكفل لأنه تكفل ببعض الطاعات فوفي بها، وكان مقامه في الشام وأهل دمشق يتناقلون أن له قبرا في جبل هناك يشرف على دمشق يسمى قاسيون إلا أن بعض العلماء يرون أنه ليس بنبي وإنما هو رجل من الصالحين من بني إسرائيل وقد رجح ابن كثير نبوته لأن الله تعالى قرنه مع الأنبياء فقال عز وجل وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ(85)وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَاإِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ(85) (الأنبياء) قال ابن كثير : فالظاهر من ذكره في القرآن العظيم بالثناء عليه مقرونا مع هؤلاء السادة الأنبياء أنه نبي عليه من ربه الصلاة والسلام وهذا هو المشهور والقرآن الكريم لم يزد على ذكر اسمه في عداد الأنبياء أما دعوته ورسالته والقوم الذين أرسل إليهم فلم يتعرض لشيء من ذلك لا بالإجمال ولا بالتفصيل لذلك نمسك عن الخوض في موضوع دعوته حيث أن كثيرا من المؤرخين لم يوردوا عنه إلا الشيء اليسير ومما ينبغي التنبه له أن (ذا الكفل) الذي ذكره القرآن هو غير (الكفل) الذي ذكر في الحديث الشريف ونص الحديث كما رواه الأمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال (كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورع عن ذنب عمله فأتته امرأة فأعطاها ستين دينار على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته أرعدت وبكت فقال لها ما يبكيك ؟ أكرهتك ؟ قالت : لا ولكن هذا عمل لم أعمله قط وإنما حملتني عليه الحاجة قال : فتفعلين هذا ولم تفعليه قط ؟ ثم نزل فقال أذهبي بالدنانير لك ، ثم قال : والله لا يعصي الله الكفل أبدا فمات من ليلته فأصبح مكتوباعلى بابه : قد غفر الله للكفل) رواه الترمذي وقال: حديث حسن وروي موقوفاعلى ابن عمر وفي إسناده نظر فإن كان محفوظا فليس هو ذا الكفل وإنما لفظ الحديث الكفل من غير إضافة فهو إذا رجل آخر غير المذكور في القرآن. ويذكر بعض المؤرخين أن ذا الكفل تكفل لبني قومه أن يكفيهم أمرهم ويقضي بينهم بالعدل فسمي ذا الكفل وذكروا بعض القصص في ذلك ولكنها قصص تحتاج إلى تثبت وإلى تمحيص وتدقيق الرجل الصالح أما من يقول أن ذو الكفل لم يكن نبيا وإنما كان رجلا صالحا من بني إسرائيل فيروي أنه كان في عهد نبي الله اليسع عليه السلاموقد روي أنه لما كبراليسع قال لو أني استخلفت رجلاً على الناس يعمل عليهم فيحياتي حتى أنظر كيف يعمل؟ فجمع الناس فقال: من يتقبل لي بثلاث استخلفه: يصوم النهار، ويقوم الليل، ولا يغضب فقام رجل تزدريه العين، فقال: أنا، فقال: أنت تصوم النهار، وتقوم الليل، ولا تغضب؟ قال: نعم لكن اليسع -عليه السلام- ردّ الناس ذلك اليوم دون أن يستخلف أحدا وفي اليوم التالي خرج اليسع -عليه السلام- على قومه وقال مثل ما قال اليوم الأول فسكت الناس وقام ذلك الرجل فقال انا فاستخلف اليسع ذلك الرجل فجعل إبليس يقول للشياطين: عليكم بفلان، فأعياهم ذلك فقال دعوني وإياه فأتاه في صورة شيخ كبير فقير، وأتاه حين أخذ مضجعه للقائلة، وكان لا ينام الليل والنهار، إلا تلك النّومة فدقّ الباب فقال ذو الكفل: من هذا؟ قال: شيخ كبيرمظلوم فقام ذو الكفل ففتح الباب فبدأ الشيخ يحدّثه عن خصومة بينه وبين قومه، ومافعلوه به، وكيف ظلموه، وأخذ يطوّل في الحديث حتى حضر موعد مجلس ذو الكفل بين الناس وذهبت القائلة فقال ذو الكفل: إذا رحت للمجلس فإنني آخذ لك بحقّك. فخرج الشيخ وخرج ذو الكفل لمجلسه دون أن ينام لكن الشيخ لم يحضر للمجلس وانفض المجلس دون أن يحضر الشيخ وعقد المجلس في اليوم التالي لكن الشيخ لم يحضر أيضاولما رجع ذو الكفل لمنزله عند القائلة ليضطجع أتاه الشيخ فدق الباب فقال: من هذا؟ فقال الشيخ الكبير المظلوم ففتح له فقال: ألم أقل لك إذا قعدت فاتني؟ فقال الشيخ: إنهم اخبث قوم إذا عرفوا أنك قاعد قالوا لي نحن نعطيك حقك وإذا قمت جحدوني فقال ذو الكفل: انطلق الآن فإذا رحت مجلسي فأتني ففاتته القائلة فراح مجلسه وانتظر الشيخ فلا يراه وشق عليه النعاس، فقال لبعض أهله: لا تدعنَّ أحداً يقرب هذا الباب حتى أنام، فإني قد شق عليّ النوم فقدم الشيخ، فمنعوه من الدخول، فقال: قد أتيته أمس، فذكرت لذي الكفل أمري، فقالوا: لا والله لقد أمرنا أن لا ندع أحداً يقربه فقام الشيخ وتسوّر الحائط ودخل البيت ودق الباب من الداخل، فاستيقظ ذو الكفل، وقال لأهله: ألم آمركم ألا يدخل علي أحد؟ فقالوا: لم ندع أحدا يقترب، فانظر من أين دخل فقام ذو الكفل إلى الباب فإذاهو مغلق كما أغلقه؟ وإذا الرجل معه في البيت ، فعرفه فقال: أَعَدُوَّ اللهِ؟ قال: نعم أعييتني في كل شيء ففعلت كل ما ترى لأغضبك السؤال الرابع عشر لقد اختلف العلماء هل ذو الكفل هو ابن ايوب عليه السلام وهل هو نبي ام انه رجل من الصالحين ما سبب تسميته عليه السلام بذا الكفل؟ |
۞المسابقة الرمضانيه ( الحلقة الخامسة عشر)۞
http://www.alamuae.com/gallery/data/media/123/0034.gif يونس عليه السلام نبذة: أرسله الله إلى قوم نينوى فدعاهم إلى عبادة الله وحده ولكنهم أبوا واستكبروا فتركهم وتوعدهم بالعذاب بعد ثلاث ليال فخشوا على أنفسهم فآمنوا فرفع الله عنهم العذاب ، أما يونس فخرج في سفينة وكانوا على وشك الغرق فاقترعوا لكي يحددوا من سيلقى من الرجال فوقع ثلاثا على يونس فرمى نفسه في البحر فالتقمه الحوت وأوحى الله إليه أن لا يأكله فدعا يونس ربه أن يخرجه من الظلمات فاستجاب الله له وبعثه إلى مائة ألف أويزيدون سيرته كان يونس بن متى نبيا كريما أرسله الله إلى قومه فراح يعظهم وينصحهم ويرشدهم إلى الخير ويذكرهم بيوم القيامة ويخوفهم من النار ويحببهم إلىالجنة ويأمرهم بالمعروف ويدعوهم إلى عبادة الله وحده وظل ذو النون -يونس عليه السلام- ينصح قومه فلم يؤمن منهم أحد وجاء يوم عليه فأحس باليأس من قومه.. وامتلأ قلبه بالغضب عليهم لأنهم لا يؤمنون، وخرج غاضبا وقرر هجرهم ووعدهم بحلول العذاب بهم بعد ثلاثة أيامولا يذكر القرآن أين كان قوم يونس ولكن المفهوم أنهم كانوا في بقعة قريبة من البحر وقال أهل التفسير: بعث الله يونس عليه السلام إلى أهل (نينوى) من أرض الموصل فقاده الغضب إلى شاطىء البحر حيث ركب سفينة مشحونة ولم يكن الأمر الإلهي قد صدر له بأن يترك قومه أو ييأس منهم فلما خرج من قريته وتأكد أهل القرية من نزول العذاب بهم قذف الله في قلوبهم التوبة والإنابة وندموا على ما كان منهم إلى نبيهم وصرخوا وتضرعوا إلى الله عز وجل وبكى الرجال والنساء والبنون والبنات والأمهات وكانوا مائة ألف يزيدون ولا ينقصون وقد آمنوا أجمعين فكشف الله العظيم بحوله وقوته ورأفته ورحمته عنهم العذاب الذي استحقوه بتكذيبهم أمر السفينة أما السفينة التي ركبها يونس، فقد هاج بها البحر، وارتفع من حولهاالموج وكان هذا علامة عند القوم بأن من بين الركاب راكباً مغضوباً عليه لأنه ارتكب خطيئة وأنه لا بد أن يلقى في الماء لتنجو السفينة من الغرق فاقترعوا على من يلقونه من السفينة . فخرج سهم يونس -وكان معروفاً عندهم بالصلاح- فأعادوا القرعة، فخرج سهمه ثانية، فأعادواها ثالثة، ولكن سهمه خرج بشكل أكيد فألقوه في البحر -أوألقى هو نفسه فالتقمه الحوت لأنه تخلى عن المهمة التي أرسله الله بها, وترك قومه مغاضباً قبل أن يأذن الله له وأوحى الله للحوت أن لا يخدش ليونس لحما ولا يكسر لهعظما واختلف المفسرون في مدة بقاء يونس في بطن الحوت، فمنهم من قال أن الحوت التقمه عند الضحى، وأخرجه عند العشاء ومنهم من قال انه لبث في بطنه ثلاثة أيام، ومنهم من قال سبعة يونس في بطن الحوت عندما أحس بالضيق في بطن الحوت ، في الظلمات -ظلمة الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل- سبح الله واستغفره وذكر أنه كان من الظالمين وقال: (لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) فسمع الله دعاءه واستجاب لهفلفظه الحوت (فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون) وقد خرج من بطن الحوت سقيماً عارياً على الشاطىء وأنبت الله عليه شجرة القرع قال بعض العلماء في إنبات القرع عليه حِكَم جمة منها أن ورقه في غاية النعومة وكثير وظليل ولايقربه ذباب ويؤكل ثمره من أول طلوعه إلى آخره نياً ومطبوخاً وبقشره وببزره أيضاًوكان هذا من تدبير الله ولطفه وفيه نفع كثير وتقوية للدماغ وغير ذلك فلما استكمل عافيته رده الله إلى قومه الذين تركهم مغاضباً فضل يونس عليه السلام لقد وردت أحاديث كثيرة عن فضل يونس عليه السلام، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى" وقوله عليه الصلاة والسلام: "من قال أناخير من يونس بن متى فقد كذب". ذنب يونس عليه السلام نريد الآن أن ننظر فيما يسميه العلماء ذنب يونس هل ارتكب يونس ذنبا بالمعنى الحقيقي للذنب؟ وهل يذنب الأنبياء الجواب أن الأنبياء معصومون غيرأن هذه العصمة لا تعني أنهم لا يرتكبون أشياء هي عند الله أمور تستوجب العتابالمسألة نسبية إذن يقول العارفون بالله: إن حسنات الأبرار سيئات المقربين وهذاصحيح فلننظر إلى فرار يونس من قريته الجاحدة المعاندة. لو صدر هذا التصرف من أي إنسان صالح غير يونس.. لكان ذلك منه حسنة يثاب عليها فهو قد فر بدينه من قوم مجرمين. ولكن يونس نبي أرسله الله إليهم.. والمفروض أن يبلغ عن الله ولايعبأ بنهاية التبليغ أو ينتظر نتائج الدعوة.. ليس عليه إلا البلاغ. خروجه من القرية إذن.. في ميزان الأنبياء.. أمر يستوجب تعليم الله تعالى له وعقابه. إن الله يلقن يونس درسا في الدعوة إليه، ليدعو النبي إلى الله فقط هذه حدود مهمته وليس عليه أن يتجاوزها ببصره أو قلبه ثم يحزن لأن قومه لايؤمنون. ولقد خرج يونس بغير إذن فانظر ماذا وقع لقومه لقد آمنوا به بعد خروجه.. ولو أنه مكث فيهم لأدرك ذلك وعرفه واطمأن قلبه وذهب غضبه.. غير أنه كان متسرعا.. وليس تسرعه هذا سوى فيض في رغبته أن يؤمن الناس، وإنما اندفع إلى الخروج كراهية لهم لعدم إيمانهم.. فعاقبه الله وعلمه أن على النبي أن يدعو لله فحسب. والله يهدي من يشاء. السؤال الخامس عشر يقول العارفون : إن حسنات الأبرار سيئات المقربين فكيف ينطبق هذا القول على سيدنا يونس عليه السلام؟ http://www.aljawariss.net/vb/images/smilies/N14-JWJ.gif |
۞المسابقة الرمضانيه ( الحلقة السادسه عشر)۞
http://www.alamuae.com/gallery/data/media/123/0034.gif شعيب عليه السلام نبذة أرسل شعيب إلى قوم مدين وكانوا يعبدون الأيكة وكانوا ينقصون المكيال والميزان ولا يعطون الناس حقهم فدعاهم إلى عبادة الله وأن يتعاملوا بالعدل ولكنهم أبوا واستكبروا واستمروا في عنادهم وتوعدوه بالرجم والطرد وطالبوه بأن ينزل عليهم كسفا من السماء فجاءت الصيحة وقضت عليهم جميعا سيرته دعوة شعيب عليه السلام لقد برز في قصة شعيب أن الدين ليس قضية توحيد وألوهية فقط، بل إنه كذلك أسلوب لحياة الناس أرسل الله تعالى شعيبا إلى أهل مدين فقال شعيب (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَالَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُه) نفس الدعوة التي يدعوها كل نبي.. لا تختلف مننبي إلى آخر.. لا تتبدل ولا تتردد. هي أساس العقيدة.. وبغير هذه الأساس يستحيل أنينهض بناء. بعد تبيين هذا الأساس.. بدأ شعيب في توضيح الأمور الاخرى التي جاءت بها دعوته (وَلاَتَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ) بعد قضية التوحيد مباشرة.. ينتقل النبي إلى قضية المعاملات اليومية.. قضية الأمانة والعدالة.. كان أهل مدين ينقصون المكيال والميزان ولا يعطون الناس حقهم وهي رذيلة تمس نظافة القلب واليد كما تمس كمال المروءة والشرف وكان أهل مدين يعتبرون بخس الناس أشياءهمنوعا من أنواع المهارة في البيع والشراء ودهاء في الأخذ والعطاء ثم جاء نبيهم وأفهمهم أن هذه دناءة وسرقة وأنه يخاف عليهم بسببها من عذاب يوم محيطانظر إلى تدخل الإسلام الذي بعث به شعيب في حياة الناس، إلى الحد الذي يرقب فيه عملية البيع والشراء قال: (وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَتَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) لم يزل شعيب ماضيا في دعوته ها هو ذا يكرر نصحه لهم بصورة إيجابية إنه يوصيهم أن يوفوا المكيال والميزان بالقسطبالعدل والحق لنتدبر معا في التعبير القرآني القائل: (وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَأَشْيَاءهُمْ) كلمة الشيء تطلق على الأشياء المادية والمعنوية.. أي أنها ليست مقصورة على البيع والشراء فقط ، بل تدخل فيها الأعمال، أو التصرفات الشخصية. ويعني النص تحريم الظلم، سواء كان ظلما في وزن الفاكهة أو الخضراوات، أو ظلما في تقييم مجهود الناس وأعمالهم ذلك أن ظلم الناس يشيع في جو الحياة مشاعر من الألم واليأس واللا مبالاة، وتكون النتيجة أن ينهزم الناس من الداخل، وتنهار علاقات العمل، وتلحقها القيم ويشيع الاضطراب في الحياة ولذلك يستكمل النص تحذيره من الإفساد في الأرض (وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) العثو هو تعمد الإفساد والقصد إليه فلا تفسدوا في الأرض متعمدين قاصدين (بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ) ما عند الله خير لكم.. (إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ). بعدها يخلي بينهم وبين الله الذي دعاهم إليه.. ينحي نفسه ويفهمهم أنه لا يملك لهم شيئا ليس موكلا عليهم ولا حفيظا عليهم ولا حارسا لهم إنما هورسول يبلغهم رسالات ربه ويشعر شعيب قومه بأنالأمر جد وخطير وثقيل إذ بين لهم عاقبة إفسادهم وتركهم أمام العاقبة وحدهم رد قوم شعيب كان هو الذي يتكلم.. وكان قومه يستمعون.. توقف هو عن الكلام وتحدث قومه (قَالُواْ يَا شُعَيْب ُأَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَفِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) بهذا التهكم الخفيف والسخرية المندهشة واستهوال الأمر لقد تجرأت صلاة شعيب وجنت وأمرته أن يأمرهم أن يتركوا ما كان يعبد آباؤهم ولقد كان آباؤهم يعبدون الأشجار والنباتات.. وصلاة شعيب تأمرهم أن يعبدوا الله وحده أي جرأة من شعيب ؟ أو فلنقل أي جرأة من صلاة شعيب..؟ بهذا المنطق الساخر الهازئ وجه قوم شعيب خطابهم إلى نبيهم.. ثم عادوا يتساءلون بدهشة ساخرة: (أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِيأَمْوَالِنَا مَا نَشَاء) تخيل يا شعيب أن صلاتك تتدخل في إرادتنا، وطريقةتصرفنا في أموالنا.. ما هي علاقة الإيمان والصلاة بالمعاملات المادية؟ بهذا التساؤل الذي ظنه قوم شعيب قمة في الذكاء.. طرحوا أمامه قضية الإيمان، وأنكروا أن تكون لها علاقة بسلوك الناس وتعاملهم واقتصادهم هذه المحاولة للتفريق بين الحياة الاقتصادية والدين، وقد بعث به كل الأنبياء، وإن اختلفت أسماؤه.. هذه المحاولة قديمة من عمر قوم شعيب لقد أنكروا أن يتدخل الدين في حياتهم اليومية، وسلوكهم واقتصادهم وطريقة إنفاقهم لأموالهم بحرية إن حرية إنفاق المال أو إهلاكه أو التصرف فيه شيء لا علاقة له بالدين هذه حرية الإنسان الشخصية وهذا ماله الخاص، ما الذي أقحم الدين على هذا وذاك؟.. هذا هو فهم قوم شعيب وهو لا يختلف كثيرا أو قليلا عن فهم عديد من الأقوام في زماننا الذي نعيش فيه ما للإسلام وسلوك الإنسان الشخصي وحياتهم الاقتصادية وأسلوب الإنتاج وطرق التوزيع وتصرف الناس في أموالهم كما يشاءون..؟ ما للإسلام وحياتنا اليومية..؟ ثم يعودون إلى السخرية منه والاستهزاء بدعوته (إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) أي لو كنت حليما رشيدا لما قلت ما تقول. أدرك شعيب أن قومه يسخرون منه لاستبعادهم تدخل الدين في الحياة اليومية.. ولذلك تلطف معهم تلطف صاحب الدعوة الواثق من الحق الذي معه، وتجاوز سخريتهم لا يباليها، ولا يتوقف عندها، ولا يناقشها.. تجاوز السخرية إلى الجد.. أفهمهم أنه على بينة من ربه إنه نبي يعلم وهو لا يريد أن يخالفهم إلى ما ينهاهم عنه، إنه لا ينهاهم عن شيء ليحقق لنفسه نفعا منه، إنه لا ينصحهم بالأمانة ليخلوا له السوق فيستفيد من التلاعب.. إنه لا يفعل شيئا من ذلك.. إنما هو نبي.. وها هو ذا يلخص لهم كل دعوات الأنبياء هذا التلخيص المعجز: (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ) هذه هي دعوات الأنبياء في مضمونها الحقيقي وعمقها البعيد.. إنهم مصلحون أساسا، مصلحون للعقول، والقلوب، والحياة العامة، والحياة الخاصة. بعد أن بين شعيب عليه السلام لقومه أساس دعوته، وما يجب عليهم الالتزام به، ورأى منهم الاستكبار، حاول إيقاض مشاعرهم بتذكيرهم بمصير من قبلهم من الأمم، وكيف دمرهم الله بأمر منه. فذكرهم قوم نوح وقوم هود ، وقوم صالح وقوم لوطوأراهم أن سبيل النجاة هو العودة لله تائبين مستغفرين فالمولى غفور رحيم. تحدي وتهديد القوم لشعيب لكن قوم شعيب أعرضوا عنه قائلين (قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّاتَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا) إنه ضعيف بمقياسهم ضعيف لأن الفقراء والمساكين هم فقط اتبعوه أما علية القوم فاستكبروا وأصروا على طغيانهم إنه مقياس بشري خاطئ فالقوة بيد الله، والله مع أنبياءه ويستمر الكفرة في تهديهم قائلين (وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَاأَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ) لولا أهلك وقومك لضربا بالحجارة نرى أنه عندما أقام شعيب -عليهالسلام- الحجة على قومه، غيروا أسلوبهم فتحولوا من السخرية إلى التهديد وأظهروا حقيقة كرههم لهلكن شعيب تلطف معهم.. تجاوز عن إساءتهم إليه وسألهم سؤالا كان هدفه إيقاظ عقولهم: (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللّهِ) يالسذاجة هؤلاء إنهم يسيئون تقدير حقيقة القوى التي تتحكم في الوجود.. إن الله هووحده العزيز.. والمفروض أن يدركوا ذلك.. المفروض ألا يقيم الإنسان وزنا في الوجود لغير الله.. ولا يخشى في الوجود غير الله.. ولا يعمل حسابا في الوجود لقوة غير الله .. إن الله هو القاهر فوق عباده. ويبدو أن قوم شعيب ضاقوا ذرعا بشعيب فاجتمع رؤساء قومه ودخلوا مرحلة جديدة من التهديد هددوه أولا بالقتل وها هم أولاء يهددونه بالطرد من قريتهم خيروه بين التشريد والعودة إلى ديانتهم وملتهم التي تعبد الأشجار والجمادات وأفهمهم شعيب أن مسألة عودته في ملتهم مسألة لا يمكن حتى التفكير بها فكيف بهم يسألونه تنفيذها لقد نجاه الله من ملتهم، فكيف يعود إليها؟ أنه هو الذي يدعوهم إلى ملة التوحيد فكيف يدعونه إلى الشرك والكفر؟ أنه يدعوهم برفق ولين وحب.. وهم يهددونه بالقوة. واستمر الصراع بين قوم شعيب ونبيهم.. حمل الدعوة ضده الرؤساء والكبراء والحكام.. وبدا واضحا أن لا أمل فيهم.. لقد أعرضوا عن الله.. أداروا ظهورهم لله فنفض شعيب يديه منهم لقد هجروا الله وكذبوا نبيه واتهموه بأنه مسحوروكاذب فليعمل كل واحد ولينتظروا جميعا أمر الله هلاك قوم شعيب وانتقل الصراع إلى تحد من لون جديد راحوا يطالبونه بأن يسقط عليهم كسفا من السماء إن كان من الصادقين راحوا يسألونه عن عذاب الله أين هو ؟وكيف هو ؟ ولماذا تأخر ؟ سخروا منه وانتظر شعيب أمر الله. أوحى الله إليه أن يخرج المؤمنين ويخرج معهم من القرية.. وخرج شعيب.. وجاء أمره تعالى وَلَمَّاجَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ(94)كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ(95) (هود) هي صيحة واحدة.. صوت جاءهم من غمامة أظلتهم.. ولعلهم فرحوا بما تصوروا أنها تحمله من المطر ثم فوجئوا أنهم أمام عذاب عظيم ليوم عظيم انتهى الأمر أدركتهم صيحة جبارة جعلت كل واحد فيهم يجثم على وجهه في مكانه الذي كان فيه صعقت الصيحة كل مخلوق حي.. لم يستطع أن يتحرك أو يجري أو يختبئ أو ينقذ نفسه.. جثم في مكانه مصروعا بصيحة. السؤال السادس عشر لقد واجه اصحاب الايكة نبيهم تاره بالسخريه وتاره اخرى بالتهديد وتاره اخرى بتحديه ان يسقط عليهم كسفا من السماء فبماذا عذبهم الله تعالى وبماذا سمي ذلك اليوم؟ http://www.aljawariss.net/vb/images/smilies/N14-JWJ.gif |
۞المسابقة الرمضانيه ( الحلقة السابعه عشر)۞
http://www.alamuae.com/gallery/data/media/123/0034.gif موسى عليه السلام نبذة أرسله الله تعالى إلى فرعون وقومه ، وأيده بمعجزتين ، إحداهما هي العصا التي تلقف الثعابين ، أما الأخرى فكانت يده التي يدخلها في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء، دعا موسى إلى وحدانية الله فحاربه فرعون وجمع له السحرة ليكيدوا له ولكنه هزمهم بإذن الله تعالى ، ثم أمره الله أن يخرج من مصر مع من اتبعه ، فطارده فرعون بجيش عظيم وظن أتباعه أنهم مدركون أمره الله أن يضرب البحر بعصاه لتكون نجاته وليكون هلاك فرعون الذي جعله الله عبرة للآخرين أرسل موسى وهارون عليهما السلام لأشد الشعوب كرها للحق وابتعادا عنه لذلك كانت حياتهما مليئة بالأحداث والمواقف ولكي نستطيع عرض هذه القصة بالشكل الصحيح تم تقسيمها إلى أربع حلقات كل حلقة تتناول مرحلة من مراحل حياة هذين النبيين الكريمين الحلقة السابعه عشر الجزء الاول تتناول نشأة موسى عليه السلام وخروجه من مصر إلى مدين هاربا من فرعون وجنوده ولقاءه بربه في الوادي المقدس سيرته أثناء حياة يوسف عليه السلام بمصر تحولت مصر إلى التوحيد توحيد الله سبحانه وهي الرسالة التي كان يحملها جميع الرسل إلى أقواهم لكن بعد وفاته عاد أهل مصر إلى ضلالهم وشركهم أما أبناء يعقوب أو أبناء إسرائيل فقد اختلطوا بالمجتمع المصري فضلّ منهم من ضل وبقي على التوحيد من بقي وتكاثر أبناء إسرائيل وتزايد عددهم واشتغلوا في العديد من الحرف ثم حكم مصر ملك جبار كان المصريون يعبدونه ورأى هذا الملك بني إسرائيل يتكاثرون ويزيدون ويملكون وسمعهم يتحدثون عن نبوءة تقول أن واحدا من أبناء إسرائيل سيسقط فرعون مصر عن عرشه فأصدرالفرعون أمره ألا يلد أحد من بني إسرائيل أي أن يقتل أي وليد ذكر وبدأ تطبيق النظام ثم قال مستشارون فرعون له إن الكبار من بني إسرائيل يموتون بآجالهم والصغار يذبحون وهذا سينتهي إلى إفناء بني إسرائيل فستضعف مصر لقلة الأيدي العاملة بها والأفضل أن تنظم العملية بأن يذبحون الذكور في عام ويتركونهم في العام الذي يليه ووجد الفرعون أن هذا الحل أسلم وحملت أم موسى بهارون في العام الذي لايقتل فيه الغلمان فولدته علانية آمنة فلما جاء العام الذي يقتل فيه الغلمان ولد موسى حمل ميلاده خوفا عظيما لأمه خافت عليه من القتل راحت ترضعه في السر ثم جاءت عليها ليلة مباركة أوحى الله إليها فيها للأم بصنع صندوق صغير لموسى ثم إرضاعه ووضعه في الصندوق وإلقاءه في النهر كان قلب الأم وهو أرحم القلوب في الدنيا يمتلئ بالألم وهي ترمي ابنها في النيل لكنها كانت تعلم أن الله أرحم بموسى منها والله هو ربه ورب النيل لم يكد الصندوق يلمس مياه النيل حتى أصدر الخالق أمره إلى الأمواج أن تكون هادئة حانية وهي تحمل هذا الرضيع الذي سيكون نبيا فيما بعد وحمل للنيل بامر الله موسى بهدوء ورفق حتى سلمه إلى قصر فرعون وهناك أسلمه الموج للشاطئ رفض موسى للمراضع وفي ذلك الصباح خرجت زوجة فرعون تتمشى في حديقة القصر وكانت زوجة فرعون تختلف كثيرا عنه فقد كان هو كافرا وكانت هي مؤمنة كان هو قاسيا وكانت هي رحيمة كان جبارا وكانت رقيقة وطيبة وأيضا كانت حزينة فلم تكن تلد وكانت تتمنى أن يكون عندها ولد وعندما ذهبت الجواري ليملأن الجرار من النهر، وجدن الصندوق فحملنه كما هو إلى زوجة فرعون فأمرتهن أن يفتحنه ففتحنه فرأت موسى بداخله فأحست بحبه في قلبها فلقد ألقى الله في قلبها محبته فحملته من الصندوق فاستيقظ موسى وبدأ يبكي كان جائعا فجاءت زوجة فرعون إليه وهي تحمل بين يديها طفلا رضيعا فسأل من أين جاء هذا الرضيع ؟ فحدثوه بأمر الصندوق فقال بقلب لا يعرف الرحمة لابدأنه أحد أطفال بني إسرائيل أليس المفروض أن يقتل أطفال هذه السنة؟ فذكّرت آسيا -امرأة فرعون- زوجها بعدم قدرتهم على الانجاب وطلبت منه أن يسمح لها بتربيته فسمح لها بذلك عاد موسى للبكاء من الجوع فأمرت بإحضار المراضع فحضرت مرضعة من القصر وأخذت موسى لترضعه فرفض أن يرضع منها فحضرت مرضعة ثانية وثالثة وعاشرة وموسى يبكي ولا يريد أن يرضع فاحتارت زوجة فرعون ولم تكن تعرف ماذا تفعل لم تكن زوجة فرعون هي وحدها الحزينة الباكية بسبب رفض موسى لجميع المراضع فلقد كانت أم موسى هي الأخرى حزينة باكية وكادت تذهب إلى قصر فرعون لتبلغهم نبأ ابنها وليكن ما يكون لولا أن الله تعالى ربط على قلبها وملأ بالسلام نفسها فهدأت واستكانت وتركت أمر ابنها لله كل ما في الأمر أنها قالت لأخته اذهبي بهدوء إلى المدينة وحاولي أن تعرفي ماذا حدث لموسى وذهبت أخت موسى بهدوء ورفق إلى جوار قصر فرعون فإذا بها تسمع القصة الكاملة رأت موسى من بعيد وسمعت بكاءه ورأتهم حائرين لا يعرفون كيف يرضعونه سمعت أنه يرفض كل المراضع وقالت أخت موسى لحرس فرعون هل أدلكم على أهل بيت يرضعونه ويكفلونه ويهتمون بأمره ويخدمونه؟ ففرحت زوجة فرعون كثيرالهذا الأمر، وطلبت منها أن تحضر المرضعة وعادت أخت موسى وأحضرت أمه وأرضعته أمه فرضع وتهللت زوجة فرعون وقالت "خذيه حتى تنتهي فترة رضاعته وأعيديه إلينا بعدها وسنعطيك أجرا عظيما على تربيتك له وهكذا رد الله تعالى موسى لأمه كي تقر عينها ويهدأ قلبها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق وأن كلماته سبحانه تنفذ رغم أي شيء ورغم كل شيء نشأة موسى في بيت فرعون أتمت أم موسى رضاعته وأسلمته لبيت فرعون كان موضع حب الجميع كان لا يراه أحد إلا أحبه وها هو ذا في أعظم قصور الدنيا يتربى بحفظ الله وعنايته بدأت تربية موسى في بيت فرعون وكان هذا البيت يضم أعظم المربين والمدرسي نفي ذلك الوقت كانت مصر أيامها أعظم دولة في الأرض وهكذا شاءت حكمة الله تعالى أن يتربى موسى أعظم تربية وأن يتعهده أعظم المدرسين كبر موسى وفي احد الايام كان يمشي في المدينه فوجد رجلا من اتباع فرعون وهو يقتتل مع رجل من بني إسرائيل ، واستغاث به الرجل الضعيف فتدخل موسى وأزاح بيده الرجل الظالم فقتله كان موسى قويا جدا ، ولم يكن يقصد قتل الظالم ، إنما أراد إزاحته فقط ، لكن ضربته هذه قتلته ففوجئ موسى به وقد مات وقال لنفسه (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ)ودعا موسى ربه(قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي) وغفرالله تعالى له ولكن فوجئ موسى أثناء سيره بنفس الرجل الذي أنقذه بالأمس وهو يناديه ويستصرخه اليوم كان الرجل مشتبكا في عراك مع أحد المصريين وأدرك موسى بأن هذا الإسرائيلي مشاغب أدرك أنه من هواة المشاجرات وصرخ موسى في الإسرائيلي يعنفه قائلا (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ)قال موسى كلمته واندفع نحوهما يريد البطش بالمصري واعتقد الإسرائيلي أن موسى سيبطش به هو دفعه الخوف من موسى إلى استرحامه صارخا وذكّره بالمصري الذي قتله بالأمس فتوقف موسى سكت عنه الغضب وتذكر ما فعله بالأمس وكيف استغفر وتاب ووعد ألا يكون نصيرا للمجرمين استدار موسى عائدا ومضى وهو يستغفر ربه وأدرك المصري الذي كان يتشاجر مع الإسرائيلي أن موسى هو قاتل المصري الذي عثروا على جثته أمس ولم يكن أحد من المصررين يعلم من القاتل فنشر هذا المصري الخبر في أرجاء المدينة وانكشف سر موسى وظهر أمره وجاء رجل مصري مؤمن من أقصى المدينة مسرعا ونصح موسى بالخروج من مصر لأن المصريين ينوون قلته خرج موسى من مصر على الفور خائفا يتلفت ويتسمع ويترقب خرج موسى من مصر على عجل لم يأخذ طعاما للطريق ولم يعد للسفر عدته لم يكن معه دابة تحمله على ظهرها وتوصله ولم يكن في قافلة إنما خرج بمجرد أن جاءه الرجل المؤمن وحذره من فرعون ونصحه أن يخرج اختار طريقا غير مطروق وسلكه دخل في الصحراء مباشرة واتجه إلى حيث قدرت له العناية الإلهية أن يتجه لم يكن موسى يسير قاصدا مكانا معينا هذه أول مرة يخرج فيها ويعبر الصحراء وحده يتبـــــــــــع |
موسى في مدين ظل يسير بنفسية المطارد حتى وصل إلى مدين جلس يرتاح عند بئر عظيمة يسقي الناس منها دوابهم وكان خائفا طوال الوقت أني رسل فرعون من وراءه من يقبض عليه لميكد موسى يصل إلى مدين حتى ألقى بنفسه تحت شجرة واستراح نال منه الجوع والتعب وسقطت نعله بعد أن ذابت من مشقة السير على الرمال والصخور والتراب لاحظ موسى جماعة من الرعاة يسقون غنمهم ووجد امرأتين تكفان غنمهما أن يختلطا بغنم القوم أحس موسى بما يشبه الإلهام أن الفتاتين في حاجة إلى المساعدة تقدم منهما وسأل هل يستطيع أن يساعدهما في شيء قالت إحداهما: نحن ننتظر أن ينتهي الرعاة من سقي غنمهم لنسقي سأل موسى: ولماذا لا تسقيان؟ قالت الأخرى: لا نستطيع أن نزاحم الرجال اندهش موسى لأنهما ترعيان الغنم المفروض أن يرعى الرجال الأغنام هذه مهمة شاقة ومتعبة وتحتاج إلى اليقظة سأل موسى: لماذا ترعيان الغنم؟ فقالت واحدة منهما: أبونا شيخ كبير لا تساعده صحته على الخروج كل يوم للرعي فقال موسى: سأسقي لكما سارموسى نحو الماء وسقى لهم الغنم مع بقية الرعاة وعاد يجلس تحت ظل الشجرة وتذكر لحظتها الله وناداه في قلبه: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) عادت الفتاتان إلى أبيهما الشيخ سأل الأب:عدتما اليوم سريعا على غير العادة؟! قالت إحداهما: تقابلنا مع رجل كريم سقى لنا الغنم فقال الأب لابنته: اذهبي إليه وقولي له (إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ) ليعطيك (أَجْرَ مَاسَقَيْتَ لَنَا) ولما وصل موسى إلى الشيخ قدم له الشيخ الطعام وسأله: من أين قدم وإلى أين سيذهب؟ حدثه موسى عن قصته قال الشيخ (لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) هذه البلاد لا تتبع مصر ولن يصلوا إليك هنا اطمأن موسى ونهض لينصرف قالت ابنة الشيخ لأبيها همسا: (يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) عاد الشيخ لموسى وقال له: أريد يا موسى أن أزوجك إحدى ابنتي على أن تعمل في رعي الغنم عندي ثماني سنوات ، فإن أتممت عشر سنوات فمن كرمك لا أريد أن أتعبك قال موسى: هذا اتفاق بيني وبينك والله شاهد على اتفاقنا سواء قضيت السنوات الثمانية أوالعشر سنوات فأنا حر بعدها في الذهاب وهكذا عاش موسى يخدم الشيخ عشر سنوات كاملة موسى ورعي الغنم وكان عمل موسى ينحصر في الخروج مع الفجر كل يوم لرعي الأغنام والسقاية لها ولنقف هنا وقفة تدبرإن قدرة الإلهية نقلت خطى موسى -عليه السلام- خطوة بخطوة منذ أن كان رضيعا في المهد حتى هذه اللحظة ألقت به في اليم ليلتقطه آل فرعون وألقت عليه محبة زوجة فرعون لينشأ في كنف عدوّه ودخلت به المدينة على حين غفلة من أهلها ليقتل نفسا وأرسلت إليه بالرجل المؤمن من آل فرعون ليحذره وينصحه بالخروج من مصر وصاحبته في الطريق الصحراوي من مصر إلى مدين وهو وحيد مطارد من غير زاد ولا استعداد وجمعته بالشيخ الكبير ليأجره هذه السنوات العشر ثم ليعود بعدها فيتلقى التكليف هذاخط طويل من الرعاية والتوجيه قبل النداء والتكليف تجربة الرعاية والحب والتدليل تجربة الاندفاع تحت ضغط الغيظ الحبيس وتجربة الندم والاستغفار وتجربة الخوف والمطاردة وتجربة الغربة والوحدة والجوع وتجربة الخدمة ورعي الغنم بعد حياة القصوروما يتخلل هذه التجارب الضخمة من تجارب صغيرة ومشاعر وخواطر وإدراك ومعرفة إلى جانب ما آتاه الله حين بلغ أشده من العلم والحكمة فلما استكملت نفس موسى -عليه السلام- تجاربها وأكملت مرانها بهذه التجربة الأخيرة في دار الغربة قادت القدرة الإلهية خطاه مرة أخرى عائدة به إلى مهبط رأسه ومقر أهله وقومه ومجال عمله وهكذا نرى كيف صُنِعَ موسى على عين الله وكيف تم إعداده لتلقي التكليف عودة موسى لمصر ترى أي خاطر راود موسى فعاد به إلى مصر بعد انقضاء الأجل وقد خرج منها خائفا يترقب؟ وأنساه الخطر الذي ينتظره بها وقد قتل فيها نفسا؟ وهناك فرعون الذي كان يتآمر مع الملأ من قومه ليقتلوه؟ إنها قدرة الله التي تنقل خطاهكلها خرج موسى مع أهله وسار وتاه أثناء سيره ووقف موسى حائرا يرتعش من البرد وسط أهله ثم رفع رأسه فشاهد ناراعظيمة تشتعل عن بعد امتلأ قلبه بالفرح فجأة قال لأهله: أني رأيت نارا هناك أمرهم أن يجلسوا مكانهم حتى يذهب إلى النار لعله يأتيهم منها بخبر أو يجد أحدا يسأله عن الطريق فيهتدي إليه أو يحضر إليهم بعض أخشابها المشتعلة لتدفئتهم وتحرك موسى نحو النار سار موسى مسرعا ليدفئ نفسه يده اليمنى تمسك عصاه جسده مبلل من المطر ظل يسير حتى وصل إلى واد يسمونه طوى لاحظ شيئا غريبا في هذا الوادي لم يكن هناك برد ولا رياح ثمة صمت عظيم ساكن واقترب موسى من النار لم يكد يقترب منها حتى نودي: (أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) نظر موسى في النار فوجد شجرة خضراء كلما زاد تأجج النار زادت خضرة الشجرة والمفروض أن تتحول الشجرة إلى اللون الأسود وهي تحترق لكن النار تزيد واللون الأخضر يزيد كانت الشجرة في جبل غربي عن يمينه وكان الوادي الذي يقف فيه هو وادي طوى ثم ارتجت الأرض بالخشوع والرهبة والله عز وجل ينادي: يَامُوسَى فأجاب موسى: نعم قال الله عز وجل: إِنِّي أَنَارَبُّكَ ازداد ارتعاش موسى وقال: نعم يا رب قال الله عز وجل: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى انحنى موسى راكعا وجسده كله ينتفض وخلع نعليه عادالحق سبحانه وتعالى يقول: وَأَنَااخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16) (طه) زاد انتفاض جسد موسى وهو يتلقى الوحي الإلهي ويستمع إلى ربه وهو يخاطبه قال الرحمن الرحيم: وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى ازدادت دهشة موسى إن الله سبحانه وتعالى هو الذي يخاطبه والله يعرف أكثر منه أنه يمسك عصاه لماذا يسأله الله إذن إذا كان يعرف أكثر منه؟! لا شكأن هناك حكمة عليا لذلك أجاب موسى: قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى قال الله عز وجل: أَلْقِهَا يَا مُوسَى رمى موسى العصا من يده وقد زادت دهشته وفوجئ بأن العصا تتحول فجأة إلى ثعبان عظيم الحجم هائل الجسم وراح الثعبان يتحرك بسرعة ولم يستطع موسى أن يقاوم خوفه أحس أن بدنه يتزلزل من الخوف فاستدار موسى فزعا وبدأ يجري لم يكد يجري خطوتين حتى ناداه الله: يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَايَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ عاد موسى يستدير ويقف لم تزل العصا تتحرك لم تزل الحية تتحرك قالالله سبحانه وتعالى لموسى: خُذْهَا وَلَاتَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى مد موسى يده للحية وهو يرتعش لم يكد يلمسها حتى تحولت في يده إلى عصا عاد الأمر الإلهي يصدر له: اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ وضع موسى يده في جيبه وأخرجها فإذا هي تتلألأ كالقمر زاد انفعال موسى بما يحدث وضع يده على قلبه كما أمره الله فذهب خوفه تماما اطمأن موسى وسكت وأصدر الله إليه أمرا بعد هاتين المعجزتين -معجزة العصا ومعجزة اليد- أن يذهب إلى فرعون ليدعوه إلى الله برفق ولين ويأمره أن يخرج بني إسرائيل من مصر ثم قفل موسى راجعا لأهله بعد اصطفاء الله واختياره رسولا إلى فرعون انحدر موسى بأهله قاصدا مصر لقدأمره الله تعالى أن يذهب إلى فرعون أن يدعوه بلين ورفق إلى الله أوحى الله لموسى أن فرعون لن يؤمن ليدعه موسى وشأنه وليركزعلى إطلاق سراح بني إسرائيل والكف عن تعذيبهم فهل يفرط الفرعون في بني اسرائيل وبناء الدولة الأساسي ببساطة ويسر؟ ذهبت الأفكار وجاءت فاختصرت مشقة الطريق ورفع الستار عن مشهد المواجهة السؤال السابع عشر إن الرسالة تكليف ضخم شاق ، يحتاج صاحبه إلى زاد ضخم من التجارب والإدراك والمعرفة ،إلى جانب وحي الله وتوجيهه لقد عاش موسى عدد من التجارب و خط طويل من الرعاية والتوجيه قبل النداء والتكليف عددها؟ http://www.aljawariss.net/vb/images/smilies/N14-JWJ.gif |
۞المسابقة الرمضانيه ( الحلقة الثامنه عشر)۞
http://www.alamuae.com/gallery/data/media/123/0034.gif موسى عليه السلام الجزء الثاني تتناول عوده موسى عليه السلام لمصر داعيا إلى الله وحده والصراع بين موسى وفرعون في مصر وغرق فرعون وجنوده مواجهة فرعون واجه موسى فرعون بلين ورفق كما أمره الله وحدثه عن الله عن رحمته وجنته عن وجوب توحيده وعبادته ألمح إليه أنه يملك مصر ويستطيع لو أراد أن يملك الجنة وكل ما عليه هو أن يتقي الله استمع فرعون إلى حديث موسى ضجرا شبه هازئ وقد تصوره مجنونا تجرأ على مقامه السامي ثم سأل فرعون موسى ماذا يريد؟ فأجاب موسى أنه يريد أن يرسل معه بني إسرائيل ثم استلفت موسى نظر فرعون إلى آيات الله في الكون ودار به مع حركة الرياح والمطر والنبات وأوصله مرة ثانية إلى الأرض وهناك افهمه أن الله خلق الإنسان من الأرض وسيعيده إليها بالموت ويخرجه منها بالبعث إن هناك بعثا إذن وسيقف كل إنسان يوم القيامة أمام الله تعالى لا استثناء لأحد سيقف كل عباد الله وخلقه أمامه يوم القيامة بما في ذلك الفرعون بهذا جاء مبشرا ومنذرا لم يعجب فرعون هذا النذير وتصاعد الحوار بينه وبين موسى وهاج فرعون وثار وأنهى الحوار بالتهديد الصريح إلا أن موسى -عليه السلام- لم يفقد رباطة جأشه كيف يفقدها وهو رسول الله والله معه ومع أخيه؟ وبدأ الإقناع بأسلوب جديد وهو إظهار المعجزة ألقى موسى عصاه في ردهة القصر العظيمة لم تكد العصا تلمس الأرض حتى تحولت إلى ثعبان هائل يتحرك بسرعة ثم أدخل يده في جيبه وأخرجها فإذا هي بيضاء كالقمر تحدي السحرة وتبدأ الجولة الثانية بين الحق والباطل حيث شاور فرعون الملأ فأشاروا أن يرد على سحر موسى بسحر مثله فيجمع السحرة لتحدي موسى وأخاه حدد الميقات وهو يوم الزينة وبدأت حركة إعداد الجماهير وتحميسهم فدعوهم للتجمع وعدم التخلف عن الموعد ليراقبوا فوز السحرة وغلبتهم على موسى الإسرائيلي وفي ساحة المواجهة حضر موسى وأخاه هارون عليهما السلام وحضر السحرة وفي أيديهم كل ما أتقنوه من ألعاب وحيل وكلهم ثقة بفوزهم في هذا التحدي لذا بدءوا بتخيير موسى (إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى) وتتجلى ثقة موسى -عليه السلام- في الجانب الآخر واستهانته بالتحدي (بَلْ أَلْقُوا) فرمى السحرة عصيهم وحبالهم (وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ) فإذا المكان يمتلئ بالثعابين فجأة (سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) وحسبنا أن يقرر القرآن الكريم أنه سحر عظيم (وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) لندرك أي سحر كان وحسبنا أن نعلم أنهم (سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ) وأثاروا الرهبة في قلوبهم (وَاسْتَرْهَبُوهُمْ) فنظرموسى عليه السلام إلى حبال السحرة وعصيهم وشعر بالخوف في هذه اللحظة يذكّره ربّه بأن معه القوة الكبرى فهو الأعلى ومعه الحق (وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ) وستهزمهم اطمأن موسى ورفع عصاه وألقاها لم تكد عصا موسى تلامس الأرض حتى وقعت المعجزة الكبرى وضخامة المعجزة حولت مشاعر ووجدان السحرة الذين جاءوا للمباراة وهم أحرص الناس على الفوز لنيل الأجر الذي بلغت براعتهم لحد أن يشعر موسى بالخوف من عملهم تحولت مشاعرهم بحيث لم يسعفهم الكلام للتعبير (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى) إنه فعل الحق في الضمائر ونور الحق في المشاعر ولمسة الحق في القلوب المهيأة لتلقي الحق والنور واليقين ومن هنا تحول السحرة من التحدي السافر إلى التسليم المطلق الذي يجدون برهانه في أنفسهم عن يقين هزت هذه المفاجأة العرش من تحته مفاجأة استسلام السحرة -وهم من كهنة المعابد- لرب العالمين رب موسى وهارون بعد أن تم جمعهم لإبطال دعوة موسى وهارون لرب العالمين! ولأن العرش والسلطان أهم شيء في حيات الطواغيت ، فهم مستعدون لارتكاب أي جريمة في سبيل المحافظة عليهما تسائل فرعون مستغربا (آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ ) ويتوعد (لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ) لكن النفس البشرية حين تستيقن الحقيقة تختار الخلود الدائم على الحياة الفانية (قَالُواْ إِنَّاإِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ) إنه الإيمان الذي لا يتزعزع ولا يخضع فيقف الطغيان عاجزا أما هذا الوعي وهذا الاطمئنان عاجزا عن رد هؤلاء المؤمنين لطريق الباطل من جديد فينفذ تهديده ويصلبهم على جذوع النخل التآمر على موسى ومن آمنمعه ينقلنا القرآن الكريم إلى مشهد آخر من مشاهد المواجهة بين الحق والباطل حيث يحكي لنا قصة تشاور فرعون مع الملأ في قتل موسى (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) أما موسى عليه السلام فالتجأ إلى الركن الركين ولاذ بحامي اللائذين ومجير المستجيرين (وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ) ابتلاء الله أهل مصر أما حال مصر في تلك الفترة فلقد مضى فرعون في قتل الرجال واستحيا النساء وظل موسى وقومه يحتملون العذاب ويرجون فرج الله ويصبرون على الابتلاء وظل فرعون في ظلاله وتحدّيه فتدخلت قوة الله سبحانه وتعالى وشاءالله تعالى أن يشدد على آل فرعون ابتلاء لهم وتخويف ولكي يصرفهم عن الكيد لموسى ومن آمن معه وإثباتا لنبوة موسى وصدقه في الوقت نفسه وهكذا سلط على المصريين أعوام الجدب وأخذتهم العزة بالإثم فاعتقدوا أن سحر موسى هو المسئول عما أصابهم من قحط فشدد الله عليهم لعلهم يرجعون إلى الله ويطلقون بني إسرائيل ويرسلونهم معه فأرسل عليهم الطوفان والجراد والقمل -وهو السوس- والضفادع والدم ولا يذكر القرآن إن كانت جملة واحدة، أم واحدة تلو الأخرى المهم هو طلب آل فرعون من موسى أن يدعو لهم ربه لينقذهم من هذا البلاء ويعدونه في كل مرة أن يرسلوا بني إسرائيل إذا أنجاهم ورفع عنهم هذا البلاء فكان موسى -عليه السلام- يدعو الله بأن يكشف عنهم العذاب وما أن ينكشف البلاء حتى ينقضون عهدهم ويعودون إلى ما كانوا فيه خروج بني إسرائيل من مصر بدا واضحا أن فرعون لن يؤمن لموسى ولن يكف عن تعذيبه لبني إسرائيل ولن يكف عن استخفافه بقومه فانتهى الأمر وأوحي إلى موسى أن يخرج من مصر مع بني إسرائيل وأن يكون رحيلهم ليلا بعد تدبير وتنظيم لأمرالرحيل وأمره أن يقوم قومه إلى ساحل البحر وهو في الغالب عند التقاء خليج السويس بمطقة البحيرات وبلغت الأخبار فرعون أن موسى قد صحب قومه وخرج فأرسل لحشد جيش عظيم ليدرك موسى وقومه وقف موسى أمام البحر وبدا جيش الفرعون يقترب وظهرت أعلامه وامتلأ قوم موسى بالرعب كان الموقف حرجا وخطيرا إن البحر أمامهم والعدو ورائهم وليس معهم سفن أو أدوات لعبور البحر كما ليست أمامهم فرصة واحدة للقتال إنهم مجموعة من النساء والأطفال والرجال غير المسلحين سيذبحهم فرعون عن آخرهم صرخت بعض الأصوات من قوم موسى: سيدركنا فرعون قال موسى (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ). لم يكن يدري موسى كيف ستكون النجاة لكن قلبه كان ممتلئا بالثقة بربه واليقين بعونه والتأكد من النجاة فالله هو اللي يوجهه ويرعاه وفي اللحظة الأخيرة يجيء الوحي من الله (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ) فضربه فوقعت المعجزة (فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) وتحققه المستحيل في منطق الناس لكن الله إن أراد شيئا قال له كن فيكون ووصل فرعون إلى البحر شاهد هذه المعجزة شاهد في البحر طريقا يابسا يشقه نصفين فأمر جيشه بالتقدم وحين انتهى موسى من عبور البحر وأوحى الله إلى موسى أن يترك البحر على حاله (وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ) وكان الله تعالى قد شاء إغراق الفرعونفما أن صار فرعون وجنوده في منتصف البحر حتى أصدر الله أمره فانطبقت الأمواج على فرعون وجيشه وغرق فرعون وجيشه غرق العناد ونجا الإيمان بالله ولما عاين فرعون الغرق ولم يعد يملك النجاة (قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) سقطت عنه كل الأقنعة الزائفة وتضائل فلم يكتفي بأن يعلن إيمانه بل والاستسلام أيضا انتهى وقت التوبة المحدد لك وهلكت سينجو جسدك وحده لن تأكله الأسماك ولين يحمله التيار بعيدا عن الناس بل سينجو جسدك لتكون آية لمن خلفك أسدل الستار على طغيان الفرعون ولفظت الأمواج جثته إلى الشاطئ بعد ذلك نزل الستار تماما عن المصريين لقد خرجوا يتبعون خطا موسى وقومه ويقفون أثرهم فكان خروجهم هذا هو الأخير وكان إخراجا لهم من كل ما هم فيه من جنات وعيون وكنوز فلم يعودوا بعدها لهذا النعيم لا يحدثنا القرآن الكريم عما فعله من بقى من المصررين في مصر بعد سقوط نظام الفرعون وغرقه مع جيشه لا يحدثنا عن ردود فعلهم بعدأن دمر الله ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يشيدون يسكت السياق القرآني عنهم ويستبعدهم تماما من التاريخ والأحداث السؤال الثامن عشر شدد الله على ال فرعون لعلهم يرجعون إلى الله ، ويطلقون بني إسرائيل ويرسلونهم مع موسى وهارون وسلط عليهم الوان من العذاب وفي كل مره يعدون موسى ان كشف الله ما بهم من بلاء يرسلون معه بني اسرائيل ثم يتقضون عهدهم ماهي تلك الالوان ولاانواع من البلاء التي سلطها الله عليهم؟ http://www.aljawariss.net/vb/images/smilies/N14-JWJ.gif |
۞المسابقة الرمضانيه ( الحلقة التاسعه عشر)۞
موسى عليه السلام الجزء الثالث تتناول حياة موسى عليه السلام مع بني إسرائيل بعد غرق فرعون، والأحداث العظيمة التي حدثت أثناء ضياعهم في صحراء سيناء نفسية بني إسرائيل الذليلة لقد مات فرعون مصر غرق أمام عيون المصريين وبني إسرائيل ورغم موته فقد ظل أثره باقيا في نفوس المصريين وبني إسرائيل من الصعب على سنوات القهر الطويلة والذل المكثف أن تمر على نفوس الناس مر الكرام لقد عوّد فرعون بني إسرائيل الذل لغير الله هزم أرواحهم وأفسد فطرتهم فعذبوا موسى عذابا شديدا بالعناد والجهل كانت معجزة شق البحر لم تزل طرية في أذهانهم حين مروا على قوم يعبدون الأصنام وبدلا من أن يظهروا استيائهم لهذا الظلم للعقل ويحمدوا الله أن هداهم للإيمان بدلا من ذلك التفتوا إلى موسى وطلبوا منه أن يجعل لهم إلها يعبدونه مثل هؤلاء وعاودهم الحنين لأيام الشرك القديمة التي عاشوها في ظل فرعون0 موعد موسى لملاقاة ربه فدكّ الجبل وسقط موسى مغشيا عليه غائبا عن وعيه فلما أفاق قال سبحانك تنزهت وتعاليت عن أن ترى بالأبصار وتدركانتهت المرحلة الأولى من مهمة موسى عليه السلام وهي تخليص بني إسرائيل من حياة الذل والتعذيب على يد فرعون وجنده والسير بهم إلى الديار المقدسة لكن القوم لم يكونوا على استعداد للمهمة الكبرى مهمة الخلافة في الأرض بدين الله وكان الاختبار الأول أكبر دليل على ذلك فما أن رأوا قوما يعبدون صنما حتى اهتزت عقيدة التوحيد في نفوسهم فكان لا بد من رسالة مفصلة لتربية هذه الأمة وإعدادها لما هم مقبلون عليه من أجل هذه الرسالة كانت مواعدة الله لعبده موسى ليلقاه وكانت هذه المواعدة إعداد لنفس موسى ليتهيأ للموقف الهائل العظيم فاستخلف في قومه أخاه هارون عليه السلام كانت فترة الإعداد ثلاثين ليلة أضيف إليها عشر فبلغت عدتها أربعين ليله يذكر ابن كثير في تفسيره عن أمر هذه الليالي: "فذكر تعالى أنه واعد موسى ثلاثين ليلة؛ قال المفسرون: فصامها موسى -عليه السلام- وطواها، فلما تم الميقات استاك بلحاء شجرة، فأمره الله تعالى أن يكمل العشرة أربعين". كان موسى بصومه يقترب من ربه أكثر وكان موسى بتكليم الله له يزداد حبا في ربه أكثر فطلب موسى أن يرى أحيانا كثيرة يدفع الحب البشري الناس إلى طلب المستحيل فما بالك بالحب الإلهي وهو أصل الحب؟ وجاءه رد الحق عز وجل: قَالَ لَن تَرَانِي ولو أن الله تبارك وتعالى قالها ولم يزد عليها شيئا لكان هذا عدلا منه سبحانه غير أن الموقف هنا موقف حب إلهي من جانب موسى موقف اندفاع يبرره الحب ولهذا أدركت رحمة الله تعالى موسى أفهمه أنه لن يراه لأن أحدا من الخلق لا يصمد لنور الله أمره أن ينظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف يراه قال تعالى (وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا) ثم تتداركه رحمة ربه من جديد فيتلقى موسى -عليه السلام- البشرى بشرى الاصطفاء مع التوجيه له بالرسالة إلى قومه بعد الخلاص قال تعالى (قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ) عبادة العجل انتهى ميقات موسى مع ربه تعالى وعاد غضبان أسفا إلى قومه فلقد أخبره الله أن قموه قد ضلّوا من بعده وأن رجلا من بني إسرائيل يدعى السّامري هو من أضلّهم انحدر موسى من قمة الجبل وهو يحمل ألواح التوراة قلبه يغلي بالغضب والأسف نستطيع أن نتخيل انفعال موسى وثورته وهو يحث خطاه نحو قومه لم يكد موسى يغادر قومه إلى ميقات ربه حتى وقعت فتنة السامري وتفصيل هذه الفتنة أن بني إسرائيل حين خرجوا من مصر صحبوا معهم كثيرا من حلي المصريين وذهبهم حيث كانت نساء بني إسرائيل قد استعرنه للتزين به وعندما أمروا بالخروج حملوه معهم ثم قذفوها لأنها حرام فأخذها السامري وصنع منها تمثالا لعجل وكان السامري فيما يبدو نحاتا محترفا أو صائغا سابقا و قد أخذ قبضة من تراب سار عليه جبريل -عليه السلام- حين نزل إلى الأرض في معجزة شق البحر أي أن السامري أبصر بما لم يبصروا به فقبض قبضة من أثر الرسول -جبريل عليه السلام- فوضعها مع الذهب وهو يصنع منه العجل وكان جبريل لا يسير على شيء إلا دبت فيه الحياة فلما أضاف السامري التراب إلى الذهب ثم صنع منه العجل خار العجل كالعجول الحقيقية وهذه هي القصة التي قالها السامري لموسى عليه السلام بعد ذلك خرج السامري على بني إسرائيل بما صنعه قال السامري: لقد نسي موسى ذهب للقاء ربه هناك بينما ربه هنا وعبد بنو إسرائيل هذا العجل لعل دهشة القارئ تثور لهذه الفتنة كيف يمكن الاستخفاف بعقول القوم لهذه الدرجة؟! لقد وقعت لهم معجزات هائلة فكيف ينقلبون إلى عبادة الأصنام في لحظة؟ تزول هذه الدهشة لو نظرنا في نفسية القوم الذين عبدواالعجل لقد تربوا في مصر أيام كانت مصر تعبد الأصنام وتقدس فيما تقدس العجل أبيس وتربوا على الذل والعبودية فتغيرت نفوسهم والتوت إن كلمات الله لم تعدهم إلى الحق كما أن المعجزات الحسية لم تقنعهم بصدق الكلمات ظلوا داخل أعماقهم من عبدة الأوثان ولهذا السبب انقلبوا إلى عبادة العجل وفوجئ هارون عليه الصلاة والسلام بأن بني إسرائيل يعبدون عجلا من الذهب انقسموا إلى قسمين الأقلية المؤمنة أدركت أن هذا هراء والأغلبية الكافرة طاوعت حنينها لعبادة الأوثان ووقف هارون وسط قومه وراح يعظهم ورفض عبدة العجل موعظتة وأصموا آذانهم ورفضوا كلماته واستضعفوه وكادوا يقتلونه وأنهوا مناقشة الموضوع بتأجيله حتى عودة موسى وخشي انحدر موسى عائدا لقومه فسمع صياح القوم وجلبتهم وهم يرقصون حول العجل توقف القوم حين ظهر موسى وساد صمت صرخ موسى يقول (بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ) اتجه موسى نحو هارون وألقى ألواح التوراة من يده وأمسك هارون من شعر رأسه وشعر لحيته وشده نحوه وهو يرتعش قال موسى يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) (طه) أفهم هارون أخاه موسى برفق ولين أن القوم استضعفوه وكادوا يقتلونه حين قاومهم وخشي أن يلجأ إلى القوة ويحطم لهم صنمهم فتثور فتنة بين القوم فآثر تأجيل الموضوع إلى أن يحضر موسى ورجا منه أن يترك رأسه ولحيته حتى لا يشمت به الأعداء ويستخف به القوم زيادة على استخفافهم به أدرك موسى أن هارون تصرف أفضل تصرف ممكن في هذه الظروف ترك رأسه ولحيته واستغفر الله له ولأخيه التفت موسى لقومه وتساءل بصوت لم يزل يضطرب غضبا: (يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي) تحدث موسى إلى السامري وغضبه لم يهدأ بعد: قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ ليس المهم أن يكون السامري قد رأى جبريل عليه السلام فقبض قبضة من أثره ليس المهم أن يكون خوار العجل بسبب هذا التراب الذي سار عليه فرس جبريل أو يكون الخوار بسبب ثقب اصطنعه السامري ليخور العجل المهم في الأمر كله جريمة السامري وفتنته للقوم واستغلاله إعجاب القوم الدفين في عبادة الأوثان حكم موسى على السامري بالوحدة في الدنيا يقول بعض المفسرين إن موسى دعا على السامري بأن لا يمس أحدا، معاقبة له على مسه ما لم يكن ينبغي له مسه ويوم القيامة له عقوبة اخرى، يبهمها السياق لتجيء ظلالها في النفس أخطر وأرعب. نهض موسى بعد فراغه من السامري إلى العجل الذهب وألقاه في النار لم يكتف بصهره أمام عيون القوم المبهوتين وإنما نسفه في البحر نسفا بعد أن نسف موسى الصنم وفرغ من الجاني الأصلي التفت إلى قومه وحكم في القضية كلها فأفهمهم أنهم ظلموا أنفسهم وترك لعبدة العجل مجالا واحدا للتوبة وكان هذا المجال أن يقتل المطيع من بني إسرائي من عصى كانت العقوبة التي قررها موسى على عبدة العجل مهولة ثم رحم الله تعالى وتاب إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيم تابـــــــع |
يتبـــــع
رفع الجبل فوق رؤوس بني إسرائيل عاد موسى إلى هدوئه واستأنف جهاده في الله وقرأ ألواح التوراة على قومه أمرهم في البداية أن يأخذوا بأحكامها بقوة وعزم ومن المدهش أن قومه ساوموه على الحق قالوا: انشر علينا الألواح فإن كانت أوامرها ونواهيها سهلة قبلناها فقال موسى: بل اقبلوها بما فيها فراجعوا مرارا فأمر الله تعالى ملائكته فرفعت الجبل على رءوسهم حتى صار كأنه غمامة فوقهم وقيل لهم: إن لم تقبلوها بما فيها سقط ذلك الجبل عليكم فقبلوا بذلك وأمروا بالسجود فسجدوا وضعوا خدودهم على الأرض وراحوا ينظرون إلى الجبل فوقهم هلعا ورعبا وهكذا أثبت قوم موسى أنهم لا يسلمون وجوههم لله إلا إذا لويت أعناقهم بمعجزة حسية باهرة تلقي الرعب في القلوب وتنثني الأقدام نحو سجود قاهر يدفع الخوف إليه دفعا أمر موسى بني إسرائيل أن يستغفروا الله ويتوبوا إليه اختار منهم سبعين رجلا الخيّر فالخيّر وقال انطلقوا إلى الله فتوبوا إليه مما صنعتم وسلوه التوبة على من تركتم وراءكم من قومكم صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم خرج موسى بهؤلاء السبعين المختارين لميقات حدده له الله تعالى دنا موسى من الجبل وكلم الله تعالى موسى وسمع السبعون موسى وهو يكلم ربه ولعل معجزة كهذه المعجزة تكون الأخير وتكون كافية لحمل الإيمان إلى القلوب مدى الحياة غير أن السبعين المختارين لم يكتفوا بما استمعوا إليه من المعجزة إنما طلبوا رؤية الله تعالى كوفئ الطلب المتعنت بعقوبة صاعقة أخذتهم رجفة مدمرة صعقت أرواحهم وأجسادهم على الفور فماتوا أدرك موسى ما أحدثه السبعون المختارون فملأه الأسى وقام يدعو ربه ويناشده أن يعفو عنهم ويرحمهم يحكي المولى عز وجل دعاء موسى عليه السلام بالتوبة على قومه في سورة الأعراف وَاخْتَارَمُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَاوَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِين (155) وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّاهُدْنَـا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّلَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) (الأعراف) هذه كانت كلمات موسى لربه وهو يدعوه ويترضاه ورضي الله تعالى عنه وغفر لقومه فأحياهم بعد موتهم واستمع المختارون في هذه اللحظات الباهرة من تاريخ الحياة إلى النبوءة بمجيء محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم سنلاحظ طريقة الربط بين الحاضر والماضي في الآية إن الله تعالى يتجاوز زمن مخاطبة الرسول في الآيات إلى زمنين سابقين هما نزول التوراة ونزول الإنجيل ليقرر أنه (تعالى) بشّر بمحمد في هذين الكتابين الكريمين نعتقد أن إيراد هذه البشرى جاء يوم صحب موسى من قومه سبعين رجلا هم شيوخ بني إسرائيل وأفضل منفيهم لميقات ربه في هذا اليوم الخطير بمعجزاته الكبرى تم إيراد البشرى بآخرأنبياء الله عز وجل السير باتجاه بيت المقدس سار موسى بقومه في اتجاه البيت المقدس أمر موسى قومه بدخولها وقتال من فيها والاستيلاء عليها وها قد جاء امتحانهم الأخير بعد كل ما وقع لهم من المعجزات والآيات والخوارق جاء دورهم ليحاربوا بوصفهم مؤمنين قوما من عبدة الأصنام رفض قوم موسى دخول الأراضي المقدسة وحدثهم موسى عن نعمة الله عليهم كيف جعل فيهم أنبياء وجعلهم ملوكا يرثون ملك فرعون وآتاهم مَّا لَمْيُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ وكان رد قومه عليه أنهم يخافون من القتال قالوا: إن فيها قوماجبارين ولن يدخلوا الأرض المقدسة حتى يخرج منها هؤلاء وانضم لموسى وهارون اثنان من القوم تقول كتب القدماء إنهم خرجوا في ستمائة ألف لم يجد موسى من بينهم غير رجلين على استعداد للقتال وراح هذان الرجلان يحاولان إقناع القوم بدخول الأرض والقتال قالا: إن مجرد دخولهم من الباب سيجعل لهم النصر ولكن بني إسرائيل جميعا كانوا يتدثرون بالجبن ويرتعشون في أعماقهم مرة أخرى تعاودهم طبيعتهم التي عاودتهم قبل ذلك حين رأوا قوماي عكفون على أصنامهم فسدت فطرتهم وانهزموا من الداخل واعتادوا الذل فلم يعد في استطاعتهم أن يحاربواوقال قوم موسى له كلمتهم الشهيرة(فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ)هكذا بصراحة وبلا التواء أدرك موسى أن قومه ما عادوا يصلحون لشيء مات الفرعون ولكن آثاره في النفوس باقية يحتاج شفاؤها لفترة طويلة عاد موسى إلى ربه يحدثه أنه لا يملك إلانفسه وأخاه دعا موسى على قومه أن يفرق الله بينه وبينهم وأصدر الله تعالى حكمه على هذا الجيل الذي فسدت فطرته من بني إسرائيل كان الحكم هو التيه أربعين عاما حتى يموت هذا الجيل أو يصل إلى الشيخوخة ويولد بدلا منه جيل آخر جيل لم يهزمه أحد من الداخل ويستطيع ساعتها أن يقاتل وأنينتصر فترة التيه مكث بنو إسرائيل في التيه أربعين سنة حتى فني جيل بأكمله فنى الجيل الخائر المهزوم من الداخل وولد في ضياع الشتات وقسوة التيه جيل جديد جيل لم يتربى وسط مناخ وثني ولم يشل روحه انعدام الحرية جيل لم ينهزم من الداخل جيل لم يعد يستطيع الأبناء فيه أن يفهموا لماذا يطوف الآباء هكذا بغير هدف في تيه لا يبدوله أول ولا تستبين له نهاية إلا خشية من لقاء العدو جيل صار مستعدا لدفع ثمن آدميته وكرامته من دمائه أخيرا ولد هذا الجيل وسط تيه الأربعين عاما ولقد قدر لموسى زيادة في معاناته ورفعا لدرجته عند الله تعالى قدر له ألا تكتحل عيناه بمرأى هذا الجيل فقد مات موسى عليه الصلاة والسلام قبل أن يدخل بنو إسرائيل الأرض التي كتب الله عليهم دخولها ودفن عند كثيب أحمر حدث عنه آخر أنبياء الله في الأرض حين أسرى به قال محمد صلى الله عليه وسلم: لما أسري بي مررت بموسى وهو قائم يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر مات موسى عليه الصلاة والسلام في التيه وتولى يوشع بن نون أمر بني إسرائيل السؤال التاسع عشر صحب موسى من قومه سبعين رجلا هم شيوخ بني إسرائيل وأفضل من فيهم لميقات ربه في هذا اليوم الخطير بمعجزاته الكبرى من سماعهم لصوت الله تعالى وقولهم لن نؤمن لك حتى نرى الله جهره والرجفه التي صعقت أرواحهم وأجسادهم على الفور فماتوا ثم احياهم الله تعالى في هذا اليوم سمعوا ببشرى كريمة تتعلق بأمة محمد فما هي؟ http://www.aljawariss.net/vb/images/smilies/N14-JWJ.gif |
۞المسابقة الرمضانيه ( الحلقة العشرون)۞
http://www.alamuae.com/gallery/data/media/123/0034.gif موسى والعبد الصالح لم يحدد لنا القران الكريم المكان الذي وقعت فيه الحوادث ولا يحدد لنا التاريخ كما أنه لم يصرح بالأسماء ولم يبين ماهية العبد الصالح الذي التقاه موسى هل هو نبي أو رسول؟ أم عالم؟ أم ولي؟ اختلف المفسرون في تحديد المكان فقيل إنه بحر فارس والرو وقيل بل بحر الأردن أو القلزم وقيل عند طنجة وقيل في أفريقيا وقيل هو بحر الأندلس ولا يقوم الدليل على صحة مكان من هذه الأمكنة ولو كان تحديد المكان مطلوبا لحدده الله تعالى وإنما أبهم السياق القرآني المكان كما أبهم تحديد الزمان كما ضبب أسماء الأشخاص لحكمة عليا إن القصة تتعلق بعلم ليس هو علمنا القائم على الأسباب وليس هو علم الأنبياء القائم على الوحي إنما نحن أمام علم من طبيعة غامضة أشد الغموض علم القدر الأعلى وذلك علم أسدلت عليه الأستار الكثيفة مكان اللقاء مجهول كما رأينا وزمان اللقاء غير معروف هو الآخر لا نعرف متى تم لقاء موسى بهذا العبد وهكذا تمضي القصة بغير أن تحدد لك سطورها مكان وقوع الأحداث ولا زمانه يخفي السياق القرآني أيضا اسم أهم أبطالها يشير إليه الحق تبارك وتعالى بقوله (عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا) هو عبد أخفى السياق القرآني اسمه هذا العبد هو الذي يبحث عنه موسى ليتعلم لقد خص الله تعالى نبيه الكريم موسى عليه السلام بأمور كثيرة ورغم هذا يتحول في القصة إلى طالب علم متواضع يحتمل أستاذه ليتعلم ومن يكون معلمه غير هذا العبد الذي يتجاوز السياق القرآني اسمه وإن حدثتنا السنة المطهرة أنه هو الخضر عليه السلام كما حدثتنا أن الفتى هو يوشع بن نون ويسير موسى مع العبد الذي يتلقى علمه من الله بغير أسباب التلقي الني نعرفها ومع منزلة موسى العظيمة إلا أن الخضر يرفض صحبة موسى يفهمه أنه لن يستطيع معه صبرا ثم يوافق على صحبته بشرط ألا يسأله موسى عن شيء حتى يحدثه الخضر عنه والخضر هو الصمت المبهم ذاته إنه لا يتحدث وتصرفاته تثير دهشة موسى العميقة إن هناك تصرفات يأتيها الخضر وترتفع أمام عيني موسى حتى لتصل إلى مرتبة الجرائم والكوارث وهناك تصرفات تبدو لموسى بلا معنى وتثير تصرفات الخضر دهشة موسى ومعارضته ورغم علم موسى ومرتبته فإنه يجد نفسه في حيرة عميقة من تصرفات هذا العبد الذي آتاه الله من لدنه علما والسبب وراء هذا كله حيث ان قام موسى خطيبا في بني إسرائيل يدعوهم إلى الله ويحدثهم عن الحق ويبدو أن حديثه جاء جامعا مانعا رائعا بعد أن انتهى من خطابه سأله أحد المستمعين من بني إسرائيل هل على وجه الأرض أحد اعلم منك يا نبي الله؟ قال موسى مندفعا: لا وساق الله تعالى عتابه لموسى حين لم يرد العلم إليه فبعث إليه جبريل يسأله يا موسى ما يدريك أين يضع الله علمه؟ أدرك موسى أنه تسرع وعاد جبريل عليه السلام يقول له: إن لله عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك تاقت نفس موسى الكريمة إلى زيادة العلم وانعقدت نيته على الرحيل لمصاحبة هذا العبد العالم. سأل كيف السبيل إليه فأمر أن يرحل وأن يحمل معه حوتا في مكتل أي سمكة في سلة. وفي هذا المكان الذي ترتد فيه الحياة لهذا الحوت ويتسرب في البحر سيجد العبد العالم انطلق موسى طالب العلم ومعه فتاه وقد حمل الفتى حوتا في سلة انطلقا بحثا عن العبد الصالح العالم وليست لديهم أي علامة على المكان الذي يوجد فيه إلا معجزة ارتداد الحياة للسمكة القابعة في السلة وتسربها إلى البحر ويظهر عزم موسى عليه السلام على العثور على هذا العبد العالم ولو اضطره الأمر إلى أن يسير أحقابا وأحقابا قيل أن الحقب عام وقيل ثمانون عاما على أية حال فهو تعبير عن التصميم لا عن المدة على وجه التحديد وصل الاثنان إلى صخرة جوار البحر رقد موسى واستسلم للنعاس وبقي الفتى ساهرا وألقت الرياح إحدى الأمواج على الشاطئ فأصاب الحوت رذاذ فدبت فيه الحياة وقفز إلى البحر (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا) وكان تسرب الحوت إلى البحر علامة أعلم الله بها موسى لتحديد مكان لقائه بالرجل الحكيم الذي جاء موسى يتعلم منه نهض موسى من نومه فلم يلاحظ أن الحوت تسرب إلى البحر ونسي فتاه الذي يصحبه أن يحدثه عما وقع للحوتوسار موسى مع فتاه بقية يومهما وليلتهما وقد نسيا حوتهماثم تذكر موسى غداءه وحل عليه التعب(قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا)ولمع في ذهن الفتى ما وقع تذكر كيف تسرب الحوت إلى البحر هناك وأخبر موسى بما وقع واعتذر إليه بأن الشيطان أنساه أن يذكر له ما وقع رغم غرابة ما وقع فقد اتخذ الحوت (سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا) كان أمرا عجيبا ما رآه الفتى لقد رأى الحوت يشق الماء فيترك علامة وكأنه طير يتلوى على الرمال سعد موسى من مروق الحوت إلى البحر و(قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ) هذا ما كنا نريده إن تسرب الحوت يحدد المكان الذي سنلتقي فيه بالرجل العالم ويرتد موسى وفتاه يقصان أثرهما عائدين انظر إلى بداية القصة وكيف تجيء غامضة أشد الغموض مبهمة أعظم الإبهام أخيرا وصل موسى إلى المكان الذي تسرب منه الحوت وصلا إلى الصخرة التي ناما عندها وتسرب عندها الحوت من السلة إلى البحر وهناك وجدا رجلا يقول البخاري إن موسى وفتاه وجدا الخضر مسجى بثوبه وقد جعل طرفه تحت رجليه وطرف تحت رأسه تابــــــع |
فسلم عليه موسى فكشف عن وجهه وقال: هل بأرضك سلام ؟ من أنت ؟ قال موسى: أنا موسى قال الخضر: موسى بني إسرائيل عليك السلام يا نبي إسرائيلقال موسى: وما أدراك بي ؟ قال الخضر: الذي أدراك بي ودلك علي ماذا تريد يا موسى ؟ قال موسى ملاطفا مبالغا في التوقير (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا) قال الخضر: أما يكفيك أن التوراة بيديك وأن الوحي يأتيك ؟ يا موسى (إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا) نريد أن نتوقف لحظة لنلاحظ الفرق بين سؤال موسى الملاطف المغالي في الأدب ورد الخضر الحاسم الذي يفهم موسى أن علمه لا ينبغي لموسى أن يعرفه كما أن علم موسى هو علم لا يعرفه الخضر يقول المفسرون إن الخضر قال لموسى: إن علمي أنت تجهله ولن تطيق عليه صبرا، لأن الظواهر التي ستحكم بها على علمي لن تشفي قلبك ولن تعطيك تفسيرا وربما رأيت في تصرفاتي ما لا تفهم له سببا أو تدري له علة وإذن لن تصبر على علمي يا موسى احتمل موسى كلمات الصد القاسية وعاد يرجوه أن يسمح له بمصاحبته والتعلم منه وقال له موسى فيما قال إنه سيجده إن شاء الله صابرا ولا يعصي له أمرا تأمل كيف يتواضع كليم الله ويؤكد للعبد المدثر بالخفاء أنه لن يعصي له أمرا قال الخضر لموسى عليهما السلام إن هناك شرطا يشترطه لقبول أن يصاحبه موسى ويتعلم منه هو ألا يسأله عن شيء حتى يحدثه هو عنه فوافق موسى على الشرط وانطلقا انطلق موسى مع الخضر يمشيان على ساحل البحر مرت سفينة فطلب الخضر وموسى من أصحابها أن يحملوهما وعرف أصحاب السفينة الخضر فحملوه وحملوا موسى بدون أجر إكراما للخضر وفوجئ موسى حين رست السفينة وغادرها أصحابها وركابها فوجئ بأن الخضر يتخلف فيها، لم يكد أصحابها يبتعدون حتى بدأ الخضر يخرق السفينة اقتلع لوحا من ألواحها وألقاه في البحر فحملته الأمواج بعيدا فاستنكر موسى فعلة الخضر لقد حملنا أصحاب السفينة بغير أجر أكرمونا وها هو ذا يخرق سفينتهم ويفسدها كان التصرف من وجهة نظر موسى معيبا وغلبت طبيعة موسى المندفعة عليه كما حركته غيرته على الحق فاندفع يحدث أستاذه ومعلمه وقد نسي شرطه الذي اشترطه عليه(قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا) وهنا يلفت العبد الرباني نظر موسى إلى عبث محاولة التعليم منه لأنه لن يستطيع الصبر عليه (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا) ويعتذر موسى بالنسيان ويرجوه ألا يؤاخذه وألا يرهقه (قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا) سارا معا فمرا على حديقة يلعب فيها الصبيان حتى إذا تعبوا من اللعب انتحى كل واحد منهم ناحية واستسلم للنعاس فوجئ موسى بأن العبد الرباني يقتل غلاما ويثور موسى سائلا عن الجريمة التي ارتكبها هذا الصبي ليقتله هكذا يعاود العبد الرباني تذكيره بأنه أفهمه أنه لن يستطيع الصبر عليه (قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا) ويعتذر موسى بأنه نسي ولن يعاود الأسئلة وإذا سأله مرة أخرى سيكون من حقه أن يفارقه (قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا) ومضى موسى مع الخضر فدخلا قرية بخيلة لا يعرف موسى لماذا ذهبا إلى القرية ولا يعرف لماذا يبيتان فيها نفذ ما معهما من الطعام فاستطعما أهل القرية فأبوا أن يضيفوهما وجاء عليهما المساء وأوى الاثنان إلى خلاء فيه جدار يريد أن ينقض جدار يتهاوى ويكاد يهم بالسقوط وفوجئ موسى بأن الرجل العابد ينهض ليقضي الليل كله في إصلاح الجدار وبنائه من جديد ويندهش موسى من تصرف رفيقه ومعلمه، إن القرية بخيلة لا يستحق من فيها هذا العمل المجاني (قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا).. انتهى الأمر بهذه العبارة قال عبد الله لموسى (هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) لقد حذر العبد الرباني موسى من مغبة السؤال وجاء دور التفسير الآن إن كل تصرفات العبد الرباني التي أثارت موسى وحيرته لم يكن حين فعلها تصدر عن أمره كان ينفذ إرادة عليا وكانت لهذه الإرادة العليا حكمتها الخافية وكانت التصرفات تشي بالقسوة الظاهرة بينما تخفي حقيقتها رحمة حانية وهكذا تخفي الكوارث أحيانا في الدنيا جوهر الرحمة وترتدي النعم ثياب المصائب وتجيد التنكر وهكذا يتناقض ظاهر الأمر وباطنه ولا يعلم موسى رغم علمه الهائل غير قطرة من علم العبد الرباني ولا يعلم العبد الرباني من علم الله إلا بمقدار ما يأخذ العصفور الذي يبلل منقاره في البحر من ماء البحر كشف العبد الرباني لموسى شيئين في الوقت نفسه كشف له أن علمه أي علم موسى محدود كما كشف له أن كثيرا من المصائب التي تقع على الأرض تخفي في ردائها الأسود الكئيب رحمة عظمى إن أصحاب السفينة سيعتبرون خرق سفينتهم مصيبة جاءتهم، بينما هي نعمة تتخفى في زي المصيبة نعمة لن تكشف النقاب عن وجهها إلا بعد أن تنشب الحرب ويصادر الملك كل السفن الموجودة غصبا، ثم يفلت هذه السفينة التالفة المعيبة وبذلك يبقى مصدر رزق الأسرة عندهم كما هو فلا يموتون جوعا أيضا سيعتبر والد الطفل المقتول وأمه أن كارثة قد دهمتهما لقتل وحيدهما الصغير البريء غير أن موته يمثل بالنسبة لهما رحمة عظمى، فإن الله سيعطيهما بدلا منه غلاما يرعاهما في شيخوختهما ولا يرهقهما طغيانا وكفرا كالغلام المقتول وهكذا تختفي النعمة في ثياب المحنة، وترتدي الرحمة قناع الكارثة، ويختلف ظاهر الأشياء عن باطنها حتى ليحتج نبي الله موسى إلى تصرف يجري أمامه، ثم يستلفته عبد من عباد الله إلى حكمة التصرف ومغزاه ورحمة الله الكلية التي تخفي نفسها وراء أقنعة عديدة أما الجدار الذي أتعب نفسه بإقامته من غير أن يطلب أجرا من أهل القرية كان يخبئ تحته كنزا لغلامين يتيمين ضعيفين في المدينة ولو ترك الجدار ينقض لظهر من تحته الكنز فلم يستطع الصغيران أن يدفعا عنه ولما كان أبوهما صالحا فقد نفعهما الله بصلاحه في طفولتهما وضعفهما فأراد أن يكبرا ويشتد عودهما ويستخرجا كنزهما وهما قادران على حمايته ثم ينفض الرجل يده من الأمر فهي رحمة الله التي اقتضت هذا التصرف وهو أمر الله لا أمره فقد أطلعه على الغيب في هذه المسألة وفيما قبلها ووجهه إلى التصرف فيها وفق ما أطلعه عليه من غيبه واختفى هذا العبد الصالح لقد مضى في المجهول كما خرج من المجهول إلا أن موسى تعلم من صحبته درسين مهمين تعلم ألا يغتر بعلمه في الشريعة فهناك علم الحقيقة وتعلم ألا يتجهم قلبه لمصائب البشر فربما تكون يد الرحمة الخالقة تخفي سرها من اللطف والإنقاذ والإيناس وراء أقنعة الحزن والآلام والموت هذه هي الدروس التي تعلمها موسى كليم الله عز وجل ورسوله من هذا العبد المدثر بالخفاء السؤال العشرون لقد خص الله تعالى نبيه الكريم موسى عليه السلام بأمور كثيرة فهو كليم الله عز وجل، وأحد اولي العزم من الرسل، وصاحب معجزة العصا واليد، والنبي الذي أنزلت عليه التوراة دون واسطة ، وإنما كلمه الله تكليما فما الموقف الذي دفع هذا النبي العظيم الى هذه الرحله الشاقه للبحث عن الرجل الصالح؟ http://www.aljawariss.net/vb/images/smilies/N14-JWJ.gif |
۞المسابقة الرمضانيه ( الحلقة الحادية والعشرون)۞
يوشع بن نون عليه السلام نبذة ورد أنه الفتى الذي صاحب موسى للقاء الخضر وهو النبي الذي أخرج الله على يديه بني إسرائي من صحراء سيناء وحاربوا أهل فلسطين وانتصروا عليهم سيرته لم يخرج أحد من التيه ممن كان مع موسى سوى اثنين هما الرجلان اللذان أشارا على ملأ بني إسرائيل بدخول قرية الجبارين ويقول المفسرون: إن أحدهما يوشع بن نون وهذا هو فتى موسى في قصته مع الخضر صار الآن نبيا من أنبياء بني إسرائيل وقائدا لجيش يتجه نحو الأرض التي أمرهم الله بدخولها خرج يوشع بن نون ببني إسرائيل من التيه بعد أربعين سنة وقصد بهم الأرض المقدسة كانت هذه الأربعين سنة كما يقول العلماء كفيلة بأن يموت فيها جميع من خرج مع موسى عليه السلام من مصر ويبقى جيل جديد تربى على أيادي موسى وهارون ويوشع بن نون جيل يقيم الصلا ويؤتي الزكاة ويؤمن بالله ورسله قطع بهم نهر الأردن إلى أريحا وكانت من أحصن المدائن سورا وأعلاها قصورا وأكثرها أهلا فحاصرها ستة أشهر وروي في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل قد ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها ولما يبن ولا آخر قد بنى بنيانا ولما يرفع سقفها ولا آخر قد اشترى غنما أو خلفات وهو منتظر ولادها قال فغزا فأدنى للقرية حين صلاة العصر أو قريبا من ذلك فقال للشمس أنت مأمورة وأنا مأمور اللهم احبسها علي شيئا فحبست عليه حتى فتح الله عليه قال فجمعوا ما غنموا فأقبلت النار لتأكله فأبت أن تطعمه فقال فيكم غلول فليبايعني من كل قبيلة رجل فبايعوه فلصقت يد رجل بيده فقال فيكم الغلول فلتبايعني قبيلتك فبايعته قال فلصقت بيد رجلين أو ثلاثة فقال فيكم الغلول أنتم غللتم قال فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب قال فوضعوه في المال وهو بالصعيد فأقبلت النار فأكلته فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا ذلك بأن الله تبارك وتعالى رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا) ويرى العلماء أن هذا النبي هو يوشع بن نون فقد كان اليهود لا يعملون ولا يحاربون يوم السبت وعندما خشي أن يذهب النصر إذا توقف اليهود عن القتال فدعى الله أن يحبس الشمس واخْتـُلِفَ في حبس الشمس المذكور هنا فقيل: ردت على أدراجها وقيل: وقفت ولم ترد وقيل: أبطئ بحركتها وكل ذلك من معجزات النبوة صدر الأمر الإلهي لبني إسرائيل أن يدخلوا المدينة سجدا أي راكعين مطأطئي رءوسهم شاكرين لله عز وجل ما من به عليهم من الفتح أمروا أن يقولوا حال دخولهم: (حِطَّةٌ) بمعنى حط عنا خطايانا التي سلفت وجنبنا الذي تقدم من آبائنا إلا أن بني إسرائيل خالفت ما أمرت به قولا وفعلا فدخلوا الباب متعالين متكبرين وبدلوا قولا غير الذي قيل لهم فأصابهم عذاب من الله بما ظلموا كانت جريمة الآباء هي الذل وأصبحت جريمة الأبناء الكبرياء والافتراء ولم تكن هذه الجريمة هي أول جرائم بني إسرائيل ولا آخر جرائمهم فقد عذبوا رسلهم كثيرا بعد موسى وتحولت التوراة بين أيديهم إلى قراطيس يبدون بعضها ويخفون كثيرا حسبما تقتضي الأحوال وتدفع المصلحة المباشرة وكان هذا الجحود هو المسؤول عما أصاب بني إسرائيل من عقوبات عاد بنو إسرائيل إلى ظلمهم لأنفسهم اعتقدوا أنهم شعب الله المختار وتصوروا انطلاقا من هذا الاعتقاد أن من حقهم ارتكاب أي شيء وكل شيء وعظمت فيهم الأخطاء وتكاثرت الخطايا وامتدت الجرائم بعد كتابهم إلى أنبيائهم فقتلوا من قتلوا من الأنبياء وسلط الله عليهم بعد رحمة الأنبياء قسوة الملوك الجبارين وكان معهم تابوت الميثاق وهو تابوت يضم بقية مما ترك موسى وهارون ويقال إن هذا التابوت كان يضم ما بقي من ألواح التوراة التي أنزلت على موسى ونجت من يد الزمان وكان لهذا التابوت بركة تمتد إلى حياتهم وحروبهم فكان وجود التابوت بينهم في الحرب يمدهم بالسكينة والثبات ويدفعهم إلى النصر فلما ظلموا أنفسهم ورفعت التوراة من قلوبهم لم يعد هناك معنى لبقاء نسختها معهم وهكذا ضاع منهم تابوت العهد وضاع في حرب من حروبهم التي هزموا فيها وساءت أحوال بني إسرائيل بسبب ذنوبهم وتعنتهم وظلمهم لأنفسهم ومرت سنوات وسنوات واشتدت الحاجة إلى ظهور نبي ينتشلهم من الوهدة السحيقة التي أوصلتهم إليها فواجع الآثام وكبائر الخطايا0 السؤال الحادي والعشرون خرج يوشع بن نون ببني إسرائيل من التيه بعد أربعين سنة وقصد بهم الأرض المقدسة وتحقق على يديه النصر ولكنهم عصو امر ربهم فسلط عليهم بعد رحمة الأنبياء قسوة الملوك الجبارين يظلمونهم ويسفكون دمائهم وسلط الله أعدائهم عليهم ومكن لهم من رقابهم وأموالهم وكان مع بني اسرائيل في معاركهم تابوت العهد او الميثاق فما الذي يميز هذا التابوت؟ http://www.aljawariss.net/vb/images/smilies/N14-JWJ.gif |
۞المسابقة الرمضانيه (الحلقة الثانية والعشرون)۞
http://www.alamuae.com/gallery/data/media/123/0034.gif داود عليه السلام نبذة آتاه الله العلم والحكمة وسخر له الجبال والطير يسبحن معه وألان له الحديد كان عبدا خالصا لله شكورا يصوم يوما ويفطر يوما يقوم نصف الليل وينام ثلثه ويقوم سدسه وأنزل الله عليه الزبور وقد أوتي ملكا عظيما وأمره الله أن يحكم بالعدل. سيرته حال بنو إسرائيل قبل داود قبل البدء بقصة داود عليه السلام لنرى الأوضاع التي عاشها بنو إسرائل في تلك الفترة. لقد انفصل الحكم عن الدين..فآخر نبي ملك كان يوشع بن نون أما من بعده فكانت الملوك تسوس بني إسرائيل وكانت الأنبياء تهديهم. وزاد طغيان بني إسرائيل، فكانوا يقتلون الأنبياء، نبيا تلو نبي، فسلط الله عليهم ملوكا منهم ظلمة جبارين، ألوهم وطغوا عليهم. وتتالت الهزائم على بني إسرائيل، حتى انهم أضاعوا التابوت. في هذه الظروف الصعبة، كانت هنالك امرأة حامل تدعو الله كثيرا أن يرزقها ولدا ذكرا. فولدت غلاما فسمته أشموئيل.. ومعناه بالعبرانية إسماعيل.. أي سمع الله دعائي.. فلما ترعرع بعثته إلى المسجد وأسلمته لرجل صالح ليتعلم منه الخير والعبادة. فكان عنده، فلما بلغ أشده، بينما هو ذات ليلة نائم: إذا صوت يأتيه من ناحية المسجد فانتبه مذعورا ظانا أن الشيخ يدعوه. فهرع أشموئيل إلى يسأله: أدعوتني..؟ فكره الشيخ أن يفزعه فقال: نعم.. نم.. فنام.. ثم ناداه الصوت مرة ثانية.. وثالثة. وانتبه إلى جبريل عليه السلام يدعوه: إن ربك بعثك إلى قومك. اختيار طالوت ملكا: ذهب بنو إسرائيل لنبيهم يوما.. سألوه: ألسنا مظلومين؟ قال: بلى.. قالوا: ألسنا مشردين؟ قال: بلى.. قالوا: ابعث لنا ملكا يجمعنا تحت رايته كي نقاتل في سبيل الله ونستعيد أرضنا ومجدنا. قال نبيهم وكان أعلم بهم: هل أنتم واثقون من القتال لو كتب عليكم القتال؟ قالوا: ولماذا لا نقاتل في سبيل الله، وقد طردنا من ديارنا، وتشرد أبناؤنا، وساء حالنا؟ قال نبيهم: إن الله اختار لكم طالوت ملكا عليكم. قالوا: كيف يكون ملكا علينا وهو ليس من أبناء الأسرة التي يخرج منها الملوك -أبناء يهوذا- كما أنه ليس غنيا وفينا من هو أغنى منه؟ قال نبيهم: إن الله اختاره، وفضله عليكم بعلمه وقوة جسمه. قالوا: ما هي آية ملكه؟ قال لهم نبيهم: يسرجع لكم التابوت تحمله الملائكة. ووقعت هذه المعجزة.. وعادت إليهم التوراة يوما.. ثم تجهز جيش طالوت، وسار الجيش طويلا حتى أحس الجنود بالعطش.. قال الملك طالوت لجنوده: سنصادف نهرا في الطريق، فمن شرب منه فليخرج من الجيش، ومن لم يذقه وإنما بل ريقه فقط فليبق معي في الجيش.. وجاء النهر فشرب معظم الجنود، وخرجوا من الجيش، وكان طالوت قد أعد هذا الامتحان ليعرف من يطيعه من الجنود ومن يعصاه، وليعرف أيهم قوي الإرادة ويتحمل العطش، وأيهم ضعيف الإرادة ويستسلم بسرعة. لم يبق إلا ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلا، لكن جميعهم من الشجعان. كان عدد أفراد جيش طالوت قليلا، وكان جيش العدو كبيرا وقويا.. فشعر بعض -هؤلاء الصفوة- أنهم أضعف من جالوت وجيشه وقالوا: كيف نهزم هذا الجيش الجبار..؟! كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وبرز جالوت في دروعه الحديدية وسلاحه، وهو يطلب أحدا يبارزه.. وخاف منه جنود طالوت جميعا.. وهنا برز من جيش طالوت راعي غنم صغير هو داود.. كان داود مؤمنا بالله، وكان يعلم أن الإيمان بالله هو القوة الحقيقية في هذا الكون، وأن العبرة ليست بكثرة السلاح، ولا ضخامة الجسم ومظهر الباطل. وكان الملك، قد قال: من يقتل جالوت يصير قائدا على الجيش ويتزوج ابنتي.. ولم يكن داود يهتم كثيرا لهذا الإغراء.. كان يريد أن يقتل جالوت لأن جالوت رجل جبار وظالم ولا يؤمن بالله.. وسمح الملك لداود أن يبارز جالوت.. وتقدم داود بعصاه وخمسة أحجار ومقلاعه (وهو نبلة يستخدمها الرعاة).. تقدم جالوت المدجج بالسلاح والدروع.. وسخر جالوت من داود وأهانه وضحك منه، ووضع داود حجرا قويا في مقلاعه وطوح به في الهواء وأطلق الحجر. فأصاب جالوت فقتله. وبدأت المعركة وانتصر جيش طالوت على جيش جالوت. جمع الله الملك والنبوة لداود بعد فترة أصبح داود -عليه السلم- ملكا لبني إسرائيل، فجمع الله على يديه النبوة والملك مرة أخرى. لقد أكرم الله نبيه الكريم بعدة معجزات. لقد أنزل عليه الزبور (وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا)، وآتاه جمال الصوت، فكان عندما يسبّح، تسبح الجبال والطيور معه، والناس ينظرون. وألآن الله في يديه الحديد، حتى قيل أنه كان يتعامل مع الحديد كما كان الناس يتعاملون مع الطين والشمع كانت الدروع الحديدية التي يصنعها صناع الدروع ثقيلة ولا تجعل المحارب حرا يستطيع أن يتحرك كما يشاء أو يقاتل كما يريد. فقام داوود بصناعة نوعية جديدة من الدروع. درع يتكون من حلقات حديدية تسمح للمحارب بحرية الحركة، وتحمي جسده من السيوف والفئوس والخناجر.. أفضل من الدروع الموجودة أيامها.. وشد الله ملك داود، جعله الله منصورا على أعدائه دائما.. وجعل ملكه قويا عظيما يخيف الأعداء حتى بغير حرب، وزاد الله من نعمه على داود فأعطاه الحكمة وفصل الخطاب، أعطاه الله مع النبوة والملك حكمة وقدرة على تمييز الحق من الباطل ومعرفة الحق ومساندته.. فأصبح نبيا ملكا قاضيا. القضايا التي عرضت على داود يروي لنا القرآن الكريم بعضا من القضايا التي وردت على داود -عليه السلام. فلقد جلس داود كعادته يوما يحكم بين الناس في مشكلاتهم.. وجاءه رجل صاحب حقل ومعه رجل آخر.. وقال له صاحب الحقل: سيدي النبي.. إن غنم هذا الرجل نزلت حقلي أثناء الليل، وأكلت كل عناقيد العنب التي كانت فيه.. وقد جئت إليك لتحكم لي بالتعويض.. قال داود لصاحب الغنم: هل صحيح أن غنمك أكلت حقل هذا الرجل؟ قال صاحب الغنم: نعم يا سيدي.. قال داود: لقد حكمت بأن تعطيه غنمك بدلا من الحقل الذي أكلته. قال سليمان.. وكان الله قد علمه حكمة تضاف إلى ما ورث من والده: عندي حكم آخر يا أبي.. قال داود: قله يا يا سليمان قال سليمان أحكم بأن يأخذ صاحب الغنم حقل هذا الرجل الذي أكلته الغنم.. ويصلحه له ويزرعه حتى تنمو أشجار العنب، وأحكم لصاحب الحقل أن يأخذ الغنم ليستفيد من صوفها ولبنها ويأكل منه، فإذا كبرت عناقيد الغنم وعاد الحقل سليما كما كان أخذ صاحب الحقل حقله وأعطى صاحب الغنم غنمه.. قال داود: هذا حكم عظيم يا سليمان الحمد لله الذي وهبك الحكمة.. فتنة داود وكان داود رغم قربه من الله وحب الله له، يتعلم دائما من الله، وقد علمه الله يوما ألا يحكم أبدا إلا إذا استمع لأقوال الطرفين المتخاصمين.. فيذكر لنا المولى في كتابه الكريم قضية أخرى عرضت على داود عليه السلام. جلس داود يوما في محرابه الذي يصلي لله ويتعبد فيه، وكان إذا دخل حجرته أمر حراسه ألا يسمحوا لأحد بالدخول عليه أو إزعاجه وهو يصلي.. ثم فوجئ يوما في محرابه بأنه أمام اثنين من الرجال.. وخاف منهما داود لأنهما دخلا رغم أنه أمر ألا يدخل عليه أحد. سألهما داود: من أنتما؟ قال أحد الرجلين: لا تخف يا سيدي.. بيني وبين هذا الرجل خصومة وقد جئناك لتحكم بيننا بالحق. سأل داود: ما هي القضية؟ قال الرجل الأول: (إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ). وقد أخذها مني. قال أعطها لي وأخذها مني.. وقال داود بغير أن يسمع رأي الطرف الآخر وحجته: (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ) وإن كثيرا من الشركاء يظلم بعضهم بعضا إلا الذين آمنوا.. وفوجئ داود باختفاء الرجلين من أمامه.. اختفى الرجلان كما لو كانا سحابة تبخرت في الجو وأدرك داود أن الرجلين ملكان أرسلهما الله إليه ليعلماه درسا.. فلا يحكم بين المتخاصمين من الناس إلا إذا سمع أقوالهم جميعا، فربما كان صاحب التسع والتسعين نعجة معه الحق.. وخر داود راكعا، وسجد لله، واستغفر ربه.. وفاته عليه السلام عاد داود يعبد الله ويسبحه حتى مات… كان داود يصوم يوما ويفطر يوما.. قال رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم عن داود: "أفضل الصيام صيام داود. كان يصوم يوما ويفطر يوما. وكان يقرأ الزبور بسبعين صوتا، وكانت له ركعة من الليل يبكي فيها نفسه ويبكي ببكائه كل شيء ويشفي بصوته المهموم والمحموم".. جاء في الحديث الصحيح أن داود عليه السلام كان شديد الغيرة على نساءه، فكانت نساءه في قصر، وحول القصر أسوار، حتى لا يقترب أحد من نساءه. وفي أحد الأيام رأى النسوة رجلا في صحن القصر، فقالوا: من هذا والله لأن رآه داود ليبطشنّ به. فبلغ الخبر داود -عليه السلام- فقال للرجل: من أنت؟ وكيف دخلت؟ قال: أنا من لا يقف أمامه حاجز. قال: أنت ملك الموت. فأذن له فأخذ ملك الموت روحه. مات داود عليه السلام وعمره مئة سنة. وشيع جنازته عشرات الآلاف، فكان محبوبا جدا بين الناس، حتى قيل لم يمت في بني إسرائيل بعد موسى وهارون أحد كان بنو إسرائيل أشد جزعا عليه.. منهم على داود.. وآذت الشمس الناس فدعا سليمان الطير قال: أظلي على داود. فأظلته حتى أظلمت عليه الأرض. وسكنت الريح. وقال سليمان للطير: أظلي الناس من ناحية الشمس وتنحي من ناحية الريح. وأطاعت الطير. فكان ذلك أول ما رآه الناس من ملك سليمان السؤال الثاني والعشرون جمع الله على يدي داود عليه السلام النبوة والملك مرة أخرى لقد أكرمه الله وأيده بمعجزات اذكرها؟ |
۞المسابقة الرمضانيه (الحلقة الثالثه والعشرون)۞
http://www.alamuae.com/gallery/data/media/123/0034.gif سليمان عليه السلام نبذة آتاه الله العلم والحكمة وعلمه منطق الطير والحيوانات وسخر له الرياح والجن وكان له قصة مع الهدهد حيث أخبره أن هناك مملكة باليمن يعبد أهلها الشمس من دون الله فبعث سليمان إلى ملكة سبأ يطلب منها الإيمان ولكنها أرسلت له الهدايا فطلب من الجن أن يأتوا بعرشها فلما جاءت ووجدت عرشها آمنت بالله. سيرته (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ) ورثه في النبوة والملك ليس المقصود وراثته في المال لأن الأنبياء لا يورثون إنما تكون أموالهم صدقة من بعدهم للفقراء والمحتاجين لا يخصون بها أقربائهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نحن معشر الأنبياء لا نورث" ملك سليمان لقد آتى الله سليمان عليه السلام ملكا عظيما لم يؤته أحدا من قبله ولن يعطه لأحد من بعده إلى يوم القيامة فقد استجاب الله تعالى لدعوة سليمان (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي) لنتحدث الآن عن بعض الأمور التي سخرها الله لنبيه سليمان عليه السلام لقد سخر له أمرا لم يسخره لأحد من قبله ولا بعده سخر الله له "الجن". فكان لديه –عليه السلام- القدرة على حبس الجن الذين لا يطيعون أمره، وتقييدهم بالسلاسل وتعذيبهم. ومن يعص سليمان يعذبه الله تعالى لذلك كانوا يستجيبون لأوامره، فيبنون له القصور، والتماثيل –التي كانت مباحة في شرعهم- والأواني والقدور الضخمة جدا، فلا يمكن تحريكها من ضخامتها وكانت تغوص له في أعماق البحار وتستخرج اللؤلؤ والمرجان والياقوت.. وسخر الله لسليمان –عليه السلام- الريح فكانت تجري بأمره لذلك كان يستخدمها سليمان في الحرب فكان لديه بساطا خشبيا ضخم جدا، وكان يأمر الجيش بأن يركب على هذا الخشب، ويأمر الريح بأن ترفع البساط وتنقلهم للمكان المطلوب فكان يصل في سرعة خارقة ومن نعم الله عليه، إسالة النحاس له مثلما أنعم على والده داود بأن ألان له الحديد وعلمه كيف يصهره وقد استفاد سليمان من النحاس المذاب فائدة عظيمة في الحرب والسلم. ونختم هذه النعم بجيش سليمان عليه السلام. كان جيشه مكون من البشر ، والجن ، والطيور فكان يعرف لغتها. سليمان والخيل بعد عرض أنعم الله عليه، لنبدأ بقصته عليه السلام. وبعض أحداثها. كان سليمان –عليه السلام- يحب الخيل كثيرا، خصوصا ما يسمى (بالصافنات)، وهي من أجود أنواع الخيول وأسرعها. وفي يوم من الأيام، بدأ استعراض هذه الخيول أمام سليمان عصرا، وتذكر بعد الروايات أن عددها كان أكثر من عشرين ألف جواد، فأخذ ينظر إليها ويتأمل فيها، فطال الاستعراض، فشغله عن ورده اليومي في ذكر الله تعالى، حتى غابت الشمس، فانتبه، وأنب نفسه لأن حبه لهذه الخيول شغله عن ذكر ربه حتى غابت الشمس، فأمر بإرجاع الخيول له (فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ). وجاءت هنا روايتان كلاهما قوي رواية تقول أنه أخذ السيف وبدأ بضربها على رقابها وأرجلها حتى لا ينشغل بها عن ذكر الله ورواية أخرى تقول أنه كان يمسح عليها ويستغفر الله عز وجل فكان يمسحها ليرى السقيم منها من الصحيح لأنه كان يعدّها للجهاد في سبيل الله ابتلاء سليمان ورغم كل هذه النعم العظيمة والمنح الخاصة فقد فتن الله تعالى سليمان اختبره وامتحنه، والفتنة امتحان دائم، وكلما كان العبد عظيما كان امتحانه عظيما. وحقيقة هذه الفتنة ما ذكره الفخر الرازي قال: إن سليمان ابتلي بمرض شديد حار فيه أطباء الإنس والجن.. وأحضرت له الطيور أعشابا طبية من أطراف الأرض فلم يشف، وكل يوم كان المرض يزيد عليه حتى أصبح سليمان إذا جلس على كرسيه كأنه جسد بلا روح.. كأنه ميت من كثرة الإعياء والمرض.. واستمر هذا المرض فترة كان سليمان فيها لا يتوقف عن ذكر الله وطلب الشفاء منه واستغفاره وحبه.. وانتهى امتحان الله تعالى لعبده سليمان، وشفي سليمان.. عادت إليه صحته بعد أن عرف أن كل مجده وكل ملكه وكل عظمته لا تستطيع أن تحمل إليه الشفاء إلا إذا أراد الله سبحانه.. هذا هو الرأي الذي نرتاح إليه، ونراه لائقا بعصمة نبي حكيم وكريم كسليمان.. ويذكر لنا القرآن الكريم مواقف عدة تتجلى لنا فيها حكمة سليمان –عليه السلام- ومقدرته الفائقة على استنتاج الحكم الصحيح في القضايا المعروضة عليه وادي النمل وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَـتَّى إِذا أتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) (النمل) يقول العلماء "ما أعقلها من نملة وما أفصحها". (يَا) نادت، (أَيُّهَا) نبّهت، (ادْخُلُوا) أمرت، (لَا يَحْطِمَنَّكُمْ) نهت، (سُلَيْمَانُ) خصّت، (وَجُنُودُهُ) عمّت، (وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) اعتذرت سمع سليمان كلام النملة فتبسم ضاحكا من قولها.. ما الذي تتصوره هذه النملة! رغم كل عظمته وجيشه فإنه رحيم بالنمل.. يسمع همسه وينظر دائما أمامه ولا يمكن أبدا أن يدوسه.. وكان سليمان يشكر الله أن منحه هذه النعمة.. نعمة الرحمة ونعمة الحنو والشفقة والرفق يتبــــــــع |
تابــــــــــــع
سليمان عليه السلام وبلقيس ملكة سبأ ولعل أشهر قصة عن سليمان –عليه السلام- هي قصته مع بلقيس ملكة سبأ أصدر سليمان أمره لجيشه أن يستعد.. بعدها، خرج سليمان يتفقد الجيش، ويستعرضه ويفتش عليه.. فاكتشف غياب الهدهد وتخلفه عن الوقوف مع الجيش، فغضب وقرر تعذيبه أو قتله، إلا إن كان لديه عذر قوي منعه من القدوم. طرحت الملكة على رؤساء قومها الرسالة.. وكانت عاقلة تشاورهم في جميع الأمور: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ).فجاء الهدهد ووقف على مسافة غير بعيدة عن سليمان –عليه السلام- (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) وانظروا كيف يخاطب هذا الهدهد أعظم ملك في الأرض، بلا إحساس بالذل أو المهانة فقال الهدهد أنا أعلم منك بقضية معينة، فجئت بأخبار أكيدة من مدينة سبأ باليمن. (إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً) بلقيس (تَمْلِكُهُمْ) تحكمهم (وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ) أعطاها الله قوة وملكا عظيمين وسخّر لها أشياء كثيرة (وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ) وكرسي الحكم ضخم جدا ومرصّع بالجواهر (وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ) وهم يعبدون الشمس (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ) أضلهم الشيطان (فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ) يسجدون للشمس ويتركون الله سبحانه وتعالى (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) وذكر العرش هنا لأنه ذكر عرش بلقيس من قبل، فحتى لا يغترّ إنسان بعرشها ذكر عرش الله سبحانه وتعالى. فتعجب سليمان من كلام الهدهد، فلم يكن شائعا أن تحكم المرأة البلاد، وتعجب من أن قوما لديهم كل شيء ويسجدون للشمس، وتعجب من عرشها العظيم، فلم يصدق الهدهد ولم يكذبه إنما (قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) وهذا منتهى العدل والحكمة. ثم كتب كتابا وأعطاه للهدهد وقال له: (اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ) ألق الكتاب عليهم وقف في مكان بعيد حيث تستطيع سماع ردهم على الكتاب. يختصر السياق القرآني في سورة النمل ما كان من أمر ذهاب الهدهد وتسليمه الرسالة، وينتقل مباشرة إلى الملكة، وسط مجلس المستشارين، وهي تقرأ على رؤساء قومها ووزرائها رسالة سليمان قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) (النمل) هذا هو نص خطاب الملك سليمان لملكة سبأ.. كان رد فعل الملأ وهم رؤساء قومها التحدي.. أثارت الرسالة بلهجتها المتعالية المهذبة غرور القوم، وإحساسهم بالقوة. أدركوا أن هناك من يتحداهم ويلوح لهم بالحرب والهزيمة ويطالبهم بقبول شروطه قبل وقوع الحرب والهزيمة (قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ). فكرت الملكة طويلا في رسالة سليمان.. كان اسمه مجهولا لديها، لم تسمع به من قبل، وبالتالي كانت تجهل كل شيء عن قوته، ربما يكون قويا إلى الحد الذي يستطيع فيه غزو مملكتها وهزيمتها. ونظرت الملكة حولها فرأت تقدم شعبها وثراءه، وخشيت على هذا الثراء والتقدم من الغزو.. ورجحت الحكمة في نفسها على التهور، وقررت أن تلجأ إلى اللين، وترسل إليه بهدية.. وقدرت في نفسها أنه ربما يكون طامعا قد سمع عن ثراء المملكة، فحدثت نفسها بأن تهادنه وتشتري السلام منه بهدية.. قدرت في نفسها أيضا إن إرسالها بهدية إليه، سيمكن رسلها الذين يحملون الهدية من دخول مملكته، وإذا سيكون رسلها عيونا في مملكته.. يرجعون بأخبار قومه وجيشه، وفي ضوء هذه المعلومات، سيكون تقدير موقفها الحقيقي منه ممكنا.. أخفت الملكة ما يدور في نفسها، وحدثت رؤساء قومها بأنها ترى استكشاف نيات الملك سليمان، عن طريق إرسال هدية إليه، انتصرت الملكة للرأي الذي يقضي بالانتظار والترقب.. وأقنعت رؤساء قومها بنبذ فكرة الحرب مؤقتا، لأن الملوك إذا دخلوا قرية انقلبت أوضاعها وصار رؤساءها هم أكثر من فيها تعرضا للهوان والذل.. واقتنع رؤساء قومها حين لوحت الملكة بما يتهددهم من أخطار.. وصلت هدية الملكة بلقيس إلى الملك النبي سليمان.. جاءت الأخبار لسليمان بوصول رسل بلقيس وهم يحملون الهدية.. وأدرك سليمان على الفور أن الملكة أرسلت رجالها ليعرفوا معلومات عن قوته لتقرر موقفها بشأنه.. ونادى سليمان في المملكة كلها أن يحتشد الجيش.. ودخل رسل بلقيس وسط غابة كثيفة مدججة بالسلاح.. فوجئ رسل بلقيس بأن كل غناهم وثرائهم يبدو وسط بهاء مملكة سليمان.. وصغرت هديتهم في أعينهم. وفوجئوا بأن في الجيش أسودا ونمورا وطيورا.. وأدركوا أنهم أمام جيش لا يقاوم.. ثم قدموا لسليمان هدية الملكة بلقيس على استحياء شديد. وقالوا له نحن نرفض الخضوع لك، لكننا لا نريد القتال، وهذه الهدية علامة صلح بيننا ونتمنى أن تقبلها. نظر سليمان إلى هدية الملكة وأشاح ببصره (فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ) كشف الملك سليمان بكلماته القصيرة عن رفضه لهديتهم، وأفهمهم أنه لا يقبل شراء رضاه بالمال. يستطيعون شراء رضاه بشيء آخر (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) ثم هددهم (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ). وصل رسل بلقيس إلى سبأ.. وهناك هرعوا إلى الملكة وحدثوها أن بلادهم في خطر.. حدثوها عن قوة سليمان واستحالة صد جيشه.. أفهموها أنها ينبغي أن تزوره وتترضاه.. وجهزت الملكة نفسها وبدأت رحلتها نحو مملكة سليمان.. جلس سليمان في مجلس الملك وسط رؤساء قومه ووزرائه وقادة جنده وعلمائه.. كان يفكر في بلقيس.. يعرف أنها في الطريق إليه.. تسوقها الرهبة لا الرغبة.. ويدفعها الخوف لا الاقتناع.. ويقرر سليمان بينه وبين نفسه أن يبهرها بقوته، فيدفعها ذلك للدخول في الإسلام فسأل من حوله، إن كان بإمكان احدهم ان يحضر له عرش بلقيس قبل أن تصل الملكة لسليمان. فعرش الملكة بلقيس هو أعجب ما في مملكتها.. كان مصنوعا من الذهب والجواهر الكريمة، وكانت حجرة العرش وكرسي العرش آيتين في الصناعة والسبك.. وكانت الحراسة لا تغفل عن العرش لحظة.. فقال أحد الجن أنا أستطيع إحضار العرش قبل أن ينتهي المجلس –وكان عليه السلام يجلس من الفجر إلى الظهر- وأنا قادر على حمله وأمين على جواهره. لكن شخص آخر يطلق عليه القرآن الكريم "الذي عنده علم الكتاب" قال لسليمان أنا أستطيع إحضار العرش في الوقت الذي تستغرقه العين في الرمشة الواحدة. واختلف العلماء في "الذي عنده علم الكتاب" فمنهم من قال أنه وزيره أو أحد علماء بني إسرائيل وكان يعرف اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب. ومنهم من قال أنه جبريل عليه السلام. والأصل أن الله يظهر معجزاته فحسب، أما سر وقوع هذه المعجزات فلا يديره إلا الله.. وهكذا يورد السياق القرآني القصة لإيضاح قدرة سليمان الخارقة، وهي قدرة يؤكدها وجود هذا العالم في مجلسه. هذا هو العرش ماثل أمام سليمان.. تأمل تصرف سليمان بعد هذه المعجزة.. لم يستخفه الفرح بقدرته، ولم يزهه الشعور بقوته، وإنما أرجع الفضل لمالك الملك.. وشكر الله الذي يمتحنه بهذه القدرة، ليرى أيشكر أم يكفر. تأمل سليمان عرش الملكة طويلا ثم أمر بتغييره، أمر بإجراء بعض التعديلات عليه، ليمتحن بلقيس حين تأتي، ويرى هل تهتدي إلى عرشها أم تكون من الذين لا يهتدون. كما أمر سليمان ببناء قصر يستقبل فيه بلقيس. واختار مكانا رائعا على البحر وأمر ببناء القصر بحيث يقع معظمه على مياه البحر، وأمر أن تصنع أرضية القصر من زجاج شديد الصلابة، وعظيم الشفافية في نفس الوقت، لكي يسير السائر في أرض القصر ويتأمل تحته الأسماك الملونة وهي تسبح، ويرى أعشاب البحر وهي تتحرك. تم بناء القصر، ومن فرط نقاء الزجاج الذي صنعت منه أرض حجراته، لم يكن يبدو أن هناك زجاجا. تلاشت أرضية القصر في البحر وصارت ستارا زجاجيا خفيا فوقه. يتجاوز السياق القرآني استقبال سليمان لها إلى موقفين وقعا لها بتدبيره: الأول موقفها أمام عرشها الذي سبقها بالمجيء، وقد تركته وراءها وعليه الحراس. والثاني موقفها أمام أرضية القصر البلورية الشفافة التي تسبح تحتها الأسماك. لما اصطحب سليمان عليه السلام بلقيس إلى العرش، نظرت إليه فرأته كعرشها تماما.. وليس كعرشها تماما.. إذا كان عرشها فكيف سبقها في المجيء..؟ وإذا لم يكن عرشها فكيف أمكن تقليده بهذه الدقة ..؟ قال سليمان وهو يراها تتأمل العرش: (أَهَكَذَا عَرْشُكِ؟) قالت بلقيس بعد حيرة قصيرة: (كَأَنَّهُ هُوَ!) قال سليمان: (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ). توحي عبارته الأخيرة إلى الملكة بلقيس أن تقارن بين عقيدتها وعلمها، وعقيدة سليمان المسلمة وحكمته. إن عبادتها للشمس، ومبلغ العلم الذي هم عليه، يصابان بالخسوف الكلي أمام علم سليمان وإسلامه. لقد سبقها سليمان إلى العلم بالإسلام، بعدها سار من السهل عليه أن يسبقها في العلوم الأخرى، هذا ما توحي به كلمة سليمان لبلقيس.. أدركت بلقيس أن هذا هو عرشها، لقد سبقها إلى المجيء، وأنكرت فيه أجزاء وهي لم تزل تقطع الطريق لسليمان.. أي قدرة يملكها هذا النبي الملك سليمان؟! انبهرت بلقيس بما شاهدته من إيمان سليمان وصلاته لله، مثلما انبهرت بما رأته من تقدمه في الصناعات والفنون والعلوم.. وأدهشها أكثر هذا الاتصال العميق بين إسلام سليمان وعلمه وحكمته. انتهى الأمر واهتزت داخل عقلها آلاف الأشياء.. رأت عقيدة قومها تتهاوى هنا أمام سليمان، وأدركت أن الشمس التي يعبدها قومها ليست غير مخلوق خلقه الله تعالى وسخره لعباده، وانكسفت الشمس للمرة الأولى في قلبها، أضاء القلب نور جديد لا يغرب مثلما تغرب الشمس. ثم قيل لبلقيس ادخلي القصر.. فلما نظرت لم تر الزجاج، ورأت المياه، وحسبت أنها ستخوض البحر، (وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا) حتى لا يبتل رداؤها. نبهها سليمان -دون أن ينظر- ألا تخاف على ثيابها من البلل. ليست هناك مياه. (إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ).. إنه زجاج ناعم لا يظهر من فرط نعومته.. اختارت بلقيس هذه اللحظة لإعلان إسلامها.. اعترفت بظلمها لنفسها وأسلمت (مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). وتبعها قومها على الإسلام. أدركت أنها تواجه أعظم ملوك الأرض، وأحد أنبياء الله الكرام. يسكت السياق القرآني عن قصة بلقيس بعد إسلامها.. ويقول المفسرون أنها تزوجت سليمان بعد ذلك.. ويقال أنها تزوجت أحد رجاله.. أحبته وتزوجته، وثبت أن بعض ملوك الحبشة من نسل هذا الزواج.. ونحن لا ندري حقيقة هذا كله.. لقد سكت القرآن الكريم عن ذكر هذه التفاصيل التي لا تخدم قصه سليمان.. ولا نرى نحن داعيا للخوض فيما لا يعرف أحد.. هيكل سليمان من الأعمال التي قام بها سليمان –عليه السلام- إعادة بناء المسجد الأقصى الذي بناه يعقوب من قبل. وبنى بجانب المسجد الأقصى هيكلا عظيما كان مقدسا عند اليهود –ولا زالوا يبحثون عنه إلى اليوم. وقد ورد في الهدي النبوي الكريم أن سليمان لما بنى بيت المقدس سأل ربه عز وجل ثلاثا، فأعطاه الله اثنتين ونحن نرجو أن تكون لنا الثالثة: سأله حكما يصادف حكمه –أي أحكاما عادلة كأحكام الله تعالى- فأعطاه إياه، وسأله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه إياه، وسأله أيما رجل خرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه، وأسأل الله أن تكون لنا. وقد تفننت التوراة في وصف الهيكل.. وهذا بعض ما ورد في التوراة عنه: كان هيكل سليمان في أورشليم هو مركز العبادة اليهودية، ورمز تاريخ اليهود، وموضع فخارهم وزهوهم.. وقد شيده الملك سليمان وأنفق ببذخ عظيم على بنائه وزخرفته.. حتى لقد احتاج في ذلك إلى أكثر من 180 ألف عامل (سفر الملوك الأول).. وقد أتى له سليمان بالذهب من ترشيش، وبالخشب من لبنان، وبالأحجار الكريمة من اليمن، ثم بعد سبع سنوات من العمل المتواصل تكامل بناء الهيكل، فكان آية من آيات الدنيا في ذلك الزمان. وامتدت يد الخراب إلى الهيكل مرات عديدة، إذ كان هدفا دائما للغزاة والطامعين ينهبون ما به من كنوز، ثم يشيعون فيه الدمار، (سفر الملوك الثاني).. ثم قام أحد الملوك بتجديد بنائه تحببا في اليهود.. فاستغرق بناء الهيكل هذه المرة 46 سنة، أصبح بعدها صرحا ضخما تحيط به ثلاثة أسوار هائلة.. وكان مكونا من ساحتين كبيرتين: إحداهما خارجية والأخرى داخلية، وكانت تحيط بالساحة الداخلية أروقة شامخة تقوم على أعمدة مزدوجة من الرخام، وتغطيها سقوف من خشب الأرز الثمين. وكانت الأروقة القائمة في الجهة الجنوبية من الهيكل ترتكز على 162 عمودا، كل منها من الضخامة بحيث لا يمكن لأقل من ثلاثة رجال متشابكي الأذرع أن يحيطوا بدائرته.. وكان للساحة الخارجية من الهيكل تسع بوابات ضخمة مغطاة بالذهب.. وبوابة عاشرة مصبوبة كلها على الرغم من حجمها الهائل من نحاس كونثوس. وقد تدلت فوق تلك البوابات كلها زخارف على شكل عناقيد العنب الكبيرة المصنوعة من الذهب الخالص، وقد استمرت هدايا الملوك للهيكل حتى آخر زمانه (سفر الملوك الأول)، فكان يزخر بالكنوز التي لا تقدر بثمن.. وفاته عليه السلام عاش سليمان وسط مجد دانت له فيه الأرض.. ثم قدر الله تعالى عليه الموت فمات.. ومثلما كانت حياة سليمان قمة في المجد الذي يمتلئ بالعجائب والخوارق.. كان موته آية من آيات الله تمتلئ بالعجائب والخوارق.. وهكذا جاء موته منسجما مع حياته، متسقا مع مجده، جاء نهاية فريدة لحياة فريدة وحافلة. لقد قدر الله تعالى أن يكون موت سليمان عليه الصلاة والسلام بشكل ينسف فكرة معرفة الجن للغيب.. تلك الفكرة التي فتن الناس بها فاستقرت في أذهان بعض البشر والجن.. كان الجن يعملون لسليمان طالما هو حي.. فلما مات انكسر تسخيرهم له، وأعفوا من تبعة العمل معه.. وقد مات سليمان دون أن يعلم الجن، فظلوا يعملون له، وظلوا مسخرين لخدمته، ولو أنهم كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين. كان سليمان متكئا على عصاه يراقب الجن وهم يعملون. فمات وهو على وضعه متكئا على العصا.. ورآه الجن فظنوا أنه يصلي واستمروا في عملهم. ومرت أيام طويلة.. ثم جاءت دابة الأرض، وهي نملة تأكل الخشب.. وبدأت تأكل عصا سليمان.. كانت جائعة فأكلت جزء من العصا.. استمرت النملة تأكل العصا أياما.. كانت تأكل الجزء الملامس للأرض، فلما ازداد ما أكلته منها اختلت العصا وسقطت من يد سليمان.. اختل بعدها توازن الجسد العظيم فهوى إلى الأرض.. ارتطم الجسد العظيم بالأرض فهرع الناس إليه.. أدركوا أنه مات من زمن.. تبين الجن أنهم لا يعلمون الغيب.. وعرف الناس هذه الحقيقة أيضا.. لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين، ما لبثوا يعملون وهم يظنون أن سليمان حي، بينما هو ميت منذ فترة.. بهذه النهاية العجيبة ختم الله حياة هذا النبي الملك. السؤال الثالث والعشرون لقد سخر الله سبحانه وتعالى لسليمان البشر والوحوش والريح وتسبيح الطير وسخر له أمرا لم يسخره لأحد من قبله ولا بعده.. سخر الله له "الجن " ولكن كما سخرلسيدنا داود الحديد والآنه في يديه فقد سخر لسليمان نعمه مماثله فماهي؟http://www.aljawariss.net/vb/images/smilies/N14-JWJ.gif |
۞المسابقة الرمضانيه (الحلقة الرابعة والعشرون)۞
عزير عليه السلام سيرته مرت الأيام على بني إسرائيل في هذه الارض وانحرفوا كثير عن منهج الله عز وجل فأراد الله أن يجدد دينهم بعد أن فقدوا التوراة ونسوا كثيرا من آياتها فبعث الله تعالى إليهم عزيرا أمر الله سبحانه وتعالى عزيرا أن يذهب إلى قرية فذهب إليها فوجدها خرابا ليس فيها بشر فوقف متعجبا كيف يرسله الله إلى قرية خاوية ليس فيها بشر وقف مستغربا ينتظر أن يحييها الله وهو واقف لأنه مبعوث إليها فأماته الله مئة عام قبض الله روحه وهو نائم، ثم بعثه فاستيقظ عزير من نومه فأرسل الله له ملكا في صورة بشر (قَالَ كَمْ لَبِثْتَ) فأجاب عزير (قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) نمت يوما أو عدة أيام على أكثر تقدير فرد الملك (قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ) ويعقب الملك مشيرا إلى إعجاز الله عز وجل (فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ) أمره بأن ينظر لطعامه الذي ظل بجانبه مئة سنة فرآه سليما كما تركه لم ينتن ولم يتغير طعمه او ريحه ثم أشار له إلى حماره فرآه قد مات وتحول إلى جلد وعظم ثم بين له الملك السر في ذلك (وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ) ويختتم كلامه بأمر عجيب (وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا) نظر عزير للحمار فرأى عظامه تتحرك فتتجمع فتتشكل بشكل الحمار ثم بدأ اللحم يكسوها ثم الجلد ثم الشعر فاكتمل الحمار أمام عينيه يخبرنا المولى بما قاله عزير في هذا الموقف (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وفي تفسير الجلالين لهذه القصه ((كالذي) الكاف زائدة (مر على قرية) هي بيت المقدس راكبا على حمار ومعه سلة تين وقدح عصير وهو عزير (وهي خاوية) ساقطة (على عروشها) سقوطها لما خربها بُخْتُنَصَّر (قال أنى) كيف (يحيي هذه الله بعد موتها) استعظاماً لقدرته تعالى (فأماته الله) وألبثه (مائة عام ثم بعثه) أحياه ليريه كيفية ذلك (قال) تعالى له (كم لبثت) مكثت هنا (قال لبثت يوماً أو بعض يوم) لأنه نام أول النهار فقبض وأُحيي عند الغروب فظن أنه يوم النوم (قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك) التين (وشرابك) العصير (لم يتسنَّه) لم يتغير مع طول الزمان ، والهاء قيل أصل من سانهت وقيل للسكت من سانيت وفي قراءة بحذفها (وانظر إلى حمارك) كيف هو فرآه ميتا وعظامه بيض تلوح! فعلنا ذلك لتعلم (ولنجعلك آية) على البعث (للناس وانظر إلى العظام) من حمارك (كيف نُنشزها) نحييها بضم النون وقرئ بفتحها من أنشز ونشز لغتان وفي قراءة {ننشرها} بالراء نحركها ونرفعها (ثم نكسوها لحماً) فنظر إليها وقد تركبت وكسيت لحما ونفخ فيه الروح ونهق (فلما تبين له) ذلك بالمشاهدة (قال أعلم) علم مشاهدة (أن الله على كل شيء قدير) وفي قراءة {اعْلَمْ} أمر من الله له ) سبحان الله أي إعجاز هذا ثم خرج إلى القرية فرآها قد عمرت وامتلأت بالناس فسألهم هل تعرفون عزيرا؟ قالوا: نعم نعرفه وقد مات منذ مئة سنة فقال لهم: أنا عزير فأنكروا عليه ذلك ثم جاءوا بعجوز معمّرة وسألوها عن أوصافه فوصفته لهم فتأكدوا أنه عزير فأخذ يعلمهم التوراة ويجددها لهم فبدأ الناس يقبلون عليه وعلى هذا الدين من جديد وأحبوه حبا شديدا وقدّسوه للإعجاز الذي ظهر فيه حتى وصل تقديسهم له أن قالوا عنه أنه ابن الله (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ) واستمر انحراف اليهود بتقديس عزير واعتباره ابناً لله وهذا من شركهم لعنهم الله السؤال الرابع والعشرون أمر الله سبحانه وتعالى عزيرا أن يذهب إلى قرية فذهب إليها فوجدها خرابا ليس فيها بشر فوقف متعجبا كيف يرسله الله إلى قرية خاوية ليس فيها بشر وقف مستغربا ينتظر أن يحييها الله وهو واقف! لأنه مبعوث إليها فأماته الله مئة عام ماهي القريه التي بعث اليها عزير على ارجح الاقوال؟ http://www.aljawariss.net/vb/images/smilies/N14-JWJ.gif |
۞المسابقة الرمضانيه (الحلقة الخامسه والعشرون)۞
زكريا عليه السلام نبذة عبد صالح تقي أخذ يدعو للدين الحنيف، كفل مريم العذراء، دعا الله أن يرزقه ذرية صالحة فوهب له يحيى الذي خلفه في الدعوة لعبادة الله الواحد القهار. سيرته امرأة عمران في ذلك العصر القديم.. كان هناك نبي.. وعالم عظيم يصلي بالناس.. كان اسم النبي زكريا عليه السلام.. أما العالم العظيم الذي اختاره الله للصلاة بالناس ، فكان اسمه عمران عليه السلام. وكان لعمران زوجه لا تلد.. وذات يوم رأت طائرا يطعم ابنه الطفل في فمه ويسقيه.. ويأخذه تحت جناحه خوفا عليه من البرد.. وذكرها هذا المشهد بنفسها فتمنت على الله أن تلد.. ورفعت يديها وراحت تدعو خالقها أن يرزقها بطفل.. واستجابت لها رحمة الله فأحست ذات يوم أنها حامل.. وملأها الفرح والشكر لله فنذرت ما في بطنها محررا لله.. كان معنى هذا أنها نذرت لله أن يكون ابنها خادما للمسجد طوال حياته.. يتفرغ لعبادة الله وخدمة بيته. ولادة مريم وجاء يوم الوضع ووضعت زوجة عمران بنتا، وفوجئت الأم! كانت تريد ولدا ليكون في خدمة المسجد والعبادة، فلما جاء المولود أنثى قررت الأم أن تفي بنذرها لله برغم أن الذكر ليس كالأنثى. سمع الله سبحانه وتعالى دعاء زوجة عمران، والله يسمع ما نقوله، وما نهمس به لأنفسنا، وما نتمنى أن نقوله ولا نفعله.. يسمع الله هذا كله ويعرفه.. سمع الله زوجة عمران وهي تخبره أنها قد وضعت بنتا، والله أعلم بما وضعت، الله.. هو وحده الذي يختار نوع المولود فيخلقه ذكرا أو يخلقه أنثى.. سمع الله زوجة عمران تسأله أن يحفظ هذه الفتاة التي سمتها مريم، وأن يحفظ ذريتها من الشيطان الرجيم. ويروي الإمام مسلم في صحيحه: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ نَخَسَهُ الشَّيْطَانُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخاً مِنْ نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ إِلاَّ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ». ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (وَإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ). كفالة زكريا لمريم أثار ميلاد مريم بنت عمران مشكلة صغيرة في بداية الأمر.. كان عمران قد مات قبل ولادة مريم.. وأراد علماء ذلك الزمان وشيوخه أن يربوا مريم.. كل واحد يتسابق لنيل هذا الشرف.. أن يربي ابنة شيخهم الجليل العالم وصاحب صلاتهم وإمامهم فيها. قال زكريا: أكفلها أنا.. هي قريبتي.. زوجتي هي خالتها.. وأنا نبي هذه الأمة وأولاكم بها. وقال العلماء والشيوخ: ولماذا لا يكفلها أحدنا..؟ لا نستطيع أن نتركك تحصل على هذا الفضل بغير اشتراكنا فيه. ثم اتفقوا على إجراء قرعة. أي واحد يكسب القرعة هو الذي يكفل مريم، ويربيها، ويكون له شرف خدمتها، حتى تكبر هي وهي تخدم المسجد وتتفرغ لعبادة الله، وأجريت القرعة.. وضعت مريم وهي مولودة على الأرض، ووضعت إلى جوارها أقلام الذين يرغبون في كفالتها، وأحضروا طفلا صغيرا، فأخرج قلم زكريا.. قال زكريا: حكم الله لي بأن أكفلها. قال العلماء والشيوخ: لا.. القرعة ثلاث مرات. وراحوا يفكرون في القرعة الثانية.. حفر كل واحد اسمه على قلم خشبي، وقالوا: نلقي بأقلامنا في النهر.. من سار قلمه ضد التيار وحده فهو الغالب. وألقوا أقلامهم في النهر، فسارت أقلامهم جميعا مع التيار ما عدا قلم زكريا.. سار وحده ضد التيار.. وظن زكريا أنهم سيقتنعون، لكنهم أصروا على أن تكون القرعة ثلاث مرات. قالوا: نلقي أقلامنا في النهر.. القلم الذي يسير مع التيار وحده يأخذ مريم. وألقوا أقلامهم فسارت جميعا ضد التيار ما عدا قلم زكريا. وسلموا لزكريا، وأعطوه مريم ليكفلها.. وبدأ زكريا يخدم مريم، ويربيها ويكرمها حتى كبرت.. كان لها مكان خاص تعيش فيه في المسجد.. كان لها محراب تتعبد فيه.. وكانت لا تغادر مكانها إلا قليلا.. يذهب وقتها كله في الصلاة والعبادة.. والذكر والشكر والحب لله.. وكان زكريا يزورها أحيانا في المحراب.. وكان يفاجأه كلما دخل عليها أنه أمام شيء مدهش.. يكون الوقت صيفا فيجد عندها فاكهة الشتاء.. ويكون الوقت شتاء فيجد عندها فاكهة الصيف. ويسألها زكريا من أين جاءها هذا الرزق..؟ فتجيب مريم: إنه من عند الله.. وتكرر هذا المشهد أكثر من مرة. دعاء زكريا ربه كان زكريا شيخا عجوزا ضعف عظمه، واشتعل رأسه بالشعر الأبيض، وأحس أنه لن يعيش طويلا.. وكانت زوجته وهي خالة مريم عجوزا مثله ولم تلد من قبل في حياتها لأنها عاقر.. وكان زكريا يتمنى أن يكون له ولد يرث علمه ويصير نبيا ويستطيع أن يهدي قومه ويدعوهم إلى كتاب الله ومغفرته.. وكان زكريا لا يقول أفكاره هذه لأحد.. حتى لزوجته.. ولكن الله تعالى كان يعرفها قبل أن تقال.. ودخل زكريا ذلك الصباح على مريم في المحراب.. فوجد عندها فاكهة ليس هذا أوانها. سألها زكريا: (قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا)؟! مريم: (قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ). قال زكريا في نفسه: سبحان الله.. قادر على كل شيء.. وغرس الحنين أعلامه في قلبه وتمنى الذرية.. فدعا ربه. سأل زكريا خالقه بغير أن يرفع صوته أن يرزقه طفلا يرث النبوة والحكمة والفضل والعلم.. وكان زكريا خائفا أن يضل القوم من بعده ولم يبعث فيهم نبي.. فرحم الله تعالى زكريا واستجاب له فلم يكد زكريا يهمس في قلبه بدعائه لله حتى نادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب: (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا). فوجئ زكريا بهذه البشرى.. أن يكون له ولد لا شبيه له أو مثيل من قبل.. أحس زكريا من فرط الفرح باضطراب.. تسائل من موضع الدهشة: (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) أدهشه أن ينجب وهو عجوز وامرأته لا تلد.. (قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا) أفهمته الملائكة أن هذه مشيئة الله وليس أمام مشيئة الله إلا النفاذ.. وليس هناك شيء يصعب على الله سبحانه وتعالى.. كل شيء يريده يأمره بالوجود فيوجد.. وقد خلق الله زكريا نفسه من قبل ولم يكن له وجود.. وكل شيء يخلقه الله تعالى بمجرد المشيئة (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ). امتلأ قلب زكريا بالشكر لله وحمده وتمجيده.. وسأل ربه أن يجعل له آية أو علامة. فأخبره الله أنه ستجيء عليه ثلاثة أيام لا يستطيع فيها النطق.. سيجد نفسه غير قادر على الكلام.. سيكون صحيح المزاج غير معتل.. إذا حدث له هذا أيقن أن امرأته حامل، وأن معجزة الله قد تحققت.. وعليه ساعتها أن يتحدث إلى الناس عن طريق الإشارة.. وأن يسبح الله كثيرا في الصباح والمساء.. وخرج زكريا يوما على الناس وقلبه مليء بالشكر.. وأراد أن يكلمهم فاكتشف أن لسانه لا ينطق.. وعرف أن معجزة الله قد تحققت.. فأومأ إلى قومه أن يسبحوا الله في الفجر والعشاء.. وراح هو يسبح الله في قلبه.. صلى لله شكرا على استجابته لدعوته ومنحه يحيى ظل زكريا عليه السلام يدعوا إلى ربه حتى جاءت وفاته. ولم ترد روايات صحيحة عن وفاته عليه السلام. لكن ورايات كثير -ضعيفة- أوردت قتله على يد جنود الملك الذي قتل يحيى من قبل السؤال الخامس والعشرون كان زكريا شيخا عجوزا ضعف عظمه، واشتعل رأسه بالشعر الأبيض، وأحس أنه لن يعيش طويلا.. وكانت عجوزا مثله ولم تلد من قبل لأنها عاقر0 كان زكريا يتمنى أن يكون له ولد لانه كان يخشى من امر فما هو؟ http://www.aljawariss.net/vb/images/smilies/N14-JWJ.gif |
۞المسابقة الرمضانيه (الحلقة السادسة والعشرون)۞
يحيى عليه السلام نبذة ابن نبي الله زكريا ولد استجابة لدعاء زكريا لله أن يرزقه الذرية الصالحة فجعل آية مولده أن لا يكلم الناس ثلاث ليال سويا، وقد كان يحيى نبيا وحصورا ومن الصالحين ، كما كان بارا تقيا ورعا منذ صباه سيرته ذكر خبر ولادة يحيى عليه السلام في قصة نبي الله زكريا وقد شهد الحق عز وجل له أنه لم يجعل له من قبل شبيها ولا مثيلا، وهو النبي الذي قال الحق عنه: (وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا).. ومثلما أوتي الخضر علما من لدن الله، أوتي يحيي حنانا من لدن الله، والعلم مفهوم، والحنان هو العلم الشمولي الذي يشيع في نسيجه حب عميق للكائنات ورحمة بها، كأن الحنان درجة من درجات الحب الذي ينبع من العلم. ولقد كان يحيي في الأنبياء نموذجا لا مثيل له في النسك والزهد والحب الإلهي.. هو النبي الناسك. كان يضيء حبا لكل الكائنات، وأحبه الناس وأحبته الطيور والوحوش والصحاري والجبال، ثم أهدرت دمه كلمة حق قالها في بلاط ملك ظالم، بشأن أمر يتصل براقصة بغي فضل يحيى عليه السلام يذكر العلماء فضل يحيي ويوردون لذلك أمثلة كثيرة كان يحيي معاصرا لعيسى وقريبه من جهة الأم (ابن خالة أمه).. وتروي السنة أن يحيي وعيسى التقيا يوما. فقال عيسى ليحيي: استغفر لي يا يحيي.. أنت خير مني. قال يحيي: استغفر لي يا عيسى. أنت خير مني. قال عيسى: بل أنت خير مني.. سلمت على نفسي وسلم الله عليك. تشير القصة إلى فضل يحيي حين سلم الله عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا. ويقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه يوما فوجدهم يتذاكرون فضل الأنبياء. قال قائل: موسى كليم الله. وقال قائل: عيسى روح الله وكلمته. وقال قائل: إبراهيم خليل الله. ومضى الصحابة يتحدثون عن الأنبياء، فتدخل الرسول عليه الصلاة والسلام حين رآهم لا يذكرون يحيي. أين الشهيد ابن الشهيد؟ يلبس الوبر ويأكل الشجر مخافة الذنب. أين يحيي بن زكريا؟ نشأته ولد يحيي عليه السلام.. كان ميلاده معجزة.. فقد جاء لأبيه زكريا بعد عمر طال حتى يئس الشيخ من الذرية.. وجاء بعد دعوة نقية تحرك بها قلب النبي زكريا ولد يحيي عليه السلام فجاءت طفولته غريبة عن دنيا الأطفال.. كان معظم الأطفال يمارسون اللهو، أما هو فكان جادا طوال الوقت.. كان بعض الأطفال يتسلى بتعذيب الحيوانات، وكان يحيي يطعم الحيوانات والطيور من طعامه رحمة بها، وحنانا عليها، ويبقى هو بغير طعام.. أو يأكل من أوراق الشجر أو ثمارها. وكلما كبر يحيي في السن زاد النور في وجهه وامتلأ قلبه بالحكمة وحب الله والمعرفة والسلام. وكان يحيي يحب القراءة، وكان يقرأ في العلم من طفولته.. فلما صار صبيا نادته رحمة ربه: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا). صدر الأمر ليحيي وهو صبي أن يأخذ الكتاب بقوة، بمعنى أن يدرس الكتاب بإحكام، كتاب الشريعة.. رزقه الله الإقبال على معرفة الشريعة والقضاء بين الناس وهو صبي.. كان أعلم الناس وأشدهم حكمة في زمانه درس الشريعة دراسة كاملة، ولهذا السبب آتاه الله الحكم وهو صبي.. كان يحكم بين الناس، ويبين لهم أسرار الدين، ويعرفهم طريق الصواب ويحذرهم من طريق الخطأ. وكبر يحيي فزاد علمه، وزادت رحمته، وزاد حنانه بوالديه، والناس، والمخلوقات، والطيور، والأشجار.. حتى عم حنانه الدنيا وملأها بالرحمة.. كان يدعو الناس إلى التوبة من الذنوب، وكان يدعو الله لهم.. ولم يكن هناك إنسان يكره يحيي أو يتمنى له الضرر. كان محبوبا لحنانه وزكاته وتقواه وعلمه وفضله.. ثم زاد يحيي على ذلك بالتنسك. وكان يحيي إذا وقف بين الناس ليدعوهم إلى الله أبكاهم من الحب والخشوع.. وأثر في قلوبهم بصدق الكلمات وكونها قريبة العهد من الله وعلى عهد الله.. وجاء صباح خرج فيه يحيي على الناس.. امتلأ المسجد بالناس، ووقف يحيي بن زكريا وبدأ يتحدث.. قال: إن الله عز وجل أمرني بكلمات أعمل بها، وآمركم أن تعملوا بها.. أن تعبدوا الله وحده بلا شريك.. فمن أشرك بالله وعبد غيره فهو مثل عبد اشتراه سيده فراح يعمل ويؤدي ثمن عمله لسيد غير سيده.. أيكم يحب أن يكون عبده كذلك..؟ وآمركم بالصلاة لأن الله ينظر إلى عبده وهو يصلي، ما لم يلتفت عن صلاته.. فإذا صليتم فاخشعوا.. وآمركم بالصيام.. فان مثل ذلك كمثل رجل معه صرة من مسك جميل الرائحة، كلما سار هذا الرجل فاحت منه رائحة المسك المعطر. وآمركم بذكر الله عز وجل كثيرا، فان مثل ذلك كمثل رجل طلبه أعداؤه فأسرع لحصن حصين فأغلقه عليه.. وأعظم الحصون ذكر الله.. ولا نجاة بغير هذا الحصن. مواجهة الملك كان أحد ملوك ذلك الزمان طاغية ضيق العقل غبي القلب يستبد برأيه، وكان الفساد منتشرا في بلاطه.. وكان يسمع أنباء متفرقة عن يحيي فيدهش لأن الناس يحبون أحدا بهذا القدر، وهو ملك ورغم ذلك لا يحبه أحد. وكان الملك يريد الزواج من ابنة أخيه، حيث أعجبه جمالها، وهي أيضا طمعت بالملك، وشجعتها أمها على ذلك. وكانوا يعلمون أن هذا حرام في دينهم. فأرد الملك أن يأخذ الإذن من يحيى عليه السلام. فذهبوا يستفتون يحيى ويغرونه بالأموال ليستثني الملك. لم يكن لدى الفتاة أي حرج من الزواج بالحرام، فلقد كانت بغيّ فاجرة. لكن يحيى عليه السلام أعلن أمام الناس تحريم زواج البنت من عمّها. حتى يعلم الناس –إن فعلها الملك- أن هذا انحراف. فغضب الملك وأسقط في يده، فامتنع عن الزواج. لكن الفتاة كانت لا تزال طامعة في الملك. وفي إحدى الليالي الفاجرة أخذت البنت تغني وترقص فأرادها الملك لنفسهن فأبت وقالت: إلا أن تتزوجني. قال: كيف أتزوجك وقد نهانا يحيى. قالت: ائتني برأس يحيى مهرا لي. وأغرته إغراء شديدا فأمر في حينه بإحضار رأس يحيى له. فذهب الجنود ودخلوا على يحيى وهو يصلي في المحراب. وقتلوه، وقدموا رأسه على صحن للملك، فقدّم الصحن إلى هذه البغيّ وتزوجها بالحرام. السؤال السادس والعشرون كان يحيي يحب القراءة ، وكان يقرأ في العلم من طفولته.. فلما صار صبيا آتاه الله الحكم لقد كان هنالك سبب وراء اتيان يحيى الحكم وهو صبي فما هو؟ http://www.aljawariss.net/vb/images/smilies/N14-JWJ.gif |
الساعة الآن : 09:22 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour