خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (1) محمد خير رمضان يوسف الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله، وعلى آلهِ وأصحابهِ ومن والاه، وبعد: فهذه خواطرُ دعويةٌ وثقافيةٌ واجتماعية، ألحَّتْ عليَّ فقيَّدتها، أو ألححتُ عليها فخرجتْ من أصدافها، فكانت جديدةً تشقُّ طريقها، أو أنيسةً جاريةً راغبةً في نشرها، تذكِّرُ وتبشِّر، أو تُنذرُ وتحذِّر، وقد تنطقُ بالحكمة، أو تستنتجُ العبرة، وتوصي بالخُلقِ الطيب، وتحذِّرُ من الظلمِ والفساد، وتقوِّمُ وتُصلح.. وتقارنُ بين الحقِّ والباطل، وبين الهدايةِ والضلال، والثوابِ والعقوبة، والخيرِ والشرّ، والدنيا والآخرة، وتخاطبُ القلوبَ الحيَّة، وتسلكُ سبيلَ الله. والله أدعو أن ينفعَ بها. ....... • كان يمنِّي نفسَهُ بغداءٍ شهيّ، من سمكٍ لذيذٍ مشويّ، وهو يمضي أحدَ أجملِ أيامهِ على شاطئ البحر، وأحبَّ أن يلهوَ قبلَ ذلك، ويتفنَّنَ في السباحةِ والغطس، فأبعدتهُ موجةٌ في طرفةِ عين، وكان كلما سبحَ باتجاهِ الشاطئ قذفتهُ موجةٌ أقوى إلى ما هو أبعد، ورآهُ سمكٌ وحشٌ فنهشَ لَحمةً من رجله، ثم تكاثرتْ عليه الأسماكُ فكان فريسةً لها، وكان هو يريدُ أن يتغدَّى بها. • ليكنْ قلبُكَ معلَّقًا بالله فيما تُقدِمُ عليه من عمل، فإنه لا توفيقَ لمن لم يوفقهُ الله، ولا هدايةَ لمن لم يهده، {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}سورة النور: 40. • تفكَّرْ في أحوالِ الناسِ واعتبر، هناك من يودِّعُ الدنيا بـ (لا إله إلا الله)، وآخرون يودِّعونها بكلماتٍ فاجرة، أو تعلُّقٍ ظاهرٍ بالدنيا وآثارها، بحسبِ ما كانوا عليه في الدنيا. • يؤولُ أمرُ الناسِ إلى فريقين فقط، لا ثالثَ لهما، فريقٌ في الجنةِ يَنعَمون، وفريقٌ في السعيرِ يحترقون، فمصيرُ أهلِ الإيمانِ واحد، ومصيرُ ملَّةِ الكفرِ أيضًا واحد. • يقولون إنه ما كان يخلو عالمٌ من كنّاشٍ عنده، وهو الدفتر، أو الكشكول، أو المذكِّرة. يدوِّنُ فيه ما يحضرهُ من خاطرةٍ أو فائدة، وما يسمعهُ فيعجبه، أو ما يقرؤهُ فيقيِّدُ منه ما يحبُّه، وتمرُّ السنواتُ فيرى كنّاشتهُ قد كبرت، بينها الكثيرُ من النافعِ والهادف، ثم يراهُ جديرًا بأن يكونَ كتابًا، فيهذِّبهُ ويرتِّبه، ويُخرجهُ للناسِ لينتفعوا به، وهكذا ينتشرُ العلم، ولعلكَ تكونُ مثلهم. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (2) محمد خير رمضان يوسف • يا بني، إذا افتخرَ الناسُ بدنانيرهم، فافتخرْ أنتَ بعددِ الكتبِ التي قرأتها، واكتبْ عناوينها عندك، حتى إذا عدَّدَ أحدهم فنونَ مالهِ في مجلس، أخرجْ أنتَ كنّاشتكَ واقرأ عليهم بعضَ عناوينِ دنانيرك، وقل لهم: هذا نوعُ مالي. • التعاملُ مع الناسِ في شؤونهم، ومداراتهم في أحوالهم، فنٌّ وخبرةٌ ومهارة، لا يحسنهُ كلُّ أحد، بل هناك من لا يُحسنُ حتى السؤال! وإذا تكلَّمَ أخطأ من أولِ كلامه. والمهمُّ أن ينظرَ المرءُ فيما يقولهُ ويزنه، ويوجزَ حتى لا يدخلَ في دقائقَ لا يعرفها، فإذا لم يعرفْ سكت، فليستِ المشاركةُ في الكلامِ شرطًا في كلِّ مجلس. • من أفضلِ البشر: الذين يعلِّمون الناسَ الخير! أما قرأتَ حديثَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: "إن اللهَ و ملائكتَه، حتى النملةَ في جُحرِها، وحتى الحوتَ في البحر، لَيصلُّون على مُعَلِّمِ الناسِ الخيرَ"؟ صحيح الجامع الصغير (1838). بل إن الذي يعلِّمهم الخيرَ يسمَّى (أًمَّة) لفضله. فقد سئلَ عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن معنى (أُمَّةً) في قولهِ تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} سورة النحل: 120، فقال: الذي يعلِّمُ الناسَ الخير، كما أورده الحافظُ الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7/38 ووثق سنده. • من منَّةِ الله على عبادٍ له، أن يباركَ لهم في أموالهم، ويضاعفَ لهم حسناتهم، {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} سورة البقرة: 261. • تذكيرٌ بقولِ ربِّنا سبحانهُ وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} سورة ص: 26. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (3) محمد خير رمضان يوسف • أبدعْ في جلبِ حسناتٍ لك، وأسهمْ في تنميتها، لتضيفَ بذلك إلى طاعاتِكَ شيئًا جديدًا، فإن التنويعَ يجدِّدُ الطاقة، ويطردُ المللَ من النفس، ويحرِّكُ ما ركدَ من أعمال، حتى لا تكونَ عادةً من دون حلاوةِ عبادة. • دائرةُ السعادةِ على من رحمَهُ الله وهداهُ إلى دينهِ والعملِ بسنةِ رسولهِ صلى الله عليه وسلم، ودائرةُ الشقاءِ على من شقيَ فبعُدَ عن دينِ الله واختارَ الانحرافَ عنه. ومن فضلِ الله أن تمتدَّ سعادةُ المؤمنِ إلى ما بعد الدنيا، ومن عدلهِ أن يمتدَّ شقاءُ الشقيِّ إلى ما بعدها. • إذا مررتَ بأهلِ الحاجةِ فاحمدِ الله على كفايتِكَ وعدمِ حاجتك، وإذا مررتَ بأهلِ اليسارِ فتعوَّذْ بالله من البطرِ والغفلة، فإنهما مرضانِ يصيبانِ كثيرًا من الأغنياء. • الذي يكتبُ الأغاني ليُرقِصَ الناس، ليس كمن يكتبُ الجدَّ من العلمِ ويَنشدُ الإصلاحَ في العمل، ومع ذلك ترى إقبالَ الناسِ على الأصاغرِ والمهرِّجين أكثر، وتعلو قيمتهم على الجادِّين والمصلحين، كما يُشاهَدون في وسائلِ الإعلام!! • السفيهُ عكسُ الحكيم، فهو ذو تصرفاتٍ طائشةٍ لا تحكمها قاعدة، ولا التزامَ عندهُ بآدابٍ اجتماعيةٍ ولا أخلاقٍ عملية، وحتى في مالهِ لا يُحسِنُ التصرف، فقد يهدرهُ في يومٍ واحد، ولذلك حجرَ عليه الشرع. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (4) محمد خير رمضان يوسف • يا بني، تأدَّبْ مع صديقِكَ مهما كنتَ واثقًا من محبته، ولا تتجاوزِ الحدودَ الحمراءَ معه، ولا تأخذْ متاعًا له وأنت تعلمُ عدمَ رضاهُ به، فإذا فعلتَ فكأنكَ سرقت. • يا بني، إذا التزمتَ جانبَ الاستقامةِ تخلَّصتَ من مشكلاتٍ لا تحصَى، ذلك أن كثيرًا من منغِّصاتِ الحياةِ وتعقيداتها تأتي من سلوكِ طرقٍ فرعيةٍ معوجَّة، فيها حُفَرٌ ومطبَّات، بينما الطريقُ المستقيمُ الواحدُ يوصلُكَ إلى هدفِكَ بسرعةٍ وأمانٍ إن شاءَ الله، وتُبعِدُكَ عن مشكلاتٍ عادةً ما تحصلُ في طرقٍ أخرى. • من أقبلَ عليكَ بكلِّ إحساسهِ وشعوره، فاعلمْ أنه محتاجٌ إلى علمِكَ ومعرفتك، وقد فتحَ لكَ قلبه، ليقتنعَ بما تقول، فافتحْ له أنت أيضًا قلبك، وعلِّمهُ مما علَّمكَ الله، وما فتحَ به عليك، وأوجزْ بحكمة، أو توسَّعْ عند الحاجة، وتوقَّفْ أحيانًا حتى يستوعبَ ويتفكَّر، وتبسَّمْ له بين ذلك، حتى تجمعَ له بين الفكرِ والعاطفة، فالإنسانُ جسدٌ وروح. • الأيامُ والساعاتُ تُريكَ فرحًا وحزنًا، ولو فرحتَ في كلِّ الساعاتِ لمللتَ وفقدتَ طعمَ الفرح، ولو حزنتَ في كلِّ مرةٍ ليئستَ وضجرتَ وعفتَ الحياةَ كلَّها، ولكنها ساعةٌ بعد ساعة. • انتبهْ واعتبرْ أيها المسلم، هناك من لا يتنبَّهُ إلى أخطائهِ إلا بعد أن يسلِّمَ الروح، لقد ماتَ قبلَ أن يتوب، فسيحاسَبُ على كلِّ أخطائه، ولو أنه تابَ منها حتى قبلَ الغرغرة، فلربما قبلَ الله منه، ومحا عنه سيئاته، فتداركِ التوبةَ ولا تؤجَّل، وأقبلْ على الطاعةِ ولا تسوِّف، قبل أن يأتيكَ الموتُ فجأة. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (5) محمد خير رمضان يوسف • إذا ألِفَ الإنسانُ عادةً صعبَ عليه تركها، والعادةُ عندهُ مطلبٌ نفسيٌّ أو اجتماعي، وهو مركَّبٌ في داخلِ الإنسان، فمن نامَ في فندقٍ مرةً فضَّلَ التردُّدَ عليه، ومن اختارَ مكانًا في البرِّ قصدَهُ مرات، ومن صلَّى في مكانٍ بالمسجدِ لزمه. والأفضلُ التغيير، ولو في بعضِ الأحيان، حتى لا تتحكَّمَ فيه عادةٌ ويصبحَ عبدًا لها، وحتى لا تتحوَّلَ العبادةُ إلى عادة، ويأتي اهتمامُ الإسلامِ بذلك من نبذهِ للتقليد. ويُستثنَى منه ما كان لأمورٍ فاضلة، مثلُ ملازمةِ الذكرِ والعبادةِ بالروضةِ النبويةِ من المسجدِ النبوي، وتفضيلِ فندقٍ لنظافتهِ وخلوِّهِ من الكحول.. وهكذا. • "الدعاءُ هو العبادةُ" بنصِّ الحديثِ الصحيحِ الصريح، ومن لم يعبدِ الله دخلَ جهنم، وقد جُمِعَ هذا في نصِّ القرآنِ الكريم: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} سورة غافر: 60. والمرءُ يدعو سواءٌ استُجيبَ له أم لم يُستَجب. • كلما ازددتَ علمًا ازددتَ نورًا، فالعلمُ ينوِّرُ القلب، بمعنَى أنه يفرِّقُ بين الحقِّ والباطل، والحلالِ والحرام؛ لأنكَ تزدادُ اطِّلاعًا على أحكامِ الشرع، كما تزدادُ إيمانًا وخشوعًا؛ لأنكَ تعرفُ ربَّكَ أكثر، فتزدادُ طاعةً وعبادةً له، فتزدادُ قربًا منه، فتزدادُ خشوعًا له. • أن يفتقرَ العبدُ بعد الغنى صعبٌ عليه، وأن يفقدَ منصبًا مرموقًا لا يقلُّ صعوبةً عمّا سبق، لكن إذا عرفَ أن منصبَهُ الحقيقيَّ هو العبوديةُ لله تعالى هانَ عليه ما يجد. • إلى المشتغلين بالأدبِ المكشوفِ وأنصاره، احذروا ما وردَ في هذه الآيةِ الكريمة: { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ} سورة النور: 19 |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (6) محمد خير رمضان يوسف • يا بني، إذا عثرتَ بصخرةٍ فإنه غفلةٌ منك، فلا تلمها، ولا تقلْ إنها وقعتْ أمامي، واحذرْ أن تصطدمَ بأمورٍ أخرى في الحياة، تكونُ سببًا في خسارتك، ودلالةً على جهلك، وقلَّةِ خبرتك. • إذا عرفنا أن الإيمانَ هو الإيمانُ بكلامِ الله ورسوله، وأن الإسلامَ هو الاستسلامُ للهِ ورسوله، فإن من الكفرِ والحمقِ أن يأتيَ أحدهم ويقول: أنا لا أؤمنُ بهذا الكلامِ إلا إذا دخلَ عقلي! • من أمرَ بالمعروفِ ونهَى عن المنكرِ فقد أفلح، ومن قدرَ على ذلك ولم يفعلْ لم يُفلح. يقولُ الله تعالى في كتابهِ الكريم: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} سورة آل عمران: 104. • أهلُ العريسِ يتواضعون لأهلِ الفتاةِ عندما يخطبونها، ويخاطبونهم برفقٍ وخفضِ جناح، والعروسُ وأهلها هم الذين يوافقون أو يرفضون أو يضعون الشروط، أما بعد الزواجِ فيختلفُ الموقف، فأهلُ العروسِ يلينُ موقفهم؛ لأجلِ الحفاظِ على كرامةِ ابنتهم وعدمِ إهانتها في البيتِ الجديد، ولئلاّ تتعرضَ للطلاق، وأهلُ العريسِ يلوون الزمام، فيرون أنهم صاحبُ الكلمةِ الآن، فيأمرون وينهون. • عرفتُ وافدًا فقيرًا تنقَّلَ بين عدَّةِ أعمالٍ متواضعة، منها بيعهُ الخضرواتِ أمامَ الجوامعِ في صندوقِ سيارتهِ الصغيرةِ القديمة، التي ما كانت تساوي أكثرَ من مئةِ دينار، ثم غابَ عن الحارةِ ربما عقدًا من الزمنِ أو أكثر، ورأيتهُ فيها مرةً أمامَ محلٍّ وهو في سيارةٍ فارهةٍ قد التصقَ بطنهُ بمقودها، وهو ينادي صاحبَ المحلَّ ليبيعَهُ شيئًا ولم ينزل، فرآني وعرفني، فكان أولَ ما قالَ لي: ما زلتم في الحارة؟! |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (7) محمد خير رمضان يوسف • يا بني، تلذَّذْ بالطعامِ الطيِّبِ وأنواعهِ فإنه مما أحلَّهُ الله لك، وقفْ عند الشِّبَعِ ولا تزد، فإن فقهاءَ الإسلامِ يقولون إن الأكلَ فوقَ الشِّبَعِ حرام، ذلك أنه يدلُّ على نهمٍ وجشعٍ لا يليقُ بالمسلم، ويُنسي حقَّ الفقراء، وإنه لمضرٌّ صحيًّا. • يا بني، أشرافُ الناسِ وأكابرُ الرجالِ يفكرون بأحوالِ الناسِ أكثرَ من تفكيرهم بأحوالهم، فينصحونهم، ويصلحون بينهم، ويحقنون دمائهم، ويساعدونهم في تيسيرِ شؤونهم، وأجلُّ أعمالهم أنهم يعلِّمونهم آدابَ الرجالِ في مجالسهم، بعدمِ تضجرهم من استقبالِ أصنافِ الناس، وبطيبِ كلامهم، وحسنِ معاملتهم، واصطناعهم المعروف. فتشبَّهْ بهم يا بنيَّ إن لم تكنْ مثلهم. • يا بني، ليس هناك أقسى من حكاياتِ المظلومين والمعذَّبين، فاسردها حسبَ الأحوال، حتى تلينَ النفوسُ وتتحركَ إلى جانبِ المظلومين، وحتى تكرهَ الذين يعذِّبون الناسَ ويظلمونهم. • في كلِّ قريةٍ أو بلدةٍ تجدُ فيها الحسنَ والسيء، ولا تخلو من متديِّن، ليذكِّرَ أهلها بدينِ الله إذا جهلوا، وليرجعوا إلى دينهم إذا نسوا، وليعظهم إذا أخطأوا، وليكونَ ظاهرًا لهم الفرقُ بينه وبين السيء، وليكونَ حجَّةً عليهم إذا حوسبوا. • المسلمُ لا يكفُّ عن النصيحةِ لأخيهِ المسلم، وخاصةً في مجالِ الحقِّ في الدين، والصبرِ في الحياة، كما في سورةِ العصر، لأنه يحبُّ له الخيرَ كما يحبُّهُ لنفسه، ولأنه لا يحبُّ أن يتعرَّضَ لعذابِ الله. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (8) محمد خير رمضان يوسف • يا بني، اغتنمْ شبابكَ بالأعمالِ الصالحة، والعلمِ النافع، وتعلَّمِ الآدابَ والحِكَم، فإنكَ ستنشغلُ إذا طالَ بكَ العمر، ولن ترافقَكَ همَّتُكَ الشبابيةُ حتى آخرِ عمرك. • يا بني، لا تكتمْ علمًا مفيدًا تعلَّمته، بل انشرهُ وعلِّمهُ غيركَ وافرحْ بذلك، فإنه كلما انتشرَ العلمُ قلَّ الجهل، وعرفَ كلٌّ حقوقَهُ وواجباته، ولكَ أجرُ كلِّ من تعلَّمَ عن طريقك. • عندما تمنَّى أهلُ الدنيا أن يكونَ لهم مثلما كان لقارون، ندموا بعد ذلك؛ لأنهم عرفوا أنه متعةٌ مؤقتةٌ زائلة، وأنه يترتَّبُ عليه حسابٌ وعقوبة. ولكن كم هم الذين مازالوا يتمنون ذلك، بدلاً من ثوابِ الله، مع علمهم بما آلَ إليه الأمر؟ ألا إنهم سيعلمون غدًا أن العاقبةَ الحميدةَ هي لمن كان صالحًا تقيًّا، وليست لمن كان غنيًّا فاجرًا. • تذكيرٌ للإنسانِ بما يلاقيهِ يومَ القيامة، الحسنُ منهم والسيِّئ، في قولهِ سبحانهُ وتعالى: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} {وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} سورة النمل: 89-90. • قال الله تعالى على لسانِ نبيِّهِ صالحٍ لقومه، وهو نداءٌ لكلِّ الناس: {وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ} {الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ} سورة الشعراء: 151-152، أي: ولا تُطيعوا مَن يأمركم بالكفرِ والضلالِ من المشركين، الذين يُفسدون في الأرضِ بالمعاصي، ولا يُصلحون في أمرٍ من الأمور، فقد اختلطَ الفسادُ بأعمالهم كلِّها، لبعدِهم عن دينِ اللهِ وطريقهِ المستقيم. الواضح في التفسير 2/1007. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (9) محمد خير رمضان يوسف • يا بني، إذا انتظرتَ صديقكَ ليعمل، وانتظرَ هو لتعمل، ففيكما خلل، ولستما ذا همَّةٍ تُحمَد، فأصلِحا نفسيكما، لينوِ أحدكما أن يعملَ قبلَ الآخر، ولْيتقدَّمْ دون أن يُخبرَ صاحبَه، ودون أن يَشعرَ به، عند ذلك يُحمَدُ أمرُكما. • يقولُ ربُّنا سبحانهُ وتعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [سورة غافر: 46]. وآلُ فرعونَ هم الذين ساندوه، وقوَّوا مُلكه، وانتصروا له، من قادتهِ ومستشاريهِ وأهلِ الرأي عندهُ خاصة، وسيلقَى جزاءَهم (أشدَّ العذاب) كلُّ من ساعدَ الطغاةَ الجبابرةَ الظالمين، السفاكين للدماء، الذين يقتلون الدعاةَ والمجاهدين والضعفاءَ من الناس، ويسجنونهم ويعذِّبونهم، ليبسطوا سيطرتهم على الأوطان، ويكرِّسوا حكمهم وظلمهم على الناس. • هناك من هو أقوى منك، ومن هو أضعفُ منك، فمع من أنت؟ كن مع الحق، مع القويِّ كان أو الضعيف، ولا يرهبنَّكَ لأجلِ ذلك قوةُ القوي، ولا يميلنَّكَ عنه ضعفُ الضعيف، وليكنْ هذا ميزانك. • الحداثيون والليبراليون والعلمانيون بشكل عام، يقولون إنهم مسلمون، أو يُحسَبون عليهم في البلادِ الإسلامية، ولكنهم ينهجون نهجَ أعداءِ الإسلام، ويقولون إن الإسلامَ انتهى، ونحن أبناءُ اليوم، ونأخذُ بما أخذَ به الغربُ والروسُ والأمريكانُ واليابان، حتى نتقدَّمَ مثلهم، ولو كان في ذلك كفرٌ وإلحادٌ وشيءٌ غيرُ الإسلام! وكأن هذا الدينَ يمنعهم من الأخذِ بأسبابِ العلمِ والتقدمِ والحضارة! وكأنهم لا يعرفون ديانةَ اليابانِ الخرافية! وتعدَّدَ الأعراقِ والثقافاتِ في ماليزيا، وعمائمَ إيرانَ وانحرافَ قادتها، فهل منعهم كلُّ ذلك من الأخذِ بأسبابِ العلمِ والقوةِ والمنعة؟ لكن الحقَّ أن العلمانيين ومن دارَ في فلكهم في بلادنا، لا يسعونَ إلى رفعةِ قومهم، بل هم يلهثون وراءَ المالِ والمنصبِ والشهوة، بدليلِ تاريخهم الأسودِ في البلاد، وحكمهم أكثرَ من نصفِ قرن، لكن سعيهم هو في القضاءِ على ما تبقَّى من الدينِ عند المسلمين، وكلامهم في التقدمِ والثقافةِ جدلٌ وتقليدٌ وخصومةٌ وعداوة. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (10) محمد خير رمضان يوسف • يا بني، كنْ كالخادمِ مع الشيخِ الكبير، وإذا ناداكَ لمساعدةٍ فأجب، وانظرْ إلى ما يقول، ولا تُطِلْ كلامكَ معه، وارفعْ صوتكَ بحيثُ يسمعُ ولا تزد، وإذا سكتَ فاسكت، وأفِدْ من كلامهِ وأدبه، وانظرْ يا بنيَّ إلى تجاعيدِ وجهه، فإنها خطوطُ سنواتٍ وتجاربُ عمر، وانظرْ إلى سكونهِ وحركاتهِ الهادئة، فإن أعضاءَهُ لم تعدْ تطاوعْهُ ليتحرَّكَ مثلكَ بسرعة، وقد كان مثلكَ في يومٍ من الأيام. • اعملْ بما يناسبُ طبيعتك، وبما يلائمُ قدراتك، ولا تقلْ لماذا لستُ مثلَ فلانٍ وفلان، فإنك تقدرُ على أشياءَ لا يقدرُ عليها آخرون، وهؤلاء قادرون على أشياءَ لا قدرةَ لكَ عليها، وقد فضَّلَ الله بعضَ الناسِ على بعضٍ في قوةِ الجسمِ أو الذكاء، ليتعاونوا ويعمِّروا الدنيا، ويندرُ أن تجدَ رجلاً تجتمعُ فيه قمةُ الخصالِ والقُوى الإنسانية. فليرضَ كلٌّما قُسِمَ له، ولا يتمنَّى حظَّ الآخَرِ ولا يحسدهُ على ذلك، فما عندهُ كفايةٌ له وزيادة. يقولُ ربُّنا تباركَ وتعالى: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} سورة النساء: 32. • لا ترهقْ نفسكَ بالمكالماتِ والعلاقاتِ والمجاملاتِ مع الناس، واكتفِ بما يُجبرُ الخاطر، ويثبِّتُ الأخوَّةَ في الدين، ويقوِّي صلةَ الرحم، واغتنمْ وقتكَ بأعمالٍ أخرى ترفعُ درجاتِكَ عند ربِّك، وتملأُ صفحةَ أعمالِكَ بما يُفرحُكَ يومَ العرض. • إن الكافرَ لا يكونُ عقلهُ وخواطرهُ على وتيرةِ كفرٍ واحدة، فإن هواتفَ الإيمانِ والفطرةِ تخاطبُ أعماقَ نفسهِ بين فينةٍ وأخرى، وتذكِّرُ عقلَهُ الباطن، ليتفكَّرَ بما يرى من آراءٍ قويمة، وآياتٍ وحججٍ قوية، تؤكدُ نظرةَ الإيمان، لكن المغرورَ والأحمقَ (يطنِّش)، ويمرِّرُ هذا التذكيرَ بسرعة، ولا يدَعهُ يدخلُ في (أعماقه) أو يستقرُّ فيها، وغيرهُ قد يبحثُ ويتفكرُ ويتحرَّى، فإذا قويتْ عزيمتهُ على الإيمانِ هداهُ الله. • لم يبقَ للكتابِ ذلك الأثرُ في النفس، ولا تلك الرهبة، فقد شاعَ وكثرَ وتنوَّع، ثم نافستهُ وسائلُ قراءةٍ أخرى، وكان المرءُ إذا مرَّ كلَّ شهرٍ أو شهرين بمكتبة، واشترى منها ثلاثةَ كتبٍ تعجبه، ضربَ معها صحبةً حتى آخرِ الشهر، وأتى على نهايتها، وجعلَ لها مكانًا في ذاكرته، وقد يدوِّنُ ما أعجبهُ منها، أو لخَّصه، واليومَ صارتْ قراءةُ العناوينِ البارزةِ والفهرس، أو موضوعاتٍ مختارةٍ منه، هي السمةَ البارزةَ للقراءة.. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (11) محمد خير رمضان يوسف • إذا هُديتَ فاتَّقِ، وإذا أطعتَ فداوم، وإذا عصيتَ فتُب، وإذا تعلَّمتَ فعلِّم، وإذا رُزقتَ فاشكر، وإذا سرتَ فتوكَّل، وإذا دخلتَ فسلِّم، وإذا ظننتَ فتحقَّق، وإذا حكمتَ فاعدل، وإذا أُصبتَ فلا تيأس. • إذا عملتَ معروفًا فانسَه، ولا تحدِّثْ به نفسك، حتى لا تكبِّرَهُ وتظنَّ أنك فعلتَ عظيمًا، فقد عرفَهُ اللهُ وكفَى، وخزنَهُ لك، ولكنْ فكِّرْ في معروفٍ ثانٍ وثالث.. إذا كنتَ حقًّا صاحبَ خيراتٍ وقضاءِ حاجات. • يتنقَّلُ البشرُ بين القوةِ والضعفِ في حياتهم، ليعلَموا أن فوقهم قوةً قاهرةً تستطيعُ أن تقوِّيهم وأن تُضعِفَهم، والمؤمنُ إذا ضعفَ استكانَ إلى ربِّهِ وطلبَ منه الشفاءَ والعافية، وإذا قويَ دعا اللهَ أن يجعلَ ما أعطاهُ من صحةٍ قوةً له على طاعتهِ وتقواه. • إذا أعجبكَ حُسنُ امرأة فلا تقفْ عنده، فإنه ليس دليلَ عفَّةٍ أو علمٍ أو أدبٍ أو رجاحةِ عقل، فإن الذي رأيتَ شكلٌ فقط، وقد بقيَ المضمون، وهو الأهم. • لو نطقتِ المكتبةُ لقالت: حبَّذا لو وجدتُ مكانًا في قلبِ من يقدِّرني حقًّا، فينظرُ بين أغلفتي وفي أوراقي بين فينةٍ وأخرى ولا يهملني، ويعملُ بما تعلَّمَهُ مني ولا يضيِّعني، فإنني أشكو الإهمالَ من الناس، وأشكو قراءةً وعلمًا مع قليلٍ من العمل. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (12) محمد خير رمضان يوسف • يا بني، إذا كانت الحسنةُ عند الله بعشرٍ فإنها عند الناسِ بواحدة، وإذا كانتِ السيئةُ عند الله بواحدةٍ فإنها عند الناسِ بعشرة، فإذا أخطأتَ فقد وقعتَ في مشكلة! وإذا عثرتَ فلن يُقيلكَ أكثرُ الناس، بل ينقدونكَ ويسردون عثراتِكَ الأخرى، ولا يتذكرون إحسانك! نعم، {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ}، وإنه لكنودٌ للناسِ أيضًا. • يا بني، الهيبةُ عند العلماءِ من الإيمانِ والعلمِ والعصاميةِ وإيثارِ الباقي على الفاني، فإذا كلَّلها الخشوعُ والتقوى فقد استوتْ على سُوقها، واكتملَ شأنها. • يا بني، إذا كثرَ مالُكَ كثرَ همُّك، وزادَ شغلك، وتضاعفَ كلامك، وتعدَّدتْ مشاويرك، وقلَّتْ بالآخرةِ صلتك، وزادَ عند الله حسابك. • يا بني، إذا تكلمتَ فإن الناسَ ينظرون إلى سابقِ عهدِكَ ليراقبوا ما تقول، فإذا كنتَ ذا ماضٍ نظيفٍ قالوا نعم، وإذا لم تكنْ كذلك قالوا: رأينا مثلكَ الكثير، فلا مرحبًا بك. • المؤمنُ لا يملُّ من الذكرِ لأنه غذاءُ الروح، ولا يملُّ من العلمِ لأنه غذاءُ العقل، ولا يملُّ من الطاعةِ لأنها حياةُ القلب. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (13) محمد خير رمضان يوسف
وقلْ كما في الحديثِ الشريف: "يا حيُّ يا قيُّوم، برحمتِكَ أستغيث، أصلحْ لي شأني كلَّه، ولا تَكِلْني إلى نفسي طَرْفةَ عَين".
والجمالُ لا يعني الاقتصارَ على المظهرِ الحسنِ والنعومةِ والدلال، بل ينبغي أن يُصقَلَ هذا الجمالُ ليتبيَّنَ ما وراءَه، وإنَّ جمالَ يوسفَ عليه السلامُ لم يمنعْ من أن يَبتليَهُ ربُّهُ بأنواعِ البلاء، منذ طفولتهِ وحتى رجولته، فالابتلاءُ سنَّةُ الحياة، للصغيرِ والكبير، وللحسنِ والسيء، وللمسلمِ والكافر، وللمتعلِّمِ والجاهل، وللمريضِ والصحيح، وللغنيِّ والفقير، وللمرأةِ والرجل، وللجميلِ وغيرِ الجميل، وهذه الابتلاءاتُ تأتي فجأةً أو بعد مقدِّمات، وتأتي في أزمانٍ متباعدةٍ أو متقاربة، وقد تطولُ أو تقصر، وتكونُ خفيفةً أو شديدة، فالله هو المقدِّر، وهو العليمُ القادرُ الحكيم، الذي {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} الأنبياء: 23. نسألُ الله أن يعافيَنا، وأن يثبِّتنا إذا ابتلانا.
لضحكَ منك، فإذا حدَّثتَهُ عن أغوارِ النفس، ومواطنِ النورِ والظلمةِ فيها، وأمراضها التي لا تُحصَى، وعلاجاتٍ وُصِفتْ لها، وعياداتٍ فُتحتْ لأجلها، وقفَ مشدوهًا وكأنه لا يعرفُ نفسه!
فإذا لم يُعاقَبْ انتشرَ الظلمُ والفسادُ في المجتمع، ولكنْ كيف بمن يتقصَّدُ خلخلةَ مخِّهِ وإزالةَ عقله، ليتصرَّفَ كما يتصرَّفُ المجانين، ويعيثَ فسادًا، ويصيرَ مجرمًا أو عالةً على أهلهِ ومجتمعه؟ إنهم الذين يشربون الخمر، ويتعاطَون أنواعَ المخدِّرات.
أو مسحه، أو تجليدهِ على ذوقِ صاحبه، أو ضمِّهِ إلى صدره، أو كتابةٍ على طرَّته، أو تركهِ مدَّةً على الطاولة، أو أخذهِ معه إلى الحديقة.. أو تزيينِ مكتبتهِ بنوادرِ الكتبِ والخطوطِ والبرديات، بحيث تشرحُ الصدرَ وتملأُ النفسَ بهجة، ولا أدري كيف يكونُ هذا مع الكتابِ الإلكتروني، وكيف يكونُ التلذذُ باقتنائه؟ |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (14) محمد خير رمضان يوسف • هناك من يستشهدُ في كلامهِ بأمثالٍ كثيرة، فلا يكادُ ينطقُ بجملتين أو ثلاثٍ حتى يقول: كما يقولُ المثل، حتى يملَّ جليسه، ومنهم من يستشهدُ بالشعرِ بكثرةٍ أيضًا، ويطربُ لذلك، ويهزُّ رأسَهُ وكتفيهِ وجناحيه، ويظنُّ أن المستمعين يشاركونَهُ حالتَهُ النفسية، وإن كانت مكرَّرةً ومملَّة، مثلَ أبياتٍ لقيسِ ليلى قديمًا، ولأبي القاسم الشابي حديثًا. وآخرون يستشهدون بآياتٍ من القرآنِ الكريم، وأحاديثَ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وآثارٍ لحكماءِ هذه الأمة، في كلامٍ يناسبُ المجتمعَ الإسلامي، والصحبةَ الطيبة، فهؤلاءِ الذين أصابوا، ولا يُنكَرُ على من استعملَ المثلَ الهادفَ وشعرَ الحكمةِ في كلامه، وما هو مباحٌ منهما ومن غيرهما من أساليبِ الكلام، إذا لم يُكثرْ منها. • الكلامُ مثلُ الطعام، فيه ما هو طيِّب، وما هو خبيث، وإنَّ النفسَ لتَطِيبُ بالطيِّبِ منه، فتتفتَّحُ وتنشرحُ وتنبسط، كما تشتهي النفسُ الطعامَ الطيِّب، وتَهنأُ به وتَسعَد. • كتابُ "الحيوان" للجاحظ، ومثلهُ "حياة الحيوان الكبرى" للدَّميري، يستفيدُ منهما العلماءُ والأدباءُ والأطباء، وهذا هو العلمُ الناجح، الذي يجمعُ بين العلمِ والدينِ والأدب، فيكونُ مفيدًا ومشوِّقًا للبحثِ والقراءة، لفئاتٍ متنوعةٍ من المجتمع، بتخصصاتها المختلفة. • قولهُ سبحانهُ وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً} [سورة الأحزاب: 57] أي: إنَّ الذين يؤذون الله، بالكفرِ به، أو الشِّركِ وما إليه، ويؤذون رسولَه، بتكذيبه، والاستهزاءِ به، أورميهِ بالكهانةِ وغيرِها ممّا يمَسُّ نبوَّتَه، لعنَهمُ اللهُ وأبعدَهم من رحمتِه، في الحياةِ الدُّنيا وفي الآخرة، وهيَّأ لهم عذابًا مُذِلاًّ ومُهينًا في الآخرة. (الواضح في التفسير/ محمد خير يوسف) |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (18) محمد خير رمضان يوسف • يا بني، إذا كان والدُكَ يَنشرُ علمًا ويُستشار، وأنت تمضي وتلهو مع أصحابك، فاعلمْ أنها بدايةٌ مشؤومةٌ منك، وتصرُّفٌ سيِّءٌ غلبَ عليك، واتجاهٌ غيرُ محمود، لا يبشِّرُ بمستقبلٍ طيِّبٍ لك، فالزمْ طريقَ العلم، وبرَّ والدكَ بالجلوسِ إليه والأخذِ منه قبلَ الناس. • يا بني، الكتبُ الصغيرةُ لعلماءَ ودعاةٍ فيها خيرٌ وفير، فاجمعْ منها الكثير، واملأ منها جيوبكَ ومحفظتكَ ومركبتك، أو لا تخلونَّ منها، واقرأ منها ما شئت، واهدِ منها لزملائكَ في مناسباتٍ وغيرِ مناسبات، وسترَى بعد مدَّةٍ أنكَ جمعتَ منها ثقافةً إسلامية جادَّةً ومتنوعة، وتعرَّفتَ منها على أهلِ العلمِ والثقافةِ في بلدِكَ خاصة، وعلى موضوعاتٍ وفروعٍ دقيقةٍ في العلم، إضافةً إلى إلمامِكَ بما يُطرَحُ ويُناقَشُ في الساحةِ الثقافيةِ والواقعِ المعاش. • يا بني، ضعْ نواةَ مكتبةٍ لكَ منذُ صغرك، حتى إذا كبرتَ كبرتْ معك، وسترَى فيها بعدَ عمرٍ ما لا يوجدُ في المكتبات، كما ترَى فيها علمًا جمًّا، وأُنسًا وصداقةً قديمةً مع تلك الكتب، تحنُّ إليها، وتبادرُ إلى الجلوسِ معها والاستفادةِ منها بين كلِّ مدَّةٍ وأخرى، وأجملُ ما في المكتبةِ أنها تربطُكَ بالعلمِ والعلماء، وتعطيكَ خيرَ زادٍ في الدنيا. • يا بني، كنْ صاحبَ أفكارٍ ومبادراتٍ بين أصدقائك، لتنشرَ بينهم حبَّ العملِ وخدمةَ المجتمعِ والتعاونَ على الخير، وإذا اقترحَ بعضهم أمرًا فيه نفعٌ وفائدة، فبادرْ إلى الموافقةِ عليه وانسَ ما اقترحتَهُ أنت، تشجيعًا له، وتثبيتًا لأمرهِ على الخير. • يا بني، الحياةُ معقَّدةٌ من حولك، فكنْ بصيرًا بظاهرها، متبصِّرًا بحقيقتها، وألقِ الضوءَ عليها من كتابِ ربِّكَ ليُنيرَ دربكَ فيها، لتتعافَى منها، وتغادرها بسلامٍ وأمان. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (19) محمد خير رمضان يوسف • على قادةِ الرأي والتربيةِ الإسلاميةِ في بلادنا، أن يضعوا خطَّةً لمعالجةِ صدماتِ الإحباطِ التي تحيطُ بالناس، في مجالِ عملهم وتعليمهم وتحسينِ أحوالهم، وحتى في نشاطهم الخيري، لكي يتفاءلَ الشبابُ خاصَّةً ويستشعروا أن لهم مستقبلاً آخر، في جوٍّ غيرِ الذي يرونَهُ ملتبسًا بالظلمِ والتعسُّفِ والقهر، فإن النفوسَ إذا أظلمتْ فسدت، وانطلقتْ من رؤًى مكفهرَّة. • من تحدَّى عقوبةَ الله جاءتهُ قريبةً عاجلة، أو بعد حين. وإن أكبرَ عقوبةٍ للمرءِ أن يَطبعَ الله على قلبهِ بالكفرِ فلا يجدَ طريقًا إلى الإيمان؛ ليذوقَ وبالَ عنادهِ وتحدِّيه، وبقائهِ على باطله. • الذي يُفيقُ من الباطلِ كأنه يولَدُ من جديد، ويتعجَّبُ من نفسهِ كيف بقيَ هذه المدَّةَ في ثقافةٍ مظلمةٍ وأفكارٍ مغلوطة، لكن متى تكونُ هذه الإفاقة، ومن هو الجريءُ البطلُ الذي يراجعُ أفكارَهُ بجدِّيةٍ ويتركُ الباطلَ منها، ويعودُ إلى الحقِّ والفطرة؟ إنها النيةُ الصادقة، والعزمُ الأكيد، والله من وراءِ القصد. • كلٌّ يحنُّ إلى القديم، من عهدِ الطفولةِ والشبابِ خاصة، ويتمنَّى لو حقَّقَ آمالاً ما زالت عالقةً بذهنه، والمؤمنُ يرضَى بما قسمَ الله له، ويعتقدُ أنه هو الخير، فدعْ أمنياتِكَ لخيالاتك، واقنعْ بما قُسِمَ لكَ في حياتك. • تستطيعُ أن تستفيدَ من أحلامِكَ وخيالاتِكَ إذا صنَّفتها، ففرزتَ المستحيلَ منها عمّا يمكنُ تحقيقه، والمفيدَ عمَّا يضرّ. مع الإشارةِ إلى أن هناك رؤًى صحيحةً تقعُ بشكلٍ أو آخر، والخيالُ استفادَ منه الأدباءُ وعلماءُ التقنية، فصارَ هناكَ أدبُ الخيال، والخيالُ العلمي. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (20) محمد خير رمضان يوسف • المواقفُ الصلبةُ في العقيدةِ تُربِكُ الأعداء، والإصرارُ على المبدأ يُخيفُ المناوئين، ويَعلَمون بذلك درجةَ مواقفِ الطرفِ الآخر، ومقياسَ حزمهم، فإذا رأوهم لا شيء، يعني لا ثباتَ عندهم، اطمأنوا، وغزوهم فكريًّا، ثم فتكوا بهم عسكريًّا، ولغيرهم يحسبون الحساب، ويخطِّطون لزمن، ويقدِّمون الأرواح. • لا تنسَ من أحسنَ إليك، وخاصَّةً في توجيهكَ إلى طاعةِ ربِّ العالمين، والكفِّ عن أذَى الناس، والآدابِ الإسلاميةِ عامة، وإن الدعاءَ له في ظهرِ الغيبِ أقلُّ ما يُرتجَى منكَ تجاهه. • يتمنَّى الأبُ أن يتذكّرَ أولادهُ مراحلَ طفولتهم وشبابهم ودراستهم، ويعرفوا كم تعبَ معهم والدهم وأنفقَ عليهم، وهم يعتبرونَهُ أمرًا (طبيعيًّا)، وعندما يكبرون ويصيرُ عندهم أولادٌ ويتعبون معهم، يتذكَّرون ويعترفون، ولكن بعد وفاةِ والدهم! • الانقباضُ عن الناسِ طبيعةٌ عند بعضهم، فلا يريدون الاجتماعَ بهم ولا الحديثَ معهم، لأنهم لا يعرفونهم، ويجهلون مواقفهم، فلا يريدون "إزعاجًا"، بينما حياتهم مع آخرين يعرفونهم عاديةٌ جدًّا، فليس "الانقباضُ" الإيجابيُّ مرضًا نفسيًّا أبدًا، ولا يُحكَمُ من خلالِ طبعهم على عقيدتهم أو درجةِ التزامهم، فهذا شيءٌ آخر. • كلٌّ يفضِّلُ الأُنسَ بشيء: بالسبحة، أو الجوال، أو الكرة، أو الفيس بوك، أو التويتر، أو القنوات الفضائية، أو الكتاب، أو المجالسِ والقهوة.. ومن كان أكثرُ أُنسهِ بكتابِ الله تعالى، ثم كتبِ العلم، فقد أفلح. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (21) محمد خير رمضان يوسف • يا بني، والدُكَ مثلُ هؤلاء الناس، يُصيبُ ويُخطئُ مثلهم، فلا تظنَّ أنه لا يَخرجُ عن الحقِّ في كلِّ كلامه، وإذا بدتْ لكَ ملاحظةٌ فأشعرهُ بذلك في أدب، فإنه قد يكونُ نسي، أو قال وكتبَ ولم يراجعْ كلامه، فإذا ذُكِّرَ تذكَّر. • يا بني، إذا ألقيتَ بهمومِكَ على والدتك، فقد فرَّغتَ شحنةَ ألمٍ وكبتٍ من نفسِكَ وأشغلتَ به أمَّك، واجمعْ إلى هذا همومَ إخوانِكَ وأخواتك، وكيف أنها تجمَّعتْ في قلبِ أمِّكَ الحنون، لتعلمَ كم تهتمُّ بكم وتدعو لكم. • يا بني، إذا زرتَ صديقكَ ووجدتَ عندَهُ مكتبةً فقد أصبتَ مجلسًا علميًّا، وإذا حصَّلتَ عندَهُ كعكًا وعصيرًا وحلاةً وحدها فقد أصبتَ سهرةً بدون فائدة. • يا بني، من قال لكَ إنني أحبك، فإنْ كان لله دامتِ المحبَّة، ما لم يدخلْ بينكما منكرٌ أو تصرفٌ سيئ، وإنْ كانت لمصلحة، كمالٍ، زالت بزوالِ تلك المصلحة. • يا بني، منهم من يحبُّ الكلامَ ولا يحبُّ القلم، فيدعو بلسانهِ ولا يقدرُ على الكتابة، ومنهم من يُحسنُ الاستماعَ ولا يُحسنُ القراءة، فيتردَّدُ على العلماءِ ليتعلَّمَ ويتأدَّبَ ولا يقرأُ في الكتب، ولو جمعتَ بين الحسنيين لازددتَ نورًا. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (22) محمد خير رمضان يوسف • يا ابنَ أخي، سمعتُكَ تصفِّرُ وتصفِّقُ وأنت تمشي في الشارعِ من غيرِ هُدى، وأخشَى أن تُتبعَهما بأذى، ألَا فاحبسْ نفسكَ عن الشرِّ إذا عقَمَتْ أن تُنتجَ خيرًا. • يا ابنَ أخي، إذا لم تجدْ في نفسِكَ ميلًا لقبولِ النصائح، فعليكَ أن تذهبَ بها إلى مغسلةٍ خاصَّةٍ لتغسلها جيِّدًا، فقد تكدَّرتْ وتكدَّستْ فيها الخطايا والسيئاتُ حتى نتنتْ رائحتها وسدَّتْ منافذَها. • إذا سئمتَ الجلوسَ في الدار، وكنتَ أهلَ دِين، فتوجَّهْ إلى بيتٍ من بيوتِ الله، فإنه سينشرحُ صدرُكَ هناك، ويَذهبُ ضجرك، فإن جوَّهُ يوحي بالاطمئنانِ والراحةِ والهدوء، وهو ما يناسبُ النفوسَ المضطربة، فتَنسَى همومًا إذا قرأتَ القرآن، أو لاقَيتَ إخوةً أو علماءَ فتتباحثُ معهم، أو تجلسُ وتذكرً الله وتتأمَّلُ الناسَ كيف يعبدون ربَّهم. • لا يشعرُ بألمِ الحياةِ وغُصصِها مثلُ الأسرَى والسجناءِ في بلادنا، ولا يشعرُ بالذلِّ والهوانِ مثلُ اللاجئين في بلادنا، ولا يشعرُ بالقهرِ والكبتِ مثلُ المظلومين في بلادنا. • من لم يتألَّمْ لحالِ إخوانهِ المسلمين، من اللاجئين والجوعى والمتضرِّرين، ولم يدعُ لهم، ولم يساعدهم وهو قادر، ففي إيمانهِ رقَّة، وفي قلبهِ قسوة. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (23) محمد خير رمضان يوسف • التاريخُ ليس قصصًا للتسلية، ولكنه حوادثُ وعِبرٌ ليستفيدَ منها الناسُ ويَعتبروا، وأكثرُ من يلزمهم الاطلاعُ عليها والإفادةُ منها هم الحكّامُ والولاة، ولكن بالنظرِ يتبيَّنُ أنهم أقلُّ الناسِ اعتبارًا منها، فالأخطاءُ نفسها تتكررُ في الحياة، والظلمُ منتشر، والحروبُ لم تقف، وما زال هناك فقراءُ وأغنياء... • أنت تُدفَعُ في الحياةِ دفعًا، ولا طاقةَ لأيِّ مخلوقٍ أن يتصدَّى لهذا الدفعِ ويوقِفَه؛ لأنه يعني إيقافَ دورةِ الزمن، ويعني إيقافَ مسيرةِ الشمسِ والقمر، فأنت مسيَّرٌ في هذا أيها الإنسان، مسيَّرٌ بقوَّةِ الله وقدَره، ولكنكَ مخيَّرٌ فيما تعملُ في هذا الزمنِ من أعمال، لتعودَ إلى ربِّ هذا الزمنِ والكونِ كلِّهِ ليحاسبكَ على تلك الأعمال. • التواددُ بين الأهلِ حقّ، ولكن المسلمَ لا يتواددُ مع من كفرَ منهم أبدًا، ولو كان أقربَ الأقرباءِ إليه، فهم لا يُعتبرون من أهلهِ أصلاً، كما قال الله تعالى لنبيِّهِ نوحٍ في ابنهِ الكافر: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} سورة هود: 46. فلا قرابةَ حقيقيَّةَ بين المؤمنِ والكافرِ ولو كان بينهما نسب، فالعقيدةُ هي الأساسُ عند المسلم، وهي أعلى من القرابة، والكفرُ عقيدةٌ فاسدةٌ وعملٌ سيِّء، فهوَ – يا نوحُ - ليسَ من أهلِكَ ما دامَ كافرًا. • أكثرُ الذين تزيدُ أموالهم يخزنونها، ويقولون إنهم لن ينسوا الفقراءَ إذا كثرت، ولكنهم يبخلون بها بعد ذلك، لأن النفوسَ لا تشبعُ من المال، بل تطلبُ المزيد، وخاصةً عندما ترى مَن حولها أكثرَ منها مالاً، وهذه منافسةٌ لاتنتهي. • تذكَّرْ طفولتكَ السعيدة، وشبابكَ الغضّ، وأيامَ نجاحك، ويومَ عرسك، ويومَ أن رُزقتَ ولدًا، ثم شيخوختكَ وهرمك، وماذا بعد هذا كلِّه؟ إن المغرورَ من اغترَّ بهذه الحياةِ الفانية، ولم يحسبْ حسابَ أجله، ولم يعملْ ليومِ المواجهةِ مع عمله. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (24) محمد خير رمضان يوسف • يا بني، لو أعطيتُكَ مبلغًا من المالِ ماذا كنتَ تفعلُ به؟ إنك لو أنفقتَهُ على أصدقائكَ الطيبين فأنتَ كريم، ولو اشتريتَ به كتبًا فأنتَ عليم، ولو أعطيتَهُ للفقراءِ فأنتَ رحيم، ولو استشرتني فيه فأنتَ حكيم. • يا بني، إذا صعدتَ سلَّمَ المكتبةِ فكنْ على حذر! فلكَ أن تتأكدَ من الكتابِ الذي تريدهُ وأنت على السلَّم، أما القراءةُ وأنت واقفٌ عليه ففيه خطورة، فقد يَشردُ المرءُ أو يَدوخُ فيقع، ولكنْ أنزلِ الكتابَ وأشِرْ إلى مكانه. • الطفلُ الصغيرُ لا يعرفُ مصلحةَ الآخرين، ولذلك فهو يَحسبُ أن كلَّ وقتِ أمِّهِ له، كما يحسبُ أن كلَّ شيءٍ حولَهُ هو له، يتصرَّفُ فيه كما يشاء، ولذلك فهو يعبثُ كما يشاءُ ويَرمي ويكسرُ ما يريد، وكلما كبرَ عرفَ كم هو قليلٌ ما يملك، وعندما يخرجُ من الدنيا يعرفُ أنه فقدَ كلَّ شيءٍ كان يملكه! • فنونُ الرسمِ والتلوينِ لا تَخرجُ عن صبغةِ الحياة، والإبداعُ كلهُ لا يَخرجُ عن صيغةِ الحياة، وإذا تطابقَ الرسمُ مع الواقعِ تمامًا، تعجَّبَ الناسُ من الرسّامِ وقالوا: إنه مبدع، والحقُّ أنه مقلِّد! • دعاءٌ جميلٌ كان يدعو به عبدالله بن عمر رضي الله تعالى عنه إذا أصبح، قال: اللهم اجعلني من أعظمِ عبادِكَ عندكَ نصيبًا في كلِّ خيرٍ تَقسِمهُ الغَداة، ونورٍ تَهدي به، ورحمةٍ تَنشُرها ، ورزقٍ تَبسُطه، وضُرٍّ تَكشِفه، وبلاءٍ ترفعه، وفتنةٍ تَصرفُها. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (25) محمد خير رمضان يوسف • يا بني، استفدْ من أجوبةِ العلماءِ في فتاويهم وتوجيهاتهم للشبابِ خاصة، فإنهم يوجِّهونكَ بتوجيهاتِ الإسلام، وغيرهم يتحدَّثُ من نفسه، ومِن نظرياتِ الغربيين ومَن لا دينَ لهم. • المهمُّ هو الموعظة، والكلمةُ الطيبة، والبلاغُ المبين، وعندما تعظُ جماعةً فقلوبهم ليست كلُّها سواء، فمنهم من يرقّ، ومنهم من يخزنُ الكلامَ ويفكِّر، ومنهم من يشردُ ولا يعرفُ ما قلت، ومنهم من يأبَى من أوله. فلسانُكَ لهم، وقلوبهم عند الله، فهو أعلم بمن يصلحُ للهدايةِ ومن لا يصلحُ لها. • إذا رأيتَ المالَ وافرًا أمامكَ فلا تحسبَهُ خيرًا لك، فقد يكونُ استدراجًا وفتنةً تُفتَنُ به، مثلما كان السمكُ يكثرُ يومَ السبتِ لبني إسرائيلَ دون غيرهِ من الأيام، وكان ممنوعًا صيدهم فيه، ففُتنوا بهذه الكثرة، وتحايلوا عليها حتى وقعوا في المحظور، وعوقبوا على ذلك. • الأبُ لا يبتعدُ عن أولادهِ إلا عند الضرورة، فالتربيةُ والرقابةُ من جانبهِ لا بدَّ منها في الأسرة، ووجودُ الأمِّ لا يكفي؛ لأن الأولادَ لا يخافون منها كما يخافون من الأب، وقلبها لا يطاوعها على عقوبتهم العقوبةَ الرادعة. • من أبرزِ أسبابِ التشبُّثِ بالضلال: التقليد، والعناد. فقد وجدوا آباءَهم هكذا يفعلون ففعلوا مثلهم، ولم يسألوا عن قيمةِ ما يفعلون ومنفعته، أو صدقهِ أو كذبه، أو حقِّهِ أو باطله! فهو (تقليدٌ) وكفى! وإذا جوبهوا بالحجَّةِ والدليلِ تمسَّكوا بباطلهم وعاندوا بدون دليل! أو لجُّوا في الخصومةِ وجادلوا ليدفعوا به الحقّ! |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (26) محمد خير رمضان يوسف • من الأدعيةِ الجامعة، كما في صحيحِ مسلمٍ وغيره: "اللهمَّ أَصلِحْ لي ديني الذي هو عِصمةُ أمري، وأصلِحْ لي دنيايَ التي فيها معاشي، وأصلِحْ لي آخرتي التي فيها مَعادي، واجعلِ الحياةَ زيادةً لي في كلِّ خيرٍ، واجعلِ الموتَ راحةً لي من كلِّ شرٍّ". • من اشتاقَ إلى الجنةِ لاحتْ على وجههِ علاماتُ الإيمان، واتَّسمَ بالوداعةِ والهدوء، وغابَ عن أعينِ الناسِ أوقاتًا يَعبدُ ربَّهُ ويناجيه، ويبكي شوقًا. • لو أن أهلَ العلمِ من محبِّي الكتب، عرَّفَ كلٌّ بما لديهِ من كتب، مما يكونُ له ميزةٌ وذكرى عنده، كأنْ يكونَ سببَ هدايته، أو أثَّرَ في نفسهِ ولم يغادره، أو هو الوحيدُ في بابه، أو أنه يحتوي على فقراتٍ في موضوعاتٍ معينةٍ مهمَّة، ووضعَ المستفادَ منها في موقعه، أو في صفحةِ التواصلِ عنده، لأفادوا جميعًا وأثَّروا، وأثمرَ صنيعُهم، وأحدثوا ثقافةً جديرةً بالاهتمام. • يا بني، إذا قرعتَ بابَ دارٍ فقفْ على طرف، حتى إذا فُتحَ لا تطَّلعُ على عوراتها. فإذا دخلتَ فلا تحملقْ بعينيكَ هنا وهناك، ولكن انظرْ أمامكَ وحيثُ يدلُّكَ عليه المضيف. • من أعجبِ ما أرى في سياسةِ دولٍ ما، أنها تثقُ بالعدوِّ وتشكُّ في الأخِ والصديق، وتمارسُ سياستها على هذا الأساس! فتصادقُ العدو، وتعادي الصديق، ويحدثُ هذا عندما تختلُّ الموازين. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (27) محمد خير رمضان يوسف • أكبرُ نعمةٍ على الإنسِ عامةً هو أعظمُ كتابٍ على وجهِ الأرض، إنه القرآنُ الكريم، كتابُ ربِّ العالمين، فيه دعوتُهم إلى الحق، وتحذيرهم من الباطل، فيه بيانُ طريقِ الجنة، والتحذيرُ من طرائقِ الشيطانِ وما يؤدِّي إلى النار، من عملَ به استقامَ وفاز، ومن أعرضَ عنه غوَى وكُتبَ عليه الخسران. • العلمُ أغلَى من المال، ومع ذلك يوزِّعهُ كثيرٌ من العلماءِ بلا مقابل، لكن كثيرًا من الناسِ لا يريدونه، أو لا يأبهون به، أما إذا وزِّعَ المال، فحدِّثْ عن المقبلين عليه ولا حرج! • أمرُ الأُنسِ في نفسِ الإنسانِ عجيب! إنه يستوحشُ إذا كان وحدَهُ في غرفةٍ ولو في وسطِ البلد! ويستوحشُ الطريقَ إذا لم يجدْ أحدًا، فإذا رأي طيرًا استأنسَ به، بل هو يستأنسُ حتى بفراشة! إنها الحياةُ التي تجري في عروقه، فهو يستأنسُ بما هو حيّ! • أصلُ الخوفِ عند الإنسانِ هو من حرصهِ على حياته، وخشيةَ أن يُصابَ بأذى، فإذا عرفَ أنه لا يُصابُ لم يَخف، والشعورُ المفاجئُ عندهُ بالخوف، هو انفعالٌ نفسيٌّ نتيجةَ الصدمةِ التي لم يَحسبْ فيها حسابَهُ ليكونَ مهيَّئًا للدفاعِ عن نفسه. • إذا جوبهتَ فتشجَّعْ وتقدَّم، وإذا حاربتَ فصوِّبْ وكبِّر، وإذا انتصرتَ فاشكرْ وتواضع، وإذا تكلَّمتَ فأفصحْ وأوجز، وإذا علِمتَ فادعُ وعلِّم، وإذا كتبتَ فاضبطْ وبيِّن، وإذا استغنيتَ فجُدْ وتصدَّق، وإذا مرضتَ فاصبرْ وادعُ، وإذا أذنبتَ فتبْ واستغفر. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (28) محمد خير رمضان يوسف • دعا إبراهيمُ خليلُ الرحمنِ دعاءً عظيمًا يليقُ بمكانتهِ كأبٍ للأنبياءِ عليهم الصلاةُ والسلام، فقال: {وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} سورةُ الشعراء: 84 أي: واجعلْ لي ذِكرًا جميلاً، وثناءً حسنًا، وقَبولاً عامًّا في الأُممِ التي تَجيءُ بعدي. وقد استجابَ الله دعاءه، فالدياناتُ السماويةُ تذكرهُ بإجلال، وحتى الفِرق، وتواريخُ البشر. • لا تخلو النفوسُ من أحقادٍ ودخائلَ وضغائن، فليدْعُ المسلمُ وليقل، كما في الحديثِ الصحيح، الذي رواهُ مسلمٌ وغيره: "اللهمَّ آتِ نفسي تقواها، وزكِّها، أنتَ خيرُ مَن زكَّاها، أنتَ وليُّها ومَولاها". • يا بني، بين الغداةِ والعشيِّ ساعاتٌ طويلة، لا تدري كم خطوةً حسنةً خطَوتَها أمامك، وكم جريرةً جرَرتها خلفك، فلا تَنمْ قبلَ أن تستغفرَ الله وتتوبَ إليه، وتدعوَهُ أن يتقبَّلَ منكَ صالحَ العمل، إنه يقبلُ التوبةَ والأعمالَ الحسنةَ من عبادهِ المؤمنين. • لا بدَّ للأبِ أن يتثقَّف، وأن يأخذَ حظًّا لا بأسَ به من العلم، فإن أسئلةَ الأولادِ تنهمرِ عليه وهم ما زالوا في سنِّ الطفولة، وهم يثقون بأبيهم أكثرَ من كلِّ شخص، وهذه الأسئلةُ هي من أعظمِ فرصِ التربيةِ والتوجيهِ والتعليمِ لهم، فإذا كان الأبُ متعلِّمًا مثقَّفًا استطاعَ أن يربِّيَ أولادَهُ بذلك تربيةً حسنة، وإذا لم يكنْ متسلِّحًا بذلك لم يقدرْ عليها، ويبقَى الأولادُ في مهبِّ رياحِ الثقافاتِ الخارجية، إلا إذا تربَّوا في حلقاتِ العلمِ والقرآن. • الدورانُ حولَ الدينارِ والدرهمِ يدوِّخ، فلا بدَّ من الراحةِ للتفكًّرِ الجادّ، ومعرفةِ الهدفِ من الحياة، والغايةِ من الخَلق، ليستقيمَ العقل، ويستيقظَ الضمير، وتستريحَ النفس، ويطمئنَّ القلب. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (29) محمد خير رمضان يوسف • من أسماءِ الله الحسنَى: الظاهر، والباطن. أي: هو الظَّاهِرُ في وجودهِ بالدَّلائلِ القطعيَّة، فليسَ فوقَ ظُهورهِ شيء، لدلالةِ الآياتِ الباهرةِ عليه. وهو الباطِنُ فليسَ دونَهُ شيء، فلا أحدَ يُدرِكُ كُنهَهُ سبحانه، لا عقلاً ولا حسًّا. • هناك أخلاقٌ غيرُ مرغوبةٍ لدَى البعض، مغروسةٌ في النفس، والذي يخفِّفُ منها إيمانٌ صادقٌ وعملٌ صالح، وتشبُّهٌ وتحلُّمٌ وتصبُّر. • إذا اغتربتَ عن ديارِكَ اشتقتَ إلى الأهلِ في أولِ عهدك، فإذا طالَ الأمدُ نسيت، واندمجتَ مع الواقع، وصرتَ من أهلِ البلد، وربما تخلَّقتَ بأخلاقهم، واستحسنتَ عاداتهم، فكيف تكونُ حالُ أحفادِكَ من الطبقةِ الثانيةِ والثالثةِ والسادسةِ بعدك؟ وهكذا كان الذين { أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [سورة الحديد: 16]. فاحذروا أيها المغتربون من طولِ العهد، وحافظوا على قلوبكم من الضلال، وعلى نفوسِكم ونفوسِ أولادكم من الانحراف. • تمتدُّ بكَ الهمومُ ما لم تُفق، وما لم تذكرِ الله، فإن بعضها ينفخُ فيها الشيطانُ فتكبر، وما هي سوى هواجسَ وزفراتٍ كالبخار، تعلو وتطيرُ ثم تغيب، فليستْ بشيء، وهكذا قد تكونُ نصفُ همومك! • إذا أنذرتَ شخصًا غافلاً بأن أمامَهُ حفرة، ولكنهُ لم يأبَهْ بكلامك، فوقعَ في الحفرة، فمن يلوم؟ كذلك إذا أنذرتَ الناس، وقلتَ إن حفرًا عميقةً من النيرانِ تنتظرُ من يؤثِرُ معصيةَ الله على طاعته، فاستهزأَ بعضُهم بكلامِك، ومضَى مطاوعًا نفسَهُ وهواه، فلا يلومنَّ سوَى نفسهِ يومَ القيامة. |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (30) محمد خير رمضان يوسف • يا بني، إذا شغلتكَ آلامُكَ أو آلامُ مجتمعِكَ حتى قعدَتْ بكَ فأحبطتْكَ فقد خسرت، لكنْ ينبغي أن تكونَ ذا عزمٍ وإرادةٍ وأعصابٍ قويَّة، فتدفعُكَ همَّتُكَ إلى التخلُّصِ من تلك الآلام، أو تُسهِمُ في الخلاصِ منها على الأقلّ. • يا بني، هناك في كلِّ طريقٍ رئيسٍ ما يتفرَّعُ منها، تسمَّى بُنَيَّاتُ الطريق، فإذا سلكتَ الطريقَ وانحرفتَ إلى تلك الفروعِ تأخَّرت، أو انحرفت، أو لم تصل، فإيّاكَ وإيّاك. • بشَّرَ الله تعالَ نبيَّهُ إبراهيمَ عليه السلامُ بيعقوبَ أيضًا، مع أنه ابنُ ابنهِ إسحاق؛ وهذا لأن الأجدادَ يفرحون بأحفادهم ويأنسون بهم كثيرًا، وتبتهجُ قلوبُهم برؤيتهم، وكأنهم يرون فيهم تجديدًا لحياتهم، أو استمرارًا لها، وكان معها بشرَى أخرى عظيمة، هي إخبارُ إبراهيمَ بأن يعقوبَ سيكونُ نبيًّا أيضًا، مثلَهُ ومثلَ إسحاق، عليهمُ الصلاةُ والسلام، فاكتملتِ الفرحةُ بفضلِ الله وبرحمته! • تذكيرٌ بقولهِ تعالَى: {إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيى} {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى} سورةُ طه: 74 -75. والمجرم: المشرك، أو الكافر. • لا يعجبنَّكَ ثلاثةٌ في ثلاثة: كسلٌ في علم، وخدعةٌ في تجارة، وبطشٌ في انتقام. يقولُ الله تعالَى في هذا الأخير: {وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} [سورة الشعراء: 130] أي: وإذا أخذتُم شيئًا، أو عاقبتُم على أمر، فضربتُم أو انتَقمتُم، فعَلتُم ذلكَ بقوَّةٍ وغِلْظة، وجبَروتٍ وغضَب، دونَ مراعاةِ أدبٍ أو حسابِ أثَرٍ مكروهٍ له. (الواضح في التفسير). |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (31) محمد خير رمضان يوسف • يا بني، إذا نظرتَ أمامكَ فسترَى خَلقًا كثيرًا، وإذا نظرتَ خلفكَ فسترى مثلَ ذلك، وبين هؤلاءِ وهؤلاءِ من هو أعلَى منك، ومن هو دونك، فانظرْ نفسكَ في خضمِّ هذه الحياةِ أين تحبُّ أن تكون؟ • الصباحُ يجدِّدُ نشاطك، والظُّهرُ يُتعبك، والمساءُ يُريحك، فأنتَ بين نشاطٍ وتعبٍ وراحة، حتى يأتيَ عليكَ يومٌ يتغيَّرُ فيه الزمانُ والمكان. • كيف تجدِّدُ حياتكَ وأنتَ حزينٌ مهموم؟ إن المسلمَ يتغلَّبُ على ذلك بإيمانهِ وصبره، وهو يعلمُ أن الأمورَ لا تبقَى كما هي، وما عليه سوى أن يتحرَّكَ ويتوكَّل، والله يقدِّرُ له الخير، مادامَ قلبهُ متعلِّقًا به وبقدرته. • إذا بدتْ صفحتُكَ بيضاءَ للناس، وهي سوداءُ عندكَ وعند الله، فلن تلبثَ أن تُكتَشف، أو جزءٌ منها، واعلمْ أن سترَ الله عليكَ قد لا يستمرّ، فقد أعطاكَ مهلةً كافيةً لتنتزعَ منها. • تكونُ هناك أمورٌ تؤرقني، عندما أعجزُ عن حلِّها، وأتحيَّرُ فيها، فأدَعُها لربِّي ليكشفَها عني، وقد فوَّضتُ أمري إليه، ووجَّهتُ وجهي إليه، فأنساها، أو أتناساها، فتُحَلُّ بفضلهِ سبحانه، بعضها دون أن أشعرَ بها! وكثيرٌ منها تُحَلُّ بعد العودةِ من المسجد! |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (32) • إذا طلبَ الصغيرُ لعبةَ أختهِ ولم تُعطهِ بكى،محمد خير رمضان يوسف فإذا كان الأبُ مبتلًى بالقضاءِ بينهما، أخذَ اللعبةَ من بين يدَي الطفلةِ وأعطاها للولدِ ليسكت، ولكنَّ الطفلةَ صارتْ تبكي! فيصيحُ في وجهِ المسكينة، أو يقومُ وهو غضبان! لا يدري كيف يتصرَّفُ معهما! أما الأمُّ فتعطي لعبةً أخرى مناسبةً للصغيرِ وتحمله، فإذا أصرَّ أمدَّتهُ بقطعةِ حلاوةٍ بعيدًا عن عينِ أخته، فيسكتُ ويَضحك، والطفلةُ تظنُّ أنها المنتصرة؛ لأنها أصرَّت على الاحتفاظِ بلعبتها ونجحتْ في ذلك! ومع ذلك فإن الرجلَ يقدِّمُ نفسَهُ على أنه صاحبُ النظرياتِ الأقوى في التربية، وخاصَّةً ما يتعلَّقُ بالصغار، والأمُّ تسكتُ احترامًا لشعوره، ولكنها تقدِّمُ عمليًّا أكبرَ برهانٍ على مكانتها وريادتها! • تبرعت شركةٌ بالدعايةِ لشركةٍ أخرى لتُجمَعَ لها الأموالُ لأنها أفلست، فلم يُجمعْ لها شيءٌ يُذكر! فماتت! وكانت شركةً مثالية، تدعمُ الأعمالَ الخيريةَ قبلَ كلِّ الشركات، وحصَّتُها في ذلك أكثرُ من كلِّها! أما علمتَ ذلك الرجلَ الغنيَّ الذي أُصيبتْ زوجتهُ بسرطانِ الثدي، وخشيَ عليها من الموت، فأنفقَ عليها الملايينَ حتى شُفيت، ثم دعمَ مؤسَّساتِ البحثِ والطبِّ بملايين أخرى لتطويرِ أعمالها في ذلك، حتى تستفيدَ منها المريضاتُ بسرطانِ الثدي كلُّهنّ، وقد أفلستْ شركتهُ بعد ذلك، ربما لدعمهِ العملَ الخيريَّ بسخاءٍ كبير، وغدا صُفرَ اليدين، فتركتهُ زوجتهُ لفقره، وقابلتْ وفاءَهُ بغدرٍ وحرمان، وبحثَ هو عن دارِ رعايةٍ اجتماعيةٍ ليُمضيَ فيها بقيةَ حياته! |
رد: خواطرفي سبيل الله
خواطرفي سبيل الله (33) محمد خير رمضان يوسف • الصبرُ صعب، ولذلك كان أجرهُ كبيرًا لا يوصَف، يقولُ ربُّنا سبحانَهُ وتعالَى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} سورة الزمر: 10. وكذلك الصومُ صعب، فهو يحتاجُ إلى صبرٍ على الجوعِ والعطش، وجزاؤهُ أيضًا كبيرٌ لا يقدَّر، ومُجزيهِ هو الربُّ ذو الفضائلِ العظيمة، لا غيره، يقولُ سبحانهُ وتعالَى في الحديثِ القدسيِّ الصحيح: "الصومُ لي وأنا أَجزي به". • إذا مشيتَ حولَ الكرةِ الأرضيَّةِ في خطٍّ مستقيم، فسترجعُ إلى النقطةِ نفسِها التي انطلقتَ منها، وستدخلُ إلى البابِ نفسهِ الذي خرجتَ منه، وكذلك هي الدنيا التي تدورُ حولَها، ولدتَ فيها وستموتَ فيها، ولدتَ عاريًا وستموتُ عاريًا، ولدتَ بلا قوَّةٍ ومُتَّ بلا قوَّة، ولدتَ بلا مالٍ ودُفنتَ بلا مال.. ولا تنسَ: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ، وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ، وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى}. سورة طه: 55. • يا بني، لا صوتَ للكتابِ حتى يناديَكَ مثلَ القنواتِ والإذاعات، فإنه رزينٌ هادئ، لا يُثقِلُ على أحدٍ ولا يُزعجه، ولكنْ بين سطورهِ علمٌ يَثقُل، وأدبٌ جمٌّ وخُلق، وتجربةٌ وحِكمة! • يا بني، لتكنْ لكَ جولاتٌ بين الكتب، وأسلوبٌ تحبِّبُها إلى زملائك، فاسألهم عن معلوماتٍ ومصدرِها، فإذا لم يعرفوا فاذكرْ لهم عنوانَ الكتابِ الذي يحتوي عليها واسمَ مؤلفه، وسيكونُ هذا مدخلاً لكَ إلى ثقافةٍ جادَّةٍ تبثُّها في جلساتِكَ مع أصحابك، وإشغالهم بما ينفع. • ثلاثةٌ لا تَحضرْ مائدتهم: البخيل، والمنّان، وصاحبُ عملٍ حرام. فالبخيلُ يعدُّ لُقَمك، ويقومُ قبلك. والمنّانُ يمنُّ عليكَ غدًا، ويذكرُ أفضالَهُ عليكَ ولو بأكلة! وصاحبُ العملِ الحرامِ يقدِّمُ لكَ طعامًا حرامًا؛ لأنه من كدِّهِ الحرام. |
الساعة الآن : 11:07 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour