قناديل على الدرب
قناديل على الدرب – ماهية المصلح أساس الإصلاح والتغيير هو الفقه بمقوماته الأساسية، وصدق القصد والنية في إيصال المجتمع إلى نتائجه وثماره، ويتوقف هذا كله على إنسان خالص النية لله -تعالى- مؤهَل لحمل هذا العبء الثقيل ويُسمى هذا بالمصلح أو المغير، وإذا لم يتوفر هذا الشخص المناسب خرج مسار الإصلاح عن طريقه الصحيح، فيترتب على ذلك نتائج عكسية مسيئة إلى باقي المصلحين. لذلك يجب أن نبين ماهية هذا المصلح، ومن يكون، وما الشروط الواجب توافرها فيه لكي نطلق عليه هذا اللقب؟ وهل كل من هبّ ودبّ وادعى الإصلاح يجوز أن نسميه بهذا الاسم؟! كل تلك التساؤلات المشروعة نحاول جاهدين أن نجيب عنها في مقالنا هذا بإذن الله تعالى. المصلح هو شخص وفقه الله لهذه الرسالة الجلية في هداية الناس، وإصلاح ما فسد من أمور حياتهم، وكل هذا بنية خالصة وقصد سليم لله -عز وجل- لا يطلب به شرفًا ولا جاهًا ولا سلطانًا، ولا حتى تقربًا لذي سطانٍ. وهناك شرطان أساسيان يجب توافرهما في هذا الشخص، وهما: - أولاُ: الشرط الذاتي، فهو أن يكون ذا مكانة ومنزلة شريفة وعالية في المجتمع، وقد دل على ذلك قوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۚ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} (القصص: 59)؛ حيث أخبر الله تعالى أن سنته اقتضت أن يبعث الرسل المصلحين المغيرين دائما من الحواضر، وهذا مقصود لذاته؛ فإن أهل البدو والأرياف يقبلون من أهل الحواضر، وأهل الحواضر لا يقبلون من أهل البدو. لكن هل كان هؤلاء المصلحون من الأنبياء والرسل من الأشراف؟ هذا ما أجابت عنه السنة النبوية على لسان هرقل لما سأل عن النبي [ كما جاء في الصحيح من حديث عبد الله بن عباس وفيه «... ثم كان أول ما سألني عنه أن قال: كيف نسبه فيكم ؟ قلت: هو فينا ذو نسب... ـ إلى أن قال أي الراوي ـ فقال للترجمان: قل له: سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب، فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها». ولا خلاف على أن أصحاب المسؤوليات العليا وقيادة المجتمعات هم شرفاء المجتمعات وعقلاؤها. - ثانيًا الشرط العلمي: فيجب على المصلحين أن يكونوا أصحاب علم وفير، علمٍ يتيح له التحدث والتشاور مع الناس، علمٍ يعطي له القدرة على التفاف الناس من حوله وإقناعهم بما يراه مناسبًا، لذلك قال القائل: «لا تحدث بالعلم غير أهله فتجهل، ولا تمنع العلم أهله فتأثم، ولا تحدث بالحكمة عند السفهاء فيكذبوك، ولا تحدث بالباطل عند الحكماء فيمقتوك». خلاصة القول: إنه ليس بمقدور أي فرد أن يدّعي لنفسه الإصلاح، وأنه من دعاة التغيير للأفضل، فليس كل من علا منبرًا أو ارتقى منصةً أو خطب في جمع من الناس أصبح من المصلحين؛ فالأمر ليس بالهين، و يحتاج إلى نسب عالٍ، وشرف غالٍ، وعلم غزير، وبه يصبح المصلحون مصلحين حقًا. والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب – الإلحــاد (1) الإلحاد لغةً: أي الميل عن القصد. واصطلاحًا: إنكار وجود الله عز وجل. والملحدون: هم الذين لا يؤمنون بوجود الله سبحانه وتعالى، ولا يؤمنون بوحدانيته في ربوبيته وألوهيته. وهؤلاء الملاحدة يقرون بأن الكون وُجد بلا خالق، وأن المادة أزلية، فهي الخالق والمخلوق معًا، وبالتالي فإنهم يكفرون بالأنبياء والرسل ويجحدون الأديان قاطبةً. وينقسم الملحدون إلى صنفين: أولهما: من يعتقد بنفي الله عز وجل. ثانيهما: وهم (اللا أدرية) وأطلق عليهم هذا الاسم؛ لأنهم يقولون: لا ندري، هل يوجد رب خالق أم لا. إذاً هناك رابط يربط بين الصنفين، وهو عدم الإيمان بوجود الخالق عز وجل، وإن اختلفت درجات الكفر والإلحاد، فالصنف الأول يجزم بإلحاده وكفره بالله تعالى، والصنف الثاني على شك من أمره. والجدير بالذكر أن وجود الإلحاد قديمًا في الناس قليل؛ فلم يذهب إلى إنكار الله -عز وجل- في القديم إلا شرذمة قليلة من البشر، من أشهرهم: فرعون حينما قال: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} (الشعراء: 23). وعلى السياق نفسه ذهب إليه بعض مشركي العرب الذين يطلق عليهم (الدهرية) وهم القائلون بقدم العالم وإنكار الصانع، وقد ذكرهم الله -سبحانه وتعالى- في سورة الجاثية: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُمْ بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} (الجاثية:24). يقول (بلو تارخ) أحد مؤرخي الإغريق: «لقد وجدت في التاريخ مدنا بلا حصون، ومدناً بلا قصور، ومدناً بلا مدارس، ولكن لم توجد أبدًا مدن بلا معابد». إذاً نظرية الإلحاد وفكرة عدم وجود الخالق لم يكن لها رواجًا بين الناس قديماً. وقد اختلف الأمر كثيرًا في العصر الحديث، مع التطور التكنولوجي والطفرات الصناعية الحديثة التي ظهرت في الغرب في نهايات القرن السابع عشر وبدايات القرن الثامن عشر، والموقف الهش للديانة النصرانية في القرون الوسطى، والحروب والجرائم والانتهاكات التي قامت باسم الدين؛ بدأت بوادر ظهور تيارات تعلن الإلحاد وتنفي وجود الخالق سبحانه وتعالى. وظهر عصر المفكرين والفلاسفة مثل، (نيتشه) الذي أعلن في مقالته المشهورة: (موت الخالق الأعظم)، ومقالته الأخرى: «إن الدين فكرة عبثية وجريمة ضد الحياة، و(ماركس) و(فرويد) و(داروين)؛ حيث اعتمدوا على تحليل الظواهر العلمية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية بطرق عدة ليس لاعتقاد الخالق فيها أي أثر. من هنا أخذت أفكار الملحدين في هذه المرحلة منحى النفور من الدين، وذلك لتناقض العقل مع تصرفات الكنيسة. والله المستعان والموفق. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب – الإلحاد (2) بعد الثورة الفرنسية شهدت فرنسا بعض التغييرات السياسية، وكذلك الحال في بريطانيا وغيرها من البلاد الأوربية، وكان هناك شيء مشترك بينهم جميعا وهو اتجاه سائد لفصل الدين عن السياسة. وساعد في ذلك الأمر نظريات بعض الفلاسفة التي حاولت إلغاء الدين تماما، فإليك ما قاله ماركس: (لا إله، والحياة مادة) واعتبر الدين: (أفيون الشعوب). ثم ظهر إلينا (فرويد) بنظريته التي زعم فيها أن الدين وهم كانت البشرية بحاجة إليه في بدايتها، وأن فكرة وجود الإله هي محاولة من اللاوعي للوصول إلى الكمال في شخص هو مثل أعلى بديل لشخصية الأب. هكذا بدأ الإلحاد المعاصر في الانتشار سريعًا في بلاد الغرب، حتى وصل إلى تلك السنوات الأخيرة الذي بدا فيها الإلحاد ظاهرًا جليًا ولا سيما بعد فترة ركود أعقبت تفكك دولة الإلحاد الأولى، الدولة الراعية للإلحاد والداعمة له، وهي الاتحاد السوفييتي في أوائل تسعينيات القرن الماضي. من هنا أخذ الإلحاد طريقه في الانتشار بصورة خطيرة على مستوى العالم كله، وهذا ما تعبر عنه لغة الأرقام عبر بعض الإحصائيات من قبل بعض المؤسسات التي اهتمت بهذا الأمر، ومنها مؤسسة (يوربا روميتر) وهي من كبرى المؤسسات المتخصصة في عمليات الإحصاء في أوربا والعالم، فقد ذكرت أن 18% من سكان أوربا في عام (2005م) أصبحوا ملاحدة لا يؤمنون بوجود خالق، و27% منهم لا يؤمنون بخالق، وإنما يؤمنون بعالم روحاني أو قوة وراء الحياة. وإليك ما نقلته مجلة (فاينانشال تايمز) بأن 65% من اليابانيين أصبحوا ملاحدة في عام 2006م، وعلى حد وصف قناة (بي بي سي) فقد توصلت إلى أن 9% من الأمريكان ملاحدة، وأن الجامعات الأمريكية مرتع خصب لانتشار مثل هذا الفكر والاعتقاد. هذا كله عند غير المسلمين، أما إذا نظرنا إلى عالمنا الإسلامي فإنك ستجد بداخله بعض الحالات الفردية الشاذة لأناس ارتدوا إلى الإلحاد، ومن أشهر هؤلاء: (ابن الراوندي) -ولد 210هـ- الملحد الذي كان يهوديًا ثم أعلن الإسلام ثم تهود ثم مات في سن الأربعين ملحدًا. أما في زمننا المعاصر فقد انتشر الإلحاد بصورة ملفتة للنظر ولاسيما بين أوساط الشباب، وانتشرت بينهم مدارس وفلسفات كثيرة منها : عبدة الشيطان، والشيوعية، والماركسية، والعلمانية... وغيرها الكثير. كل هذه المدارس دخلت العالم الإسلامي في منتصف القرن التاسع عشر بدخول المستعمر، ومحاولته تفكيك الأمة العربية، وطمس الهوية الإسلامية وذلك تحت غطاء الدعوة للتحرر والديمقراطية والتنوير، وهي في الأصل دعوات تؤصل مبدأ إنكار وجود الله عز وجل. والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب – إنصاف إحياء التراث الإسلامي (1) جمعية إحياء التراث شمس أضاء نورها جميع أنحاء العالم, تنشر التوحيد, وتحارب البدع, وتعمل لإغاثة المنكوبين, ويرفع العاملون فيها شعار: (التوحيد أولًا) ومع ذلك هناك من يطعن فيها ولا يرقب فيها إلاَّ ولا ذمة, وما تصدره بعض الأقلام التي ما فتئت تلهث وراء الاستفزاز الإعلاميِّ «منظَّمًا أو غير منظَّمٍ» على جمعية إحياء التراث الإسلامي من أمدٍ بعيدٍ، وذلك بما تسطِّره من كتابات معوجَّةٍ لمقالاتهم المبثوثة على الناس، والتجنِّي عليها بالتحريف والبتر والحذف والزيادة والنقصان، بأقلامِ فئةٍ من غير المتخصِّصين ولا المتورِّعين، لا يُعلم لهم قدمُ دعوةٍ ولا توجيهٍ، ولا لهم لغةٌ سليمةٌ ولا فهمٌ مستقيمٌ، أو على الأقلِّ نزاهةٌ أو خشيةٌ من الله في عبادة، كلُّ ذلك لتنفير العامَّة منها وإحداث تشويهٍ على صدق دعوتهم ودفعهم إلى مواجهاتٍ مع الطبقة المسؤولة والشخصيات الفاعلة في المجتمع الكويتي وغيره، كالبيانات المنشورة التي ينسب فيها كتابها إلى الجمعية ـ تحريفًا وزورًا ـ بالحزبية المقيتة على كلِّ محفل. فالجمعية حينما تُنهش بأقاويل باطلة, أو خطأ كان موجوداً وصحح, فطعنك المراد به صرف الناس عن التوحيد الواقي والمورد الصافي الذي يقوم عليه مشايخها ودعاتها في الكويت وخارجها، سواء علمت ذلك أم لم تعلم. وذلك بتشويه مكانة أتباع السلف الصالح عندهم، واتهامهم بأنواع الأباطيل ومختلف الطعون، لقد تمادت دعاويهم التعسفية وتجاوزاتهم الكلامية, ومع هذا مشايخ الجمعية لم يردوا عليهم رغم رد المُحق على المخالف المبطل بالقول السديد والرأي الرشيد بابٌ شريفٌ من أبواب الجهاد، ولاسيما إذا كانت آراءُ المخالف تتسم بالكدر والخلط، وتظهر كراهية أهلها الذابين عن السنة، لغرض شخصي, أو شهرة, أو جهل مركب. ولم يرد المشايخ ودعاة الجمعية عليهم بسبب «إخواننا بغوا علينا» فالتزموا الصمت, وعدم الرد ليس لعدم قدرتهم على الرد, بل من أجل عدم الخوض في الفتن, وكذلك الشبه التي نشرت ليست بمستوى الرد عليها. فالسكوت عن تحريف الغالين, وتأويل الجاهلين، لئلا يغتر بآرائهم ذو جهل أو تغفيل. لذلك وبصفتي رئيساً لأحد فروع جمعية إحياء التراث الإسلامي أنفي ما قيل مِن نسبةِ الحزبية إلينا, وأتبرَّأ من الكتابات السمِجة, للمقلدين وغير المؤهَّلين، وأدعو قرَّاء هذه البيانات إلى التريُّث والتثبُّت، وذلك بالرجوع إلى عين المورد والأشخاص المعنيين في الجمعية، فإن كان حقًّا فالحقُّ يعلو ولا يُعلى عليه، وإن كان غيرَ ذلك فالاجتهاد الخطأ يُرَدُّ على صاحبه, وسيتبين غدًا المستقيم من السقيم. قال عليّ بن أبي طالب: أمَـا واللــــه إنّ الظلــــــمَ شُــــــــؤمٌ وما زال المُسيءُ هـو الظّلــــــــوم إلى ديّـانِ يوم الدّينِ نمضـي وعنــد الله تجتمــعُ الخصومُ تنــــامُ ولَـــمْ تنــــمْ عنـكَ المنايــا تنـَبَّـــــهْ للمنيّـــــــةِ يــا نــــــــــــــؤومُ (من تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42 |459)هذا، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا. والله المستعان والموفق. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب – العولمة وكثرة الشعارات خلق الله -سبحانه وتعالى- الإنسان من طين صلصال، ورفع السموات بغير عمد، وخلق الشمس والقمر، وكل في فلك يسبحون، كل هذه أمور تدل على وجود خالق معبود بيده الأمر، إذاً يُعد الإلحاد منافٍيا للفطرة، مناقضا للعقل، ومع كل هذا انتشر الإلحاد انتشارا كبيرا في الآونة الأخيرة في العالم الإسلامي على وجه الخصوص لأسباب عدة أذكر منها: 1- ضعف الوازع الديني، ولاسيما عند الشباب الناتج عن إهمال الأسرة لتعليم أبنائهم القرآن والعلوم الشرعية، والاهتمام فقط بالعلوم الدنيوية. فضلاً عن انشغال الأبوين وعدم السؤال عن أبنائهم فيما ذهبوا وفيما رجعوا. 2- الهزيمة الحضارية في نفوس شباب أمتنا؛ نتيجة لما وصلت إليه الأمة الإسلامية من جهل وتخلف؛ مما أدى إلى النظر بعين الإعجاب لكل ما هو غربي، سواء كانت أفكار أم نظريات، بل والإيمان بأن تلك النظريات حتى وإن كانت إلحادية فهي سبب التفوق الذي وصل إليه الغرب. 3- عدم فهم قضية القضاء والقدر على الوجه الصحيح، ولاسيما فيما يتعلق بالحكمة والتعليل في أفعال الله عز وجل. 4- يتعرض كثير من شباب المسلمين لعملية غسيل للعقول حينما يخالط بلاد الكفر والإلحاد سواء للدراسة أم للسياحة مع المقيمين هناك؛ حيث تكرس عليهم دوما شُبه لا يستطيعون دفعها. وهذا من مكر الكفار وكيدهم للمسلمين؛ فإن لهم مكرًا عظيمًا كما أخبرنا المولى عز وجل قائلاً: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ} (إبراهيم:46) 5- حب الشهوات والرغبة الجامحة في الانفلات، ويسمى حاليا بالحرية غير الأخلاقية، وهو أن تفعل ما تريد وقتما تريد دون حساب ولا رقيب، فلا حلال ولا حرام في دنيا الإلحاد، وتنعدم وجود النفس اللوامة (تأنيب الضمير) عند صاحب الشهوات إذا ترك لشهواته الحبل على الغارب. 6- الجهل بدين الإسلام ومحاسنه، والإعراض ورفض الاستماع للحق. 7. تقليد أئمة الضلال والفساد. أسباب الإلحاد كثيرة ومتشعبة أهمها: هو البعد عن كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، والحل بسيط وهو الرجوع لديننا وموروثنا الإسلامي، ففيه الشفاء من سقم. والله المستعان والموفق. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب – الإلحــــاد(4) تتعدد المدارس والفلسفات الإلحادية، بالرغم من كونهم جميعًا يسيرون على مبدأ واحد وهو: إنكار وجود الخالق -عز وجل-؛ لذا لن تستطيع أن تجد مدرسة معينة تجمع تحت لوائها كل الملحدين. فنشأت مدارس تستلهم من الإلحاد مادتها منها: 1- العلمانية: وتعني فصل المؤسسات الدينية عن السلطة السياسية، وقد تعني أيضاً عدم قيام الحكومة أو الدولة بإجبار أي أحد على اعتناق معتقد أو دين أو تقليد معين لأسباب ذاتية غير موضوعية، والهدف من ذلك بناء المجتمع على أسس مادية لا علاقة للدين فيها، وهناك بعض الدول التي تنصّ دساتيرها صراحة على هويتها العلمانية مثل الولايات المتحدة، وفرنسا، وكوريا الجنوبية، وكندا. 2- الوجودية: وهي تدعو إلى إبراز قيمة الفرد وحريته، وقدرته على أن يفعل ما يريد وقتما يريد، بعيدًا عن تدخل الرب أو الدين في ذلك، ونشأ ذلك المذهب على يد الفيلسوف (سارتر) خلال الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي. وتقسم تلك المدرسة الفرد إلى ثلاثة أنماط من الناس، رجل جمـال، ورجل أخلاق، ورجل دين: - رجل الجمال: هو الذي يعيش للمتعة واللذة ويسرف فيها، وشعاره (تمتع بيومك) (أحب ما لن تراه مرتين) ولا زواج عند هذا الرجل ولا صداقة، والمرأة عنده أداة للغزو وليست غاية. - رجل الأخلاق: وهو الذي يعيش تحت لواء المسؤولية والواجب نحو المجتمـع والدولة والإنسـانية؛ ولذلك فهو يؤمن بالزواج، ولكن لا علاقة له بدين أو غيره. - رجل الدين: وهو عندهم لا يحيا في الزمان، فلا صبح ولا مساء، (ليس عند ربكم صباح ومساء)؛ ولهذا فهو متجرد عن الدنيا، وأحواله في الجملة هي تلك الأحوال المعروفة عند الصوفية. 3- الشيوعية: ونشأت على يد (كارل ماركس)، وتستهدف تأسيس مجتمع ثوري اشتراكي خالٍ من الطبقات مبني على الملكية المشتركة لوسائل الإنتاج، ولكن مبدأها في ذلك عدم وجود إله, وأن الحياة مادة، اعتنقها الاتحاد السوفييتي وحكامه، وصارت شعارًا له، وأنشأت الأحزاب الشيوعية التي تجهر صراحة بهذه المدرسة الفلسفية إلى الآن حتى بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. 4- (عبدة الشيطان): وهي إحدى المدارس التي غزت العالم العربي الإسلامي في فترة وجيزة، ووصلت إلى عقر دار المسلمين، فهي فكرة عبثية إلحادية شيطانية، وثنية في طقوسها، يهودية في دعمها، تنكر وجود الله -عز وجل-، وترفض الأديان قاطبة، وليس لها هدف سوي التلذذ والتمتع فقط. تقوم تلك المدرسة على سماع أغان هستيرية شاذة يصل الأمر في بعض كلمات هذه الأغاني وتصويرها إلى الاستهزاء بالإله الخالق -عز وجل- وتمجيد الشيطان ومناجاته، فرقة تكفر بجميع الأديان والمعتقدات، وتمجد السحر، وتنتشر في صفوفها أنواع المخدرات والخمور! ليس هذا وحسب، بل هناك المزيد من تلك المدارس والفلسفات التي تدعي أنها تحرر الإنسان من القيود، وتصل به إلى الحرية والديمقراطية، ولكن هدفها الخفي الأكبر هو الإلحاد وإنكار وجود الله -عز وجل-. والله المستعان والموفق. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب – الإلحـــــاد(5) نظرية التطور الإلحادية يجب أن نعلم جيدًا أن الإلحاد لا يقوم على نظريات وأسس علمية صحيحة، بل يقدم الملاحدة للناس مجموعة متشابكة من الأفكار والنظريات الهشة التي لا تقنع عقلاً، ولا تفسر كل الظواهر من البداية إلي النهاية، وكل ما يقومون به هو جمع لفكرة علمية من هنا ونظرية فلسفية من هناك، حتى خرجوا لنا بمنهج مشوه ملفق غير مقنع تمامًا. ونبدأ تلك النظريات بنظرية (داروين) في كتابه (أصل الأنواع)، ويعد هذا الكتاب اللبنة الأساسية لنظرية التطور الإلحادية، وتقوم تلك النظرية على أساس أن الأحياء كلها خلقت من شيء واحد وهو الخلية البسيطة، وأن تلك الأحياء لم تخلق خلقًا مستقلاً، حتى أخذت تلك الخلية البسيطة في النمو والرقي والتطور من طور إلى طور حتى نشأ الإنسان وبقية الكائنات الحية، وكانت الطبيعة تختار في ذلك الوقت الأصلح للبقاء، وهذا ما عبر عنه بمصطلح : (الانتخاب الطبيعي) أو (البقاء للأصلح). وهنا نشأ مبدأ واعتقاد راسخ في أذهان هؤلاء بأن الإنسان لا خالق له، وأنه وليد ملايين السنين من التطور الطبيعي والارتقاء بين الأنواع المختلفة. وتعد هذه النظرية باطلة من أوجه عدة، حددها العلماء والباحثون في نقاط عدة، منها: - أولاً: لم تفسر تلك النظرية جميع ظواهر الحياة في هذا الكون، فهي مثلاً لا تقدم تفسيرًا مقنعًا لأصل نشأة الحشرات التي تمثل (80%) من مجموع الحيوانات، فهل تطورت تلك الحشرات أم بقيت على حالها؟! ولِمَ لَمْ يجرِ عليها قانون التطور هذا؟! وكذلك لم تقدم تفسيرًا للطيور، فهل ما يطير من الحيوانات قد تطور؟ وماذا كان أصل التطور ؟ وغيرها الكثير. - ثانيًا: هذه النظرية عجز أصحابها عن الإجابة عن سؤال مهم جدًا، وهو كيف انتقلت الحياة من جماد إلى كائنات حية؟ وكيف وجدت الحياة فجأة من خلية جامدة إلى أنفس حية لها إحساس وعقل؟ هنا ترى الملحد يجيبك بنظريته الهشة بأن هذا التطور إنما حدث صدفة! فجأة! وبالطبع هذا الجواب ليس علميًا بالمرة ولا يقبله عقل أبدًا. - ثالثًا: تزعم هذه النظرية أن الإنسان أصله قرد، ثم أخذ في التطور شيئًا فشيئًا حتى وصل إلى شكله وهيئته الحالية؛ وذلك بسبب وجود تشابه بين الأحياء عمومًا نتيجة وجود الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان؛ لذا يتبادر سؤال محير لماذا لا يكون الإنسان متطورًا من فأر مثلاً وليس من قرد؟! لأنهما يشتركان في كثير من الأمراض، كالسرطان مثلاً؟! وبالطبع لا جواب عندهم. أيضًا من خرافات (داروين) ونظريته المشؤومة، أن أسلافنا كانوا ذوي شعر كثيف، وبعد عملية التطور وتحول هذا الكائن إلى إنسان سوي سقط كثير من شعره لعدم الحاجة إليه، وتبقى القليل منه في الرجال واختفى معظمه في النساء، وعندما يُسأل في ذلك، رد بأن هذا ضروري لجمال المرأة وجاذبيتها. حتى عدم سقوط شعر الرأس عندما سُئل في ذلك، أجاب بأن منطقة الرأس معرضة كثيرًا للضربات والصدمات، وكان من الضروري أن يبقى الشعر عليه. حسنًا فماذا عن الجبين والأنف، وهما يتعرضان لصدمات أكثر؟! بعد كل هذا نؤمن تمامًا بأن نظرية (داروين) نظرية إلحادية هشة غير حقيقة، وإنما هي مجموعة أفكار من صنع البشر ليس إلا. والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب – إنصاف إحياء التراث الإسلامي (2) جمعية إحياء التراث الإسلامي من أس أعمالها الرد على المبتدعة داخل الكويت وخارجها من خلال نشر الكتب السلفية، وإلقاء المحاضرات, وتوزيع النشرات والأشرطة، ووسائل أخرى كثيرة -ولله الحمد- بل تقوم الجمعية بالتحذير ممَّن ظهرت عليه علاماتُ الزيغ والانحراف من الدعاة إلى البدعة المظهرين للمعصية، وإبعادهم وإقصائهم والتباعد منهم ومِن مصاحبتهم ومعاشرتهم، والتقرُّب إلى الله -عز وجل- بمجانبتهم ومهاجرتهم بعد ما يتبين لهم حال من يتعاملون معه, فمحاربة البدع ونبذُها والتحذير منها والتشديد على أهلها من أهداف الجمعية, وللجمعية كثير من المواقف أيضًا اتخذتها في إقصاء من يظهر عليه ما يخالف منهاجها الذي كتبته ونشرته للناس كافة والموسوم منهج جمعية إحياء التراث الذي زكاه كوكبة من علماء الأمة المعاصرين كابن باز والعثيمين -رحمهما الله - والمفتي الحالي للمملكة وصالح الفوزان وصالح آل الشيخ والعبيلان والسديس وغيرهم. وبعد هذا كله من الإصلاحات التي كانت وستكون -إن شاء الله- تتهم جمعية إحياء التراث الإسلامي ومشايخها ودعاتها بالحزبية والابتداع في الدين -نسأل الله السلامة-. أقول لمن يتهم الجمعية ليلاً ونهارًا بالحزبية فهذا يلزمه بتبديع كل من يعمل بها وتأثيمه سواء كان تطوعًا أم بمقابل ويصفهم بالحزبيين, وينسحب ذلك أيضًا على كل من يثني عليهم خيرًا, فهل يتحمل من يتهمنا بذلك إثم أولئك جميعًا؟! فالحزبي مبتدع, والبدعة يكمن عظيم خطرها في تغيير وجه الدين وتشويه صورته، وذلك بتحريف الشريعة وتبديل معالمها, فهل مشايخ الجمعية ودعاتها مبتدعة؟! والمبتدع في الدين متَّبعٌ لهواه: قدَّم شريعة الهوى على الهدى, فأين البدع التي نشرتها هذه الجمعية المكلومة سواء في الكويت أم خارجها؟! ومن علامات المبتدعة نصرتهم لبدعهم بالشبهات والضلالات والخرافات، وترويج الأحاديث الموضوعة والضعيفة والقصص المكذوبة, فأين تلك الشبه والضلالات والخرافات والكتب التي تنشر بها الأحاديث الموضوعة والضعيفة والقصص المكذوبة؟! فالذي يحكم علينا بالحزبية، ويؤصِّل ويقعِّد ويثير الشبه، ويدعو إلى محاربتنا وهجرنا، فهو مدَّعٍ يفتقر إلى أدلة كي يدعم ادعاءاته، وإن لم يجد إلا الكلام غير المدعم بالأدلة الواجب عليه ألا يتكلَّف ما ليس له. والجدير بالتنبيه بأن هناك أعمالاً إدارية أجلت الجمعية حسم موضوعها لعدم حصول المقصود للعزل في السابق وكانت تخشى زيادة الشرِّ وتفاقُمُه، ومع ذلك فهي على قدم وساق في حل جميع الأمور العالقة بالحكمة والتريث, وأخذ الاحتياطات القانونية لعمل اللازم, والحزم في تطبيق قرارات مجلس الإدارة من جميع فروع الجمعية. وننصح كل من تكلم علينا تبعاً لكلام غيره بالباطل والبهتان بالاهتمام البالغ والأكيد بطلب العلم والمزيد فيه، والحرص الدائم عليه، ومجالسة العلماء مع التواضع وخفض الجناح، وألا يكتفيَ منه بشذراتٍ ونُتَفٍ، بل الواجب عليه التواصل للوصول، مقرونًا بالصدق مع الله وطيب السريرة، ليكون القدوةَ في الدين، ومن الدين الاقتداءُ بأهل العلم والعمل والاستقامة في الهدى والسنَّة، ومن لم يَقْتَدِ بالسلف الصالح فليس أهلاً أن يُقتَدَى به، وفي هذا المضمون يقول ابن باديس -رحمه الله-: « فكلُّ من اخترع وابتدع في الدين ما لم يعرفه السلف فهو ساقطٌ عن رتبة الإمامة فيه» (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير) (ص320). وأقول لكل من يتهجم على الجمعية بأني أشهد الله بأن الجمعية سلفيةَ ،وليست دعوةً طائفيةً أو حزبيةً أو عِرقيةً أو مذهبيةً، وما الجمعية إلا وسيلة للدعوة إلى الله وليست دعوة يدعى إليها بذاتها، ويوالى ويعادى عليها، وإنما تدعو جمعيتنا السلفيةُ إلى التمسُّك بوصية رسولِ الله[ المتمثِّلة في الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة وما اتفقت عليه الأمّة، فهذه أصولٌ معصومة دونما سواها. والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب – الإلحاد (6) نظرية الانفجار العظيم نظرية الانفجار العظيم إحدى النظريات الإلحادية الهشة التي لا تقنع العقول ولا تشفي الصدور، بل تزيدنا إصرارًا على أن هؤلاء الملاحدة ما هم إلا مجموعة من الأغبياء، وإليكم خلاصة هذه النظرية: تزعم تلك النظرية أن أصل الخلق كان كريَّة بسيطة ذات خلية واحدة، تلك الكرية صغيرة جدًا كرأس المسمار أو الدبوس، وكانت تسبح في اللازمان واللامكان، وفجأة انفجرت منذ 15 مليار سنة، فنتج عن هذا الانفجار تكوَّن هذا الكون تدريجيًا. فحسب هذه النظرية أن أصل الكون كله رأس دبوس!! وهنا يتبادر إلى الذهن تساؤلات عدة ملحة: من أين أتى رأس الدبوس هذا؟! ومن أين منشؤه؟! وما معنى اللازمان واللامكان؟! لم نر من الملاحدة إجابة إلى الآن. ثم لماذا قررت هذه الكريَّة الانفجار؟! ولما كانت ساكنة من الأصل؟! وما ميزة اللحظة التي قررت أن تنفجر فيها؟! ومن أمرها بالانفجار في هذا الزمن تحديدًا؟! ثم كيف ينتج من كريّة صغيرة كرأس الدبوس عالماً بديعًا في خلقه منظمًا في تكوينه؟! كانت الإجابة بأن حدث كل هذا نتيجة تفاعلات أنتجت خلايا، فتجمعت تلك الخلايا مكونة هذا الكون البديع المنظم في كل شيء. وعندما سئلوا: كيف حصل هذا الاجتماع للخلايا؟ وكيف وجدت الحياة من الجماد؟ كانت الإجابة كعادتهم: حدث كل هذا تلقائيًا! صدفة! لذلك كانت الصدفة عند الملاحدة هي رب العالمين الخالق لهذا الكون. فالصدفة عندهم أوجدت السموات والأرض، والشمس والقمر، والبحار والأنهار، وبها خُلق الإنسان والحيوان والنبات، وبالصدفة تلك وجد العقل والإحساس... هذا ما فهمه واقتنع به علماء الملاحدة أصحاب تلك النظريات العقيمة التي إن دلت، فلا تدل إلا على غباء قائليها والمعتقد بها. على النقيض من ذلك ما فهمه أعرابي لم يحمل شهادات في الرياضيات ولا في الفيزياء، ولم يدرس نظريات (داروين) ولا (نيتشه)، وإنما نطقت فطرته السوية التي فطره الله -عز وجل- عليها حينما سئل: بم عرفت ربك؟ رد بإيمان شديد، فقال: «البعرة تدل على البعير، والروث يدل على الحمير، وآثار الأقدام تدل على المسير؛ فسماء ذات أبراج، وبحار ذات أمواج، أما يدل ذلك على العليم القدير؟!» (نفح الطيب:5/289) حتى الطفل الصغير ما إن تضربه من الخلف مداعبًا له، يلتفت مسرعًا ليرى من صاحب تلك الضربة، لأنه مفطور على أن كل حدث لابد له من مسبب، قال تعالى: {وفطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله} (الروم:30) وهذا ما غفل عنه أولئك الملحدون. والله المستعان والموفق. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب – الإلحاد (7) نظرية تعظيم العقل قال تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} (الإسراء:85) تلك حقيقة تغافل عنها الملحدون، وزعموا أن العقل باستطاعته أن يدرك كل شيء، سواء أكان من المحسوسات أم من الموجودات، وبالطبع هذا منافٍ للعقل والحس، فلا يقدر العقل البشري أن يحيط علمًا بكل شيء. فعقول البشر وأحاسيسهم مقدرة بما يريده الله عز وجل، وبالقدر الذي يحدده سبحانه وتعالى، فعندما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الأهلة كانت الإجابة في حدود ما يفقه قومه حينئذ أنها مواقيت للناس والحج ، فكان الخطاب على قدر العقول، ولم يتطرق إلى الأمور العلمية بأن القمر جزء من الأرض، وأن جاذبيته تعادل سدس جاذبية الأرض.. إلى غير ذلك، وإلا لكانوا نفروا منه. وكذلك الحس فهو محدود، فليس كل الموجودات محصورة فيه، فنحن نسلّم بأن المحسوس موجود, ولكن أين الدليل على أن غير المحسوس غير موجود؟! فحاسة البصر مثلا من الممكن أن تخون صاحبها، فإن الشيء يكون أمامك وأحيانا بيدك، ولكنك لا تراه، وتبحث عنه، وفجأة تكتشف أنه في يدك، أيضًا تأمل ما تراه وقت الظهيرة في وسط الطريق، ماءً. أليس كذلك؟ وهو في الأصل سراب لا حقيقة له. والقلم تراه مكسورًا في كوب الماء، وفي حقيقة الأمر أنه ليس بمكسور. إذاً لا ينبغي أن نعتمد على الحس في إدراك الموجودات. يقول الملحد: بما أننا لا نرى الله، إذاً هو غير موجود، وإذا ارتضينا جميعا بهذه القاعدة الهشة، ستسقط كل أسس العلم التجريبي من أصلها، فأين الجاذبية الأرضية؟، وأين الإلكترون، وأين الذرة؟.. وأين... وأين... في سلسلة طويلة من الحقائق العلمية التي لا تُرى، بل يستدل عليها. إذن عدم رؤيتنا لله تبارك وتعالى لا تنفي وجوده، بل يُستدل عليه بآثار صنعه وبديع خلقه، والنظام الكوني المصنوع بإتقان وإحكام، وهذا ما تدركه العقول. فكيف لعلماء الأرض الذين لم يدركوا حقيقة ذبابة واحدة، أن يدركوا حقيقة المولى تبارك وتعالى؟! فعدم رؤيتنا لله -عز وجل- ليس دليلاً على عدم وجوده، وإلا فماذا يقول الملحد عن رجل توفي والده ولم يره، هل يقول أنه لا أب له؛ لأنه لم يشاهد أباه في حياته؟! إذاً نظرية العقل هذه أثبتت فشلها الذريع في حقيقة إدراك الكون وموجوداته ومحسوساته، وأن كل ما يتبجح به هؤلاء الملاحدة ما هو إلى مجرد هذيان للعقول نتيجة عدم الإيمان بأن للكون ربا وخالقا. والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب- الإلحاد (8) الملحدون… وقاعدة الشك الملحد إنسان لا يؤمن بوجود خالق لهذا الكون، فهو إنسان مركب من الشك والريبة والتشتت الفكري، والشك عند الإلحاديين أصل من أصول التفكير عندهم، ولعل أصدق وصف لهذا المعتقد قصيدة (جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت)، ويحاول الملاحدة جاهدين غرس هذه الفكرة الخبيثة في عقول الناشئة ونفوسهم؛ لكي يسهل عليهم فيما بعد بث سمومهم الفكرية والعقدية في نفوس هؤلاء الناشئة. فما أسهل أن تنقاد هذه النفوس الجاهلة إليهم بعد أن تتمكن هذه القاعدة من نفوسهم، لذلك هم حريصون كل الحرص على أن يؤصلوها في كل محفل على مستوى العالم أجمع. وتلك القاعدة أصّلها لهم أرسطو، وغيره من الفلاسفة؛ حيث يقولون: «من أراد أن يشرع في المعارف الإلهية فليمح من قلبه جميع العلوم والاعتقادات، وليسع في إزالتها من قلبه بحسب مقدوره، وليشك في الأشياء، ثم ليكتف بعقله وخياله ورأيه» وفي السياق نفسه قال ديكارت: «أنا أشك إذا أنا موجود». ثم أكملوا هذا القانون بقانون آخر وهو نسبية الحقيقة، فليس عند القوم حقيقة مطلقة، وبهذا انعدمت الرؤيا عند الإلحاديين، وصارت حياتهم شكا في شك، فالشك في وجود الله، والشك بالقضاء والقدر، والشك في حقيقة الأمور كافة، وإذا اعتمدنا فرضًا قانون نسبية الحقيقة، فستفسد الدنيا بما فيها؛ لأنه إذا اعتدى إنسان على آخر، وإذا قيل له: إنك مخطئ، فسيقول – بناءً على تلك القاعدة -: ما رأيتموه أنتم خطأً لا أراه أنا خطأ، فالحقيقة نسبية !، فإذا قيل له: ولكن ليس لك أن تضر الآخرين بناء على قاعدتك تلك، فإنه يرد قائلا: ما ترونه أنتم ضررًا لا أراه أنا ضررًا. فما الحل في هذا العبث؟! ومن يحكم بخطأ هذا أو ذاك، إن كانت الحقيقة نسبية كما يدعون؟! لذلك تجد هذا الفكر والمنهج لم ينتج سعادة ولا طمأنينة لمعتنقيه، والدليل على ذلك الإحصائيات العالمية التي تتحدث عن نسبة طردية بين الإلحاد والانتحار، فبناءً على ما قدمته منظمة الصحة العالمية: تتصدر الدول التي ينتشر فيها الإلحاد قائمة الدول التي يكثر فيها الانتحار مثل: اليابان، كوريا، فنلندا، فرنسا، الدانمارك، السويد. والغريب في هذا الأمر أن تلك الدول لا ينقصها تقدم تقني أو رفاهية في العيش، لكن ينطبق عليهم قول الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا } (طه:124). أما نحن المسلمين، فبحمد الله -عز وجل- نؤمن إيمانًا راسخًا كالجبال الرواسي بأن الله حق، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} (الحج:6)، ورسوله محمد [ حق، وما بلّغه عن رب العزة إلينا هو الحق المبين، {وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ}(الإسراء:105). والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب – الإلحاد (9) خطر الفكر الإلحادي على المسلمين عادة ما نسمع تساؤلات عدة واستفسارات غريبة في مفهومها، عجيبة في مضمونها، تخرج من أفواه هؤلاء الملاحدة المشركين بالله عز وجل. تلك التساؤلات تظهر تلبيساتهم ومغالطاتهم العقلية ومنها: أنهم إذا ناظرهم المسلم وبين لهم قانون السببية، وأن كل شيء على وجه المعمورة لابد وأن يكون له خالق، وكل حادث لابد له من محدث، فترى الملحد يسأل بغباء واضح قائلاً: إذا سلمنا بأن الله خالق كل شيء، فمن خلق الله؟ ولم لا يطبق قانون السببية عليه؟ سؤال فاسد، فبعد أن يسلم الملحد بأنه خالق، ثم يقول من خلقه؟ فيجعل منه خالقاً ومخلوقاً في نفس الوقت، وهذا تناقض واضح يرفضه أصحاب العقول السليمة، فلا يمكن أن يكون الخالق مخلوقًا، ولا يمكن أن يكون المخلوق خالقًا. وإليك أخي القارئ سؤال آخر من أسئلة هؤلاء الملاحدة وهو هل يستطيع الله أن يخرج أحدًا من ملكه؟ في علم اللغة تكون الإجابة على سؤال يبدأ بهل إما بنعم أو لا، فإذا قلنا نعم يستطيع الله -عز وجل- أن يفعل أي شيء، فهو القادر المقتدر {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }(يس:82). فيرد الملحد بخبث قائلاً: إذا أنت أثبت أن هناك ملكًا غير ملك الله، فمن الضروري أن يكون له رب آخر. وإذا أجبت على هذا السؤال بلا، يرد الملحد قائلاً: إذاً أنت تنفي القدرة عن الله وبذلك فقد أشركت. هذا السؤال وأشباهه به مغالطة عقلية كبيرة، الهدف منه إلزام المجيب بإجابة قد حددها المتسائل من قبل إما نعم أو لا، والهدف الظاهر منه تشكيك المؤمن في قدرة الله عز وجل، وبالتالي التشكيك في وجوده سبحانه وتعالى، وعند التأمل في بنية هذه التساؤلات ستجد أنها تقوم على فكرة عبثية لا أكثر ولا أقل، وهذا خير دليل على أن الموقف الإلحادي موقف عبثي. أسلوب خبيث في المناقشات والمناظرات فكما أسلفنا في مقالات عدة سابقة أن الفكر الإلحادي يقوم على النظريات الفلسفية الكلامية فهم أهل الكلام، يعتمدون أسلوب المغالطة الجدلية والتلبيس على المحاور، وهم في ذلك لا يحترمون المنهج العلمي السليم في المحاورة والمناظرة، فتجدهم مثلاً يطعنون في دين الإسلام، ويحاولون تغطية المنهج الإلحادي من خلال هجمة شرسة وجريئة على الإسلام، فتراهم يتكلمون عن الدين فيخلطون بين الحق والباطل، والصحيح وغير الصحيح. فالواجب علينا أن ننتبه لمثل هذه الأساليب الشيطانية في الحوار، وألا ننجرف معهم في حوارات لا طائل منها، وأن ننبه شبابنا حتى لا يقعوا فريسة سهلة بيد هؤلاء الملاحدة. والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب – وسائل نشر الإلحاد (1) يبدو أن الملاحدة جاهدون في نشر باطلهم بشتى السبل، ولاسيما في محيط أبناء المسلمين، وهذا ما يدل عليه الواقع الحالي؛ لأن الملحد في العالم الإسلامي يشعر بالغربة؛ لذا فهو يريد أن يدخِل أكبر عدد من الأفراد في هذا الفكر حتى تخف عنه الغربة التي يعيش فيها، أيضًا كلما زاد عددهم قويت شوكتهم، وعلا صوتهم في المجتمع؛ مما يمكنهم التأثير في الواقع حسب أهوائهم. من هنا اتخذ الملاحدة وسائل عدة يهدفون بها إلى نشر الفكر الإلحادي بين شباب المسلمين ذكورًا وإناثًا، ومنها: 1- القنوات الفضائية: عن طريق عرض مفاهيم ومصطلحات وتساؤلات إلحادية واضحة أو مبطنة من خلال برامج أو حوارات أو مناظرات، أو من خلال البرامج العلمية الوثائقية التي تؤصل النظريات الإلحادية كنظرية داروين مثلاً، وهذا ما تقوم به بعض القنوات الوثائقية المشهورة اليوم. 2- اللقاءات المباشرة مع الشباب، من خلال جلسات خاصة أو عامة، أو صالونات ثقافية فنية، تطرح فيها الأفكار والشبهات. 3- الكتب الإلحادية: التي تباع بأثمان زهيدة، أو حتى عن طريق الإنترنت، ولا يلزم أن تصرح تلك الكتب بالفكر الإلحادي مباشرة، وإنما ترمي إليه بعبارات وأفكار وموضوعات تستهدف في النهاية الشك والتساؤل والريبة، ومن هنا يُعشّشون في عقول الشباب. أيضا تؤصل تلك الكتب تبغيض الدين والشك في نصوصه وثوابته، كالشك في السنة النبوية وعلى رأسها الشك في صحيحي البخاري ومسلم، بل وأحيانًا الشك في القرآن ذاته. 4- الروايات: والمقصود هنا الروايات المنحرفة عقديًا الهدامة لعقول الناشئة، فالروايات عبارة عن قصص خيالية أو واقعية، والنفوس مجبولة على حب هذا النوع من القصص التي تعد في كثير من الأحيان منفذًا يهرب به الشباب من عالمهم الحقيقي إلى عالم الخيال، ولاسيما إذا كانت تلعب على وتر العاطفة أو العشق أو إثارة الغرائز. تلك الروايات بما أنها تميل إلى الخيال فهي تصطدم بثوابت الدين كقضية القدر مثلاً، ففي إحدى الروايات قد يتساءل بعض الشباب: لماذا مات بطل الرواية؟! ولم تمر يحدث له كذا وكذا؟! ثم يشرعون في تطبيق ما اكتسبوه من مفاهيم وآراء خلال تلك الروايات ومقارنتها فيترتب على ذلك التشكيك في حكمة الله -عز وجل- في خلق الأشياء وتسيير الكون، وبالتالي يخلق جيلاً قائمًا على الشك والريبة في كل أمور حياتهم. والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب – وسائل نشر الإلحاد (2) في العدد الماضي تحدثنا عن أهم وسائل نشر الإلحاد وكان منها القنوات الفضائية، والكتب والروايات الإلحادية، واللقاءات المباشرة مع الشباب، ويتبقى أهم وسيلة من وسائل الإلحاد وهي: 5- الإنترنت: وهو من أخطر الوسائل في نشر الإلحاد وأهمها؛ نظرًا لسهولة نشر أي شيء في أي وقت، وبالتالي سهولة غزو عقول الشباب والناشئة؛ لذا يهتم الملحدون بهذه الوسيلة اهتمامًا بالغًا من حيث: - أولاً: مواقع التواصل الاجتماعي كـ«تويتر – فيس بوك»؛ حيث يثبت الواقع الذي نعيش فيه حاليًا أن تلك المواقع تحظى باهتمام بالغ لدي شريحة عريضة من مستخدمي الإنترنت، فمنهم من يجلس ساعات طوالا أمامها يوميًا، هنا يتخذ الملحدون هذا الطريق منفذًا سهلاً لاصطياد فرائسهم من خلال نشر المفاهيم الممهدة لفكرهم الإلحادي بطرائق خبيثة ملتوية مثل الدعوة للتحرر والانفتاح والتشبه بالغرب المتقدم وغيرها من العبارات والمصطلحات الرنانة التي تنال إعجاب الشباب ذكورًا وإناثًا. - ثانياً: مواقع نشر المقاطع المرئية، وأشهرها (يوتيوب) ويُتخذ هذا الطريق في نشر لقاءاتهم ومناظراتهم ، وكل ما يقرب للإلحاد بالصوت والصورة. - ثالثًا: المنتديات العامة: وهي مواقع على الإنترنت يتجمع الأشخاص من ذوي الاهتمامات المشتركة ليتبادلوا الأفكار والنقاش عن طريق إنشاء موضوع من قبل أحد أعضاء المنتدى، هنا يضع الملاحدة شباكهم ليتصيدوا فرائسهم عن طريق طرح موضوعات الشك في الله سبحانه وتعالى، وحقيقة خلق الكون وما عليه من مخلوقات، والقضاء والقدر، ومناقشة نظريات داروين وغيره من فلاسفة الملاحدة وغيرها من الأفكار الهدامة التي تعصف بفكر الشباب فيصبحون فريسة سهلة بيد هؤلاء الملاحدة الماهرين في استخدام تلك الأدوات الخبيثة في نشر الإلحاد. - رابعًا: المدونات والمواقع الإلحادية: وهي عبارة عن صفحات تظهر عليها تدوينات أو مشاركات الأعضاء التي تعبر عن أفكارهم ومعتقداتهم ويتحكم فيها مدير أو ناشرها. أما المواقع الإلحادية فهي السم الزعاف التي يصلون بها إلى شبابنا، فالملحدون لديهم أساليب متفننة في جذب الناشئة إليهم من خلال الإقناع العاطفي، والمغالطة العقلية، وإثارة الشُّبه الدقيقة، وتزييف الحقائق.. في سلسلة طويلة من المكر والخداع. إنهم يصلون إلى بغيتهم بشتى السبل والطرائق مستخدمين في ذلك كل أنواع التقدم التكنولوجي سواء كانت مكتوبة أم مقروءة أم مسموعة، في النهاية يصلون إلى عقر دارنا . والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب- وسائل مواجهة الإلحاد (1) من الحكمة والعقل أنه إذا اكتشف في بلد وباء فتاك، يُخشى من سرعة انتشاره فلابد من التصدي له، كذلك الحال بالنسبة للإلحاد لابد من إيجاد الوسائل الممكنة والمتاحة لمجابهة هذا المرض العضال في جسد الأمة الإسلامية، حتى وإن قل عدد حالات الإلحاد في المجتمع الإسلامي كله؛ لذلك تنقسم سبل مواجهة الإلحاد إلى نوعين: - الأول: سبل وقاية. - الثاني: سبل علاج. وسنتناول في عددنا هذا سبل الوقاية من خطر الإلحاد التي تستهدف بذل الأسباب التي تحول بتوفيق الله بين الشباب المسلم وبين الوقوع في براثن الإلحاد ومنها: - أولا: العكوف على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم تلاوة وتدبر آياته والعمل بها. قال تعالى: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ } (آل عمران:101). - ثانيًا: غرس العقيدة الصحيحة في نفوس الناشئة بكل وسيلة متاحة كالدروس والخطب والبرامج والمناهج، والتأكيد على الأصول والثوابت الدينية التي يتخذها الملاحدة طريقًا للوصول إلى فرائسهم كالإيمان بالغيب، والإيمان بالقضاء والقدر، واعتقاد الحكمة في أفعال الله سبحانه وتعالى، وحقيقة الكفر وخطره، والعلاقة بين العقل والنقل.. - ثالثًا: يجب أن تُعاد الهيبة إلى المواد الشرعية في مناهجنا التعليمية، وأن يُربى الطلاب على أنها الأصل والأجدر بالاهتمام في هذه الحياة. - رابعًا: السعي في الوصول إلى ذوق طعم الإيمان ووجدان حلاوته، من خلال التأمل في صفات الله سبحانه وتعالى، والتأمل في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم. - خامسًا: تأصيل المنهج الشرعي في التعامل مع الشبهات، بالنأي عنها والسعي في كشفها؛ لأن الشبهة فتنة، والنبي صلى الله عليه وسلمأخبرنا أن الفتن من استشرف لها استشرفت له. - سادسًا: «الترشيد الثقافي» وذلك بملاحظة مصادر التلقي التي يستقي منها الشباب أفكارهم ومتابعتها، فلابد أن نلاحظ ماذا يقرؤون، وماذا يتابعون من مواقع ومنتديات، وهذا دور أصيل للأسرة فلا يترك لهم الحبل على الغارب، ولن يحدث هذا إلا إذا وصلت العلاقة بين الأب وأبنائه والأخ مع أخيه إلى مرحلة الصداقة، فيأتي الابن ليسأل أباه أو أخاه الأكبر عما استشكل عليه من أسئلة محيرة قد تؤصل مبدأ الشُبه في قلبه، وذلك بدلاً من أن يذهب ويبحث بنفسه وببراءته عن أجوبتها في جحور الحيات والعقارب. ولا يقتصر الدور على الأسرة فقط، بل هناك من يلعب دورًا أساسياً في حياة شبابنا وبناتنا كالمدرسة والجامعة والمسجد والرفقة إن كانت صالحة أم طالحة.. كل هؤلاء يجب أن يقوموا بدورهم في الاتجاه بأبنائنا إلى الطريق القويم الصحيح. والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب – وسائل مواجهة الإلحاد (2) تنقسم سبل مواجهة الإلحاد إلى نوعين: الأول: سبل الوقاية، والثاني سبل العلاج، وقد تناولنا في العدد السابق سبل الوقاية من خطر الإلحاد، والآن نحن بصدد معرفة سبل العلاج أو بمعنى آخر سبل مواجهة الملحدين، وتختص سبل العلاج بحالات محددة قد وقعت بالفعل تحت وطأة الإلحاد، وهو في الغالب أحد رجلين: - الأول: مسلم طُرحت عليه شبهة إلحادية، فوقع في قلبه الشك والريبة، وبدأ الأمر يختلط عليه؛ ولكنه لا يدعو إليه، ولا يسخر من أمر الشريعة ولا من أهلها شيئًا. وعلاج تلك الحالة يكون بالمناصحة الإيمانية والعقلية، والتقرب من الله عز وجل؛ لأن هذا الرجل على شفا حفرة من الخطر، لذلك لابد وأن يُسعى حثيثًا في اجتثاث هذا الفكر من نفسه، واقتلاع تلك الأفكار الخبيثة من قلبه وعقله، ويكون ذلك بأسلوب حكيم هادئ على يد داعية عنده باع طويل في هذا الأمر، لا جاهل يزيد الطين بلة. - والثاني: متمرد يدعو صراحة إلى الإلحاد، ويقيم الحجج والبراهين على صحة إفكه وافتراءاته، ويسخر من الشريعة وأهلها، وهذا لابد من الرد عليه وعدم السكوت عنه. ومن هذا المنطلق توجد ضوابط عدة لابد من مراعاتها عند التعامل مع مثل هذه الأمور، ومنها: - أولاً: لابد أن يكون الرد على هؤلاء الملاحدة، ونقض شبهاتهم تحت مظلة الحكمة ومراعاة المصلحة؛ وذلك لأنه من الأفضل أحيانا الإعراض عن الشبهة وتجاهل قائلها وعدم تنبيه الجاهل إليها، وأحيانًا أخرى تتمثل الحكمة والمصلحة في التصدي والرد بقوة على الملحد وشبهاته. - ثانيًا: يجب أن يكون الرد على هؤلاء الملاحدة ردًا قويًا محكمًا؛ لأن الردود الضعيفة تضر أكثر ما تنفع. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم، لم يكن أعطى الإسلام حقه..» (مجموع الفتاوى: 20/164-165). - ثالثًا: يجب أن ترتكز الردود على قواعد أهل السنة والجماعة لا على قواعد أهل الكلام والفلسفة، فتلك أصول بدعية تضر المسلمين في عقيدتهم. - رابعًا: إذا دعت الحاجة إلى مناظرة الملحد، فينبغي أن تكون المناظرة فردية شخصية، لا عامة علنية؛ وذلك درءًا للمفسدة التي يُخشى حصولها. - خامسًا: لابد ألا يتصدى لمناظرة الملاحدة إلا صاحب خبرة وباع في هذا الأمر، ولابد له أن يعد العدة، ويأخذ للأمر أهبته، وعلى دراية بأساليب الملاحدة الملتوية. والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب- الجماعات الاسلامية (5) الخوارج هم فرقة خرجت في النصف الأول من القرن الأول الهجري، واختلف المؤرخون في سبب تسميتهم بالخوارج، فمنهم من قال: إنهم من خرجوا على الخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ومنهم من قال: إنهم من خرجوا على الإمام وطعنوا فيه، ومنهم القائل بأنهم من خرجوا من الحق للباطل. كان أغلب الخوارج من «القراء» أي حفظة القرآن الكريم، وقد بايعوا عليّا بن أبي طالب بعد مقتل عثمان بن عفان، ولكنهم ظهروا بعد حرب صفين 38هـ، بين الإمام علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما- وذلك حين شعر معاوية بخسارته في الحرب وبعد مشاورة عمرو بن العاص اتفقا على رفع المصاحف، أي طلب التحكيم إلى كتاب الله عز وجل، فأول من قبل التحكيم هم هؤلاء الخوارج، بالرغم من رفض علي بن أبي طالب لهذا التحكيم، فأجبروه على الموافقة، وما لبثوا أن رموه بالكفر لقبوله ذلك التحكيم الذي أُجبر عليه، ولم يقتصر الأمر على تكفير علي بن أبي طالب فقط، بل كفروا الخليفة الثالث عثمان بن عفان، وطلحة والزبير والسيدة عائشة رضي الله عنهم. وقد دارت حروب عدة بينهم وبين الإمام علي أهمها معركة النهروان التي انتصر فيها علي بن أبي طالب انتصارًا ساحقًا على أولئك الخوارج، ولكنهم بعد ذلك جمعوا شتات أمرهم مرة أخرى، وصاروا يثيرون الفتن والقلاقل والثورات من حين لآخر، فأصبحوا شوكة في ظهر المسلمين يقلبون عليهم ولاة الأمر من الأمويين بعد ذلك، حتى أجمعوا رأيهم بقتل خليفة المسلمين علي بن أبي طالب ومعاوية وعمرو بن العاص، فكان لهم ذلك فقتل عبد الرحمن بن ملجم علي بن أبي طالب، ونجا كل من معاوية وعمرو بن العاص. والخوارج لديهم عقيدة تختلف عنا نحن أهل السنة والجماعة، فتراهم يحكمون على مرتكبي الكبائر الذين يموتون قبل التوبة، بالكفر والخلود في النار، فيكفرون أهل المعاصي لشدة غلوهم، يرون من زنا كفر، ومن شرب الخمر كفر، ومن عق والديه كفر، فهم يكفرون بالذنوب، قال فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يمرق مارقة على حين ... من المسلمين يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وقراءته مع قراءتهم، يمرقون من الإسلام ثم لا يعودون إليه»، وقال فيهم أبو الحسن الأشعري في (مقالات الإسلاميين): أجمعت الخوارج على إكفار علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ... وأجمعوا على أن الله -سبحانه- يعذب أصحاب الكبائر عذابا دائما- والخوارج لا يقولون بعذاب القبر، ولا ترى أن أحدا يعذب في قبره- وللخوارج ألقاب، فمن ألقابهم الوصف لهم بأنهم خوارج، ومن ألقابهم الحرورية، ومن ألقابهم الشراة والحرارية، ومن ألقابهم المارقة، ومن ألقابهم المحكمة، وهم يرضون بهذه الألقاب كلها إلا بالمارقة، فإنهم ينكرون أن يكونوا مارقة من الدين كما يمرق السهم من الرمية). وانقسم الخوارج إلى فرق عدة، وذلك في بعض المسائل والفروع وإن ظلوا مجتمعين على أصولهم الفكرية، فانقسموا إلى: الأزارقة أتباع نافع بن الأزرق، والنجدات أتباع نجدة بن عامر الحنفي، والصفرية أتباع عبد الله بن صفار. وأختم بما رواه البخاري في صحيحه أنه قيل للصحابي الجليل سهل بن حنيف الأنصاري: هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الخوارج شيئا؟ قال: سمعته يقول، وأهوى بيده قبيل العراق: «يخرج منه قوم يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرَمِيّة». والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب – الجماعات الإسلامية – الخــوارج (2) اتصفت هذه الفرقة الضالة منذ نشأتها بأنها أشد الفرق تعصبًا وتشددًا لآرائها، لدرجة أنهم أباحوا محاربة المسلمين الذين يخالفونهم الرأي بل وقتلهم، فكانوا يدعون البراءة والرفض للخليفة الثالث عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والحكام من بني أمية؛ بسبب تفضيلهم الدنيا على إيقاف الاحتقان والدماء بين المسلمين. واشتد خطب أولئك الخوارج في عهد علي بن أبي طالب، فوضع لهم منهجًا قويمًا في التعامل مع تلك الطائفة، وتمثل هذا المنهج في قوله لهم: «ألا إن لكم عندي ثلاث خلال ما كنتم معنا: لن نمنعكم مساجد الله، ولا نمنعكم فيئًا ما كانت أيديكم في أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا». رواه البيهقي وابن أبي شيبة. وقد روى لنا المؤرخون- إن صحت الروايات - أنه دارت بينه وبينهم حوارات ومناظرات عدة على أمل أن يرجعوا عما هم عليه من ضلال وبهتان، فطلب منهم علي بيان أسباب خروجهم عليه، فأجابوه بأشياء عدة منها: 1- لماذا لم يبح لهم في معركة الجمل أخذ النساء والذرية كما أباح لهم أخذ المال؟ 2- لماذا محي لفظة أمير المؤمنين، وأطاع معاوية في ذلك عندما كتب كتاب (الهدنة في صفين)، وأصر معه على عدم كتابة (علي أمير المؤمنين)؟ وقد أجابهم عن كل تلك الشبه ودحضها جميعاً؛ حيث أجابهم عن الشبهة الأولى التي تدل على جهلهم بما يلي: أباح لهم المال بدل المال الذي أخذه طلحة والزبير من بيت مال البصرة، ثم هو مال قليل. النساء والذرية لم يشتركوا في القتال وهم أيضاً مسلمون بحكم دار الإسلام ولم تكن منهم ردة تبيح استرقاقهم. فقال لهم: لو أبحت لكم استرقاق النساء والذرية فأيكم يأخذ عائشة سهمه؟! فخجل القوم من هذا، ورجع معه كثير منهم كما قيل. أما الشبهة الثانية - والله أعلم بصحة هذه الرواية التي يتناقلها المؤرخون - ذلك أن معاوية ما كان يطالب بالخلافة حتى يحق له أن يطلب محو كلمة (أمير المؤمنين). ومعاوية كذلك كان يعرف أسبقية علي وفضله، وإنما النزاع حول أمر آخر غير الخلافة، اللهم إلا أن يكون هذا الفعل من صنيع المفاوضين دون علم معاوية بذلك. وذهب إليهم ابن عباس يحاورهم في الأمر، ويحثهم للرجوع إلى وحدة الصف والجماعة، ففي (البداية والنهاية) لابن كثير، ذكر أن ابن عباس ناظر الخوارج ثلاثة أيام فرجع منهم أربعة آلاف .وقد بالغ صاحب (إبانة المناهج) فذكر أن الذين رجعوا مع ابن عباس عشرون ألفا وبقي أربعة آلاف. وحسب بعض الروايات فقد اختلف العائدون منهم مرة أخرى مع علي في مسألة قبول التحكيم من عدمه، فخرج أولئك النفر من الكوفة متواعدين على اللقاء بالنهروان؛ حيث كانت الموقعة الكبرى بين الفريقين بزعامة عبد الله بن وهب الراسبي، ولم يبدأ علي بالقتال بل هم من بدؤوا به، فقُضي على كثير منهم في ذلك اليوم. إذاً فالخوارج قوم عهدوا الخلاف والفرقة منذ بوادر نشأتهم، وكلما حاول الحاكم أو الإمام في أي زمن من الأزمنة المتلاحقة أن يقربهم ويدخلهم في صف الجماعة، رفضوا ذلك بل يرمونه بالكفر والزندقة وكل من تبعه، وهذا حال الخوارج في كل زمان ومكان. والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب – الجماعات الإسلامية – الخـــوارج(3) في هذا العدد سنتناول موقف الخوارج من الصحابة رضي الله عنهم فقد أقرت الخوارج الإمامة الكاملة لأبي بكر وعمر- رضي الله عنهما – إمامة شرعية لا شك فيها، فقد أقرها لهما كافة المسلمين وكبار الصحابة آنذاك، وقد سارا على الطريق الحق طريق الله ورسوله، ولم يغيرا ولم يبدلا حتى توفاهم الله، ثم من بعدهما انتخب المسلمون خليفتين آخرين هلك الخوارج وخرجوا عن الصواب في التعامل معهما، وقد بلغ بعضهم في المغالاة في هذا الخروج الذي يؤدي إلى الكفر الصريح، بعضهم الآخر من قال بإمامة علي قبل أن يحكم، ثم ينكرون إمامته بعد قبوله التحكيم. ويعتقد الخوراج تكفير جمع من الصحابة رضي الله عنهم بالرغم من أن بعضهم من المشهود له بالجنة، ولكن حسب اعتقاد الخوارج بأنهم يكفرون الناس ببعض الذنوب التي اقترفوها، مع أنها في الواقع ناتجة عن اجتهاد قد يصيب وقد يخطئ. وأول من اشتد الخوارج في تكفيرهم من الصحابة - بعد عثمان وعلي – معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري وأهل التحكيم ومن رضي بهم من غيرهم. قال الأشعري: «ويكفرون معاوية وعمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري» وقد نصبوا العداء لمعاوية وعمرو بن العاص فوصفوهما بكل صفة سوء ونفوا عنهما كل خير، وأثبتوا لهما النار، يقول الورجلاني في (الدليل لأهل العقول): «وأما معاوية ووزيره عمر بن العاص فهما على ضلالة لانتحالهما ما ليس لهما بحال، ومن حارب المهاجرين والأنصار فرقت بينهما الدار وصار من أهل النار». أما موقف الخوارج من الحسن بن علي رضي الله عنه فكان على موقف أبيه نفسه، ففي كتاب (كشف الغمة) يكيل مؤلفه الافتراءات والأكاذيب على ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيذكر أن الحسن لما تولى الخلافة خدعه معاوية كما خدع أباه من قبل، فوعده بالخلافة من بعده، وأنه ساعد معاوية على قتال أهل النخيلة، وغيرها من الافتراءات الواهية. ويبدوا أن أولئك الخوارج نسوا أو تناسوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين» وقد كان ذلك بالفعل ما فعله الحسن رضي الله عنه حينما تنازل عن الخلافة لمعاوية حقنا لدماء المسلمين. ولم يسلم طلحة والزبير – رضي الله عنهما – من الكذب والبهتان العظيم الذي أصابهما ولم يقل عما قالوه عن عثمان وعلي. إذاً موقف الخوارج واضح وصريح في تكفير بعض من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم صفوة خلق الله بعد الأنبياء والرسل، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تسبوا أصحابي لا تسبوا أصحابى فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه» متفق عليه. وقال ابن مسعود رضي الله عنه : «إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد – صلى الله عليه وسلم – خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته , ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوبَ أصحابه خيرَ قلوب العباد فجعلهم وزراءَ نبيهِ يُقاتِلونَ على دينه» رواه أحمد. ولن يكفي هذا المقام ولا غيره في ذكر فضائل الصحابة رضي الله عنهم. والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب – الجماعات الإسلامية( 8) الصوفية الفكر الصوفي له جذور فلسفية قديمة سواء كانت إغريقية أم هندية أم غيرها، ولكن ما يهمنا في هذا الأمر الحركة الصوفية التي اتخذت الإسلام ثوبا تتوارى فيه وتخفي به أصولها وعقائدها الأساسية. رائد الفكر الصوفي هو إبراهيم بن أدهم المتوفى سنة 161هـ، ظهر بعد الإسلام ولم ينحرف كثيرا عن عقيدة أهل السنة والجماعة، وقد شهد له شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بالاستقامة، وكما قيل: إن حكاية تصوفه تشبه كثيرا حكاية بوذا؛ حيث ترك حياة الملوك وخرج إلى الصحراء مرتديا أثواب الرعاة، وجُبَّةَ صوف، وهذا يدل على أن التصوف ميراث الهنود والفرس واليونانيين، وقد بدأ الفكر الصوفي في الانتشار، وبلغ ذروته العقائدية، وصرح به أصحابه في نهاية القرن الثالث الهجري، وكان أجرأهم على التصريح بهذا المعتقد الحسين بن منصور الحلاج، وهو من أهل فارس قتل مصلوبًا على جسر بغداد، وقد اتفق علماء عصره على كفره، لقوله بالحلول والاتحاد، ثم ما لبث أن أصبح الصوفية دينًا للسواد الأعظم من المسلمين خلال القرنين التاسع والعاشر الهجري. أما سبب تسمية هذا الفكر بالصوفية فقد اختلف فيه أصحابه أنفسهم، فمنهم من قال: إن التصوف مشتق من صفاء النفس، وطائفة أخرى تزعم أن الصوفية أطلقت لصفاء أسرارها، وآخرون قالوا: مَنْ صفا قلبه بين يدي الله، وادعى آخرون بأن الصوفية لقرب أوصافهم من أوصاف أهل الصّفة، وقال بعضهم: إنما سموا صوفية؛ للبسهم الصوف، والمتأمل في صحة تلك المسميات سيجد أنها خطأ لغويًا؛ لأنه مثلاً لو كان نسبة الصوفي لأهل الصفة لكان صُفيّ، ولكن الأقرب لمسمى الصوفية هو لبسهم للصوف فقد اشتهروا بلبسه ويُسمى عندهم (المُرَفَّقة) فكما يزعمون أنه دليل على زهدهم في الدنيا، وهذا ما اختاره ابن تيمية -رحمه الله- فقال: «وقيل – وهو المعروف – أنه نسبة إلى لبس الصوف». وقد تشعب الفكر الصوفي إلى طرائق عدة نسبة لإمامها أو زعيمها الروحي، فمن أشهر الطرائق الصوفية: القادرية، والشاذلية، والرفاعية الأحمدية، والسقطية، والجنيدية، والنقشبندية، والمراغية، والسهرودية، لكن يجب أن نعلم أن هذا الفكر الصوفي عقيدة واحدة يدين بها المتصوفة مهما اختلفت طرائقهم ومسمياتهم. والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب – الجماعات الإسلامية – الصوفية (2) لا شك أن التصوف الإسلامي ربيب التصوف الوثني؛ والدليل على هذا أمور عدة منها: ظهور كثير من العقائد الوثنية القديمة في الفكر الصوفي كالقول بوحدة الوجود، وتلك النظرية ظهرت في بلاد الهند وفارس وتنادي بالوجود الكلي لذات واحدة تعددت وجوداتها بتعدد صفاتها. وعندهم ما يسمى بمجاهدة النفس بشتى السبل كالخلوة والجوع والسهر والصمت، وتركيز الفكر والبصر والجلسة الثابتة حتى تفنى بخالق الكون وتلحق به، وتلك أمور بالطبع مستوردة من الأمم الوثنية السابقة كالفرس والهنود واليونانيين. - والدليل الثاني أن شيوخ التصوف وأئمتهم من الفرس، كالحلاج والبسطامي وجلال الدين الرومي. وهؤلاء الرجال لهم قسمان: الأول: رجل أراد التوفيق بين التصوف والإسلام كالمعتزلة، والجهمية؛ حيث أرادت تلك الفرق أن تخلط الفلسفة اليونانية مع العقيدة الإسلامية فكانت جسرًا عبرت عليه شوائب الحضارات الوثنية القديمة. الثاني: رجل أراد الكيد للإسلام والمسلمين لكنه تستر وراء التصوف عندما أعياه إظهار كفره وزندقته . دليل آخر على ارتباط التصوف الإسلامي بالتصوف الوثني، هو اعتراف أئمتهم باتصالهم بنظريات اليونانيين وغيرها من الوثنيات وفلسفاتهم، فقد قال السهرودي أنه رأى أرسطو في منامه، فسأله عن أقطاب التصوف أمثال: سهل التستري، وأبي يزيد البسطامي، وذي النون المصري، والحلاج، فقال له أرسطو: «أولئك هم الفلاسفة والحكماء حقا» (ولاية الله والطريق إليها صـ171). والمحزن في الأمر أنه ما زالت رواسب هذا الفكر العقيم تسيطر على عقول كثير من المسلمين وأفئدتهم، ولاسيما بعض الحركات الإسلامية المعاصرة، فتراهم يقولون بحياة الخضر إلى الآن، -الذي بحمد الله تم إزالة ضريحه المزعوم في جزيرة فيلكا بالكويت- وأن الله في كل مكان، أو موجود في كل وجود، واعتماد المنامات دليلاً على الأحكام الشرعية، والإيمان بالمكاشفات والإلهامات؛ لذلك تجد ابن حرازم التيجاني إمام الطريقة التيجانية في (جواهر المعاني، 1/129) يقول: «أخبرني سيد الوجود يقظةً لا منامًا قال لي: أنت من الآمنين ومن رآك من الآمنين إن مات على الإيمان» فتلك الطائفة التيجانية التي جعلت رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظةً لا منامًا مشاعًا لكل من بلغ درجة العرفان، «ولا يكتمل العبد في مقام العرفان حتى يجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم يقظةً ومشافهةً» (الرماح، 1/191). هذه بعض الترهلات الفكرية العقدية للمتصوفة التي سنزيد عليها في الأعداد القادمة إن شاء الله تعالى. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب – سعد الحصين.. في ذمة الله سعد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز الناصري التميمي، رجل وهب نفسه لخدمة الدين، وإحياء علومه، والذب عن سنة النبي الكريم، ولد بالمملكة العربية السعودية بأرض يقال لها: شقراء عام 1353هـ،1935م، تخرج في كلية الشريعة بمكة، وحصل على الدبلوم العالي في الأدب العربي بالقاهرة، ثم أكمل دراسة الماجستير وحصل عليها من جامعة جنوب كاليفورنيا في فلسفة التربية. وضع الشيخ نصب عينه مشكلات التعليم التي عاصرها، فحمل على عاتقه محاولة إصلاح التعليم وتطويره بالمملكة، بعد أن أيقن أن مفتاح التقدم والتطور والرقي هو العلم، فكانت له آراء عدة وتوجهات أو فلسفات تعليمية – إن صح التعبير – تساعد على إصلاح منظومة التعليم منها: تحميل الطالب المسؤولية عن تعلمه، وذلك بعد بلوغه مرحلة الرجولة وتخطيه عالم الطفولة، اقتداءً بتحميل الله -تعالى- له سائر التكاليف الدينية والشرعية، قال تعالى في سورة النور: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (} (النور:59). ووفق هذه النظرية التربوية فالطالب له الحق في دراسة ما يشاء من العلوم المختلفة، صباحًا أو مساءً، وله الحق كذلك في اختيار معلمه، أيضًا رأى الشيخ الحصين أنه لابد من التقليل من إبراز التنافس بين طفلين لم يساو الله بينهما في القوة العقلية والجسمية. وبعد سنوات عدة جاهد الشيخ فيها في محاولة لتطوير التعليم العام أو العصري وإصلاحه، طلب منه الشيخ ابن باز – رحمه الله- بالتحول لخدمة التعليم الشرعي، فاختار خدمة الدعوة والدعاة في بلاد الشام، ومكث بها طيلة اثنتين وعشرين سنة، حتى قارب السبعين من عمره، فأفنى عمره في التركيز على توحيد العبودية لله وحده، وإفراده بالدعاء، وكل عبادة دون من سواه، وحارب الابتداع، كالدعاء عند الأضرحة والمشاهد والقبور. أيضا اهتم الشيخ الحصين بتدبر القرآن وفهم معانيه، وحث على العمل به قبل حفظه وتجويده وقدوته في ذلك الصحابة الكرام الذين كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يعلموا معانيهن والعمل بهن. أما زهده في الدنيا والبعد عن مترفاتها وملذاتها فحدث ولا حرج، قال الشيخ سعد كما جاء على موقعه على الإنترنت: «فلم أشتر سيّارة ولا أثاثاً للزّينة ولم أقْتَنِ جهاز النّداء (بيجر) في زمنه، ولا الجوّال بعده، ولا أكلت وجبة العشاء منذ نصف قرن ولا وجبة الفطور منذ (30) سنة إلا نادراً ولا شربت القهوة ولا المشروبات الغازيّة أبداً، ولا دخَلْتُ على حلاّق ولا خيّاط ولا شربتُ الشّاي منذ (40) سنة، ولا تزوّجت غير واحدة قبل (52) سنة». وله كتب ومؤلفات عدة منها على سبيل المثال لا الحصر: (حقيقة الدّعوة إلى الله، وما اختصّت به جزيرة العرب)، (ألا لله الدّين الخالص «أركان الإسلام والإيمان بأدلّتها»)، (فكر سيّد قطب رحمه الله بين رأيين)، فضلا عن مقالاته التي جمعت أحيانا في كتب ورسائل. هذا وفي صبيحة يوم الخميس الموافق 25/12/2014م طالعتنا الصحف والمواقع الإلكترونية بخبر وفاة الشيخ المصلح سعد بن عبد الرحمن الحصين بعد معاناة مع المرض، وقد أوصى - رحمه الله - بعدم إقامة مجلس عزاء، وصلى عليه المسلمون صلاة الجنازة عقب صلاة الجمعة بالمسجد الحرام. وكانت تربطني بالشيخ الفقيد علاقة قوية يسودها الحب والتقدير والاحترام، ويجول بخاطري الآن آخر محادثة تليفونية دارت بيني وبينه، أقتص لكم منها التالي: قلت له: أطال الله في عمرك. قال: بل حسن الخاتمة. قلت: أطال الله عمرك وأحسن خاتمتك. قال: بل أحسن الله خاتمتي وكفى. قلت: هل في دعاء إطالة العمر في الطاعة شيء؟ قال: عمري تجاوز الثمانين، وأسال الله أن يحسن خاتمتي. رحمه الله وغفر له،وعفا عنه وتقبله عنده مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، اللهم آمين. اللهم لك الحمد على قضائك وقدرك اللهم اجبر مصابنا يا رحمن يا رحيم. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب – الصوفية (3) بعد أن أثبتنا في العدد الماضي عن العلاقة الوطيدة بين غلاة التصوف والوثنية، نزيل الآن الستار عن تصورات وعقائد تربط معتقَد هؤلاء الغلاة المتصوفة بالمعتقَد الصفوي، منها على سبيل المثال لا الحصر: - أولاً: يلقي الصفويون على أئمتهم هالة من التقديس؛ حيث نسبوا إليهم منزلة كبرى فوق منزلة الملائكة الكرام بل والأنبياء والمرسلين، وعند النظر إلى غلاة التصوف نجد أصحابها قد فعلوا ذلك الأمر على ما يسمونهم (الأولياء) فقد جعلوهم المتصرفين في الكون، ويعلمون الغيب كله، فاخترعوا لهم ما يسمى بالديوان ليدير شؤون الكون من خلال قراراتهم. - ثانيًا: يزعم الصفويون بأن هناك ما يسمى بالعلوم الخاصة وهي علوم ليست متاحة لعامة المسلمين وينسبونها لآل البيت، على سبيل المثال مصحف فاطمة الذي يعدل القرآن الذي بأيدي عامة المسلمين ثلاث مرات، ويزعمون بأن الرسول بُعث بالتنزيل وأن عليًا بُعث بالتأويل، وعلى المنوال نفسه دار أولئك الغلاة في الفلك نفسه، فزعموا أن عندهم (علم الحقيقة) وعند غيرهم (علم الشريعة)، وأن الله فضلهم وخصهم بعلوم لدنية، بينما أهل الظاهر يأخذون علمهم عن الأموات. فقال كبيرهم البسطامي: «خضنا بحرًا وقف الأنبياء بساحله». - ثالثًا: القول بأن للدين باطنًا وظاهرًا، فقد اتفق الصفويون ومن على شاكلتهم من غلاة الصوفية بأن للدين باطنًا وظاهرًا، أما الباطن فلا يعرفه إلا الخواص من عامة المسلمين كالأئمة والأولياء، والظاهر وهو المتبادر من النصوص ويفهمه العامة. - رابعًا: تقديس القبور، وتلك الطامة الكبرى التي ورثها أولئك الغلاة المتشددون الصوفيين عن الصفويين، فتقديس القبور وزيارة المشاهد والتبرك بها ركن من أركان العقيدة لدى المعتقد الصفوي، فهم أول من بنوا المشاهد على القبور وجعلوها شعارهم، وفعل غلاة الصوفية مثلما فعل الصفويون؛ فبنوا المشاهد والأضرحة على قبور أوليائهم، فصارت عبادة لهم، يقيمون ما يسمى (بالموالد) كل عام ويأتي له من كل صوب وحدب. - خامسًا: الخلوة في المحرم، وتلك من مراسم بعض الطرائق الصوفية المتفقة مع الصفويون، وهي عبارة عن خلوة تدوم سبعة أيام ابتداء من يوم عاشوراء، يعتكفون فيها ويمتنعون عن النساء ولا يأكلون خلالها ذي روح (مثل البيض واللحم واللبن) وإنما يقتصرون على اللوز والسكر وما شابه. لذلك تنكشف لنا حقيقة جلية أن عقائد بعض الطرائق الصوفية تتشابه مع المعتقد الصفوي، فهما وجهان لعملة واحدة، وينبعان من عين واحدة، ويسعيان إلى هدف مشترك فيما بينهما، ويشتركان في عقائد وتصورات متشابهة. والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب -رحيل الأحباب للجار على الجار في القيم الإسلامية وفي الآداب الشرعية حقوق تشبه حقوق الأرحام، ومنها المواساة حين المصيبة، فقد توفى العم راشد مانع الشبيعان المطيري، والد أخينا الدكتور علي الوسمي – موجه عام وإمام وخطيب بوزارة الأوقاف – وهما جيران لي عما يزيد عن عشرين عامًا، لم أر منهم إلا كل خير؛ فالمواصلة بالزيارة والتهادي والعيادة والمواساة والتهنئة والمشاركات في المسرات والأفراح بيني وبينهم لم تنقطع ولله الحمد والمنة، انطلاقًا من قوله تعالى: {وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ} (النساء:36). فلما وصلني خبر وفاته آلمني المصاب، وحزنت عليه، فطالما ألاقيه فجرًا متجهًا إلى المسجد، وإن رآني رحب بي أشد ترحيب ببشاشة وابتسامة عطرة من محياه – رحمه الله – وكان دائمًا يمازحني، وفي مزاحه لا يضايقك البتة، بل يجعلك تشعر أنك أحد أبنائه؛ فالعم أبو مانع أشهد له بالصلاح والاستقامة، فكان لا يفارق المسجد، فهو «حمامة المسجد» وجهه مضيء بنور الله عز وجل، فمنذ أن جاورته لم أره في الصف الثاني أبدًا، دائمًا سبّاق للصف الأول لا يفارقه، وكان كريمًا يوقر ضيفه، وتلك شيم الكرام، وشعرت بسعادة غامرة حين بشرني ابنه الدكتور علي بأن آخر كلام والده كان «أشهد أن لا إله إلا الله»، ولله الحمد والمنة، ولا أستغرب من شهادة باقي الجيران، ومن يعرفه بتعلقه الشديد بالمسجد –رحمه الله– فالكل يستبشر خيرًا به وبمآله عند الله سبحانه وتعالى. فالعم أبو مانع نعم توفى، ولكنه ترك رجالاً يعقبونه، فكلهم على خلق ودين - ولا أزكيهم – وأسأل الله أن يكونوا من الصالحين، يدعون لوالدهم بالرحمة والمغفرة ما حيوا مصداقًا لقوله[: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له». متفق عليه. وأختم مذكرًا نفسي وإياكم بالموت، فالموت حق علينا جميعًا من إنسٍ وجنٍ وملائكة وسائر المخلوقات الأخرى؛ ومهما طال الزمن أو قصر فلابد لنا من ولوج بوابة الموت، والموت يا سادة يا كرام مصيبة وأي مصيبة،! سماه الله مصيبة قال تعالى: {فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ} (المائدة: 106). الموت لا يعرفك ولا يجاملك، يأتيك دونما إنذارٍ في بعض الأوقات، حادث أو طعنة، طلقة أو نوبة قلبية، صعقة كهربائية أو انهيار في وظائف القلب فجأة، وفي بعض الأحيان قد ينذرك أو تنذرك علاماته (المرض، الشيب، الحرب) إلخ، وهذا هو حال الدنيا. وختامًا أسأل الله العلي القدير أن يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار، وأن يحشره في زمرة النبيين والصديقين والشهداء. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب – الجماعات الإسلامية- الصــوفيـة(4) سلك غلاة التصوف طرائق عدة لإثبات صحة إفكهم وافتراءاتهم التي لا تنتهي، ومنه ما يسمى (بالعلم اللدني) نسبة إلى قوله تعالى عن الخضر -عليه السلام-: {ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ} (الكهف:65) أي انفتاح علم الغيب عليهم وسبيل ذلك الكشف والتجليات والاتصال مباشرة بالله ورسوله. وعلى الشاكلة نفسها (علم المكاشفة) كما قال فيه الغزالي: «أي يرتفع عنه الغطاء حتى تتضح له جلية الحق في هذه الأمور اتضاحًا يجري مجرى العيان الذي لا يشك فيه». (إحياء علوم الدين)، وبالتالي فهذه العلوم لا تسطر في الكتب ولا يستطيع الوصول إليها إلا من أنعم الله عليه بالعلم اللدني أو علم المكاشفة. لذلك تجد بعض الطرق الصوفية قد أصابها الفتور والكسل، وارتأت الخضوع للدعة والراحة في طلب العلم، فلمَ أتعب وأجتهد في طلب العلم طالما يعتمد على اختيار من الله وهبته لمن أراد؟ قال الشافعي: «أُسس التصوف على الكسل»، فكان مسلك هؤلاء الغلاة المتشددين من خلال أمور عدة منها: - أولاً: التنفير من طلب العلم الشرعي: فقال سيد إحدى الطوائف (الجنيد): «أُحب للمبتدئ ألا يشغل قلبه بهذه الثلاث؛ وإلا تغير حاله: الكسب، وطلب العلم، والتزوج، وأحب للصوفي: ألا يقرأ ولا يكتب؛ لأنه أجمع لهمه» (قوت القلوب: 3/135). - ثانيا: هدم إسناد الحديث، وتصحيح الأحاديث المنكرة والضعيفة والموضوعة بطريقة الكشف أو المكاشفة، وسبيلهم في ذلك أنهم يتصلون مع الله ورسوله عن طريق علم المكاشفة، فقال أبو يزيد البسطامي: «أخذتم علمكم ميتَا عن ميت، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت. يقول أمثالنا: حدثني قلبي عن ربي، وأنتم تقولون: حدثني فلان. وأين هو؟ قالوا: مات. عن فلان؟ وأين هو؟ قالوا: مات». (الكواكب الدرية صـ226). - ثالثًا: جعلوا طلب العلم عورة، وسبيلاً للمعاصي والأخطاء: فقد نقل ابن الجوزي في (الميزان: 1/28) قائلاً: «إن شيخًا صوفيًا رأى مريدًا وبيده محبرة، فقال له: أخف سوأتك». بل إنهم يتوارثون بعض العبارات المنفرة خلفًا عن سلف مثل: «من كان شيخه الكتاب كان خطؤه أكثر من الصواب». والرد على كل ذلك بأن من اعتقد أنه باستطاعته أن يكون مع الرسول صلى الله عليه وسلم كما كان الخضر مع موسى –عليهما السلام – فهو كافر بإجماع علماء المسلمين؛ لأن موسى لم يكن مبعوثًا للخضر، ولم يكن الخضر مأمورًا باتباع موسى، فقد جعل الله لكل شرعةً ومنهاجًا، وقد تكرر هذا الأمر قبل البعثة النبوية لمعاصرة لوط لإبراهيم، ويحيى لعيسى– عليهم السلام– وأما ما يدعونه بما يسمى بالعلم اللدني أو حتى علم المكاشفة فهو من أباطيلهم، فقد أرسل الله -عز وجل- النبي صلى الله عليه وسلم للناس كافة، ولم يختص أحداً بعلمٍ من لدنه سبحانه وتعالى دون غيره، بل نحن مطالبون بالاجتهاد في طلب العلم أينما كان. والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب – الجماعات الإسلامية- الصــوفيـة(5) الشريعة والحقيقة، إحدى عقائد بعض الطرائق الصوفية؛ حيث يزعم أقطابها أن لكل آية ظهرًا وبطنًا، وأن الإسلام شريعة وحقيقة، وما الشريعة في الحقيقة إلا قشور، وأن الحقيقة منتهى الكمال والرقي في سلم التعبد الإسلامي وسبيل للوصول للعلم اللدني والكشف الرباني، مستشهدين بحديث أبي هريرة: «حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائين من علم، فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قُطع هذا الحلقوم» (أخرجه البخاري). وفي واقع الأمر هم يعتقدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغ الظاهر لجميع المسلمين بينما الباطن خص به أشخاصًا بعينهم، قال ابن عجيبة في (إيقاظ الهمم شرح الحكم): «وأما واضع هذا العلم فهو النبي صلى الله عليه وسلمبالوحي والإلهام، فنزل جبريل أولاً بالشريعة، فلما قررت نزل ثانيًا بالحقيقة، فخص بها بعضًا دون بعض، وأول من تكلم فيه وأظهره سيدنا علي -كرم الله وجه- وأخذه عنه الحسن البصري». والمتأمل لهذا الكلام سيجده هراءً أو هباءً منبثًا، فوالله الذي لا إله إلا هو إن رسول الله صلى الله عليه وسلمبريء من هذا الإفك الذي نسبه إليه هؤلاء، ألم يقرؤوا قوله عز وجل في سورة المائدة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }(المائدة: 3)، ثم ها هو النبي صلى الله عليه وسلمعلى جبل الرحمة يوم الحج الأكبر يقول لجموع الصحابة: «وأنتم مسؤولون عني، فما أنتم قائلون؟» قالوا: نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك وأديت، ونصحت لأمتك، وقضيت الذي عليك، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: (اللهم فاشهد اللهم فاشهد). ويبدو أن هؤلاء النفر يأخذون ما يوافق هواهم من الأحاديث النبوية ويتركون بعضها الآخر؛ فقد تغافلوا عن قوله صلى الله عليه وسلم: «أنه ليس لنبي أن يومض» أي يشير إشارة خفية لكيلا يسيء أحد الظن ، فيعتقد أن في دين الله أسرارًا لا يعلمها كثير من الناس. والجدير بالذكر أنه قد أنكر عليهم جماعة من قدمائهم في إعراضهم عن هذا الأمر ، ومنهم أبو حامد الغزالي في (إحيائه) قائلاً: «من قال إن الحقيقة تخالف الشريعة، أو الباطن يخالف الظاهر، فهو إلى الكفر أقرب منه إلى الإيمان». وقال ابن عقيل: «وكل من رام الحقيقة في غير الشريعة فمغرور مخدوع» (تلبيس إبليس صـ325). يتضح لنا زيف هذا القول: بأن الإسلام له باطن وظاهر، وقد تأكد هذا الزيف بأقوال بعض فقهائهم كم أسلفنا؛ لأن القول بما يسمى العلم الباطني يصل وفق مفهومهم الضيق إلى ما يسمى بالحلول والاتحاد. اعداد: محمد الراشد |
رد: قناديل على الدرب
قناديل على الدرب الجماعات الإسلامية- الصــوفيـة(6) كما اعتقدت بعض طوائف الصوفية بأن الدين له ظاهر وباطن، خيل لهم بناءً على هذا الأمر بأن الذي يسلك طريق العلم الباطني سيصل في النهاية إلى الفناء في ذات الله!! وعندما يحل في تلك الذات فتصبح خليطًا من اللاهوت والناسوت، فالناسوت هو الصورة الظاهرية، واللاهوت هو الحقيقة الباطنية. ورواد هذا الاتجاه وزعماؤه الحلاج وابن الفارض وابن سبعين وغيرهم كثير، وإليكم بعض أقوالهم التي نبرأ إلى الله منها: يقول الحلاج في (الطواسين صـ 129) سبحانه من أظهر ناسوته سرنا لاهوته الثـاقب ثم بدا لخلقه ظاهرًا في صورة الآكل الشارب حتى لقد عاينه خلقه كلحــظة بالحاجب أيضًا قال أبو يزيد البسطامي قولا يؤدي به إلى الكفر البواح، فقد رفع قدره ومكانته إلى منزلة لم يصل إليها نبي مرسل ولا ملك مقرب، فقال: «رفعني مرة، فأقامني بين يديه، وقال لي: يا أبا يزيد، إن خلقي يحبون أن يروك، فقلت: زيني بوحدانيتك، وألبسني أنانيتك، وارفعني إلى أحديتك؛ حتى إذا رآني خلقك قالوا: رأيناك فتكون أنت ذاك، ولا أكون أنا هنا» (اللمع صـ461).وقد استدل أولئك بحديث الولي: «ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنّه» (أخرجه البخاري). ولكن هذا الحديث حجة عليهم لا لهم، فهو يؤكد التباين والتغاير فهناك عابد ومعبود، وسائل ومسؤول، ومانح وممنوح، وعائذ ومستعيذ، وحاشا لله أن يتحدا أبدًا، كما يزعم أولئك الغلاة المتصوفون بأن الله يحل في ذات العبد، فإذا هو هو ويصبحان ذاتًا واحدة. واحتج آخرون بحديث: ما وسعتني سمائي ولا أرضي، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن، وهو حديث لا أصل له. هذا ما يسمونه بالحلول والاتحاد، وهو إلى الكفر أقرب من التقرب لله جل وعلا، والله ورسوله بريئان منه. والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد |
الساعة الآن : 03:14 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour